[دراسة وتحقيق قاعدة اليقين]
جامعة الأزهر
كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين -القاهرة
شعبة الشريعة الإسلامية
الدراسات العليا
تخصص- الفقه
دراسة وتحقيق
عمدة الناظر على الأشباه والنظائر
للإمام السيد محمد الحسيني (أبي السعود) المتوفى ((1172 ه))
من الورقة 111/أإلى الورقة 161/أوتشتمل على
القاعدة الثالثة: «اليقين لا يزول بالشك»
بحث مقدم لنيل درجة الماجستير
إشراف
فضيلة الأستاذ الدكتور: محمد عبد الرحمن الهواري
فضيلة الأستاذ الدكتور: محمد خير هيكل
পৃষ্ঠা ১
الطالب: عبد الكريم جاموس بن مصطفى إلى سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم ومن جنابه الشريف إلى جميع الأنبياء والمرسلين ....
إلى الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .....
إلى العلماء العاملين ... وخصوصا من كان له اليد البيضاء في الإشراف على رسالتي (فضيلة الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن الهواري بالقاهرة وفضيلة الأستاذ الدكتور محمد خير هيكل بدمشق) ........
إلى أسرة معهد الفتح الإسلامي بدمشق ممثلة برئيسها فضيلة الأستاذ الدكتور حسام الدين فرفور ورئيس قسم الفقه فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الصابوني .....
إلى شيخي المربي فضيلة الشيخ محمد سعيد الكحيل .....
إلى من أكرماني بالرضى والدي ... والدتي ... حفظهما الله .....
إلى إخواتي وأخواتي وزوجتي وأولادي وأقربائي ....
إلى كل من وقف بجانبي وشارك في إخراج هذا العمل ... وخصوصا ... (عبدالرحمن الضحيك - محمود خليل - أحمد قدور) ......
أهدي ثمرة جهدي .....
পৃষ্ঠা ২
المقدمة:
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما، يضئ لنا الدرب، ويهون علينا الصعاب، وهو لنا الدستور والإمام الصالح لكل زمان ومكان على مر العصور والأيام، المحفوظ من التبديل والتحريف والزيادة والنقصان، مصداق ذلك قوله تعالى {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [سورة الحجر: 9]، والصلاة والسلام على من بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الغمة، وجاهد في الله حق الجهاد، وعبد الله حتى أتاه اليقين ... من ربه، وعلى آله وأصحابه الكرام، الذين كانوا أهل عناية وأمانة، وحفظ ودراية، ومن ... بعدهم العلماء العاملين الذين حفظوا لنا هذا الشرع العظيم، وضبطوا ما فيه بفهم عميم، وصانوا لنا هذا الدين، ونقلوه إلى من جاء من بعدهم رضوان الله عليهم أجمعين، ونفعنا بهم وبعلمهم آمين آمين.
وبعد:
পৃষ্ঠা ৩
فإن الله تعالى خلق الإنسان، وجعله خليفته في الأرض، فكان له دور السيادة والقيادة لهذه المخلوقات التي خلقت معه تشاركه ظهر المعمورة من سكن وطعام وشراب، فكان هو المكرم والمشرف من بينها وليس ذاك إلا لكونه هو صاحب الصدارة فيما أعطاه الله من فهم وإدراك وتقدير قال تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} [سورة الإسراء: 70] فالإنسان إذن ينشد دائما معرفة ذاته، ويسعى ليبصر حقيقة وجوده، ليشكل من هذه المعرفة منظارا يتوجه به إلى العالم من حوله، ليلتقط به المشاهد والمناظر، فمن هذا المنظار الذي امتلكته من هذه المعرفة وتلك الحقيقة، حصل لي بسببه ومن خلاله رؤية بعض المشاهد الهامة في هذه الحياة، فكان المشهد الرئيسي مشهد العلم والمعرفة الذي يندرج تحته الكثير من الفصول، وكان لي موقف أساسي عند فصل واحد منها، وقفت عنده وقفة طالب علم يلتمس من هذا المشهد الحق والصواب، وهو فصل دراسة الفقه الذي من الله به علينا {وما كان عطاء ربك محظورا} [سورة الإسراء: 20] ولكي يكون للطالب قدم راسخة في الفقه كان لا بد أن يكون عنده إلمام بعلم القواعد الفقهية وشروحها.
