مسألة في العلم والقدرة والإرادة والمشيئة
بسم الله الرحمن الرحيم
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه:
سألت أكرمك الله عما يقال لمن سأل عن علم الله، وقدرته، وإرادته ومشيئته؛ فقال: هل بينها(1) في المعنى اختلاف، أم معناها مجتمع على الإئتلاف؟
واعلم هداك الله أن ليس بين ذلك شيء من الإتفاق، بل هما على غاية ما يكون من الإفتراق. والحجة في ذلك؛ أن علم الله وقدرته صفتان قديمتان، أزليتان دائمتان، وليس قولنا: صفتان قديمتان؛ أن مع الله صفة يوصف بها(2)، ولا أن ثم(3) صفة ولا موصوفا، ولا أن ثم شيئا سوى الله عند ذوي العقول، مجهولا ولا معروفا، وإنما نريد بقولنا صفتان؛ أنهما غير محدثتين ولا مكونتين، وإنما هما الذات، والذات هما، فهو سبحانه العالم بنفسه، القادر بنفسه. فتعالى من ليس كمثله شيء، وأن إرادته ومشيئته حادثتان محدثتان.
পৃষ্ঠা ২৭১
واعلم هديت أن معنى أراد شاء، وأن معنى شاء أراد(1)، وإن معنى المشيئة من الله تعالى للشيء فهو إحداثه وخلقه، لا فرق بينهما في الله تبارك وتعالى، ولا يقال لله: إنه شاء أن يخلق، ثم خلق من بعد المشيئة، فيفصل بين المشيئة وبين الشيء بمهلة بعد قلت أم كثرت، وإنما يقع الفرق بين المشيئة وبين الشيء على الآدميين، ومن لا يحيط علمه بعاقبة فعله من المخلوقين، فيحتاج ويضطر إذا شاء الشيء أن ينويه ويضمره، ثم ينتظر به من الأوقات ما يصلح له (صنعه) (2) فيه من الليل والنهار، أو انتظار حركة منه، أو قعود أو قيام، أو انتظار من يأمر من الأعوان، ثم لعله أن يعجز عما أراد ويعجزوهم ولا يتهيأ له ولا لهم. والله تبارك وتعالى؛ محيط بعلم الأشياء، لا يعزب عنه شيء من الغيوب، ولا يعوزه مستصعب من الأمور، إذا شاء شيئا كان بلا كلفة ولا اضطرار، وليس المشيئة منه بالنية والإضمار، ولا بالمهلة والانتظار، مشيئته للأشياء إيجادها، وإيجادها مشيئته إياها، فتبارك من كون الأشياء بقدرته، ودل على نفسه بما ابتدع من فطرته.
فإن قال: قد فهمنا ما ذكرت وشرحت؛ من الإختلاف بين العلم والقدرة، وبين الإرادة والمشيئة، فما تنكر أن يلتئم هذا كله في أحد المعنيين في أفضلهما وأقواهما، وأكبرهما وأعلاهما.
পৃষ্ঠা ২৭২
قيل له: أنكرنا التئام ذلك كله على معنى واحد من أحد هذين الوجهين؛ لأنا علمنا أنا لو حملنا الإرادة والمشيئة على معنى العلم والقدرة وقد علمنا وصح في معقولنا أنهما غير محدثين ولا مخلوقين، وأن الله العالم القادر بنفسه ، لوجب علينا أن نقول: إن المشيئة والإرادة غير محدثتين ولا مخلوقتين، وإنهما صفتان للقديم الواحد، الدائم الماجد؛ لأنه لا يكون قديما إلا الله وحده لا شريك له؛ فلو قلنا ذلك؛ لوجب علينا أن نقول: إن الله سبحانه قد شاء إغراق فرعون وقومه، قبل خطئهم وعصيانهم له، فتعالى عن ذلك علوا كبيرا، ولوجب علينا أن نقول: إن الله قد شاء أن يسخط على إبليس، وشاء إخراجه من الجنة؛ قبل خطيئته وعصيانه له، وقد بين وأخبر ربنا عن نفسه؛ أنه لا يشاء عقوبة عبد من عبيده؛ إلا من بعد الإعذار والإنذار.
وأنا(1) لو حملنا العلم والقدرة على معنى الإرادة والمشيئة، وقد علمنا وصح عندنا أنهما حاثتان، ولو قيل بذلك لكان يلزم من قال به أن يكون قد ألحق بالله تعالى عن ذلك الجهل؛ في الدهر الذي كان قبل تكوين العلم وإحداثه، ولكان قد ألحق(2) بالله في قوله العجز؛ إذ كانت القدرة حادثة فيما كان قبل تكوين القدرة وإحداثها.
فسبحان المتعالي عن قول القائلين، وعن كل وصف الواصفين، فقد بان ولله الحمد وصح(3) لذوي العقول والفطن والأفهام؛ ما سمينا من الإختلاف، وتباعد الإئتلاف.
تمت المسألة بحمد الله ومنه، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.
****
পৃষ্ঠা ২৭৩
رسائل خاصة بالعدل
অজানা পৃষ্ঠা