The new way of ideas »، الذي وضعه لأول مرة جون لوك في كتابه «بحث في الفهم البشري
Essay Concerning the Human Understanding ». وقد تبنى زعماء الثورة الفرنسية هذا التحليل، الذي جعل من الإحساس مصدرا لكل الأفكار، على أساس أنه سلاح لا غنى عنه في محاربة العقائد السياسية والدينية المتسلطة التي استغلها النظام القديم في الاحتفاظ بقبضته. بل إن حكومة الثورة قد اعترفت بهذا التحليل بوصفه الفلسفة الوحيدة، وكان الفلاسفة الوحيدون المعترف بهم أثناء عهدها هم «الأيديولوجيون
les idéologues » كما أصبحوا يسمون فيما بعد.
ومنذ ذلك الحين فقدت كلمة «الأيديولوجية» هذا المعنى المحدود، ولكن ارتباطها بالمذاهب المستمدة من اعتبارات سياسية، والمؤيدة رسميا، ظلت باقية. ومع ذلك فقد طرأ تحول آخر على هذا المعنى للفظ خلال عهد نابليون، عندما أصبحت «الأيديولوجية» تكاد تعني أي رأي ذي طابع جمهوري أو ثوري؛ أعني أي رأي مضاد لنابليون ذاته. على أن هذه الارتباطات شبه المجازية لم تختف تماما قط من استعمالات هذا اللفظ، بل لقد ظلت طوال القرن التاسع عشر تكتسب قوة جديدة، ويتسع نطاقها، ولا سيما في كتابات كارل ماركس وزميله فريدرش إنجلز؛ ففي كتابهما المشترك «الأيديولوجية الألمانية»، ظل معنى اللفظ مرتبطا ارتباطا وثيقا بالفلسفة، ولا سيما تلك الفلسفات التي كانت في نظرهما معادية لفلسفتهما الثورية الخاصة في التاريخ. وهكذا استخدما اللفظ، ليس فقط للدلالة على التراث «البرجوازي» للمثالية الألمانية التي يمثلها هيجل وأتباعه، بل أيضا للإشارة إلى الصور «الآلية» السابقة للمذهب المادي، وهي الصور التي تعجز في رأيهما عن تفسير طبيعة التطور التاريخي.
وهناك عدة سمات في مفهوم الأيديولوجية عند ماركس وإنجلز، تقتضي هنا بعض البحث؛ فمن الملاحظ أولا أن ما أطلقا عليه اسم «الأيديولوجية» لا يشمل نظرية المعرفة والسياسة فحسب، بل يشمل أيضا الميتافيزيقا والأخلاق والدين، وأية «صورة للوعي» تعبر عن المواقف أو الالتزامات الأساسية لطبقة اجتماعية. كذلك يتضمن كتاب «الأيديولوجية الألمانية» عددا من الفقرات الطريفة التي يبدو فيها أن ماركس وإنجلز يحاولان إيجاد نوع من التمييز بين المكونات «الأيديولوجية» للوعي وبين ما يطلقان عليه تارة اسم «المعرفة الحقيقية»، وتارة اسم «العلم الوضعي الحقيقي». وهما لا يقدمان أبدا إيضاحا تاما لمعنى هذا التمييز، ولكنه يوحي على أية حال بأن الأيديولوجيات، أو «الأسباب» التي تدعو إلى قبولها، غير عقلية. كذلك يثير هذا التمييز مسألة صعبة تتعلق بمركز المادية الديالكتيكية ذاتها، التي تصورها ماركس على أنها ليست أيديولوجية الطبقات العاملة الثورية فحسب، بل على أنها أيضا فلسفة «علمية» يمكن وصفها، دون تردد، بأنها «صحيحة».
ولم يقم ماركس وإنجلز أو أحد من أتباعهما مطلقا بتحديد دقيق للصلات بين الأيديولوجية وبين العلم والمعرفة. ومع ذلك فإن القول بوجود ارتباطات لا معقولة تتعلق بالمصالح الاجتماعية أو السياسية البعيدة، وهي الارتباطات التي ما زالت تلحق المذاهب «الأيديولوجية» في كثير من الأحيان، يرجع الكثير من جذوره إلى النظرية الماركسية القائلة إن العناصر الأيديولوجية وبالتالي الفلسفية، في الوعي، تنتمي إلى «التركيب الظاهر»
superstructure
5
للحضارة.
وتبعا لهذا الرأي تكون هذه المذاهب، رغم مظاهرها الخارجية، مفتقرة إلى المضمون العقلي أو «المعرفي» المستقل، وليس لها مسار تاريخي قائم بذاته.
অজানা পৃষ্ঠা