Concise History of Islam from the Time of Adam to the Present
موجز التاريخ الإسلامي من عهد آدم إلى عصرنا الحاضر
প্রকাশক
بدون ناشر فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية
সংস্করণের সংখ্যা
الأولى
প্রকাশনার বছর
١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م
প্রকাশনার স্থান
الرياض
জনগুলি
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ـ[موجز التاريخ الإسلامي منذ آدم ﵇ إلى عصرنا الحاضر]ـ
المؤلف: أحمد معمور العسيري
الناشر: غير معروف (فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية - الرياض)
عدد الأجزاء: ١
أعده للشاملة/ أبو إبراهيم حسانين
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
_________
وقد تعذر عليَّ وضع الصفحات التي تحتوي على خرائط جغرافية
وقمت بتصويب الأخطاء اللغوية، وهي قليلة.
(مصحح النسخة الإلكترونية)
* * *
অজানা পৃষ্ঠা
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد. . فهذا جهد متواضع قمت بتجميعه وترتيبه على هذا النحو راجيًا أن يحقق الفائدة المأمولة منه.
وأسأل الله أن يكون هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم.
العمل عبارة عن ملخص مبسط عن التاريخ الإسلامي العريق منذ عهد آدم ﵇، ومرورًا بالأنبياء الكرام، ثم بالعصور الإسلامية المتتالية، إلى وقتنا الحاضر (١٤١٧ هـ - ٩٦/ ٩٧ م).
ولا أدعي أنني بهذا الجهد التواضع قد تمكنت من تغطية هذا الموضوع، أو القيام به على الوجه الأكمل.
فهي مهمة جبارة ضخمة تحتاج إلى جهد عظيم وإلى عدد كبير من المختصين والباحثين للقيام بها، وكل ما قمت به مجرد محاولة متواضعة على قدر استطاعتي. ولا أستغني عن رأي أصحاب الرأي في ما يرونه من ملاحظات وتوجيهات لا شك أنني سأستفيد منها.
وما حملني إلى وضع هذا الكتاب دواعي أهمها:
- شعوري بحاجة العالم الإسلامي إلى جمع شتات تراثهم وتاريخهم في الماضي والحاضر والمتفرق في بطون الكتب القديمة والحديثة ضمن كتاب واحد موجز.
1 / 1
- عدم وجود مُؤلَّف في مكتبتنا الإسلامية يتناول جميع العصور بأسلوب مبسط سهل خفيف. لا يتردد القارئ العادي (الغير متخصص) في مطالعته وبسهولة.
- أغلب الموجود حاليًا مؤلفات قديمة ضخمة مجزأة إلى أجزاء كثيرة، لا يعود إليها غالبًا إلا المتخصصين والباحثين.
- وهدفي الخاص هو بيان ما كان عليه أهل الإسلام من ماضي عريق، وتاريخ مشرق، عندما تمسكوا بدينهم، وطبقوا تعاليمه وساروا على منهاجه القويم.
وما صاروا إليه - في الوقت الحاضر - من ضعف وتفرق وذل وخضوع وانكسار بعد ما تركوا دينهم، وحادوا عن منهجه السليم.
يقول عمر بن الخطاب ﵁: " نحن قومْ أعزنا الله بالإسلام، وإذا أردنا العزة بغيره، أذلنا الله ".
وقد قسمت الكتاب إلى الأبواب التالية:-
- التاريخ القديم: يتناول الفترة منذ عهد آدم، ومرورًا بالأنبياء ﵈ وإلى ما قبل بعثة محمد ﷺ، وضحت أنهم جميعًا جاءوا برسالة واحدة هي الإسلام ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦]. ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ [آل عمران: ١٩]. وقد أهلك الله معظم تلك الأقوام نتيجة تكذيبهم وإعراضهم عن الحق.
- السيرة النبوية: (٥٢ ق. هـ - ١١) (٥٧٠ - ٦٣٢ م) وقصة قيام أول
1 / 2
دولة إسلامية، قادها الرسول ﵇ واتخذت المدينة المنورة قاعدة لها، ثم ما لبثت أن شملت الجزيرة العربية. وهي السيرة العطرة التي يجب أن يتخذ منها المسلمون (حكامًا وشعوبًا) القدوة الحسنة. قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: ٢١].
