ডাচি সামা
داعي السماء: بلال بن رباح «مؤذن الرسول»
জনগুলি
كان يجاهد مع علي رضي الله عنه وقد أناف على التسعين، وقد شهد المغازي في عهد النبي وعهود الخلفاء، وكان عليه السلام يقول: «إن عمارا ملئ إيمانا إلى مشاشه.» ويجعله قدوة للمسلمين في الهداية، فيوصيهم أن يقتدوا بأبي بكر وعمر وأن يهتدوا بهدي عمار. وهو أيضا لم يجذبه إلى الإيمان طلب راحة وطمع في حسن معاملة؛ لأنه كان يرى طريق الراحة والغنيمة مع معاوية وينضوي إلى جانب علي ليموت تحت لوائه في صفين، وما كان علي لو انتصر بمغدق عليه مالا، ولا بمطمعه في عيش أرغد من عيشه، وهو عيش الكفاف.
وقد كان عمار رضي الله عنه ممن يصدق عليهم القول بأنه قد وهب عبقرية الإيمان. لأن إيمانه كان ذلك الإيمان الخالص الذي يوصف بأنه الإيمان حبا للإيمان. لا حبا بما وراءه من رضى أو جزاء. وآية المؤمن الموهوب أنه لا يرضى العيش بغير العقيدة ولا يطيب له البقاء وهو مخالف لما يعتقد. فيقبل على الموت كراهة للبقاء في دنيا لا تواتيه على اعتقاده. وليس يقبل على الموت طلبا للجنة كما يقول، فإن من المؤمنين بالعقائد المادية كما أسلفنا من يموت في سبيلها ولا أمل له في حياة بعد الحياة، وإن الجنة لحبيبة إلى كل إنسان يصدق بها. فليس الفرق بين رجل يجاهد ورجل لا يجاهد أن هذا يكره الجنة التي يحبها ذاك، وإنما الفرق بينهما هو قوة الإيمان أو هبة العقيدة، وهي قد كانت في عمار على أقوى ما تكون في إنسان.
ومع هذا خف الموت على نفس عمار فسعى إلى لقائه عشرات المرات منذ غزا مع النبي إلى أن نيف على التسعين ومات تحت لواء علي بمعركة صفين، ولكنه ثقل عليه ذلك العذاب الأليم الذي صبر عليه «بلال» وظل صابرا عليه بغير أمل في الخلاص القريب.
وكل طمع في حسن المعاملة يزول ويبطل في مثل ذلك العذاب الذي ضاقت به طاقة عمار.
نعم يزول ويبطل لولا إيمان يهون معه الموت ويهون معه العذاب، ويهون معه سوء المعاملة وحسنها على السواء.
نعم إن العبيد كانوا أسرع من الأحرار إلى دخول الدين الجديد، ولكن الذي يفهم من ذلك - أو ينبغي أن يفهم منه - أن المصلحة لم تكن عقبة بين العبيد وبين الإصغاء إلى الدعوة الجديدة، وأن الأحرار كانت لهم مصالح تحجبهم عن جمال تلك الدعوة وعن التأمل في صدقها وبطلان ما هم عليه، وفرق عظيم بين القول بأن المصلحة لم تكن عائقا عن فهم الدين والدخول فيه، وبين القول بأن الدين هو المصلحة التي أرادها المؤمنون، إذ لو كانت المصلحة هي المراد بالعقيدة لما وجدت العقيدة على الإطلاق، ولو وجدت المصالح كما هي موجودة في الدنيا بغير اعتقاد على الإطلاق في شيء من الأشياء.
لقد كانت في نفس بلال حاجة إلى الولاء والإخلاص، فصدق النبي الكريم؛ لأنه كان أهلا لولائه وإخلاصه، وكان خليقا أن يطمئن إليه ويشعر بالسكينة في الإصغاء إلى قوله والاقتداء بعمله.
وسمع رجلا ينادي بأن الناس أمة واحدة وأن المؤمنين إخوة، وهو في الذؤابة العليا من بني هاشم أو في الذؤابة العليا من قبائل العرب جمعاء، فكان هذا سبب التصديق والإيمان، وكانت دعوة الرجل الحسيب النسيب التي لا مصلحة له فيها هي البرهان الأول على صدق العقيدة. ولولا انعدام المصلحة في دعوة ذلك الرجل الحسيب النسيب لما أسرع بلال إلى تصديقه والجنوح إليه.
فأما وقد جنح إليه وآمن بدعوته فالمسألة بعد ذلك لن تكون مسألة موازنة بين المعاملات أو مساومة على الزيادة والنقصان، ولكنها أصبحت مسألة راحة بالإيمان أو راحة بغير الإيمان، ولم تكن لبلال راحة بغير ذلك الإيمان بعد أن جنح إليه ومزجه بقلبه وضميره. فصبر في أيام معدودات على عذاب لم يكن ليلقاه من المشركين مدى العمر لو بقي على دينهم كما كان ... وقد صبر على بلاء الجسد؛ لأنه مستريح القلب والضمير.
على أن المعاملة الحسنة قد جاءت إلى بلال من حيث يحتسب ومن حيث لا يحتسب كأحسن ما تصبو إليه الأحلام ويتعلق به الرجاء.
অজানা পৃষ্ঠা