نبذة عن المحررين
تمهيد
مقدمة
ماريا اليهودية
كليوباترا الخيميائية
بيرينيل
آنا، أميرة الدنمارك والنرويج، وملكة ساكسونيا (1532-1585)
ماري موردراك (القرن السابع عشر)
إميلي لو تونيلير دي بروتي، ماركيزة شاتليه (1706-1749)
ماري لافوازييه (1758-1836)
جين هالديمان مارسيه (1769-1858)
جوليا لرمونتوفا (1846-1919)
مارثا آني وايتلي (1866-1956)
أجنس بوكلز (1862-1935)
ماري سكودوفسكا-كوري (1867-1934)
كلارا إميرفير (1870-1915)
ماريا باكونين (1873-1960)
مارجريتا فون رانجل، فورستين أندرونيكوف (1876-1932)
لينا سولومونوفنا شتيرن (1878-1968)
جيرترود يوحنا فوكر (1878-1968)
ليزا مايتنر (1878-1968)
اشتيفاني هوروفيتس (1887-1942)
إيرين جوليا جوتس-دينيس (1889-1941)
إليزابيت رونا (1890-1981)
جيرترود كورنفيلد (1891-1955)
دوروثي مود رينش (1894-1976)
هرتا سبونر (1895-1968)
جيرتي تيريزا كوري (1896-1957)
إيدا نوداك-تاكه (1896-1978)
إيلونا كيلب-كاباي (1897-1970)
إيرين جوليو-كوري (1897-1956)
ماريا كوبل (1897-1996)
كاثرين بور بلودجيت (1898-1979)
أنتوينيا إليزابيث (توس) كورفيتسي (1899-1978)
ماريا دي تلكس (1900-1995)
إريكا كريمر (1900-1996)
إليزا جيجي (1902-1987)
كاثلين لونزديل (1903-1971)
مارتا لويزا فوجت (1903-2003)
كارولينا هنرييتا ماكجيلفري (1904-1993)
لوسيا دو بروكير (1904-1982)
بيرتا كارليك (1904-1990)
إلسي ماي ويدوسون (1906-2000)
بوجوسلافا يتسوفسكا-تريبياتوفسكا (1908-1991)
إيفيت كوشوا (1908-1999)
مارجريت كاثرين بيري (1909-1975)
فيلومينا نيتي بوفه (1909-1994)
بيانكا تشوبار (1910-1990)
دوروثي كروفوت هودجكين (1910-1994)
أولا هامبرج (1918-1985)
روزاليند فرانكلين (1920-1958)
جاكلين فيسيني (1923-1988)
أندريه ماركيه (1934-...)
آنا لورا سيجري (1938-2008)
عادا يونات (1939-...)
هيلجا روبسامن-شيف (1949-...)
كاترينا لاندفستر (1969-...)
نبذة عن المحررين
تمهيد
مقدمة
ماريا اليهودية
كليوباترا الخيميائية
بيرينيل
آنا، أميرة الدنمارك والنرويج، وملكة ساكسونيا (1532-1585)
ماري موردراك (القرن السابع عشر)
إميلي لو تونيلير دي بروتي، ماركيزة شاتليه (1706-1749)
ماري لافوازييه (1758-1836)
جين هالديمان مارسيه (1769-1858)
جوليا لرمونتوفا (1846-1919)
مارثا آني وايتلي (1866-1956)
أجنس بوكلز (1862-1935)
ماري سكودوفسكا-كوري (1867-1934)
كلارا إميرفير (1870-1915)
ماريا باكونين (1873-1960)
مارجريتا فون رانجل، فورستين أندرونيكوف (1876-1932)
لينا سولومونوفنا شتيرن (1878-1968)
جيرترود يوحنا فوكر (1878-1968)
ليزا مايتنر (1878-1968)
اشتيفاني هوروفيتس (1887-1942)
إيرين جوليا جوتس-دينيس (1889-1941)
إليزابيت رونا (1890-1981)
جيرترود كورنفيلد (1891-1955)
دوروثي مود رينش (1894-1976)
هرتا سبونر (1895-1968)
جيرتي تيريزا كوري (1896-1957)
إيدا نوداك-تاكه (1896-1978)
إيلونا كيلب-كاباي (1897-1970)
إيرين جوليو-كوري (1897-1956)
ماريا كوبل (1897-1996)
كاثرين بور بلودجيت (1898-1979)
أنتوينيا إليزابيث (توس) كورفيتسي (1899-1978)
ماريا دي تلكس (1900-1995)
إريكا كريمر (1900-1996)
إليزا جيجي (1902-1987)
كاثلين لونزديل (1903-1971)
مارتا لويزا فوجت (1903-2003)
كارولينا هنرييتا ماكجيلفري (1904-1993)
لوسيا دو بروكير (1904-1982)
بيرتا كارليك (1904-1990)
إلسي ماي ويدوسون (1906-2000)
بوجوسلافا يتسوفسكا-تريبياتوفسكا (1908-1991)
إيفيت كوشوا (1908-1999)
مارجريت كاثرين بيري (1909-1975)
فيلومينا نيتي بوفه (1909-1994)
بيانكا تشوبار (1910-1990)
دوروثي كروفوت هودجكين (1910-1994)
أولا هامبرج (1918-1985)
روزاليند فرانكلين (1920-1958)
جاكلين فيسيني (1923-1988)
أندريه ماركيه (1934-...)
آنا لورا سيجري (1938-2008)
عادا يونات (1939-...)
هيلجا روبسامن-شيف (1949-...)
كاترينا لاندفستر (1969-...)
عالمات أوروبيات في الكيمياء
عالمات أوروبيات في الكيمياء
تحرير
يان أبوتيكر وليفيا سايمون ساركادي
ترجمة
هبة عبد العزيز غانم
نبذة عن المحررين
يان أبوتيكر: محاضر في الكيمياء بجامعة جرونينجن، بعد حصوله على درجاته الأكاديمية من جامعة جرونينجن في الكيمياء الحيوية، درس الكيمياء في مدرسة ثانوية محلية لمدة 25 عاما. من مسئولياته الرئيسية بوصفه محاضرا تدريب المدرسين في جميع مستويات التعليم، وهو يشارك أيضا في تنظيم أنشطة من الجامعة وعلى النطاق القومي، وهو عضو في لجنة «الكيمياء الجديدة» التوجيهية التي تضع حاليا منهجا جديدا في الكيمياء للتعليم الثانوي بهولندا، وعضو مجلس الجمعية الكيميائية الملكية الهولندية للتعليم، كما أنه عضو لجنة الاتحاد الدولي للكيمياء البحتة والتطبيقية لتعليم الكيمياء، وعضو في قسم تعليم الكيمياء في الجمعية الأوروبية للعلوم الكيميائية والجزيئية.
ليفيا سايمون ساركادي: أستاذة التكنولوجيا الحيوية التطبيقية وعلم الأغذية بجامعة بودابست للتكنولوجيا وعلم الاقتصاد، بالمجر. منذ 1980 وهي تدرس الكيمياء الحيوية وكيمياء الغذاء وتحليل الغذاء، وأشرفت على عدد من طلاب الدكتوراه وبكالوريوس العلوم والماجستير. وإلى جانب تأدية الكثير من الأبحاث العلمية، بمفردها أو بالمشاركة مع غيرها؛ فقد ألفت كتابا مدرسيا في الكيمياء الحيوية. وهي عضو في مجلس تحرير الصحف الدولية (بحث الغذاء الأوروبي وبحث التكنولوجيا والغذاء والتغذية). شغلت منصب رئيس مجموعة عمل بروتين الغذاء التابعة للأكاديمية المجرية للعلوم منذ عام 1996، وهي حاليا رئيس قسم كيمياء الغذاء التابع للجمعية الأوروبية للعلوم الكيميائية والجزيئية، وعضو منتخب في المجلس التنفيذي للجمعية الأوروبية للعلوم الكيميائية والجزيئية.
تمهيد
«كتاب عن عالمات الكيمياء، يا له من مشروع غريب! كيف يتأتى أن يستطيع مثل هذا العدد الضئيل جدا من النساء تقديم شيء ذي قيمة للكيمياء؟» أتوقع أن تكون هذه العبارة هي رد الفعل الطبيعي على نشر هذا الكتاب. حقيقة ليس ثمة عدد كبير من عالمات الكيمياء الشهيرات على مستوى العالم. وحتى نتعرف على المكانة التي حظيت بها النساء في العلم، دعونا نلق نظرة على الحائزين على جائزة نوبل، ممن هم بين العلماء البارزين: بين عامي 1901 و2010 ، حصل على جائزة نوبل في العلوم وجائزة نوبل في العلوم الاقتصادية 612 عالما، من بينهم 17 فقط من النساء. أما إذا تطرقنا إلى الحائزين على جائزة نوبل في الكيمياء تحديدا، فسنجد أنها قد منحت ل 159 عالما، من بينهم 4 نساء فقط (في عام 1911، لماري كوري، في مجال الكيمياء النووية؛ «تقديرا لمساهمتها في تقدم الكيمياء باكتشاف عنصري الراديوم والبولونيوم، عن طريق عزل الراديوم ودراسة طبيعة ومركبات هذا العنصر المتميز»؛ وفي عام 1935، لإيرين جوليو-كوري، في مجال الكيمياء النووية؛ «تقديرا لتخليقها عناصر إشعاعية جديدة»؛ وفي عام 1964، لدوروثي كروفوت هودجكين، في مجال الكيمياء الحيوية، والكيمياء التركيبية «من أجل تحديدها لتركيبات مواد كيميائية حيوية مهمة باستخدام تقنيات الأشعة السينية»؛ وفي عام 2009، لعادا يونات، في مجال الكيمياء الحيوية، والكيمياء التركيبية؛ «من أجل دراسات تركيب الريبوسوم ووظيفته».)
لماذا هذا العدد الضئيل جدا؟ أولا، لأن الناس كانوا مقتنعين أن العلم شيء يصلح للأقوياء العقلانيين، والنساء من المفترض أن يكن ضعيفات وغير عقلانيات؛ ومن ثم استبعدت النساء على نحو منهجي من دراسة العلم الجاد، وبشكل عام كانت عائلاتهن - آباؤهن في الغالب - تقاوم دراستهن. «أخبروهن أن نوعهن ينبغي أن يمتلك حس الحياء من العلم بنفس قدر امتلاكه لحس الخوف من الرذيلة» (فينيلون، سمات تعليم البنات، 1687). علاوة على ذلك؛ ونظرا لحرمان النساء من الالتحاق بالمدارس الثانوية التي تؤهل للجامعة، فإنهن كن يضطررن للاستعانة بمدرسين خصوصيين إذا رغبن في تعلم العلوم. ويفسر هذا سبب انتماء العالمات القليلات في الأساس للطبقات الثرية والمثقفة من المجتمع، لزمن طويل.
على أية حال، فيما يخص الكيمياء، يستطيع الرجال دراسة الكيمياء، أما النساء فعليهن الاهتمام بالطبخ. وفيما يتعلق بالأنشطة الشبيهة بالكيمياء التي تقوم بها النساء، فكانت غالبا ما ترتبط بتحضير العطور والمراهم والسموم؛ ومن ثم بالسحر والعرافة. بناء على ذلك، بإمكاننا أن نتفهم وقوع الكثير من النساء اللائي عرفن خصائص النباتات (أوليات العالمات في كيمياء المنتجات الطبيعية)، ضحايا للظلامية والحرق في كثير من الأحيان باعتبارهن ساحرات.
إن إلقاء نظرة واحدة على مصير عالمات الكيمياء كفيل بأن يظهر لنا أنهن نادرا ما عشن حياة بسيطة عادية، وأن معظمهن قد عانين من مصائر قاسية أو غير عادية. ولعل هذا في الغالب أحد أسباب التأثير العظيم الذي كان وسيظل لهؤلاء النسوة؛ على سبيل المثال، كقدوة للشباب وليس فقط للفتيات. في الواقع، إن محاولة التوحد مع شخص خارج عن نطاق المألوف أكثر إثارة بكثير من أن تتوحد مع شخص يعيش حياة خالية من الأحداث؛ ونظرا لأن معظم عالمات الكيمياء تمتعن بقصص غير مألوفة، فإننا لا نندهش إذ نرى كيف أن الطلاب يعتبرونهن نماذج أفضل من علماء الكيمياء من الرجال، على الأقل منذ سنوات. لقد دعت عالمات كيمياء لحصول المرأة على المزيد من الفرص المهنية، مثل: حق التصويت والحق في الحصول على تعليم ثانوي وجامعي مدعم من الدولة. ونجحن بالتأكيد في القضية الثانية، وبفضل كفاحهن وتصميمهن، قبل التحاق المرأة بالجامعات بحلول بداية القرن العشرين في الكثير من البلدان. والآن، حتى لو كان ثمة بعض التمييز ضد المرأة في العلوم، فإن على الكيميائيات أن يتأقلمن مع ذلك، ويفهمن أن مستقبلهن يعتمد بدرجة أكبر على ما يردن هن عمله بأنفسهن، وليس على ما يريده الآخرون. وبقيامهن بهذا، سوف يثبتن للجميع مرة أخرى عزمهن وقوة إرادتهن.
نيكول مورو
شارنتون، فرنسا
مقدمة
وافق عام 2011 الذكرى المئوية لمنح جائزة نوبل لماري كوري، وكان هذا أحد الأسباب التي دعت إلى اختيار هذا العام كي يكون العام الدولي للكيمياء. وقد أحيت هذه الذكرى المئوية فكرة كتاب يسرد تاريخ عالمات الكيمياء اللائي نشطن عبر أوروبا في تلك المهنة التي لا تزال حتى الآن تحت سيطرة الرجال.
تغطي فصول الكتاب نساء من أزمنة الخيمياء حتى القرنين التاسع عشر والعشرين اللذين تمكنت فيهما النساء من الوصول إلى التعليم العالي. وقد اقترح الشخصيات الواردة بالكتاب أعضاء الجمعية الأوروبية للعلوم الكيميائية والجزيئية، وأخذ المحرران القرار النهائي في الاختيار، وكما في أي عملية اختيار أخرى فإن هناك شخصيات أخرى كان من الممكن تضمينها في الكتاب، ونحن في الواقع نأمل أن يثير الكتاب البحث والنقاش حول هذا الموضوع .
تظهر قصص عالمات الكيمياء نطاق أنشطتهن ومدى الصعوبة التي واجهنها في الحصول على وظائف مجزية بالنسبة لهن، وللعالمات بشكل عام. وللأسف الشديد، لم يبدأ هذا الموقف في التغير في معظم البلدان الأوروبية إلا بعد عام 1960. وحتى هذا التاريخ عانت الأغلبية العظمى من الكيميائيات من مشكلات ضخمة في الحصول على وظائف أكاديمية رغم إمكانياتهن الممتازة.
ركزنا في هذا الكتاب على الوظائف الأكاديمية، ولم نضمن وظائف النساء الأخرى ذوات الخلفية الكيميائية، وإلا كنا سنضمن مارجريت تاتشر وأنجيلا ميركل وغيرهما من السياسيات ذوات الخلفية الكيميائية.
يوجد في الوقت الحالي برامج منح لتشجيع العالمات من النساء، سواء على المستوى الأوروبي أو على المستوى الوطني، كما توجد شبكات للعالمات لمشاركة خبرتهن وتقديم الدعم للطلاب والعلماء الصغار الذين يبدءون مسيرتهم الوظيفية.
يأمل المحرران أن يستمتع القارئ بقراءة القصص المختلفة حول عالمات الكيمياء اللائي ينتمين لبلدان مختلفة ويتمتعن بخلفيات مختلفة. وليس المقصود أن ينتهي القارئ من قراءة هذا الكتاب في مرة واحدة، وإنما نهدف إلى إلهام الشابات الصغيرات للتفكير في دراسة الكيمياء والعمل بها. ومع ذلك، ليس من المفترض أن يقرأ الكتاب النساء فحسب، بل ينبغي للكيميائيين من الرجال أن يسألوا أنفسهم كيف كانوا سيصلون إلى مثل هذه الوظائف إذا ما واجهتهم العقبات نفسها. كذلك سوف يستفيد مدرسو الكيمياء في المرحلة الثانوية والجامعية من قراءة هذا الكتاب لكي يؤكدوا لطلابهم أن فرص المهن العلمية ليست موجهة سهوا للطلاب من الذكور.
نود أن نوجه الشكر للأشخاص الكثيرين من دار نشر وايلي الذين ساعدونا كثيرا في تجميع هذا الكتاب. كما نشكر رئاسة الجمعية الأوروبية للعلوم الكيميائية والجزيئية، التي اقترحت مبدئيا تأليف كتاب حول هذا الموضوع، ونشكر جميع المؤلفين الذين أسهموا في هذا الكتاب؛ فدون مساندتهم وتشجيعهم وحماسهم للمشروع ما كان ليظهر إلى النور. ونوجه شكرا خاصا للأستاذة نيكول مورو (رئيس الاتحاد الدولي للكيمياء البحتة والتطبيقية) التي كتبت تمهيدا لهذا الكتاب.
يان أبوتيكر
ليفيا سايمون ساركادي
ماريا اليهودية
ماريان أوفرينز
كانت ماريا اليهودية خيميائية عاشت غالبا في الإسكندرية بمصر، في القرن الأول أو الثالث. ورغم عدم معرفة أي حقائق عن حياتها، فهناك الكثير من الإشارات لماريا في النصوص القديمة. ونظرا لأن الخيمياء كانت من العلوم السرية، ربما لحماية ممارسيها من الاضطهاد، لم يكن من الغريب أن يكتب الخيميائيون تحت اسم شخصية مقدسة أو مشهورة، وقد كانت ماريا تكتب تحت اسم مريم النبية، أخت النبي موسى. •••
توجد أجزاء من أعمالها، بما فيها كتاب «تمرين ماريا» في مجموعات الكتب الخيميائية القديمة، كما أنها ربما تكون مؤلفة «رسالة التاج وطبيعة الخلق بقلم ماريا القبطية المصرية» التي عثر عليها في مجموعة من المخطوطات الخيميائية العربية، مترجمة من اليونانية. وفي هذا العمل ثمة ملخص لنظريات الخيمياء السكندرية الكبرى وشرح للعديد من العمليات الكيميائية، ومنها عملية تصنيع الزجاج الملون. كثيرا ما كان الخيميائيون الأوائل يستشهدون بأقوال ماريا، ولا سيما المؤلف الموسوعي والخيميائي زوسيموس من بانوبوليس (القرن الثالث أو الرابع)، والخيميائي والكاتب أوليمبيودوروس (القرن الخامس أو السادس)، وميخائيل ماير (القرن السابع عشر). وقال عنها زوسيموس إنها كانت أول من أعد النحاس المحروق بالكبريت، وهي «المادة الخام» لتحضير الذهب. وكانت ماريا تدرس أن هذا «العمل العظيم» لا يمكن تحضيره إلا في أوائل الربيع وأن الله قد منح سره للعبرانيين فحسب. كانت ماريا تؤمن بأن جميع المواد هي في الأصل مادة واحدة، وأن النجاح في صناعة الذهب سوف يتحقق عندما تتجمع أجزاؤه: «تصبح المادة مادتين، والاثنتان ثلاثا، وباستخدام الثالثة تحقق الرابعة الوحدة؛ ولذا فإن الاثنتين ما هما إلا واحدة.» وقد شبهت في كتاباتها البشر بالمعادن: «وصل الذكر بالأنثى، وسوف تحصل على ما تسعى إليه.»
ماريا اليهودية.
ظلت إسهاماتها النظرية مؤثرة في العصور الوسطى وما بعدها، ولكن ماريا كانت مشهورة أكثر بتصميمات الأدوات المعملية التي قدمتها. اخترعت ماريا وطورت تقنيات وأدوات ما زالت أساسية في العلم المعملي حتى اليوم، وقد وصفت في كتاباتها تصميمات الأجهزة المعملية بمنتهى الدقة والتفصيل. كان التقطير مهما للخيمياء التجريبية؛ ولذا اخترعت ماريا المقطرة أو الإمبيق والمقطرة ذات الأذرع الثلاث التي يطلق عليها ترايبيكوس. وليتم تقطير السائل كان يتم تسخينه في وعاء فخاري على موقد. ويتم تكثيف البخار في كوب (يعرف باسم «أمبيكس»)، الذي يبرد باستخدام الإسفنج، ويقوم إطار بداخل الكوب بتجميع ناتج التقطير وحمله إلى ثلاثة أنابيب توصيل نحاسية موصلة بأوعية استقبال.
كيروتاكيس (
www.alchemywebsite.com ).
أيضا اخترعت الكيروتاكيس، لأغراض تجاربها، وهذا الجهاز يعد أهم إسهاماتها في علم الخيمياء، وهو عبارة عن أسطوانة أو كرة لها غطاء نصف كروي، توضع على النار، ومعلق بالغطاء أعلى الأسطوانة لوح مثلث، ويستخدمه الرسامون لتسخين خلطات الألوان والشمع، ويحتوي على سبيكة من النحاس والرصاص أو غيرهما من المعادن. يتم تسخين محاليل الكبريت أو الزئبق أو كبريتيد الزرنيخ في غلاية بالقرب من قاع الأسطوانة. وكان بخار الكبريت أو الزئبق المتكثف في الغطاء ومحصول التقطير يتدفق لأسفل، مهاجما المعدن لإنتاج كبريتيد أسود اللون يطلق عليه «سواد ماري». وتستخدم مصفاة لفصل الشوائب من الكبريتيد الأسود، وتنتج عملية الارتداد المستمرة سبيكة شبيهة بالذهب، وكان يتم استخراج الزيوت النباتية مثل عطر الورد باستخدام الكيروتاكيس أيضا.
حمام ماري (
www.alchemywebsite.com ).
كان حمامها المائي، حمام ماري، يشبه غلاية مزدوجة ويستخدم للحفاظ على درجة الحرارة ثابتة، أو للتسخين البطيء للمواد. وبعد ألفي عام، ما زال حمام الماء جزءا لا يتجزأ من أي معمل. ولا ينبغي أن يخلط المرء بين حمام ماري
balneum mariae ، حيث يتم تسخين الوعاء الداخلي بالبخار للحصول على درجة حرارة تزيد عن 100 درجة مئوية، وبين مغطس ماري
bain marie ، الذي تظل فيه درجة الحرارة تحت 100 درجة مئوية.
ماريا اليهودية كانت واحدة من الكيميائيين الأوائل الذين جمعوا نظريات علم الخيمياء مع الكيمياء العملية للتقاليد المهنية؛ ولذا فهي تعتبر أحد مؤسسي الكيمياء الغربية.
المراجع
Alic, M. (1986)
Hypatia’s Heritage. A History of Women in Science from Antiquity to the Late Nineteenth Century , The Women’s Press, London.
Kass-Simon, G. (1993)
Women of Science. Righting the Record,
Indiana University
Lennep, J. van (1984)
Alchemie , Gemeentekrediet België, Brussels.
Ogilvie, M. (2000).
The Biographical Dictionary of Women in Science. Pioneering Lives from Ancient Times to the Mid-20th Century,
Vol 2, Routledge, London and New York.
كليوباترا الخيميائية
ماريان أوفرينز وريناتا شتروماير
على غرار ماريا اليهودية، عاشت كليوباترا الخيميائية، التي تعرف أيضا باسم كليوباترا صانعة الذهب، في الغالب في القرن الثالث، وهي مرتبطة بمدرسة ماريا اليهودية.
ومثل ماريا اليهودية يعد اسم «كليوباترا» في الغالب اسما مستعارا.
كانت كليوباترا فيلسوفة وعالمة تجريبية، وكثيرا ما يخلط بينها وبين كليوباترا الطبيبة، التي عاشت في نفس الوقت تقريبا، وجاء ذكرها في أعمال أبقراط. •••
لم يبق من أعمال كليوباترا إلا محاضرة وورقة بردي واحدة تحتوي على رموز ورسوم بيانية، وتوجد نسخة منها في مكتبة جامعة ليدن بهولندا. في المحاضرة التي كتبت على شكل محادثة، تقارن كليوباترا بين الفيلسوف-الخيميائي الذي يتأمل عمله والأم الحنون التي تفكر في طفلها وترضعه. ووفقا لما قاله ليندسي في كتابه «أصل الخيمياء في مصر اليونانية- الرومانية»، تعد هذه المحاضرة «الوثيقة الأكثر خيالا ومشاعر التي يتركها الخيميائيون.»
وتصور البردية الرمز الأصلي للانهاية وهي أفعى تأكل ذيلها، وحلقة مزدوجة عليها نقش: «الواحد هو الأفعى التي تملك سمها المصنوع من مركبين، والواحد هو الكل، ومن خلاله الكل، وبواسطته الكل، وإذا لم يكن لديك الكل، فالكل لا شيء.»
الكريسوبيا (صنع الذهب) الخاص بكليوباترا (
http://library.du.ac.in/xmlui/bitstream/handle/1/788/Ch8
20Alchemy.pdf?sequence=14 ).
ويوجد داخل الحلقة رموز الذهب والفضة والزئبق، ويوجد في أجزاء أخرى من البردية مقطرة ذات ذراعين وجهاز يشبه الكيروتاكيس، وربما تمثل الرسوم في الجهة اليمنى تحويل الرصاص إلى فضة.
درست كليوباترا الأوزان والمقاييس؛ محاولة قياس الجانب التجريبي من الخيمياء كميا، وكانت نصوصها مستخدمة حتى أواخر العصور الوسطى؛ حيث أشار لأعمالها الكثير من الخيميائيين.
ومثلها مثل ماريا استخدمت كليوباترا أيضا الشمس والروث كمصادر حرارة معملية؛ لذلك، فإذا كنا مشغولين بإيجاد طرق لاستخدام الشمس والروث كمصادر للطاقة، فنحن نتبع في ذلك أجدادنا.
المراجع
Alic, M. (1986)
Hypatia’s Heritage. A History of Women in Science from Antiquity to the Late Nineteenth Century , The Women’s Press, London.
Kass-Simon, G. (1993)
Women of Science. Righting the Record , Indiana University
Lennep, J. van (1984)
Alchemie , Gemeentekrediet België, Brussels.
Lindsay, J. (1970)
The Origins of Alchemy in Graeco-Roman Egypt , Muller, London.
Rebière, A. (1897)
Les Femmes dans la Science , Notes Recueillies, Librairie Nony & Cie, Paris.
Strohmeier, R. (1998)
Lexicon der Naturforscherinnen und Naturkundigen Frauen Europas. Von der Antike bis zum 20. Jahrhundert , Harri Deutsch Verlag, Thun und Frankfurt am Main.
بيرينيل
ماريان أوفرينز
ما زال تاريخ ميلاد بيرينيل (التي عاشت من 1320 (أو 1340) إلى 1402 (أو 1412)) وأصولها غير مؤكدين حتى الآن. كانت تعيش في باريس في القرن الرابع عشر، حيث تزوجت من الكاتب الثري نيكولاس فلاميل في عام 1355، بعد أن ترملت مرتين، وعاشا في شارع الكتاب، بالقرب من كنيسة سان جاك دو لا بوشري.
أصبحا مشهورين من خلال كتب جيه كيه رولينج ومايكل سكوت، التي وصفا فيها باعتبارهما خيميائيين وجدا حجر الفلاسفة؛ ومن ثم وجدا مصدر الحياة الأبدية. •••
في عام 1357 اشترى فلاميل بفلورينين المخطوطة الكتابية التي ستغير حياتهما، وكتب فلاميل عنها: «(...) كتاب مذهب، شديد القدم والكبر، لم يكن من الورق، ولا من الجلد الرقي، مثل بقية الكتب، ولكنه كان مصنوعا من القشر الرقيق للأشجار الصغيرة الطرية - كما يتراءى لي، وكان غطاؤه من النحاس مربوطا بعناية ومنقوشة عليه حروف أو أشكال غريبة. وبالنسبة لي أعتقد أنها يحتمل جدا أن تكون حروفا يونانية أو أي لغة تماثلها في القدم. بالتأكيد لم أستطع قراءتها، ولكني أعرف حق المعرفة أنها ليست حروفا لاتينية ولا غالية؛ لأننا نفهمها قليلا. بالنسبة لما كان داخله، كانت أوراق القشرة منقوشة ومكتوبة بدقة تثير الإعجاب، ببعض الحديد الملون، وبحروف لاتينية جميلة ومنظمة، وكانت تحتوي على ثلاث مجموعات سباعية من الأوراق، هكذا ظهر العدد في أعلى الأوراق، ودائما كانت الورقة السابعة من كل مجموعة خالية من الكتابة، ولكن بدلا من الكتابة، يوجد فوق ورقة الشجر السابعة الأولى قضيب وأفاع تلتهمه.» (أ) بوابة مقبرة الأبرياء. (ب) بي أرنو (1612) كتاب الرموز الهيروغليفية، باريس. (ج) لوحة خشبية لنيكولاس فلاميل وزوجته بيرينيل.
كان العنوان مكتوبا بحروف مذهبة كبيرة: «إليعاذر أبراهام اليهودي، أمير لاوي، الفلكي والفيلسوف، ممثل اليهود الذين تشتتوا بقدرة الرب إلى بلاد الغال».
عمل فلاميل وزوجته بيرينيل طوال الإحدى والعشرين سنة التالية على ترجمة هذا الكتاب الذي كان يفترض أن يحتوي على سر التحويل وحجر الفلاسفة، واستشارا الكثيرين، وقاما بالكثير من التجارب بنفسيهما، ولكن بلا جدوى. وأخيرا، سافر فلاميل إلى إسبانيا، وهناك قابل طبيبا يهوديا شرح له معنى النص والرموز. بعد ذلك عملا لمدة ثلاث سنوات، وأخيرا في يوم الإثنين الموافق 17 يناير عام 1382 كتب فلاميل في كتابه «كتاب الرموز» أنه وبيرينيل حولا نصف رطل من الزئبق إلى «فضة نقية»، وفي 25 أبريل صنعا من «الحجر الأحمر» «نفس الوزن تقريبا من الذهب النقي». وكإحياء للذكرى «(...) رسم في القوس الرابع في صحن كنيسة الأبرياء، في مواجهتك عند الدخول من البوابة الضخمة في شارع سانت دينيس، وعند توجهك لليمين، تجد أهم وأصدق علامات الفن، لكنها خفية، ومكتوبة برموز هيروغليفية، تقليدا لتلك الموجودة في كتاب أبراهام اليهودي المذهب (...).»
ماتت بيرينيل يوم 11 سبتمبر عام 1397، وتركت لزوجها ثروة تقدر ب 5300 جنيه.
مشكلة فلاميل وبيرينيل هي عدم وجود مصادر معاصرة ؛ إذ يرجع تاريخ أقدم المصادر إلى القرن السادس عشر. ويقال إنهما نظرا لعثورهما على حجر الفلاسفة ما زالا حيين حتى الآن ...
المراجع
http://www.levity.com/alchemy/testment.html (accessed 24 December 2009).
Alic, M. (1986)
Hypatia’s Heritage. A History of Women in Science from Antiquity to the Late Nineteenth Century , The Women’s Press, London.
Federmann, R. (1964)
Die Königliche Kunst. Eine Geschichte der Alchemie , Paul Neff, Wien.
Lennep, J. van (1984)
Alchemie. Bijdrage Tot de Geschiedenis van de Alchemistische Kunst , Gemeentekrediet België, Brussels.
Rebière, A. (1897)
Les Femmes dans la Science. Notes Recueillies , Librairie Nony & Cie, Paris.
