انقبض قلبه، تذكر المطارد الغائب، تمتم: ليس دائما. - ماذا جاء بك إلى ملاهي الشباب؟
فقال دون مبالاة: جئت لأراك! - كيف عرفت؟ - أهل الخير كثيرون. - دهشت طبعا، ولكن يوجد أكثر من سبب، وأنت ماذا تعمل؟
فقال وهو يضحك: صاحب ملهى الإليزيه.
فضحكت ضحكة عالية غير مبالية بالرواد! فقال: تحويل مسرح إلى ملهى ليس بالمسافة الطويلة، ولكن أنت؟! - أسباب كثيرة منها حلم سخيف بأن أقدم مسرحيات قصيرة وأمثلها. - جميل أن يعاودك الحنين إلى التمثيل بعد ذلك العمر الطويل. - مجرد حلم سخيف. - وكيف كانت حياتك الماضية؛ أعني منذ فارقتنا؟
فقالت مقطبة: غاية في التعاسة، بين زوج لا رجاء فيه، وكراهية أبنائه وأهله لي! وأنت متزوج طبعا؟! - كلا، كما تركتني. - أخطأت يا عجوز. - حياتنا مليئة بالأخطاء! - صدقت، تسليتي أن أراقب المجانين من عشاق الملهى. - إنهم مضجرون في النهاية. - ولكن لا حياة لنا بدونهم. كيف حال ابنك؟
أجاب وهو يخفي انفعاله: عال ... مهندس قد الدنيا. - برافو ... هذا أهم شيء في الدنيا. - ليس في الدنيا شيء مهم!
وهي تتنهد: أتتذكر أيام الحارة؟ - تجدينها الآن سعيدة؟ - أجل ... وأيام المسرح الناجحة ... وحبي القديم ... وأمي وهي تخلل الليمون. ترى أما زالت المرأة على قيد الحياة؟! ... على فكرة ما أخبار ست عين؟ - بخير. - برافو! ... ليتني أزورها ذات يوم ... وأنت مقيم في دارها؟ - لم أرها منذ فارقت الحارة. - يا خبر! يا ويلنا من أمنا في يوم القيامة!
فقال ببرود: اختلفت الطرق. - طبعا، من الفن الخائب إلى الملاهي الليلية، نحن نمت إلى طبيعة واحدة، وقد تخلصنا في الوقت المناسب من العضو الصالح!
فقال بامتعاض: هو الذي تخلص منا. - سيخرج قريبا إذا لم يكن قد خرج. ترى متى يخرج؟ - لم أعد أذكر شيئا. - ألا تتوقع أن تراه؟ - لا أظن، وأنت؟ - لا أهمية لذلك، ولكن ما الذي جاء بك إلى هنا؟ - قلت كي أراك. - أجل، أما زلت تذكر حبك القديم؟
فابتسم ولم يجب. فقالت بحدة: الحب كذبة وضيعة، لئيم مخادع، يخيل إلي أنني لم أحب إلا المسرح. - حقا؟! ... رغم أنه جاءك عرضا؟ - لكنني أحببته، لم أتخل عن حبه، في أيام الزوجية التعيسة كنت أتعزى بالانفراد بنفسي وترديد بعض الأدوار. - تعزية مبتكرة.
অজানা পৃষ্ঠা