ولذلك فإن بستان العلوم الشرعية كثيرة أزهاره، عظيمة أنواره، ولعل أسمى ما في الوجود العلم والبحث في تلك العلوم. فالله عز وجل يرفع الذين أتوا العلم درجات، وإن من أجل العلوم الشرعية الفقه وأصوله، فلا عجب أن تكثر الدراسات حول هذين العلمين حتى لا تحصى، وأن تفيض القرائح والأقلام بالمؤلفات التي تتناولهما، فقد ألف العديد الجم من المصنفات، والتي سرى فيها أصحابها مناهج متنوعة من حيث التعمق، فمنها ما هو مسهب وشامل تقريبا، ومنها ما هو مختزل مقتصر على بعض المسائل، ومنها ما بين بين. هذا وقد كان من تلك المصنفات مخطوط: عمدة الناظر على الأشباه والنظائر: للسيد محمد أبي السعود الحسيني الحنفي 1172 ه رحمه الله، التي سأقوم بتحقيق جزء منها لنيل درجة الماجستير في الفقه، فاخترت القاعدة الثالثة منها تكملة لبعض زملائي في إكمال التحقيق لهذا المخطوط.
পৃষ্ঠা ৪
فتقدمت بخطة البحث إلى كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين - القاهرة- فكان القبول من لجانها الموقرة على هذه الخطة التي حصل فيها بعض التغير من حيث الترتيب لا من حيث المضمون، وذلك حسب رأي المشرف في القاهرة ودمشق والحمد لله رب العالمين.
خطة البحث
هذا وقد قسمت الرسالة إلى:
مقدمة وتمهيد وقسمين هما: القسم الدراسي والقسم المحقق، وخاتمة.
أولا: المقدمة وتتضمن مبحثين:
? المبحث الأول: أهمية هذا المخطوط.
? المبحث الثاني: الباعث على تحقيقه.
ثانيا: التمهيد ويتضمن أربعة مباحث:
? المبحث الأول: التعريف بعلم الفقه وأصول الفقه.
? المبحث الثاني: أهمية الفقه وأصوله وصلتهما بالحياة.
? المبحث الثالث: تطورهما واعتناء العلماء بهما.
? المبحث الرابع: لمحة عن أئمة الفقه ومدارسهم وخاصة المذهب الحنفي.
ثالثا: القسم الأول: الدراسة
وتتضمن فصلين هما:
الفصل الأول: القواعد الفقهية.
ويتضمن سبعة مباحث هي:
?
পৃষ্ঠা ৫
?? ? المبحث الأول: تعريف القواعد الفقهية.
? المبحث الثاني: الفرق بين القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية.
? المبحث الثالث: الفرق بين القاعدة والضابط.
? المبحث الرابع: أهمية القواعد الفقهية وفوائدها.
? المبحث الخامس: مناهج المؤلفين في القواعد الفقهية.
? المبحث السادس: كتب القواعد الفقهية.
? المبحث السابع: التعريف بكتاب الأشباه والنظائر لابن نجيم وشروحه.
الفصل الثاني: التعريف بالمخطوط ومؤلفه.
ويتضمن مبحثين:
? المبحث الأول: المؤلف (محمد أبو السعود).
- اسمه، نسبته، كنيته.
- مولده، نشأته، وفاته.
- أسرته.
- حياته العلمية والثقافية.
- شيوخه وتلاميذه.
- كتبه وآثاره.
- عصره من النواحي السياسية -الاجتماعية -الاقتصادية.
? المبحث الثاني: المؤلف (المخطوط).
-
পৃষ্ঠা ৬
-? - عنوان المخطوط ونسبته إلى مؤلفه.
- وصف نسخه.
- أهميته وقيمته العلمية.
- أقوال العلماء فيه.
- منهج المؤلف.
- مصادره.
- تقويم المخطوط:
- المآخذ على المخطوط.
- مصطلحات المخطوط.
رابعا: القسم الثاني: التحقيق
ويتضمن مايلي:
? منهج التحقيق.
? النص المحقق.
? الفهرسة وتتضمن:
1. فهرس موضوعات قاعدة: «اليقين لا يزول بالشك».
2. الفهارس العامة وهي:
-
পৃষ্ঠা ৭
-? - فهرس الآيات.
- فهرس الأحاديث والآثار.
- فهرس الأشعار.
- فهرس الأعلام.
- فهرس الكتب الواردة في النص.