آنا، أميرة الدنمارك والنرويج، وملكة ساكسونيا (1532-1585)
ريناتا شتروماير
كانت آنا، صاحبة أكبر وأفضل معمل كيميائي أسس في ألمانيا القرن السادس عشر، وواحدة من الكيميائيات/الخيميائيات القليلات اللائي نعرفهن من القرن السادس عشر؛ ونظرا لأن لها أهمية في تاريخ ساكسونيا؛ فقد كتب مؤرخو القرن التاسع عشر سيرتها الذاتية وقدروا مراسلاتها الكثيرة. وقد وصفت اهتماماتها وأنشطتها في رسائلها الموجهة غالبا لنساء أخريات مهتمات بنفس مجال المعرفة. وليس هناك الكثير من البيانات المتوفرة عن غيرها من خيميائيات القرن السادس عشر، مثل: إيزابيل لا كورتيز (؟-1561) أو ماري موردراك (التي عاشت على الأرجح في القرن السابع عشر)، اللتين سمعنا عنهما لأنهما نشرتا دراسات في الكيمياء. كان علم الخيمياء الغامض خطيرا، وربما مهددا للحياة؛ إذ قد يؤدي بالنساء إلى الموت حرقا. •••
في القرن السادس عشر، عندما كانت الكيمياء لا تزال يطلق عليها الخيمياء، أنشأ باراسيلسوس (1493-1541) علاجا طبيا بمواد كيميائية بالاعتماد على القوة العلاجية للنباتات والمعادن. وأدى الفضول العلمي بالإضافة إلى علم التنجيم والأفكار المتعلقة بالسحر والمعتقدات القديمة المؤمنة بالخرافات إلى تطوير الطب الكيميائي القديم (الصيدلة)، وكان هذا هو مجال أنشطة آنا العلمية. اخترعت الكثير من الأجهزة والإجراءات المعملية الجديدة في أوائل القرن السادس عشر، واستخدمتها في معاملها، وكان أهم هذه الأجهزة جهاز التقطير المحسن الخاص بماء الحياة الشهير الخاص بها.
أنشأت آنا في آنابيرج بساكسونيا، تلك المدينة التي سميت تيمنا باسمها، ما يشبه «المصنع» لإنتاج الأدوية، وضم المبنى الذي تبلغ مساحته 200 خطوة مربعة بجدرانه وخنادقه المائية أجهزة تقطير ومعامل ذات أحجام مذهلة. كان أحد هذه الأجهزة في حجم كنيسة، وبه قباب ذاتية الدعم والكثير من المداخن. قال عنه أحد الزوار إنه: «رأى معملا به ست عشرة مدخنة ويحتوي على أفران بشكل وارتفاع الخيول والأسود وإنسان الغاب وأحدها على شكل صقر بجناحين مفرودين مطليين بالذهب.» في هذه المعامل كان يتم معالجة جميع أنواع المكونات وتحويلها إلى منتجات طبية. وكانت المكونات العشبية تأتي من حدائقها أو تجمع من الغابات والحقول المجاورة بواسطة نساء محليات يعملن في جمع الأعشاب. وكان يتم تجفيف وتخزين كميات ضخمة من الأوراق والفواكه والجذور والزهور. ومع ذلك، ليس فقط النباتات، وإنما أيضا علاجات من المملكة الحيوانية، مثل: عظام السيقان البشرية المطحونة والطحالب المزروعة على الجماجم البشرية، والدهن البشري، وصفراء الثور ودهن الكلاب ولبن الخيول والحمير، ودم الغزلان والماعز، ولا ننسى بالطبع الحصان أحادي القرن المرغوب بشدة، كانت تخلط في المراهم والشراب واللعوق. وبعد وفاتها عثر على 181 مكونا من مكونات الشراب المعالج الخاص بها في مخازن ومعامل آنابيرج. ولعل هذه العلاجات تبدو غريبة في الوقت الحالي، ولكنها كانت توصف في الكثير من المستوصفات في القرن السادس عشر.
آنا أميرة الدنمارك والنرويج وملكة ساكسونيا.
نظرا لأن آنا لم تكن تعرف اللاتينية، يمكن للمرء أن يفترض أنها لم تتلق تعليما عاليا، وأغلب الظن أن معرفتها واهتمامها العميق بالأدوية وإنتاجها استيقظ في طفولتها على يد أمها؛ لأنه أصبح من الموضوعات الأساسية في المراسلات بين الأم وابنتها في وقت لاحق. وكانت معلمتها الأولى لفن تقطير ماء الحياة هي الكونتيسة آنا من مانسفيلد. وجاءت معظم معرفتها المعاصرة المتقدمة والإجراءات الحديثة في زمانها من أفراد البلاط الدارسين للطب، وربما كان الدكتور بول لوثر (1533-1593) الطبيب والخيميائي أهم معلميها. وقد عثر على رسائل استفسارية موجهة لكل الأطباء والخيميائيين المهمين في ذلك الوقت في مراسلات آنا وأغسطس. على سبيل المثال: طلبا من الدكتور بيثوبويس أن يدرس لهما «أساسيات علمه ودوائه الجديد، الذي يؤثر باستخلاص القوى والأشياء الأساسية (المواد النشطة) في النار». ولم يكن الأطباء المتعلمون هم المصدر الوحيد لمعارفها الطبية؛ إذ جمعت آنا تركيبات من جميع أنواع المعالجين المعاصرين مثل النساء المعالجات والمعالجين غير المتعلمين والرعاة والحلاقين. وكانت مجموعة الوصفات والعلاجات الطبية الكبيرة الخاصة بها تطلب وتزود من قبل الصيادلة والأطباء في دستور الأدوية الخاص بها.
قلعة آنابيرج التي بنتها آنا وأغسطس الأول ملك ساكسونيا (1572-1575).
شاركت آنا زوجها في تجارب خيميائية، وبمساعدة الكيميائي السويسري سيبالد قامت بصناعة «ثلاث أونصات من الذهب باستخدام ست أونصات من الفضة في غضون ستة أيام» في عام 1578. وفي عام 1585 أعطيا بعض «الأكرانوم، من صنع يديهما» لكونت براندنبيرج، الذي قبل الهدية بامتنان، وكانت هذه الأنشطة خطيرة للغاية بالنسبة للنساء في زمنها، وربما تكون مكانة آنا الاجتماعية كأميرة قد أنقذتها من الاتهام بالعرافة والحكم عليها بالحرق حية.
المراجع
Carl von Weber (1865) Anna,
Churfürstin von Sachsen,
Tauchniz, Leipzig.
Harless, J. C. F. (1830)
Die Verdienste der Frauen um Naturwissenschaft, Gesundheitsund Heilkunde, so wie auch um Laender-, Voelker- und Menschenkunde, von der aeltesten Zeit bis auf die neueste: ein Beitrag zur Geschichte und geistiger Cultur, und der Natur- und Heilkunde insbesondere , Vandenhoeck- Rupprecht, Goettingen.
Keller, K. (2007) Anna von Dänemark, in Sächsische Biografie, ed. Institut für Sächsische Geschichte und Volkskunde e.V., revised by Martina Schattkowsky, Online:
http://www.isgv.de/saebi/ .
ماري موردراك (القرن السابع عشر)
ماريان أوفرينز وريناتا شتروماير
صاحبة واحدة من أوليات الرسائل التي كتبتها امرأة في الكيمياء. •••
من الصعب الحصول على بيانات السيرة الذاتية لحياة ماري موردراك، والدليل على وجودها هو رسالتها في الكيمياء التي نشرت لأول مرة في عام 1666 بباريس. وتعد رسالة «الكيمياء النافعة والبسيطة الصالحة للنساء» الرسالة الأولى في الكيمياء التي تكتبها امرأة منذ أعمال ماريا اليهودية قبل نحو 1600 عام مضت. وربما تكون ماري موردراك قد سمعت بزميلتها الراحلة؛ لأنها كتبت عن تقطير حمام ماري: «سمي هذا التقطير على اسم المرأة التي ابتكرته، والتي كانت أخت موسى، واسمها ماري، وكان يطلق عليها النبية، وقد كتبت كتابا تحت عنوان «الكلمات الثلاث».»
تصف ماري موردراك محتويات كتابها كما يلي: «قسمت هذا الكتاب إلى ستة أجزاء: في الجزء الأول، أعالج المبادئ والعمليات والأوعية والطين والأفران والنار والسمات والأوزان. أما الثاني، فأتحدث فيه عن خصائص العقاقير النباتية البسيطة (الأعشاب الطبية والعقاقير المصنوعة من النباتات)، وعن تحضيرها وطريقة استخلاص أملاحها وصبغاتها وسوائلها وعطورها. وفي الثالث أتناول الحيوانات، وفي الرابع المعادن، ويتناول الجزء الخامس طريقة عمل الأدوية المركبة باستخدام علاجات مجربة متعددة. أما الجزء السادس فهو للسيدات، حيث توجد فيه مناقشة لكل ما يحافظ على الجمال ويزيده. وقد بذلت كل ما في وسعي لتوضيح ما أقوله وتيسير العمليات، وكنت شديدة الحرص على ألا أتخطى حدود معرفتي؛ ومن ثم أستطيع أن أؤكد صحة كل ما قلته في هذا الكتاب، وأؤكد أن كل العلاجات المذكورة مجربة، وأحمد الرب وأمجده على هذا.»
معمل كيمياء في القرن السادس عشر، نقش عن لوحة للفنان بيتر بروخل الأكبر، عام 1560.
يشتمل الكتاب على جدول به 106 رموز خيميائية وجدول للأوزان المستخدمة في العقاقير، وقد افترضت - بناء على التقليد الخيميائي - أن المواد تتكون بالاعتماد على ثلاثة أساسيات: الملح والكبريت والزئبق، واقترحت بعض فقرات الكتاب أنها لم تكن مجرد خيميائية/كيميائية وإنما كانت طبيبة؛ فهي تقول مؤكدة، على سبيل المثال: «استخدمته (عطر إكليل الجبل) وكانت له نتائج طيبة وصنعت به بعض الأدوية الممتازة.»
وتصف ماري موردراك في مقدمتها «الصراع الداخلي» بين المفهوم التقليدي للمرأة التي زعمت أنها «تظل صامتة وتستمتع وتتعلم دون إظهار ... معرفتها» و«من ناحية أخرى، أطريت على نفسي بأنني لست أول سيدة ينشر لها شيء.» وهي تصف دافعها «لإخراج الكتاب من بين يديها» ... «بأنها ستكون خطيئة ضد الإحسان أن أخبئ المعرفة التي حباني الله إياها، والتي قد تكون ذات نفع للعالم أجمع.»
ولم يتحقق توقعها ألا يحظى الكتاب بالنجاح لأن «الرجال دائما ما يزدرون ويحتقرون ثمرة عقل المرأة»؛ فقد طبع طبعتين فرنسيتين أخريين (1680 و1711) وترجم إلى الألمانية (طبع في 1637 و1676 و1689 و1712) وإلى الإيطالية.
المراجع
Bishop, L. O. and DeLoach, W. S. (1970) Marie Meurdrac-First Lady of Chemistry?
J. Chem. Educ.,
47 (6), 448-449.
Meurdrac, M. (1680)
La Chymie Charitable et Facile, en Faveur des Dames , 2nd ed., Chez Jean Baptiste Deville, Lyon.
Tosi, L. (2001) Marie Meurdrac: Paracelsian chemist and feminist.
Ambix,
48 (2), 69-82.
إميلي لو تونيلير دي بروتي، ماركيزة شاتليه (1706-1749)
ماريان أوفرينز
كانت واحدة من أشهر النساء المتعلمات، وكان لها تأثير عظيم على فولتير وأعماله، وبفضل ترجمتها كتاب «مبادئ الرياضيات» لنيوتن إلى الفرنسية وإضافة تعليقاتها، أثرت تأثيرا كبيرا على تعريف الفرنسيين بأفكار نيوتن. •••
ولدت جابرييل إميلي لو تونيلير دي بروتي في فرنسا عام 1706، وكان أبوها نيكولاس بروتي لو تونيلير بارون دي براتوي رئيس التشريفات في البلاط الملكي، قد سبب في شبابه الكثير من الفضائح. وعندما كان في الخامسة والأربعين من عمره، تزوج من جابرييل آن دي فروليه، التي لا نعرف عنها أكثر من أنها أتت من طبقة النبلاء وتلقت تعليمها في الدير. كان التعليم الذي منحاه لأطفالهما يتكون أساسا من نصائح مثل: «نظف أنفك في منديلك»، و«لا تصفف شعرك في الكنيسة أبدا.»
بورتريه لماركيزة شاتليه (1740) للفنان نيكولا دي لارجيليير (1656-1746)، توثيق اللوفر.
أثارت إميلي إعجاب والدها بذكائها وهي طفلة؛ لدرجة أنه اقتنع أن تلقيها المزيد من التعليم لن يضيع هباء. علاوة على ذلك ؛ نظرا لأنها لم تف بمعايير جمال عصرها؛ حيث كانت أطول ممن هن في سنها، وقيل إن لها «بشرة تشبه المبشرة»؛ فقد حكم عليها منذ مولدها بالعنوسة؛ ولذا كانت في حاجة إلى تعليم جيد. ومنذ بلغت السادسة، تلقت رعاية أفضل المربيات والمعلمات المتاحة. كانت تتمتع بحس لغوي فطري، وسرعان ما أتقنت الإنجليزية واللاتينية والإيطالية. ودرست ميلتون وفيرجيل وتاسو وترجمت الإنياذة. وفي التاسعة عشرة من عمرها تزوجت ماركيز شاتليه البالغ من العمر أربعة وثلاثين عاما؛ وبسبب كونه كولونيلا في سلاح الحرس، فكثيرا ما كان يبتعد عن البيت لفترات طويلة، وأثناء غيابه لم يكن لدى إميلي وقت للسأم؛ فقد كانت تسلي نفسها بمجموعة من العشاق.
بالنسبة لمظهرها، تباينت الآراء: كان النساء يرينها قبيحة، أما الرجال فكانوا يعتقدون أنها تتمتع بجاذبية شديدة.
في أول عامين من زواجهما رزقا طفلين، بنتا وولدا، وعندما كانت إميلي في السابعة والعشرين، أنجبت ولدا آخر. بعد ولادته بدأت، إثر نصيحة ديوك دو ريشيليو (حفيد أخي الكاردينال)، في دراسة الرياضيات والفلسفة الطبيعية بجدية، ولم يستطع زوجها ولا أطفالها منعها من أن تحظى بحياة اجتماعية نشطة في البلاط أيضا؛ حيث انتقلت إلى الدائرة الحميمة للملكة.
وهنا وقعت إميلي في «خطأين لا يغتفران»: رفضت إنهاء دراستها؛ وهو الأمر الذي كان يعتبر غير لائق بالمرة بالنسبة لامرأة، والأسوأ من ذلك أنها في ربيع عام 1733 بدأت علاقة مع فولتير، الذي ظل رفيقها فيما بقي من حياتها، حتى عندما وقع كلاهما في حب شخص آخر لاحقا. أما بالنسبة لفولتير، فبعد نشر كتابه «رسائل فلسفية» (الذي أعلن فيه الأفكار العقلانية لعصر التنوير وسمي أيضا «رسائل إنجليزية»)، أصبح معرضا لخطر محدق في باريس؛ ولذلك أقنعت إميلي زوجها أن يأوي فولتير في ضيعتهما بسيراي سير بليز في لورين، على مسافة آمنة من البلاط، وعملا معا على ترميم القلعة المتهدمة. كان ثمة مكتبة ضخمة ومعمل كامل التجهيز، يحتوي على أفران ومضخات هواء وتليسكوب وميكروسكوب، حيث تستطيع إميلي القيام بتجاربها. وفي هذا المكان زارها أهم علماء عصرها، ومن بينهم بيير -لوي مورو دي موبيرتوس، أحد رواد الرياضيات والفلك في عصره، وتلميذه عالم الرياضيات يوهان صامويل كونيج، وأليكسي كلود كليرو، والإخوة برنولي. كانت مقابلة هؤلاء العلماء شديدة الأهمية لإميلي لدرجة أنها كانت ترتدي زي الرجال ليسمحوا لها بالدخول إلى المقاهي حيث تقام مناقشاتهم.
تأثرت إميلي أيما تأثر بموبيرتوس الذي صاحبها في دراساتها، كذلك ساعدها كونيج لفترة قصيرة في دراساتها، ولكنهما أنهيا التعاون فيما بينهما إثر اختلافهما في وجهات النظر.
بالتأكيد لم تكن الحياة في سيراي تقتصر على الدراسة؛ فنظرا لأن فولتير كان محبا للمسرح، نظمت «إميلي الجميلة» أداء مسرحيات كاملة على نحو منتظم.
كانت تذاكر بكثرة، حتى قيل إنها لم تكن تحتاج للنوم أكثر من ساعتين كل ليلة وإنها كانت بصحة ممتازة.
كتبت أول منشور لها: «عن طبيعة النار» (1738) لأن رأيها كان مخالفا لرأي فولتير في هذا الموضوع. كتبت هذا العمل ليلا في السر. وعندما كانت تشعر بالنعاس، كانت تغمس يديها في ماء مثلج لتظل يقظة.
ومن اللحظة التي استطاع فيها فولتير أن يظهر نفسه في باريس مرة أخرى، قسم هو وإميلي وقتهما بين باريس وسيراي.
كان كل من فولتير وموبيرتوس معجبين بأفكار نيوتن ومتحمسين لنشر الأفكار «النيوتنية» في فرنسا؛ ولذا فقد جعل موبيرتوس من أفكار نيوتن موضوعا ذائعا في الصالونات، وشجع فولتير إميلي على ترجمة أعمال نيوتن. هذه المرة كتبت إميلي «دروس في الفيزياء» (1740) لتستخدمه في تعليم ابنها. كانت الكتب المعتادة لتعليم الفيزياء عمرها 80 عاما في ذلك الوقت، وأرادت إميلي كتابا يحتوي على الأفكار الحديثة لليبنيتز ونيوتن. وانتقم صامويل كونيج بإخبار الجميع في باريس أن هذا العمل كان مجرد تكرار لمحاضراته. بعد ذلك ترجمت «الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية» لنيوتن، وأضافت تعليقاتها الجبرية الخاصة. ولا شك أن هذه الكتب قد أثرت على فولتير؛ ولذا يمكن وضع إميلي بين العلماء المعروفين من أمثال كليرو والإخوة برنولي وميران وموبيرتوس.
في 1748 بدأت إميلي علاقة مع ماركيز سانت لامبرت، وهو أحد رجال الحاشية الملكية وشاعر من الدرجة الثانية. وعندما اكتشفت أنها حامل من حبيبها، ساعدها فولتير على تنظيم زيارة من زوجها إلى سيراي. وغادر بعد ثلاثة أسابيع، معتقدا أنه سيكون أبا مرة أخرى. ولدت طفلة في أول سبتمبر 1749، وكتب فولتير أن البنت ولدت أثناء عمل أمها في كتابة ملاحظاتها على نيوتن. ووضعت المولودة على كتاب هندسة، في حين راحت إميلي تجمع أوراقها حتى حملت إلى فراشها. وسار كل شيء على ما يرام إلى أن توفيت إميلي فجأة، غالبا نتيجة حمى النفاس، أو كما تقول مصادر أخرى، نتيجة انصمام رئوي، وبعد أيام قليلة توفيت ابنتها هي الأخرى.
اشتهرت إميلي دي شاتليه في فرنسا بالرسائل التي تركتها وبكتابها «أحاديث عن السعادة».
ولم يختلف أحد على ذكائها وشخصيتها.
كتب فريدريك الثاني ملك بروسيا عنها لفولتير: «إنه من دواعي فخري واعتزازي أن تتذكرني إميلي. أرجو أن تتكرم بإخبارها أنني أكن لها احتراما شديدا، وأنها بالنسبة لأوروبا تنتمي إلى الرجال العظماء (!)»
المراجع
Alic, M. (1986)
Hypatia’s Heritage, a History of Women in Science from Antiquity to the Late Nineteenth Century , The Women’s Press, London.
Ehrman, E. (1986)
Mme Du Châtelet, Scientist, Philosopher and Feminist of the Enlightenment , Berg Publishers, Oxford.
Mozans, H. J. (1974)
Woman in Science , with an introductory chapter on woman’s long struggle for things of the mind, facsimile of the 1913 edn, MIT
Mozans, H. J. (1913/1991)
Women in Science , University of Notre Dame Press, New York, Notre Dame, Indiana/London.
Ogilvie, M. B. and Harvey, J. (eds) (2000)
The Biographical Dictionary of Women in Science.
Century . Routledge, Cambridge, MA/London.
Osen, L. M. (1974)
Women in Mathematics , The MIT Press, Cambridge, MA.
The Scientific Lady, a Social History of Woman’s Scientific Interests 1520-1918 , Weidenfeld and Nicholson, London.
Schiebinger, L. (1989)
The Mind Has No Sex?
Harvard University Press, Cambridge, MA.
ماري لافوازييه (1758-1836)
ماريان أوفرينز
يعد قانون لافوازييه قانونا معروفا لدى الكثيرين، ومع ذلك، يعرف عدد أقل أن ماري زوجة أنطوان لافوازييه قدمت له المساعدة في عمل تجاربه، وكان لها إسهام بارز في عمل زوجها. •••
في 20 يناير عام 1758 ولدت ماري آن بييريت بولز في مونتبريزون بمقاطعة اللوار الفرنسية. كان والدها جاك بولز يعمل بشكل أساسي محاميا وممولا، مع ذلك جاء معظم دخله من إدارة المزرعة العامة التي كانت جمعية خاصة للممولين الذين دفعوا للملكية الفرنسية مقابل ميزة جمع الضرائب. وكان لماري إخوة، وعندما كانت في الثالثة من عمرها توفيت أمها. وكان من الواضح أنها تتمتع بالذكاء، فتعلمت في الدير، كما يليق بفتاة فرنسية من طبقتها الاجتماعية.
ماري لافوازييه وزوجها، بريشة جاك لوي ديفيد (1788).
عندما كانت في الثالثة عشرة من عمرها، تقدم كونت أميرفال للزواج منها؛ ولكن نظرا لأن عمره كان ثلاثة أضعاف عمرها تقريبا، حاول والدها الاعتراض على الزواج. يبدو أن هذا كان أمرا صعبا للغاية؛ إذ تعرض للتهديد بفقد وظيفته في المزرعة العامة؛ لذلك تقدم الأب لزميله أنطوان لافوازييه طالبا منه أن يتقدم للزواج من ابنته. ووافق لافوازييه - النبيل الفرنسي، الذي حقق بالفعل شهر ة ككيميائي وانتخب لأكاديمية العلوم في 1778 - على العرض، وتزوج ماري آن في 16 ديسمبر عام 1771. في هذا الوقت كان لافوازييه في الثامنة والعشرين من عمره.
سرعان ما اهتمت ماري بأبحاثه العلمية وبدأت المشاركة النشطة في عمله المعملي، واستأنف أنطوان التدريس لها، ولكن الدروس آنذاك ركزت على استخدام الموازين والعدسات الحارقة وأوعية الاختزال واللغتين الألمانية واللاتينية؛ لغتي المجتمع العلمي. علمت نفسها الإنجليزية لتساعد زوجها في أبحاثه عن الطبيعة الفيزيائية للنار والحرارة، ولتتمكن من ترجمة المقالات الأمريكية والبريطانية التي يحتاجها إلى الفرنسية. كذلك أخذت ماري دروسا في الفن على يد الرسام الفرنسي جاك لوي ديفيد الذي رسم اللوحة الشهيرة: الزوجان لافوازييه، وبدأت في عمل رسوم توضيحية لمقالات أنطوان.
قضى لافوازييه وزوجته معظم وقتهما معا في المعمل، عاملين كفريق يجري أبحاثا على كثير من الجبهات. في الواقع، معظم الأبحاث المعملية كانت جهدا مشتركا بين أنطوان وماري؛ فقد ساعدته في تجاربه، وكتبت كل الملاحظات، واحتفظت بالتقارير المعملية، وأجرت مراسلاتهما العلمية. وعلى نحو خاص، كانت موهبة ماري الفنية مفيدة؛ لأنها رسمت التجارب والأدوات المستخدمة فيها. وكانت دراسة لافوازييه «أطروحات أساسية في الكيمياء» (1789) التي يجب اعتبارها أول كتاب حديث في الكيمياء، التي وصف فيها 23 عنصرا هي أساس التفاعلات الكيميائية، تحتوي على لوحات بريشتها.
من الإسهامات الكبرى الأخرى التي قدمتها ماري للعلم ترجمتها لأعمال المؤلفين الإنجليز إلى الفرنسية؛ إذ ترجمت الدراسات الكيميائية الخاصة بهنري كافنديش وجوزيف بريستلي وغيرهما من الباحثين العلميين البريطانيين. وكانت ترجمتها ل «مقال عن اللاهوب» بقلم ريتشارد كيروان وتعليقات لافوازييه وزملائه ذات أهمية قصوى؛ فنظريات الاحتراق التي كانت حتى ذلك الوقت واسعة الانتشار والتي تنص على أن عنصر اللاهوب أساسي للاحتراق، ثبت خطؤها، وأثبت الزوجان لافوازييه في تجاربهما أن اللاهوب غير موجود.
والمهم جدا بالنسبة للعلم هو أن أنطوان وضع قانون حفظ المادة، الذي أكد على أن عناصر التفاعل الكيميائي لا يزيد وزنها ولا ينقص، وهي نظرية ربطت الكيمياء بالقوانين الفيزيائية والرياضية. وأسسا، كفريق عمل، الكيمياء الحديثة بفصل جوانبها العلمية عن الخيمياء وبتطوير قاموس مصطلحات علمي معدل، وصاغا مصطلح «أكسجين»، وعرفاه بوصفه غازا من الغازات الأولية، ووصفا عملية الأكسدة التي تغير الحديد إلى صدأ، وحللا نواتج التنفس الطبيعي للإنسان وهي الماء وثاني أكسيد الكربون.
في السنوات الأولى من زواجهما أصبح بيتهما مكانا لالتقاء أفراد المجتمع الفرنسي المثقف.
صفحة العنوان في المجلد الأول من «مذكرات الكيمياء».
عندما قامت الثورة، أصبح منصب لافوازييه - الذي كان مثل والد ماري عضوا في المزرعة العامة - مهددا، وسرعان ما قبض عليه ووضع في السجن، وبالإضافة إلى ذلك تمت مصادرة كل ممتلكاته. وأثناء حبسه، عملت ماري دون كلل من أجل إطلاق سراحه، ولكن دون جدوى. وفي 8 مايو عام 1794، في نهاية «عصر الإرهاب» تحت حكم بروبسبيير، أعدم أنطوان لافوازييه بالمقصلة (وكذلك والد ماري والكثير من أصدقائهما)، وألقي القبض على ماري أيضا؛ استنادا إلى وثائق إدانة معينة، ولكن تم إطلاق سراحها بعد 65 يوما في الباستيل، وخرجت مفلسة نتيجة لمصادرة أرضها؛ فاضطرت إلى اللجوء لخادم سابق لها. وبعد حوالي سنة، تمت إعادة معظم ممتلكات لافوازييه لها. والأمر المهم جدا للعلم هو رجوع مكتبتها العلمية التي كانت خاضعة للمصادرة، والتي عزمت على الاحتفاظ بها للمستقبل. في 1792 كان لافوازييه قد شرع في وضع ملاحظات تفصيلية لتجاربه لكي ينشرها، ولكن عندما حان أجله لم يكن جاهزا للنشر سوى جزء منها، فأنهت ماري عمله، وفي عام 1805 نشرت «مذكرات الكيمياء» باسم زوجها المتوفى. ونشرت العمل في مجلدين إلى جانب مقدمتها الأصلية، ووزعت نسخا مجانية على علماء فرنسيين معروفين.
أثناء حكومة المديرين، وبعدها تحت حكم نابليون، عندما أضحت الأوضاع أقل عنفا في باريس، تمكنت ماري مرة أخرى من استقبال زائرين في صالونها. وتقدم لخطبتها العديد من العلماء المشهورين، وكان من بين خطابها قطب الكيمياء بيير صامويل ديبو دي نيمور، ولكنها فضلت الفيزيائي الأمريكي بنجامين ثومبسون، الذي اشتهر بكونت رامفورد بفاريا، وهو مؤسس المعهد الملكي لبريطانيا العظمى، وتزوجته في 1805 بعد أربعة أعوام من تودده لها. وبعد زواجهما أصرت على أن تسمي نفسها الكونتيسة لافوازييه-رامفورد. لم ينجح زواجهما، وبعد أربعة أعوام انتهى بالطلاق. بعد طلاقها من رامفورد عملت بوصفها سيدة أعمال ناجحة، واشتهرت كذلك بأعمالها الخيرية. وبمرور الأعوام، ازدادت صعوبة استئناف عملها ككيميائية، ولكنها ظلت لسنوات كثيرة تستقبل في صالونها علماء معروفين، منهم كوفيير وبيرتولا وهومبولت وغيرهم. وتوفيت في باريس عن عمر يناهز 77 عاما.
نظرا لأن عمل ماري لافوازييه العلمي كان متشابكا بشدة مع عمل زوجها، فإن من الصعوبة بمكان أن نحدد بدقة الأعمال التي يمكن أن تنسب إليها؛ فقد أحدثا معا تغييرا أساسيا، واستبدلا بالممارسات الغامضة للخيميائيين مبادئ كيميائية ممنهجة.
لقد أسهمت ماري من خلال رسوماتها وترجماتها وتوضيحها للملاحظات، وترتيب نشر «مذكرات الكيمياء» الخاص بلافوازييه، إسهاما مهما في المعرفة العلمية.
المراجع
Alic, M. (1986)
Hypatia’s Heritage, a History of Women in Science from Antiquity to the Late Nineteenth Century , The Women’s Press, London.
Offereins, M. I. C. (1996)
Vrouwen Miniaturen uit de exacte vakken , VeEX, Utrecht.
Ogilvie, M. and Harvey, J. (eds) (2000)
The Biographical Dictionary of Women in Science.
Mid-20th Century , Routledge, Cambridge MA/London.
Schiebinger, L. (1991)
The Mind Has No Sex? Women in the Origins of Modern Science . Harvard University Press, Cambridge MA/London.
Thijsse, W. H. (1985)
Rokoko, Democratie in Wording , De Walburg Pers., Zutphen.
http://www.answers.com/topic/marie-paulzelavoisier .
جين هالديمان مارسيه (1769-1858)
ماريان أوفرينز
كتبت جين مارسيه أحد أبرز كتب الكيمياء وأشهرها؛ وظل كتابها «محادثات عن الكيمياء» أكثر الكتب استخداما في كل مكان في أوروبا وأمريكا لما يقرب من قرن. •••
كانت جين هالديمان البنت الوحيدة بين اثني عشر ابنا لأنتوني فرانسيس هالديمان، التاجر السويسري الثري الذي كان يعيش في لندن، وكثيرا ما كانت تزور أقاربها في جنيف بسويسرا في طفولتها. ومنذ سن الخامسة عشرة، تولت جين بعد وفاة والدتها العناية بالمنزل وبإخوتها الأصغر سنا. وتعلمت جين في طفولتها على يد المدرسين الذين كانوا يدرسون لإخوتها في منزل أبيها، وكانت المواد التي تتعلمها - كما هو الحال في جميع العائلات الثرية - هي الفلسفة الطبيعية (العلوم) وكذلك اللغات والتاريخ، وفي هذا أظهرت اهتماما خاصا بالفن وعلم النبات. وبعد زواجها في 1799 من الدكتور ألكسندر مارسيه (1770-1822)، أحد السويسريين المقيمين أيضا في لندن، الذي تخرج في كلية الطب بجامعة إدنبرة في 1797، ولكنه فضل قضاء وقته ككيميائي هاو، ونحت جين منحاه في الاهتمام بالكيمياء. ورزق الزوجان في النهاية ثلاثة أبناء، وأصبح ابنهم فرانسوا فيزيائيا متميزا، ولا نعرف الكثير عن الابنين الآخرين.
جين هالديمان مارسيه (
http://www.rsc.org/images/FEATURE-marcet-300_tcm18-87786.jpg ).