- سيرة الخلفاء الراشدين: (١١ - ٤١ هـ) (٦٣٢ - ٦٦١ م) قال الرسول ﷺ: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ " (١) في هذه الفترة المشرقة تمت فتوحات إسلامية واسعة في بلاد فارس وبلاد الشام ومصر وغيرها.
وقد سار الناس على المنهج الإسلامي تمامًا.
- العهد الأموي: (٤١ - ١٣٢ هـ) (٦٦١ - ٧٤٩ م) وصلت الدولة الإسلامية في هذا العصر أقصى اتساع لها وما كان في ديار الإسلام إلا خليفة واحد.
وقل الالتزام بالشريعة الإسلامية عما كان عليه سابقًا، ولكن بدرجة بسيطة حيث يقول الرسول ﷺ: " خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم " (٢).
- العصر العباسي: (١٣٢ - ٦٥٦ هـ) (٧٤٩ - ١٢٥٨ م) تميزت هذه الفترة (بالذات في عصرها الثاني) بقيام كثير من الدويلات المستقلة كان لبعضها شأن عظيم
_________
(١) أخرجه أبو داود والدارمي والترمذي وابن ماجه وابن حنبل.
(٢) أخرجه البخاري والترمذي وابن ماجه وابن حنبل.
1 / 3
في خدمة الإسلام كدولة السلاجقة والزنكية والأيوبية والغزنوية والمرابطين، كما تميزت بكثرة ظهور الحركات الباطنية والدويلات الشيعية، وبدأت الحملات الصليبية الأوروبية الحاقدة على الشرق الإسلامي، وما زادت الفتوحات إلا زيادات بسيطة، وانتهت هذه الفترة بالغزو المغولي المدمر الذي قضى على الدولة العباسية.
- العهد المملوكي: (٦٥٨ - ٩٢٣ هـ) / (١٢٥٩ - ١٥١٧ م) وأعظم إنجاز إسلامي تحقق في هذا العصر إيقاف ورد الزحف المغولي الوحشي عن الديار الإسلامية، وإنهاء بقايا الوجود الصليبي في المشرق الإسلامي، وقد زاد الابتعاد عن الدين عما كان عليه في السابق.
- العهد العثماني: (٩٢٣ - ١٣٤٢ هـ) / (١٥١٧ - ١٩٢٣ م) وقد استطاعت هذه الدولة تحقيق فتوحات عظيمة في بداياتها، وكان مجالها أوروبا الشرقية، ففتحت هنغاريا وبلغراد وألبانيا واليونان، ورومانيا وصربيا وبلغاريا، كما بسطت نفوذها على معظم الشرق الإسلامي.
ومن أعظم إنجازاتها فتح القسطنطينية (عاصمة الإمبراطورية البيزنطية)، وقد ورد عن النبي ﷺ: " لتفتحن القسطنطينية، ولنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش " (١)، وفي أواخر هذه الفترة نجح الاستعمار في زرع فكرة القومية، فتسبب ذلك في انهيار الخلافة الإسلامية، وتفرق المسلمين إلى دويلات ضعيفة متناحرة بعيدة عن دينها.
_________
(١) أخرجه ابن حنبل.
1 / 4
- حاضر العالم الإسلامي: (١٣٤٢ - حتى الوقت الحاضر ١٤١٧ هـ) (١٩٢٢ - ١٩٩٦ م) تحدثت عن الدول الإسلامية (كل دولة على حدة) فذكرت نبذة جغرافية مختصرة عنها، وأحوال الإسلام والمسلمين فيها، ثم كيفية دخول الإسلام في كل دولة، وأخيرًا تحدثت بصورة موجزة عن الأقليات المسلمة في العالم ما لها وما عليها، وأهم المشكلات التي تواجهها، وواجب المسلمين تجاهها.
