وانجذب - متناسيا الآخر - لروائح الياسمين والحناء، ورأى قطة من جيل جديد، لا بركة ولا نرجس ولا أنعام ولا أمل الليل ولا صباح. - ها هي ذي سيدة!
ظهرت في الممشى الذي شدت منه قديما إلى المذبح. ما أشبهها اليوم بأمها في كهولتها، ولكنها نحيلة شاحبة، حزينة إلى الأبد. أنا المعتدي لا أنت، ولكنها ترنو إليك أنت وكأنها لا تراني، ولكنكما تترامقان صامتين تحت الذكريات. ثم يقول الآخر: كيف حالك يا سيدة؟
لم ترد من شدة الانفعال. اغرورقت عيناها الذابلتان. لعل التاريخ اقتحمها في دقيقة واحدة، ولكنها غمغمت أخيرا: تفضل في الشرفة؛ فالجو هناك ألطف.
إنه الأصيل وآخر الخريف، ولكن اليوم دافئ، وجلس على الأريكة القديمة، كل شيء تغير إلا الدار. وهناك الخميلة التي شهدت عبث الطفولة. وتساءل الآخر: أين أمي؟ - في حجرتها. - ألم تدر برجوعي؟
سمع أنفاسها بدلا من الجواب، فكرر السؤال. قالت: إنها لا تغادر الفراش. - مريضة؟! - كلا ... إنه العمر. - كان يجب أن تقوديني إليها. - يجب أن تعرف أشياء قبل ذلك.
فرمقها متسائلا، فقالت: لقد فقدت البصر.
قطب الآخر منزعجا، وأدرك الأول ما غاب عن فرج يا مسهل. واستطردت سيدة: وفقدت السمع أيضا!
وقف الآخر مضطربا متسائلا: ألم يعالجها طبيب في الوقت المناسب؟ - بلى، أقل ما يجب، ولكنها إرادة الله.
وقال الأول بحزن: لا عودة بلا ثمن. •••
اندفع الآخر إلى حجرة عين. رأى وجهها فوق الغطاء الأخضر على الفراش العتيق ذي الأعمدة الأربعة. انحسر المنديل الأبيض عن خصلات فضية. انطرح الوجه نحيلا طويلا محنطا بالشيخوخة. هتف: أمي!
অজানা পৃষ্ঠা