وما كان على الشعب أن يصنعه لدى الأغارقة كان يصنعه بنفسه فيجتمع في الميدان بلا انقطاع، وكان يقيم بإقليم معتدل، ولم يكن طماعا قط، وكان العبيد يقومون بأعماله، وكانت حريته همه الأكبر، وكيف يحافظ على ذات الحقوق وقد عادت لا تكون له ذات المنافع؟ تزيد أقاليمكم الأقسى في احتياجاتكم،
1
ويكون ميدانكم العام غير صالح للإقامة مدة ستة أشهر من السنة، ولا تستطيع ألسنتكم البكم أن تسمع نفسها في العراء، وتبالون بكسبكم أكثر مما بحريتكم، وتخشون العبودية أقل مما تخشون البؤس.
ماذا؟ ألا تستقيم الحرية بغير عون العبودية؟ ربما كان ذلك، فالأقصيان يلتقيان، ولكل ما ليس في الطبيعة محاذيره، والمجتمع المدني أكثر من الجميع، ويوجد من الأحوال السيئة ما لا يمكن أن تحفظ معه الحرية إلا على حساب حرية الآخرين، وما لا يمكن المواطن معه أن يكون تام الحرية إلا بكون العبد عبدا إلى الغاية، وكانت هذه حال إسبارطة، وأما أنت، أيتها الشعوب الحديثة، فليس عندك عبيد، وإنما أنت من العبيد لتأديتك حريتهم من حريتك، ومن العبث مفاخرتك بهذا الاختيار، ففي هذا أجد نذالة أكثر مما أجد إنسانية.
ولا أقصد بجميع هذا ضرورة اقتناء عبيد، ولا كون حق الرق شرعيا، وإنما ذكرت أسباب كون الشعوب الحديثة التي تعتقد أنها حرة ذات ممثلين، وكون الشعوب القديمة غير ذات ممثلين، ومهما يكن من أمر فإن الشعب إذا ما جعل لنفسه ممثلين عاد لا يكون حرا، وعاد لا يكون موجودا.
وإني، بعد بحث في جميع الأمور، لا أرى، فيما بعد، كونه يمكن السيد أن يحافظ بيننا على ممارسة حقوقه إذا لم تكن الحاضرة صغيرة جدا، ولكن ألا تقهر إذا كانت صغيرة جدا؟ كلا، وسأثبت، فيما بعد،
2
كيف يمكن جمع قوة الشعب الكبير الخارجية مع الضابطة السهلة وحسن نظام الدولة الصغيرة.
الفصل الرابع عشر
كون نظام الحكومة ليس عقدا مطلقا
অজানা পৃষ্ঠা