এই সময়ের আরব: মালিকহীন দেশ
عرب هذا الزمان: وطن بلا صاحب
জনগুলি
وقبل انفضاض الحفل يكافأ المدعوون بيوم سياحي في آثار الدولة المضيفة، رومانية أو عربية؛ فالقديم له بريقه وإن انطفأ بريق الجديد، والماضي له عظمته وإن ضاعت عظمة الحاضر. ويقبل الضيوف الأجانب الدعوة؛ فالعلم سياحة، والسياحة علم. أما الضيوف العرب فيسارع أكثرهم بالرحيل؛ فالمشاركة في أحد فصول المسرحية أخف وطأة على النفس من المشاركة في باقي الفصول حتى إنزال الشعار وسماع تصفيق الحضور.
كل ذلك نشاط ثقافي مصطنع لا يخرج من القلب، ولا يؤثر في قلوب الناس. إنها ثقافة ملء الفراغ، وحتى يبدو الرئيس إمام المثقفين وليس سجانهم وجلادهم. أهم ظاهرة فيها مشاركة الأجنبي، أولي الأمر بالأمس، ومبادرة الرئيس، أولي الأمر اليوم. والشعب في كلتا الحالتين مأمور بأولي الأمر، مطيع لهم، يقلد الأولين؛ فالمغلوب مولع بتقليد الغالب كما قال ابن خلدون من قبل منظر ثقافة البلاد. ويخشى الآخرين لما للسلطان من رهبة في القلوب، وعسس حول المنازل والقاعات، وبصاصين في المجالس والمنتديات. وتظهر معاملة البسطاء المزدوجة للعربي والأجنبي؛ فالأول بخيل في الإكراميات، والثاني كريم. الأول يدفع بالعملة المحلية، والثاني بالأجنبية. الأول لا يصرف كثيرا في مشروبات ومأكولات إضافية، والثاني ينعم بالحياة. فقد أتى عالما وسائحا. والسياحة المصدر الرئيسي للدخل القومي، وليس الزراعة أو الصناعة كما هو الحال في النفط في الدولة الريعية. ومهما حيا العربي بلغة الضاد قارئا السلام التقليدي أو التحية الحديثة «صباح الخير» و«مساء الخير»، قيل له «بون جور» و«بون سوار» حتى من عاملات النظافة، وخادمي المطاعم، وعاملي المصاعد؛ حتى يكونوا على نفس مستوى الأجنبي؛ فلم يعد للوطن قيمة في ذاته، لا في السياسة ولا في الثقافة، لا في الوطن ولا في الفكر، بالرغم من مشاريع العالم الثالث عن الثقافة الوطنية، وعن الاستقلال الثقافي للشعوب.
فإلى متى يضيع الوقت والجهد والمال في الثقافات الهامشية الخائفة التي تسير بجوار الحائط حتى لا تصطدم به، وتمشي على قشر بيض حتى لا ينكسر، أو على قشرة موز حتى لا تنزلق القدمان؟ أليس الساكت عن الحق شيطانا أخرس؟ ومتى تتحول ثقافة الهامش إلى ثقافة المركز؟ ومتى تصبح الثقافة الخائفة ثقافة المواجهة، وثقافة النظام السياسي إلى ثقافة المقاومة؟ ولماذا يتقدم الآخرون ويتوقف الزمن عندنا، يصنعون مركبة التاريخ، ويحددون مسارها، ونحن نصعد إليها في زمن ليس زماننا، وفي اتجاه ليس اتجاهنا؟ متى تسترد الشعوب وعيها، تتحمل مسئوليتها، وتحمل أمانتها؟
إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا (الأحزاب: 72).
الصالونات الثقافية للملوك والأمراء
للعرب باع طويل في الثقافة الشاملة التي تضم العلم والأدب والفن دون السياسة؛ فهي جزء مكون للشخصية العربية. قد يندثر حكم العرب كما اندثر في الأندلس وتبقى ثقافتهم ممثلة في قصر الحمراء، ومسجد قرطبة، ومساجد طليطلة وأسوارها، ومئذنة أشبيلية (الخيرالدا)، والألفاظ العربية التي تحولت إلى الإسبانية وعديد من اللغات الأوروبية.
فقد عرف العرب قديما بأسواق الشعر، عكاظ وغيره، يتبارى فيها الشعراء. كان الشعر العربي مرآة للحياة العربية قبل الإسلام وبعده، ذاكرة العرب الجماعية، ومرآة لحياتهم الاجتماعية والسياسية والأخلاقية. ووضعت المعلقات السبع على جدار الكعبة؛ فالشعر مقدس مثل بيت إبراهيم. الشعر دين العرب قبل الإسلام، ودين العرب هو الشعر بعد الإسلام.
واستمر الأمر على ما هو عليه في بلاط الخلفاء والأمراء، وانضم إلى الشعراء الفقهاء والعلماء والفلاسفة وأصحاب النحل والفرق، بل والزنادقة والملاحدة؛ فالدولة منتصرة، ولا خوف عليها من المعارضة الفكرية والخصوم السياسيين. وتندثر الأسر الحاكمة والدول التي سميت باسم ملوكها، وتبقى الصالونات الأدبية وسيرتها وعلماؤها وفقهاؤها.
وفي العصر العثماني احتكر بلاط الخلفاء والأمراء فقهاء السلطان العثمانيون، وبدأ اضطهاد الأصوات الإصلاحية المعارضة، وأصبحت ثقافة الصالونات ثقافة سياسية مبطنة نظرا لضعف الدولة، وحصارها بين خصومها في الداخل، وأعدائها في الخارج. ومع ذلك تمثل السياسة عنصر الانقطاع، في حين تمثل الثقافة عنصر الاتصال.
وبعد قيام الدول الوطنية الحديثة أنشأت وزارات الثقافة مع قلق في أسمائها واستقلالها بين وزارة الثقافة والإرشاد القومي؛ فمهمة الثقافة التربية الوطنية مثل وزارة التربية والتعليم، ووزارة الثقافة والإعلام؛ فمهمة الثقافة تبرير سياسة الدولة من خلال الإعلام المقروء والمسموع والمرئي، ووزارة الثقافة والتراث القومي تأكيدا على أهمية ارتباط الثقافة بالتراث القومي، خاصة إذا كان تراث فرقة ومذهب، ووزارة الثقافة دون ربطها بغاية أخرى. ومع ذلك ظلت جزءا من جهاز الدولة تعبر عن سياستها، ولا تسمح بالرأي الآخر إلا في حدود غير مؤثرة كما هو الحال في باقي أنشطة الدولة، مثل التعليم والإعلام والدين والسياسة ممثلة في الحزب الحاكم.
অজানা পৃষ্ঠা