চিন্তাবিদদের বিশ্বাসসমূহ
عقائد المفكرين
জনগুলি
إن في هذه النفوس الآدمية طبائع مفطورة على الثقة والإقدام وطبائع مفطورة على التردد والإحجام، ولا نكاد نرقب معرضا من معارض الحياة اليومية - فضلا عن الحياة في معارضها الخالدة - إلا رأينا أمامنا علامات ماثلة لهاتين الطبيعتين.
فهذا رجل يدخل إلى محفل عام كأنه يدخل إلى بيته ويتحرك فيه حيث يشاء، ويحسب أنه مهما يعمل فيه فهو عمل جائز له غير مراقب فيه، وهذا رجل يدخل إلى المحفل نفسه كأنه مهدد بالطرد منه مترقب للنقد في كل خطوة من خطواته.
والكون كله شبيه بهذا المحفل إذا نظرنا إلى القادمين إليه بهذه النظرة. فمنهم من يواجهه بالثقة في ظواهره وخفاياه، ومنهم من يواجهه بالتوجس والحذر كأنه طارئ عليه غير مستوف جواز القدوم إليه! ومنهم من يثق بخفاياه دون ظواهره أو بظواهر دون خفاياه، وإن جاءت العقائد بعد ذلك فإنما تجيء لتترجم عن هذه الحالات وتضع صاحبها في موضعه من الكون كله؛ موضعه من الكون كله أو من أرض بعينها أو زمن بعينه. ومن يسر هذه الطبائع فإنما يسر أغوار الاستعداد للعقيدة، وهو الاستعداد الذي يثبت في النفوس بالتخير والانتقاء ثم بالانتقال مع الخلائق الموروقة جيلا بعد جيل.
والمقصود بالوراثة هنا هو الاستعداد للعقيدة لا العقيدة في أحكامها وفرائضها، ولا نرى بين الطبائع الموروثة ما هو أثبت في علاماته وأطواره من طبيعة الاستعداد للعقيدة، أو طبيعة الثقة التي تداخل النفس أمام هذا الوجود بجميع ظواهره وخفاياه.
على أن العلم الذي يمتد بالأمل مليون سنة لحقيق ألا يضل سبيله إلى العقيدة التي تصحبه إلى ذلك الأمد البعيد!
تعقيب
بهذه الكلمة تنتهي هذه الرسالة عن «عقائد المفكرين في القرن العشرين»، وقد توخينا فيها أن نجعلها «نموذجية» تمثل العقائد من وجهات النظر على اختلافها.
ويرى من الفصول المتقدمة أن علوم القرن العشرين لا تبطل العقيدة الدينية، وأن للعلماء فيه موقفا من العقيدة غير موقفهم في القرن السابق، فليس لعالم من علمائه أن يجزم بالإنكار والتعطيل مستندا إلى حقائق العلم ونظرياته، وقد وجد منهم كثيرون يستخرجون من علومهم أسبابا شتى للشك في الإنكار والتعطيل.
وقد انقسم علماؤه المعتقدون إلى فئات ثلاث: فئة منهم تؤمن بما فوق المادة أو الطبيعة، وفئة أخرى تلحق المادة نفسها بالمعاني المادية، وفئة ثالثة تؤمن بالقيم الإنسانية لأنها تعتبر العقيدة الدينية ترجمة لنوازع النوع الإنساني التي يقتضيها تكوينه طبقا للسلامة والبقاء.
وملاحظتنا نحن على عقائد القيم الإنسانية أنها تقف بصاحبها دون الغاية الوافية من العقيدة؛ لأنها تتركه في الكون كله بغير سند يطمئن إليه، ولا تجاوز به حدود نوعه، وهو - أي النوع الإنساني - ضائع كله في الكون ما لم يكن لوجوده معنى أصيل مرتبط بالوجود الشامل لجميع الموجودات.
অজানা পৃষ্ঠা