فهزت الفتاة الصغيرة رأسها وقالت: إن الرجال قليلا ما يذهبون إلى الكنائس، ولقد سمعت والدي يقول: إن الكنيسة بنيت للنساء والأولاد.
فقالت السيدة فارس: ولكن السيد راغب لا يخطئ مطلقا القداس. - آه! ذلك لأنه الرئيس! ... - بدون شك، فالرئيس يعطي المثل الصالح، وأؤكد لك أن نجيبا لولا اضطراره للبقاء في مكتبه لما تردد عن الذهاب. •••
بعد أيام قلائل في حين كان كاهن جونية يعد ملائكة الخورس ليحتفل بعيد الميلاد، قال فريد لمتبنيه: أبود أبي فارس أن يحضر معنا قداس منتصف الليل؟ سيكون حرا في تلك الساعة، فلقد عرفت أن السيد نجيبا وعد الأب يوحنا بإنشاد «نشيد ميلاد للموسيقي آدم». - لقد آثر والدك فارس أن يبقى هنا لحراسة الصغار.
ثم أشاحت عنه بوجهها مخافة أن يحزر معنى الحزن المرتسم على جبينها. أما هو فقد تشجع فجأة وسأل بصوت خافت: أيقوم والدي فارس بواجبات الفصح؟
فلما سمعت هذا الكلام أجهشت بالبكاء، ثم نهض فريد وألقى على المنضدة كتبه ودفاتره وقال: لماذا أنت كثيرة الشجون يا أميمتي العزيزة؟
كانت السيدة فارس قد جلست على مقعد أمام الموقد فذهبت أشعة الصباح الصغير شعورها الكستنائية على قطرات الدموع المتساقطة من مقلتيها. فردد فريد كلماته قائلا: ما هذه الشجون! كنت أخالك سعيدة قبل الآن! ...
فحاولت أن تهدئ روعها فقالت: أنا سعيدة يا فريد، ففارس هو من خيرة الرجال ... ولكنه لم يحظ بتربية مسيحية كتربيتي أنا! فهو قليل الإيمان! ألا ترى يا فريد أن من يحب الله كما أحبه وله عزيز لم يدخل الله في حياته يشعر بأنه لا يستطيع عن الحزن سبيلا؟ - إن والدي فارس لا يذكر الله في حديثه، ولكن لا يتراءى لي أنه يمقته؛ فهو لم يهزأ مرة بسيدة لورد كالسيد بطرس؛ ولقد أبصرته مرارا عديدة يلقن صغيريه صلاة المساء. ثم إني تلوت عليه يوما أمثولتي في التعليم المسيحي وبعد أن انتهيت أخذ الكتاب من يدي وجعل يقلب صفحاته بسرور ظهر على وجهه ...
فأجابت العاملة التقية: آه! إنني واثقة بأنه ليس بعيدا عن الإيمان؛ فلقد رأيته يوم كنا في لورد يتفطر عند الاحتفالات الدينية وتطواف القربان الأقدس وسماعه صلوات السياح حول برك الماء العجائبية. أجل فتلك الرحلة أبقت في نفسه أثرا لا يمحى. ولكن الجرائد التي يقرأها ورفاقه الأغبياء واللغو الذي يسمعه دائما كل ذلك يثنيه عن معتقده، لقد طالما عزمت أن أرده إلى الدين القويم فكنت أرجئ ذلك إلى عهد الشيخوخة عندما نصبح في عزلتنا ... ولكن، هل يتم لنا ذلك؟
ثم نهضت عن مقعدها فمسحت دموعها المتساقطة على خديها وقد خجلت من استسلامها للضعف. أما فريد فعاد إلى كتابة فرضه وقلبه ينبض بشدة في صدره وهو يتوق إلى ساعة وحدة يتفق له فيها أن يفكر في إيجاد حل لهذا المشكل؛ وكان يقول في نفسه: هذا هو العمل الذي أبحث عنه ... العمل الذي أحلم به ... يجب أن أتمكن من دفع والدي فارس إلى القيام بواجبات الفصح هذه السنة.
كان فريد شديد الذكاء حافظا هذه الآية من الإنجيل التي تقول: اقرعوا يفتح لكم. فعزم أن يعمل بها وبكل ما أوتيه من الجرأة ، وقد وثق من استجابة الله طلبه؛ لأن المسيح يقول: دعوا الأولاد يأتون إلي! - أمن الممكن أن يرفض الله سؤالي؟ أيقدر ألا يشفق على يتيم يود أن يبرهن لمن أحسن إليه عن اعترافه بالجميل؟ لا أملك مالا أبذله في سبيلهم ولا قوى، ولكني أستطيع أن أنال أعجوبة من الله تهب أمي التي تبنتني غبطة لا غبطة بعدها ... رب! إنني مستعد للقيام بما ترغب فيه، ولكن هبني ما أتمنى! هبني هذه الأعجوبة.
অজানা পৃষ্ঠা