নবজাগরণ: একটি খুব সংক্ষিপ্ত ভূমিকা
عصر النهضة: مقدمة قصيرة جدا
জনগুলি
الكنيسة والدولة
وصل الباحث الإنساني لورنزو فالا إلى نابولي عام 1435 لعرض خدماته على ملكها المرتقب ألفونسو من أراجون. كان ألفونسو في ذلك الوقت في خضم صراع سياسي مع البابا يوجينيوس الرابع بخصوص الاستيلاء على نابولي. بدأ فالا العمل على نص له صلة سياسية مباشرة بولي نعمته الجديد، وكان ذلك النص هو «منحة قسطنطين»، والذي كان من بين الوثائق المؤسسة للكنيسة الرومانية الكاثوليكية، وكانت بمثابة منحة صادرة في القرن الرابع على يد الإمبراطور قسطنطين لمنح سلطات إمبراطورية وإقليمية شاملة للباباوية. ولقد كانت تلك الوثيقة من أقوى مبررات المزاعم الباباوية في الحصول على سلطة دنيوية وأكثرها إقناعا. وقد كشف لورنزو فالا أن تلك المنحة مزيفة. وباستخدام مهاراته في البلاغة والفلسفة وفقه اللغة التي اكتسبها من انتمائه للحركة الإنسانية، أثبت أن المفارقات التاريخية للوثيقة، وأخطاءها اللغوية، والتناقضات في منطقها؛ تكشف أن الوثيقة ما هي إلا تزييف يرجع إلى القرن الثامن.
كانت أناقة تحليل فالا النصي متناغمة مع هجومه القاسي على الكنيسة الرومانية وبابواتها، الذين إما أنهم «لم يكونوا يعرفون أن «منحة قسطنطين» مزورة وغير شرعية، أو أنهم زوروها»، واتهمهم «بإهانة الدين المسيحي، وخلط كل شيء بالقتل والكوارث والجرائم». سخر فالا من اللغة اللاتينية غير الدقيقة المستخدمة في الوثيقة والتي تنطوي على مفارقات تاريخية، وذلك قبل أن يطرح من جديد السؤال البلاغي: «هل يمكننا أن نبرر مبدأ السلطة الباباوية عندما نرى أنه سبب لمثل تلك الجرائم الكبرى، وتلك الشرور الجسيمة والمختلفة؟» واختتم هذا القدح الممتاز من الناحية البلاغية بهجوم على الذرائع الإمبراطورية للبابا الذي «من أجل أن يستعيد الأجزاء الأخرى من «المنحة»، كان ينفق المال المسروق بطريقة كريهة من الناس الأخيار بصورة أكثر شرا». كان ألفونسو مبتهجا بتدمير فالا لوثيقة «المنحة»، واستخدم برهانها في محاولته التي كللت بالنجاح في النهاية لتأمين مملكة نابولي رغم المعارضة الباباوية المدبرة.
تمثل قصة كشف فالا تطورا جديدا في العلاقات بين الدين والسياسة والتعليم في عصر النهضة. فظهور المؤسسات السياسية مثل الدولة المستقلة ولد الحاجة إلى مهارات فكرية وإدارية جديدة لتنظيم الهياكل السياسية ولتحدي سلطة بعض المؤسسات مثل الكنيسة بنجاح. وربما تبدو حقيقة أن البابا مارتن الخامس قد عين فالا سكرتيرا باباويا غريبة بعد أن فضح أمر وثيقة «المنحة». ومع ذلك، فإنها تكشف عن موقف الكنيسة من مثل أولئك الباحثين؛ (أي اتباع أسلوب أن الشيطان الذي تعرفه خير من الشيطان الذي لا تعرفه). كما توضح كيف أن الإنسانيين الاستراتيجيين على المستوى السياسي مثل فالا كانوا مستعدين لاغتنام الفرص الجديدة.
تساعدنا هذه القصة على فهم العلاقة المتداخلة المعقدة بين الدين والسياسة في عصر النهضة. فبين عامي 1400 و1600، كانت المعتقدات الدينية جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية. كما كان من المستحيل فصل الدين عن ممارسة السلطة السياسية، وعالم التمويل الدولي، وإنجازات الفن والتعليم. وبينما كانت الكنيسة الكاثوليكية تجاهد للتأكيد على سلطتها الدنيوية والروحانية طوال هذه الفترة، فإنها كانت تواجه صراعا وانشقاقا وانقساما مستمرا. وقد وصل هذا الصراع إلى ذروته في عهد الإصلاح الذي اكتسح شمال أوروبا في القرن السادس عشر، وتسبب في أكبر أزمة في تاريخ الكنيسة الرومانية. أما الإصلاح الكاثوليكي المضاد في منتصف القرن السادس عشر فقد حول الكنيسة إلى الأبد ، وهذا التحول، إضافة إلى الإصلاح البروتستانتي بقيادة مارتن لوثر، أرسيا معا الشكل العام للمسيحية كما هي موجودة اليوم. كما أثار الإصلاح أسئلة معقدة فيما يتعلق بعلاقة المسيحية بالديانتين الكتابيتين الأخريين: اليهودية والإسلام، واللتين أكدتا تفوقهما اللاهوتي على المسيحية، كما أن الإسلام كان سريعا في استغلال الانقسامات داخل الكنيسة المسيحية في القرن السادس عشر. لقد كان الدين في عصر النهضة في أزمة مستمرة. فالشك والقلق والتأمل الداخلي كان لا يزال حجر الأساس للتفكير الحديث والنزعة الذاتية الحديثة، ويمكن تتبع أصولهما بالعودة إلى مرحلة التوتر الديني في الفترة من 1400 إلى 1600.
