لسفر صليت (فول وجهك شطر المسجد الحرام) أي تلقاءه (وإنه) أي التوجه إلى القبلة للصلوة (للحق من ربك وما الله بغافل عن ما تعملون) [149] قرئ بالياء والتاء «1»، يعني يجازيكم بأعمالكم.
[سورة البقرة (2): آية 150]
ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون (150)
(ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام) خطاب للنبي عليه السلام (وحيث ما كنتم) وصليتم «2» (فولوا وجوهكم) بالصلوة «3» (شطره) أي نحوه، خطاب لأمته، وهذا التكرير لزيادة التأكيد والثبات في أمر القبلة والتحويل، لأن النسخ من مظان الفتنة والشبهة وتسويل الشيطان، وعلل ذلك بقوله (لئلا) أي أعطيناكم الكعبة قبلة بعد قبلة كيلا (يكون للناس) أي لليهود (عليكم حجة) إذا توجهتم إلى غيرها فيقولوا أليست لهم قبلة، لأنهم يعلمون أن القبلة هي الكعبة (إلا الذين ظلموا منهم) استثناء من الناس، ومعناه: لئلا يكون حجة لليهود ومشركي العرب بقولهم ما بال لا يحول إلى قبلة إبراهيم أبيه كما هو مذكور في نعته في التورية، فلما حولت القبلة لم يبق لهم حجة عليكم إلا للمعاندين منهم القائلين ما ترك محمد قبلتنا إلى الكعبة إلا ميلا إلى دين قومه وحبا لبلده ولو كان على الحق للزم قبلة الأنبياء، وحجة هؤلاء الظلمة حجة داحضة لا اعتبار لها، وإنما أطلق عليها اسم الحجة لسوقهم ذلك في سياق الحجة (فلا تخشوهم) أي لا تخافوهم بانصرافهم إلى الكعبة لو تظاهروا عليكم بسببه (واخشوني) فلا تخالفوا أمري فاني ناصركم، قوله (ولأتم نعمتي عليكم) عطف على قوله «لئلا»، أي حولنا القبلة إلى الكعبة لإتمام إحساني بالثواب في الآخرة إليكم ومن تمام النعمة الموت على الإسلام، وقيل: دخول الجنة «4» (ولعلكم تهتدون) [150] أي ولكي تصلوا إلى الهداية من الضلالة.
[سورة البقرة (2): آية 151]
كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلوا عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون (151)
قوله (كما أرسلنا) يتعلق بقوله «لأتم نعمتي»، أي لأتم نعمتي عليكم في الآخرة كما أتممها عليكم بارسالي (فيكم رسولا منكم) أي من العرب أو من جنسكم لا من الملائكة لتمكن «5» الإنس به والنظر إليه في الدنيا وهو محمد (يتلوا عليكم آياتنا) أي القرآن (ويزكيكم) أي يطهركم من الكفر والجهل (ويعلمكم الكتاب والحكمة) أي القرآن والعمل بما فيه من الحلال والحرام (ويعلمكم) بصالح العمل (ما لم تكونوا تعلمون) [151] قبل ذلك فاعرفوا هذه النعمة العظيمة، ويجوز أن يتعلق بما بعده، أي ذكرتكم «6» بارسال الرسول.
[سورة البقرة (2): آية 152]
فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون (152)
(فاذكروني) بالطاعة (أذكركم) بالثواب (واشكروا لي) ما أنعمت به عليكم (ولا تكفرون) [152] أي نعمتي بالمعصية.
[سورة البقرة (2): آية 153]
يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين (153)
(يا أيها الذين آمنوا) أي صدقوا بتوحيد الله (استعينوا بالصبر) على أداء الفرائض وبما أنتم عليه وإن أصابكم مكروه (والصلاة) خاصة ، لأنها وجه دينكم ورئيسه «7» لكونها أشق على البدن، فاستعينوا بها في حوائجكم
পৃষ্ঠা ৮২