চার্লস ডারউইন: তার জীবন ও পত্রাবলী (প্রথম খণ্ড): চার্লস ডারউইনের দ্বারা লেখা একটি আত্মজীবনী অধ্যায় সহ
تشارلز داروين: حياته وخطاباته (الجزء الأول): مع فصل سيرة ذاتية بقلم تشارلز داروين
জনগুলি
إن القراءة المنتظمة، التي ذكرتها من قبل، قد استمرت على مدى سنوات عديدة، وقد مكنته من التعرف على قدر كبير من ضروب الأدب الخفيفة. لقد كان مولعا للغاية بالروايات، وأتذكر جيدا كيف أنه كان يتلهف على شعوره بالسرور للاستماع إلى رواية جديدة تقرأ عليه، بينما هو مستلق أو يدخن لفافة من التبغ. لقد كان يهتم اهتماما كبيرا بالحبكة والشخصيات، ولم يكن يحاول قط أن يعرف نهاية الرواية قبل أن يصل إليها، وكان يرى أن إلقاء نظرة على نهاية القصة قبل نهايتها سمة أنثوية سيئة. لم يكن يستمتع بالروايات التي تنتهي بنهايات حزينة؛ ولهذا فلم يكن يستمتع كثيرا بروايات جورج إليوت، بالرغم من أنه كثيرا ما كان يتحدث جيدا عن روايتها «سايلاس مارنر» ويثني عليها. أما روايات والتر سكوت والآنسة أوستن والسيدة جاسكيل، فقد كانت تقرأ عليه مرارا وتكرارا، حتى لا يعد من الممكن قراءتها مرة أخرى. كان يحتفظ بكتابين أو ثلاثة يقرؤها في الوقت نفسه؛ رواية مثلا مع كتاب سيرة ذاتية وكتاب عن الرحلات. ولم يكن من عادته أن يقرأ الكتب غير المألوفة أو الكتب القديمة، وإنما كان يكتفي غالبا بالكتب المعاصرة التي كان يحصل عليها من مكتبات الإعارة.
إنني لا أعتقد أن ذوقه وآراءه فيما يتعلق بالأدب كانت في نفس مستوى غيرها من الجوانب الذهنية لديه. لقد كان هو نفسه يعتقد أنه غير حري بأن يدلو بدلوه فيما يتعلق بالمسائل المتعلقة بالذوق الأدبي، وذلك بالرغم من وضوح رأيه فيما يتعلق بما يروق له وما لا يروق له، وكثيرا ما كان يتحدث عمن هم حري بهم أن يدلوا بدلوهم فيها، وعما يحبون ويكرهون، وكأنهم يشكلون طائفة لا يملك هو أن ينتمي إليها.
وفيما يتعلق بجميع أمور الفن، فغالبا ما كان يميل للسخرية من النقاد المعترف بهم، قائلا إنهم يشكلون آراءهم وفقا للنمط السائد؛ لذا، فقد اعتاد أن يقول عن الرسم مثلا كيف أنهم في أيامه كانوا يحتفون احتفاء كبيرا ببعض الروائع الفنية وقد أصبحت الآن مهملة. إن حبه للصور حين كان شابا صغيرا يعد دليلا على أنه كان يكن التقدير لفن رسم الصور الشخصية على أساس أنه عمل فني، لا مجرد محاكاة للأصل. بالرغم من ذلك، فقد كان يسخر كثيرا من ضآلة قيمة الصور الشخصية المرسومة، قائلا إن صورة فوتوغرافية واحدة تساوي الكثير من الصور المرسومة، كما لو كان غافلا عن القيمة الفنية للصور الشخصية المرسومة. لكنه غالبا ما كان يقول ذلك لإقناعنا بالتخلي عن فكرة رسم صورة شخصية له؛ إذ كان يجد ذلك أمرا مزعجا للغاية.
