কালো মৃত্যুর পুনরাগমন: সময়ের সবচেয়ে ভয়ংকর হত্যাকারী
عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
জনগুলি
لقد كشفنا عن الخاصية الرئيسية للطاعون النزفي: ألا وهي أن الموت كان يسبقه موت شامل لأنسجة الأعضاء الداخلية. كان الأمر يشبه كما لو كانت الأعضاء الداخلية للضحية قد تحللت. كانت ميتة مرعبة بلا شك.
أما أمارات الطاعون الدبلي وأعراضه والتقارير التشريحية لضحاياه، فكانت مختلفة تماما عن خصائص الطاعون النزفي؛ فضحايا الطاعون النزفي لا تظهر عليهم أمارات الرب ولا يعاني المصابون بموت عام لأنسجة الأعضاء الداخلية.
تقدم الرواية التالية تقريرا جيدا عن انتشار الطاعون بين أفراد أسرة واحدة، وتوضح الخصائص الطبية الواردة سابقا:
كنا ثمانية أفراد في العائلة - ثلاثة رجال، وثلاثة غلمان، وعجوزا وخادمة - كلهم جاءوا بعدما تناهى إلى سمعهم أنني مقيم في البلدة، جاء بعضهم ليرافقني، وجاء بعضهم الآخر لمساعدتي [فقد كان رجل دين ذائع الصيت له كثير من الأتباع]. وكان شهر سبتمبر قد أوشك على الانتهاء قبل أن يمس أي منا بسوء ... لكن الطاعون هاجمنا أخيرا ... في البداية أصيبت خادمتنا، بدأ الأمر برجفة ورعشة في جسدها، وسرعان ما نال المرض من معنوياتها ... عدت إلى المنزل والخادمة على فراش الموت، وكانت تصرخ صرخة استغاثة أخرى، حيث كانت وحدها في نوبة تعرق وإغماء. كان اليوم يوم إثنين عندما أصيبت الخادمة، ووافتها المنية يوم الخميس، وكان جسدها ممتلئا بالأمارات. ويوم الجمعة، ظهر ورم لدى أحد الشبان عند أعلى الفخذ، وتوفي يوم الأحد وعليه أمارات المرض. في اليوم نفسه مرض شاب آخر، وتوفي يوم الأربعاء التالي. ليلة الخميس، أصيب سيده بالمرض، وفي غضون يوم أو يومين كانت البقع تغطي جسده، لكن الأمر الغريب أنه تعافى ... وحفظ الباقون من المرض.
يمكننا أن نجزم أن الفيروس المسئول عن الموت الأسود ليس من الفيروسات المعروفة اليوم. في الواقع، من المحتمل أنه لا ينتمي إلى أي من عائلات الفيروسات المعروفة، إلا أن الأعراض أقرب ما تكون إلى أعراض فيروس إيبولا، وفيروس ماربورج، والحميات النزفية الفيروسية. ورغم أن أعراضه بالطبع لم تكن مطابقة لأعراض أي من هذه الأمراض بحذافيرها، فإن هذه الأمراض تبدو - من بين كل الأمراض المعروفة اليوم - الأقرب له.
يطلق على العوامل المسببة لهذه الأمراض الفيروسات الخيطية، وتتسم هذه بارتفاع معدل الإماتة بين الحالات، وهي عادة ما تحدث في حالات انفجار وبائي ناجمة عن العدوى المباشرة من إنسان إلى آخر. لا يمكن التنبؤ بحدوث موجات التفشي الوبائية، ولا يوجد علاج للأمراض التي تسببها، ولا تعرف مستودعاتها الحيوانية بعد. يغطي مصطلح «حمى فيروسية نزفية» العديد من الأمراض المختلفة والمتنوعة التي تتسم بالحدوث المفاجئ، والآلام، ونزيف الأعضاء الداخلية، والحمى، وصدمة، وبقع تنتج عن نزيف تحت الجلد - شبيهة ب «أمارات الرب». تبدأ أعراض الإيبولا بحمى مفاجئة، وتموت الضحية من انحلال الأعضاء الداخلية. (6) خصائص أخرى مميزة للطاعون النزفي (6-1) موسمي
كان المرض يجد صعوبة في البقاء خلال أشهر الشتاء بإنجلترا، ولا سيما إبان العصر الجليدي الصغير. حتى في جنوب فرنسا، كانت شراسة الطاعون تقل بوضوح إبان الأشهر الأكثر برودة. وبحلول القرن السابع عشر، بات معروفا بشكل عام أن قدرة الوباء على العدوى تقل في الطقس البارد. سجل دبليو جي بيل - الذي كتب عام 1924 التاريخ المؤكد لطاعون لندن العظيم - أنه في السادس من فبراير عام 1666:
أقر الجميع أن ذاك اليوم كان من أشد الأيام التي شهدوها في إنجلترا برودة؛ ففي شهرين منفصلين سد الجليد مجرى نهر التيمز مما أسفر عن تعطل حركة المرور النهري، إلا أن الطاعون كان يطل برأسه من حين إلى آخر حتى في وسط الصقيع. هنالك شهادة الدكتور هودجز التي مفادها أن قليلين جدا هم من ماتوا في ذاك الموسم، إلا أنه قام بنفسه في يناير على حالة كانت بقعة الطاعون واضحة عليها، وتماثل المريض للشفاء. أقام جوشيا ويستوود في أثناء موجة الصقيع أيضا على مرضى ميز حالاتهم على أنها طاعون، وقد تماثلوا للشفاء؛ «إذ كان الهواء حينها صديقا للطبيعة وعدوا للطاعون.» تظهر مؤشرات أخرى أن حالات الطاعون كانت شائعة، إلا أن المرض لم يستفحل قط في المناخ البارد، وقد انخفضت حدة الأعراض المميتة التي صارت مألوفة فيما بعد.
أغلب الظن أنه كان من المستحيل تقريبا أن تنتقل العدوى إلى أحدهم في الهواء الطلق في الشتاء البارد، بل انخفض معدل انتقال العدوى بداخل المنازل، مع أن العائلات كانت تحتشد معا في أكواخها الباردة المعرضة للتيارات الهوائية. من الواضح أن هذا الفيروس لم يكن يستمتع بالتعرض للهواء البارد.
كان انتقال العدوى أيسر كثيرا في المناخ الأدفأ، وتعطينا هذه الملحوظة فكرة تقودنا إلى مصدر المرض الذي نناقشه في الفصل التالي. (6-2) انحسار المرض في أوروبا
অজানা পৃষ্ঠা