بعد وفاة والدها هالديمان، ورثت جين مارسيه ما يكفي من المال ليتوقف زوجها عن العمل كفيزيائي ويركز على مجال اهتمامه الحقيقي ؛ الكيمياء. ونظرا لأن ألكسندر مارسيه كان زميلا في الجمعية الملكية حضر الزوجان مارسيه بكثرة عروض سير هامفري ديفي التوضيحية المسلية عن الكيمياء في المعهد الملكي، ولكن جين كثيرا ما كانت تجد هذا العلم مربكا. ولكي تحسن فهمها لهذه المحاضرات، حضرت جين مارسيه دروسا أخرى في المعهد الملكي. ولحسن الحظ، كان زوجها شديد المهارة في توضيح المفاهيم لها، وأضحت جين مقتنعة أن هذا الأسلوب المبني على المحادثة فعال للغاية، والغريب أنها استنتجت أنه فعال على نحو خاص للإناث، «اللاتي يندر أن يقصد بتعليمهن إعداد عقولهن للأفكار المجردة أو للغة العلمية.» تحرك الزوجان مارسيه وسط دائرة من المثقفين البارزين، منهم: المؤرخ هنري هالام، والاقتصاديان السياسيان توماس مالتوس وهارييت مارتينو، والروائية ماريا إدجورث، وعالم الطبيعة أوجستين-بيراموس دي كاندول، وأوجست دي لا ريف، وعالمة الرياضيات والفلك ماري سمرفيل. وأصبحت جين مشتركة في أنشطة هذه المجموعة، وبدأت - بتشجيع من زوجها - مهنة الكتابة الخاصة بها.
كتبت عددا من كتب العلوم التمهيدية، ولا سيما تلك التي تستهدف النساء والشباب، وكتبت في المقدمة: «تعتقد المؤلفة؛ كونها هي نفسها امرأة، أنها بحاجة إلى تقديم تفسير لتجرئها على كتابة «مقدمة إلى الكيمياء» للجمهور، وبالأخص للنساء، وتشعر أن من الأهمية بمكان أن تعتذر عن مهمتها الحالية؛ لكون معرفتها بالموضوع ليست سوى معرفة حديثة؛ وكونها لا تستطيع ادعاء أحقيتها بالحصول على لقب عالمة كيمياء.»
على الرغم من أنها - كما أكدت لقرائها - لم تدع أنها عالمة ولم تسع إلى الحصول على معرفة عميقة بحيث «يعتبرها البعض (...) غير ملائمة للممارسات الطبيعية لجنسها»؛ فقد كانت تؤمن بأن «الرأي العام لم يعد يستثني النساء من التعرف على عناصر العلم» (محادثات عن الكيمياء، الجزء الثالث).
نشر كتابها الأول «محادثات عن الكيمياء» في 1806، وفي أعقاب نشره ونجاحه نجاحا منقطع النظير كتبت «محادثات عن الاقتصاد السياسي» الذي أشيد به إشادة واسعة وحصلت من خلاله على شهرة «تماثل تلك التي يحصل عليها الرجال». شجع هذا النجاح الهائل جين على كتابة «محادثات عن الفلسفة الطبيعية»، وشعرت وقتها بأنها في وضع دقيق! وكما تذكر في التمهيد ، فإنها لم تكن على دراية كافية بالرياضيات والفيزياء لتحقيق المستوى المطلوب؛ ولذلك استهدفت بهذا الكتاب الأطفال الصغار جدا.
ألقت بعض الكتب الدراسية في النصف الأول من القرن التاسع عشر الضوء على المحتوى المعنوي: اكتساب المعرفة من أجل التمكن من الإعجاب بخلق الله، وتناول بعض الكتب الأمور المنزلية الموجهة للنساء مثل رفع العجينة وحفظ اللبن والزبد وخصائص الوقود، في حين أن الكتب الدراسية التي تتناول أشياء مثل تحليل التربة ودبغ الجلود والطب كانت تقدم للرجال.
محادثات عن الكيمياء بقلم جين مارسيه (مأخوذ من
http://manybooks.net/titles/marcetj2690826908-8.html# ). يمكن تنزيل الكتاب من هذا الموقع.
مع ذلك يعد المنهج الكيميائي لجين مارسيه منهجا نظريا وعمليا في الوقت نفسه، كما يقدم رؤية للتجارب «الكيميائية الحقيقية»، مثل إنتاج أكسيد النتروز
N
2
O
بالتسخين البطيء لنترات الأمونيوم.
يتكون «محادثات عن الكيمياء» من 26 درسا، أو «محادثة»، وقد بنيت المادة العلمية منهجيا باستخدام أحدث الرؤى. يسير كل درس كالتالي: سيدة جميلة وراقية تدعى «السيدة بي» تدرس لفتاتين صغيرتين، أولاهما إميلي وهي فتاة ذكية محبة للاستطلاع في الثانية عشرة من عمرها تقريبا، أما الثانية فهي كارولين وهي تبلغ من العمر حوالي 13 عاما وهي ابنة مدير منجم رصاص، وليس لديها اهتمام بالكيمياء على الإطلاق. تطرح إميلي أسئلة ذكية، في حين أن كارولين بارعة في النقد وتهتم بالانفجارات أكثر من العلم الأساسي. وتوضح مارسيه في التمهيد أنه: «لولا ذلك لأصبح الكتاب مملا للغاية.» ونظرا لكثرة التجارب، مع الرسوم الواضحة، يعد التطبيق جزءا لا يتجزأ من النظرية، ويستخدم مصباح زيت كمصدر للحرارة، وهو يوفر حرارة كافية للتفاعلات المعتدلة العادية، ويتم جمع الغازات وتخزينها في مثانة خنزير.
تشجع السيدة بي الفتاتين على استخدام لغة ليست شديدة التخصص: «يفضل أن تقولي «الصدأ» بدلا من أن تقولي «الأكسدة»، وإلا فسيظن الآخرون أنك تدعين العلم.»
كان نجاح كتاب مارسيه سريعا؛ ففي العام نفسه الذي صدرت فيه الطبعة الأولى في إنجلترا، عام 1806، ظهرت طبعة أخرى في أمريكا، ومن عام 1806 إلى 1850 صدرت 23 طبعة، وفي بعض الأحيان كانت تصدر أكثر من طبعة في العام الواحد ، وقد قدر عدد النسخ التي بيعت في أمريكا بحوالي 160 ألف نسخة. لم يكن مقصودا بكتاب مارسيه أن يكون كتابا دراسيا، وقد استخدم في إنجلترا، على النحو الذي قصد به، دليلا إرشاديا إلى المحاضرات التي كانت مشهورة وقتها حول الكيمياء أو العلم، ولكنه أصبح في أمريكا أنجح منهج كيميائي أساسي في النصف الأول من القرن التاسع عشر. وقد هيأ عدد كبير من الناشرين - الرجال - الكتاب للاستخدام المدرسي، وبشكل عام ينسب العمل إلى هؤلاء الناشرين؛ فلم يكن في أمريكا حقوق للنسخ في ذلك الوقت؛ ومن ثم لم يكن لجين مارسيه أي سلطة على نشره، وبالطبع لم تحصل على أي مقابل مادي.
حصل مايكل فاراداي على «محادثات عن الكيمياء» في 1810 عندما كان متدربا لدى مجلد الكتب ريباو. فيما بعد أصبحا صديقين حميمين، وكانت جين تضمن عمله الجديد دائما، وكذلك عمل ديفي، في طبعتها. وقد بدأ حبه للكيمياء بهذا الكتاب، وكتب مايكل فاراداي لاحقا بعد أدائه للتجارب: «شعرت أنني حصلت على مرساة من المعرفة الكيميائية، وتمسكت بها.»
تحفز المناقشات المرحة المفعمة بالحياة القارئ حقا على القراءة وإجراء التجارب، وكان «محادثات عن الكيمياء» هو الكتاب الدراسي المستخدم كمقدمة أولى إلى الكيمياء في معاهد التدريب التقني وكليات الطب، وبمرور السنين أصبح الكثير من أجزاء الكتاب متاحا على الإنترنت، وربما كان في الكثير من الحالات مجانيا أيضا؛ ليتسنى للجميع معرفة مدى فائدة هذا الكتاب حتى الآن.
المراجع
Alic, M. (1986)
Hypatia’s Heritage, a History of Women in Science from Antiquity to the Late Nineteenth Century , The Women’s Press, London.
Clarke, J. (1984)
In our Grandmothers’ Footsteps , Virago Press, London.
Mozans, H. J. (1913/1991)
Women in Science , University of Notre Dame Press, New York.
Ogilvie, M. and Harvey, J. (eds) (2000)
The Biographical Dictionary of Women in Science.
Mid-20th Century , Routledge, Cambridge MA/London.
http://www.jstor.org/pss/4028037 (accessed 25-2-2010).
http://www.rsc.org/chemistryworld/restricted/2007/June/ThewomanthatinspiredFaraday.asp (accessed 25-2-2010).
http://www.gutenberg.org/files/26908/26908-h/Conver1.html (accessed 26-2-2010).
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC1033865/pdf/medhist00141-0081.pdf (accessed 25-2-2010).
جوليا لرمونتوفا (1846-1919)
ماريان أوفرينز
كانت جوليا لرمونتوفا أول امرأة في العالم تحصل على درجة علمية في الكيمياء، واعتبرها معاصروها واحدة من أهم الكيميائيين في وقتها، وعملت كيميائية حتى عمر الخامسة والثلاثين فحسب. وقد وقفت لرمونتوفا طوال حياتها في ظل صديقتها صوفيا كوفالفسكايا عالمة الرياضيات التي أصبحت أول امرأة تحصل على درجة الأستاذية في أوروبا. •••
في 21 ديسمبر عام 1846 (وفقا للتقويم اليولياني) أو في 2 يناير عام 1847 (وفقا للتقويم الميلادي)، ولدت جوليا فسيفولودوفنا في كنف أسرة لرمونتوف الأرستقراطية بسانت بطرسبرج. وكانت ابنة إليساوجيتا أندريجفنا كوسيكوفسكس وزوجها الجنرال فسيفولود ليرمونتوف، الذي كان ابن عم الشاعر الروسي الشهير ميخائيل لرمونتوف. وتربت جوليا في ظل التقليد الأرثوذكسي اليوناني وكذلك في التقليد الكاثوليكي الروماني، وعاشت أثناء شبابها في موسكو حيث كان والدها مسئولا عن هيئة الطلاب بموسكو.
كان والداها ينتميان إلى الطبقة المثقفة بموسكو؛ ومن ثم أعطيا تعليم وتدريب أبنائهما أولوية قصوى؛ ولذا كان يوجد في مسكن آل لرمونتوف غالبا مختلف المربيات الأجانب في نفس الوقت، وكانا ينتقيان أفضل المدرسين الخصوصيين للأطفال.
على الرغم من أن الأسرة لم تستطع مواصلة دعم جوليا في اهتمامها بالعلم، فإنهم لم يمنعوها من تطوير معرفتها في هذا المجال؛ ومن ثم تمكنت جوليا من قراءة الكتب المهنية الضرورية وإجراء تجارب بسيطة في المنزل.
في البداية أرادت جوليا دراسة الطب ولكن رؤية الهياكل العظمية في غرفة التشريح وفقر المرضى كانا كفيلين بإثارة اشمئزازها؛ ومن ثم قررت أن تلتحق بكلية زراعة بتروفسكايا في موسكو، والتي كانت تتميز ببرنامج ممتاز في الكيمياء. وعلى الرغم من أن طلب التحاقها كان مدعوما بعدد كبير من الأساتذة فإنها رفضت؛ ولذا قررت أن تسافر للخارج. يبدو الأمر سهلا، ولكن بالنسبة إلى امرأة في ذلك الوقت، ولا سيما امرأة روسية، لم تكن مهمة سهلة على الإطلاق، وكانت تحتاج إلى قدر هائل من الشجاعة والمثابرة وقوة الشخصية. كانت الدراسة صعبة وأغلبية النساء كانت لديهن موارد مالية ضعيفة؛ إذ كانت الأموال تدخر لدراسة الصبيان والرجال. بالإضافة إلى ذلك، فغالبا ما كانت توجد معارضة من قبل الرجال.
لرمونتوفا وكوفالفسكايا (
http://www.serednikovo.ru/history/lermontovy/lermontova_j_v/lermontova_j_v.html ).
من خلال ابنة عمها آنا إفرينوفا - التي صارت فيما بعد صاحبة أول دكتوراه في القانون من النساء - قابلت صوفيا كروين كروكوسكايا التي تزوجت زواج مصلحة من فلاديمير كوفالفسكي لتتمكن من الدراسة بالخارج كامرأة متزوجة. وأقنعت صوفيا كوفالفسكايا والدي جوليا ليسمحا لابنتهما بالسفر؛ فهي إذا سافرت بصحبة امرأة متزوجة فستجد من يحميها ويرعاها.
وفي خريف 1869 وصلت جوليا إلى هايدلبرج، حيث أقامت مع آل كوفالفسكي، ونتيجة لنشاط كوفالفسكايا، قبلت جوليا في معمل بونزن، الذي كان معروفا بكرهه للمرأة.
عزم بنسن ألا تدخل السيدات مرة أخرى في معمله، خاصة السيدات الروسيات. كذلك لم يسمح للسيدة ليرمونتوف بالعمل معه ولم يدعها تتحدث إليه. ثم ذهبت إليه صوفيا كوفاليفسكايا واستجدت عطفه حتى لم يعد بإمكانه المقاومة وغير رأيه. أليس هذا صحيحا؟ إلا أن ما فعله الفيلسوف لم يكن تصرفا خاطئا بالكامل. ومع ذلك ظل بنسن محتفظا بسمعته بأنه كان يضيف من خياله قليلا على ما يرويه من قصص؛ فقد كان يؤلف روايات، حتى إن كانت لم تنشر.
كارل فايرشتراس في رسالة موجهة إلى صوفيا كوفالفسكايا (1874)
كذلك كتب فايرشتراس:
استفدت بالطبع كثيرا من كلامك وكلام رفيقتي دراستك الاثنتين (ليرمونتوفا وجورينوفا)، وعرفت كثيرا عن نمط حياتك غير التقليدي في هذه الفترة، واستمتعت به كثيرا. وقد أصبحت تحظين باهتمام أكبر في هايدلبرج.
وفي معمل بونزن أجرت أبحاثا حول مركبات البلاتين، وسرعان ما لحقت بالروسيتين آنا إفرينوفا التي رفض والداها دراستها بالخارج رفضا شديدا، حتى إن والدها كان «يفضل موتها عن التحاقها بجامعة»؛ ونظرا لأنها لم تستطع الحصول على زيجة مصلحة، هربت عبر الحدود، تحت نيران الحرس.
وفي 1871 تبعت لرمونتوفا صديقتها كوفالفسكايا من هايدلبرج إلى برلين، وهناك عملت لرمونتوفا في معمل أوجست فيلهلم هوفمان الخاص، وحضرت محاضراته عن الكيمياء العضوية كطالبة خاصة، ونشرت بحثها الأول: «عن مركب الدايفنين».
في بداية عام 1874، أنهت رسالة الدكتوراه الخاصة بها: «المعرفة بمركبات الميثيلين»، وبعد مناقشة مطولة حول إمكانية قبول النساء، وعلى نحو خاص قبول جوليا فون لرمونتوف، استطاعت أن تدافع عن عملها في حفل تخرج اعتيادي، في 24 أكتوبر 1874 في جوتنجن، حيث خلفت دوروتيا شلوتسر؛ أول امرأة تحصل على درجة الدكتوراه في جوتنجن.
كانت شديدة القلق على تخرجها؛ ولذا كانت مفاجأة سارة لها عندما رأت الأساتذة جالسين على مائدة الشاي والحلوى، وربما النبيذ أيضا. لم يكن الاختبار سهلا، ولكنهم شربوا وأكلوا بعده، وعلاوة على ذلك، أخبرها الأساتذة أنهم منحوها دكتوراه من الدرجة الأولى.
عندما عادت جوليا إلى روسيا في عام 1874، كان ديميتري مندليف وغيره من الكيميائيين في الجمعية الكيميائية الروسية سعداء لرؤيتها. عملت لفترة قصيرة في معمل فلاديمير ماركوفنيكوف في موسكو، ولكن بعد فترة عادت مرة أخرى إلى سانت بطرسبرج، حيث وجدت وظيفة لدى ألكسندر بتلروف وإم لفوف في معمل الجامعة، وأجرت مع آخرين أبحاثا عن إنتاج حمض
2-methyl-2-butenoic acid ، وعملت منذ 1876 مراسلة لجريدة «بوليتن دي لا سوسيتي كيميك دي باريس» الفرنسية.
في العام نفسه أصيبت جوليا بحمى التيفود، وكان من مضاعفاتها إصابتها بالتهاب حاد في الدماغ، وخاف الناس على حياتها وكذلك على ذكائها، ولكنها لحسن الحظ شفيت تماما من المرض.
في 1877 توفي والد جوليا؛ ولذا انتقلت إلى موسكو لترعى مصالح أسرتها، وفي موسكو وجدت مكانا شاغرا في معمل ماركوفنيكوف الذي عمل في أبحاث البترول؛ لأن البترول كان يوجد بكميات ضخمة بالقرب من باكو. كانت جوليا أيضا أول امرأة تعمل في هذا المجال البحثي، وطورت جهازا للتقطير المستمر للبترول أشاد به معاصروها على الرغم من عدم إمكانية استخدامه على نطاق صناعي.
ظل بتلروف يحاول إقناعها، من سانت بطرسبرج، بقبول منصب معلم في الحلقات الدراسية المتقدمة للنساء، ولكنها لم تقبل العرض؛ وطبقا لما قالته جوليا نفسها، كان هذا لأنها كانت تتساءل عما إذا كان وزير التعليم سيمنحها ترخيصا بذلك، ولكن طبقا لبتلروف، كانت كوفالفسكايا هي الملومة؛ لأنها تركت ابنتها تحت الرعاية الكاملة لجوليا، في حين أن صوفيا، طبقا لبتلروف، كانت «تتجول حول العالم».
في 1881 أصبحت جوليا أول امرأة تكون عضوا في الجمعية التقنية الروسية.
نظرا لأن جوليا ورثت ضيعة الأسرة سمنكوفو؛ فقد اعتادت على الإقامة فيها لعدد من الشهور في الصيف، وفي النهاية فضلت هذا على الكيمياء وأقامت في الريف إقامة دائمة. وهناك حولت اهتمامها إلى العلوم الزراعية، ولاقى الجبن الذي كان يتم تصنيعه في الضيعة نجاحا، وكان يباع في جميع أنحاء روسيا وأوكرانيا. عاشت جوليا في الضيعة حياة منعزلة، ومع ذلك، كان من المعروف أنها مرضت مرضا شديدا في ربيع 1889 حيث أصيبت بالتهاب رئوي حاد، وفي خريف هذا العام سافرت إلى استوكهولم لتزور كوفالفسكايا. وفي مايو 1890 قابلت صوفيا كوفالفسكايا في سانت بطرسبرج، وفي الوقت نفسه اصطحبت فوفا، ابنة صوفيا، وقد أثرت فيها وفاة كوفالفسكايا المفاجئة في 1891 أيما تأثير فكتبت «ذكريات صوفيا كوفالفسكايا».
بعد ثورة أكتوبر 1917 كان ثمة محاولة لتأميم ضيعة سمنكوفو، ولكن أناتولي لوناشارسكي، وزير التعليم - الذي لعب أيضا دورا في حماية ميراث إيكاترينا جونتشاروفا - تدخل؛ فكانت النتيجة السماح لجوليا بالاحتفاظ بالضيعة. وفي ديسمبر 1919، توفيت جوليا لرمونتوفا جراء الإصابة بنزيف بالمخ. وعلى الرغم من أن جوليا لم تتزوج إطلاقا؛ فقد كانت فوفا كوفالفسكايا بمثابة ابنة لها، وكانت تعتبرها «ماما لوليا» وورثت ضيعة لرمونتوفا كلها.
المراجع
Koblitz, A. H. (1983/1993)
A Convergence of Lives. Sofia Kovalevskaia: Scientist, Writer Revolutionary , Rutgers University Press, New Brunswick NJ.
Ogilvie, M. and Harvey, J. (eds) (2000)
The Biographical Dictionary of Women in Science.
Mid-20th Century , Routledge, Cambridge, MA/London.
Rebière, A. (1897)
Les Femmes dans La Science. Notes Recueillies , Librairie Nony & Cie, Paris.
Rogger, F. (1999)
Der Doktorhut im Besenschrank. Das abenteurliche Leben der ersten Studentinnen-am Beispiel der Universität Bern , eFeF Verlag, Bern.
Roussanova, E. (2001)
Julia Lermontova (1846-1919), Die erste promovierte Chemikerin des 19 . Jahrhunderts, Hamburg.
Tobies, R. (1997)
Aller Männerkultur zum Trotz. Frauen in Mathematik und Naturwissenschaften , Frankfurt am Main.
مارثا آني وايتلي (1866-1956)
سالي هوروكس
في 1903 أصبحت مارثا آني وايتلي أول امرأة تنضم إلى هيئة تدريس كلية العلوم الملكية، التي أصبحت من عام 1907 جزءا من الكلية الملكية. كانت جهود مارثا فعالة في معركة ضمان قبول النساء في الجمعية الكيميائية، وكانت أول امرأة تنتخب في مجلس إدارة الجمعية، وعملت فيه من 1928 إلى 1931. وفي الكلية الملكية، التي حصلت فيها أخيرا على لقب أستاذ مساعد، استطاعت أن تجمع بين وظيفة بحثية فعالة وبين إسهاماتها البارزة في التدريس للطلاب، ولعبت دورا رئيسيا في رابطة نساء الكلية الملكية التي أسستها عام 1912. في أثناء الحرب العالمية الأولى عملت على مجموعة من المشروعات الحكومية، وفي 1920 رشحت للحصول على وسام الإمبراطورية البريطانية على هذا العمل. وظلت لفترة طويلة محررة لقاموس الكيمياء التطبيقية لثورب، واستمرت في هذا الدور، في البداية إلى جانب جوسلين فيلد ثورب، بعد تقاعدها الرسمي في عام 1934. •••
ولدت مارثا آني وايتلي في 1866 بلندن، وكانت الابنة الثانية لويليام سدجويك وايتلي، سمسار المنازل، وزوجته هانا بارج. التحقت بمدرسة كنسينجتون للبنات ثم بكلية هولواي الملكية، حيث حصلت على بكالوريوس جامعة لندن في الكيمياء عام 1890. في العام التالي اجتازت اختبارات أكسفورد الشرفية والتحقت بهيئة تدريس مدرسة ويمبلدون الثانوية مدرسة علوم. في 1898 بدأت وايتلي الدراسة بدوام جزئي في كلية العلوم الملكية، وفي 1900 انتقلت إلى منصب محاضرة علوم بجامعة سانت جابرييل التدريبية في كامبرويل. وبفضل بحثها في كلية العلوم الملكية عن الكيمياء العضوية للمركبات المسكنة حصلت على الدكتوراه من جامعة لندن في 1902. وقد دعيت للانضمام إلى هيئة تدريس كلية العلوم الملكية في 1904 باحثة مدرسة، متخلية عن منصبها في كلية هولواي الملكية. في 1905 رقيت إلى مساعدة ثم إلى معيدة في 1908، وحازت على زمالة الاتحاد البريطاني لنساء الجامعة في 1912 التي تمنح بعد أربع سنوات، ورقيت إلى محاضرة في 1914 وإلى أستاذ مساعد في 1920، بعد عامين من حصولها على زمالة المعهد الملكي للكيمياء. وتقاعدت وايتلي رسميا في 1934 ولكنها استمرت في العمل محررة ومساهمة في قاموس الكيمياء التطبيقية لثورب، وكانت المحرر الرئيسي للمجلدات الاثني عشر من الطبعة الرابعة الموسعة، بعد موت شريكتها في التحرير جوسلين فيلد ثورب في 1939. كانت في الثامنة والثمانين عندما انتهى هذا المشروع بالكامل في 1954. وقيل إن وايتلي رفضت ترقيتها إلى درجة أستاذ؛ لأنها رأت أن هذه الدرجة بمنزلة عائق يمنعها من الاستمرار باحثة نشطة، ولكن سجل مطبوعاتها يبدو محدودا عند مقارنته بسجلات زملائها من الرجال؛ ويمكن أن يعزى ذلك إلى البداية المتأخرة لوظيفتها الأكاديمية، أو إلى إحجامها عن تضمين اسمها على كل ورقة بحثية منشورة ساهمت فيها، أو إلى انشغالها الشديد بقاموس ثورب.
مارثا آني وايتلي (بتصريح من أرشيف الكلية؛ الكلية الملكية بلندن).
ثمة تفسير آخر للعدد المحدود لمنشوراتها؛ ألا وهو المسئوليات الرعوية الإضافية التي اضطلعت بها في الكلية الملكية والتزامها بزيادة فرص المرأة في العلوم. كانت عضوة نشطة في الاتحاد البريطاني لنساء الجامعة وأسست رابطة نساء الكلية الملكية في 1912. وقبل عامين من ذلك نجحت في الدعوة إلى تحسين مرافق غرف إيداع ملابس عضوات هيئة التدريس والطالبات. كان هذا نموذجا مبكرا للطريقة التي عملت بها بجد لتشجيع الطالبات ليس فقط في قسمها ولكن في الكلية كلها، حيث قيل إنها كانت تلقب ب «ملكة النحل». بخلاف الكلية الملكية؛ حيث كانت نشطة في الحملة المطولة لإقناع مجلس الجمعية الكيميائية بالسماح للنساء بالحصول على زمالة الجمعية، ونجحت في هذه المهمة في 1920، كما أسست بصحبة زميلتها في الحملة آيدا سميدلي ماكلين نادي طعام المرأة التابع للجمعية الكيميائية. وفي 1928 كانت المرأة الأولى التي انتخبت للعمل في مجلس الجمعية ، وكرمتها الكلية الملكية بزمالة في 1945؛ اعترافا بالخدمات التي قدمتها لعلم الكيمياء وإسهاماتها في الكلية.
لا يعرف الكثير عن حياة وايتلي الشخصية، وعلى غرار غيرها من نساء جيلها اللائي حظين بحياة عملية ناجحة، لم تتزوج على الإطلاق. وقد أدرج إلدريدج في نعيها «الواجبات المحلية والاجتماعية» باعتبارها وسائل الترفيه الخاصة بها، ويبدو أنها استمرت حتى في تقاعدها في تكريس نفسها للتحرير وغيره من الأمور الكيميائية بدلا من أن تنمي أي اهتمامات أخرى. وحافظت على صداقات قوية مع زملائها السابقين وطلابها، وكان لها صلات وطيدة بالكلية الملكية وقناعات دينية قوية.
كان أول عمل علمي نشر لوايتلي منشورا مشتركا مع كارل بيرلسون في وقائع الجمعية الملكية بلندن، في 1899، «بيانات عن مسألة التطور في الإنسان، الدراسة الأولى للتغير والارتباط لليد.» ويبدو أنها تولت الكثير من القياسات و«عمليات الاختزال الرياضية المضنية.» وقد تم هذا العمل في الغالب قبل أن تشرع في بحثها في كلية العلوم الملكية. وكان بحثها الكيميائي الأول في الكيمياء العضوية لمركبات الباربيتورات والتوتوميرية في الأوكسيمات ولا سيما الميزوكساميد والمركبات ذات الصلة. كان هذا هو موضع تركيزها من عام 1898 إلى أن حولت متطلبات الحرب العالمية الأولى انتباهها إلى تركيب العقاقير وتحسين عمليات إنتاجها، وظهر منشورها الأول عن البحث العلمي: «أوكسيم الميزوكساميد وبعض المركبات المتحالفة» في 1900 في صحيفة معاملات المجتمع الكيميائي. ومن بين أعمالها في وقت الحرب إنتاج الهيدروكلورين واللكتات لليوكايين والدايثيل أمينو إيثانول للنوفوكايين وإنتاج السكريات، كما قامت بتطوير مركبين للاستخدام في ساحة الحرب، وهما غاز مسيل للدموع يطلق عليه إس كيه (أيودو أسيتات الإثيل) ومزيج محرق يطلق عليه دي دبليو (الدكتور وايتلي) تيمنا باسمها. وبعد الحرب استمرت في النشر حول أوكسيم الميزوكساميد وحول مشتقات المالونيل، وتلقت تمويلا من الجمعية الملكية دعما لبحثها. ومن بين من شاركوها في التأليف خلال هذه الفترة كيميائيتان أخريان وهما دوروثي ياب («التفاعل بين أملاح الدياكسونيم والمالونيلديوريثان» صحيفة المجتمع الكيميائي (1927)، 521-528) وإديث هيلدا أشروود («أوكسيم الميزوكساميد (أيزو نيتروسو مالون أميد) وبعض المركبات المتحالفة». الجزء الثالث التركيب الحلقي في السلسلة رباعية التعويض، صحيفة المجتمع الكيميائي (1923) 123، 1069-1089) وتزوجت أشروود لاحقا من كريستوفر إنجولد الذي كان عضوا في هيئة تدريس قسم الكيمياء بالكلية الملكية من 1920 إلى 1924.
خلال فترة العشرينيات أسهمت وايتلي في قاموس الكيمياء التطبيقية لثورب وشاركت في تأليفه، مع زميلها في الكلية الملكية سير جوسلين فيلد ثورب، صاحب «دليل الطالب لتحليل الكيمياء العضوية» (1925). واستمر تعاونها مع جوسلين ثورب بعد تقاعدها الرسمي في 1934، أولا بوصفها محررة مساعدة لملحق لقاموس ثورب (1936) ثم بوصفهما مؤلفين لطبعة جديدة تماما بدأت في الظهور في 1941.
كانت مارثا وايتلي فريدة بين بنات جيلها من الكيميائيات؛ حيث إنها تمكنت من الحفاظ على سيرة مهنية طويلة وناجحة كأكاديمية في معهد بريطاني كبير للتعليم العالي في وقت ندرت فيه النساء اللائي استطعن القيام بذلك. وبعد بداية متأخرة، تمكنت خلالها من كسب قوتها بوصفها مدرسة في مدرسة، شابهت حياتها المهنية حياة الرجال الذين قد ينظر إليهم باعتبارهم درجة ثانية في الأكاديميين الكيميائيين وليس غيرها من النساء اللائي استمررن باحثات ولكنهن لم يحصلن على مناصب مستقرة ولم يعملن بشكل مستقل عن معلميهن من الرجال. وعلى غرار زملائها الرجال الذين لم يحصلوا على مناصب أو زمالات الجمعية الملكية، قدمت إسهامات بارزة في التدريس للطلاب، ونشرت أبحاثا أصلية بشكل منتظم ولكن ليست في مجلدات كاملة، وقدمت إسهامات معروفة في الحرب العالمية الأولى كافأتها عليها الدولة، كما خدمت المجتمع الكيميائي من خلال أدوارها في المجتمع الكيميائي بوصفها محررة لا تعرف الكلل لكتاب مرجعي ضخم، وحاولت إلهام نساء أخريات لاتخاذ سبيل العلم وتيسيره لهن. وكفلت لها كفاءتها الهادئة القدرة على العمل بفعالية في عالم كان في السابق عالما خاصا بالرجال، وأبرزت بتواجدها أن النساء، عند منحهن الفرصة، يستطعن صنع سيرة مهنية ناجحة ومنتجة في الكيمياء.
المراجع
Barrett, A. Whiteley, Martha Annie (1866-1956),
in Oxford Dictionary of National Biography , online edn, Oxford University Press, Sept. 2004.
http://www.oxforddnb.com/view/article/46421 (30 July 2010).
Creese, M. R. S. (1997) Martha Annie Whiteley (1866-1956), chemist and editor.
Bulletin for the History of Chemistry,
20, 42-45.
Creese, M. R. S. (1991) British women of the nineteenth and early twentieth centuries who contributed to research in the chemical sciences.
British Journal for the History of Science,
24, 275-305.
Eldridge, A. A. (1957) Martha Annie Whiteley, 1866-1956,
Society
1, 182-183.
Gay, H. (2007)
The History of Imperial College London 1907-2007: Higher education and research in science, technology and medicine , Imperial College
Imperial College Centenary Website,
http://www.imperial.ac.uk/centenary/default.shtml (accessed 28 July 2010).
Mason, J. (1991) A forty years’ war,
Chemistry in Britain,
27, 233-238.
