النظر في ورقة إقرار - ضمن «آثار المعلمي»
النظر في ورقة إقرار - ضمن «آثار المعلمي»
তদারক
محمد عزير شمس
প্রকাশক
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
সংস্করণের সংখ্যা
الأولى
প্রকাশনার বছর
١٤٣٤ هـ
জনগুলি
الرسالة الثلاثون
النظر في ورقة إقرار
18 / 499
الحمد لله.
الذي يظهر من هذه الورقة عند التأمل أنها إقرار بالاشتراك، وأما ما وقع فيها من بعض الألفاظ التي يفهم منها مناقضة الإقرار فليست بصريحةٍ في ذلك. بل إذا نُظِر إلى ما قبلها وما بعدها وإلى تسامح العوامّ في ألفاظهم، وإلى كيفية الاشتراك بين المقر وإخوته على ما تدل عليه هذه الورقة= لم تكن تلك الألفاظ ظاهرةً فيما يناقض الإقرار، بل هي محمولة على ما يوافقه، وعلى ذلك تتفق جميع ألفاظ المقرّ في هذه الورقة، ولا يكون فيها شيء مُلغًى.
فقوله: «يقبضون ما هو لي في أرض الهند وغيره» ليس فيه بيان ما هو له، فيُحمل ذلك على نصيبه من جميع الأموال التي اعترف بعد أنها مشتركة.
وقوله: «وخطوط قوابل البيوت في صندوقي» ليس فيه ما يدل على أن البيوت ملكه خاصة. وقوله «صندوقي» وإن كان ظاهرًا يفيد أن الصندوق له ملكًا، فالاعتراف بالاشتراك يدل أنه إنما أضافه إليه لاختصاصه به، كما يقول الولد في بيت أبيه، والخادم في بيت سيده، والموظف في دور الحكومة: «كرسيِّي» للكرسي المخصص لجلوسه، وإن لم يكن ملكه، نعم إن هذا مجاز، ولكن الحمل على المجاز الذي تعينه القرائن أولى من حمل الكلام على التناقض وإلغاء بعضِه. وهكذا قوله بعد ذلك «فهو في داري».
وقد قال الله ﵎: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ ... وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ [الأحزاب: ٥٣]. فأضاف البيوت إلى النبي ﵌. وقد قال تعالى قبل ذلك في خطاب
18 / 501
أمهات المؤمنين: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ﴾ [الأحزاب: ٣٤].
فأما قول «المنهاج» (^١): «فلو قال: داري أو ثوبي أو دَيني الذي على زيد لعمرو، فهو لغو»، فوجهه فيما يظهر أن قوله «لعمرو» لا يتعين للإقرار، بل يحتمل الهبة، أو أنه أراد أنه صديقي فمالي كأنه ماله، أو نحو ذلك. وليس تأويل قوله «داري» بأولى من تأويل قوله «لعمرو»، فلهذا حكم بأن العبارة المذكورة لغو، فأما إذا قال مثلًا: «ثوبي هذا عارية، استعرتُه من مالكه زيد» أو نحو ذلك، فإلغاء الإقرار بعيد عن القواعد.
وفي «التحفة» (^٢): «أو الدين الذي لي على زيد لعمرو= لم يصح إلّا إن قال: واسمي في الكتاب عارية».
ومما يؤيد ذلك القاعدةُ المعروفة أنه لا يجوز إلغاء كلام المكلف ما أمكن. وفي «التحفة» عقب عبارة «المنهاج» السابقة ما لفظه: «لأن الإضافة إليه تقتضي الملك له، فتنافي إقراره به لغيره، فحمل على الوعد بالهبة». فيؤخذ من هذا أنه إذا تعذر أو بعُدَ تأويل لفظ الإقرار مع قرب تأويل الإضافة المتقدمة وجب الحكم بصحة الإقرار. ومن تأمل الورقة المتكلم عليها وجد دلالتها على الإقرار واضحة جدًّا.
ثم على فرض أن دلالة الإضافة على الملك أقوى أو أنها تلغي الإقرار مطلقًا، فيختص هذا بالصندوق والدار والكساء المضافات في هذه الورقة،
_________
(^١) (٢/ ١٨١ - ١٨٢) ط. دار البشائر.