كان التطور الآخر الذي حول شكل السلطة الدينية خلال هذه الفترة هو ظهور أنماط جديدة من السلطة السياسية. فمنذ أواخر القرن الخامس عشر، أصبحت المؤسسات السياسية تتحكم بصفة متزايدة في الحياة اليومية للكثير من الناس. أما الثراء والابتكار الإداري الذي صاحب التوسع التجاري والحضري المتفاوت في القرن الخامس عشر، فقد خلق الظروف الملائمة للتغير والتوسع السياسي البارز. فقد جربت المدن الإيطالية مثل فلورنسا وفينيسيا الحكومات الجمهورية، بينما كانت قصور البلاط الملكي في ميلانو ونابولي وأوربينو وفيرارا تحكم كإمارات صغيرة. وفي الشمال، أدى السلام والرخاء الذي حل عقب حرب المائة عام إلى تركز الثروة والسلطة في فرنسا والبلدان المنخفضة؛ مما أدى إلى بزوغ إمبراطورية هابسبورج العظيمة. وفي الشرق، كانت الإمبراطورية العثمانية نموذجا للسلطة الإمبراطورية العالمية التي كان ينبغي أن تنافسها كل الإمبراطوريات الأخرى. وبمنتصف القرن السادس عشر، كانت أوروبا في قبضة سلسلة من الدول والإمبراطوريات المهيمنة: ألا وهي فرنسا والبرتغال وإسبانيا والدولة العثمانية. وكان صعود هذه الإمبراطوريات في تناسب عكسي مع السلطة الدنيوية للكنيسة.
في بداية القرن الخامس عشر، كانت الكنيسة الكاثوليكية في أزمة. فمع أن كلمة «كاثوليكي» مشتقة من كلمة يونانية تعني «عالمي»، فقد كانت الكنيسة بحلول عام 1400 تنطبق عليها أي صفة غير أنها «عالمية». فالكنيسة كانت قد عانت بالفعل من الانقسام بانفصالها إلى الكنيسة الرومانية الغربية والكنيسة الأرثوذكسية الشرقية ومقرها القسطنطينية في عام 1054. وعلى مدار القرون الثلاثة اللاحقة، قاتلت الكنيسة الغربية للتأكيد على سلطتها اللاهوتية والإمبراطورية في وجه المعارضة من الداخل والخارج. وكان البابا يزعم - بموجب سلطة الكتاب المقدس - أنه، بصفته ممثل المسيح على الأرض، يملك النفوذ السياسي على القضايا الدنيوية.
وعلى مدار القرن الرابع عشر، انقسمت الباباوية بين المطالبين بها المتنافسين في كل من روما وأفينيون في فرنسا. أما الشقاق البابوي فأتاح للكرادلة المنشقين من كلا الجانبين اقتراح النظرية المجلسية لحكم الكنيسة؛ وهذا جعل المجالس الكنسية تفرض سلطتها الجمعية على البابوات الذين يتسببون في انشقاقات. وفي عام 1414، عقد بابوات الكنيسة مجمع كونستانس لإنهاء الانشقاق، وحكم المجمع بأن «كل البشر من كل رتبة ومنزلة، بما فيهم البابا نفسه، عليهم طاعة هذا الأمر في المسائل المتعلقة بالإيمان والقضاء على الشقاق وإصلاح كنيسة الرب». وقد أتاح هذا للمجمع تعيين مارتن الخامس ليكون أول بابا في روما غير متنازع عليه منذ قرن تقريبا.
زواج أرثوذكسي
رفع مجمع كونستانس مستوى السلطة الاستبدادية للباباوية دون قصد منه. فالبابا مارتن الخامس وخليفته البابا يوجينيوس الرابع دعما سلطتهما بالشروع في تنفيذ خطط طموحة لإعادة بناء روما والاتحاد مع الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية. وفي عام 1437، عقد يوجينيوس مجمع فلورنسا لمناقشة توحيد الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والرومانية الغربية، وإبعاد محاولات المجمع لتحجيم السلطة الباباوية. وفي فبراير 1438، وصل الإمبراطور البيزنطي يوحنا الثامن باليولوجوس إلى فلورنسا مع حاشية مكونة من 700 يوناني ورئيس الكنيسة الأرثوذكسية وهو البطريرك يوسف الثاني. وبالإضافة إلى الوفد اليوناني، وصلت وفود من تريبيزوند وروسيا وأرمينيا والقاهرة وإثيوبيا. وكما هو الحال في الكثير من تعاملات عصر النهضة التي يبدو ظاهريا أنها معنية بالدين، فقد كان لهذا اللقاء الرسمي الخطير بين الشرق والغرب تضمينات سياسية وثقافية عميقة. فقد اقترح البابا يوحنا الثامن اتحادا بين فرعي العالم المسيحي الشرقي والغربي بصفته الطريقة الواقعية الوحيدة لمنع انهيار الإمبراطورية البيزنطية والاستيلاء على القسطنطينية في وجه صعود الإمبراطورية العثمانية. وقد كان البابا متحمسا لتوحيد الكنيستين كطريقة لمد سلطته السياسية الشخصية عبر أرجاء إيطاليا.
অজানা পৃষ্ঠা