Owen, L. N. (1956) Dr M. A. Whiteley OBE,
Nature,
177, 1202-1203.
Rayner-Canham, M and Rayner-Canham, G. (2008)
Chemistry Was Their Life: Pioneer British Women Chemists, 1880-1949 , Imperial College Press, London.
أجنس بوكلز (1862-1935)
كاترينا الشمري
ابتكرت أجنس بوكلز جهازا لدراسة الأسطح البينية للسوائل، ويطلق على هذا الجهاز اليوم حوض لانجموير-بوكلز (أو حوض لانجموير كما هو شائع)؛ وبهذا كانت إحدى رائدات أبحاث توتر السطح. لم تتلق أي تدريب علمي رسمي، كذلك لم تحصل على أي شهادة جامعية أو حتى ثانوية، ولكنها كرمت كأول امرأة، بل المرأة الوحيدة (حتى يومنا هذا) التي حصلت على دكتوراه شرفية من جامعة كارولو-فيلهلمينا التقنية في براونشفيك بألمانيا، وعلى جائزة لورا- آر ليونارد من الجمعية الغروانية بمناسبة عيد ميلادها السبعين. ••• «سيدي اللورد، هلا سمحت لي بالتجرؤ على أن أثقل عليك بخطاب باللغة الألمانية حول موضوع علمي؟ سمعت عن الأبحاث المثمرة التي أجريتموها في العام الماضي حول الخصائص المجهولة حتى الآن لأسطح الماء؛ ولذا تصورت أنك ربما تهتم بملاحظاتي الخاصة في هذا الصدد. وأنا، لأسباب عديدة، لست في مركز يسمح لي بنشرها في دوريات علمية؛ ومن ثم قررت أن أخبركم بأهم تلك الملاحظات.» كتبت أجنس بوكلز هذا الخطاب، الذي أثارته مبدئيا ملاحظاتها على الماء المخلوط بالدهون الناتجة عن غسل الصحون من عشر سنوات، للورد رايلي عندما كانت في التاسعة والعشرين من عمرها. نشر خطابها هذا بوصفه أول ورقة بحثية في مجلة «نيتشر» وكان بمنزلة نقطة تحول في حياتها.
ولدت أجنس بوكلز في فينيسيا في الرابع عشر من فبراير عام 1862 كأخت كبرى لطفلين من أبوين ألمانيين هما ألفاين بوكلز، التي كانت تدعى بيكر عند ميلادها، وتيودور بوكلز، وهو ضابط خدم في الجيش النمساوي في شمال إيطاليا. ولد أخوها الأصغر فريدريش في فينشينزا بعد ثلاثة أعوام من ولادتها. انتشرت الملاريا في هذه المنطقة، وأصيبت الأسرة كلها بمشاكل صحية خطيرة حتى إن والد بوكلز اضطر إلى التقاعد مبكرا وعاد إلى براونشفيك بالقرب من جبال هارتس في 1865.
التحقت أجنس بوكلز بمدرسة البنات المحلية مركزة كل اهتمامها على تعلم الألمانية والدين واللغات. وعندما أنهت دراستها في المدرسة كان محظورا على النساء حتى ذلك الوقت دخول الجامعة، وفيما بعد لم يسمح لها والداها بدخول الجامعة؛ لأنها كانت مكلفة برعاية أبيها المريض، وكان المنزل هو شغلها الشاغل. وأخذ أخوها اتجاها مختلفا في العمل، فبعد إنهاء دراسته المدرسية درس الفيزياء، بداية في جامعة كارولو-فيلهلمينا التقنية في براونشفيك، ثم في جامعة ألبرت لودفيج في فرايبورج، ثم أخيرا في جامعة جورج أوجست في جوتنجن، وعين في البداية أستاذا في دريسدن ولاحقا في هايدلبرج، وركز عمله على تأثير الحقول الإلكتروستاتيكية في الخصائص الضوئية. ويعد تأثير بوكلز من المعلومات الأساسية التي تدرس في المدارس، وخلية بوكلز مكون هام من مكونات أنظمة الليزر الحديثة.
أجنس بوكلز.
عندما كانت أجنس تتجاذب أطراف الحديث مع أخيها فريدريش فإن الموضوع المفضل دائما يكون عن الفيزياء. وفي 1880، عندما كانت في الثامنة عشرة، لاحظت أثناء عملها في المطبخ أن توتر سطح الماء يتغير بانحلال شوائب من الأجسام الصلبة المغموسة فيه. كان بيلينيوس الأكبر وبلوتارك، وكذلك بنجامين فرانكلين، قد وصفوا بالفعل تفاعل سطحي الزيت والماء. ومع ذلك، لم يكن ثمة منهج تجريبي معروف لدراسة الظاهرة بالتفصيل. وفي 1882 ابتكرت أجنس بوكلز حوضا يستطيع المرء فيه تغيير السطح باستخدام مزلق وقياس توتر السطح بسرعة ودقة بميزان دقيق. ونقحت أجنس الجهاز، ووصفت آنا بوكلز، ابنة أخيها فريدريش، الجهاز قائلة: إنه مصنوع من القصدير من «خلاصة لحم»، ميزان جدها الذي كان يحتوي على حلقة من سلك البلاتين بدلا من الوعاء المدرج. تغمس الحلقة في قناة تحتوي على السائل المراد فحصه. وقام إرفينج لانجموير (الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء في 1932) بتنقيح هذا الجهاز لاحقا، وابتكر - مع كاثرين بور بلودجيت - طريقة لإنتاج طبقات أحادية على المواد الصلبة والسائلة (تقنية لانجموير- بلودجيت). وبعد بدء تجارب أجنس بوكلز الأولى بفترة صغيرة، بدأ أخوها دراساته في الفيزياء بالجامعة في 1883 ووفر لها الكتب الدراسية والمنشورات لتتمكن من أن تعلم نفسها المعرفة الضرورية في الفيزياء، إلا أن أساتذة جوتنجن لم يكونوا مهتمين بعملها، ونتيجة لعدم وجود اتصال مباشر مع العلماء لم تتمكن أجنس من نشر نتائجها.
جاءت انطلاقة أجنس بوكلز في 1891 عندما كتبت خطابا مكونا من 12 صفحة للورد رايلي (1842-1919) تلخص فيه العمل الذي أنجزته فيما يقرب من عشر سنوات. كان اللورد رايلي قد نشر لتوه ورقة بحثية في وقائع الجمعية الملكية حول ملاحظاته عن تكون غشاء من زيت الزيتون على الماء، وقرأت أجنس بوكلز عن عمله في ملخص لهذه الورقة البحثية في جريدة «نظرة علمية». لم يكن لورد رايلي يرغب في أن ينسب إليه فضل أعمال الآخرين؛ ولذا قدم خطابها إلى مجلة «نيتشر»، حيث نشر عملها تحت عنوان «توتر السطح» مع ملاحظات رايلي التمهيدية: «سأكون ممتنا إذا وجدتم المساحة للترجمة المصاحبة لخطاب مهم تلقيته من سيدة ألمانية، استطاعت بمساعدة أجهزة شديدة التواضع أن تصل إلى نتائج قيمة تتعلق بسلوك سطح الماء الملوث. يغطي الجزء الأول من خطاب الآنسة بوكلز نفس الموضوع الذي تتناوله بعض أعمالي الأخيرة تقريبا، وينسجم معه بشكل عام، أما الأجزاء التالية فتبدو بالنسبة لي موحية للغاية، كما أنها تثير أسئلة شديدة الأهمية، هذا إن لم تكن تجيب عنها بالكامل. وأتمنى أن أجد الفرصة قريبا لأعيد بعض تجارب الآنسة بوكلز. رايلي، 2 مارس 1891.»
تبع ذلك نشر المزيد من الأوراق البحثية في مجلة «نيتشر» بين عامي 1892 و1894، وبدأ الفيزيائيون الألمان آنذاك الاعتراف بأعمال أجنس. وكانت أجنس بوكلز كثيرا ما تسافر مسافة 100 كيلومتر إلى جوتنجن، ومع ذلك لم تستطع الاستفادة من عرض أن تعمل في معامل الفيزياء؛ نظرا لأن أبويها كانا دائمي المرض وكانت تحمل على عاتقها مسئولية رعايتهما. بدلا من ذلك كان من الضروري أن تجد وقتا في المنزل لإجراء تجاربها، ونشرت المزيد من الأوراق البحثية في الأعوام من 1898 إلى 1902 عن التصاق السوائل بالزجاج، وزوايا اتصال السوائل المشبعة بالبلور وتوتر سطح المستحلبات والمنذابات. وفي عام 1900 انتقل أخوها إلى هايدلبرج التي تبعد أكثر من 400 كيلومتر عن براونشفيك. بعد 1902 اتجهت أجنس بوكلز أكثر نحو العمل النظري. واهتماماتها العلمية الواسعة موثقة في ترجماتها لكتاب جورج هاوارد داروين عن «ظواهر المد والظواهر المشابهة لها في النظام الشمسي» وأيضا في بحثها الفلسفي عن «اعتباطية العالم». في 1906 توفي والدها، وتبعته أمها في عام 1904، أما خسارتها الفادحة فكانت في وفاة أخيها في 1913. ولهذا السبب - وكذلك بسبب الحرب العالمية الأولى، وبسبب مشاكلها الصحية وضعف نظرها - ازداد عجزها عن متابعة المنشورات الجارية، ومع ذلك، تمكنت من نشر خمس أوراق بحثية بحلول عام 1918 ثم ورقتين أخريين بعدها . وكانت تتلقى نفقات معيشتها من أقارب أمريكيين لها، ولولا هذا لما تمكنت من إنجاز أعمالها. في عام 1932، العام الذي احتفلت فيه بعيد ميلادها السبعين، تلقت دكتوراه شرفية في الهندسة من كلية الرياضيات والفيزياء بجامعة كارولو-فيلهلمينا التقنية في براونشفيك، وفازت بجائزة لورا آر ليونارد من الجمعية الغروانية بمناسبة مؤتمر تابع للجمعية الفيزيائية في براونشفيك. وكتب التقييم لهذه المناسبة فولفجانج أوستفالد في «دورية الغروانيات»، الذي كرمها بوصفها مؤسسة أبحاث الأغشية الكمية.
توفيت أجنس بوكلز في 1935، وعلى الرغم من أنها كانت مشهورة في حياتها؛ فقد أضحت أجنس بوكلز شبه منسية اليوم في حين أن أخاها ما زال مشهورا حتى الآن.
المراجع
Beisswanger, G. (1991) Agnes Pockels (1862-1935) und die Oberflächenchemie,
Chemie in Unserer Zeit,
2, 97.
Ostwald, W. (1932) The work of Agnes Pockels about interfaces and films,
Kolloid Z.,
58, 1.
Nature,
March 12.
Diaries,
Archive TU Brunswick.
Biographisch-Literarisches Handwörterbuch (Biographical Literary Dictionary ), vol. VI: 1923-1931, Berlin.
ماري سكودوفسكا-كوري (1867-1934)
ريناتا شتروماير
تعد ماري سكودوفسكا-كوري إلى حد بعيد أشهر امرأة في مجال العلم؛ فهي ليست أول امرأة تحصل على جائزة نوبل فحسب، ولكنها أيضا المرأة الوحيدة التي حصلت عليها مرتين.
على الرغم من أن ماري كانت بالفعل عضوا في الأكاديمية السويدية والتشيكية والهولندية للعلوم، وعضوا في العديد من المجتمعات العلمية المعتبرة الأخرى، فإن الأكاديمية الفرنسية للعلوم رفضت ترشيحها لعضويتها في يناير 1911، واستغرق الأمر وقتا طويلا بشكل مدهش حتى قبلت عضوية أول سيدة في الأكاديمية الفرنسية للعلوم، وكانت مارجريت بيري، مكتشفة عنصر الفرانسيوم، وذلك في 1962. أثار ترشيح ماري حملة تشويه في الصحافة الفرنسية، كما تسبب التحيز ضد النساء الأكاديميات، وكذلك رهاب الأجانب، في إطلاق اتهامات سخيفة آذتها بشدة. شنت في العام نفسه حملة ثانية؛ هذه المرة بخصوص علاقتها العاطفية ببول لانجفان، صديق العائلة وتلميذ بيير السابق. ورغم أن بول كان يعيش منفصلا عن زوجته؛ فقد اتهمت ماري بتدمير أسرته ووصل الأمر إلى تهديد حياة ماري. وفي الواقع وقعت مبارزتان، ولكنهما لم تسفرا عن قتل أحد. كذلك أثرت هذه العلاقة على منح ماري جائزة نوبل الثانية؛ فقد طلب سفانتي أرينيوس، أحد أعضاء الأكاديمية السويدية للعلوم، من ماري عدم المجيء إلى استوكهولم لتسلم الجائزة، ولكن ذلك لم يقلل من عزم ماري وذهبت إلى استوكهولم بصحبة أختها برونيا وابنتها إيرين لتسلم جائزة نوبل في الكيمياء في ديسمبر 1911. وفي هذه المرة ألقت محاضرة نوبل بنفسها، وأوضحت الجزء الذي قامت به في عملها المشترك مع بيير.
حصلت ماري كوري، بالاشتراك مع هنري بيكريل وبيير كوري، زوجها، على جائزة نوبل للفيزياء عام 1903 «تقديرا للخدمات الهائلة التي قدموها بأبحاثهم المشتركة عن ظواهر الإشعاع التي اكتشفها البروفيسور هنري بيكريل». وفي 1911 فازت بمفردها بجائزة نوبل في الكيمياء «تقديرا لخدماتها في تقدم الكيمياء باكتشاف عنصري الراديوم والبولونيوم، عن طريق عزل الراديوم ودراسة طبيعة هذا العنصر المميز ومركباته» (أقوال مقتبسة من لجنة نوبل).
عندما جاءت ماري سكودوفسكا إلى باريس في 1891، كانت سنوات عديدة من الحرمان قد مرت بها، وسنوات أخرى من العمل الشاق في ظل ظروف الفقر والاحتياج في انتظارها. بدأت دراستها في كلية العلوم بجامعة السوربون كواحدة من 23 امرأة من بين 1825 طالبا. كان بعض مدرسيها من العلماء الرواد في فرنسا، مثل الرياضي بول بانليفيه والفيزيائي جابرييل ليبمان. بعد عامين اجتازت اختبار الفيزياء وكانت الأولى على طلاب صفها. في العام الذي يليه كانت الثانية في اختبار للحصول على درجة علمية في الرياضيات. وعندما قابلت ماري سكودوفسكا الفيزيائي المشهور دوليا بيير كوري الذي كان يبلغ من العمر 35 عاما في عام 1894، وجد كل منهما في الآخر عقلا وشخصية مكملة، وقررا أن يكرسا حياتهما للعلم. غير هذا اللقاء الذي رتبه القدر خطط ماري وجعلها ترجع إلى وطنها مرة أخرى للعمل من أجل مستقبل مستقل لبولندا.
صورة جائزة نوبل الرسمية لماري كوري، 1911.
وفي بولندا التي كان يسيطر عليها الروس في ذلك الوقت، ذهبت ماري وأخواتها إلى مدرسة كانت اللغة والثقافة البولندية تدرس فيها سرا، في حين أن المنهج الرسمي كان يمليه المحتلون الروس. كان أطفال أسرة ماري وطنيين، مثلهم مثل والديهم. كانت ماري كاثوليكية مؤمنة، ولكن بعد وفاة والدتها وأختها في 1878 فقدت إيمانها وأصبحت لاأدرية. كان من المقرر أن تدرس ماري، وكذلك أختها برونيا، في الجامعة، ولكن في ذلك الوقت كانت الدراسة العليا محظورة على النساء في بولندا. ونظرا لأن أباهما لم يكن في وضع يسمح له بدعم تعليمهما في الخارج؛ فقد عقدتا اتفاقا: برونيا تذهب إلى باريس أولا وتدرس لتصبح طبيبة وماري تعمل مربية أطفال في بولندا وتدعمها، وبمجرد أن تبدأ برونيا في كسب عيشها، سيكون عليها أن تلحق ماري بالجامعة، ونجحت الخطة وذهبت ماري إلى باريس.
عندما قابلت ماري بيير كان رئيس معمل في مدرسة الفيزياء والكيمياء الصناعية، حيث يتمرن المهندسون. وفي سن 21، اكتشف هو وأخوه جاك اكتشافا مهما جدا وهو الكهرباء الضغطية، واخترع الأخوان أيضا الميزان الكهروضغطي، وهو أداة لعبت دورا رئيسيا في اكتشافات العناصر المشعة اللاحقة. عندما غادر جاك في 1883 ليصبح كبير محاضري علم التعدين بجامعة مونبلييه، تابع بيير بحث البلورات والخصائص المغناطيسية للأجسام فيما يتعلق بدرجة الحرارة، وأفضى ذلك إلى رسالة الدكتوراه الخاصة به في 1895 والتي احتوت على تقدير الصلة بين درجة الحرارة والمغناطيسية وهو ما يعرف الآن باسم قانون كوري. كان يوصف بأنه «مثالي وحالم، وأهم أمانيه أن يتمكن من تكريس حياته للعمل العلمي.» وصارت ماري شريكته في الحياة وفي العلم في علاقة تعاونية متكافئة؛ إذ تشاركا العمل والفضل. كتب إتش إم بايسيور الذي حلل تعاونهما قائلا: «في حالة ماري وبيير، كان التناقض (أيضا) بين مفكر حالم (بيير) يجد متعته في تأمل الطبيعة وبين مفكرة منفذة (ماري) ساعدت حاجتها الماسة إلى الوضوح في تحويل هذا التأمل إلى واقع.»
ماري وبيير كوري في معملهما.
تزوجا في 1895، واتفق الزوجان على ألا تترك ماري العمل العلمي والتدريس أبدا. وبمساندة يوجين كوري، والد بيير، الذي انتقل للعيش مع الزوجين بعد وفاة زوجته، وباستئجار ممرضات بولنديات وفيما بعد مربيات، خلقا معا أسلوب حياة يوفر الوقت للعلم والأسرة.
في الفترة الأولى بعد زفافهما حصلت ماري على دبلومة التدريس وأكملت أبحاثها حول الخصائص المغناطيسية لمعادن متعددة لصالح جمعية تشجيع الصناعات الوطنية. ونظرا لأن ماري كانت مصممة على الاستمرار في أبحاثها؛ فقد قررت أن تدرس للدكتوراه. كانت ماري معجبة بشدة باكتشاف الأشعة السينية الذي اكتشفه فيلهلم كونراد رونتجن، وبملاحظات بيكريل عن أشعة اليورانيوم؛ ولذلك اعتبرتهما هي وبيير موضوعا جيدا لرسالتها. كان طموح ماري أن «تحدد شدة الإشعاع (للمواد المتنوعة)، عن طريق قياس موصلية الهواء المعرض لتأثير الأشعة.» كانت محظوظة لامتلاكها جهازا لقياس التيارات الكهربية الضعيفة بدقة متناهية ببساطة لأن مقياس الشحنة الكهربية، الذي اخترعه بيير وأخوه ولم يستخدم لسنين، كان متوفرا في المعمل. وشرحت ماري فيما بعد: «من أهم خصائص العناصر المشعة تأيين الهواء بالقرب منها.» اضطرت ماري لإجراء تجاربها في ظل ظروف صعبة وترتيبات معملية شديدة الفقر. وعلى الرغم من التزاماتها التدريسية - وابنتها التي كان عمرها وقتها ثلاثة أشهر - فقد حققت ماري في فترة قصيرة بعض الاكتشافات الثورية:
شدة الإشعاع تتناسب طرديا مع كمية العنصر المشع في العينة المفحوصة.
الإشعاع لا يتأثر بالعوامل الخارجية مثل الضوء أو الحرارة؛ مما أدى إلى استنتاج أن:
إصدار الإشعاع هو خاصية من خصائص الذرة نفسها، بغض النظر عن الحالة الكيميائية أو الفيزيائية.
بما أن ماري لم تكن عضوا في أكاديمية العلوم؛ فقد قدمت نتائجها في 12 أبريل 1889 على يد مدرسها السابق جابرييل ليبمان. ونشرت ورقة بحثية بعنوان «الإشعاعات المنبعثة من مركبات اليورانيوم والثوريوم» بعد 10 أيام. رفض الزوجان كوري عرض تسجيل براءة اختراع لاكتشافاتهما؛ فقد كانا مقتنعين بأن النتائج العلمية تخص البشرية جمعاء.
كشف اختبارها للبيتشبلند (المعروف أيضا باليورانينيت) عن أن نشاطه الإشعاعي أكبر أربع مرات مما ينبئ به محتواه من اليورانيوم. وبمناقشة هذا التناقض، الذي كان ملاحظا أيضا في التشالكوليت، افترض بيير وماري أن الإشعاع صادر من عنصر كيميائي جديد. في ذلك الوقت (بعد زواجهما بحوالي ثلاث سنوات) ترك بيير بحثه في البلورات والتجانس في الطبيعة وأصبح الزوجان كوري شركاء في دراسة النشاط الإشعاعي، وصمما على أن يجدا العنصر الكيميائي الجديد.
أثناء محاولة فصل العناصر المختلفة في البيتشبلند بطرق كيميائية وجدا أن النشاط القوي جاء مع الأجزاء التي تحتوي على البزموت والباريوم. وعندما واصلت ماري تنقية البزموت، نتج عن ذلك بقايا لها نشاط إشعاعي أكبر. وفي يونيو 1898 عزلا مادة تشبه البزموت، والتي كانت أكثر نشاطا من اليورانيوم ب 330 مرة . ورغم أن المطياف فشل في إعطائهما الدليل؛ فقد قدم هنري بيكريل اكتشافاتها «حول مادة إشعاعية جديدة موجودة في البيتشبلند» لأكاديمية العلوم في يوليو 1898. وهنا، ولأول مرة، استخدم مصطلح «النشاط الإشعاعي» للدلالة على الانبعاث التلقائي للأشعة. اقترح الزوجان كوري أن العنصر الجديد يجب أن يطلق عليه اسم البولونيوم تيمنا بوطن ماري الأصلي. وفي يوليو من نفس العام تلقت ماري كوري جائزة أكاديمية العلوم لعملها على الخصائص المغناطيسية للحديد وعلى النشاط الإشعاعي. وبعد أقل من ستة أشهر، أعلنت ماري وبيير اكتشاف عنصر مشع آخر في البيتشبلند وأطلقا عليه اسم الراديوم، وهو أقوى مادة مشعة اكتشفت حتى الآن. هذه المرة استطاع يوجين إيه ديماركيه توضيح خط طيفي جديد للعنصر. وكدليل على وجود البولونيوم والراديوم، كان على الزوجين كوري أن يعزلاهما بكميات كافية وأن يحددا وزنهما الذري.
في وقت مبكر من عام 1899 بدأ بيير في تسليط الضوء على التأثيرات الفيزيائية للنشاط الإشعاعي بالتعاون مع جورج سانياك وأندريه-لوي دبيرن، في حين كرست ماري نفسها تماما للعزل الكيميائي للراديوم. ولإنجاز هذه المهمة بنجاح كانوا في حاجة إلى كميات هائلة من البيتشبلند باهظ الثمن، وحصلت ماري بمساعدة أكاديمية فيينا للعلوم على عدة أطنان من خبث المعدن من منجم جواكيمثال في بوهيميا، الذي كان أكثر نشاطا حتى من البيتشبلند الأصلي. ونظرا لأن معملهما وقتها كان شديد الصغر بالنسبة للمهام التي يقومون بها؛ فقد وفرت كلية بيير سقيفة جيدة التهوية لمهمة الفصل والتحليل المرهقة المضنية. كتبت ماري: «في بعض الأحيان كنت أضطر لقضاء يوم كامل في تقليب كتلة تغلي بقضيب حديد ثقيل يقاربني في الطول.» وقد زار الكيميائي الألماني فيلهلم أوستفالد الزوجين كوري ليرى طريقة عملهما، وكتب فيما بعد: «بسبب إلحاحي، أروني المعمل الذي تم اكتشاف الراديوم فيه منذ فترة قصيرة ... كان شيئا بين الإسطبل ومخزن البطاطس، ولولا أنني رأيت بنفسي منضدة العمل وعناصر الأدوات الكيميائية، لظننت أنهم يسخرون مني ويتلاعبون بي.» أنتجت ماري بالمساعدة المالية للأكاديمية الفرنسية للعلوم وفني واحد فقط، بعد أربع سنوات من العمل المضني ، عينة راديوم مناسبة من عشرة جرامات لحساب الوزن الذري. وعرضت ماري كوري النتائج بالتفصيل في رسالة الدكتوراه الخاصة بها والمعنونة «أبحاث على المواد المشعة» والتي قدمتها في 25 يونيو 1903، وحصل عضوان من لجنة الامتحان وهما جابرييل ليبمان وهنري مواسان على جائزة نوبل في وقت لاحق. وتمت ترجمة رسالة ماري إلى خمس لغات، وأعيد طبعها 17 مرة في الدوريات العلمية.
في وقت مبكر من 1903، ظهرت أولى مشاكلهما الصحية. تجاهلت ماري وبيير كل علامات اعتلال الصحة الواضحة الناجمة عن ملامسة الإشعاع، وأصيب بيكريل، وكذلك بيير كوري وغيرهما من العلماء الذين يعملون على المواد المشعة بتلف في البشرة يشبه الحرق، وأسهمت مشاكل بيير الصحية الكامنة في إصابته بروماتيزم مؤلم جدا. عندما نتأمل كل ذلك اليوم، فإننا نندهش ونفاجأ بمدى الاستهتار في ملامسة المواد المشعة، على سبيل المثال لتوضيح كيف يستطيع ملح الراديوم في محلول إضاءة ظلمة احتفال في الحديقة. وما زالت أخطار وآثار النشاط الإشعاعي طويلة المدى لا تؤخذ بجدية حتى الآن.
في منتصف نوفمبر 1903 تلقى الزوجان كوري رسالة من استوكهولم تفيد بأنهما قد فازا بنصف جائزة نوبل في الفيزياء، وتلقى هنري بيكريل النصف الآخر من الجائزة لاكتشافه النشاط الإشعاعي التلقائي. لم يتمكنا من الذهاب إلى السويد لتلقي الجائزة؛ فقد كان كلاهما يعاني من مشاكل صحية خطيرة، ولم يذهبا إلى استوكهولم قبل عامين في يونيو 1905 عندما ألقى بيير محاضرة نوبل.
في ديسمبر 1904، رزقا ابنتهما الثانية، إيف، التي كتبت فيما بعد السيرة الذاتية لأمها «السيدة كوري» وكانت تميل إلى الرومانسية، ولم تكن قد تجاوزت الثانية حينما توفي والدها في حادث سير في 19 أبريل 1906. لم تفقد ماري كوري زوجها المحب فحسب، بل فقدت شريكها العلمي أيضا. خلفت بيير في منصبه في السوربون، أولا محاضرة، ثم بعد عامين، أستاذة، وكانت أول امرأة تعين للتدريس في جامعة باريس. ووافقت ماري كوري، بدعوة من إرنست رذرفورد، على وضع وحدة لنشاط كمية من المواد المشعة، الأمر الذي بات ضروريا لازدياد استخدام الراديوم في الطب والصناعة والأبحاث. وبمناسبة المؤتمر العالمي لعلم الأشعة والكهرباء في بروكسل قررت لجنة من عشرة علماء، بما فيهم ماري، تسمية الوحدة «كوري». وفي 1975 حلت «بيكريل» محل «كوري» كاسم للوحدة الرسمية للنشاط الإشعاعي.
تراجعت الحالة الصحية لماري لدى عودتها من السويد، وازداد اكتئابها وعانت من التهاب الحويضة والكلية، واستغرق الأمر منها ما يقرب من عامين للشفاء والرجوع للعمل. وفي 1913 ذهبت إلى وارسو لافتتاح معهد الراديوم الجديد، الذي أسس على شرفها.
عندما بدأت الحرب العالمية الأولى، بدأت ماري على الفور في العمل على تجهيز العربات بأجهزة أشعة سينية لاستخدامها كأجهزة ميدانية متحركة لتحديد مواقع الشظايا المعدنية في الجنود المصابين، وبمساندة رابطة المرأة الفرنسية ركبت ماري أول عربة إشعاع متحركة ودربت الشابات على تقنية الأشعة السينية، وبالتبرعات الخاصة وبمساعدة «الإعانة الوطنية للمصابين» تم تجهيز حوالي 200 سيارة بالإشعاع، وفي أثناء الحرب دربت هي وابنتها إيرين الفنيين وعملتا بنفسيهما أيضا في الجبهة.
بعد الحرب افتتح معهد الراديوم الخاص بماري، وعندما كشفت ماري كوري النقاب عن الموارد المتواضعة لتجهيزه للصحفية الأمريكية ماري ميلوني، بدأت الآنسة ميلوني حملة تبرعات لتمكينها من شراء جرام واحد من الراديوم بسعر 100 ألف دولار أمريكي. كان على عميد جامعة السوربون، بول أبيل، أن يقنع ماري بالذهاب إلى أمريكا لقبول الأموال؛ لأنها كانت لا تزال تتجنب الدعاية. وعندما عادت إلى باريس أقيم حفل كبير في الأوبرا على شرفها، وتم الاحتفاء بماري كوري باعتبارها جان دارك الحديثة، بعد أن جرجرت في الوحل منذ عشر سنين، كما ذكر في مقال مؤسسة نوبل عن ماري وبيير كوري.
عندما أسست عصبة الأمم في عام 1922 لجنة جديدة للتعاون الثقافي، انتخبت ماري كوري كواحدة من 12 عضوا في هذه اللجنة. وأثناء الاثني عشر عاما التي قضتها ماري بوصفها عضوا نشطا خدمت لفترة نائبا لرئيس اللجنة، وشاركت مع آخرين في إنشاء قائمة مراجع علمية دولية ووضع أدلة إرشادية لإعطاء منح الأبحاث الدولية. وبوصفها رئيسا لمعهد الراديوم قدمت ماري كوري التشجيع للنساء والطلاب الأجانب بشكل خاص، وفي 1931، كان 12 من 37 عالما من النساء، ومن بينهن إلين جليديتش من النرويج، وإيفا رامستدت من السويد، ومارييتا بلاو من النمسا ، ومارجريت بيري من فرنسا.
توفيت ماري كوري في 17 يوليو عام 1934 في مصحة سانسيلموز بالقرب من باسيه بفرنسا من جراء الإصابة بسرطان الدم، وأصبحت ضحية لتعرضها المتهور للراديوم والأشعة السينية. لم تعش لتعرف أن ابنتها إيرين وزوج ابنتها فريدريك جوليو تبعاها في الحصول على جائزة نوبل في الكيمياء في 1935، ولكنها شهدت اكتشافهما للنشاط الإشعاعي الاصطناعي.
الخط الزمني لماري كوري.
1867
في 7 نوفمبر ولدت في وارسو، في بولندا التي كانت وقتها تحت سيطرة الروس. الوالدان: فلاديسلاف سكودوفسكا، مدرس الرياضيات، وبرونيسلافا (بوجوسكا)، مديرة مدرسة إعدادية للبنات.
1891
سافرت ماري إلى باريس وبدأت دراستها في السوربون.
1893
اجتازت اختبار الفيزياء وكانت الأولى على فصلها.
1894
اجتازت اختبار الرياضيات وكانت الثانية على فصلها.
1894
قابلت زوجها المستقبلي بيير كوري.
1895
تزوجت بيير كوري.
1897
ولدت ابنتها إيرين، وفي 1904 ولدت ابنتها الثانية إيف.
1898
حصلت ماري على جائزة أكاديمية العلوم.
1903
رسالة الدكتوراه «أبحاث على المواد المشعة».
1903
أول جائزة نوبل، شاركها فيها هنري بيكريل وبيير كوري.
1906
وفاة بيير كوري.
1908
أصبحت ماري أستاذة في جامعة السوربون.
1911
جائزة نوبل الثانية لماري كوري.
1934
توفيت ماري في 17 يوليو بمصحة سانسيلموز بالقرب من باسيه بفرنسا.