وقد التزمت منهجًا في كتابتي تضمن النقاط التالية:-
- بالنسبة للباب الأول (العصر القديم)، فقد جعلته أقصر أبواب الكتاب (رغم طول فترته الزمنية) وذلك لقلة المعلومات المتوفرة لدينا عن تلك الفترة، فلا يوجد لدينا عن تلك الفترة سوى ما أشار الله إليه في كتابه الكريم، وما ورد في سنة نبيه ﵇، وهذا قليل وأكثر المعلومات التي وصلتنا عن تلك الفترة هي المذكورة في الإسرائيليات.
وقد ورد عن النبي ﷺ في هذا الشأن: " حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج " (١)، وقال: " ما حدثكم به أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم " (٢)، لذا نلتزم الحذر الشديد عند دراسة هذه الفترة.
وألفت الانتباه هنا إلى اختلاف وتضارب كثير من المؤرخين فيما دونوه عن تلك الفترة. فحرصت بقدر الإمكان ألا أدون من الأحداث إلا ما ورد في القرآن الكريم أو السنة. أو باتفاق أكثر المصادر والمراجع، وتركت من الأحداث ما حصل حولها جدل وتخبط وتباين.
_________
(١) أخرجه البخاري والترمذي وأبو داود وابن حنبل.
(٢) سنن أبي داود جـ ٢/ص: ٢٨٥.
1 / 5
التزمت فقط بتدوين الأحداث العامة المتفق عليها، وجعلتها كرؤوس أقلام فقط دون الخوض في تفاصيلها، وتجنبت ذكر التواريخ في هذه الفترة (رغم إصرار، بعض المؤرخين على تواريخ محددة كأنهم عاشوا في تلك الفترة) المقصود من تلك الفترة أخذ العظة والعبرة مما حل بتلك الأقوام.
- التزمت بعدم تدوين الأحداث إلا بعد التأكد من صحتها من خلال مطابقة المصادر والمراجع أو بالرجوع إلى باحثين متخصصين.
- وأشير هنا إلى أن كل ما كتبته عبارة عن تجميع من مؤلفات ومصادر مختلفة أشرت إليها في مواضعها.
- ركزت (في حياة الأمم والأفراد) على ذكر جوانب الإحسان أو التقصير في خدمة الإسلام مبينًا أسباب ذلك ونتائجه، وابتعدت عن التفاصيل التي لا يفيدنا معرفتها أو الإطلاع عليها.
- التزمت وتقيدت في كتابي بالتاريخ الهجري والميلادي معًا، ولا أشك في وجود كثير من الملاحظات والأخطاء التي وقعت بدون قصد في هذا المؤلف وأنا بحاجة إلى تنبيهي إليها، وإرشادي وتوجيهي إلى وجه الصواب، فجزى الله خيرًا كل من يفعل ذلك.
وأسأل الله التوفيق والسداد، وأن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به المسلمين.
المؤلف
٢٥/ ١/١٤١٧ هـ
1 / 6
دراسة حول علم التاريخ الإسلامي:-
نطاق التاريخ الإسلامي:-
التاريخ الإسلامي، هو تاريخ الشعوب والدول الإسلامية منذ بدء الإسلام وحتى العهد الحاضر، ويمتد من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي. ولدى الدين الإسلامي فرصة لمزيد من الانتشار؛ فإنه يتصل بأرض بكر ومن المكن أن نجذب الكثيرين للإسلام، لو ربينا جيلًا من الدعاة، يحسن تقديم الإسلام للناس، وعلى هذا فخريطة العالم الإسلامي مفتوحة قابلة للامتداد.
ماذا تفيدنا دراسة تاريخنا:-
يقول ابن الأثير:-
إن من إليهم الأمر والنهي إذا وقفوا على ما في وقائع التاريخ من سيرة أهل الجور والعدوان، وما ترتب عليها من فساد وخراب وهلاك، استقبحوها وأعرضوا عنها. وإذا رأوا سيرة الولاة العادلين وحسنها، وما فيها من الذكر الجميل بعد ذهابهم، وأن بلادهم وممالكهم عمرت، وأموالهم درت، استحسنوا ذلك ورغبوا فيه، وثابروا عليه.
1 / 7
ويقول الشيخ حسن بن عبد الله آل الشيخ:-
التاريخ مدرسة الأجيال يتعلم فيه الأحياء ما ينفعهم فيعملونها وما يضرهم فيجتنبونه، وهو الجسر الذي يصل ماضي الأمة بحاضرها (١).
