[فصل في الأخبار]
فنقول وبالله التوفيق، ومنه نستمد الهداية: الأخبار على ثلاثة أضرب منها ما يوجب العلم الضروري، ومنها ما يوجب العلم الإستدلالي فيحتاج إلى بحث وتأمل، ومنها ما يوجب غالب الظن ولم نقسم إلا الأخبار التي يصح استعمالها في الأمور الدينية، ولم نذكر حد الخبر ولا حقيقته، ولا المخالفين في أحكامه واختلافهم لأن غرضنا الإختصار.
فالعلم الضروري: كالعلم بالملوك والبلدان وما جرى مجرى ذلك فإنه يحصل لنا لا من طريق معينة، ولا ينتفي عنا بشك ولا شبهة، بل من أنكر العلم بذلك خرج من حد العقلاء كمن ينكر وجود مكة، وبغداد في الدنيا، وينكر بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودعواه النبوة، وأنه ما كان في الدنيا ملك يقال له كسرى، ولا ملك يقال له قيصر، إلى غير ذلك مما يجري هذا المجرى، فهذا هو القسم الأول.
وأما القسم الثاني: الذي يعلم صحة مخبره(1) بالإستدلال فينقسم إلى وجوه كثيرة، فمنها الخبر من الله سبحانه، فإنا نعلم صدقه، لأنا قد علمنا عدل(2) الله سبحانه وحكمته وغناه عن القبيح مع علمه بقبحه، فلا يجوز عليه القبيح، والكذب من أكبر القبائح، فنعلم صدق ما أخبرنا به تعالى، وإن كان بعض الإمامية قد أجاز على الباري تعالى التقية، فجوز عليه الكذب، وهذا كفر من قائله فلا يعتد به، ولا يعد في فرق الإسلام، وخلافهم فما جاء عن الله تعالى من الإخبار علمنا صدقها بهذا الإستدلال، وهو أن الكذب لا يجوز عليه تعالى، ولا التعمية لحكمته وغناه.
পৃষ্ঠা ১০৯