المراجع
Brian, D. (2005)
The Curies. A Biography of the Most Controversial Family in Science , John Wiley & Sons, Hoboken, NJ, USA.
Curie, È. (1952)
Madame Curie , Fischer Verlag, Frankfurt am Main.
Fröman, N. (1996)
Marie and
Radium , Lecture at the Royal Academy of Sciences in Stockholm, Sweden, on February 28, 1996. (
http://www.nobel.se/essays/curie/index.html ).
collaborator Mme Curie”. Complementary partners, in
Creative Couples in the Sciences (eds. H. M. Pycior, N. G. Slack, and p. G. Abir-am) Rutgers University
Quinn, S. (1999)
Marie Curie. Eine Biographie , Insel-Verlag, Frankfurt am Main.
كلارا إميرفير (1870-1915)
ماريان أوفرينز
درست كلارا إميرفير الكيمياء، وحصلت على درجة الدكتوراه في قابلية ذوبان العديد من الأملاح المعدنية، وتزوجت من فريتز هابر الذي حصل فيما بعد على جائزة نوبل.
ولأنها لم تستطع العيش مع فكرة أن زوجها ابتكر غازات سامة للحرب الكيماوية؛ فقد قتلت نفسها في 1915 برصاصة من مسدس زوجها العسكري. •••
في 21 يونيو عام 1870، ولدت كلارا إميرفير في محافظة بولكندورف في بريسلو بسيليزيا (يطلق عليها حاليا روكلو ببولندا). كانت كلارا الابنة الصغرى من بين أربعة أطفال للدكتور فيليب إميرفير وآنا كرون إميرفير (كان هناك فضلا عن كلارا بنتان أخريان هما إلي وروز، وولد يدعى بول). وترعرع الأطفال في أسرة ثرية مثقفة متحررة ومنفتحة.
كلارا إميرفير.
تلقت كلارا تعليمها المبكر في المنزل، مع أخيها وأختيها، وكانت تلميذة مجتهدة، وسرعان ما أصبحت هناك منافسة بين كلارا وأخيها الأكبر بول . وابتداء من الفصل الدراسي في شتاء 1877 ارتادت الأخوات الثلاث مدرسة الآنسة كروج في بريسلو. وفي الصيف عاشت الأسرة في أملاكها الموروثة عن أسلافهم، وهناك تعلم الأطفال على يد عدد من المربيات. وأبدت كلارا منذ بداية فترة دراستها اهتماما هائلا بالعلوم، وكانت تنزعج بشدة عندما يلمح أحدهم إلى وظائفها المستقبلية الأنثوية. وقابلت كلارا أثناء دروس الرقص في بريسلو فريتز هابر، وشعر كل منهما بالانجذاب إلى الآخر، ولكن صديق كلارا الصدوق وصف فريتز بأنه «شديد الذكاء، ولكنه مغرور ومتكبر.» أراد فريتز الزواج في أقرب وقت ممكن، ولكن والديه ووالديها رأوا أن عليه أن يجد عملا يرتزق منه أولا، ولم تكن كلارا على يقين من مشاعرها تجاه فريتز. وبعد فترة قصيرة نسبيا حصل أخوها بول على درجة الدكتوراه، ومنذ هذه اللحظة أرادت كلارا أن تكون مستقلة اجتماعيا عن طريق الحصول على تعليم جامعي، ولتحقيق ذلك، سلكت الطريق الذي كان الكثير من السيدات والفتيات الألمانيات يسلكنه: معهد التعليم العالي للتدريس. دخلت كلارا المعهد في بريسلو، وسرعان ما لاحظت مديرة المعهد اهتمام كلارا العلمي وأعطتها كتاب جين مارسيه («محادثات عن الكيمياء»، الذي ظل مشهورا أكثر من سبعين عاما بعد إصداره). بلا شك أكد هذا الكتاب حب كلارا للكيمياء. أنهت كلارا اختبارات تدريب المدرسين، وصار عليها أن تواجه العقبات والتحيزات، وقررت كلارا مع والدها أن تأخذ دروسا خصوصية أولا، ودعمها وشجعها عضو مجلس شورى الملك ألبرت لادنبورج. وأخيرا في 1896 قبلت كلارا وعدد قليل من الفتيات مستمعات في المحاضرات في الجامعة، وبالطبع كانت الكيمياء هي اهتمامها الأكبر، وعلى نحو خاص منحتها التجارب الكيميائية متعتها الكبرى، برغم السخرية والمعارضة التي واجهتها، وبرغم حقيقة أنها وزميلاتها الطالبات كن يتعرضن لتجاهل الأساتذة والطلاب من الرجال.
في نهاية الفصل الدراسي الشتوي في السنة الدراسية 1896 / 1897 غادر رئيس القسم كوستر جامعة بريسلو وخلفه في المنصب ريتشارد أبيج، الذي كان صديق هابر وزميله في الكلية، وسارت الأمور على أفضل ما يرام بين كلارا وأبيج. وفي العام نفسه جاء تصريح وزير الثقافة الذي كان ذا أهمية عظيمة بالنسبة لتقدم كلارا التعليمي ؛ وأصبح لكلارا باعتبارها مستمعة نفس حقوق الطالب المنتظم، وعلى الفور راحت كلارا وأبيج يبحثان عن موضوع مناسب لرسالة الدكتوراه، واختارا أن يبحثا إمكانية ذوبان العديد من الأملاح المعدنية الثقيلة.
سافرت كلارا إلى جامعة فرايبورج التكنولوجية في كلاوستال، حيث أشرف عليها البروفيسور كوستر، وكانت كثيرا ما تراودها شكوك في إمكانياتها وعملها.
اكتشفت كلارا بقياساتها وخبرتها أن القياسات المحتملة لجاوس كانت غير دقيقة، أو بالأحرى، كانت قيما عشوائية. ولأول مرة تم نشر تحقيق لكلارا؛ حيث نشرت مجلة الكيمياء العضوية مقالا لها بعنوان «قابلية أقطاب النحاس للانحلال مقارنة بقابلية رواسب النحاس». وفي 28 يونيو عام 1900، قدمت كلارا طلبا للسماح لها بتقديم رسالة الدكتوراه، وعزز طلبها 31 مدرسا، وقبلت كلارا. كان بحثها في مجال الكيمياء الفيزيائية، وكانت رسالتها بعنوان: «الانحلالية: أملاح الزئبق والنحاس والرصاص والكادميوم والزنك ذات القابلية الطفيفة للانحلال».
وقد أهدت رسالتها إلى والدها، إذ صدرتها بالكلمات: «إلى والدي العزيز». وكان الحكم على اختبارها الشفهي بالإجماع: «ناجحة بتفوق». وفي 22 ديسمبر 1900 كانت المناقشة الشفهية لرسالتها، وبعدها مباشرة منحت كلارا إميرفير درجة الدكتوراه، وكانت بذلك أول امرأة تحصل عليها في بريسلو؛ ومن ثم أصبحت كلارا إميرفير أول امرأة في ألمانيا تحصل على درجة الدكتوراه في الكيمياء، وبعد ترقيتها أصبحت كلارا مساعدة للبروفيسور أبيج، وكان هذا أعلى منصب أكاديمي تحصل عليه امرأة في ذلك الوقت.
في 1901، في مؤتمر جمعية الكيمياء الكهربية الألمانية، الذي أقيم تكريما لروبرت بونسن، قابلت كلارا فريتز هابر مرة أخرى، وللمرة الثانية في حياتها طلب يدها للزواج، وبعد ترددها المبدئي، وافقت هذه المرة. وفي أغسطس تزوجت كلارا إميرفير من فريتز هابر، وأقام الزوجان في كارلسروه، حيث كان فريتز يتمتع باتصالات جيدة في مجال الكيمياء.
بعد الزواج بفترة قصيرة حملت كلارا، وبعد فترة حمل صعبة ولدت طفلها الأول هيرمان، وبعد الولادة رقد فريتز في فراشه أيضا بعد إصابته بمرض في المعدة.
بعد ولادة هيرمان بفترة قصيرة بدأ زواجهما في التصدع، وأقامت كلارا في غرفة منفصلة، ومع ذلك أهدى فريتز كتابه «الديناميكا الحرارية للتفاعلات الفنية للغازات» الذي تلقى عليه الكثير من الإشادة إلى «زوجته العزيزة الدكتور كلارا هابر؛ لشكرها على تعاونها الصامت».
بعد اكتشاف النيتروجين كسماد، كرس فريتز أبحاثه لتصنيع الأمونيا. كان يريد أن يصنع لنفسه اسما شهيرا: «لا ننفق أقل قدر ممكن ولكن نكسب أكبر قدر ممكن.» في البداية أسهمت كلارا كثيرا في عمل زوجها، ولكن دون ذكر اسمها كشريك له.
منذ لحظة اندلاع الحرب في الأول من أغسطس عام 1914، اتجهت الأبحاث عن الأمونيا كأساس للسماد أكثر وأكثر إلى صناعة المتفجرات والغازات السامة، مثل الكلور والفوسجين وغيرهما من الغازات السامة، من أجل صناعة الحرب.
في الوقت نفسه، واصلت الفجوة بين كلارا وفريتز في الاتساع. كان فريتز مدمنا على العمل ولا يرغب في قضاء أي وقت مع زوجته وابنه، وكانت كلارا تلقي محاضرات للنساء عن «الكيمياء والفيزياء في التدبير المنزلي». وعبرت بهذا عن موقفها المعادي للعسكرية، في مقابل التوجه الوطني لزوجها ومعهده، وقاومت كلارا بكل قوتها بحث زوجها عن الحرب الكيميائية، ووصفت البحث بأنه: «انحراف للعلم». ولم تستطع إقناعه بكارثية بحثه، وعندما ظهرت الآثار المفجعة للكلور كغاز سام، طوره هابر - في إحدى الهجمات الأولى خسر الفرنسيون وحدهم 18 ألف شخص - لم تستطع التعايش مع هذه المسئولية. وفي صباح 2 مايو 1915، قتلت كلارا نفسها برصاصة في قلبها من مسدس زوجها العسكري. (...) كان فهمي للحياة دائما هو أنها لا تستحق العيش إلا إذا طورت مهاراتك إلى أعلى مستوى ممكن، واختبرت كل ما تستطيع الحياة منحه لك (...).
كلارا هابر-إميرفير نظرة على الماضي 1909
منذ 15 نوفمبر عام 2000، في جامعة دورتموند، يقام مشروع كلارا إميرفير التعليمي، الذي يهدف إلى تشجيع النساء على دراسة الكيمياء.
المراجع
Leitner, G. von (1994)
Der Fall Clara Immerwahr. Leben für eine humane Wissenschaft , München.
Molenaar, L., and Kooiman, p. (1986)
Chemie en Samenleving. Van Kleurstof tot Kunstmest , Maastricht/Brussels.
Offereins, M. I. C. (1996)
Vrouwenminiaturen. Biografische schetsen uit de exacte vakken , Utrecht.
Ogilvie, M. and Harvey, J. (eds) (2000)
The Biographical Dictionary of Women in Science.
Mid-20th Century , Routledge, Cambridge, MA/London.
Strohmeier, R. (1998)
Lexicon der Naturforscherinnen und Naturkundigen Frauen Europas. Von der Antike bis zum 20. Jahrhundert . Thun und Frankfurt am Main.
ماريا باكونين (1873-1960)
ماركو شاردي ومريم فوكاشا
أسهمت ماريا باكونين - التي كان أصدقاؤها يطلقون عليها «ماروسيا» وهو الاسم الذي نشرت به بعض أعمالها - إسهاما بارزا في تقدم مجال الكيمياء، وكذلك في تحرر المرأة في الأوقات العصيبة عندما بدأت المرأة في إيطاليا بالتدريج وبصعوبة تحتل مكانا لنفسها في مراتب العلوم «العظيمة» في الجامعة: الكيمياء والرياضيات والفيزياء. في 1912 عينت في منصب محاضرة للكيمياء في الكلية الفنية؛ مما أذن بمخالفة التقاليد التي سادت في القرن التاسع عشر من حيث السماح للنساء بتدريس «العلوم الطبيعية» فقط. وتمكنت ماريا بفضل شخصيتها القوية والحازمة من أن تصبح من أهم الشخصيات في الدوائر النابولية؛ من أجل كل من بحثها المبتكر في الكيمياء الفراغية والكيمياء الضوئية ورئاستها للعديد من المؤسسات العلمية ومشاركتها في الحياة الثقافية للمدينة. في 1947 كانت أول سيدة تنتخب عضوا في الأكاديمية القومية للعلوم، في قسم العلوم الفيزيائية. •••
كانت ماريا باكونين الابنة الثالثة للفيلسوف والثائر الروسي ميخائيل باكونين، وولدت في كراسنويارسك بسيبريا في الثاني من فبراير عام 1873. عندما توفي والدها في برن في 1876، ذهبت مع عائلتها إلى نابولي، حيث حافظوا على الروابط الكثيرة التي أقامها والدها مع المدينة. وبعد إتمام دراستها في الليسيه التقليدية (التي كانت وقتها حديثة العهد بانضمام النساء إليها)، مع أخيها كارلو وأختها جوليا صوفيا التحقت بدورة للحصول على شهادة الكيمياء الجامعة. وفي 1895 تخرجت بأطروحة بعنوان «عن أحماض الفينيل نيتروسيناميك وأيزومراتها الفراغية». وتخرجت أختها جوليا صوفيا من الجامعة نفسها في عام 1893 بعد أن درست الطب والجراحة.
من ناحية، منذ عام 1890 فصاعدا كانت تعد واحدة من المعدين في المعهد النابولي للكيمياء الذي كان يديره أجوستينو أوجليالورو تودارو (الذي أصبح زوجها لاحقا)، ومن ناحية أخرى، كانت مستمتعة تماما في روما في 1896 بين الكيميائيين الإيطاليين الذين اجتمعوا للاحتفال بعيد ميلاد ستانيسلاو كانيتسارو السبعين.
في الواقع كان رأي كانيتسارو وإيمانويلي باتيرنو الطيب فيها هو الذي أدى لتكريم دراساتها وتقديرها وذلك بإعطائها جائزة الأكاديمية للفيزياء والرياضيات في نابولي عام 1900.
ماريا باكونين (الجامعة الحرة للسيدات).
في عام 1902 كانت من الحاضرين في المؤتمر القومي الأول للكيمياء التطبيقية، وهو مؤتمر أمر بعقده اتحاد الكيمياء الصناعية من أجل محاولة تأسيس شركة كيميائية إيطالية. وقد تم التعبير عن هذا الهدف أيضا من خلال نشر دورية «كيمستري آند إندستري».
في 1909 بدأت تدريس الكيمياء التطبيقية في الكلية الفنية العليا في نابولي، وفي 1912 ربحت المنافسة المفتوحة على كرسي في الكيمياء التكنولوجية التطبيقية في نفس المؤسسة. وفي 1921 أصبحت رئيس الفرع النابولي للاتحاد الإيطالي للكيمياء. في 1928، إلى جانب كونها العضو الآمر في الهيئة الرئاسية لمجلس الكيمياء المعني بالمجلس القومي للبحوث، تم تعيينها واحدة من 13 عضوا في لجنة الهيدروكربونات العطرية على يد الرئيس نيكولا بارافانو. بعد ذلك قام بارافانو بحل هذه اللجنة في 1930 لإفساح مكان لأعضاء لجنة وقود الاحتراق.
في 1940 شغلت منصب رئيس قسم الكيمياء العضوية في كلية العلوم جامعة نابولي، حيث عملت حتى عام 1947، وكانت جزءا من لجنة الكيمياء التابعة للمجلس القومي للبحوث أثناء فترة إعادة الإنشاء في 1945 و1946.
أجرت ماريا باكونين بحوثا عميقة واسعة النطاق في الإندونات؛ بحوثا يمكن ربطها بدراساتها الأولى للأيزومرية الهندسية للأحماض النيتروسينامية والأوكسيسينامية، التي ركزت جهدها عليها منذ مشروع تخرجها في الكلية. وإلى جانب دراساتها المبتكرة هذه يمكننا أيضا أن نلاحظ بحوثها في تركيب البيكروتوكسين، وأسترة الفينول، والتأثير المحفز لمحاليل غروية معينة في التركيبات العضوية، فضلا عن إسهاماتها في مجال الكيمياء التطبيقية والتي أدت إلى تحضير بعض المنتجات الطبية المهمة.
فيما يتعلق بالتركيبات العضوية، ستظل ذكرى باكونين حاضرة لتقديمها طريقة مبتكرة لتحضير الإندونات والبلامائيات والإثيرات بالاعتماد على استخدام خامس أكسيد الفسفور في الكلوروفورم (1900). وكثيرا ما يتم الاستشهاد بالدراسات التي أجرتها بالتعاون مع بيتشيريلو والتي نشرت في الجازيتا (1933-1935).
كذلك نظرا لاهتمامها بعلوم الأرض، شاركت باكونين في 1906 في مجموعة مراقبة تدرس ثورة بركان فيزوف، في حين أنها تولت من 1909 إلى 1910 مشروعا لوزارة التعليم الإيطالية لوضع خريطة جيولوجية لإيطاليا. ومن أجل هذا المشروع، ركزت انتباهها على الصخر الزيتي والرواسب الإكتيوليثية المعتادة في سلسلة جبال دولميت جنوب تيرول وسلسلة جبال بيتشينتيني في منطقة ساليرنو.
من عام 1911 إلى 1930 تقريبا، عملت مستشارة لصالح مجلس مقاطعة جيفوني ولصالح شركات من المنطقة نفسها أملا في استغلال مناجم الإكثيول المحلية. يساعدنا هذا النشاط في معرفة مدى نشاط باكونين في العمل سعيا نحو تحقيق حلمها المتمثل في دفع التنمية الصناعية في المناطق المحيطة بنابولي؛ مما يجعلها ذات أهمية أكبر في العملية الاقتصادية الحاسمة للبلد ككل. في ضوء كل هذا يبدو التعاون الوثيق بينها وبين تلميذها فرانسيسكو جورداني - الذي أصبح فيما بعد تكنوقراطيا مشهورا، والذي حافظت على علاقة عمل قوية معه في السنوات التالية - تعاونا له دلالته الخاصة.
لقد اجتمعت في ماريا، المعرفة الواسعة والقدرات التنظيمية والإمكانيات التدريسية مع الصفات الأكثر إنسانية كالشجاعة والصرامة الأخلاقية، ففي 1938 تدخلت ماريا لمنع القبض على ابن أخيها، عالم الرياضيات ريناتو كاتشيوبولي، بسبب نشاطه المعادي للفاشية. لم تشعر ماريا للحظة بالخوف من السلطات الفاشية أو من محنة الحرب: فعندما حرق الألمان منزلها، انتقلت إلى قاعة كبيرة وفارغة في الجامعة، سرعان ما تحولت إلى سفينة نوح حيث استمرت في استضافة كل من لجأ إليها. وطوال فترة الحرب، لم تترك معهد الكيمياء على الإطلاق، وأنقذته حقا من قوات التحالف التي حاولت احتلاله للاستخدام العسكري.
كانت ماريا على علاقة وثيقة بالفيلسوف بينيديتو كروشي وأعادا معا بناء
Accademia Pontaniana
بعد الحرب العالمية الثانية. في 1944، وبعد اندحار الفاشية، تم ترشيحها رئيسا للأكاديمية، التي كانت عضوا فيها منذ عام 1905. وكان من أهم وأعظم إنجازات باكونين في هذا الدور إحياء المكتبة القيمة التي كانت قد دمرت في حريق. وساعدت ماريا أيضا في فترة ما بعد الحرب في إعادة تشييد الجامعة، عاملة جنبا إلى جنب مع عميدها أدولفو أوموديو.
نشرت ماريا بحثها في «جازيتا كيميكا إيتاليانا» و«أنالي دي كيميكا أبليكاتا» وفي «بروسيدينجس أوف ذا سوسيتا دي ساينزي، ليتيري إد أرتي» في نابولي وفي «ذا أكاديمي أوف ساينس» في بولونيا.
وقد توفيت عام 1960 في منزلها في ميتسوكانوني، في سباكانابولي - على بعد خطوات من معهد الكيمياء - عن عمر يناهز السابعة والثمانين.
وفي الرثاء الذي قرأه رودولفو نيكولاوس، أحد تلاميذ باكونين في جامعة نابولي، في أكاديمية العلوم بنابولي في 1961، وصفت ماريا بأنها كانت أستاذة «سلطوية ولكنها كانت تتمتع بسحر وهيبة عظيمين» وأنها كانت تتمتع أيضا بشخصية مميزة. في الواقع، أضافت ماريا لسنوات بريقا لعالم الكيمياء في نابولي، وكانت بأنوثتها الأنيقة أفضل مضيفة، وكانت حفلاتها البهيجة على استعداد دائم لاستقبال الشخصيات المهمة في دنيا الثقافة والمعرفة على الصعيدين المحلي والقومي.
المراجع
D’Auria, M. (2009) La nascita della fotochimica in Italia. Il ruolo di Maria Bakunin. in
Atti del XIII Convegno di Fondamenti e Storia della Chimica (Roma, 23-26 Settembre 2009), (ed. Calascibetta, F.) Accademia Nazionale delle Scienze, Roma, pp. 161-172.
Fascicolo Personale di Maria Bakunin,
Archivio Centrale dello Stato, Ministero
Fascicolo professori Universitari, III serie (1940-1970), Da Bay a Bak, B. 28.
Malquori, G. (1961/1962) Marussia Bakunin.
Atti dell’Accademia Pontaniana,
11, 393-399.
Maria Bakunin. Commemorazione letta dal socio Rodolfo A. Nicolaus. (1961)
Rendiconto dell’Accademia delle Scienze Fisiche e Matematiche della Società nazionale di Scienze, Lettere ed Arti in Napoli , ser. IV, 28, 15-21.
Mongillo, p. (2008)
Marussia Bakunin. Una donna nella storia della chimica , Rubettino, Napoli.
Nicolaus, R. A. (1988) Bakunin Marussia, in
Dizionario Biografico Degli Italiani , vol. 34, Istituto della Enciclopedia Italiana, Roma, pp. 223-224.
Nicolaus R. A. (1960) Maria Bakunin.
La Chimica e L’Industria,
42 (6), 677-678.
in Scienza a Due Voci. Le Donne Nella Scienza Italiana dal Settecento a Novecento, (eds V. Babini and R. Simili) (
http://scienzaa2voci.unibo.it )
Simili, R. (2008) In punta di penna, in
La Scienza nel Mezzogiorno Dopo l’Unità d’Italia , vol. 1, Rubettino, Napoli, pp. 27-89.
مارجريتا فون رانجل، فورستين أندرونيكوف (1876-1932)
ماريان أوفرينز
رفضت مارجريتا فون رانجل أن تستسلم للملل الذي كان قدر النساء في وضعها، شئن أم أبين، وأصبحت أول امرأة تصل إلى منصب الأستاذية في ألمانيا، وكان عملها في موضوع تخصيب التربة، دون مساعدة الفوسفات الخارجي، أساسيا لألمانيا مسلوبة الخصوبة. •••
انحدرت مارجريتا، التي أطلقت عليها عائلتها ديزي، من أسرة نبيلة من منطقة البلطيق العتيقة، وولدت يوم عيد الميلاد المجيد سنة 1876 في موسكو، وكانت الابنة الثالثة للبارون كارل فابيان فون رانجل وزوجته إيدا (في عدد من التراجم ولدت في 7 يناير عام 1877). وأثناء سنوات عمرها المبكرة تمتعت بصحة ممتازة وحس فكاهة رائع، وطوال حياتها كان من أهم مميزاتها أنها لم تشتك على الإطلاق، ولكنها كانت تعرف على الفور كيف تستجيب عندما يقع خطأ ما. عندما بلغت الثالثة من عمرها أصابتها الحمى القرمزية، وكانت لها مضاعفات غير معروفة هددت حياتها، وظلت صحتها واهنة؛ ولذا نصح أبواها بألا يعرضاها لتعليم شاق. ومع ذلك، لحقت بأختها وأخيها الأكبر، اللذين تلقيا تعليمهما في المنزل على يد أمهما، وعندما اكتشفت أمها أنها كانت حاملا في طفلها الرابع، ذهب أخو ديزي، نيكولاي، إلى المدرسة مثل غيره من الأولاد في نفس السن، ولكن تم تعيين مدرسة روسية للبنات.
مارجريتا فون رانجل (
http://margarete-vonwrangell.de/index.php?nav=4 ).
كان الأب فون رانجل ضابطا بالجيش؛ ولذا اضطرت الأسرة للانتقال بكثرة. وفي ريفال، عاصمة إستونيا، التي استقر بها منذ 1888، التحقت ديزي بالمدرسة الثانوية، وكتبت عن نفسها: «ترتبط أجمل ذكرياتي بمدرسة البنات التابعة للبارونة فون در هافن، تحت توجيهاتها العطوفة والمميزة تعلمنا متعة الدراسة.»
أنهت دراستها في مدرسة هافن في ريفال بتقدير ممتاز، وحصلت على شهادة التدريس في مدرسة الأولاد نيكولاي الأول، وفي التاسعة عشرة من عمرها كتبت روايات نشرت في «ريفالر تسايتونج» تحت اسم ديزي رانجل. وكما هو معتاد للفتيات في وضعها، لعبت التنس والشطرنج، وقرأت هومر باليونانية وفرجيل باللاتينية، وشاهدت الرقصات «الإلزامية» وذهبت إلى منتجعات الطبقات العليا. وشغلها كل ذلك، ولكنها وجدت حفلات الرقص والمنتجعات مزعجة ، ولم تعن لها الفلسفة أو اللاهوت أي شيء، وفي النهاية اكتشفت الرياضيات، التي ظنت أنها «مسلية للغاية».
كانت ديزي وهي طفلة تتمتع برغبة قوية في الخروج واهتمام شديد بالطبيعة، وفي سن 26 أخذت قرارها؛ إذ أرادت أن تدرس العلوم «حتى لو كلفها ذلك آخر سوار لديها.» ونظرا لوفاة أخيها الذي درس الكيمياء في زيورخ، كان عليها أن تبقي خططها سرا؛ إذ كانت الأسرة مقتنعة بأن وفاته كانت نتيجة الإفراط في الدراسة. وبحجة الذهاب للعلاج بالراحة، أخذت دورات صيفية في جامعة جريفسفالت، ولم تتمكن من التسجيل رسميا في توبينجن في جامعة إبرهارت كارلس كطالبة منتظمة إلا في عام 1904. وعندما عرفت هذه المعلومة، قاطعها عدد من العمات بسبب «تلك الفكرة المتحررة المجنونة». لم يصب ذلك مارجريتا بأي ارتباك أو إحباط، ولكنها كتبت ردا عليهن: «الكيمياء شيء شديد الكلاسيكية (...) يسمع المرء من المعادلة دقات قلب الأكسجين الجزعة الحساسة، (...) يسمع المرء صوت سريان دم النيتروجين البطيء الثقيل.»
وسرعان ما اكتشفت الكيميائية الزراعية الصغيرة الموضوع الذي سيصبح شغلها الشاغل طوال حياتها: فسيولوجيا النبات، وبعد عام واحد من بدء دراستها كتبت ديزي: «أولا أريد أن أكرس نفسي للكيمياء تماما، ثم أعمل بالكامل في فسيولوجيا النبات، وأخيرا أرى إن كنت سأتمكن من إيجاد شيء جديد حول الأيض أو تركيب النباتات.»
وفي 1909 حصلت على درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف في «ظاهرة الأيزومرية مع إستير حمض جلوتاكونيك فورميل ومشتقات البروم الخاصة به». وبعد ذلك بدأ - ما أطلق عليه في سيرتها الذاتية - العام الرائع. بناء على نصيحة أستاذها فيلهلم جوستاف فيسليسينوس، غادرت إلى إنجلترا لإجراء أبحاث مع ويليام رامزي الحاصل على جائزة نوبل. كان عملها، بالنسبة لنظرية النشاط الإشعاعي، بارعا لدرجة أثارت إعجاب رامزي، حتى إنه هنأها عليه، وفتحت إشادة رامزي بعملها الأبواب فيما بعد لها مع ماري كوري. بعد مدة تدريبها في لندن، ذهبت عام 1910 إلى استراسبورج لفترة، ثم ذهبت بعدها إلى باريس عام 1911. وبالقطع كان تعاونها مع توأم روحها ماري كوري سببا في ترسيخ اسمها في عالم العلم.
لم تستطع الأسرة في ريفال فهم أي شيء من إنجازاتها العلمية ولم يرغبوا في شيء أكثر من رجوع ديزي إلى وطنها، وكانوا يخشون بالفعل أن تحتجز في حريم أحدهم كجارية بيضاء. ولم ترجع ديزي إلى ريفال إلا في عام 1912، عندما طلب منها أن تصبح مسئولة عن محطة تجريبية زراعية كبيرة في إستونيا.
في 1922 دعيت للانضمام إلى معهد القيصر فيلهلم للكيمياء الفيزيائية والكيمياء الكهربائية في برلين، وفي 1923 أصبحت أول امرأة في ألمانيا تعين أستاذا كاملا في كلية الزراعة في هوهنهايم، وظلت لمدة عشر سنوات، إلى حين وفاتها، رئيسا للمعهد، وتمكنت بحماسها الذي لا يلين من قيادة الكثير من دارسي الهندسة الزراعية للحصول على رخصتهم. ونشرت العديد من الكتب حول تغذية النبات وإخصاب التربة. وفي 1926 أحيت صداقتها مع صديق الطفولة فلاديمير أندرونيكوف، الذي يعتقد أنه مات مقتولا أيضا على يد الشيوعيين، وكتب عن هذا اللقاء قائلا: «أليس هذا كالحلم؟! ديزي، ابنة العم الصغيرة من ريفال، أصبحت أستاذة عظيمة في ألمانيا، الجنية التي يتخيلها أطفالنا، تبني بلدا من النباتات وتحكمها بعصا سحرية بدلا من الصولجان.»
في 1928، في عمر 51، تزوجت ديزي من فلاديمير، ومنحتها السلطات العليا إذنا بالاستمرار في العمل أستاذا ومديرا للمعهد بعد زواجها (في ذلك الوقت كان على النساء في ألمانيا أن يتخلين عن أعمالهن بعد الزواج، خاصة عندما يعملن في الخدمة المدنية). ولعل حقيقة حصولها على إذن بالعمل يبين بوضوح مدى تقدير عملها العلمي في الدوائر الحكومية. وتبع ذلك سنوات من السعادة، مليئة بالعمل والسفر والاتصالات الاجتماعية، ومع ذلك، لم تستطع التمتع بزواجها لفترة طويلة؛ فقد تركتها الحمى القرمزية التي أصابتها في طفولتها بكلية عليلة، هاجمتها الآن بمنتهى الشراسة. وبعد فترة قصيرة من المرض توفيت عن عمر يناهز 55 عاما فحسب، في 31 مارس عام 1932، ودفنت في 4 أبريل عام 1932.
المراجع
Andronikow, Fürst Wladimir (1935)
Margarethe von Wrangell. Das Leben einer Frau 1876-1932; aus Tagebüchern, Briefen und Erinnerungen Dargestellt , Albert Langen/Georg Müller Verlag, München.
Angermayer, E. (1987)
Grosse Frauen der Weltgeschichte. Tausend Biographien in Wordt und Bild . Neuer Kaiser Verlag-Buch und Welt, Klagenfurt.
Feyl, R. (1981)
Der Lautlose Aufbruch; Frauen in der Wissenschaft . Verlag Neues Leben, Berlin.