* الأسلوب العام لكتابة التاريخ:-
ظهر في كتابة التاريخ الإسلامي طريقان:-
الأسلوب القديم: سرد الأحداث، من غير تعليق أو تحليل.
الأسلوب الحديث: الاهتمام بالتعليق والتحليل، وإهمال سرد الأحداث التاريخية المتتابعة.
ومن الواضح أن الطريقين يكمل أحدهما الآخر، ولا يستقيم أحدهما وحده (٢)، وهذا ما حاولنا جهدنا المتواضع أن نسلكه في هذا السِّفْر المتواضع.
* بداية تدوين التاريخ الإسلامي:-
- أول كتاب دونه المسلمون هو كتاب الله. وقد كانوا مترددين في تدوينه، بيد أن مقتل أكثر الحُفَّاظ في حروب الردة وحروب المتنبئين جعلهم يدونونه خوفًا عليه من الضياع والنسيان.
_________
(١) تقديم كتاب عنوان المجد لابن بشر.
(٢) التاريخ الإسلامي، أحمد شلبي.
1 / 8
- وأما تدوين الحديث النبوي، فإن التردد كان أكثر، وكان لا يدون خوفًا من أن يختلط بالقرآن، وقد أمر أبو بكر الناس ألا يحدثوا عن الرسول ﷺ، وسار عمر على نهجه. ولم ينشط تدوين الأحاديث إلا في منتصف القرن الثاني الهجري/ (٨ م).
- وعلى ذلك فإن تردد المسلمين على تدوين غير ذلك من العلوم كان أكثر. ومن هنا وجب علينا الحذر في تلقي الأخبار التي دوَّنها المؤرخون، فإن الأحداث الأولى لم تصل للمؤرخين مدونة، وإنما وصلتهم من الرواة.
وبدأ تدوين التاريخ الإسلامي في القرن الثالث الهجري/ (٩ م)، وكان من باكوراتها: سيرة ابن هشام (٢١٣ هـ - ٨٢٨ م).
ومن أهم الكتب القديمة التي تطرقت إلى التاريخ الإسلامي: تاريخ الطبري (٣١٠ هـ - ٩٢٢ م)، والكامل في التاريخ لابن الأثير (٦٣٠ هـ - ١٢٣٢ م) والبداية والنهاية لابن كثير (٧٧٤ هـ - ١٣٧٢ م) وغيرها.
وأما حديثًا فالكتابة عن التاريخ الإسلامي العام قليلة جدًا، وأبرز من برع في هذا الميدان الدكتور أحمد شلبي (موسوعة التاريخ الإسلامي)، ومحمود شاكر (التاريخ الإسلامي).
1 / 9
الباب الأول
التاريخ القديم " قبل الإسلام "
- من بدء الخليقة (عهد آدم ﵇
- إلى ما قبل بعثة محمد ﷺ
﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ يوسف (١١١)
1 / 10
الفصل الأول
بدء الخليقة
* تعريف الأمة الإسلامية:-
الأمة الإسلامية هم الجماعة الذين تجمعهم العقيدة الإسلامية على مدار التاريخ، فالذين اتبعوا أنبيائهم من عهد آدم ﵇ وإلى محمد ﷺ ومن سيسير على هديه إلى يوم القيامة، فيؤمن بربه، ويصدق الرسل، هم جميعًا الأمة الإسلامية. فالرابطة الأصيلة هي العقيدة، وليست اللغة أو التاريخ أو المكان أو الأصل أو غيره.
* * *
* المخلوق الأول: آدم ﵇ (أول الأنبياء):-
اقتضت حكمة الله أن يستخلف مخلوقًا على هذه الأرض، ويسخر له كل كنوزها وطاقاتها، فكان هذا المخلوق هو آدم خلقه الله من تراب ونفخ فيه من روحه وعلمه أسماء كل شيء، وأمر الملائكة بالسجود له، وطرد إبليس ولعن عندما رفض السجود لآدم امتثالًا لأمر الله.
قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٣٠].
