কোপারনিকাস ডারউইন ফ্রয়েড
كوبرنيكوس وداروين وفرويد: ثورات في تاريخ وفلسفة العلم
জনগুলি
شعر بعض أصدقاء وأتباع كوبرنيكوس بغضب عارم تجاه ذرائعية أوزياندر التي تشوه النموذج الكوبرنيكي. ووجههم غموض مصطلح «فرضية» نحو اتجاه الواقعية. وبفضل الإدراك المتأخر، يمكن أن نمتلك توجها ذهنيا أكثر استرخاء. فكوبرنيكوس لم يحسن البنية الجبرية للنماذج القديمة، كما لم يستطع كوبرنيكوس أن يقدم أي دليل رصدي قاطع يدعم حركة الأرض. وبدت مقدمة أوزياندر الغارقة في الذرائعية كتحذير. والجزء الفني من أطروحة كوبرنيكوس - مع قبولها لمبدأ تكافؤ الفرضيات - لم يرق إلى مستوى الوعد الذي قدمه الجزء الأول.
11
كان النموذج الكوبرنيكي قادرا على تقديم تفسير متسق للمشاهدات المعروفة خلال حياة كوبرنيكوس، كما كان متوافقا أيضا مع المشاهدات اللاحقة، ولكن افتقر النموذج الكوبرنيكي الأصلي إلى آلية ذات مصداقية يمكنها تفسير المشاهدات. تمتع النموذج الكوبرنيكي بصلاحية تجريبية، نظرا لبنيته الطوبولوجية، ولكن يجب أيضا أن يلبي نموذج أو نظرية أكثر تطورا مطلب وجود بنية جبرية دقيقة. ويجب أن تتوافق الآلية التي تفسر «الظواهر» مع بنية العالم الحقيقي. والنظرية التي تتميز ببنية جبرية دقيقة تتمتع بالصلاحية النظرية. والخلاف الفلسفي بين أوزياندر وكوبرنيكوس، بين الذرائعية والواقعية، له نظير حديث. فمتبع الذرائعية في العصر الحديث متردد حيال الآليات والبنيات الكامنة وراء السمات المرصودة كما كان أوزياندر. ومتبع الواقعية في العصر الحديث واثق حيال الآليات والبنيات الكامنة كما كان كوبرنيكوس واثقا حيال واقع حركة الأرض.
قدم متبعو الذرائعية في العصر الحديث سببين لحذرهم إزاء البنيات غير القابلة للرصد: من جهة، يوجد نقص في الأدلة التي تثبت النظريات (انظر القسم 6-4). وهذا هو الرأي القائل بأن الأدلة التجريبية لا يمكن أبدا أن تفصل بوضوح بين نظريتين علميتين متكافئتين تجريبيا ولكنهما مختلفتان بنيويا. وعبر بطليموس عن هذه المشكلة بالفعل في تكافؤ الفرضيات. من الناحية الأخرى، هناك «الاستدلال المتشائم»؛ وهو الرأي القائل بأن العديد من النظريات العلمية، التي كانت تعتبر سابقا «صحيحة»، ألقيت فيما بعد في مزبلة الأفكار الخاطئة. ونظرية مركزية الأرض إحدى أمثلة تلك النظريات. ما السبب الذي يدفعنا للثقة في النظريات الحالية؟ لذا تهتم الذرائعية الحديثة «بإنقاذ الظواهر». النظريات العلمية يمكن في أحسن الأحوال أن تكون ملائمة تجريبيا؛ فهي تناسب مجالها ما دامت في نطاق الظواهر المرصودة، ولكن علينا أن نظل متشككين فيما يتعلق بالبنية النظرية الكامنة وراءها. ربما تستخدم نظريتان علميتان آليتان غير قابلتين للرصد وغير متوافقتين، على الرغم من أن كلتيهما تفسر الأدلة المتاحة. علاوة على ذلك، من الممكن دائما تفسير الأدلة ذاتها على أساس بنيات نظرية مختلفة. أما متبع الواقعية فيريد أكثر من ذلك. فلا يكفي أن تكون نماذجنا متوافقة مع قدر ما تصل إليه المشاهدات؛ فالبنية النظرية الكامنة وراءها، التي يمكن أن تفسر المشاهدات، يجب أيضا أن تمثل بنية الواقع. ظل كوبرنيكوس مقيدا بقبول تكافؤ الفرضيات الهندسية، على الرغم من أنها تقدم المشاهدات على نحو متسق. مع ذلك، كان كبلر مهتما بالأسباب الفيزيائية؛ فالكواكب تتحرك بطرق منتظمة محددة، عبرت عنها قوانين كبلر الثلاثة. والسؤال التالي هو: لماذا تتحرك بهذه الطريقة؟ لم يصبح التفسير الفيزيائي القابل للتطبيق متاحا إلا عندما جمع نيوتن القانون الأول للميكانيكا مع قانون الجاذبية (انظر شكل
2-12 ). بالنسبة لمتبع الواقعية ، تبين هذه الأحداث أن نظرياتنا العلمية الناضجة تشكل تفسيرا تقريبيا جيدا للتفسير الحقيقي للعمليات الفيزيائية.
