وأما الجعدي واسمه قيس بن عبد الله فإنما نبغ بالشعر بعد أربعين سنة فسمي نابغة لذلك.
وجران العود، سمي بذلك لقوله:
عمدت لعود فالتحيت جرانه ... وللكيس خير في الأمور وأنجح
خذا حذرًا يا خلتي فإنني ... رأيت جران العود قد كان يصلح
يخاطب امرأتيه، وقد تركتاه ونشزتا عليه؛ فلزمه هذا الاسم وذهب اسمه كرهًا.
كذلك أبو العيال، لا يعرف له اسم غير هذا؛ ولقوله:
ومن يك مثلي ذا عيال ومقترًا ... من المال؛ يطرح نفسه كل مطرح
ليبلغ عذرًا أو يصيب رغيبة ... ومبلغ نفس عذرها مثل منجح
أمثالهم ممن ذكره المؤلفون لا يحصون كثرة، وليسوا من هذا الباب في شيء؛ لأن غلبة هذه الأسماء عليهم ليست شرفًا لهم ولا ضعة، وإنما هي من جهة الشناعة فقط، ولكن الكلام ذو شجون.
ومن ههنا عظم الشعر، وتهيب أهله، خوفًا من بيت سائر تحدى به الإبل، أو لفظة شاردة يضرب بها المثل، ورجاء في مثل ذلك؛ فقد رفع كثيرًا من الناس ما قيل فيهم من الشعر بعد الخمول والإطراح، حتى افتخروا بما كانوا يعيرون به ووضع جماعة من أهل السوابق والأقدار الشريفة حتى عيروا بما كانوا يفتخرون به.
فمن رفعه ما قيل فيه من الشعر بعد الخمول الملحق، وذلك أن الأعشى قدم مكة وتسامح الناس به، وكانت للمحلق امرأة عاقلة وقيل: بل أم فقالت له: إن الأعشى قدم، وهو رجل مفوه، مجدود في الشعر ما مدح أحدًا إلا رفعه،
1 / 48