- فهرس المصادر والمراجع.
خامسا: الخاتمة: وتتضمن أهم النتائج.
****************************
পৃষ্ঠা ৮
أولا: المقدمة وتتضمن مبحثين:
? المبحث الأول:
أهمية هذا المخطوط.
? المبحث الثاني:
পৃষ্ঠা ৯
الباعث على تحقيقه المبحث الأول: أهمية هذا المخطوط
حوت المكتبة العربية ضمن دفاتها العديد من المؤلفات والمصنفات المخطوطة، ولئن قلنا إن الكثير منها ضاع واندثر بسبب الحروب والكوارث إلا أن الكثير بقي، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الثراء الكبير بهذه المصنفات، وجهود علمائنا الأفاضل بغنى عن التعريف في هذا المجال حيث ألفوا وخطوا جمعا ونسخا حتى أثمرت جهودهم هذا التراث الثقافي الذي نعتز ... به ونقدره.
من هذا المنطلق تأتي أهمية مخطوط عمدة الناظر على الأشباه والنظائر إذ هو واحد من أجزاء تراثنا العريق ناهيك عن كونه من كتب الشريعة التي أسهمت بشكل أساسي في إرساء أركان المجتمع وتسهيل مسالك الحياة من خلال توضيح المناهج العامة للمعاملات بأغلبها، وكذلك الحديث عن الكثير من الموضوعات الشرعية كالطلاق والعدة وغيرها.
وأيضا تأتي أهمية هذا المخطوط من كونه شبيها بمكتبة قائمة؛ إذ درج في طياته أكثر من مئة كتاب، وهذا يدل على السعة الثقافية لدى مؤلفه.
*****************
পৃষ্ঠা ১০
المبحث الثاني: الباعث على تحقيقه
قررت بعون الله تعالى الخوض في بحر الفقه، فانبريت إلى تحقيق مخطوط إمامنا الفاضل "أبي السعود" سعيا لخدمة هذا الدين الحنيف، وأملا في نيل شرف شهادة «الماجستير» في /الفقه / وكما أسلفت بالقول إن المصنفات كثيرة ومتنوعة غير أني رأيت في مخطوط إمامنا فيضا فقيها شاملا وسهلا خصيبا كاملا قد تفتحت فيه معظم القواعد الفقهية مما شكل حافزا قويا عندي لأقوم على تحقيق هذا المخطوط وأبسط القول فيه بما يلهمني الله عز وجل.
أضف لذلك كله:
1 أن هذا المخطوط عديدة أخطاؤه حيث يشوبه النقص في بعض العبارات، كما قد تزاد بعض الكلمات في مواضع أخر، فكان من جل الأمور عندي العمل على تحقيق هذا المخطوط؛ لتفكيك الرموز الصعبة والعمل على ربط المتفككة، والذي فككها ضياع بعض العبارات في مواضع وإثباتها في مواضع أخرى، فالأخطاء التي أشرت إليها قبيل قليل ليست بأخطاء في الاجتهاد الفقهي عند "أبي السعود" إنما أخطاء تشوب المخطوط نتيجة النقص في إحدى العبارات؛ لذا عمدت إلى الإشارة إلى كل نقص أو زيادة أو تحريف أو لبس في المعنى.
2 هذا المخطوط شرح متن الأشباه والنظائر لابن نجيم الذي يعتبر من أشهر المؤلفات في القواعد الفقهية عند "الأحناف". فقد كان "الأحناف" يفترضون المسائل ولا يشترطون حدوثها ثم يستنبطون أحكامها الفقهية مما ينم على استخدامهم العقل والرأي فكان لابد من تحقيق هذا المخطوط؛ لأهميته وشموله.
পৃষ্ঠা ১১
3 اعتماد أبي السعود على ينابيع أصيلة وكتب نفيسة من رؤوس وأمهات الكتب في شرحه لمتن الإمام "ابن نجيم" في كتابه «الأشباه والنظائر» فقد أخذ وبشكل كبير عن كتاب «غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر» للإمام "الحموي"، وغيره كالبيري، والغزي ... الخ.
4 أكون بإخراجي وتحقيقي لهذا المخطوط قد ساهمت بأقل ما يجب علي فعله لخدمة هذا الدين وخدمة العلم وأهله، وابتغاء لمرضاة الله عز وعلا، وسعيا حثيثا لنيل شرف شهادة «الماجستير» في/الفقه /، ولا يغيب عن ذهني قوله تعالى {وقل رب زدني علما} [سورة طه: 114]. فعساي بهذا التحقيق أحصل على جانب من الفائدة وشيء من الاستزادة من هذا العلم المبارك.