يدعي متبع الواقعية أنها هي «الفلسفة الوحيدة التي لا تجعل نجاح العلم يبدو معجزة» (بتنام 1975، 73)، ومع ذلك فإن قصة علم الفلك تبين أن معارض الواقعية يبدو أن لديه وجهة نظر. كان النموذج الأرضي المركز والنموذج الشمسي المركز في البداية متكافئين على المستوى الرصدي؛ إذ كان كلاهما يعتنق «تكافؤ الفرضيات»، ومع ذلك فقد كانا مختلفين بنيويا. وانتهى المطاف بجزء كبير من البنية النظرية في سلة مهملات الأفكار المصرة على الخطأ. لم يبالغ بطليموس في الزعم ب «واقعية» أدواته الهندسية، وكان كوبرنيكوس واقعيا فحسب فيما يتعلق بالترتيب المكاني للكواكب. قدم كبلر حججا قائمة على الاحتمالات لصالح النموذج الكوبرنيكي، رغم تخلصه من بعض فرضياته الرئيسية. تخلى نيوتن عن أسباب كبلر «الفيزيائية»، بينما استكمل الثورة الكوبرنيكية.
كيف يمكن لمتبعي الواقعية تفسير هذا الجانب المزدوج من الاستمرارية والانقطاع؟ قدمت مؤخرا أطروحة «الواقعية البنيوية» لدرء الحجج المناهضة للواقعية
12 (وورال 1989؛ ليديمان 1998؛ سيلوس 1999). ولتفسير الاستمرارية وسط التغيير المفاهيمي، تركز الواقعية البنيوية على الجوانب البنيوية للأنظمة. يمكننا أن نتناول الفكرة من خلال التفكير في حقيقة أن العلم يهتم بالنظم الطبيعية (مثلا، النظام الشمسي أو النظام البيولوجي) على نحو عام تماما. للحصول على نظام لا يكفي أن تضع العناصر أحدها بجوار الآخر (المترابطات)؛ فلا تشكل مجموعة من الكواكب نظاما. ولتحويلها إلى النظام، يجب أن تكون مكونات النظام مترابطة. وبفضل إنجازات الكوبرنيكيين، نعلم أن الكواكب ترتبط على نحو منهجي؛ فالكواكب مرتبطة في نظام عن طريق علاقات (قوانين) النظام. وما يشكل نظاما في العالم الطبيعي هو التفاعل بين مكونات النظام. تمتلك الأنظمة الكوكبية الكواكب كمكونات، وقوانين كبلر ك «الغراء» الذي يربطها معا. وتمتلك النظم البيولوجية الأنواع أو الأفراد كمكونات لها، وما يربطهم معا هو قوانين علم الأحياء التطوري. والمجتمعات البشرية لديها الأفراد والفئات الاجتماعية كمكونات، وما يربطهم معا هو القيم والمبادئ والقواعد القانونية الخاصة بالمجتمعات. وبصرف النظر عن مكونات الأنظمة، يجب أن توجد علاقات مناسبة بين المكونات ؛ فمن الصعب أن نتصور أن مجتمعا بشريا يمكن أن يترابط معا من خلال قوانين كبلر.
