কার্ল বুবের: শত বছরের প্রবোধ
كارل بوبر: مائة عام من التنوير
জনগুলি
وطبقا لنفس القواعد الوظيفية للسلوك كما تفعل الحمائم أو الفئران أو الأسماك. ويقرر زيمباردو أنه «في الظروف المعيارية، يستطيع القائم بالتجربة أن يفترض وجود استمرارية في السلوك، وقد خلقها بصورة مصطنعة.»
كان هذا استطرادا واجبا حتى لا تشتبه الأمور على القارئ، وحتى نضع تمييزا صارما بين مآخذ النزعة الطبيعية والسلوكية وبين مآخذ بوبر على كل قول تجريبي زائف يرفض التكذيب من حيث المبدأ، ويرفض الدحض من صميم بنيته المنطقية. وحتى لا يختلط موقف بوبر من التحليل النفسي بمواقف أخرى شهيرة مثل موقف كل من فيلسوف العلم الشهير أدولف جرونباوم، وعالم النفس الكبير هانز أيزنك. أما جرونباوم فذهب إلى أن التحليل النفسي قابل للتكذيب، وأنه في حقيقة الأمر قد تم تكذيبه مرارا، إنه «علم» ولكنه «علم خاطئ». وأما أيزنك فهو يؤيد جرونباوم في أن التحليل النفسي علم، ولكنه علم فاشل أثبتت التجارب البحثية الجيدة التصميم عدم جدواه في علاج ما يدعي علاجه. وقد أبدى أيزنك فضلا عن ذلك بعض الاعتراضات والتحفظات على مبدأ التكذيب نفسه كمعيار للعلم، إذ أن جميع النظريات لها ما يخالفها من الظواهر المشاهدة ويبدو مكذبا لها ورغم ذلك تبقى النظرية وتستمر وتنتعش، ومن الواضح أن أيزنك لم يضع يده على فكرة بوبر، ويبدو أنه كان يخلط بين «التكذيب» و«قابلية التكذيب» ولم يقدر أهمية «منهج التكذيب» كمتمم ضروري لمنطق التكذيب، إذ نراه يقرر أن علوم التنجيم والفراسة قابلة للتكذيب بشكل واضح، إذ يمكن استنباط وقائع تجريبية كاذبة من عباراتها!
وصفوة القول إن نقد بوبر للتحليل النفسي هو نقد منطقي بالأساس، وينصب على «الصورة» أو «الصغية» المنطقية للنظرية باعتبارها «غير قابلة للتكذيب من حيث المبدأ». وأما مصدر النظرية العلمية فهو في رأي بوبر شيء لا صلة له البتة بوضعها العلمي، أي بتحديد ما إذا كانت النظرية علمية أم غير علمية. ويبدو أن الإلحاح على مصدر النظرية هو من آثار وهم «الاستقراء» وبقايا مبدأ «التحقيق». إن النظرية عند بوبر لا تكون علمية ما لم تكن قابلة للتكذيب، يستوي في ذلك أن تكون النظرية قد جاءت من المختبر أم من نفحة إلهام. فالمعول الأكبر هو على عملية النقد التكذيبي والمحك النهائي هو الاختبارات التكذيبية القاسية. صحيح أن بعض الطرق الكشفية قد تكون أجدى من بعض كوسيلة لإنتاج نظريات أصيلة، غير أن هذا الأمر لا صلة له بالسؤال عما إذا كانت عبارة ما هي علمية أم غير علمية، ولا علاقة له بالسؤال عن مدى أصالتها العلمية إن كانت عبارة علمية. «ليست هناك طريقة آلية يمكن بها للعلم أن يحقق تقدما.»
هكذا يتبين أن بوبر لم يأخذ على فرويد طريقته في الكشف ولم يعرض لهذا الأمر قط. فهو لا يعنيه مصدر النظرية بل يعنيه منطق الاختبار. وهو لا يسأل العالم من أين جاء بنظريته بل يسأله عما أعد لها من اختبارات قاسية، وقد لاحظ أينشتين من قبل أنه بينما يمكن للنظرية أن تختبر بالبينة
Evidence ، فليس هناك طريق من البينة إلى النظرية! ومن الحق أن العلماء قد «يحلمون نظرياتهم حلما»! ومن الأمثلة المأثورة للحلم العلمي ما حدث به كيليكولي عام 1865. فقد وصل هذا العالم إلى بنية حلقة البنزين ذات الذرات الكربونية الست من خلال حلم شهد فيه ثعابين تشكل من نفسها حلقة بأن يعض كل ثعبان ذيل الآخر.
7
لا لم يكن مصدر النظرية مما يعني بوبر من قريب أو بعيد، فلتأت النظرية من حيث تأتي، المهم أن تكون علما، أي قولا يحمل نبأ عن العالم المحدد الذي وجدنا فيه، ويحمل في تضاعيفه تنبؤات محددة قابلة للاختبار أي الدحض. وليس التحليل النفسي من ذلك في شيء. إنه نظرية لا تؤدي إلى أي توقعات أو تنبؤات محددة، ولو صح ذلك لكانت لها «مكذبات بالقوة»
(كل ما هو خارج التنبؤ). ولكن أين هي هذه المكذبات؟ أين المشاهدات المحددة التي «تمنعها» النظرية من الحدوث. إنها تسمح بكل شيء وتمرر كل شيء، ثم ترخي عليه تصوراتها الفضفاضة الغامضة التي تشمل كل شيء وتفسر كل شيء وتقبل الشيء ونقيضه. (7) وهم الملاحظات الإكلينيكية
ولكن ماذا عن المشاهدات الإكلينيكية؟ أليست اختبارا مشروعا للنظرية؟ إن المحللين النفسيين هم ممارسون إكلينيكيون يناظرون المرضى ويتابعونهم ويعالجونهم بنظريات التحليل النفسي، بل «يشفونهم» في أحيان كثيرة إن جاز هذا التعبير. أليست المشاهدات الإكلينيكية وقائع تجريبية تربط النظرية بالعالم الإخباري ربطا اختباريا، فتمنحها الصفة العلمية؟
في كتابه «الحدوس الافتراضية والتفنيدات» يروي بوبر قصته مع الملاحظات الإكلينيكية، ولا ننس أنه كان مساعدا لأدلر في عيادته وأنه ملم إلماما حقيقيا بهذه النظريات. يقول بوبر: كان المحللون الفرويديون يؤكدون أن نظرياتهم تجد لها تحقيقا دائما في «ملاحظاتهم الإكلينيكية». أما عن أدلر فقد كان لي معه موقف شخصي لا أنساه، فقد حدث ذات يوم في عام 1919م أن أدليت له عن حالة لم تبد لي أدلرية الطابع. غير أنه لم يجد أدنى صعوبة في تحليلها في ضوء نظريته عن مشاعر الدونية
অজানা পৃষ্ঠা