فسلم حماد وخرج، وبقي وردان وضرغام والأفشين، فقال الخليفة: «إنك قلت عن وردان ما هو أهله، ولكنه خالف أمرا أصدرناه بشأن السبيتين، فقد قلنا ونحن في عمورية أن يترك أمرهما حتى رجوعنا إلى سامرا، فكان ينبغي أن يراعي هذا الأمر. فليؤت بالسبيتين الآن إلى هنا.»
فقال ضرغام: «إن السبيتين هما خطيبتي وزوجته (وأشار إلى وردان). أما خطيبتي فقد سبق أمر الخليفة أن تكون زوجتي وهي في منزلي، وأما امرأة البطريق فهي عندي أيضا ولا أظن الأفشين يهمه أمرهما.»
فقال الأفشين وقد بدا الغضب في عينيه: «يهمني أولا أن يراعى أمر أمير المؤمنين في الاثنتين. وأما جهان التي تقول إنها خطيبتك فلها شأن خاص؛ لأني ولي أمرها بوصية أبيها.»
فعند ذلك تقدم وردان واستأذن في الكلام. ووجه خطابه إلى الخليفة وقال: «هل ثبت لأمير المؤمنين أنه وصي؟»
فانتبه المعتصم لهذا الاعتراض والتفت إلى الأفشين وقال: «أين كتاب الوصية؟»
فقال الأفشين: «هو عندي، وهل أنا كاذب؟»
فقال المعتصم: «الشرع يقضي بالاطلاع عليه قبل إصدار الحكم، وهل يهمك كتمانه؟»
فظهرت الحيرة في وجه الأفشين فعمد إلى المغالطة، وتغاضب وقال: «إذا كان الأفشين الملك والقائد يكذب في مثل هذا ويصدق العلج فعلى الدنيا السلام!»
فقال وردان «إني لا أنكر وصايته، ولكنني أرى أن يطلع عليها أمير المؤمنين على نصها ليعرف من هو صاحب أشروسنة.»
فاستشاط الأفشين غضبا وكأنه نسي موقفه فقال: «إن الأفشين قائد جند المسلمين لا يخاطب بمثل هذا الكلام في حضرة أمير المؤمنين، وهب أن الوصية ضاعت أو سرقت أو احترقت فهل يؤخذ ضياعها حجة علي فأعد كاذبا؟! والرجل يقول إنه لا ينكر الوصاية فما الفائدة من نصها؟»
অজানা পৃষ্ঠা