هذه أبرز الأمور التي حملتني على تحقيق هذا المخطوط.
***************
পৃষ্ঠা ১২
ثانيا - التمهيد ويتضمن أربعة مباحث:
? المبحث الأول:
التعريف بعلم الفقه وأصول الفقه.
? المبحث الثاني:
أهمية الفقه وأصوله وصلتهما بالحياة.
? المبحث الثالث:
تطورهما واعتناء العلماء بهما.
? المبحث الرابع:
لمحة عن أئمة الفقه ومدارسهم وخاصة المذهب الحنفي.
পৃষ্ঠা ১৩
? المبحث الأول (¬1): التعريف بعلم الفقه وأصول الفقه.
نشأ الفقه في ربوع الشريعة الإسلامية منذ بزوغ شمسها، والفقه: فهم الشريعة وتوضيحها.
وأما أصول الفقه فيبحث في الأدلة الشرعية وإثباتها للأحكام ودلالتها عليها.
فما هو الفقه وما أصوله وما الفرق بينهما؟
* تعريف الفقه:
لغة: الفهم. (¬2) يقال فقه يفقه: أي فهم يفهم.
পৃষ্ঠা ১৪
وقد ورد الفقه في القرآن الكريم بمعنى: الفهم قال الله تعالى حكاية عن سيدنا موسى: {واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي} [سورة طه27 و28] وقال أيضا {تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا} [سورة الإسراء: 44].
هذا وقد رأى بعضهم أن ضبط هذه الكلمة "فقه " حسب اشتقاقها ينشئ تفاوتا في معنى هذه الكلمة، ومن أولئك "ابن حجر" في مؤلفه «فتح الباري» حيث يقول: ((يقال فقه بالضمة: إذا صار الفقه له سجية، وفقه بالفتح: إذا سبق غيره إلى الفهم، وفقه بالكسر: إذا فهم)) (¬1).
جاء في «لسان العرب»: الفقه: العلم بالشيء والفهم له، وفي «القاموس المحيط»: الفقه بالكسر العلم بالشيء والفهم له والفطنة (¬2).
ومن هنا نشير من باب التأكيد إلى هذا المعنى ما ذكر عن "سلمان الفارسي" رضي الله عنه بأنه نزل على امرأة نبطية بالعراق فقال: هل ها هنا مكان نظيف أصلي فيه؟ فقالت: طهر قلبك وصل حيث شئت، فقال فقهت أي فهمت وفطنت للحق والمعنى الذي أرادت (¬3).
* الفقه في اصطلاح الشرع:
الفقه في لسان الشرع: العلم بالدين: أي معرفة الأحكام العملية المكتسبة في الأدلة التفصيلية.
পৃষ্ঠা ১৫
يرى حجة الإسلام الإمام الغزالي أن الفقه في العصر الأول هو: علم الطريق إلى الآخرة، ومعرفة دقائق آفاق النفوس وما يتصل بذلك.
يقول في كتابه «إحياء علوم الدين» (¬1): ((ولقد كان اسم الفقه في العصر الأول مطلقا على علم طريق الآخرة ومعرفة دقائق آفاق النفوس ومفسدات الأعمال وقوة الإحاطة بحقارة الدنيا وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة واستيلاء الخوف على القلب، ويدلك على ذلك قوله عز وجل: {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} [سورة التوبة: 122]. ومن ذلك ما عرفه الإمام أبو حنيفة: ((هو معرفة النفس ما لها وما عليها)) (¬2). ولهذا سمى كتابه في العقائد: «الفقه الأكبر».
ومع مرور الزمن أصبح اسم الفقيه لا يطلق إلا على ذلك الإنسان المطلع على أحكام الفروع المأخوذة من الأدلة التفصيلية، وقد استقر الفقه على هذا المعنى فصار خاص له ثم ... أخذ العلماء يعرفونه فتنوعت التعاريف بيد أنها في نهاية المطاف تصب في مجرى واحد ومن ... تلك التعاريف:
تعريف حجة الإسلام "الغزالي" في «المستصفى»: ((عبارة عن العلم بالأحكام الشرعية الثابتة لأفعال المكلفين خاصة)) (¬3)
পৃষ্ঠা ১৬
وقد عرفه "ابن خلدون" في «مقدمته» بقوله: ((هو معرفة أحكام الله تعالى في أفعال المكلفين بالوجوب والحذر والندب والكراهة والإباحة وهي متلقاة الكتاب والسنة وما نصبه الشارع لمعرفتها من الأدلة فإذا استخرجت الأحكام من تلك الأدلة قيل لها فقه)) (¬1).
