معلولا لعدم الصداقة، لم يتعلق في آن بزيد أصلا، حتى يحتاج رفعه إلى دليل.
مع أن إطلاق النهي أيضا غير معلوم، بل عدمه معلوم، لأن بعد زعم عدم الصداقة لا يمكن الحكم بأن معناه لا تدخل داري سواء كنت صديقا أو لا.
وأيضا زعم عدم الصداقة حال مقترنة مع اللفظ، صالحة لكونها قرينة على التقييد ، وقد أثبتنا في الأصول: أنه لا يحمل اللفظ على الحقيقة إذا كان كذلك.
وها هنا قسم آخر: وهو أن لا يعلم زيد أن عمرا يعلم صداقته أو لا يعلم، و حكمه حكم ما لا يعلم (1)، لأصالة عدم العلم، ولا أقل من احتمال عدمه، فتحتمل علية (2) زعم عدم الصداقة للنهي، لاستواء الأصل بالنسبة إلى العلل، فلا يعلم تعلق النهي بزيد، ويبقى الإذن العام بلا معارض.
وبعد الإحاطة بما ذكرنا يعلم حكم التعارض لو فرضنا المثال على عكس ما ذكر، أي: جعلنا المنع (3) عاما والإذن خاصا.
الصورة الثانية: تعارض الصريح مع الفحوى، مثل أن تقول: لا يصل غير صديقي في داري، وقال لزيد: كن ضيفي في داري إلى الغد، وكان هو غير صديق له واقعا. وهذا أيضا ينقسم إلى الأقسام السابقة، والتقديم للنهي الصريح العام في الجميع، إلا في صورة علم عمرو بعدم صداقة زيد، فتقدم الفحوى، لكونها خاصة.
الصورة الثالثة: تعارض الصريح مع شاهد الحال، مثل أن يعلم من حال زيد، أنه راض بدخول كل صديق له في داره، وقال لزيد: لا تدخل. ومنه ما إذا قال لزيد: ادخل داري، وعلمنا أنه لا يرضى بدخول غير الصديق في داره، وكان زيد في المثال الأول صديقا، وفى الثاني عدوا. وهذا أيضا كسابقيه ينقسم إلى الأقسام المتقدمة، وحكم كل قسم ما ذكر.
পৃষ্ঠা ৩৭