فأكد لها جميل هاني بقوله: ليس زوجك في المحطة، فلقد مررت بمكتبه منذ هنيهة فلم أجد أحدا. فنهضت السيدة بطرس قلقة البال وقالت: إذن فأين هو؟ إنني لم أره منذ الظهر! ولكن لا بأس، بشرط ألا يكون مريضا! وعلى كل فأنا ذاهبة إلى المحطة لأعرف سبب تأخره! فقالت النساء بصوت واحد: إنا نتبعك!
أما نجيب فاستلقى على ظهره من الضحك وقال: أنت لا تجهلين أن زوجك يحب رفع الكأس من وقت إلى آخر، فهو بدون شك في خمارة يوسف.
فقالت السيدة أديب باحتقار: في خمارة يوسف؟ أويجوز لموظف في الشركة أن يتمرغ بين الرعاة وسواقي العجلات في خمارة يوسف؟
فقال جميل: ربما ذهب إلى جونية بدون أن يخبر أحدا من أصدقائه، فأنا لا أذكر أني أبصرته في القطار الأخير، ولا ريب أنه ذهب في عجلة البريد بعد القطار .
عند هذا أسرع الرجال للاستطلاع، فقيل لهم: إن بطرس ليس في المحطة ولا في الخمارة، فلم يترددوا أن بدءوا يبحثون عنه على طرق الأسلاك الحديدية حيث تكثر الأخطار وتتوالى الحوادث؛ فتمتم فريد في مسمع نجيب قائلا: إن شبها غريبا تبينته بين بطرس وبين مسافر ركب هذا المساء قطار باريس. والحق أقول: إنه لو لم يكن هذا المسافر مرتديا برنسا رماديا وقبعة من قش لما استطعت أن أفرق بينه وبين بطرس. - إن ما تقوله يا عزيزي لفظيع، فلا تردده على مسمع أحد من الرفاق، وتعال معي نطلع السيد راغب على ذلك.
فعندما سمع الرئيس ملاحظة فريد قطب حاجبيه وقال: إن هؤلاء الرجال لخطر عظيم على الإنسانية، فهم يلقون بذور الثورة في كل مكان.
ثم دخل الثلاثة إلى مكتب بطرس فرأوا قبعته وسترته ذات الأزرار الصفراء مطروحتين بدون ترتيب تحت المنضدة.
فتساءل السيد راغب قائلا: لماذا يا ترى طرح إلى الأرض ثياب مأموريته؟
ثم أسرع إلى الدفاتر في الصندوق فرآه فارغا فضرب المكتب بقبضته وقال: لقد نهب كل شيء وفر هاربا!
بقي نجيب وفريد في مكانهما لا يبديان حركة وقد شعرا بأنه من العبث أن يدافعا عن بطرس.
অজানা পৃষ্ঠা