الأحوال" (^١)، إلا أنه لم يُنقل عن المتقدمين تقسيم الفقهاء إلى مراتب وطبقات، وإن كان البعض قد وُصف بالاجتهاد في المذهب، أو بأن له تخريجات أو ترجيحات. .
والتقسيم الذي شاع وتداولته كتب الحنفية هو الذي وضعه أحمد بن سليمان الشهير بابن كمال باشا (^٢) في القرن العاشر الهجري، وتبعه الحَنّائي علي بن أمر الله (^٣) في كتابه "طبقات الحنفية" وقال فيه (^٤): "كذا حقّقه بعض الفضلاء من المتأخرين"، ثم اعتمده غير واحد من بعد، من أبرزهم العلامة ابن عابدين (^٥) ﵀ في رسالته في رسم المفتي (^٦). .
إلا أن هذا التقسيم لم يسلم من النقد فقد اعتُرض عليه من وجوه، وسنذكر أولًا كلام ابن كمال باشا بحروفه، ثم نورد بعض ما تُعقِّب به عليه.
قال ﵀: (^٧) "الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. أعلم أن الفقهاء على سبع طبقات:
الطبقة الأولى: طبقة المجتهدين في الشرع، كالأئمة الأربعة ومن سلك مسلكهم في تأسيس قواعد الأصول واستنباط أحكام الفروع من الأدلة الأربعة الكتاب والسنة والإجماع والقياس، على حسب تلك القواعد من غير تقليد أحد في الفروع والأصول.
الثانية: طبقة المجتهدين في المذهب، كأبي يوسف ومحمد وسائر أصحاب أبي حنيفة ﵏ القادرين على استخراج الأحكام عن الأدلة المذكورة على حسب القواعد التي قررها أستاذهم أبو حنيفة رحمة الله عليه وعيَّنها، فإنهم وإن خالفوه في بعض الأحكام الفرعية لكنهم يقلدونه في قواعد الأصول، وبه يمتازون