1 / 11
ثم خلق الله لآدم حواء زوجًا له من ضلعه الأيسر وأسكنهما في الجنة، ثم إن إبليس الذي توعد بغواية آدم وذريته ما زال بهما حتى أغواهما وجعلهما يأكلان من الشجرة المحرمة. بعدها ندما وتابا إلى الله، فتاب عليهما وأنزلهما إلى الأرض، وعلم جبريل آدم طرق المعيشة على الأرض من زراعة ورعي وغيره. فزرع وأكل وكان يجتهد للحصول على قوته ثم رزقهما الله بالأولاد. وحصل اختلاف في مكان نزولهما على سطح الأرض، وأكثر الأقوال أنه كان بجزيرة العرب، وكان الإنسان منذ ذلك اليوم في صورته الجميلة المتكاملة ولم يتدرج ويتطور من صورة القرد كما يدعي الماديون أصحاب نظرية التطور الباطلة. قال تعالى: ﴿لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم﴾ [التين: ٤].
* * *
* قابيل وهابيل (وأول جريمة على الأرض):-
هما أول ابني آدم، وكانت شريعة الله أن يتزوج ذكر كل بطن بأنثى البطن الآخر، وكانت حواء تحمل في كل بطن ذكر وأنثى. فأراد قابيل وهو الأكبر أخت بطنه (وهي شرعًا لأخيه). فرفض هابيل، ثم قدما قربانًا لله فتقبل الله من هابيل قربانه وهو كبش طيب. لم يتقبل من قابيل الزرع الفاسد الذي قدمه لله، فحسده قابيل وقتله، فكانت أول جريمة يرتكبها بشر على سطح الأرض.
قال تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ [المائدة: ٢٧].
1 / 12
ثم رزق الله آدم شيثًا، ثم رزقه البنين والبنات الذين تزوجوا وتكاثر نسلهم، وكان آدم يعلمهم التوحيد ويبلغهم دعوة الله إلى أن مات.
وقد روى ابن حبان في صحيحه عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله كم الأنبياء؟ قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألف، قلت: كم الرسل منهم؟ قال: " ثلاثمائة وثلاثة عشر: جم غفير " قلت: من كان أولهم؟ قال: آدم. ومات آدم.
واختلف في عمره. وأصح الأقوال أنه بين ٩٥٠ - ١٠٠٠ سنة (١).
* * *
* شيث بن آدم ﵇:-
هو من أبناء آدم، وكان نبيًا، واستمر في الدعوة إلى الله وإقامة شريعته في الأرض.
* * *
* إدريس ﵇:-
وهو النبي بعد آدم وشيث، قال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (٥٦) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا﴾ [مريم: ٥٦، ٥٧]. واستمر إدريس في الحكم بشريعة الله إلى أن قبضه الله. وذكر ابن إسحاق إنه أول من خط بالقلم.
وكان الغرض من إرسال الرسل استمرار شريعة الله، وإقامة الحجة على الناس.
قال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: ١٥]. وقال: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦].
_________
(١) قصص الأنبياء/ابن كثير، ص ٥٧.
1 / 13
الهجرات البشرية:-
تكاثر السكان بجزيرة العرب (في الحجاز على أكثر الاحتمالات) فأخذوا يهاجرون منها وكانت الهجرات تأخذ الاتجاهات التالية:-
١ - نحو الشمال الشرقي: حيت استقروا في العراق، ثم واصلت جماعات منهم إلى آسيا وأمريكا.
٢ - نحو الشمال: باتجاه الشام ثم انتقلت جماعات إلى مناطق البحر المتوسط.
٣ - نحو الجنوب: باتجاه بلاد اليمن، ومنها هاجرت جماعات إلى أفريقيا والهند.
وسنلاحظ أن كل الأنبياء خرجوا من جزيرة العرب والشام والعراق ومصر، فهي كانت أول المناطق المعمورة على الأرض (١).
* أول الحضارات:-
كانت الحضارة الفرعونية والحضارة السومرية هي أول وأقدم الحضارات على مسرح التاريخ (٢).
_________
(١) التاريخ الإسلامي قبل البعثة، محمود شاكر، ص ٣٥.
