ولذلك تحرك الإنسان في الجهات التي تخالف جهة حركته التي بحسب طبيعة بدنه بمجرد إرادة نفسه الناطقة ، التي هي جوهر ملكوتي من عالم الأمر ليس معدودا عندهم من العجائب ، وصاروا يتعجبون من جذب حجر المغناطيس مثقالا من الحديد.
قال بعض العلماء : والعجب من بعض الجهلة من الطبيعيين ، ومن تشبه بهم ، حيث يأخذون في طلب السبب في فعل الطبيعة التي لبعض المركبات ، مثل الطبيعة التي للسقمونيا في إسهال الصفراء ، والأقيمون في إسهال السوداء ، والطبيعة التي في حجر المغناطيس الموجبة لجذب الحديد ، ثم صاروا يتعجبون من صدور هذه الآثار والأفاعيل منها ، ولا يتعجبون من النار كيف تفرق المجتمع ، وكيف تحيل أجساما كثيرة إلى مثل طبيعته في ساعة ، ولا يشتغلون بالبحث عن علته ، وغاية ما يجيبون به عنه إذا سئلوا عن ذلك أن يقولوا : لأن النار حارة.
ثم السؤال لازم في أن الحار لم يفعل هكذا؟ فيكون منتهى الجواب للطبيعي أن يقال: إن الحرارة قوة ، من شأنها أن تفعل هذا الفعل.
ثم إن سئلوا بعد هذا : أنه لم كان هذا الجسم حارا دون البارد؟ لم يكن جوابهم إلا الجواب الإلهي : من أن إرادة الصانع هكذا ، ولا يقنعون بهذا الجواب في جذب المغناطيس الحديد إذا اشتغلوا بالبحث عن علته ، من أن في المغناطيس قوة جاذبة للحديد ، وأن سبب وجودها إرادة الصانع.
وليس هذا الجواب قاصرا ، لكن تعجبوا عما استندروا وجوده ، وألهاهم التعجب البحث عن علته ، ولم يعرض لهم ذلك مما كثرت مشاهدتهم له ، وإن كانت حكمته أعجب من حكمة المغناطيس في جذب الحديد ، وهو هذا الحيوان
পৃষ্ঠা ৫৮