لقد عزز من هذه الطريقة في النظر إلى نفسه على أنه جاهل في جميع أمور الفن، عدم ميله إلى الادعاء، وهو ما كان جزءا من شخصيته. وفيما يتعلق بأمور الذوق وكذلك الأمور الأكثر جدية، فلطالما كانت لديه الشجاعة في التعبير عن آرائه. بالرغم من ذلك، فإنني أتذكر مثالا يبدو مناقضا لذلك، وذلك عندما كان يشاهد رسومات تيرنر في غرفة نوم السيد راسكين، ولم يعترف حينها، كما فعل لاحقا، بأنه لا يفهم على الإطلاق ما يراه السيد راسكين جميلا فيها. لكن هذا القدر القليل من الادعاء لم يكن لغرض في نفسه، وإنما كان مجاملة لمضيفه. لقد ابتهج كثيرا حين أحضر له السيد راسكين بعدها صورا فوتوغرافية لبعض الرسومات (أعتقد أنها كانت صورا شخصية لفاندايك)، وقد بدا أنه كان يعتز بآراء والدي فيها ويقدرها.
لقد كانت معظم قراءاته العلمية باللغة الألمانية، وقد كان يجد في ذلك مشقة عظيمة؛ فحين كنت أطلع على أي كتاب بعده، فإنني كثيرا ما كنت أندهش، بالنظر إلى العلامات التي يضعها بالقلم الرصاص كل يوم في المكان الذي توقف عنده، من أنه لم يكن يستطيع أن يقرأ في المرة الواحدة سوى القدر القليل. وقد اعتاد أن يطلق على اللغة الألمانية كلمة «اللعينة» وينطقها كما لو كانت كلمة إنجليزية. كان شديد السخط على الألمان لاقتناعه بأنهم يستطيعون الكتابة بصورة مبسطة إن أرادوا، وكثيرا ما كان يثني على الدكتور إف هيلدبراند؛ إذ كان يكتب الألمانية بالوضوح نفسه الذي تتسم به اللغة الفرنسية. وقد كان في بعض الأحيان يعطي لإحدى صديقاته، وهي سيدة ألمانية محبة لوطنها، جملة بالألمانية وكان يتندر عليها إن لم تستطع ترجمتها بفصاحة. أما هو، فلم يتعلم الألمانية إلا عن طريق المجاهدة باستخدام قاموس، وقد كان يقول إن طريقته الوحيدة هي أنه كان يقرأ الجملة الكثير والكثير من المرات، حتى يتراءى المعنى له في النهاية. وحين بدأ في تعلم الألمانية قبل وقت طويل، راح يفتخر بذلك (كما اعتاد هو أن يقول) أمام السير جيه هوكر، الذي رد عليه قائلا: «أوه، يا رفيقي العزيز، لا يعد ذلك شيئا؛ فقد بدأت في تعلمها مرات عديدة.»
بالرغم من عدم معرفته بقواعد اللغة الألمانية، فقد تمكن من فهم الجمل بنحو رائع، وأما الجمل التي لم يستطع فهمها، فقد كانت جملا صعبة بالفعل. لم يحاول قط أن يتحدث الألمانية بنحو صحيح، وإنما كان ينطق الكلمات بنطقها الإنجليزي، وقد كان ذلك يمثل صعوبة ليست بالهينة بالنسبة له حين كان يقرأ جملة بالألمانية طالبا ترجمتها. لم يكن بالتأكيد يحسن سماع الأصوات الملفوظة؛ لذا فقد كان محالا بالنسبة له أن يدرك الاختلافات الطفيفة في النطق.