وعرفه "الآمدي" في «الإحكام» بأنه: (("العلم الحاصل بجملة من الأحكام الشرعية الفروعية بالنظر والاستدلال".
فالعلم احتراز عن الظن بالأحكام الشرعية، فإنه وإن تجوز بإطلاق الفقه عليه في العرف العامي فليس فقيها في العرف اللغوي والأصولي، بل الفقه العلم بها أو العلم بالعمل بها، بناء على الإدراك القطعي وإن كانت ظنية في نفسها.
وقولنا: بجملة من الأحكام، احترز عن العلم بالحكم الواحد أو الاثنين لا غير فإنه لا يسمى في عرفهم فقها.
وإنما لم نقل بالأحكام؛ لأن ذلك يشعر بكون الفقه هو العلم بجملة الأحكام ويلزم منه أن لا يكون العلم بما دون ذلك فقها وليس كذلك.
وقولنا: الشرعية، احتراز عما ليس بشرعي كالأمور العقلية والحسية.
وقولنا: الفروعية: احتراز عن العلم بكون أنواع الأدلة حججا فإنه ليس فقها في العرف الأصولي وإن كان المعلوم حكما شرعيا نظريا لكونه غير فروعي.
وقولنا: بالنظر والاستدلال: احتراز عن علم الله تعالى بذلك وعلم جبريل والنبي عليه الصلاة والسلام فيما علمه بالوحي فإن علمه بذلك لا يكون فقها في العرف الأصولي إذ ليس طريق العلم في حقهم بذلك النظر والاستدلال)) (¬2).
* تعريف أصول الفقه
الأصل لغة: ما ينبني عليه غيره (¬3): أي من حيث أنه ينبني عليه الشيء فحسب.
পৃষ্ঠা ১৭
تعريف الأصول اصطلاحا: وجد علم أصول الفقه بعد نشوء الفقه، ولعل الإمام الشافعي رضي الله عنه هو أول من خط في الأصول، ومن ثم جاء من بعده العلماء في ترسيخ قواعد هذا العلم حتى أصبح علما مستقلا.
والعلماء نهلوا في تعريف الأصول مناهل عديدة حيث تعددت التعاريف إلا أنها تنصب في نهاية المطاف في إطار واحد متقارب فالآمدي يعرف الأصول في كتابه الإحكام قائلا: ((هي أدلة الفقه وجهات دلالتها على الأحكام الشرعية وكيفية حال المستدل بها من جهة الجملة لا من جهة التفصيل)) (¬1).
وعرف السبكي أصول الفقه في كتابه جامع الجوامع حيث قال: ((أصول الفقه: دلائل الفقه الإجمالية وقيل معرفتها، والأصولي العارف بها وبطريق الاستفادة منها وحال المستفيد)).
والمقصود بالدلائل: مصادر الفقه والتشريع، سواء أكانت من المتفق عليه، كالكتاب والسنة والإجماع، أو المختلف فيها كالقياس والاستحسان والاستصحاب والاستصلاح وغير ذلك ... من الأدلة.
والمقصود من المعرفة الإجمالية: معرفة الأدلة من حيث الإجمال كمعرفة كون الإجماع حجة وكون الأمر للوجوب والنهي للتحريم والقياس حجة.