لينا سولومونوفنا شتيرن (1878-1968)
أنيتا بي فوجت
كانت لينا سولومونوفنا شتيرن عالمة كيمياء حيوية يهودية روسية سوفييتية، وكانت من مؤسسي الفسيولوجيا الكيميائية الحديثة في الاتحاد السوفييتي، وكانت لها أعمال رائدة في الحائل الدموي الدماغي، أي السطح البيني بين الدم والسائل الدماغي النخاعي المحيط بالمخ. أثناء فترة حياتها الطويلة نشرت أكثر من 500 مقال علمي، وكانت (في 1936) مؤسسة ورئيسة تحرير - لحين القبض عليها - ل «بوليتن أوف إكسبريمنتال بيولوجي آند ميديسن»، وكانت عضوا في مجلس تحرير العديد من المجلات العلمية الأخرى. •••
ولدت لينا سولومونوفنا شتيرن (أيضا ستيرن) في 14 أغسطس (التقويم اليولياني) (26 أغسطس بالتقويم الجريجوري) في 1878 في مدينة ليبافا في لاتفيا، بروسيا. ولدت في كنف أسرة يهودية في الإمبراطورية الروسية، وحصلت على تعليمها ووظيفتها في سويسرا، وأصبحت فيما بعد أستاذة في الاتحاد السوفييتي. وكانت لينا شتيرن كوزموبوليتانية قبل أن يتهم محرضو معاداة اليهودية في الاتحاد السوفييتي أمثالها بأنهم يهود (سيئون) مستخدمين كلمة «كوزموبوليتاني» بدلا من «يهودي».
ولدت شتيرن في كنف أسرة تاجر ناجح، وكان أحد أجدادها حاخاما. تربى في الأسرة سبعة أطفال. وحصلت على تعليم جيد والتحقت بمدرسة ثانوية في ليبافا، وبسبب التمييز ضد اليهود في الإمبراطورية الروسية، كان الطلاب اليهود يضطرون للدراسة في بلدان أجنبية معظم الوقت، من بين آخرين في ألمانيا. ومثلها مثل الكثير من اليهوديات الروسيات، ذهبت لينا شتيرن إلى سويسرا حيث أصبحت واحدة من الطالبات الروسيات في جامعة جنيف. درست الطب من 1898 حتى 1903، وفي 1903 حصلت على شهادة الدكتوراه الخاصة بها. ونظرا للوضع الوظيفي اليائس للعالمات واليهوديات في روسيا، ظلت شتيرن مقيمة في سويسرا. بعد الانتهاء من رسالتها حصلت على منصب مساعد، وفي 1906 حصلت على ترخيص للتدريس في الجامعة، وأخيرا في 1917 أصبحت أستاذا للكيمياء الفسيولوجية في جامعة جنيف. كانت من مريدي جان لوي بريفو الأصغر (1838-1927) وعملت إلى جانب خليفته فيديريكو باتيلي (1867-1941). حتى عام 1925 صنعت حياة مهنية علمية مميزة باعتبارها من أوليات العالمات السيدات المشهورات في أوروبا، وقد وصفت شتيرن نفسها في سيرة ذاتية قصيرة بأنها كانت من دعاة نصرة المرأة.
لينا شتيرن (1930 تقريبا).
نتيجة انجذابها إلى التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي، قررت شتيرن في منتصف العشرينيات من القرن العشرين أن تنتقل إلى الاتحاد السوفييتي. ومن 1925 فصاعدا عاشت وعملت في موسكو. أصبحت أستاذ فسيولوجيا في جامعة موسكو الثانية (جامعة الطب)، وفي 1929 أصبحت مدير معهد الأبحاث العلمية الخاص بها، معهد الفسيولوجيا. كان معهدها ينتمي في البداية إلى وزارة التعليم العالي، وبعد ذلك أصبح واحدا من المعاهد الأكاديمية التابعة لأكاديمية العلوم في الاتحاد السوفييتي. وقد وصفت الهدف من معهدها في بعض الرسائل إلى عالمي الأعصاب سيسيلي (1875-1962) وأوسكار فوجت (1870-1959) في برلين كما يلي: أرادت أن تضع برنامجا بحثيا لدراسة الفسيولوجيا من وجهات النظر المختلفة للطب والبيولوجيا والكيمياء، كذلك أرادت إنشاء معهد بحوث دولي، يستطيع العلماء من جميع أنحاء العالم العمل والنشر فيه معا. ولم تستطع تحقيق هذا الهدف بسبب السياسة الستالينية. ولأكثر من 10 سنوات، عملت هي وفريقها بنجاح. في 1939 انتخبت شتيرن عضوا في أكاديمية العلوم في الاتحاد السوفييتي، وبذلك كانت أول امرأة في الاتحاد السوفييتي تحظى بهذا التكريم. علاوة على ذلك، في 1944 أصبحت عضوا في أكاديمية العلوم الطبية للاتحاد السوفييتي حديثة الإنشاء. وكانت قد أصبحت بالفعل عضوا في أقدم أكاديمية ألمانية للعلوم في 1932، الليوبولدينا؛ وبسبب النظام النازي والسياسة العنصرية، حذفت من قائمة الأعضاء بعد ترشيحها بفترة قصيرة. بعد 1945 عينت مرة أخرى عضوا في الليوبولدينا.
على الرغم من أنها كانت عضوا في الحزب الشيوعي منذ 1939، بدأت شتيرن تعمل بالسياسة عندما احتلت القوات الألمانية الاتحاد السوفييتي في يونيو 1941. طلب من شتيرن المشاركة في لجان معاداة الفاشية، فقبلت شتيرن وأصبحت عضوا في تلك اللجان، وفي 1941-1942 التحقت بأهمها: مجلس السوفييت الأعلى للجنة اليهودية المعادية للفاشية، التي رأسها الناشط الييدي سولومون ميخائيل في 1890، الذي قتل في 1948. وفي أثناء الحرب العالمية الثانية («الحرب الوطنية العظمى»، كما سميت في الاتحاد السوفييتي)، عملت شتيرن في طب الحروب.
في 1948 بدأ الجزء المأساوي من حياتها؛ فبسبب السياسة المعادية للسامية التي انتهجتها الدولة السوفييتية والحكومة وقادة الحزب الشيوعي، شنت حملة ضد «الكوزموبوليتانية» والتي سرعان ما أدت إلى اعتقالات ووفيات، وترسخت تمييزات جديدة ضد اليهود في جميع مناحي الحياة. وعلى الرغم من أنها انتهت رسميا في 1953 (بعد وفاة ستالين)، فإن سياسة التمييز ضد اليهود في الحقيقة لم تنته على الإطلاق في الاتحاد السوفييتي؛ إذ استمرت الاعتقالات ولكنها كانت أقل عددا، وظلت هناك عقبات قوية أمام اليهود في العديد من المهن، ومن بينها المهن العلمية.
في 27 يناير 1949، اعتقلت شتيرن بواسطة إدارة المخابرات السرية (وزارة الشئون الداخلية)، وسيقت إلى معتقل لوبجانكا سيئ السمعة في موسكو، ثم إلى معتقل ليفورتوفو المريع، وتم التحقيق معها، وضربت وعذبت عدة مرات. وظلت من 1949 إلى 1952 حبيسة المعتقل، مع 14 رفيقا آخرين من اللجنة اليهودية المعادية للفاشية، وكانت المحاكمة صورية وسابقة الإعداد على أعلى مستوى من الدولة وتحت قيادة ستالين، وكانت النهاية معروفة؛ حكم الإعدام. ونظرا لأن بعض المعتقلين، ومن بينهم لينا شتيرن، قاتلوا ببسالة حقيقية، فإن المحاكمة قد عقدت سرا، من 8 مايو إلى 18 يوليو 1952. وعلى الرغم من أن المعتقلين المتهمين دافعوا عن أنفسهم في المحاكمة لعدة أسابيع وتحدثوا بصراحة عن التعذيب وعن تزوير المدعين، فإن ستالين ودائرته القريبة منه قرروا قتلهم. وفي أغسطس 1952 في موسكو، قتل 13 رفيقا (ومات واحد في المعتقل). ولكن حدثت معجزة للينا شتيرن؛ فقد قام الديكتاتور ستالين بنفسه بشطب اسمها من لائحة المحكوم عليهم بالإعدام، وحتى الآن غير معروف سبب قيامه بذلك، ويبدو أن أرجح التفسيرات هو أن ستالين كان مؤمنا بإمكانياتها كعالمة، وتمنى أن تصل إلى نتائج طبية جديدة تمكنه من أن يعيش فترة أطول.
وهكذا، نجت شتيرن من المحاكمة، وأرسلت في 1952 من قبل المخابرات السرية إلى المنفى في جامبول (وسط آسيا)، ولحسن الحظ، كانت لا تزال عضوا في أكاديمية العلوم بالاتحاد السوفييتي؛ ومن ثم ساعدها راتبها في البقاء على قيد الحياة رغم ظروف المعيشة القاسية في منفاها في قرية صغيرة. بعد وفاة ستالين وأول «إطلاق سراح» لضحاياه، سمح لشتيرن بالرجوع إلى موسكو في يونيو 1953. لم تستعد معهدها الخاص على الإطلاق، الذي كان قد أغلق في 1948، وحصلت فقط على منصب رئيس قسم الفسيولوجيا بمعهد الفيزياء الحيوية للأكاديمية، وأصبح هذا المعهد المهم ملجأ للكثير من الضحايا السياسيين للنظام، وكان مهدا للبيولوجيا الجزيئية الحديثة في الاتحاد السوفييتي بعد 1955. وفي هذا المعهد عملت مرة أخرى، وكرمت مرة أخرى. ولكن حتى نهاية الاتحاد السوفييتي، لم ينشر شيء عن مصيرها ومصير اللجنة اليهودية المعادية للفاشية. وكان نعي أكاديمية العلوم (1968) مختصرا دون أي تفاصيل عن حياتها، حتى إنهم «نسوا» أعمالها الناجحة في سويسرا. لشتيرن مدخل في الموسوعة السوفييتية العظمى، ولكن السنوات ما بين 1948 و1955 «مفقودة»، وهذه «الفجوة» تخبر القراء واسعي الاطلاع أن «شيئا ما حدث» لها في هذه السنوات، وفي 1987 نشرت ترجمة لحياتها في موسكو وكان فيها نفس «الفجوة».
عملت لينا شتيرن في مجالين مهمين، أولا الكيمياء الحيوية، وخاصة الكيمياء الفسيولوجية، حتى 1917 تقريبا. ودرست الأيض، ودرست التنفس في المختبر في الأنسجة الخاصة. وعلاوة على ذلك، عملت في تشخيص الإنزيمات المشتركة في الأيض الركيزي. ما بين 1904 و1914، نشرت شتيرن مع باتيلي نحو 30 مقالا عن الأكسدة، أغلبها في جريدة الكيمياء الحيوية الشهيرة «بيوكيميش تسيتشريفت» الخاصة بكارل نيوبيرج (1877-1956). في 1912، نشر باتيلي وشتيرن نتائجهما الرئيسية حول الأكسدة والتخمير في مقال طويل. وبداية من 1917، درست شتيرن آثار بعض العقاقير ومستخلصات الأعضاء في الكائنات الحية، وأصبح مجالها العلمي الجديد هو الحائل الدموي الدماغي. ومنذ عام 1919 إلى 1923 - وهي لا تزال في جنيف - درست نفاذية الحائل الدموي الدماغي؛ وبسبب عملها، أصبحت على علاقة وثيقة بباحثي الدماغ سيسيلي وأوسكار فوجت في معهد القيصر فيلهلم لأبحاث الدماغ في برلين. في السنوات ما بين 1925 و1929، بعد أن انتقلت للاتحاد السوفييتي واضطرت للكفاح من أجل معهدها البحثي، لم تستطع نشر أي شيء. بعد ذلك بدأ عقد جديد من الأبحاث المهمة، فما بين 1930 و1940، أجرت دراسات جديدة عن الحائل الدموي الدماغي ونشرت بعض الأوراق البحثية المهمة مع مؤلفين سوفييت وأجانب. وأثناء الحرب العالمية الثانية، عملت شتيرن في طب الحروب؛ لمساعدة آلاف الجنود المصابين؛ وفي 1943 حصلت على جائزة ستالين من أجل التطبيقات العملية لدراساتها الطبية.
في 1947، أجريت مناقشات ضد عملها العلمي والبرنامج البحثي لمعهدها، واتهمت علنا لأنها كانت تتعاون «أكثر من اللازم» مع الأجانب وتوظف «أكثر من اللازم» من اليهود في معهدها وكذلك في الجريدة الطبية التي كانت تحررها. أثناء سنوات اعتقالها ومنفاها، من 1949 إلى 1953-1955، لم تتمكن من إجراء أي أبحاث علمية. ربما تمكنت (وكان ذلك مسموحا ) من قراءة بعض الكتب العلمية أثناء منفاها. ولا يعرف الكثير عن عملها العلمي في معهد الفيزياء الحيوية. وتوفيت في 7 مارس 1968 في موسكو (الاتحاد السوفييتي).
كانت لينا شتيرن من أوليات العالمات في سويسرا (أستاذا في 1917) وفي الاتحاد السوفييتي (أول امرأة عضو في أكاديمية العلوم في 1939). وكانت من مؤسسي الفسيولوجيا الكيميائية الحديثة في الاتحاد السوفييتي.
المراجع
Archive of Cécile and Oskar Vogt, Düsseldorf (address: Medizinische Einrichtungen der Heinrich-Heine-Universität Düsseldorf), correspondence between Lina Shtern (Lina Stern) and Cécile and Oskar Vogt.
Archive of the Academy Leopoldina, Halle/S., related to her membership since 1932.
Archive of the Russian Academy of Science, Moscow.
BSE (Bol’shaja Sovetskaja Encyclopedia), 2oe izd. (2nd edn), (1957) vol. 48, p. 196, and BSE, 3oe izd. (3rd edn.), (1978) vol. 29, p. 495.
Lina & the Brain, in Time Magazine, March 3, 1947.
Obituary in Vestnik AN SSSR 5 (1968), p. 118 (very brief, with photo).
Stern, L. (1930) Stern, Lina (Selbstdarstellung (autobiographical sketch))
in Führende Frauen Europas (ed E. Kern), Neue Folge, Ernst Reinhardt Verlag, München, pp. 137-140 (with a nice photo); newly published: Conrad/Leuschner (1999), pp. 206-210 + remarks. pp. 270-271 (with great mistakes).
About the JAC and the fate of the 15 comrades:
Hoffer, G. (1999) Lina Stern, Mitglied der sowjetischen Akademie der Wissenschaften (1878-1968) in
Zeit der Heldinnen. Lebensbilder Außergewöhnlicher Jüdischer Frauen (ed G. Hoffer), dtv, München, pp. 159-184.
Lustiger, A. (1998)
Rotbuch: Stalin und die Juden. Die tragische Geschichte des Jüdischen Antifaschistischen Komitees und der sowjetischen Juden , Aufbau Verlag, Berlin, especially pp. 371-372.
Lustiger, A. (1994) Die Geschichte des Jüdischen Antifaschistischen Komitees der Sowjetunion. (Nachwort) in
Das Schwarzbuch. Der Genozid an den Sowjetischen Juden (eds W. Grossman, I. Ehrenburg, German ed. A. Lustiger) Reinbek, Rowohlt, pp. 1093-1101.
Naumov, V. p. (Ed.) (1994)
Nepravednyj sud. Poslednij stalinskij rasstrel. Stenogramma sudebnogo processa nad chlenami Evrejskogo Antifashistskogo Komiteta , Nauka, Moskva, especially pp. 311-321 and 332-333.
Rubinstein, J. and Naumov, V. p. (Ed.)
Stalin’s Secret Pogrom. The Postwar Inquisition of the Jewish Anti-Fascist Committee , Yale University
photocopy of the order to arrest Lina Shtern from January 27th, 1949, and a photo of her in the prison), especially pp. 400-416 and 469.
About the scientist Lina Shtern:
Dreifuss, J. J. and Tikhonov, N. (2005), Lina Stern (1878-1968): Physiologin und Biochemikerin, erste Professorin an der Universität Genf und Opfer stalinistischer Prozesse,
Schweizerische Ärztezeitung,
86 (26),1594-1597.
Grigorian, N. A., Lina Solomonovna Stern (Shtern) in
Jewish Women Encyclopedia , online.
Jaenicke, L. (2002) Lina Stern (1878-1968). Die biologische Oxydation. Die Schranken und die Erstickung der Forschung,
BIOspektrum,
8 (4), 374-377.
Ogilvie M. and Harvey, J. (Eds) (2000) Shtern, Lina S. in
The Biographical Dictionary of Women in Science , Routledge, New York and London, vol. 2, pp. 1189-1190.
Rapoport, Y. (1991) Lina Stern. Persecution of an Academician, in
The Doctors’ Plot of 1953 , Harvard University Press, Cambridge, MA, pp. 234-253 (the book is dedicated to his wife, Sophia Rapoport, who was a student and associate of Lina Shtern; in Russian it was published in Moscow in 1988).
Vein, A. A. (2008) Science and Fate: Lina Stern (1878-1968), A neurophysiologist and biochemist,
Journal of the History of Neuroscience,
17, 195-206.
Vogt, A. B. (2007) Lina Shtern (1878-1968), in DSB, N. S. (New Series).
جيرترود يوحنا فوكر (1878-1968)
أنيتا بي فوجت
كانت جيرترود فوكر عالمة كيمياء سويسرية، ومن أوليات الأساتذة الإناث في سويسرا (في برن)، وواحدة من أنشط الدعاة للسلم وكاتبة في حقوق الإنسان. كانت مجالاتها العلمية هي البحث في العمليات التحفيزية ومشاكل الكيمياء الحيوية، وكانت عضوة نشطة في اللجنة المعادية للحرب العلمية التابعة لرابطة المرأة الدولية للسلام والحرية. •••
ولدت جيرترود يوحنا فوكر في 16 ديسمبر عام 1878 في برن، وترعرعت في كنف أسرة من الأكاديميين ورجال الدين؛ فقد كان أبوها فيليب فوكر أستاذا لتاريخ الدين والتاريخ بجامعة برن، وأمها ابنة راعي أبرشية. كانت الابنة الكبرى ولديها أخ واحد يدعى هيرالد وأخت واحدة هي إلسا. تلقت تعليما جيدا نسبيا، بقدر ما يسمح به للبنات في ذلك الوقت. وأرادت أن تدرس في الجامعة ضد رغبة والديها، واجتازت امتحان القبول كطالبة خارجية في 1898. ومن 1898 حتى 1900 كانت تحضر دورات لتصبح مدرسة (لمدارس البنات). ومن 1900 حتى 1903 درست الكيمياء والأحياء في جامعة برن حيث حصلت على درجة الدكتوراه في الكيمياء برسالة عن الكيمياء العضوية، وكانت أول امرأة سويسرية تحصل على درجة الدكتوراه في جامعة برن. ومن 1903 حتى 1905 درست في جامعة برلين، ولكن كضيفة فقط؛ لأنه لم يكن مسموحا للنساء بارتياد الجامعات في بروسيا (لم يسمح بذلك رسميا إلا من 1908-1909). شاركت بين أخريات في الدورات التي يمنحها ياكوبس هنريكوس فانت هوف (1852-1911) وعالم الكيمياء الحيوية والصيدلي هيرمان تومس (1859-1931).
بعد أن عادت جيرترود فوكر من برلين في 1905، كان عليها أن تتعامل مع مشكلة البحث عن منصب أكاديمي، وهو أمر بالغ الصعوبة لأنها كانت امرأة؛ لذلك عملت أولا في برن مدرسة في مدرسة ثانوية. وفي 1906 سألت عن إجراءات العمل محاضرة خاصة في جامعة برن، وفي يناير 1907، حصلت على ترخيص بتدريس تاريخ الكيمياء والفيزياء هناك، وكانت محاضرتها الأولى تحت عنوان «مشاكل بحوث التحفيز» التي وصفت البرنامج البحثي وأصبحت موضوعها البحثي للعقود المقبلة.
جيرترود فوكر (1928 تقريبا).
من 1911 حتى تقاعدها في 1951 كانت جيرترود فوكر رئيس معمل البيولوجيا الفيزيائية-الكيميائية بجامعة برن، وبحثت هي وشركاؤها في المعمل مشاكل التحفيز، ودرسوا المشاكل الكيميائية الحيوية. بعد نشر الجزء الرابع من سلسلة «التحفيز» في 1931 في شتوتجارت، وأخيرا في 1933 أصبحت أستاذا في جامعة برن.
أصبحت جيرترود فوكر مشهورة وحصلت على تكريم عالمي بسبب إسهاماتها في الحركة النسائية الداعية للسلم وحركة حقوق الإنسان. كانت منهمكة في هاتين الحركتين طوال حياتها؛ لذلك في 1928، طلبت منها المحررة إلجا كيرن، الصحفية البلجيكية، كتابة سيرتها الذاتية والتي نشرتها في كتاب «نساء رائدات في أوروبا». وفي العشرينيات من القرن العشرين نشرت جيرترود فوكر عدة منشورات من أجل «اللجنة المعادية للحرب العلمية التابعة لرابطة المرأة الدولية للسلام والحرية» والتي تم توزيعها في البلدان المتحدثة بالإنجليزية والألمانية والفرنسية. على سبيل المثال، كتبت منشورا بعنوان «جحيم من السم والنار»، مع رسم للفنانة الألمانية كيتي كولفيتس (1867-1945)، ووزعت منه مائة ألف نسخة في جميع أنحاء أوروبا. نشر كتابها «الحرب المقبلة بالغاز السام» أولا في 1925، وبحلول 1932 كان قد نشر منه تسع طبعات، وعالجت فيه الحرب المقبلة بالغاز السام. كما ترجمت للألمانية تقرير اللجنة الخبيرة لعصبة الأمم، وفي الفصل الثالث، وصفت تركيب الغاز السام وآثاره، وتحريمه ومكافحته. وأرسلت طلبات للعلماء من مكتب جنيف التابع لرابطة المرأة الدولية للسلام والحرية؛ ولذا يمكننا القول إنها أصبحت معروفة جزئيا بفضل الإعلام المطبوع. وفي سويسرا حرصت جيرترود فوكر على توزيع منشوراتها على نطاق واسع بواسطة المكتب المركزي في جنيف، وكذلك بواسطة القسم السويسري من رابطة المرأة الدولية للسلام والحرية. وبعد 1945 اندمجت جيرترود فوكر في حملة ضد أخطار الحرب النووية ومن أجل نزع السلاح.
كان موضوع البحث الرئيسي لجيرترود فوكر هو التحفيز. بين 1910 و1931 كتبت أربعة أجزاء من كتابها «التحفيز». علاوة على ذلك، قامت بنشر العديد من المقالات في سلسلة «المناهج الكيميائية والفيزيائية للعلماء الأحياء والفيزياء»، التي حررها إميل أبدرهالدن (1877-1950). في عشرينيات القرن العشرين، درست أيضا مشاكل الكيمياء الحيوية، على سبيل المثال، آثار المواد الكيميائية في جسم الإنسان وبحوثا عن العناصر الأساسية في النباتات عند استخدامها كعناصر دوائية. ونشرت آخر أعمالها، مجلدين بعنوان «كيمياء القلويات الطبيعية»، في 1953 و1956.
دربت جيرترود فوكر الكثير من طلبة الدكتوراه الذكور والإناث، كذلك أجرت بحوثا لمشروعات كيميائية ودوائية في سويسرا، وكانت واحدة من رائدات الكيمياء العضوية في سويسرا. وباعتبارها نشطة في الحركة السويسرية والدولية للمرأة والسلام، شنت حملات ضد أخطار الحرب والحروب السامة والأسلحة النووية. ومنذ 1915 حتى وفاتها كانت عضوا في رابطة المرأة الدولية للسلام والحرية، وتوفيت جيرترود فوكر في 13 سبتمبر عام 1968 في مصحة الطب النفسي لبرافرجاي على بحيرة نونبرج.
المراجع
Ogilvie, M., Harvey, J. (Eds) (2000)
The Biographical Dictionary of Women in Science.
Mid-20th Century , vol. 2, Routledge New York and London, pp. 1391-1393.
Biographisch-Literarisches Handwörterbuch zur Geschichte der exakten (Natur)wissenschaften,
vol. III (1898), vol. IV (1904), vol. V (1926), p. 1387; vol. VI (1937), pp. 2916-2917, VIIa (1956ff.), VIIb (1968ff.), pp. 1062-1063, Leipzig u. a.
Vogt, A. (2007)
Vom Hintereingang zum Hauptportal? Lise Meitner und ihre Kolleginnen an der Berliner Universität und in der Kaiser-Wilhelm-Gesellschaft , vol. 17, Franz Steiner Verlag, Pallas&Athene, Stuttgart.
von Leitner, G. (1998)
Wollen wir unsere Hände in Unschuld waschen? Gertrud Woker (1878-1968) in Chemikerin & Internationale Frauenliga 1915-1968 , Weidler Buchverlag, Berlin.
Woker, G.
Die Chemie der Natürlichen Alkaloide,
Verlag Enke, Stuttgart, vol. 1 (1953), vol. 2 (1956).
Woker, G. (1928) Woker, Gertrud Johanna (Selbstdarstellung (autobiographical sketch))
in Führende Frauen Europas (ed E. Kern), Ernst Reinhardt Verlag, München, pp. 138-169 (with photo).
Woker, G. (1925)
Der kommende Gift-und Brandkrieg und seine Auswirkungen gegenüber der Zivilbevölkerung , Leipzig (6-9 Aufl. Leipzig 1932).
Woker, G. (1913) Die Chemikerin in
Das Frauenbuch , Frauenberufe und Ausbildungsstätten, Stuttgart, pp. 100-102.
Woker, G.
Katalyse. Handbuch,
Verlag Enke, Stuttgart, vol. 1 (1910), vol. 2 (1915), vol. 3 (1924), vol. 4 (1931).
ليزا مايتنر (1878-1968)
ماريان أوفرينز
على الرغم من أن اكتشاف الانشطار النووي، الذي مكن الإنسان من الوصول إلى الطاقة النووية، يرتبط بشكل أساسي باسمي أوتو هان (1879-1968) وفريتز اشتراسمان (1902-1980)، فحري بنا ألا ننسى أن ليزا مايتنر لعبت فيه دورا مهما؛ فقد كانت، هي وابن أختها أوتو فريش (1904-1979)، أول من أكد فيزيائيا على انشطار اليورانيوم وحسب الطاقة الصادرة عنه. وبالتأكيد كان من شأن ليزا مايتنر أن تلعب دورا أكبر بكثير في الاكتشاف التجريبي، إذا لم تفقد بعد ضم ألمانيا للنمسا في مارس 1938 آخر حماية لها ضد اضطهاد اليهود في ألمانيا. •••
ولدت ليزا مايتنر في فيينا في 7 أكتوبر 1878، وكانت الطفلة الثالثة للمحامي اليهودي الدكتور فيليب مايتنر وزوجته هيدفيج سكوفران.
أبدت ليزا في مقتبل عمرها اهتماما بالظواهر الفيزيائية، في حين أنها كانت غير بارعة في الأشياء الأكثر عملية. كان أخواتها يمازحنها قائلات: «هذا ليس في كتاب الفيزياء.» وبعد خمس سنوات في المدرسة الابتدائية ثم ثلاث سنوات في المدرسة المحلية للبنات أكملت تعليمها، ولم يكن يسمح للبنات بأي تعليم إضافي. ومع ذلك، بعد سنوات قليلة في 1897، سمح للبنات بالالتحاق بالجامعة. وفي غضون سنتين، وبالعمل المضني الجاد، كانت ليزا قد حصلت منهج ثماني سنوات.
في جامعة فيينا، حضرت محاضرات لودفيج بولتزمان (1844-1906)، الذي أظهر لها «جمال الفيزياء النظرية»، وحصلت على درجة الدكتوراه في 1 فبراير عام 1906 برسالة دكتوراه بعنوان «التوصيل الحراري في الأجسام اللامتجانسة»، وفي يوليو من العام نفسه، صدر منشورها الأول عن النشاط الإشعاعي بعنوان «عن امتصاص أشعة ألفا وبيتا»، وتبع ذلك منشور بعنوان «عن تشتت أشعة ألفا».
وبسبب افتقادها أي فرص بحثية أخرى في فيينا، ذهبت ليزا إلى ماكس بلانك (1858-1947) في برلين؛ لتحصل على «فهم أساسي للفيزياء». وذهبت ليزا إلى برلين «لمدة فصول دراسية قليلة»، وبقيت هناك 31 عاما!
في برلين، واجهت نفس التمييز الذي واجهته سونيا كوفاليفسكي (1850-1891)؛ عندما طلب منها أوتو هان التعاون معه، كان عليها الحصول على إذن من البروفيسور إميل فيشر (1852-1919) الذي كان لا يسمح بدخول أي نساء إلى معمله بخلاف عاملات النظافة. ووافق بشرط: «إذا بقيت في القبو، فلا ضير في ذلك.» وحصلت على ورشة نجارة غير مستعملة لتصبح معملا لها.
ليزا مايتنر (برلين).
خلال سنواتها الأولى في برلين عاشت ليزا في بنسيون متواضع للغاية، واقتاتت على الخبز والقهوة في الأساس، كما أنها كانت مدخنة شرهة.
نمت بين ليزا مايتنر وأوتو هان شراكة استمرت ثلاثين عاما، حيث عمل كلاهما على نفس المستوى. وكان أحدهما يكمل الآخر تماما؛ ففي حين كان هان يعمل معتمدا على حدسه، كانت مايتنر تتمتع بعقل تحليلي، دائما ما يسأل عن سبب كل شيء.
وسرعان ما قبلت ليزا في دوائر الفيزياء واعترف بها علماء - صاروا فيما بعد مشهورين - من بينهم ألبرت أينشتاين. بالاعتماد على معادلته الطاقة = الكتلة × مربع سرعة الضوء حسبت ليزا فيما بعد الطاقة الصادرة عن الانشطار النووي.
في 1906 نشر الثنائي هان ومايتنر ستة مقالات حول أشعة بيتا، وفي 1910، نشرا بالتعاون مع أدولف فون باير (1835-1917) أول تسجيلات للطيف المغناطيسي.
بدأت ليزا العمل مساعدة مدفوعة الأجر لماكس بلانك، وحتى ذلك الوقت كان مايتنر وهان يتخذان ورشة النجارة معملا لهما، والتي أصبحت ملوثة بالإشعاع، وكان كلاهما يعاني من نوبات الصداع والدوار.
بعد عام واحد تقريبا عرض على ليزا منصب تدريس في براج، وأدى هذا التكريم إلى وصولها إلى عرض بمنصب دائم وكامل بالقرب من هان بالمعهد، وقررت ليزا البقاء في برلين حيث تستطيع الاستمرار في سعيها إلى العنصر الذي يؤدي - بعد إطلاق الإشعاع - إلى الأكتينيوم.
في 1918 اكتشف مايتنر وهان العنصر 91، البروتكتينيوم، ورمزه
، وفي العام نفسه حصلت على قسم خاص للفيزياء الإشعاعية في معهد القيصر فيلهلم، وللمرة الأولى كسبت ليزا ما يكفي من المال لتأسيس بيت لها. كانت مستمتعة بأن: «المرء يستطيع الحصول على الستائر، وغيرها من الأشياء المماثلة، بالعمل.»
في 1922 منحت كلية الفلسفة جامعة برلين ليزا مايتنر الحق في إطلاق لقب أستاذ على نفسها، كما منحتها الحق في إلقاء المحاضرات. وكان خطابها الافتتاحي بعنوان «أثر النشاط الإشعاعي على العملية الكونية» ولم تحصل على الوثيقة الرسمية التي عينت بموجبها أستاذا مشاركا إلا في 1 مارس عام 1926، وكان إنتاجها بين عامي 1920 و1933 هائلا. وعلى الرغم من أن مايتنر وهان كان لكل منهما قسمه الخاص، فإنهما ظلا على اتصال يومي.
كانت ليزا مفتونة بدراسات إنريكو فيرمي، الذي وصف في 1934 كيف قصف هو وزملاؤه الباحثون أثقل عنصر معروف حتى ذلك الوقت - اليورانيوم - بالنيوترونات، وظنوا أنه أثناء العملية ظهرت عناصر إشعاعية جديدة بأوزان ذرية أعلى، وهي التي أطلق عليها فيرمي العناصر التالية لليورانيوم، وبدأت مايتنر مع هان ومساعده فريتز اشتراسمان بحوثهم. وفي 1935 نشرت ليزا مع ماكس ديلبروك كتاب «بنية نواة الذرة» وفي 1936 رشحت للحصول على جائزة نوبل.
