মূল্যবান মালা
العقد الثمين في تبيين أحكام الأئمة الهادين
জনগুলি
والكلام عليهم أنا نقول لهم: ما الدليل على ما ذهبتم إليه من صحة إمامة القاعد، التارك لأفضل الفرائض وأسنمها وأشرفها، التي قامت بها الفرائض، وحييت السنن، وجبي الفيء، وقهر الظالم، وانتصف من الأعداء؟ وهي الجهاد في سبيل الله الذي أوجبه الله على الأئمة خاصة وعلى المسلمين عامة، فلن يجدوا على قولهم دليلا، ولن يسلكوا إلى الخلاص سبيلا، وإن ادعوا وجدان ذلك، [فها نحن](1) في طلبه ونستدل نحن [استظهارا](2) على بطلان ما ذهبوا إليه، وهو أنا قلنا: إن الإمام يراد لحفظ البيضة، وحماية السرح، وسد الثغور، وإنفاذ الأحكام، وإقامة الحدود، وردع [الظالم](3)، وإنصاف المظلوم، وقبض يد المتعدي، وجباية الأموال طوعا وكرها، وأخذ الفي، وقبض الأخماس والصفي، وإقامة الجمع، ونفي البدع، إلى غير ذلك من تجييش الجيوش، وتولية الأمراء والقضاة، هذا عندنا، وعند الإمامية إن أمور الدين والدنيا منوطة به ومصالح تكليف العقل والشرع، وجعلوا من موجبات الحاجة إليه إن الناس مع الرئيس المهيب أقرب منهم إلى فعل الطاعة وترك المعصية فجعلوا الإمام لطفا كما ترى، وعلى القولين جميعا إغلاقه لبابه وإرخاؤه لستره وقبوله موادعة الظالمين ينافي ما ذكرنا منافاة المضادة، بل يستحيل معه وجودها(4) لما قدمنا أن الحاجة إلى الإمام لأجله، لأن سائر ما تعبدنا به يمكننا القيام به من دون الإمام، ولا يرتفع التكليف به في حال عدم الإمام كالصلاة والصيام والحج وما شاكل ذلك. فكيف يقود الجيوش وينفذ الأحكام ويقيم الجمعة والحدود من أغلق الباب وأرخى الستر، ونفذت عليه أحكام القوم الظالمين؟ تفكر إن كنت من المتفكرين، ما أحوجه إلى إمام يرفع عنه هذا الأمر ويفكه من هذا الأسر، ويطلق يده ولسانه بالنهي والأمر، ويزيل عنه هذا القهر، وكيف يقرب الناس من الطاعة ويبعدون عن المعصية مع عدم مخافة السطوة؟ فلا فرق بينه وبين العالم المذكر، بل ربما يكون العالم والمذكر الواعظ أكثر تمكنا من الإمام على الوجه الذي ذكرته الإمامية، لأن الإمام متكتم(1) في بيته، والتقية بزعمهم تمنعه عن إظهار ما يلزم إظهاره من أمور دينه، والواعظ والمذكر لا مانع له من الوعظ والتذكير فلا يعدم المتذكر والمنزجر فلو وجب لذلك إقامة الإمام [لوجبت](2) إقامة الواعظ، لأن نفعه أكثر وفعله وزجره أظهر، بخلاف ما ذكرنا من القائم من الذرية الطيبة بالسيف، فإن الظالمين يرتعبون منه، ويخافون صولته، ويتركون بعض المعاصي مخافة ظهور يده وتألفا لمن في حيهم(3) للتشبه بمثل حاله، كما فعل هارون المسمى بالرشيد لما ظهر يحيى(4) بن عبدالله بن الحسن [بن الحسن](1) عليه السلام بالديلم ، ترك هارون الشرب والغناء والملاهي، ولبس الصوف وافترش اللبود وأظهر الطاعات والصدقات، وكذلك لما ظهرت راية إدريس(2) بن عبدالله عليه السلام في الغرب لم يقر به قراره حتى أنفذ إليه السم فقتله، ولما ظهر عليهم يحيى(1) بن عمر عليه السلام بالكوفة اضطربت بنو العباس اضطرابا شديدا، وفزعوا إلى شيخ لهم يقال له: عبدالرحيم، فقالوا: نخشى ظهور الفاطمية علينا وانتزاع هذا الأمر من أيدينا، فقال: لا تخافوا حتى يملك عليكم جبال طبرستان ويظهر العماني باليمن، فعند ذلك لو جاءوا بالقصب في أيديهم لنزعوها من أيديكم، ولو عددنا