الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ١
الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ١
জনগুলি
تفسير آية فاطر: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا الآية) بأصناف المصطفين من هذه الآية، وأنهم يدخلون الجنة
وقد ذكر الله تعالى أولياءه المقتصدين والسابقين في سورة فاطر في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ﴾ [فاطر:٣٢ - ٣٥]، لكن هذه الأصناف الثلاثة في هذه الآية هم: أمة محمد ﷺ خاصة، كما قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ﴾ [فاطر:٣٢] وأمة محمد ﷺ هم الذين أورثوا الكتاب بعد الأمم المتقدمة وليس ذلك مختصًا بحفاظ القرآن، بل كل من آمن بالقرآن فهو من هؤلاء، وقسمهم إلى ظالم لنفسه، ومقتصد، وسابق بالخيرات، بخلاف الآيات التي في الواقعة والمطففين والإنسان والانفطار، فإنه دخل فيها جميع الأمم المتقدمة مؤمنهم وكافرهم، وهذا التقسيم لأمة محمد ﷺ، فالظالم لنفسه هم: أصحاب الذنوب المصرون عليها، والمقتصد: المؤدي الفرائض المجتنب للمحارم، والسابق بالخيرات: هو المؤدي للفرائض والنوافل كما في تلك الآيات.
وهذا ترجيح شيخ الإسلام ابن تيمية لأحد القولين، وهو إن شاء الله القول الراجح، ومن العلماء: من يجعل قسم أصحاب النار في آخر سورة الواقعة وأولها أنهم: أصحاب المشأمة، وهو الموضع الوحيد الذي ذكر فيه المفرطون من الموحدين، وقال تعالى: ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾ [النمل:٥٩] فالذين اصطفاهم الله في البداية لابد أن يكون لهم السلام، وقد قال: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا﴾ [فاطر:٣٢] إذًا: فالراجح أن هؤلاء في النهاية لا بد أن يكون لهم سلام، وهذا أقرب الأقوال والله أعلم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ومن تاب من ذنبه -أي ذنب- كان توبة صحيحة لم يخرج بذلك عن السابقين والمقتصدين، كما في قوله تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ [آل عمران:١٣٣ - ١٣٦]].
2 / 8