============================================================
1 وقد كان شيخنا أبو النجيب السهروردى يقول: ((أنسا آكل وأنسا أصلى))، يشير إلى حضور القلب فى الطعام، وربما كان يوقف من يمنع عنه الشواغل وقت أكله، لثلا يتفرق همه وقت الأكل، ويرى للذكر وحضور القلب فى الأكل أثرا كبيرا لا يسعه الإهمال.
ومن الذكر عند الأكل: الفكر فيما هيأ الله تعالى من الأسنان المعينة على الأكل، فمنها: الكاسرة، ومنها: القاطعة، ومنها: الطاحنة، وما جعل الله تعالى من الماء الحلو فى الفم حتى لا يتغير الذوق كما جعل ماء العين مالحا لما كسان شحما حتسى لا يفسد، وكيف جعل النداوة تنيع من أرجاء اللسان والفم، ليعين ذلك على المضغ والسوغ، وكيف جعل القوة الهاضمة مسلطة على الطعام تفصله وتجزئه متعلقا مددها بالكيد، والكبد بمثابة النار والمعدة بمثابسة القدر، وعلى قدر فساد الكبد تعتل الهاضمة، ويفسد الطعام، ولا ينفصل، ولا يصل إلى كل عضسو نصييه، وهكذا تأثير الأعضاء كلها من الكبد، والطحال، والكليتين، ويطول شرح ذلك.
فمن أراد الاعتبار فليطالع تشريح الأعضاء، ليرى العجب مسن قدرة الله تعالى، من: تعاضد الأعضاء وتعاونها، وتعلق بعضها بالبعض فى إصلاح الغذاء، واستجذاب القوة منسه للأعضاء، وانقسامه الى: الدم، والثفل، واللبن لتغدية المولود من بين فرث ودم لبئا خالضا سائئا للشاربين، فتبارك الله أحسن الخالقين. فالفكر فى ذلك وقت الطعام وتعرف لطيف الحكم والقدر فيه من الذكر: ومما يذهب داء الطعام المغير لزاج القلب أن يدعو فى أول الطعام ويسأل الله تعالى أن يجعله عوئا على الطاعة ويكون من دعائه: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وما زرقتنا مما تحب اجعله عوئا لنا على ما تحب، وما رويت عنا مما تحب اجعله فراغا لنا قيما تحب)).
পৃষ্ঠা ১৫৩