ليس للهارب في مهربه ... أبدًا من روحة إلا إليه
رب رام لي بأحجار الأذى ... لم أجد بدًا من العطف عليه
فقلت له تعطف عليهم وهم يرمونك، قال اسكت لعل الله ﷾ يطلع على غمي ووجعي وشدة فرح هؤلاء فيهب بعضنا لبعض.
ولبهلول:
حقيق بالتواضع من يموت ... وحسب المرء من دنياه قوت
فما للمرء يصبح ذا اهتمام ... وشغل لا تقوم له النعوت
صنيع مليكنا حسن جميل ... وما أرزاقنا مما يفوت
فيا هذا سترحل عن قريب ... إلى قوم كلامهم السكوت
قال عبد الرحمن الكوفي لقيني بهلول المجنون فقال لي اسألك، قلت اسأل، قال أي شيء السخاء قلت البذل والعطاء، قال هذا السخاء في الدنيا فما السخاء في الدين؟ قلت المسارعة إلى طاعة الله، قال أفيريدون منه الجزاء؟ قلت نعم بالواحد عشرة، قال ليس هذا سخاء هذه متاجرة ومرابحة، قلت فما هو عندك؟ قال لا يطلع على قلبك وأنت تريد منه شيئًا بشيء.
قال عمر بن جابر الكوفي مر بهلول بصبيان كبار فجعلوا يضربونه فدنوت منه فقلت لم لا تشكوهم لآبائهم؟ فقال لي اسكت فلعلي إذا مت يذكرون هذا الفرح فيقولون رحم الله ذلك المجنون! قال صباح الوزان الكوفي لقيت بهلولًا يومًا فقال لي أنت الذي يزعم أهل الكوفة أنك تشتم أبا بكر وعمر؟ فقلت معاذ الله أن أكون من الجاهلين، قال إياك يا صباح فإنهما جبلا الإسلام وكهفاه ومصباحا الجنة وحبيبا محمد ﷺ وضجيعاه وشيخا المهاجرين وسيداهم ثم قال: جعلنا الله من الذين على الأرائك يسمعون كلام الله إذا وفد القوم إلى سيدهم.
علي بن الحسين قال: لما مات أبو بهلول خلف ستمائة درهم، فأخذها
1 / 69