والمقصود بكيفية الاستفادة منها: معرفة أحوال الأدلة من نسخ ومعارضة وترجيح وغير ذلك، ومعرفة أنواع الأحكام، وأن أي نوع من الأحكام يثبت بنوع من أنواع الأدلة والمباحث المتعلقة بالمحكوم به ككونه عبادة أو عقوبة أوالمحكوم عليه من الأهلية والعوارض لها. والمقصود بحال المستفيد: معرفة شرائط الاجتهاد وشرائط التقليد. (¬2)
*****************
পৃষ্ঠা ১৮
المبحث الثاني: أهمية الفقه وأصوله وصلتهما بالحياة
أهمية الفقه:
مذ أن بدأ القرآن الكريم بالنزول بدأت أكمام الفقه بالتفتح لتجلو حقائق ومعاني القرآن، فالفقه هو الجانب العملي الذي يكمل الشريعة، فهي تفسر به، فكان ظهور الفقه منذ عصر الصحابة رضي الله عنهم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان الناس بحاجة ماسة لفهم الأحكام الهامة، وتنظيم علاقاتهم، ومعرفة الحقوق العائدة لهم، والواجبات المترتبة عليهم من هنا تأتي أهمية الفقه لما له من خصائص تكمن فيما يلي:
1 - الوحي الإلهي هو أساس للفقه: فالفقه يمتاز بسمات تميزه عن القوانين الوضعية وذلك من حيث مصدره، فمصدره القرآن الكريم الذي هو كلام الله ووحيه والسنة النبوية الشريفة، فكل فقيه مجتهد لا بد له من استنباط أحكامه الخاصة بالشريعة من هذين المصدرين، بل هو مقيد بهما وبما يتفرع عنهما مباشرة وما ترشد إليه روح الشريعة وقواعدها وكافة مبادئها الكلية، فكانت نشأة الفقه كاملة، سوية البنية، وطيدة الأركان وذلك تبعا لاكتمال مبادئه، وتمام قواعده، ولأن أصوله رست راسخة في زمن الرسالة، وأثناء نزول الوحي على الهادي الأمين صلى الله عليه وسلم. قال عز وجل في محكم التنزيل {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} [سورة المائدة: 3] وبهذا ينتقل الفقه إلى طور التطبيق ، وبمواكبة مصالح البشرية وانسجامها مع ما ترمي إليه الشريعة.
2 - شمول الفقه لكافة متطلبات الحياة: فالفقه الإسلامي يختلف عن القوانين بميزة مميزة له وهي تناوله علاقات الإنسان الثلاث.
পৃষ্ঠা ১৯
فأما الأولى: فعلاقته بربه، وأما الثانية: فعلاقته بنفسه، وأما الثالثة: فعلاقته بمجتمعه؛ لأنه للدنيا والآخرة، ولأنه دين ودولة وعام للبشرية وخالد حتى قيام الساعة، فأحكام الفقه متآزرة ففيها تكمن العقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق كل ذلك لتتحقق غاية الرضا والإيمان والسعادة والراحة والطمأنينة وتنظيم سير الحياة الخاصة والعامة لتحل السعادة في العالم أجمع.
ومن هنا نلمح أهمية للفقه تكمن في أحكامه المتعلقة بكل ما يصدر عن المكلف وتنطوي تحت نوعين:
الأول: أحكام العبادة وما يندرج تحتها من طهارة وصلاة وصيام وحج وزكاة ويمين ونذر، وكل ما يقصد به تنظيم علاقة الإنسان بربه وقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم قرابة /140/ آية تتناول العبادات.
الثاني: أحكام المعاملات: أي كل ما ينظم علاقات الناس بعضهم ببعض من عقود وعقوبات وجنايات وضمانات.
3 - تأتي أهمية الفقه أيضا من كونه يتصف بالصفة الدينية حلا وحرمة، فالفقه يختلف عن القانون في أن كل فعل أو تصرف مدني في المعاملات يتصف بوجود فكرة الحلال والحرام.
4 - ارتباط الفقه بالأخلاق: الفقه يتأثر بقواعد الأخلاق وهذا يميزه عن القانون الذي لا هدف له إلا المحافظة على النظام، والعمل على إرساء الاستقرار في المجتمع حتى ولو أهدر شيئا من أولويات الأخلاق، أو حتى الدين بينما الفقه دائم الحرص على الاعتناء بأسس الفضيلة وإحياء المثل العليا والأخلاق القويمة السليمة.
فعلى سبيل المثال يمنع الفقه من الغش ويحرمه في العقود وأكل مال الآخرين بالجور والباطل وإفساد العقود كل هذا من أجل إشاعة المحبة وتوفير الثقة ومنع المشاحنات والبغضاء بين الناس واحترام حقوقهم.
وبهذا نرى أن الدين إذا تآزر والخلق في التعامل يتحقق الصلاح للفرد وللمجتمع، ويرسم ذلك أيضا طريق الخلود والنعيم في الآخرة فغاية الفقه هي تحقيق السعادة للإنسان.
পৃষ্ঠা ২০