সাইল্ম আদব নাফস
علم أدب النفس: أوليات الفلسفة الأدبية
জনগুলি
بهذا المعنى كانت شريعة موسى عين بعين، وسن بسن، وشريعة العرب الجزاء الحق من نفس العمل، والسارق تقطع يده. ولا يخفى ما في هذه الشريعة من القساوة، وما في معناها من روح الانتقام، فهل حقيقي أن المجتمع يبتغي من العقاب الانتقام، وإلا فما هو غرضه منه؟ (3-5) جزاء المثل
كيان المجتمع قائم بنظامه الحسن، ونظامه مؤيد بشريعته الصالحة له التي تنفذها سلطته. والسلطة تحمي النظام من الخلل بمنع التعدي على الشريعة، وإن حدث هذا التعدي تثبت السلطة وجودها، وحسن نظامها، وصلاحية شريعتها، برد ضرر هذا التعدي على من فعله، أو بإيقاع مثله عليه. وتوبة المتعدي بعد ذلك وعدم تكرر الاعتداء - منه أو من غيره - إنما هما برهان على وجود السلطة في المجتمع، وعلى حسن نظام المجتمع وصلاحية شريعته لحفظ كيانه.
فالغرض الرئيسي من العقاب إذن إشعار المعاقب بأن النظام الحسن والشريعة الصالحة هما ركنا حياة المجتمع، وأن الإخلال بالنظام والاعتداء على الشريعة يعرضان المجتمع للخطر، وقلما يرجى أن تقل الجرائم وتصلح أخلاق المجرمين إلا إذا كان سواد الناس يدركون هذا الغرض من العقاب، ويمتنعون عن الإجرام، لا خوفا من العقوبة، بل كرها للجريمة لأنها عدوة المجتمع.
فجزاء المثل بالمثل من قبل سلطة المجتمع ليس انتقاما، بل المقصود منه تأييد وجود السلطة والنظام والشريعة أركانا لحياة المجتمع. بهذا الاعتبار جعل جزاء المثل في قوانين الأمم المتمدنة أقل قساوة وعنفا مما كان في شريعة موسى ومثيلاتها؛ فبدل أن تقلع عين من يقلع عين امرئ آخر تفرض عليه غرامة للمعتدى عليه لإيفاء العدالة حقها، وبدل أن تقطع يد السارق يحبس ويؤخذ منه ما سرقه، وإن كان قد بدده فيحبس أياما تساويه قيمة. وهكذا نرى أن شريعة جزاء المثل بالمثل على هذا النمط لا تعني الانتقام، بل منع التعدي على الشريعة، ومنع الإخلال بالنظام، أو إثبات وجود السلطة والحرص على سلامة المجتمع. (3-6) المعاقبة حق للحكومة وحدها
وكما أنه ليس لسلطة المجتمع في العقاب غرض الانتقام، كذلك ليس لها أن تسامح وأن تتسامح، أو أن تبالغ في الرحمة؛ لئلا ينسى وجودها، وتضعف قوة الشريعة، ويتعرض النظام للخلل، والمجتمع للخطر.
فلو فرضنا أن الشريعة أو السلطة تسامحت واقتصرت في عقوبة السرقة على وجوب رد السرقة للسارق، فإذا استطاع السارق أن يستهلك المسروق وينتفع به قبل أن يسترد منه؛ فليس ما يمنعه عن إعادة الكرة وتكرار السرقة، وحينئذ يتعرض المجتمع ونظامه وشريعته للخطر.
ولأن سلطة المجتمع لا تنتقم لكيلا يقع حيف على المجرم، ولا تتسامح لكيلا يقع خطر على المجتمع نفسه؛ حصر حق المعاقبة فيها، وإن كان أذى المعتدي يقع على المعتدى عليه شخصيا، وعلى المجتمع برمته معنويا.
ولأن الفرد عرضة للانفعال النفساني ولتأثير العواطف في تصرفه، فيحتمل أن يرد للمعتدى عليه مضاعف الأذى الذي أصابه من اعتدائه، أو أن يتسامح معه أو يسامحه؛ فليس من مصلحة المجتمع ولا من الحرص على سلامته أن يسوغ للفرد أن يتولى عقاب من يسيء إليه، فإذا تولى المعتدى عليه معاقبة غريمه عد مجرما وعوقب، وإذا سامح غريمة فالشريعة تصر على عقاب الغريم، فهناك حق المجتمع قبل حق الفرد، وواجب المجتمع قبل واجب الفرد. (3-7) الانتقام
ولكن إذا كان العقاب كما نفهمه الآن يعلل بإشعار المجرم بوجود السلطة وقوة النظام والشريعة، فلا ينتفي أنه كان في الأصل انتقاما، فهو معلوم أن الاعتداء يثير غضب المعتدى عليه وحنقه وحقده، ولا يسكن غضبه حتى يروي غليله بالثأر من غريمه. ولما كان محتملا أن يتجاوز الآخذ بالثأر حقه، ويصبح معتديا بعد أن كان معتدى عليه، وكان إطلاق الآخذ بالثأر بلا حد ولا قيد يعرض الجماعة لخطر الفوضى الهادمة لكيانها، اهتدت سلطة الجماعة بالاختبار إلى صلاحية تقييد الأخذ بالثأر بشريعة تضمن التوازن بين الجريمة والثأر.
وما زالت شريعة الثأر محترمة عند القبائل الهمجية إلى اليوم. ولما شرعت الجماعات تفهم أن تدخل سلطاتها في مسائل الجرائم والثارات حسنة النتائج لها، جعلت تسلم حق الاشتراع هذا للهيئة الممثلة السلطة من شيخ قبيلة أو زعيم أو مجلس شيوخ. ومن ثمة، جعلت السلطة المسيطرة تتولى نفسها الأخذ بثأر المعتدى عليه من غريمه؛ لكيلا يتجاوز المعتدى عليه حقه في الثأر. ومنذ ذلك الحين صار يتلاشى معنى الثأر ويتحول إلى معنى العقاب إلى أن أصبح كما نفهمه اليوم. (3-8) التسامح
অজানা পৃষ্ঠা