ثُمَّ أَقْبَلَ القِسُّ عَلَى الشَّيْخِ فَقَالَ: أَيُّهَا الشيَّخُ! مَا أَنْتَ بالكبيرِ الذي قد ذهبَ عَقْلُهُ وتَفَرَّقَ عَنْهُ حِلْمُهُ [ولا أنت بالصغير الذي لم يستكمل عقله ولم يبلغ حلمه]، (١)، غدًا أغطسُكَ في المعموديَّة غَطْسةً تَخرجُ منها كيومَ وَلَدَتْكَ أمُّكَ!
قَالَ الشَّيخُ: وما هذهِ المَعْمُودِيّة؟
قَالَ القسُّ: ماءٌ مُقَدَّسٌ.
قَالَ الشَّيخُ: مَنْ قَدَّسَهُ؟
قَالَ القسُّ: قَدَّسْتُهُ أنا والأساقِفَةُ قَبْلِي.
قَالَ الشَّيخُ: فهل كان لكم ذنوبٌ وخطايا؟
قَالَ القسُّ: نعم؛ غير أنَّها كثيرة.
قَالَ الشَّيخُ: فهل يُقدِّسُ الماءَ مَنْ لاَ يقدِّسُ نَفْسَهُ؟
قَالَ: فَسَكَتَ القِسُّ؛ ثُمَّ قَالَ: إِنّي لَمْ أُقَدسْهُ أنا!
قَالَ الشَّيخُ: فكيفَ كانت القِصَّةُ إذنْ؟
قَالَ القسُّ: إنَّما كانت سُنَّةً مِنْ عيسى بن مَرْيَمَ.
قَالَ الشَّيخُ: فكيفَ كانَ الأمرُ؟
قَالَ القِسُّ: إنَّ يحيى بن زكريا أَغْطَسَ عيسى ابن مريمَ ﵈ بالأُرْدُن (٢) غطسةً ومَسَحَ بِرَأْسِهِ وَدَعَا لَهُ بِالبَرَكَةِ.