٦٧ – قال الحافظ ابن حجر ﵀: (١٠/ ٤٣٢) على حديث رقم ٦٠٠٠
"قلت: وحاصل كلامه أن الرحمة رحمتان، رحمة من صفة الذات وهي لا تتعدد، ورحمة من صفة الفعل وهي المشار إليه هنا .... ".
ــ التعليق ــ
قال الشيخ البراك: دلت النصوص من الكتاب والسنة على أن الرحمة المضافة إلى الله تعالى رحمتان:
١ - رحمة هي صفته؛ وصفاته غير مخلوقة، وإضافتها إلى الله هي من إضافة الصفة إلى الموصوف؛ كما قال تعالى عن نبي الله سليمان ﵇: "وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين" [النمل ١٩]، وقال تعالى: "وربك الغفور ذو الرحمة" [الكهف ٥٨]، وقال تعالى: "الرحمن الرحيم"؛ فهذان الاسمان متضمنان صفة الرحمة، فاسمه الرحمن يدل على الرحمة الذاتية التي لم يزل ولا يزال موصوفًا بها، واسمه الرحيم يدل على الرحمة الفعلية التابعة لمشيئته ﷾؛ كما قال تعالى: "إن يشأ يرحمكم" [الإسراء ٥٤]، وقال تعالى: "ويرحم من يشاء" [العنكبوت ٢١].
وأهل السنة والجماعة يثبتون الرحمة لله تعالى صفة قائمة به سبحانه، والمعطلة ومن تبعهم ينفون حقيقة الرحمة عن الله تعالى - ومنهم الأشاعرة - ويؤولونها بالإرادة أو النعمة.
٢ - والرحمة الأخرى مما يضاف إليه تعالى: رحمة مخلوقة، وإضافتها إليه هي من إضافة المخلوق إلى خالقه، ومن شواهدها قوله تعالى: "فانظر إلى آثار رحمة الله" [الروم ٥٠]، وقوله تعالى: "وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون" [آل عمران ١٠٧]، وقوله سبحانه للجنة كما في الحديث القدسي: " أنت رحمتي أرحم بك من أشاء".
والرحمة المذكورة في الحديث هي الرحمة المخلوقة، وهي التي جعلها الله ﷿ في مائة جزء. والرحمة
المخلوقة في الدنيا والآخرة هي أثر الرحمة التي هي صفته ﷾ ومقتضاها.