وَاتفقَ أَن بعض مَشَايِخ الْعلمَاء بحلب قدم إِلَى دمشق وَقَالَ سَمِعت فِي الْبِلَاد بصبي يُقَال لَهُ احْمَد بن تَيْمِية وَأَنه سريع الْحِفْظ وَقد جِئْت قَاصِدا لعَلي أرَاهُ فَقَالَ لَهُ خياط هَذِه طَرِيق كِتَابه وَهُوَ إِلَى الْآن مَا جَاءَ فَاقْعُدْ عندنَا السَّاعَة يَجِيء يعبر علينا ذَاهِبًا إِلَى الْكتاب فَجَلَسَ الشَّيْخ الْحلَبِي قَلِيلا فَمر صبيان فَقَالَ الْخياط للحلبي هذاك الصَّبِي الَّذِي مَعَه اللَّوْح الْكَبِير هُوَ احْمَد بن تَيْمِية فناداه الشَّيْخ فجَاء إِلَيْهِ فَتَنَاول الشَّيْخ اللَّوْح فَنظر فِيهِ ثمَّ قَالَ يَا وَلَدي امسح هَذَا حَتَّى أملي عَلَيْك شَيْئا تكتبه فَفعل فأملى عَلَيْهِ من متون الْأَحَادِيث أحد عشر أَو ثَلَاثَة عشر حَدِيثا وَقَالَ لَهُ اقْرَأ هَذَا فَلم يزدْ على أَن تَأمله مرّة بعد كِتَابَته إِيَّاه ثمَّ دَفعه إِلَيْهِ وَقَالَ اسْمَعْهُ عَليّ فقرأه عَلَيْهِ عرضا كأحسن مَا أَنْت سامع فَقَالَ لَهُ يَا وَلَدي امسح هَذَا فَفعل فأملى عَلَيْهِ عدَّة أَسَانِيد انتخبها ثمَّ قَالَ اقْرَأ هَذَا فَنظر فِيهِ كَمَا فعل أول مرّة فَقَامَ الشَّيْخ وَهُوَ يَقُول إِن عَاشَ هَذَا الصَّبِي لَيَكُونن لَهُ شَأْن عَظِيم فَإِن هَذَا لم ير مثله أَو كَمَا قَالَ
وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو عبد الله الذَّهَبِيّ نَشأ يَعْنِي الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ﵀ فِي تصون تَامّ وعفاف وتأله وَتعبد واقتصاد فِي الملبس والمأكل وَكَانَ يحضر الْمدَارِس والمحافل فِي صغره ويناظر ويفحم الْكِبَار وَيَأْتِي بِمَا يتحير مِنْهُ أَعْيَان الْبَلَد فِي الْعلم فَأفْتى وَله تسع عشرَة سنة بل أقل وَشرع فِي الْجمع والتأليف من ذَلِك الْوَقْت وأكب على الِاشْتِغَال وَمَات
1 / 20