لأطلنا، وظهور الأمر فيما ذكرنا لا يجهله كل من أنصف نفسه وانقاد للبرهان، لما قام يحيى [بن عبدالله](2) عليه السلام وظهر في الديلم أنفذ(3) هارون الفضل(4) بن يحيى [لحربه] في خمسين ألف فارس وشيعهم إلى النهروان وفرق فيهم مالا جليلا، وبذل لجستان ألف ألف غير التحف والهدايا، وضاقت عليه الأرض برحبها، وأنفق على القضاة والفقهاء وطبقات المتسمين بالدين أموالا جمة، وهو لا يحتاج لمن أرخى ستره إلى أكثر من إنفاذ بعض الركابية ليأتيه به، هكذا تكون الإمامة عند أهل العلم بالإمامة؟ وهل يكون الإمام الذي هذه صورة حاله من الدين داخلا تحت الآية في قوله تعالى {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن}[التوبة:111]، فإن قال الخصم: نعم، مقته السامعون، وإن قال: لا، فكيف يستحق المبيع من لا يسلم الثمن؟ وهل لازم الستر مجاهد أم قاعد؟ فإن كان مجاهدا فكيف، وإن كان قاعدا فقد فضل الله عليه المجاهد بقوله: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}[النساء:95]، وبقوله: {ياأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون}[الصف:10،11]، فهذا أمر بلفظ الخبر يتضمن الوعيد على الترك بقوله {تنجيكم من عذاب أليم}[الصف:11]، فدل على الوجوب، لأن ما وقع الوعيد على الإخلال به فهو واجب، فكان الجهاد واجبا، فكيف يخل به من لا يجب إلا به وهو الإمام؟ ولكن الإمامية مالت إلى الدنيا وعللت أنفسها بالأماني وآثرت الرفاهية واستغنت باسم التشيع، عن إلتزام أحكام نصرة القائم من الذرية الزكية، فقامت للفرقة العباسية مقام الجنود القوية، فنصروا المفقود قولا وخذلوا الموجود فعلا، وقالوا: لو نعلم إماما لاتبعناكم ولفعلنا وصنعنا كما قال تعالى حاكيا عن الخاذلين لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم في قولهم {لو نعلم قتالا لاتبعناكم}[آل عمران:167]، وفرقوا بين الذرية الهادين، كما فرقت اليهود بين النبيين، وخذلوا أتباع العترة الطاهرة عن قائمها بل كل قائم يقوم من السبطين، يحدب عليه بنو حسن وحسين، هذا محمد(1) بن عبدالله النفس الزكية بايعه جعفر بن محمد عليه السلام فاعتذره في لزوم منزله لسنه وضعفه، فأحل عليه، وكان أول قتيل من المسودة الفجرة قتل بين يديه، شرك في قتله محمد(2) وعبدالله(1) ابنا جعفر بن محمد عليهما السلام، ولو شرحنا كل ما علمنا في هذا الباب لخرجنا إلى الإسهاب، وإنما جعلت الإمامية قولها حجة للمتعللين، ووليجة للمتسللين، وشبهة للمتأولين، هدموا بها قواعد النصرة، وقللوا جمع قائم العترة، فشركوا قاتله في دمه وظلمه وباؤا بإثمهم وإثمه، كم بين من يناطح حد السيوف ومن يباشر برد الشفوف، ومن يكتنى برهج العنيزة، ومن يستشعر المسك والعنبر، ومن يساور ليوث الصدام، ومن يسامر حور الخيام:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا ... لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب [خده بدموعه] ... فنحورنا بدمائنا تتخضب
أين من ينص لبيض الضبا جبينه ... ممن تلاعب جاءذره وعينه(2)
شتان ما يومي على كورها ... ويوم حيان أخي جابر
كيف يحوز شرف الإمامة من جعل الظالم إمامه؟ وأمضى بزعمه أحكامه؟
فإن قيل: إن عليا عليه السلام قد أغضى للقوم على القذا وصبر على مر الأذى، وإمامته مستقيمة، وعقود ولايته سليمة.
পৃষ্ঠা ১৭৩