(٢) موجز تاربخ العالم/هـ. جـ. ويلز، ص ٦٢.
1 / 14
الفصل الثاني
ممالك وأنبياء العراق
بعد تكاثر السكان في جزيرة العرب هاجرت مجموعات نحو الشمال الشرقي، واستقرت في العراق وعملوا بالزراعة، وكانوا يعبدون الله ثم ما لبثوا أن عبدوا الأصنام.
* * *
* دعوة نوح ﵇ (أول الرسل):-
بعث الله إلى هذه الأقوام نوحًا، كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على دين الحق ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [البقرة: ٢١٣] ثم صاروا إلى الفساد، وكانت بداية عبادة الأصنام أنه كان من قوم نوح رجال صالحين، وبعد موتهم قال أتباعهم (بوحي من الشيطان) لو صورناهم كان أشوق لنا إلى عبادة الله، فصوروهم، فلما ماتوا وجاء آخرون، أخبرهم إبليس أنهم كانوا يعبدونهم فعبدوهم، فأشهر أصنامهم (ود وسواع ويعوق ونسر). دعاهم نوح إلى عبادة الله ونبذ عبادة الأوثان، وبذل كل الأسباب لإقناعهم، فلم يجد إلا الصد والكفران، ولم يؤمن معه إلا القليل؛ بالرغم من أنه لبث فيهم ٩٥٠ سنة.
قال تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الأعراف: ٥٩]. ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (٥) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (٦) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا﴾ [نوح: ٥ - ٧].
1 / 15
فلما يئس منهم دعا عليهم ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾ [نوح: ٢٦]. فلبى الله دعوته وأمره بصنع الفلك وهي السفينة العظيمة ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا﴾ [المؤمنون: ٢٣]، وحمل معه من آمن به، ومن الحيوانات من كل زوج اثنين، استمر القوم في الفساد والسخرية منه ومن سفينته. فلما انتهي حصل الطوفان العظيم وامتلأت الأرض بالمياه، تحركت السفينة شمالًا ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ﴾ [الحاقة: ١١] فأهلك الله القوم الكافرين، ثم رست السفينة على جبل الجودي (جبل أرارات في شرق تركيا اليوم) فخرج الركاب واستقروا هناك وبدأت زيادة السكان من جديد، ثم تفرق أبناء نوح، فهاجر سام وآبناؤه باتجاه جزيرة العرب، واتجه أبناء حام جنوبًا نحو العراق وما جاورها، وتحرك يافث وذريته شرقًا وجزء منهم غربًا وتفرق آخرون في اتجاهات متباينة.
* * *
الدولة السومرية (العراق):-
استقرت مجموعة في ناحية من العراق يعرف بسهل شنعار، فعظم شأنهم، وعرفوا بالسومرين عملوا بالزراعة، وبنوا السدود، أقام بجانبهم قوم عرفوا بالأكاديين وعاصمتهم (أكاد)، وانتقل بعضهم إلى المرتفعات الشرقية من هذه البقعة، وبنوا مدينة (سوزا) وهم العيلاميون، وكان السومريون أكبر قوة في المنطقة، ومن أشهر ملوكهم (سرجون)، ومن مدنهم الشهيرة (أور)، عبدوا التماثيل والكواكب وتمادوا في غيهم وضلالهم، فبعث الله إليهم نبيه إبراهيم وهو من مدينة (أور).
1 / 16
* إبراهيم ﵇:-
هو من ذرية سام بن نوح أرسله الله إلى قومه ليدعوهم إلى عبادة الله فجادلهم وناقش ملكهم (النمرود) الجبار المتغطرس الذي كان يدعي الألوهية. قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ﴾ [البقرة: ٢٥٨]. حطم إبراهيم أصنام قومه في غيابهم، وجعل الفأس في رأس كبيرهم ليبين لهم عجزها وبطلانها ﴿فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ﴾ [الأنبياء: ٥٨].
تبين للقوم عجزها ومع ذلك استمرو في غيهم وضلالهم، وقرروا حرقه، قال تعالى: ﴿قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (٦٨) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ [الأنبياء: ٦٨، ٦٩]. بعد كل هذا الجهد لم يؤمن به إلا زوجه سارة ولوط ابن أخيه، فهاجر بهم إلى بلاد الشام. وسنكمل الحديث عن إبراهيم في موضوع الشام.
