الحرمات وحفظ العهود وخفر الذمم؛ وأمرهم بالرجوع الى أحسابهم والسير على ما يلائم خطر أنسابهم ولكن هل وجد داعية الشرف لقيله مجيبا أو لهتافه واعيا؟ لا، لأنه لم يكن بين القوم شريف قط فمن خليفة للعواهر، ومن أمير للموسمات، ومن قائد للبغايا وتحت الرايات كل ابن خنا وحلف الشهوات ألقح الفجور منابتهم بمائه الآسن وحملت البغيات منهم كل ابن جماعة، ولو لا ذلك لما حبذوا قطيعة رحم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، تلك القطيعة الممقوتة التي لم يسبق بمثليها أشقى الأولين ولا لحقهم الى شرواها أشقى الآخرين، قاحتقبوها خزيا سرمدا وجنوا ثمرة غراسهم عذابا أبدا.
وجاء في فقه الشريعة أن دية قتل الخطأ مع شروطه العشرة على العاقلة وهم الأب والمتقرب به من الرجال والأولاد فيكون الرجل رهن الانفعال منهم لمنتهم عليه بدفع الدية فلا يعود الى مثله، او أنهم إذا فعلوا ذلك يكونون رقباء عليه حتى يردعوه عن مثله ولا يدعوه يتورط في ما يحدوه الى لدته، وهذه إحدى فوائد الأنساب، والحاكم اذا عرفها ألزمهم الحكم؛ وفي باب المواريث فوائد جمة تشبه هذه. وزبدة المخض أن علم الأنساب من أهم ما يجب على العالم أن يتطلبه للدين والدنيا، للشرف والفضيلة؛ للأخلاق والتهذيب.
ولهذه كلها وما يماثلها من فضائل النسب وفوائد المعرفة به بادر العلماء منذ القرون الأولى لتدوينه علما برأسه وكثر فيه التأليف غير أن أول من أفرده بالتدوين هو النسابة ابو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي المتوفى 206 ه.
كما اعترف به الحلبي في «كشف الظنون» ج 1 ص 157 فانه صنف فيه خمسة كتب: 1- المنزلة 2- الجمهرة 3- الوجيز 4- الفريد 5- الملوك؛ والكلبي تعلم العلم عن الإمام الصادق (عليه السلام) كما في «رجال النجاشي» ص 35 وأخذ شيئا من الانساب عن أبيه ابي النضر محمد بن سعد كاتب الواقدي، وكان ابو النضر من أصحاب الامامين الباقر والصادق (عليهما السلام) كما في «رجال الشيخ الطوسي» مخطوط وتوفي سنة 146 ه وأخذ ابو النضر نسب قريش عن ابي صالح عن عقيل بن أبي طالب «رض» وذكر ابن النديم فهرست كتب الكلبي الكثيرة التي اكثرها في الانساب ص 140 من فهرسته، وأوردها ايضا النجاشي في فهرسته ص 35.
পৃষ্ঠা ৯