وعبد الله إلى أصبهان، وسفَّر ابنَ أخته؛ محمد بن عمر بن أبي بكر (١)، وابن عمه، علي بن أبي بكر.
وكان هو ﵀ يقرأ الحديث ليلة الخميس ويوم الجمعة بجامع دمشق، ويجتمع الخلق، وكان يقرأ ويَبكي ويُبَكّي الناس كثيرًا، حتى إن من حضر مجلسه مرة لا يكاد يتركه؛ لكثرة ما يطيب قلبه، وينشرح صدره فيه، وكان إذا فرغ دعا دعاءًا كثيرًا.
وقال الضياء أيضًا: سمعت شيخنا أبا الحسن؛ علي بن نجا الواعظ بالقرافة يقول على المنبر: قد جاء الإمام الحافظ، وهو يريد أن يقرأ الحديث، فأشتهي أن تحضروا مجلسه ثلاث مرات، وبعدها أنتم تعرفونه، وتحصل لكم الرغبة، فجلس أول يوم -وكنت حاضرًا بجامع القرافة- فقرأ أحاديث بأسانيدها عن ظهر قلبه، وقرأ جزءًا، ففرح الناس بمجلسه فرحًا كثيرًا، فقال ابن نجا: قد حصل الذي كنت أريده في أول مجلس.
وسمعت بعض من حضر مجلسه بمصر بمسجد المصنع (٢)، يقول: إن الناس بكوا حتى غشي على بعضهم. قال: وقال بعض المصريين: ما كنا إلا مثل الأموات حتى جاء الحافظ، فأخرجنا من القبور.
وكان يجلس بمصر في غير موضع يقرأ الحديث.
٦ - من فتاويه
نقل ابن رجب في "الذيل على طبقات الحنابلة" شيئًا من فتاويه، وهي:
_________
(١) قلت: هو راوي هذا الكتاب وناسخه، انظر ترجمته في هذه المقدمة ص (٨٢).
(٢) هو مسجد الوزير ابن الفرات، وهو المسجد الذي توفي به الحافظ، وكان هذا المسجد بطحاني الموقف، بجانب دار الحافظ المنذري، انظر "التكملة" (٢/ ٦٦ و٣/ ٩٦ - ٩٧).
المقدمة / 40