* * *
الدولة الأكادية والبابلية (في العراق) (١):-
أما السومريون، قوم إبراهيم فقد زاد غيهم وضلالهم فسلط الله عليهم جماعات ظالمة تغلبت عليهم ﴿وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [الأنعام: ١٢٩] فسيطر الأكاديون على المنطقة. ثم أتت جماعات من الجنوب الغربي،
_________
(١) المصدر السابق ص ٤٠.
1 / 17
فانتصروا عليهم، وحكموا المنطقة، وجعلوا عاصمتهم (بابل)، فعظمت دولتهم، وقد اهتموا بالزراعة والعمران، ومن أشهر ملوكهم (حمورابي) الذي وضع قوانين عرفت بـ (شريعة حمورابي) وهي أول قوانين بشرية وضعية على الأرض لغرض الهيمنة والسيطرة، وقد سقطت من بعده. استمروا في عبادة التماثيل والكواكب فسلط الله عليهم أقوامًا أهلكتهم، جاءوا من الشمال، منهم الحيثيون والميتانيون ثم الآشوريون.
* * *
الدولة الآشورية (العراق):-
سيطر الآشوريون على تلك المناطق (شمالي العراق) وكانت عاصمتهم (نينوى) ثم امتد نفوذهم إلى كل العراق وبلاد الشام وأجزاء من مصر، وأشهر ملوكهم (سلمنصر الثالث) و(آشور بانيبال) واستمروا في عبادة الأوثان، ولم يتعظوا بما حل بسابقيهم. ولم يعملوا عقولهم، أرسل الله إليهم نبيه يونس ﵇
* * *
* يونس ﵇:-
أرسله الله إلى أهل نينوى، فدعاهم إلى عبادة الله وتوحيده، فلم يؤمنوا فضاق بهم ذرعًا، وغضب، وسافر في سفينة في نهر دجلة، فأراد الله أن يعطيه درسًا لعدم صبره اضطربت السفينة، وكادت تغرقا فقرر من من عليها أن يقترعوا على من يرمونه في البحر تخفيفًا (حسب العادة المتبعة عندهم)، فوقعت القرعة على يونس لثلاث مرات، فرموه في البحر والتقمه الحوت بأمر الله، فندم يونس على فعله وتسرعه وتاب إلى ربه فغفر له. قال تعالى: ﴿وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٩) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١٤٠) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (١٤١) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (١٤٢) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤٤) فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ١٣٩ - ١٤٥].
1 / 18
عاد إلى قومه، فدعاهم، وكانوا قد ندموا على عنادهم، وتابوا إلى الله (١). قال تعالى: ﴿إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ [يونس: ٩٨].
* * *
حضارة الدولة الكلدانية (البابلية الثانية):-
أصبح الكلدانيين حكام المنطقة، وأعظم ملوكهم كان (بختنصر) الذي استولى على بلاد الشام، ودمر القدس، واستباح اليهود وسلبهم ملكهم، فأهلكهم وشردهم وأسرهم، ومنذ ذلك الزمان تفرقت بنو إسرائيل وتشتتوا في أنحاء الأرض، واستقر جماعات منهم في الحجاز ومصر وغيرها. واحتل بختنصر مصر، ومن أشهر أعماله بناء برج بابل المشهور، واستمرت هذه الدولة حتى قضى عليها الفرس واحتلوا المنطقة حوالي عام ١١٦١ ق. هـ/٥٠٤ ق. م.
* * *
حضارة الدولة الفارسية:-
ويعود الفرس في أصلهم إلى العراق، فهاجروا شرقًا، وعمروا فارس، فلما قويوا غزوا الكلدانيين -كما ذكرنا- وسيطروا على مصر والعراق. فبقيت مصر في حكمهم إلى أن احتلها الإسكندر المقدوني (الحاكم الإغريقي). أما العراق فقد بقيت تحت سيطرة الفرس حتى الفتوحات الإسلامية.
_________
(١) تفسير ابن كثير/جـ ٤.
1 / 19