وعلي عليه السلام ليس من أهل الوعيد لعصمته، وقد كان من أعظم المسلمين نكاية في القوم، حتى قيل: إنه قتل في ليلة الهرير خمسمائة رجل ونيف على ثلاثين رجلا، وإذا لم يكونوا مؤمنين كانوا فاسقين، إذ لا واسطة بين الفسق والإيمان في المكلفين، وإنما قد ذكرت توبة قوم فأخرجناهم عن حكمهم لأن الله تعالى يقبل توبة التائبين كالزبير، وطلحة، وعائشة، فإن توبتهم قد نقلت.
أما الزبير: فإنه لما ذكره علي عليه السلام قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((لتقاتلن عليا وأنت له ظالم))(1) ترك القتال، وقال:
نادى علي بأمر لست أنكره ... قد كان عمر أبيك الخير مذ حين
فقلت حسبك من قول أباحسن ... بعض الذي قلته في اليوم يكفيني
أخترت عارا على نار مؤججة ... أنى يقوم لها خلق من الطين
ترك الأمور التي تخشى عواقبها ... لله أجدر في الدنيا وفي الدين
ولما استأذن ابن جرموز قاتل الزبير على علي عليه السلام وألقى السيف بين يديه، اغرورقت عينا علي عليه السلام بالدموع وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((بشروا قاتل ابن صفية بالنار))(2)، أما إنك قتلته تائبا مؤمنا طال والله ما كشف به الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعني السيف، وهذا تصريح بتوبته.
পৃষ্ঠা ৪২