আল উরওয়াতুল ওয়ুসকা

জামাল উদ্দিন আফগানি d. 1314 AH
159

আল উরওয়াতুল ওয়ুসকা

العروة الوثقى

জনগুলি

أما القصد الحقيقي من بعث الجنود إلى السودان فإنما هو افتتاحه تحت العلم الإنجليزي، وهو وإن كان يحتاج إلى زمن طويل إلا أنه قليل الخطر، ولا توجد في سبيله عقبات سياسية؛ حيث تنازلت الحكومة المصرية عن سياستها في تلك الأقطار.

يسهل على العساكر الإنجليزية أن تسير إلى الخرطوم على طريق النيل وإن سلكت سبيلا من الأرض اليابسة فلا تبعد عن شواطئ النهر؛ لتكون تحت حماية المراكب وترافقها في السير مراكب تعد لقطع النيل والصعود إلى الشلالات، فإذا وصلت العساكر والأساطيل النيلية إلى الخرطوم واستولت عليها اعتصمت فيها حكومة عسكرية تمد نفوذها إلى قلب السودان، ويكون في هذا عوض للإنجليز عما يخسرونه في مصر لو ألزمهم المؤتمر بالتنازل عن شيء مما يطمحون إليه فيها.

وقالت جريدة «الريبوبليك فرانسيز»: إنا نذكر هذه الرسالة على أنها شبه حجة على مقاصد الإنجليز، وإلا فإنا نعد ما تحتويه من قبيل الأوهام والخيالات. ا.ه.

أما نحن فنقول: من أمعن النظر في أعمال الإنجليز وتتبع سيرهم في افتتاح الممالك الشرقية، علم صحة ما روته وكالة الأنباء؛ فإنه منطبق على قواعد السياسة الإنجليزية وآت على أساسها الذي بنوا عليه فتوحهم من أزمان طويلة، وهو أصل تعارفه الإنجليز حتى صار كخاصية لازمة لطباعهم، ترد إليه جميع أعمالهم من حيث يشعرون ولا يشعرون، وعليه كان بناء ملكهم في الهند.

إن الإنجليز أول ما خطوا خطوة في الهند وجدوا مملكة «أود» من الممالك الواسعة وأغلب أهاليها على مذهب الشيعة ولها نواب (حاكم) عظيم من أهل ذلك المذهب، فرأوا أن يحملوه على الاستقلال وزينوا له الطمع في لقب شاه لينفصل عن الملك التيموري.

وفي التنازع لنيل هذا المطمع يصيب كلا من الطامع وصاحب الملك سهم من الضعف والوهن، فيتهيأ كل منهما للوقوع في مخالب الإنجليز، وقد حصل.

وأول ما حلوا مصر ولمحوا شرارة في السودان، أدنوا منها وقودها لتكون نارا مهلكة، فبعدما طردوا الجيوش المصرية إيذانا بالغضب عليهم، جمعوهم ليسوقوهم إلى السودان تحت قيادة أعداء لهم من الإنجليز، فذهبوا وهو موقنون أنهم يساقون إلى الموت ليذوقوا وبال الانتقام، فقلوبهم منكسرة وعزائمهم واهنة وعقائدهم لا تسمح لهم بالانقياد لرؤسائهم الأجانب.

وأحس السودانيون وهم مسلمون أن قواد الغارة عليهم ليسوا على شاكلتهم، فزادهم حمية وإقداما، فكان هذا وذاك سببا في استفحال أمر السودان بعدما هلكت رجال وأنفقت أموال وساءت أحوال من السودانيين والمصريين، كل هذا ليتوسل به الإنجليز لفصل السودان عن مصر بعد خراب الدارين، وكأنهم عندما أرسلوا جوردون باشا وأدنوه أن يمنح محمد أحمد لقب أمير كوردفان قصدوا أن يتمموا عملهم، ولكن لم ينجحوا.

وعندما كانت الحرب قائمة بين دوست محمد خان أمير أفغانستان وبين «رانجيب سنك» البنجابي تخوف الإنجليز من تسلط الأفغانيين على بنجاب، فتداخلوا في الصلح وسحروا قلوب الأفغانيين بلين القول ولطف الوعد حتى أرضوهم بترك مدينة بيشاور وما يليها لرانجيب سنك، وانعقد الصلح على هذا وأجلي الأفغانيون من مملكة بنجاب ورجعوا إلى بلادهم، وبعد عشر سنين من تاريخ الصلح زحف الإنجليز إلى بنجاب وافتتحوها لأنفسهم واستولوا على مدينة بيشاور، فقال بعض أمراء الأفغان: إن ذاك الصلح كان مقدمة لهذا الفتح، وإن الإنجليز في تعيينهم للحدود إنما كانوا يحددون بلادهم، ولكن كنا عنه غافلين.

ومن نحو سنة ونصف أومأ اللورد دوفرين في تقرير كتبه بالقاهرة، إلى أنه لا حاجة بالحكومة المصرية إلى السودان بل لا فائدة لها فيه، وفهم الغرض في ذلك الوقت من أصابه، وغفل عنه قوم آخرون اغترارا بظواهر العبارات، ثم لم يلبث الإيماء أن صار تصريحا رسميا وإلزاما للحكومة المصرية أن تتخلى عن السودان، فلم يكن التلميح والتصريح، ثم الإلحاح والإلزام إلا ليهيئوا البلاد السودانية للدخول تحت سلطتهم في وقت من الأوقات لسبب من الأسباب التي لا يعجزون في اختراعها متى شاءوا! هذا سير يعرفه من قرأ صفحة من تاريخ الإنجليز في الممالك الشرقية.

অজানা পৃষ্ঠা