أما الكتاب فلا يمكن ادعاء ذلك لوقوع الاختلاف في معنى الآية، وافتقار ما تذهب إليه إلى الترجيح، وكذلك حديث الغدير والمنزلة، وما انفردت(1) بروايته الإمامية فلا تصححه الأمة فضلا من أن يقضى ببلوغه حد التواتر، وحصول العلم الضروري، ولأنا نعلم أن رجال الإمامية وعلماءهم ونحارير مقالتهم يسلكون مسلكنا في الإستدلال بخبر الغدير(2) والمنزلة(1)، وآية الزكاة في الركوع(2)، وهو معلوم في تصانيفهم وكتبهم، ويرجحون ويبالغون في الكشف والتبيين، والاستدلال إلى نهاية الإمكان في الآثار والأخبار، فلو كان المراد بها معلوما عندهم ضرورة كما زعموا لاستغنوا بذلك عن الكشف والبيان، كما فعلنا في أصول الشرائع المعلومة ضرورة، لأننا لا ننصب لأهل الإسلام الدليل على أن الصلوات خمس، وأن الزكاة مفروضة في الأموال، وأن الحج إلى بيت الله تعالى، وأن نبي هذه الأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، لما كانت هذه الأمور معلومة ضرورة لم تفتقر إلى بيان ولا كشف لمن قد أظهر اعتقاد دين الإسلام بل وكلناه إلى عمله، فلما رأينا علمائهم المبرزين كالشريف المرتضى الموسوي(3) ومن تقدمه، وتأخر عنه من أهل الكلام بالغوا في تبيين معنى الآية والخبر بل الأخبار، علمنا أنهم من اعتقاد الضرورة على شفا جرف هار ؛ لأن من تحمل المشقة في إظهار الظاهر كان عابثا، وكيف يكشف المكشوف؟ أو يجتهد في صفة المشاهد المعروف؟ ولأنا قد اتفقنا نحن وإياهم ونحن الجم الغفير، والعدد المتعذر الإنحصار الكثير، فكيف لم يحصل العلم لكلنا أو بعضنا، ونحن وإياهم قد اتفقنا على أن الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلا فصل علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، وأن من تقدم عليه فقد أخطأ وعصى، فلو كان ما ذكروا من النص يوصل إلى الضرورة لوصلنا لإتفاقنا نحن وإياهم على العلم بالدليل، وكيفية ترتيب الإستدلال، فلو حصل العلم لهم لحصل لنا ضرورة، وكما لا يصح أن يدعي بعض المشاهدين العلم بالمشاهدة دون صاحبه، كذلك هذا، وكما لا يحصل العلم لبعض السامعين بمخبر الأخبار المتواترة دون بعض، فكذلك هنا.
فإن قالوا: نحن كثرة لا يجوز على مثلنا التواطئ على الكذب، وقد حكينا عن نفوسنا حصول العلم الضروري بإمامة أمير المؤمنين من طريق النص الجلي.
قلنا: فارضوا من خصومكم بمثل هذا، فإن البكرية والنوابت، لا تنحصر أعدادهم، ولا توالى بلادهم، يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نص على أبي بكر نصا جليا بلفظ الخلافة أو نصا علم منه أنه الإمام بعده ضرورة، وهو تقديمه له في الصلاة ؛ ولأن الإحالة على النفوس لا (يختص)(1) ببعض أهل المذاهب دون بعض.
ونحن نقول: نحن لا نعلم ونحن العدد الكثير الذي لا يجوز على مثلهم التواطئ على الكذب، فأي القولين يكون أولى بالتصديق على أن الإمامية قد روت الآثار الكثيرة على ان المحق منها هو العدد اليسير، وعلى أن عدة المنتظمين مع الإمام لا يتجاوزون [عدد](2) أهل بدر، وعلى أن الإمام إن لم يكن في تلك العدة لم يصح قولها.
পৃষ্ঠা ৩৭