সাইল্ম আদব নাফস
علم أدب النفس: أوليات الفلسفة الأدبية
জনগুলি
زد على ذلك أن الفرد في سعيه إلى الرزق الذي هو حق طبيعي لا يستطيع أن يتنصل من الارتباط بالجماعة، فلا يستطيع أن يقوم بعمل من غير أن يستعين بأعمال الآخرين؛ فالآلة التي يعمل بها صنعها غيره، واخترعها آخر قبله، والمواد التي يستعملها في صنعه استخرجها آخرون بطرق اكتشفها واخترعها آخرون قبلهم.
والسوق التي يقايض فيها حاصل عمله إنما هي دائرة يشتبك فيها آخرون معه، وكيفما حاول أن يستقل وجد نفسه مشتبكا بمعاملة آخرين على أساليب وأنظمة اتفق عليها المجتمع؛ فهو إذن في سعيه إلى الرزق يتعاون مع الآخرين تحت سيطرة النظام الاجتماعي. حتى الرجال العظماء العبقريون، مهما كانوا مبتكرين ومتفردين إلى حد أن يقال: إنهم صنعوا شخصيتهم بأنفسهم، لم يستغنوا عن اختبارات المجتمع وأنظمته، حتى ولو استطاعوا أن يكيفوا هذه الأنظمة.
وحاصل ما تقدم أن الفرد في المجتمع شخصية غير كاملة، أو هو فيه عضو ناقص؛ فلذلك هو يحتاج إلى حيز أوسع من حيز الفردية ليستتم فيه شخصيته، يحتاج إلى الحيز الاجتماعي. (4) جسمانية المجتمع (4-1) طفولة الاجتماعية
وإذا تقرر فيما تقدم أن الفرد لا يمكن أن تقوم له قائمة بذاته مستقلا عن المجتمع؛ لأنه يستمد كل شخصيته من حياة المجتمع الماضية والحاضرة، بل هو عضو مندمج في المجتمع حتما، تبدو لنا النظرية الاجتماعية، وهي أن المجتمع جسم حي قائم بذاته ذو أعضاء توزعت عليها الوظائف الحيوية القائمة بعملية حياته، وأعضاؤه هم شخصيات الأفراد الأدبية.
وإنما هو لم يبلغ في رقيه الجسماني إلى الدرجة التي ارتقى إليها جسم الإنسان؛ فهو يكاد يعادل في درجته درجة الأحياء المائية الواطئة، التي إذا قطعتها إربا إربا أصبحت كل قطعة منها حيا قائما بذاته؛ ذلك لأن ارتباط أعضائه بعضها ببعض أقل متانة منه في الأحياء العليا؛ ولذلك يمكن تقطيعه كتلك الأحياء الدنيا، فالاجتماعية لم تزل في عهد البساطة أو الطفولة. (4-2) هل جسمانية المجتمع مجاز أم حقيقة؟
وقد يتراءى للناظر في أمر جسمانية المجتمع أنه أمر مجازي لاختلاف بين الطبيعتين؛ ففي الجسم الحي كل طائفة عضوية من خلياته تختلف عن الأخرى بنية كما تختلف عنها وظيفة. والأمر ليس كذلك في جسمانية المجتمع؛ فإن كل فرد كالآخر بنية، ولكنه يختلف عنه وظيفة؛ فالسياسي والعالم والصانع متماثلون بنية، وكان ممكنا أن يكون السياسي صانعا، والصانع عالما.
ولكن إذا انتبهنا إلى أن جسمانية المجتمع ليست مادية، بل هي نفسية عقلية وجدنا أن المشابهة بين جسمانية الحي وجسمانية المجتمع ليست مجازية، بل هي أقرب إلى الحقيقة منها إلى المجاز؛ فإن السياسي سياسي بعقليته لا ببدنه، وكذلك العالم والصانع والتاجر، وما صار الفرد سياسيا أو صانعا أو عالما إلا لأن عقليته معينة لهذه الوظيفة.
2 (4-3) تطور جسمانية المجتمع
وكون المجتمع جسما متطورا يقضي حتما بأن تكون جسمانيته متطورة أيضا حسب سنة الرقي؛ ولذلك نرى أن ارتباط أعضائه آيل إلى المتانة تدريجا، فمع التمادي يصبح هذا الارتباط أشد فأشد إلى أن يصبح بتر أحد أعضائه مفضيا إلى هلاكه، بل نحن نرى الآن أنه إذا أضرب فريق من العمال عن العمل عرض جميع الأمة للتهلكة.
إذن هذا الارتباط الذي جعل المجتمع جسما واحدا متوقفا بعضه على بعض هو علة تضيق دائرة استقلال الفرد، وكلما اشتد هذا الارتباط ضاقت دائرة استقلاله، وإذا تمادى المجتمع في رقيه على هذا النحو قاربت قيمة الاستقلال إلى الصفر. (4-4) نظرية الاثنينية
অজানা পৃষ্ঠা