يتجمع العديد من المكونات في النظم الطبيعية بطريقة منتظمة؛ ومن ثم فإن النظم الطبيعية تظهر بنية تتألف من مترابطات النظام والعلاقات بينها. ويحاول العلم بناء نظريات ذات نماذج تمثل هذه النظم. يجب أن يكون للنماذج بنية نموذجية، تمثل بنية النظام الطبيعي على نحو رمزي. إذا كان المشروع العلمي منشغلا بوصف وتفسير النظم الطبيعية والاجتماعية، فإن الواقعية البنيوية تقدم أطروحة مفادها أن بنية النموذج تمثل بالتقريب الجوانب البنيوية، المؤكدة جيدا، للنظام المستهدف؛ فهي تهتم بالصلاحية النظرية لبنية النموذج؛ ولذلك فإن متبع الواقعية البنيوية سيرغب في أن يدعي أن نماذج العلم تهدف إلى تمثيل بنيات النظم الطبيعية أو الاجتماعية (الطوبولوجية والجبرية). وتتألف بنية النموذج - من أجل غرضنا الحالي - من المكونات وترابطها؛ أي المترابطات والعلاقات. ولدعم وجهة النظر هذه، فإن متبع الواقعية البنيوية سيرغب في توضيح طريقة توفيق الاستمرارية والانقطاع في النظريات العلمية على المستوى البنيوي. يمكن تدبر هاتين السمتين على نحو تفاضلي فيما يتعلق بالبنية الطوبولوجية والبنية الجبرية. عند الانتقال من بطليموس إلى كوبرنيكوس، تغيرت البنية الطوبولوجية للنماذج، لكن ظلت البنية الجبرية كما هي، باستثناء الموازنات وأفلاك التدوير الكبيرة. وعند الانتقال من كوبرنيكوس إلى كبلر، بقيت البنية الطوبولوجية دون تغيير، ولكن خضعت البنية الجبرية لتغييرات جذرية. ومن كبلر إلى نيوتن، خضعت البنية الجبرية لتحسينات، ولكنها لم تتعرض لتغييرات كبيرة. ومنذ نيوتن، لم يشهد النموذج البنيوي للنظام الشمسي تغييرات جذرية. وإنها لحقيقة أن التمثيل العلمي (في سياق النماذج) يواجه دائما قيودا في عمليتي التقريب والتجسيد المثالي. على سبيل المثال، تعد الدائرة تجسيدا مثاليا للقطع الناقص. سيؤكد متبع الواقعية البنيوية على وجود أدلة قاطعة كافية في تاريخ العلم للتسليم بالاستمرارية في البنيات الأساسية. وتمتد الاستمرارية إلى البنيات الجبرية والبنيات الطوبولوجية على حد سواء. وأخيرا، النماذج الناضجة فحسب هي التي يمكن أن تمثل بنية النظام المستهدف تمثيلا كاملا. وعلاوة على ذلك، تتغير هذه العناصر على نحو مختلف وعادة لأسباب علمية جيدة؛ ومن ثم ربما نشك في أنه حتى في المراحل الثورية في العلوم، ثمة عملية معينة من تسلسل الاستدلال تربط الانتقال من النظريات القديمة إلى الجديدة، وسوف نناقش هذا في (القسم 7). (6-4) نقص إثبات النظريات بالأدلة
كان عدم القدرة على التخلص من تكافؤ الفرضيات واحدا من أسباب فشل أعمال كوبرنيكوس في أن تصبح ثورة علمية. يجب أن يرى الواقعيون أن البنية النظرية التي ينسبها العلماء إلى مجموعة من البيانات الرصدية أو التجريبية تشير إلى بعض العمليات الفيزيائية التي يمكن أن تفسر المشاهدات. على النحو المثالي، يرقى هذا إلى مكانة التفسير السببي (انظر الفصل الثاني، القسم 6-6). كيف يمكننا أن نتأكد من أن تفسيراتنا النظرية تجسد حقيقة العالم المادي تقريبا؟ هذا في جزء منه يتعلق بمسألة كيفية استطاعة التفسيرات العلمية تمثيل أجزاء من العالم الطبيعي. ويتم ذلك من خلال استخدام مجموعة متنوعة من النماذج كما سنرى (انظر القسم 6-4 و6-5)، لكن قبل أن ننتقل إلى هذه الأمور، يجب إزالة حجر عثرة. ثمة حجة شهيرة - أطروحة دوهيم-كواين - تسعى إلى توضيح أن الأدلة لا تكون قوية بما فيه الكفاية «مطلقا» للتغلب على جميع التفسيرات النظرية المنافسة. إذا نجحت هذه الحجة، ربما سيوجد دائما عدد لا نهائي من التفسيرات النظرية المتوافقة مع الأدلة والمتعارضة وجوديا. ولن تكون الأدلة قادرة على تحديد تفوق أحد التفسيرات على التفسيرات الأخرى. وستكون كل التفسيرات النظرية ناقصة الإثبات بالأدلة المتاحة. وسيتاح لمتبعي الذرائعية حجة قوية في ترسانتهم.
অজানা পৃষ্ঠা