قلنا: هذا مجاز لا يجوز صرف الخطاب إليه إلا لضرورة ؛ لأنه إذا أطلق لفظ ولد ابراهيم لم يسبق إلى فهم السامع إلا ذريته، واليهود والنصارى مخرجون من ذلك بالإجماع والصفة والإسم، أما الإجماع فلا خلاف أنهم لم يرادوا بذلك(1)، وأما الصفة فقوله تعالى: {هو اجتباكم}، والإجتباء هو الإختيار، وهم مذمومون على لسان محمد صلى الله عليه وآله وسلم وفي شرعه، والذم ينافي الإجتباء، وأما الإسم فقد ثبت تعلق الأحكام الشرعية بالأسماء الشرعية، وقد سماهم الله سبحانه المسلمين، وهذا الاسم لا يفيد إلا اتباع محمد صلى الله عليه وآله وسلم، واسم الإسلام لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ؛ لأن اسم اليهود قيل أخذ من هاد يهود، معناه رجع يرجع، والرجوع لا يفيد إلا معنى واحدا، ويحتمل أن يكون إلى حسن، ويحتمل أن يكون إلى قبيح، فلما تعقبه مما يدل(2) على الحسن أفاد حسنه، وكذلك اسم النصارى، قيل من المكان الذي نشأ فيه عيسى عليه السلام، وكان يسمى ناصرة قرية في جبل الخليل، والإضافة إلى الموضع، لا تعظيم بها، كما يقال مكي، وتهامي، ولا(3) يفيد أكثر من نسبته، وقيل إلى النصرة في قوله تعالى حاكيا عن عيسى عليه السلام {من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله}[آل عمران:52]،[الصف:14] وقد ينصر الأنبياء المبطل كما ينصرهم المحق، كما نصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنو هاشم وبنو المطلب مسلمهم وكافرهم، وصحت نسبتهم بذلك، فقيل: نصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أهل بيته، وهم أنصاره، وكما نصرت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأوس والخزرج، وسموا الأنصار عموما، وكان النفاق فيهم فاشيا، تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد قدر ثلث المتبعين له، فأخبر الله تعالى بنفاقهم، وعسكر مع عبدالله بن أبي قريبا من عسكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جار على جميعهم حكم النفاق، وبخلاف ذلك إسم المسلمين لوجوه منها إن الله تعالى قد نص نصا جليا أنه لا يقبل دينا إلا الإسلام، وذلك ظاهر في قوله: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه}[آل عمران:85] فلا نجاة إلا به، فكفى بهذا شرفا، ومن ذلك قوله تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام}[آل عمران:19]، اشتق اسم المسلمين من السلم(1)، وهو العافية والدعة، فلما كان يؤدي إلى ذلك في دار الآخرة تسمى(2) باسم ما يؤدي إليه، ومن إسلام أنفسهم لله، وكفى ذلك(3) شرفا وفضيلة أنهم تركوا أيديهم في يده تعالى، وانقادوا لأمره.
قلنا: ومما يدل على أن المراد بالآية ولد الحسن والحسين عليهم السلام إجماع العترة عليهم السلام على أن الإمامة مخصوصة فيهم(4)، والذي يدل على أن إجماعهم حجة قوله {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس}[الأحزاب:33] الآية، والإستدلال بهذه الآية يبتني(5) على وجوه:
أحدها: إن المراد بالآية ولد الحسن والحسين عليهم السلام.
والثاني: إن الآية تقتضي وجوب اتباعهم.
والثالث : إن إجماعهم منعقد على أن الإمامة في ولد الحسن والحسين دون من عداهم.
পৃষ্ঠা ৫৩