عند وصول هتلر إلى السلطة، لم تعد ليزا قادرة على مواصلة التدريس، وأصبح العمل أكثر استحالة بالنسبة لها، ومنذ 1936 لم تعد تستطيع العمل بشكل معلن.
ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه المعيقات الكبيرة، استمرت أبحاثها. وفي 1938، وبعد سنوات من البحث بالتعاون مع أوتو هان، وعندما كانا على وشك إعلان اكتشاف القرن: انشطار اليورانيوم، اضطرت ليزا للخروج من ألمانيا؛ لأنها كانت يهودية ومن ثم كانت مهددة بالموت في أي لحظة، وتمكنت من الهرب إلى هولندا بمساعدة أوتو هان وأساتذة الفيزياء الألمان أدريان فوكر وبيتر ديبي وديرك كوستر. وفي 14 يوليو وصلت إلى هولندا، بحقيبة صغيرة، و13 ماركا ألمانيا - وهي مخاطرة لأنه لم يكن يسمح في ذلك الوقت بحيازة أكثر من 10 ماركات ألمانية - وخاتم تزينه ماسة رائعة، أعطاها إياه هان، وكان قد ورثه عن أمه، واضطرت إلى ترك كل ما تملك لكي تبدو رحلتها وكأنها لقضاء إجازة. وفي عمر الستين، كان عليها أن تبدأ من الصفر، بلا أي شيء.
انتقلت إلى كوبنهاجن، حيث استقبلها ابن أختها أوتو روبرت فريش ونيلز بور، الذي كانت تربطها به علاقة صداقة قوية. حاول بور أن يقنعها بالبقاء في الدنمارك، ولكنها انتقلت إلى السويد، حيث حصلت على وظيفة حقيرة منخفضة الأجر في معهد نوبل باستوكهولم. كان توجه الحكومة الألمانية صعبا جدا بالنسبة لها؛ فكتبت إلى هان: «لقد أفسدوا مستقبلي، فهل سيسلبونني ماضي كذلك؟» كانت الحياة اليومية في السويد شاقة بالنسبة لها: إذ كانت الأستاذة المبجلة القادمة من برلين تعيش في غرفة بفندق وتستطيع بالكاد كسب لقمة عيشها. ولم تستطع ليزا الانتقال إلى مكان إقامة أفضل إلا في منتصف عام 1939 عندما وصلت أختها جوستي وزوجها - والدا أوتو روبرت فريش - إلى استوكهولم، فانتقلت للعيش معهما.
في أعياد الميلاد عام 1938، زارها ابن اختها أوتو روبرت فريش. وصف فريش هذه الزيارة لخالته لاحقا بأنها كانت: «أهم زيارة في حياتي.» وكان يعني بذلك صياغة التفسير النظري والفيزيائي الأول للانشطار النووي من قبل أوتو هان وفريتز اشتراسمان في ديسمبر 1938.
أشارت مايتنر وفريش إلى أن جزءا كبيرا من الكتلة يجب أن يتحول إلى طاقة أثناء العملية، وأثبتا أن هذا ما يحدث بالفعل؛ إذ يطير جزآ نواة اليورانيوم المحطمة بسرعة لا يمكن تصورها.
قررت مايتنر وفريش عدم استخدام كلمة «تحطيم» في منشوراتهما لوصف هذه العملية، وإنما استخدما كلمة «انشطار»؛ لأن انقسام الكائن أحادي الخلية في الأحياء يشبه الانشطار النووي. «في اليورانيوم عالي الشحنة (...) عندما تصير حركة النواة قوية بما يكفي بفعل النيوترون الحبيس فإنها تجعل النواة تتمدد، ويشكل ما يشبه «الخصر» وأخيرا تنشطر إلى نواتين أخف وزنا متقاربتين في الحجم تبتعد كل منهما عن الأخرى بعنف شديد بسبب قوى التنافر المتبادل بينهما.» وفي 11 فبراير عام 1939 ظهر أول منشور لمايتنر وفريش حول «الانشطار النووي».
في الوقت نفسه، صدر عمل هان واشتراسمان ولم يذكر اسم مايتنر. ربما فعل هان هذا تحت ضغط ما، ولكن الحقيقة الواقعة هي أنه لم يرغب هو أو اشتراسمان في ذكر اسم مايتنر لاحقا.
كتبت مايتنر في رسالة عن سنوات الحرب والوقت الذي قضته في استوكهولم: «إلا أنني في الغالب أشعر بالوحدة كما لو كنت أعيش في الصحراء.»
في 1944 تلقى أوتو هان رسالة تفيد بأنه فاز بجائزة نوبل في الفيزياء، وفي 1946 حصل على الجائزة. ولم يأت ذكر عمل مايتنر إطلاقا.
في 6 أغسطس عام 1945 أعلنت القنبلة الذرية النهاية المحتومة للحرب العالمية الثانية. لم يكن من الممكن الوصول للعلماء الأمريكان، وكان العلماء الألمان محبوسين في إنجلترا، وفجأة حطت أنظار العالم على ليزا مايتنر، التي كانت أيضا على وشك اكتشاف الانشطار النووي، وكان الناس في أمريكا يطلقون عليها «الأم اليهودية للقنبلة الذرية»، وراحت هي تؤكد مرة بعد أخرى: «لا أنا ولا البروفيسور هان شاركنا في تطوير القنبلة الذرية بأي شكل من الأشكال.»
وعندما عرض عليها كارل هيرزفيلد منصب أستاذ زائر لفصل الشتاء في جامعة واشنطن الكاثوليكية، قبلت الدعوة، وبهذا انتقلت ليزا من المنفى إلى «مستشفى مجانين».
راحت الصحافة تمطرها بأسئلة عن القنبلة الذرية، وأطلق عليها الصحافيات الأمريكيات سيدة عام 1946. في أول ثلاثة أشهر من إقامتها في أمريكا تلقت 500 خطاب، تضم الكثير من الدعوات وجميع أنواع الأسئلة، ومن بينها طلب بالإذن بعمل فيلم عن حياتها، وكتب أوتو فريش لاحقا في مذكراته، أن عمل فيلم عن حياتها سيكون «أسوأ من السير عاريا عبر شارع برودواي.»
على الرغم من أنها تلقت عروضا كثيرة للبقاء في أمريكا، فإنها اختارت العودة إلى استوكهولم، وفي يونيو 1946 غادرت ليزا مايتنر الولايات المتحدة على متن الباخرة كوين ماري، محاطة بمظاهر الحفاوة والتكريم وحاملة شهادات الدكتوراه الشرفية التي حصلت عليها، وجاءتها من ألمانيا دعوة برئاسة قسم الفيزياء في ماينتس، ولكنها رفضت هذه الدعوة أيضا. وفي أبريل 1948 - ولأول مرة بعد كل تلك السنوات - وطئت قدمها أرض ألمانيا لتذهب إلى جوتنجن لحضور حفل تأبين ماكس بلانك.
وفي 10 أبريل عام 1953 وصفت ليزا في جريدة «برلينر تاجشبيجل» بأنها «امرأة عطوف طيبة القلب.» كان «النسيان العظيم» قد بدأ بالفعل، واعتبرت ليزا في الكثير من المنشورات مجرد واحدة من مساعدي هان، وذهب عملها الخاص وذهبت حقيقة رئاستها لقسم الفيزياء في الجامعة رويدا رويدا طي النسيان.
في الوقت نفسه تحسنت أحوال عملها في استوكهولم، وأتيحت لها فرصة أكبر للعمل بالمعدات اللازمة، ومرة أخرى كان لها مساعدان. وفي نهاية 1947 أصبحت أستاذا باحثا، وبالدخل المتوافق مع هذا اللقب، انتهت أخيرا مشاكلها المالية.
بحلول ذلك الوقت، كان أوتو فريش قد انتقل إلى كامبريدج متبوعا بوالديه. على الرغم من أن مايتنر حصلت في 1948 على الجنسية السويدية - كان بإمكانها الاحتفاظ بجنسيتها النمساوية - فإنها لم تشعر قط بالانتماء إلى السويد.
في 1950 ظهر آخر منشور لها في مجلة «نيتشر» بعنوان: «نموذج انشطار وتفسخ نواة الذرة».
إجمالا، كتبت ليزا ما يقرب من 150 منشورا علميا. في 1959 سافرت جوا إلى برلين من أجل افتتاح معهد هان-مايتنر. وكانت ضيفة مرحبا بها في المؤتمرات المؤيدة لنصرة المرأة حول العالم. كذلك حاضرت عن آثار القنبلة الذرية، ولكن الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية كانت شغلها الشاغل. أما من الناحية السياسية؛ فقد أبدت انعزالا تاما عن السياسة.
في 1960 سافرت ليزا مايتنر للمرة الأخيرة في حياتها إلى كامبريدج لتكون بالقرب من ابن أختها أوتو وأسرته، وكانت صحتها قد تدهورت وتدهور سمعها، ومع ذلك ظلت تعمل على أبحاثها في الفيزياء.
في 1966، تلقى الفريق هان ومايتنر واشتراسمان جائزة إنريكو فيرمي الأمريكية؛ ليكونوا أول من يتلقاها من غير الأمريكان، وكانت المرة الأولى والأخيرة التي يكرمون فيها معا على عملهم. كانت ليزا قد بلغت من العمر أرذله وبلغ منها المرض مبلغه؛ ولذا لم تستطع تلقي الجائزة بنفسها، فأرسلت ابن أختها أوتو. وفي 27 أكتوبر، بعد منتصف الظهيرة بقليل لقيت حتفها في سلام. وبناء على رغبتها تم دفنها بالقرب من أخيها فالتر في مقبرة كنيسة القديس يعقوب في بروملي، غرب لندن. وكتب على شاهد قبرها - إلى جانب اسمها وتاريخ ميلادها ووفاتها: «فيزيائية، لم تفقد إنسانيتها يوما.»
أدركت أن هذه المرأة، مثل كثيرات غيرها، كانت على وشك الاختفاء من التاريخ، وكلما بحثت زاد إدراكي لمدى هذا الظلم. (...) ولكن هذا الظلم بلغ ذروته بإقصائها عن نيل جائزة نوبل، وما تلا ذلك من تجاهل الصحافيين والمؤرخين المزعومين الذين لم يتجشموا عناء الكشف عما هو تحت السطح.
روث سايم
المراجع
Angermayer, E. (1987) Grosse Frauen der Weltgeschichte, in
Tausend Biographien in Wort und Bild , Neuer Kaiser Verlag-Buch und Welt, Klagenfurt.
van Assche, p. H. M. (1989) De ontdekking van de kernsplijting. in Natuur en Techniek 89, (57), 3.
Bertsch McGrayne, S. (1996)
Nobel Prize Women in Science. Their Lives Struggles and Momentous Discoveries , Birch Lane Press, New York.
Feyl, R. (1981)
Der Lautlose Aufbruch . Frauen in der Wissenschaft, Verlag Neues Leben, Berlin.
Jones, L. M. (1990)
Intellectual Contributions of Women to Physics in Women of Science, Righting the Record (eds. Kass-Simon, G. and p. Farnes), Indiana University Press, Bloomington & Indianapolis.
Kerner, C. (1986)
Lise, Atomphysikerin Die Lebensgeschichte der Lise Meitner . Belz Verlag, Weinheim/Basel.
Sime, R. L. (1996)
Lise Meitner: a Life in Physics , University of California Press, Berkeley, L. A./London.
Wertheim, M. (1995)
De broek van Pythagoras. God, fysica en de strijd tussen de seksen. (Pythagoras’ Trousers, God, Physics and the Gender Way) , Anthos, Amsterdam.
اشتيفاني هوروفيتس (1887-1942)
ماريا رينتيتسي
كانت اشتيفاني هوروفيتس كيميائية درست في فيينا في العقد الثاني من القرن العشرين. وقد عملت مع أوتو أونيشميت، خبير الوزن الذري الذي حدد الوزن الذري للراديوم في فيينا وحضر البديل الرسمي لمعيار الراديوم في باريس. عرفت هوروفيتس بتحديد الوزن الذري - بالتعاون مع أونيشميت - للمنتج النهائي لسلسلة تحلل اليورانيوم والثوريوم، مقدمة دليلا دامغا ومقنعا على وجود النظائر. بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى مباشرة تخلت هوروفيتس عن أبحاثها في الكيمياء وانضمت إلى رابطة علم النفس الفردي في فيينا التي أسسها ألفريد أدلر. وفي 1924، وبالتعاون مع عالمة النفس أليس فريدمان، أسست هوروفيتس ملجأ للتأهيل النفسي الفردي للأطفال والمراهقين. في 1937 غادرت فيينا وهربت إلى وارسو لتنضم إلى أختها، ولكونها يهودية لم تتمكن من الهروب من الاضطهاد النازي، وفي 1942 أرسلت إلى معسكر إبادة تريبلينكا حيث تمت تصفيتها في النهاية. •••
ولدت اشتيفاني هوروفيتس في وارسو عام 1887. كان والدها ليوبولد هوروفيتس ينتمي لدائرة الفنانين المجتمعين حول بلاط الإمبراطور فرانس يوزيف الأول. كان ليوبولد مشهورا دوليا للوحاته ورسوماته، وكان قادرا على السفر على نطاق واسع من أجل إتمام مهامه الفنية. في المعرض العالمي لعام 1873 في فيينا حصل على الميدالية الذهبية عن إحدى لوحاته؛ الأمر الذي جعله أكثر شهرة في المملكة النمساوية المجرية. وصل ليوبولد إلى أوج شهرته في 1896 عندما طلب منه رسم لوحة للإمبراطور فرانس يوزيف الأول. مكنته هذه المهمة - إلى جانب بعض المهام المربحة الأخرى التي قام بها من أجل الصفوة في فيينا - من الانتقال إلى فيينا في ذلك العام مع أسرته بالكامل، زوجته روزا وبناته الثلاث: جوفيا (1877)، ويانينا (1882)، واشتيفاني (1887) وولديه الاثنين: جيورج (1875) وأرمين (1880). تلقت اشتيفاني ذات الأعوام التسعة تعليما منزليا وأكملت الشروط المطلوبة لدخول الجامعة في 1907. وفي العام نفسه سجلت في كلية الفلسفة بجامعة فيينا على أمل أن تدرس الكيمياء، وفي 1914 تخرجت حاملة درجة الدكتوراه في الكيمياء العضوية تحت إشراف جيدو جولدشميت.
في الوقت نفسه، دخلت هوروفيتس معهد بحوث الراديوم في فيينا لمساعدة الكيميائي أوتو أونيشميت في التحديد التجريبي للأوزان الذرية للعديد من العناصر المشعة باستخدام تقنيات كيميائية رطبة. بحلول يونيو 1914 كانت هوروفيتس تعمل مع أونيشميت عن قرب، وأخبر أونيشميت ليزا مايتنر بذلك قائلا: «نحن نعمل أنا والآنسة هوروفيتس كالعمال. في يوم الأحد الجميل هذا ما زلنا نجلس في المعمل في السادسة مساء.» قامت هوروفيتس وأونيشميت بتنقية الرصاص من 100 كجم من كبريتات الرصاص من بتشبليند جواخيمستال، وهي مهمة دقيقة تستغرق وقتا طويلا، وقد وجد أن الوزن الذري للرصاص المشع (206,73) أخف من الرصاص العادي الذي يبلغ وزنه الذري (207,21). في 23 مايو 1914، قدم أونيشميت نتائجهما في مؤتمر «جمعية بنزن» في لايبزيش. وإدراكا منهما لأهمية عملهما؛ أرسلا مقالهما على الفور أولا إلى مجلة الكيمياء الشهرية بدلا من إرساله إلى النشرة السنوية للمعهد، وبعد ذلك بفترة وجيزة نشرا نسخة فرنسية إلى كومت راندو.
صورة عائلية تظهر فيها اشتيفاني هوروفيتس بجوار أبيها ليوبولد هوروفيتس في يوم تخرجها في جامعة فيينا عام 1913، وخلفها تقف أمها روزا هوروفيتس، من مواليد لندن. وتظهر أختها يانينا هوروفيتس التي تحمل الورود في أقصى اليمين.
بحلول نهاية الحرب العالمية الأولى انقطع التعاون بينهما. قبل أونيشميت منصبا في جامعة ميونخ ومن ثم غادر فيينا، ولأسباب غير معلومة على الإطلاق غادرت هوروفيتس فيينا لفترة قصيرة متخلية عن مسيرتها العلمية. أرجعت أسرتها السبب إلى أنها أرادت مواساة أمها بعد وفاة والدها في 1917 وعادت إلى وارسو. وفي 1924، عادت إلى فيينا وغيرت مهنتها. ومعجبة بعلم النفس الأدلري، انضمت إلى أليس فريدمان في تأسيس ملجأ للأطفال الذين يعانون من صعوبات في التعلم. وبسبب الاضطرابات السياسية في الغالب، غادرت هوروفيتس فيينا مرة أخرى وانتقلت إلى وارسو ثانية في 1937، وبعد فترة طويلة، أخبر كاسيمير فايانس إليزابيت رونا بأن اشتيفاني انتقلت إلى وارسو لترافق أختها المتزوجة بعد موت والديهما في فيينا.
عندما احتلت وارسو من قبل النازيين، تمكنت هوروفيتس وأختها من الهروب من الحي اليهودي الذي بناه الألمان في المدينة. بداية من يوليو 1942، أمر الألمان القادة اليهود بالاستعداد لإعادة التوطين في الشرق، وأجبروا اليهود في الحي اليهودي بوارسو على المثول «طوعا» في ميدان أومشلاجبلاتس بالقرب من السكة الحديد. وقامت هوروفيتس وأختها - خوفا من أن يلحق الاضطهاد بمن خبئوهما - بالمثول إلى ميدان أومشلاجبلاتس، وكانا من بين آلاف اليهود الذين نقلوا إلى معسكر إبادة تريبلينكا وقتلوا هناك.
بحلول نهاية العقد الثاني من القرن العشرين بدأ عدد كبير من أزواج أو مجموعات العناصر المشعة غير القابلة للانفصال كيميائيا في التراكم بسرعة شديدة. وكما يوضح لنا فريدريك سودي الأمر باللغة الدارجة: «هذه العناصر تتطابق الأجزاء الخارجية من ذراتها وتختلف الأجزاء الداخلية لها.» وهذه العناصر، المتطابقة في كل صفاتها الكيميائية وغير القابلة للانفصال بأي طريقة من طرق التحليل الكيميائي، أصبح يطلق عليها لاحقا النظائر. وفي 1913 نجح سودي في وضع كل العناصر المشعة المعروفة في الجدول الدوري، رغم وجود عناصر أكثر من الأماكن المتاحة. وقد فعل ذلك بوضع أكثر من عنصر مشع في الخانة نفسها، بناء على الأرقام الذرية للعناصر. وعلى الرغم من أن هذه العناصر كانت تنتمي لسلاسل تحلل مختلفة، فإنها كانت غير قابلة للانفصال كيميائيا. من المفاتيح الواعدة لتأكيد هذه المواد المتطابقة وفي الوقت نفسه المختلفة، سلسلة من عمليات تحديد الوزن الذري المقارن للعناصر النظائرية؛ فالعنصر المتوفر بكميات مرضية هو النظيران المختلفان للمنتج النهائي الأساسي الخامل لسلاسل تحلل اليورانيوم والثوريوم.
كان العمل التجريبي لتحديد الأوزان الذرية عملا شائكا، دقيقا ومستهلكا للوقت؛ إذ يجب فصل المواد التي سيحدد وزنها الذري في الحالة النقية، وهي مهمة شديدة الصعوبة، وعلى القائم بالتجربة أن يكون قادرا على تحديد حتى الكميات الدقيقة من المادة التي يمكن أن تضيع أثناء التجربة الكمية. في ذلك الوقت، كان أهم خبير في العالم في هذا المجال هو الكيميائي تيودور ريتشاردز، الأستاذ بجامعة هارفرد والحاصل على جائزة نوبل في 1914 من أجل التحديد الدقيق للوزن الذري لعدد كبير من العناصر الكيميائية. طلب سودي وكاسيمير فايانس من ريتشاردز تولي تجارب الوزن الذري برصاص من مصادر مشعة. وباستخدام طريقة هارفرد نفسها، مع ميزة جهاز كوارتز، وباستخدام رصاص من بيتشبلند جواخيمستال، قام أوتو أونيشميت، خبير أوزان ذرية آخر - في ذلك الوقت في فيينا - بتكرار التجارب، وبتنفيذ عدة عمليات تكسير وبلورة، حدد وزن الراديوم وأعد معيار راديوم، أصبح فيما بعد البديل الرسمي للأصلي الموجود في باريس.
لم يكن إجراء تجارب الوزن الذري مهمة يستطيع أونيشميت وحده القيام بها، خاصة وأنه قبل في 1911 إدارة معمل الكيمياء غير العضوية والتحليلية التابع للجامعة التقنية الألمانية في براج، وأصبح أستاذا منتظما هناك. في يناير 1914، سأل ليزا مايتنر، التي كانت وقتها بالفعل في برلين، ما إذا كانت تعرف شخصا في فيينا مؤهلا لمساعدته في مشروع تحديد الأوزان الذرية الخاص به. وبفضل ترشيح مايتنر، وكلت اشتيفاني هوروفيتس بهذه المهمة، وكما كتب أونيشميت بعد شهور قليلة لمايتنر: «أرسل إليك تحيات الآنسة هوروفيتس، التي لا تصدق أنك لا زلت تذكرينها. كنا نتناقش للتو في هذا الأمر.»
دائما ما تقدم حكايات العمل المشترك بين أونيشميت وهوروفيتس - بصرف النظر عما إذا كانت تقلل أو تبالغ في شأن إسهامها - هوروفيتس باعتبارها تحت وصاية أونيشميت؛ فهي «طالبة بحثية» أو مجرد «تلميذته» التي ساعدته في تحديد الوزن الذري للرصاص المشع. تصل محاولات تأكيد الترجمة الظالمة لإسهام هوروفيتس إلى الطرف الآخر من الطيف عن طريق الإشارة إلى «نتائجها» عندما نشرا بالفعل أوراقهما البحثية. في الواقع يعتبر تحديد سياسات التعاون بين الرجال والنساء الذين يعملون في شراكة من المهام الصعبة، ولا تكشف المنشورات المشتركة عمن تولى القيادة في كل مشروع، ولا عمن كان المساعد، ولا عمن تلقى المساعدة. في حالة التعاون بين أونيشميت وهوروفيتس، ما من شك في أنه كان الشريك الناضج وقائد الفريق؛ فقد عرف هوروفيتس بتجارب تحديد الوزن الذري، ورحب بها في كل من معهد الراديوم وفي معمله في براج. وفي رسالة لصديقه ماكس لمبرت، أبلغ أونيشميت تحيات هوروفيتس قائلا: «مع أطيب تمنيات السيدة الدكتورة هوروفيتس، الخريجة الجميلة.» كانت هوروفيتس بلا شك أكثر من مجرد مساعدة متمكنة تتبع تعليمات مرشدها.
أكدت ذلك الطريقة التي شرح بها أونيشميت لمايتنر مشروعه البحثي في 1914، مؤكدا دور هوروفيتس في عمله، «نحن الآن نفصل الرصاص من بيتشبلند جواخيمستال النقي ... نأمل أننا في الأسبوعين القادمين قبل الإجازات سوف نحلل تجهيزات الرصاص هذه ...» في 1922 كان فريدريك سودي قد أقر في محاضرة نوبل الخاصة به بوجود هوروفيتس كشريكة أونيشميت، وهو عكس ما قاله فريق ريتشارد في هارفرد تماما، «في الوقت نفسه، العمل على الرصاص من معادن اليورانيوم من قبل تي دبليو ريتشاردز وطلابه في هارفرد، ومن قبل أونيشميت والآنسة هوروفيتس، أعطى قيما كلها تحت الرقم الدولي.»
كما يشير المؤرخ لورانس باداش، قدم أونيشميت وهوروفيتس التأكيد الأكثر إقناعا على وجود النظائر، وفي الوقت نفسه التأكيد على العمل الذي تم في ثلاثة معامل أخرى في جميع أنحاء العالم. واستمرا في النشر معا عن الأوزان الذرية لليورانيوم والثوريوم والأيونيوم حتى نهاية الحرب العالمية الأولى. بالإضافة إلى ذلك، بين بحثهما أن الأيونيوم ليس عنصرا منفصلا ولكنه مجرد نظير للثوريوم. وتركت هوروفيتس بحوثها في الكيمياء مبكرا جدا، وبدأت مهنة مختلفة؛ عالمة في علم النفس الفردي في فيينا، منضمة إلى مدرسة أدلر الفكرية.
المراجع
Keintzel, B. and Korotin I. (eds) (2002)
Wissenschafterinnen in und aus Ősterreich , Böhlau Verlag, Wien.
Rayner-Canham, M. and Rayner-Canham, G. (2000) Stefanie Horovitz, Ellen Gleditsch, Ada Hitchins, and the discovery of isotopes,
Bulletin for the History of Chemistry,
25 (2), 103-109.
Rayner-Canham, M. and Rayner-Canham, G. (1997) Stefanie Horovitz: A Crucial Role in the Discovery of Isotopes in
A Devotion to Their Science: Pioneer Women in Radioactivity (eds M. Rayner-Canham and G. Rayner-Canham), McGill-Queen’s University Press, Montreal, and Chemical Heritage Foundation, Philadelphia, pp. 192-195.
Rentetzi, M. (2008)
Trafficking Materials and Gendered Experimental Practices: Radium Research in Early Twentieth Century Vienna , Columbia University Press, New York.
إيرين جوليا جوتس-دينيس (1889-1941)
إيفا فاموس
كانت إيرين جوليا جوتس-دينيس واحدة من أوائل الباحثين في مجال النشاط الإشعاعي في المجر، وثاني امرأة تحصل على الدكتوراه في الكيمياء فيها، كما كانت أول امرأة تعمل محاضرة جامعية في الكيمياء في المجر أيضا. لمدة عام، عملت في معهد ماري كوري، وبعد العودة إلى وطنها، كان عليها أن تتحول إلى موضوعات بحثية أخرى.
كان زوجها أمين مكتبة متميزا وأنجبت منه ثلاثة أبناء. وبسبب آرائهما اليسارية المعروفة للجميع اضطر الزوجان إلى الهرب عدة مرات في حياتهما. انطوت رحلة حياتهما الملحمية على فيينا ورومانيا (بوخارست وكولوجفار ) (1923-1928)، وبرلين (1928-1931)، وأخيرا موسكو (1931-1941). هناك عينت إيرين للمرة الأولى في معهد بحوث النيتروجين، بل إنها أصبحت رئيس قسم. وفي 1941 حكم عليها بالسجن بسبب تهم ملفقة، وبرئت ساحتها بعد فترة قصيرة ولكنها ماتت في العام نفسه من جراء إصابتها بحمى التيفود التي التقطت عدواها في السجن. •••
ولدت إيرين جوليا جوتس في 3 أبريل عام 1889، وكانت ابنة طحان ومزارع بسيط في موسونماجياروفار، بلدة بالقرب من الحدود النمساوية. ودرست، كطالبة في المرحلة الثانوية في واحدة من أشهر مدارس بودابست للبنات، حيث أنهت دراستها بتفوق. وفي 1907 التحقت بكلية الفلسفة جامعة العلوم في بودابست، حيث درست الرياضيات والفيزياء والكيمياء وأيضا الفلسفة. ومن 1908 فصاعدا كانت عضوا نشطا في دائرة جاليلي، وهي مجموعة من الطلبة الراديكاليين (ذوي التوجه اليساري)، حيث التقت بلازلو دينيس الذي تزوجته في 1913.
حضرت رسالة الدكتوراه الخاصة بها في الكيمياء الإشعاعية، حيث كان عليها أن تبتكر طريقة لقياس الانبعاث الإشعاعي، ولم يكن ذلك أمرا سهلا؛ لأن الانبعاث سريعا ما ينحل. اكتشفت أنها بترك المادة لثلاث ساعات على الأقل في الجهاز، يمكنها أن تحصل على نتائج أكثر موثوقية؛ لأنه في ذلك الوقت تكون عملية الانحلال قد أبطأت. منحت شهادة الدكتوراه مع مرتبة الشرف؛ ومن ثم حصلت على منحة للعام الأكاديمي 1911 / 1912 في معمل مدام كوري في باريس، حيث عملت مع جيه دانيز، باحث من أصل بولندي، بل إنهما نشرا منشورا قصيرا عن بحثهما في منتجات انحلال الراديوم، مع الانتباه تحديدا إلى أشعة بيتا الخاصة بما يطلق عليه «النشاط المحدث»، إلا أن إيرين سقطت مريضة واضطرت للرجوع للوطن. كان عليها أن تجد وظيفة ولكنها لم تستطع الحصول عليها في الجامعة؛ لذا اضطرت للتخلي عن أبحاثها في النشاط الإشعاعي، وعينت في المحطة التجريبية للتغذية والفسيولوجيا الحيوانية منذ 1915 باعتبارها كيميائية ملكية مبتدئة غير مدفوعة الأجر. كانت المحطة تتعامل أساسا مع مشاكل الكيمياء الزراعية وضبط الجودة. في 1919 نشرت إيرين ورقة بحثية حول التغييرات الملحوظة في الحجم عند خلط السوائل (قانون تامان).
في يناير 1919 أتيحت لها الفرصة للتحدث عن نتائج بحثها النظري في جمعية العلوم (الطبيعية). وكوفئت على ذلك بتعيينها محاضرة في الكيمياء النظرية بجامعة العلوم؛ ومن ثم أصبحت أول امرأة تعمل محاضرا جامعيا في المجر، ولم تعين امرأة بعدها محاضرا أو أستاذا جامعيا إلا بعد مرور وقت طويل؛ إذ لم يحدث هذا إلا في ثلاثينيات القرن العشرين.
بعد هزيمة الجمهورية المجرية السوفييتية، اضطر زوج إيرين لمغادرة البلاد، ولم تستطع أن تتبعه على الفور لأنها كانت على وشك الوضع؛ ولذا اختبأت في مسقط رأسها، إلا أن اختباءها لم يدم طويلا، وتم العثور عليها وسجنها. وعندما أطلق سراحها بعد ثلاثة أشهر، لحقت بزوجها في فيينا بعد مغامرة هروب. ولما كانا يفتقدان لأي مصدر دخل، فقد غادرا إلى رومانيا، وبعد إقامة قصيرة في بوخارست أقاما لفترة في كولوجفار، حيث عملت إيرين مرة أخرى محاضرة جامعية، بل إنها نشرت بعض أوراقها البحثية. ومن العام الأكاديمي 1922 / 1923 فصاعدا ألقت إيرين محاضرات حول كيمياء الغذاء، ثم أصبحت بعد ذلك أستاذا مساعدا ثم أستاذا مشاركا في معهد الصيدلة. وفي عام 1927 / 1928 حملت لقب الدكتوراه في العلوم الفيزيائية. وعندما بدأت رومانيا في التحول إلى الفاشية، في 1931 غادرا إلى برلين، حيث حصلت إيرين على وظيفة مستشارة علمية في الوكالة التجارية للاتحاد السوفييتي. وبسبب هجوم الصحافة الاشتراكية القومية لم تستطع الاستمرار، ومرة أخرى اضطرا إلى البحث عن مأوى مع أطفالهما الثلاثة، هذه المرة في الاتحاد السوفييتي، في موسكو. عينت إيرين هناك في منصب بمعهد بحوث النيتروجين، بل أصبحت رئيس قسم. في 1938 أقيلت من عملها ولم يبق لها إلا العمل مدرسة في مدرسة ثانوية. وفي 1941 حوكمت على تهم ملفقة وأرسلت للسجن، ولم تكن مثل هذه التغييرات في الحياة المهنية نادرة في الاتحاد السوفييتي. وأثناء حبسها، التقطت حمى التيفود، وعلى الرغم من إطلاق سراحها، ماتت في العام نفسه عن عمر يناهز الثانية والخمسين. (كان زوجها أوفر حظا؛ إذ نجا وعاد إلى المجر بعد الحرب، وأصبح مديرا لمكتبة عامة عظيمة في بودابست ، ثم رئيس قسم في كلية القانون بجامعة بودابست للعلوم حتى وفاته عام 1953.)
