قال: «عند صديقي حماد عبد أمير المؤمنين مخبآت مهمة. إذا أذن له كشفها.»
قال: «قل واحذر الانحراف عن الصواب.»
فقص عليه تواطؤ القواد على قتلة ومبايعة العباس، وسمى المتآمرين، وفيهم الشاه ابن إسماعيل الخراساني، والحارث السمرقندي، وعجيف بن عبسه، وغيرهم، فاهتم المعتصم بالأمر واستقدم المتهمين واستجوبهم فاعترفوا، فقتلهم على أساليب مختلفة لا محل لذكرها. واحتفظ بالعباس حتى وصلوا إلى سامرا فساء اللعين وأخذ أولاد المأمون فحبسهم في داره حتى ماتوا، وعد المعتصم هذه الخدمة جميلا لضرغام وحماد معا وأنعم عليهما.
أما الأفشين فبلغه من بعض رجاله ما صنعه وردان وحماد. فصبر حتى وصل سامرا فيشكوهما ويشكو ضرغاما إلى الخليفة.
ولما دنت الحملة من سامرا أخذ قلب ضرغام في الخفقان لعلمه أنه سيلقى جهان بعد طول فراق. •••
كانت جهان بعد أن خطفها وردان وحماد قد عادت إليها آمالها. وكانت لما رأتهما هاجمين بمن معهما من الرجال لاختطافهما قد استعاذت بالله من توالي الإحن عليها وأرادت الدفاع، ثم سمعت صوت وردان وسمعته أيضا هيلانة زوجته فانحازتا إليه، ولا تسل عن حال هيلانة لما سمعت صوت زوجها وهي تحسبه بين الأموات؛ فترامت عليه وتبادلا آيات الشوق والحب. فأمر الذين معه بالقبض على سامان قبل أن يفر، فقبضوا عليه وشدوا وثاقه، وتقدم وردان إلى جهان فلما رأته قالت: «وردان؟» قال: «نعم يا سيدتي أبشري بالسلامة واللقاء.»
فصاحت: «اللقاء ... ضرغام ... ضرغام ... أين هو؟!»
قال: «في سلامة وخير، وسيأتي بعد أيام قليلة. وأنا ذاهب بك إلى منزله في سامرا تمكثين مع أمه حتى يصل.»
فظنت نفسها في حلم وتفرست ثانية في وردان وقالت: «وردان. أضرغام حي؟» وتذكرت أن سامان أول من أنبأها بموته فالتفتت إليه وقد شد وثاقه إلى ظهر الفرس فرأته ينظر إليها بذلة واستعطاف إذ سمع ما دار بينها وبين وردان، فحولت وجهها عنه ورأت صديقتها هيلانة ملتصقة بوردان يكادان أن يطيرا فرحا فقالت لها: «هل تعرفين وردان قبل الآن؟»
فقالت هيلانة: «هذا زوجي يا مولاتي!»
অজানা পৃষ্ঠা