يؤذونه (1)
إن هذه المواقف من شيخ مكة وعميدها كانت تمهد للرسول المصطفى (ص) طريق دعوته وتشد من عزائم المؤمنين ، وتزيد من صبرهم على المكاره ، كما كانت في المقابل تؤجج نار الحقد في قلوب مشركي مكة من القرشيين وغيرهم ، فهم لا يستطيعون النيل من محمد بشخصه في تلك الفترة تحاميا لسطوات بني هاشم ، وهيبة لهم ولعميدهم أبي طالب ، لذلك عمدوا إلى الانتقام من أتباع محمد ممن كانوا تحت قبضتهم وسلطتهم ، فوثب كل واحد منهم إلى أحلافه وعبيده من المسلمين منزلين بهم أشد العقوبات ، وأقسى ألوان التعذيب ، طمعا في ردهم عن دينهم الجديد ، وانتقاما من محمد (ص) في آن واحد.
و على سبيل المثال لا الحصر ، وثب لبلال بن رباح أمية بن خلف الجمحي (2) فكان يخرجه إذا حميت الظهيرة ، فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة ، ثم يأمر بالصخرة العظيمة توضع على صدره ، ويقول أمية : لا يزال بلال على ذلك حتى يموت ، أو يكفر بمحمد!
فيقول بلال : أحد أحد (3)..
وخباب بن الأرت ، كان يعرى ويلصق ظهره بالرمضاء ، ثم الرضف الحجارة المحماة بالنار ويلوون رأسه ، وهو لا يجيبهم إلى شيء مما أرادوه منه ، وقد قال يوما لعمر بن الخطاب انظر إلى ظهري! فنظر ، فقال : ما رأيت كاليوم! قال خباب : لقد أوقدت لي نار وسحبت عليها ، فما أطفأها إلا ودك ظهري (4).
পৃষ্ঠা ৪১