============================================================
12* الحال يختص الروح بمطالعة العظة والقلب يتميز بالنية فتكون النيسة موجودة بألطف صفاتها، مندرجة فى نور العظمة اندراج الكواكب فى ضوء الشمس. ثم يقبض بيده اليمنى يده اليسرى، ويجعلهما بين السرة والصدر، واليمنى لكرامتها تجعل فوق اليسرى، ويمد المسيحة والوسطى على الساعد، ويقيض بالثلاثة البواقى اليسرى من الطرفين.
وقد فسر أمير المؤمنين على رضى الله عنه قوله تعالى: (فصل يربك وانحر ) (1) قال: انه وضع اليمنى على الشمال تحت الصدر، وذلك أن تحت الصدر عرقا يقال له ((الثاحر))، أى: ضع يدك على الثاحر وقال بعضهم: (لوانحر)) أى: استقبل القبلة بنحرك. وفى ذلك سر خفى يكاشف به من وراء أستار الغيب؛ وذلك أن الله تعالى بلطيف حكمته خلق الآدمى وشرفه، وكرمه، وجعله محل نظره، ومورد وحيه، ونخبة ما فى أرضه وسمائه روحاتيا وجسماتيا، أرضيا وسماويا، منتصب القامة، مرتفع الهيئة فنصفه الأعلى من حد الفؤاد مستودع أسرار السموات، ونصفه الأسفل مستودع أسرار الأرض، فمحل نفسه ومركزها النصف الأسفل، ومحل روحه الروحانى والقلب النصف الأعلى؛ فجواذب الروح مع جوادب النفس يتطاردان ويتحاربان، وباعتبار تطاردهما وتغالبهما تكون لمة الملك ولمة الشيطان، ووقت الصلاة يكثر التطارد لوجود التجاذب بين الإيمان والطبع، فيكاشف المصلى الذى صار قلبه سماويا متردذا بين الفتاء والبقاء لجواذب النفس متصاعدة من مركزها.
وللجوارح، وتصرفها، وحركتها مع معانى الباطن ارتباط وموازنة؛ فبوضع اليمنى على الشمال حصر النفس ومنع من صعود جواذبها، وأتر ذلك يظهر بدفع الوسوسة وزوال حديث النفس فى الصلاة، ثم إذا استولت جوادب الروح وتملكت من الفسرق(2) إلى القدم عند كمال الأنس وتحقق قرة العين واستيلاء سلطان المشاهدة - تصير النفس مقهورة ذليلة، ويستنير مركزها بنور الروح، وتنقطع حيتئذ جواذب النفس.
وعلى قدر استنارة مركز النفس يزول كل(2) العبادة، ويستغنى حينئذ عن مقاومة النفس ومنع جواذيها بوضع اليمين على الشمال فيسبل(4) حينقذ.
(1) آية 2 من سورة الكوث (2) الفرق: الطريق فى شعر الرأس (3) مكذا فى الأصل ولعل العبارة "(توزن".
(4) يقال: اسيل الدمع أرسل الماء صبه واسبل الستر ارخاه.
পৃষ্ঠা ১২৫