============================================================
128 فإذا وقف فى الصلاة على الهئية التى ذكرناها مجتثبا للمكاره فقد تمم القيام وكمله.
فيقرأ آية التوجه والدعاء، كما ذكرناها، ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويقولها فى كل ركعة أمام القراءة، ويقرأ الفاتحة وما بعدها بحضور قلب، وجمع هم، ومواطأة بين القلب واللسان بحفظ وافر من الوصلة، والدنو، والهيبة والخشوع والخشية والتعظيم والوقار والمشاهدة والمناجأة، وإن قرأ بين الفاتحة وما يقرأ بعدها إذا كان إمايا فى السكتة الثانية ((اللهم باعد بينى ويين خطاياى كما باعدت بين المشرق والمغرب، ونقنى من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياى بالماء والثلج والبرد) فحسن، وإن قالها فى السكتة الأولى فحسن.
وروى عن النبى أنه قال ذلك.
وإن كان منفردا يقولها قبل القراءة.
ويعلم العبد أن تلاوته نطق اللسان ومعناها نطق القلب، وكل مخاطب لشخص يتكلم بلسائه، ولسانه يعبر عما فى قلبه، ولو أمكن المتكلم افهام من يكلمه من غير لسان فعل، ولكن حيث تقدر الإفهام إلا بالكلام جعل اللسان ترجمائا، فإذا قال باللسان من غير مواطأة القلب فما اللسان ترجمانا ولا القاري متكلما قاصدا إسماع الله حاجته، ولا مستمعا الى الله فاهما عنه ، سبحانه ، ما يخاطيه، وما عنده غير حركة اللسان بقلب غائب عن قصد
قال بعضهم: "اما دخلت فى صلاة قط فأهمنى قيها غير ما أقول).
وقيل لعامر بن عبد الله: هل تجد فى الصلاة شيئا من أمور الدنيا؟
فقال: لأن تختلف على الأسنة أحب إلى من أن أجد فى الصلاة ما تجدون).
وقيل لبعضهم: هل تحدث نفسك فى الصلاة بشىء من أمور الدنيا؟
فقال: لا فى الصلاة ولا فى غيرها.
ومن الناس من إذا أقبل على الله فى صلاته يتحقق بمعنى الإنابة، لأن الله تعالى قدم الإنابة وقال: (منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة (1) فينيب إلى الله تعالى، ويتقى الله تعالى بالتبرى عما سواه، ويقيم الصلاة بصدر منشرح بالإسلام، وقلب منفتح بنور الإنعام، (1) آية رقم 31 من سورة الروم.
পৃষ্ঠা ১২৭