ذهبت في المساء إلى الأزبكية. بيتها مظلم ولا حركة به، لكن الحرس أمامه.
السبت 31 أغسطس
قال خليل عند عودته من بولاق إن ساري عسكر الجديد قدم من دمياط في الصباح؛ فضربوا لقدومه المدافع، وتلقاه كبار الفرنساوية وأصاغرهم، ثم سار إلى الأزبكية عبر الطريق الجديد الذي مهده الفرنساوية من بولاق. وكان أمامه نحو الخمسمائة قواس وبأيديهم النبابيت، وهم يأمرون الناس بالقيام والوقوف على الأقدام لمروره، وكان صحبته عدة كثيرة من خيالة الإفرنج وبأيديهم السيوف المسلولة، والوالي والأغا وبرطلمين بمواكبهم، وكذلك القلقات والوجاقلية، ورؤساء الديوان من الفقهاء. وقال إنه تابعهم حتى استقر في بيت الألفي الذي سكن به بونابرته.
ذهب أستاذي في المساء مع أكابر البلد من المشايخ والأعيان لمقابلة ساري عسكر الجديد للسلام عليه. فلم يخرج لهم ووعدوا إلى الغد.
الأحد أول سبتمبر
قررت الذهاب إليها. اشتريت لها معجونا للسمنة من حارة العطارين يتألف من خليط من حب العزيز وجذور الخميرة. لم أجد ركوبة في الإسطبل. وفكرت في المشي، ثم خفت أن أتعفر بالتراب والعرق. اكتريت حمارا حتى الميدان. وصلت عند الغروب. وأعطيت المكاري الذي جرى خلفي وفي يده قضيب صغير تتدلى منه الجلاجل تسع بارات. كان هناك حارس واحد من جنودهم. لم يهتم بأمري وتركني أدخل. قطعت ممشى الحديقة في سرعة. طرقت الباب الداخلي وقلبي ينتفض في صدري.
فتحت لي المرأة الشامية وعرفتني. لكنها طلبت مني أن أنتظر حتى تخبر سيدتها. أغلقت الباب ومضى بعض الوقت كأنه دهر.
انفرج الباب أخيرا وقادتني المرأة في صمت إلى قاعة المجلس بالطابق الأرضي. جلست فوق أريكة. وكان البيانو بجواري. ولجت بولين القاعة بعد قليل في غلالة شرقية تصل إلى الأرض. وقد لفت شعرها بفوطة.
نهضت واقفا وكدت أندفع نحوها، لكني تجمدت في مكاني. أشارت لي أن أجلس قائلة: كنت أتوقع مجيئك.
جلست بجواري فوق الطرف الآخر للأريكة، وقالت إنها استحمت لتوها. وأضافت: في فرنسا لم أكن أستحم سوى مرة واحدة في الشهر. وأغلب الناس يستحمون مرات قليلة في السنة. لكن عرق الصيف في مصر غير عاداتي، ومع ذلك أتساءل أحيانا عن جدوى الاستحمام طالما أعرق طول الوقت.
অজানা পৃষ্ঠা