============================================================
روى عن زيد بن أسلم أنه قال: كان نبى من الأنبياء يأخذ بركاب الملك، يتألقه بدلك لقضاء حوائج الناس وقال عطاء: لأن يرائى الرجل سنين فيكتسب جاها يعيش فيه مؤمن، أتم لسه من أن يخلص العمل لنجاة ثفسه.
وهذا باب غامض لا يؤمن أن يفتتن به خلق من الجهال المدعين، ولا يصلح هذا إلا اطلع على باطنه فعلم منه أن لا رغية له فى شىء من الجاه والمال. ولو أن ملوك الأرض وقفوا فى خدمته ما طفى ولا استطال، ولو دخل إلى اتون يوقد ما ظهرت نفسه بصريح الإنكار لهذا الحال.
وهذا لا يصلح إلا لآحاد من الخلق وأفراد من الصادقين ينسلخون عن إرادتهم واختيارهم ويكاشفهم الله تعالى بمداده منهم فيدخلون فى الأشياء بمراد الله تعالى، فإذا علموا أن الحق يريد منهم المخالطة وبذل الجاه يدخلون فى ذلك بغيية صفات التفس.
وهذا لأقوام ماتوا ثم حشروا، وأحكموا مقام الفناء، ثم رقوا إلى مقام البقاء؛ فيكون لهم فى كل مدخل ومخرج برهان، وبيان، وإذن من الله تعالى. فهم على بصيرة من ريهم، وهذا ليس فيهم ارتياب لصاحب قلب مكاشف بصريح المراد فى خفى الخطاب؛ فيأخد وقته أبدا من الأشياء ولم تأخذ الأشياء من قلبه وقته. ولا يكون فى قطر من الأقطار إلا واحد متحقق بهذا الحال.
قال أبو عثمان الحبرى: لا يكمل الرجل حتى يستوى فى قلبه أربعة أشياء: المنع، والعطاء، والعز، والذل ولمثل هذا الرجل يصلح بذل الجاه. والدخول فيما ذكرناه.
قال سهل بن عبد الله: لا يستحق الإنسان الرثاسة حتى تجتمع فيه ثلاث خصال: يصرف جهله عن الناس، ويحتمل جهل الناس، ويترك ما فى آيديهم، ويبذل ما فى يده هم.
وهذه الرياسة ليست عين الرياسة التى زهد فيها وتعين الوهد فيها لضرورة صدقه وسلوكه وإنما هذه رياسة أقامها الحق لصلاح خلقه، فهو فيها بالله يقوم بواجب حقها وشكر تعمتها لله تعالى.
عوارف المعارف ج2
পৃষ্ঠা ৯৬