كان يهتم اهتماما كبيرا بالعديد من فروع العلوم التي لم يكن متخصصا بها؛ لذا، فقد كان لآرائه تأثير كبير وواسع في مجال العلوم الحيوية؛ إذ إنه كان يجد شيئا مثيرا للاهتمام في معظم أقسام هذا المجال. لقد قرأ قدرا كبيرا من العديد من الأعمال المميزة، وأجزاء كبيرة من المراجع مثل كتاب هكسلي «تشريح اللافقاريات» أو كتاب مثل كتاب بالفور «علم الأجنة»، بالرغم من أن التفاصيل الواردة فيه لا تقع في مجال تخصصه على الإطلاق. وبالرغم من أنه لم يدرس الكتب المفصلة والمتخصصة في موضوع واحد، فقد كان يكن لها أكبر درجات الإعجاب.
وأما فيما يتعلق بالعلوم غير الحيوية، فقد كان يشعر بالتعاطف مع الأعمال التي لا يستطيع الحكم عليها. على سبيل المثال، كان يقرأ مجلة «نيتشر» بأكملها تقريبا، بالرغم من أن القدر الأكبر من محتواها يناقش مسائل الرياضيات والفيزياء. وكثيرا ما سمعته وهو يقول إنه كان يشعر ببعض الرضا حين يقرأ مقالا لا يستطيع فهمه. أتمنى لو أنني أستطيع أن أقلد طريقته في السخرية من نفسه.
ومن الجدير بالملاحظة أيضا، كيف أنه قد حافظ على اهتمامه بموضوعات كان قد عمل عليها سابقا، وقد كان هذا هو الحال بنحو لافت للنظر مع الجيولوجيا. وفي أحد خطاباته إلى السيد جود، كتب إليه أبي يرجوه أن يزوره قائلا إنه أصبح نادرا ما ينغمس في محادثة عن الجيولوجيا منذ موت لايل. ومن الأمثلة الأخرى على ذلك، ملاحظاته عن الحصى العمودي في الترسبات المجروفة عند ساوثامبتون، والتي لم يقم بها إلا قبل وفاته ببضع سنوات وناقشها في خطاب إلى السيد جيكي. ومرة أخرى في خطاباته إلى الدكتور دورن، يوضح أن اهتمامه بالبرنقيلات لا يزال حاضرا. وأعتقد أن ذلك كله يعود إلى حيوية ذهنه ومثابرته، وهما سمتان قد سمعته يتحدث عنهما كما لو أنه يشعر بأنه موهوب للغاية في هذا الجانب. لم يكن يتحدث عن نفسه مفتخرا بامتلاكه لمثل هذه الملكات، لكنه كان يقول إنه يتمتع بالقدرة على الاهتمام بأي موضوع أو مسألة بنحو أو بآخر لعدد طويل من السنوات. ويتضح مدى امتلاكه لهذه القدرة حين ننظر في عدد المسائل المختلفة التي حلها، مع مراعاة الفترة المبكرة التي بدأ فيها بالتفكير في بعضها.
لقد كان سكونه في غير أوقاته المعتادة للراحة، علامة مؤكدة على اعتلال صحته؛ إذ لم يكن لنظام حياته أن يختل على الإطلاق طالما كان بصحة جيدة إلى حد ما. وقد كان يقضي أيام الآحاد كغيرها من أيام الأسبوع، ولكل منها الأوقات المخصصة للعمل وتلك المخصصة للراحة. ومن المحال تقريبا لمن لم يشهد حياته اليومية أن يدرك مدى أهمية نمط حياته اليومية الذي ذكرته لسلامه النفسي، وكذلك مدى الألم والصعوبة التي كان يجدها في محاولة إنجاز أي شيء فيما دونه. لقد كان أي ظهور عام يرهقه، حتى ولو كان بسيطا للغاية؛ فقد ذهب في عام 1871 إلى كنيسة القرية الصغيرة لحضور زفاف ابنته الكبرى، لكنه استطاع بالكاد أن يتحمل المشقة الناتجة عن وجوده في مثل هذا الاحتفال القصير. وينطبق الأمر نفسه على غير ذلك من المناسبات القليلة التي حضر فيها احتفالات مماثلة.
অজানা পৃষ্ঠা