(^٢) (٥/ ٣٧١ - مع حواشي الشرواني والعبادي).
18 / 502
ويبقى الإقرار فيما عدا ذلك صريحًا. ومن ذلك قوله: «وخطوط قوابل البيوت في صندوقي وأشياء من ذهب وفضة وسلاح وو عن الدار ... وما هو باسمي من خطوط أملاك ومشاري ورهائن عقارات ... سنغافوره». وفي «التحفة» (^١): «ولو قال: الدين الذي كتبته أو باسمي على زيد لعمرو، صحَّ، إذ لا منافاة».
وقول كاتب الورقة: «وكسائي الذي على بدني ومطروح» يجيء فيه ما مرَّ في «صندوقي وداري».
وقوله بعد ذلك كله: «فهو تركة بين إخوتي وبين ورثتي بالسوية فقط، ما شيء لي زائد عليهم» ظاهر فيما قدمته، فلا وجه لإلغائه.
وقوله: «تركة بين إخوتي وبين ورثتي» يريد أن أصله تركة تركها مورثُه ومورثُ إخوته، وبقيت مشتركة بينهم يعملون ضربًا على الاشتراك، كما يدلُّ عليه السياق، وينفي أن يكون المراد تركة لي، أي أتركها أنا، كيف وهو يقول بعد ذلك: «ماشيء لي زائد عليهم»؟
ثم قال: «وما كان معهم من أملاك وغير، وجميع ما يسمى مال، وما يطلق عليه اسم المال= فهو بيني وبينهم بالسوية» صريح جدًّا في أنهم على الاشتراك، وهو وإن كان ظاهره دعوى إلَّا أنه يقرِّر الإقرار السابق ويوضحه.
ويؤكد ذلك قوله بعد هذا: «والذي مع والدتهم من أسيار ذهب وفضة ... فهو لها ... ويكون بطيب نفس من الإخوان محمد وسعيد». فلو كان إنما أراد بهذه الورقة التبرع على أخويه، فأيّ وجه لأن يشترط طيب
_________
(^١) (٥/ ٣٧١).
18 / 503
أنفسهم فيما أقرّ به لزوجته أو وهبه لها أو أوصى لها به.
فأما قوله: «وأيضًا ما كان متروكه معي في حضرموت جاء في مال بالإرث من والدتي فاطمة ... فهو بيني وبين إخواني تركة». فهو اعتراف صريح. وفي «التحفة» (^١): «وقول «الأنوار» لا أثر للإرادة هنا يشكل بقوله أيضًا في الدار التي ورثتُها من أبي لفلان: إنه إقرار إن أراده، إذ لا فرق بين اشتريت مثلًا وورثتها. ويوجه ذلك بأن إرادته الإقرارَ بذلك تبيِّن أن مراده الشراء والإرث في الظاهر».
قال السيد عمر في حواشيه على «التحفة» (^٢): «قوله الشراء والإرث في الظاهر إلخ، إنما يحتاج إليه عند فرض أنه حال الإقرار بالإرث والشراء، بحيث لم يمض زمنٌ يمكن فيه النقل، وإلا فالشراء والإرث الماضيان لا ينافيان الإقرار حالًا».
والإرث المذكور في عبارة المقرّ ماضٍ كما هو واضح، وقول المقر في آخر العبارة الماضية: «بيني وبين إخواني تركة» يُوضح ما قدمته أن مراده بتركة في قوله السابق «تركة بين إخواني وبين ورثتي» التركة الأصلية، أي الذي تركه مورثه ومورث إخوته، وبقي بينهم مشتركًا يعملون فيه بالسوية، وكل ما استحدثوه ضموه إلى ذلك.
فإن قيل: وكيف يكون ما ورثه من أمه من جملة التركة التي يشاركه فيها إخوته من أبيه؟
_________
(^١) (٥/ ٣٧٠ - ٣٧١).
(^٢) المصدر السابق.
18 / 504
قلت: يحتمل أنه ملكهم مما ورثه من أمه مقدار حصصهم من التركة المشتركة، فانضم ما ورثه من أمه إلى التركة الأصلية المشتركة، فصار معدودًا منها. وهذا ظاهر، فيجب تصحيح العبارة على احتمال هذا الوجه. والله أعلم.
18 / 505