ويح ذلك الرجل، أيا من كان،
الذي استخرج لأول مرة
أكوام الذهب الدفين في الأرض،
والماس القانع بمخبئه،
ومنحنا أخطارا بمثل هذا السعر!
الفصل السادس
المنصب والسلطة
وماذا عساي أن أقول عن السلطة والمنصب، اللذين يطاولان السماء في نظركم، لأنكم لا تعرفون السلطان والمنصب الحقيقيين، وهل بوسع الحمم المتفجرة من بركان إتنا، أو بوسع السيل العرم، أن يسبب من الخراب ما يسببه هذان حين يقعان في أيدي الأشرار؟ ألا تذكر كيف سعى أسلافنا إلى إلغاء سلطة القناصل، التي كانت أس الحرية ذاته، لما وجدوه من غرور القناصل؟ مثلما محوا لقب «ملك» من قبل لما وجدوه من غرور الملوك، فإذا تصادف، في حالات شديدة الندرة، أن تقع هذه المناصب لرجال أمناء، فلا شك أن الخير الوحيد فيها إذاك هو أمانة الرجال الذين يتولون المناصب، يترتب على ذلك أن الشرف لا يأتي إلى الشريف من المنصب، بل يأتي إلى المنصب من الشريف.
فإلى متى يغريكم بريق السلطة؟ انظروا، يا أبناء الفناء، على من تريدون أن تمارسوا سلطتكم، أليس يثير ضحككم أن تروا مجتمعا من الجرذان وقد انبرى جرذ منهم يدعي لنفسه حق التسلط عليهم والتحكم في شئونهم؟ ثم انظروا إلى الجسد الإنساني هل وجدتم ما هو أضعف وأوهى من الإنسان: ألا تكفي لدغة حشرة ضئيلة، أو انسرابها في داخله، إلى القضاء عليه؟ وهل يمكن لأحد أن يمارس تسلطه على شيء سوى الجسد وما هو أدنى من الجسد - الممتلكات؟ هل بمقدورك أن تفرض أي قانون على الروح الحرة؟ أو أن تزحزح عقلا متماسكا عن سكينته وثباته؟ ألا تذكر ذلك الطاغية الذي ظن أنه يمكنه بالتعذيب أن يرغم رجلا حرا على أن يشي بشركائه في المؤامرة المنسوبة إليه، فما كان من الرجل سوى أن عض لسانه وبصقه في وجه الطاغية؟ لقد حسب الطاغية أن التعذيب مناسبة للبطش، فجعله الرجل مناسبة للبطولة.
1
অজানা পৃষ্ঠা