150

"قدمت على بعض المشايخ لأدرس عليه، ولم يكن يعرفني من قبل، فسأل عني من أكون في ملإ من تلامذته؟ فقلت مرتجلا:

هذا فتى من بني جاكان قد نزلا ... به الصبا عن لسان العرب قد عدلا

رمت به همة علياء نحوكم ... إذ شام برق علوم نوره اشتعلا

فجاء يرجو ركاما من سحائبه ... تكسر لسان الفتى أزهاره حللا

إذ ضاق ذرعا بجهل النحو ثم أبي ... ألا يميز شكل العين من "فعلا"

وقد أتى اليوم صبا مولعا كلفا ... ب "الحمد لله لا أبغي له بدلا"

يريد دراسة "لامية الأفعال".

وقد مضى -رحمه الله - في طلب العلم قدما، وقد ألزمه بعض مشايخه بالقران؛ أي: أن يقرن بين كل فنين؛ حرصا على سرعة تحصيله، وتفرسا له في القدرة على ذلك، فانصرف بهمة عالية في درس وتحصيل.

وقد صور شدة انشغاله بطلب العلم في شبابه بقوله -رحمه الله - في "رحلة الحج" ما نصه: "ومما قلت في شأن طلب العلم، وقد كنت في أخريات زمني في الاشتغال بطلب العلم دائم الاشتغال به عن التزويج، لأنه ربما عاق عنه، وكان إذ ذاك بعض البنات ممن يصلح لمثلي، يرغب في زواجي ويطمع فيه، فلما طال اشتغالي بطلب العلم عن ذلك المنوال؛ أيست مني، فتزوجت ببعض الأغنياء، فقال لي بعض الأصدقاء: "إن لم تتزوج الآن من تصلح لك؛ تزوجت عنك ذوات الحسب والجمال، ولم تجد من يصلح لمثلك، يريد أن يعجلني عن طلب العلم، فقلت في ذلك هذه الأبيات:

دعاني الناصحون إلى النكاح ... غداة تزوجت بيض الملاح

فقالوا لي تزوج ذات دل ... خلوب اللحظ جائلة الوشاح

পৃষ্ঠা ১৫৩