كانت إيرين جوتس موهبة علمية واعدة في المجر. شاركت في أحد أحدث وأهم فروع الفيزياء والكيمياء منذ وقت مبكر جدا؛ ألا وهو نهاية دراستها الجامعية. في ذلك الوقت انضمت إلى مجموعة فاشيلشكي التي كانت تجري أبحاثا في النشاط الإشعاعي. كان معمل فاشيلشكي الصغير في ذلك الوقت هو المعمل الوحيد الذي يدرس فيه هذا الفرع من العلوم، وركزت رسالة الدكتوراه الخاصة بها على إيجاد طريقة قياس للتحديد الدقيق للانبعاث الإشعاعي. اعتمد عملها على استخدام مقياس الشحنة الكهربائية الذي طورته مجموعة فاشيلشكي. كانت العقبة التي واجهت الباحثين هي أن الانبعاث كان عملية سريعة جدا لا يمكن تتبعها بدقة بالآلات المتوفرة لديهم، وكانت فكرة إيرين جوتس أن تترك المادة المراد بحثها في الجهاز لمدة ثلاث ساعات تقريبا، وخلال ذلك الوقت تكون العملية قد أبطأت ومن ثم تعطي بيانات أكثر موثوقية. لم تستطع إيرين الاستمرار في عملها الواعد في المجر نظرا لعدم وجود مكان لها في معمل فاشيلشكي. ووفقا لما كتب في سيرتها الذاتية كان عليها أن تتحول إلى موضوع مختلف تماما عندما حصلت على وظيفة في المحطة التجريبية للتغذية والفسيولوجيا الحيوانية. هناك كان عليها أن تقوم بالكثير من الأعمال الروتينية، ومع ذلك، كانت دائما ما تجد وسائل لإجراء أبحاث مستقلة. على سبيل المثال، في 1914 حددت تركيز أيون الهيدروكسيل باستخدام مقياس حجم القطرات (جهاز لقياس توتر السطح). بين عامي 1912 و1919 نشرت عدة أوراق بحثية مع جولا جروه، الذي أصبح فيما بعد رئيس قسم الكيمياء العامة والفيزيائية، ومن الأوراق البحثية المهمة لها تلك الورقة التي سلمت في 1918 إلى مجلة الكيمياء الفيزيائية عن امتداد صحة قانون تامان إلى تحلل السوائل في السوائل. أثناء إقامتها في رومانيا قيل إنها نشرت العديد من الأوراق البحثية التي لم يتم تتبعها. لم تتوان يوما عن الاهتمام بآخر إنجازات العلم، حتى عندما كانت محرومة من العمل التجريبي؛ ولذلك، وعلى سبيل المثال، كان لنظرية النسبية لأينشتاين تأثير كبير عليها. كان أينشتاين يواجه الكثير من الهجوم في ذلك الوقت، فنشرت ورقتين بحثيتين دفاعا عن نظريته. ظهرت الورقة الأولى في الجريدة الرسمية العلمية في 1922، والثانية في 1926 بجريدة «كورونك» (عصرنا)، التي بدأها زوجها في كولوجفار في العام نفسه وما زالت موجودة حتى الآن. أول ثلاثة أعداد من الجريدة حررتها إيرين جوتس.
تستحق جهود إيرين العلمية في هذه الحقبة تقديرا كبيرا لأنها انضمت لفرع من العلوم كان في بدايته في ذلك الوقت في المجر؛ ولذلك فإنها تعد رائدة في الكيمياء الإشعاعية. ويجدر بنا الحديث عن رسالة الدكتوراه الخاصة بها لأنها كانت من أوليات النساء التي حققت دكتوراه في الكيمياء في المجر. كان أوج ازدهار سيرتها العلمية عندما عينت محاضرة جامعية في كلية الفلسفة بجامعة بودابست للعلوم؛ لذلك فقد كانت أيضا رائدة للنساء اللائي يعملن محاضرات في الجامعة المجرية. لسوء الحظ، لم تستمتع بمنصبها في الجامعة إلا لفترة قصيرة جدا؛ لأن تعيينها كان في حقبة الجمهورية المجرية السوفييتية. بعد سقوط الجمهورية شاركت مصير الكثير من العلماء المجريين الموهوبين في ذلك الوقت، ومن بينهم جورج هيفيشي، الذي حصل لاحقا على جائزة نوبل؛ فجميعهم فقدوا وظائفهم، بل إن بعضهم اضطر إلى مغادرة البلاد، كما فعلت إيرين جوتس. في ذلك الوقت، عندما حصلت النساء في البداية على فرصة الظهور في الحياة العلمية - لم يسمح لهن بدخول الجامعة إلا بعد 1895 - كانت الوظائف النسائية مدعومة بعلماء ذكور من العائلة (أزواج أو آباء أو إخوة)، ولكن هذا لم ينطبق على إيرين جوتس؛ فلم تستطع إيرين الاعتماد على أي فرد من أفراد أسرتها عند دخول أي مهنة علمية، ولكنها كانت تعتمد على موهبتها فحسب؛ وبهذا فقد كانت متفردة في هذا الجانب أيضا.
المراجع
Gazda, I. (Ed.) (2004)
Einstein és a Magyarok . (Einstein and the Hungarians). Akadémiai Kiadó, Budapest, pp. 110-111, 130-132.
Hegedüs-Korach, E. (1983)
The first womanlecturer in Hungary. Proceedings of the Role of Women in the History of Science, Technology and Medicine in the 19th and 20th Centuries . Veszprém, August 16-19, 1983.
Hegedüs-Korach, E. (1997) Irén Júlia Götz, in
Magyar Tudóslexikon A-tól Zs-ig . (Hungarian Encyclopedia from A to Z) Nagy, F. (Editor-in-Chief) BETTER-MTESZ-OMIKK, pp. 340-341.
Radioaktivitás és a Kémiai Atomelmélet. Az Anyagszerkezeti Nézetek Válsága a Századelö Magyarországi Kémiájában (Radioactivity and the Chemical Theory of the Atom. Crisis of the Views on Material Structure in the Chemistry of the Early 20th Century in Hungary), Akadémiai Kiadó.
Götz Irén. (An early researcher of radioactivity: Irén Götz), in
Asszonysorsok a 20. Században (Women’s Fates in the 20th Century). BME Szociológia és Kommunikáció Tanszék; Szociális és Családvédelmi Minisztérium Nöképviseleti Titkársága, Budapest, pp. 33-39.
Radnóti, K. (2008) A Magfizikai Kutatások Höskora, Nöi Szemmel-II (Heroic Age of Research in Nuclear Physics, as seen from a female viewpoint).
Fizikai Szemle,
4, 150-154.
إليزابيت رونا (1890-1981)
إيفا فاموس
وفقا لما ذكره تلميذها السابق، مارشال بروسر، الذي كتب مقالا «إحياء لذكرى» إليزابيت رونا، كان الكاشف الإشعاعي من اكتشاف أربعة أشخاص على الأقل آخرهم إليزابيت. (إذا اعتبرنا أن فايانس من بولندا، وهيفيشي من المجر، وبانيت من فيينا هم الثلاثة الآخرون، فيمكننا القول إن اكتشاف الكاشف الإشعاعي كان إنجازا نمساويا مجريا). وذكرت مارلين إف وجيفري رينر-كانهام أنها على الرغم من عدم مشاركتها في أي اكتشاف عظيم، فإنها عملت مع بعض من أعظم الأسماء في هذا المجال.
عملت أثناء حياتها التي امتدت طويلا في ست دول، منها: بودابست بالمجر، وكارلسروه وبرلين بألمانيا، وفيينا بالنمسا، وباريس بفرنسا، وبورنو بالسويد، وواشنطن العاصمة وأوك ريدج وميامي بالولايات المتحدة الأمريكية، وكانت هي من صاغ مصطلح «النظائر» بعد سنة من اكتشاف فايانس لها. •••
ولدت إليزابيت رونا في بودابست، وهي ابنة إيدا مالر والطبيب صامويل رونا، وكان هذا الأخير هو من أراد لها أن تدرس العلوم. ومع ذلك؛ فقد كان يظن أن مهنة الطبيب مهنة صعبة جدا بالنسبة للمرأة؛ ولذا التحقت بكلية الفلسفة بجامعة بودابست للعلوم، حيث درست الفيزياء والكيمياء والكيمياء الأرضية. وحضرت رسالة الدكتوراه الخاصة بها عن «البرومين والكحولات الأليفاتية أحادية الهيدروجين» ومنحت اللقب في 1912. وبمجرد أن شبت عن الطوق عملت في المعمل الكيميائي لكلية الطب البيطري متطوعة دون أجر. بعد ذلك عملت في المعهد الكيميائي رقم 3 في جامعة العلوم.
بعد إنهاء دراستها ذهبت للعمل مع فايانس في كارلسروه، ومنذ ذلك الوقت فصاعدا كرست كل جهودها للكيمياء النووية. قبل ذلك بفترة قصيرة، وأثناء الحرب العالمية الأولى كانت تقيم في بودابست، حيث تعاونت في دورات دراسية للكيمياء للطلاب في جامعة العلوم؛ ولذلك كانت أول امرأة في المجر تتعامل مع طلاب الكيمياء، وكان هذا هو المكان الذي التقت فيه بهيفيشي (في 1918) الذي اهتم بورقتها البحثية الأولى؛ ومن ثم عملا معا على واحد من أوائل تطبيقات منهج الكاشف الإشعاعي، وظهرت ورقتهما البحثية المشتركة في ألمانيا. طلب هيفيشي من إليزابيت أن تتأكد من تفصيلة ما وردت في مناقشة دارت بين جي إن أنتونوف (مانشستر) وإف سودي وإيه فليكس (جلاسكو). كانت التفصيلة حول نظير جديد، يطلق عليه الآن تي إتش-231، اكتشفه أنتونوف، لم يمكن لعلماء جلاسكو التحقق من وجوده. ونجحت إليزابيت في تأكيد وجود هذه المادة، وساهم عملها هذا في بناء سمعة طيبة لها.
إليزابيت رونا (
http://www.kfki.hu/physics/historia/localhost/honap.php?ev=2005&ho=3 ).
شجعها اضطراب الأوضاع في المجر بعد الحرب على ترك البلد، وذهبت إلى برلين حيث عملت مع أوتو هان، وكان عليها أن تفصل الأيونيوم (الذي يطلق عليه الآن ثوريوم-230) من خام اليورانيوم. في 1924 دعيت إلى معهد فيينا للراديوم، حيث حظيت بفرصة العمل مع استيفان ماير. وفي العام نفسه قدم عالم المحيطات السويدي هانز بيترسون لمعهد فيينا عينات رواسب قاع البحر التي أراد تحليلها بحثا عن محتوى الراديوم. ولما عهد إلى إليزابيت بذلك العمل، ذهبت إلى محطة علم المحيطات في بورنو بالسويد، وكررت هذه الزيارة في الصيف لمدة 12 عاما لدراسة سلاسل انحلال اليورانيوم والثوريوم والأكتينيوم في ظروف تتواءم مع علم المحيطات. وحثتها هذه الدراسات التي كشفت لها الأعمار النصفية الطويلة جدا لبعض المواد على دراسة تاريخ الأرض الجيولوجي الإشعاعي.
في الوقت الذي كانت فيه إليزابيت في فيينا، لم يكن العمل في المواد المشعة يعتبر عملا خطيرا، وعندما طلبت قناع غاز من استيفان ماير، انفجر ضاحكا بمنتهى البساطة؛ ولذا ذهبت إليزابيت واشترت قناعين لها على نفقتها الخاصة، ولولاهما ربما لم تكن ستعيش كل هذه المدة التي عاشتها.
أثناء إقامتها في معهد فيينا أرسلت إلى باريس لمعهد كوري، وهناك حضرت البولونيوم تحت إشراف إيرين كوري، التي أخبرتها عن اكتشافهم الحديث بخصوص النظائر الصناعية، وأعطي البولونيوم الذي حضرته إليزابيت رونا كهدية لمعهد فيينا لأغراض البحث.
ولأنها يهودية، اضطرت إليزابيت لترك النمسا بعد أن أصبحت جزءا من ألمانيا في 1938، فذهبت أولا إلى كامبريدج، ثم إلى أوسلو (1939)، حيث حدثها أوتو هان عن الانشطار النووي كما أوضحت ليزا مايتنر. ومن أوسلو عادت إلى المجر لزيارة أخيرة ثم غادرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية في 1941 لقضاء بقية عمرها هناك.
كان منصبها الأول في معمل فيزياء الأرض بمعهد كارنيجي في واشنطن العاصمة.
شاركت في مشروع مانهاتن، حيث كانت مهمتها هي إعداد البولونيوم. أما عن عملها أثناء الحرب العالمية الثانية؛ فقد صرح بأنه عمل غاية في السرية. وفي 1947 شغلت منصبا في معمل أرجون القومي؛ إذ عملت في تفاعلات اليورانيوم. بعد ثلاث سنوات أصبحت من كبار العلماء في قسم التدريب الخاص باتحاد جامعات أوك ريدج الأمريكية. وبداية من 1954 فصاعدا ، عندما سمح للطلاب الأجانب بالدخول، استفادت بإجادتها لعدد من اللغات الأوروبية.
لم يقل اهتمامها بعلم دراسة المحيطات مع الوقت؛ ولذا بدأت برنامجا بحثيا في تأريخ الأرض الجيولوجي وفيزياء الأرض على عينات بحرية.
تقاعدت من اتحاد جامعات أوك ريدج الأمريكية في 1965، في سن الخامسة والسبعين. ومع ذلك، لم تظل عاطلة لدقيقة واحدة، وإنما شغلت منصب أستاذ كيمياء في معهد العلوم البحرية بجامعة ميامي، وهناك عملت على تحديد تركيب ماء البحر باستخدام منهج التحليل بالتنشيط.
عندما عادت من ميامي إلى أوك ريدج في زيارة، طلب منها زملاؤها السابقون وأصدقاؤها كتابة مذكراتها؛ ففعلت ذلك، ونشر كتيبها «كيف توالت الأحداث: النشاط الإشعاعي، الفيزياء النووية، الطاقة الذرية» في أوك ريدج عام 1978.
كانت إليزابيت رونا واحدة من أنجح رواد أبحاث النظائر المشعة، وكثيرا ما كرمت في حياتها، كما يبين إدراج اسمها في موسوعة «العلماء الأمريكان» التي نشرت عام 1955. وكلما كانت ترغب أو تضطر لتغيير محل نشاطها، كانت تجد وظيفة في أفضل وأشهر المؤسسات في مجالها. وهناك حظيت بفرصة العمل مع أعظم الأسماء؛ مثل هيفيشي في بودابست وليزا مايتنر وأوتو هان في برلين، علاوة على أنها دعيت من قبل استيفان ماير للالتحاق بمعهده في فيينا.
ما من موسوعة تتناول العالمات تكتمل دون إدراج اسمها. إجمالا يمكننا اعتبارها سعيدة الحظ لأنها عاشت في وقت ظهر فيه للوجود فرع من فروع العلم يحظى بأهمية بالغة حتى هذه اللحظة.
المراجع
Brucer, M. (1981) In memoriam: Elizabeth Rona (1891-1981)
The Journal of Nuclear Medicine , 23 (1), 78-79.
Cattell, J. (1980)
American Men of Science. A Biographical Directory , 9th edn, vol. I. Physical Sciences, The Science Press, Lancaster, PA - R. R. Bowker Company, New York, p. 1637.
Hevesy, G. and Róna, E. (1915) Die lösungsgeschwindigkeit der molekularen schichten. (Solution velocity of molecular layers)
Z. Phys. Chem.,
89, 294.
Makra, Z. (1997) Róna Erzsébet, in
Hungarian Scientists’ Encyclopedia from A to Z , BETTER-MTESZ-OMIKK, pp. 684-685.
atomelmélet. (Radioactivity and the chemical theory of the atom. Crisis of the views on material structure in the chemistry of the early 20th century in Hungary.)
Akadémiai Kiadó.
Akadémiai Kiadó , Budapest, 69-73.
Radnóti, K. (2008) A magfizikai kutatások Höskora, nöi szemmel-II. Epizódok a radioaktivitás hazai történetének kezdeteiből. (Heroic age of research of nuclear physics, as seen from a female viewpoint. Episodes from the beginnings of the domestic history of radioactivity)
Fizikai Szemle , 4, 150-154.
Rayner-Canham, M. F. and Rayner-Canham, G. (1997) Elizabeth Róna: The Polónium Woman, in
A Devotion to Their Science: Pioneer Women of Radioactivity (eds Rayner-Canham, M. F. and Rayner-Canham, G.), Chemical Heritage Foundation. McGill-Queen’s University Press, Québec, Canada, pp. 209-216.
Rentetzi, M. (2007)
Trafficking Materials and Gender Experimental Practices. Radium Research in the Early 20th Century Vienna , Columbia University
Róna, E. (1914) Az urán átalakulásairól. (On the transmutations of uranium.)
Mathematikai és Természettudományi Értesítö,
32, 350.
Róna, E. (1914) Az urán átalakulásairól. (On the transmutations of uranium).
Magyar Chemikusok Lapja,
5, 42.
Róna, E. (1978)
How it Came about: Radioactivity, Nuclear Physics, Atomic Energy , Oak Ridge Associated Universities.
جيرترود كورنفيلد (1891-1955)
أنيتا بي فوجت
كانت جيرترود كورنفيلد أول امرأة تتلقى تعيينا أكاديميا في الكيمياء في جامعة برلين عندما حصلت على ترخيص الكيمياء الفيزيائية لإلقاء المحاضرات بجامعة برلين، وأصبحت محاضرة دون أجر، وكانت أول محاضرة في الكيمياء في أي جامعة بألمانيا. اضطرت للهرب من ألمانيا النازية، وبعد عدة مناصب تلقت وظيفة في الولايات المتحدة في معمل صناعي. تجسد حياة جيرترود كورنفيلد نجاحات وإحباطات العالمات في المجال الأكاديمي في النصف الأول من القرن العشرين. •••
جيرترود كورنفيلد هي ابنة تاجر صناعي في بوهيميا، وولدت في براج في 25 يوليو عام 1891. كانت عائلتها تنتمي للعائلات اليهودية الناطقة بالألمانية من الطبقة المتوسطة في براج ثم في بوهيميا. حصلت على تعليم ممتاز، أولا في مدرسة بنات ألمانية ثم في مدرسة ثانوية ألمانية للبنين حيث حصلت على الثانوية النمساوية (وهي شهادة يجب الحصول عليها للالتحاق بالجامعة). من 1910 حتى 1915 درست الكيمياء والكيمياء الفيزيائية والفيزياء في الجامعة الألمانية ببراج. (تم تقسيم جامعة تشارلز العتيقة الشهيرة في براج إلى جامعة تشيكية وأخرى ألمانية في نهاية القرن التاسع عشر). في 1915 أنهت دراستها برسالة دكتوراه في الجامعة الألمانية وحصلت على منصب مساعد لأبيها البروفيسور فيكتور روثموند (1870-1927)؛ فبسبب الحرب العالمية الأولى أصبح من الممكن للعالمات من النساء الحصول على مناصب أكاديمية (بوصفهن مساعدات) في العديد من الجامعات.
جيرترود كورنفيلد (فوسيتشه تسايتونج (برلين)، 1 / 11 / 1931).
بسبب الموقف السياسي والظروف الجديدة غادرت جيرترود كورنفيلد براج والجمهورية التشيكية في 1918 / 1919 وانتقلت إلى ألمانيا. وبوصفها مساعدة سابقة لفيكتور روثموند سرعان ما حصلت على منصب مساعدة للعالم الشهير ماكس بودنشتاين (1871-1942) في الكلية الفنية بهانوفر. وأقامت هناك من 1919 حتى 1923. وعندما حصل ماكس بودنشتاين على الأستاذية من جامعة برلين في 1923 تبعته جيرترود كورنفيلد بوصفها مساعدة في معهد الكيمياء الفيزيائية الخاص به. في 1928 أصبحت محاضرة في جامعة برلين في الكيمياء الفيزيائية، وكانت بذلك أول امرأة في هذا المجال في هذا المكان. علاوة على ذلك، احتفظت بمنصبها بوصفها مساعدة. كانت جيرترود كورنفيلد تحب التدريس وكانت مستشارة للعديد من رسائل الدكتوراه تحت إشراف بودنشتاين.
فقدت جيرترود كورنفيلد من جراء القوانين النازية مناصبها بوصفها محاضرة وكذلك مساعدة في جامعة برلين في خريف 1933، وأجبرت على الرحيل إلى المنفى. ذهبت مباشرة في 1933 لبريطانيا العظمى، وبفضل تعزيز مجلس الدعم الأكاديمي المنشأ حديثا، تلقت جيرترود كورنفيلد منحا قليلة، أولا في جامعة برمنجهام، ثم في جامعة فيينا، لكنها لم تحصل في المنفى على منصب يعادل في رفعته المنصب العالي نسبيا الذي كانت تتقلده في ألمانيا. وبفضل الاتحاد الأمريكي لنساء الجامعة حصلت على تأشيرة زيارة للولايات المتحدة في 1937 لتتمكن من البحث عن منصب أكاديمي. وأخيرا، أصبحت باحثة في شركة إيستمان كوداك بروشستر، نيويورك حيث عملت إلى أن وافتها المنية في 4 يوليو 1955.
كانت جيرترود كورنفيلد أول امرأة عملت محاضرة للكيمياء في جامعة ألمانية بين 1928 و1945. كان عليها أن تغير حياتها ومسيرتها العلمية ثلاث مرات، وتمكنت من العمل في البحث العلمي طوال فترة حياتها، أولا في الجامعات، ثم في الولايات المتحدة في معمل شركة صناعية كبرى. درست في البداية مشاكل الكيمياء العضوية، ثم مشاكل الكيمياء الفيزيائية، وأخيرا أجرت أبحاثا في الكيمياء الضوئية وعلم الحركة. في البداية درست الكيمياء الضوئية من منظور نظري، ثم درستها في المعمل الصناعي من منظور تطبيقاتها. وأصبحت جيرترود كورنفيلد رئيس مجموعة بحثية صغيرة في إيستمان كوداك؛ ومن ثم تمكنت من التعامل مع مشاكل المنفى بنجاح.
المراجع
Archive of the Berlin University: Phil. Fak. Nr. 1243, pp. 17-39 (thesis); PA Nr. 271 (personal file, 1929-1933, 19 pages).
Archive of the Charles University Prague: Matrikel, thesis documents.
Bio-bibliographical reports in:
Geschichte der Exakten Naturwissenschaften,
vol. III-VIIb. vol. VI (1937), p.1384; vol. VIIa (1958), p. 880 (Leipzig u. a. 1898).
Biographisches Handbuch der deutschsprachigen Emigration nach 1933 (International biographical dictionary of central European emigrés 1933-1945)
3 Volumes, vol. II,1 (without date of death) (eds. Röder, W. and Strauss, H. A.) (1980-1983) Saur Verlag, München, p. 651.
List of Displaced German Scholars, London, 1936.
SPSL Archive, Oxford: personal file 218/3, pp. 51-145 (personal file, 1933-1938 + 1955).
Vogt, A. (2007)
Vom Hintereingang zum Hauptportal? Lise Meitner und ihre Kolleginnen an der Berliner Universität und in der Kaiser-Wilhelm-Gesellschaft , Franz Steiner Verlag,
دوروثي مود رينش (1894-1976)
سالي هوروكس
واصلت دوروثي رينش - في بلدين مختلفين - سيرة علمية انطوت على منشورات في الرياضيات والفلسفة والفيزياء والكيمياء الحيوية. بداية، كانت عالمة رياضيات ناجحة تهتم بالفلسفة، وعلى وجه الخصوص المنهج العلمي، ثم انتقلت أبحاثها، في بداية الثلاثينيات، نحو الأحياء والكيمياء، بتطبيق خبرتها الرياضية على المسائل البنيوية. قوبل الهيكل الحلقي الذي اقترحته لجزيئات البروتين بالاستحسان في البداية، ولكن فيما بعد عارضه علماء بارزون، منهم لينوس باولنج، كما عارضه عدد متزايد من الأدلة التجريبية. وانعكست هذه الصراعات المهنية بالاضطراب في حياتها الخاصة. تزوجت مرتين وقضت معظم مسيرتها المهنية في مناصب أكاديمية ضعيفة غير ثابتة قريبة مكانيا من زوجها بدلا من أن تسعى لمناصب أكثر أمنا في أماكن أخرى. •••
ولدت دوروثي مود رينش في 13 سبتمبر 1894 في روزاريو بالأرجنتين، وكانت الابنة الكبرى لهيو إدوارد هارت رينش، مهندس ميكانيكي، وزوجته أدا ميني سوتر. ترعرعت في سوربيتون، بمقاطعة سري حيث التحقت بمدرسة سوربيتون الثانوية. في 1913 حصلت على منحة لكلية جيرتون جامعة كامبريدج حيث درست الرياضيات، محققة تقدير ممتاز في امتحانات الجزء الثاني في 1916، أما في العلوم الأخلاقية، التي استلهمت دراستها من برتراند راسل، فحصلت على تقدير جيد في امتحانات الجزء الثاني في 1917. أثناء السنة الأكاديمية 1917 / 1918 كانت باحثة في جيرتون، وفي 1918 حصلت على جائزة جامبل المحترمة (التي تمنح للخريجين المميزين ) من أجل عملها في الأعداد الموغلة. في العام نفسه تم تعيينها محاضرة في الرياضيات بكلية لندن الجامعية. بعد عامين في لندن عادت إلى جيرتون كزميلة بحثية في يارو. في 1921 حصلت على درجة الدكتوراه من جامعة لندن. أثناء هذه الفترة كانت من أفراد الدائرة المثقفة المحيطة ببرتراند راسل، وهي من عرفته على زوجته المستقبلية دورا بلاك، صديقتها من جيرتون. وفي هذه البيئة تشبعت بالأفكار المناصرة للمرأة والأفكار الاشتراكية. بعد زواجها في العام التالي من الفيزيائي الرياضي جون ويليام نيكلسون، الذي كان في ذلك الوقت زميل كلية باليول، ظلت في كامبريدج لمدة عام قبل أن تنتقل إلى أكسفورد حيث أصبحت مدرسة خصوصية لدوام جزئي في ليدي مارجريت هول وكذلك مدرسة في كليات أخرى للبنات في أكسفورد.
دوروثي مود رينش (
http://www.smith.edu/library/libs/ssc/subjscience.html ).
خلال هذه الفترة كانت أبحاثها منصبة على التحليل الكلاسيكي والميكانيكا الكلاسيكية والفيزياء الرياضية، والمنطق الرياضي ونظرية المنهج العلمي. في 1929 حصلت على شهادة الدكتوراه من جامعة أكسفورد، وبذلك كانت أول امرأة تنال هذا الشرف. وكانت نشطة في قسم الرياضيات التابع للجمعية البريطانية لتقدم العلوم، كما خدمت في اللجنة الدولية لتدريس الرياضيات. من أواخر عشرينيات القرن العشرين بدأت اهتماماتها البحثية في التنوع، فبعد أن عملت لفترة قصيرة في علم اجتماع تنشئة الطفل - ربما كاستجابة لجهودها الشخصية من أجل ربط عملها المهني بالأمومة بعد أن رزقت ابنتها باميلا في 1927 - انتقلت إلى البيولوجيا النظرية، وعلى وجه الخصوص تطبيق التقنيات الرياضية على المسائل البيولوجية. كانت أواخر العقد الثاني فترة عصيبة بالنسبة لرينش؛ ففي عام 1930 انفصلت رسميا عن زوجها، الذي وصفته بالعبارة التالية: «عالم رياضيات جيد دمر» (نتيجة لإدمان الخمور). انتهى زواجهما في 1938. خلال بدايات الثلاثينيات حضرت رينش دورات دراسية في فيينا وباريس لتنمية فهمها للأحياء والكيمياء. وفي 1932 كانت عضوا مؤسسا في تجمع علم الأحياء النظري، وهو عبارة عن مجموعة من علماء الكيمياء البيولوجية وعلماء البلورات المهتمين بشكل خاص بتركيب البروتينات والكروموسومات ، وكرست منشوراتها الأولى في مجالها الجديد لتقديم النماذج الجزيئية الممكنة للكروموسومات. وبعد ذلك تحولت إلى تركيب البروتينات ، وقوبلت أفكارها في البداية بالاستحسان، وكان ذلك ملحوظا في منتدى كولد سبرينج هاربور لعام 1938 حول البروتينات، ولكنها سرعان ما تورطت في نزاعات، ولا سيما مع لينوس باولنج، وأعربت عن استيائها مما وصفته بأنه معاملة غير منصفة من مجتمع كيميائي لا يرغب في إعطاء الدخلاء الحق في التعبير عن آرائهم والاستماع لهم.
عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية انتقلت إلى الولايات المتحدة، ولم يكن من السهل عليها الحصول على وظيفة؛ ربما لأنها تمكنت من استعداء الكثير من الشخصيات ذات النفوذ أثناء نزاعها سالف الذكر قبل أن تصل إلى الولايات المتحدة. قضت عامها الأول هناك كزميل زائر في قسم الكيمياء بجامعة جونز هوبكنز قبل أن تحصل على وظيفة أستاذ زائر مشترك في ثلاث كليات في ماساتشوستس، وهي أميرست وسميث وماونت هوليوك في 1941. ومما ساعد في حصولها على هذه الوظيفة زوجها المستقبلي الذي طالما ناصر نظريتها الحلقية، أوتو تشارلز جليزر، رئيس قسم الأحياء ونائب رئيس كلية أميرست. تزوج الاثنان في أغسطس 1941، ولحسن حظ رينش كانت هذه الزيجة ناجحة بخلاف زيجتها السابقة. ومنذ 1942 شغلت منصب أستاذ باحث في الفيزياء في كلية سميث، حيث عملت مع البروفيسور جلاديس أنسلو. وفي 1943 أصبحت مواطنة أمريكية، ورغم تمويلها المحدود للغاية فقد تمكنت من الاستمرار في أبحاثها. أشرفت على عدد محدود من الطلاب الجامعيين وأقامت منتديات، وفي الصيف كانت تحاضر في معمل الأحياء المائية في وودز هول بماساتشوستس الذي كان لزوجها علاقات وثيقة معه. شاركت مع جون فون نيومان في عمله الإحصائي في معهد الدراسات المتقدمة في برينستون. كما أنها واصلت الدفاع باستماتة عن نظرياتها المتعلقة بتركيب البروتين ضد الكثير جدا من الأدلة التي تنفيها.
واصلت رينش العمل في كلية سميث حتى تقاعدت في 1971 عندما انتقلت إلى وودز هول. وتوفيت عام 1976، بعد وفاة ابنتها باميلا إثر حريق.
العمل العلمي
تنقسم مسيرة رينش البحثية المنتجة إلى مرحلتين مهمتين. أثناء المرحلة الأولى ركزت جهودها على الرياضيات ولكنها نشرت عن المنطق وعن نظرية المعرفة، متأثرة ببرتراند راسل وهارولد جيفريز. تألف إنتاجها بين عامي 1919 و1929 من 42 منشورا، بعضها كان عملا مشتركا مع أبيها ومع زوجها. وبعد نشر كتاب في علم الاجتماع وهو «الانسحاب من الأمومة» باستخدام اسم مستعار هو جان أيلينج في 1930 حولت انتباهها إلى علم الأحياء النظري، منتجة 150 منشورا آخر، منها ثلاثة كتب: «تحويل فورييه والعوامل التركيبية» (1946)، و«الجوانب الكيميائية لتركيب الببتيدات الصغيرة» (1960)، و«الجوانب الكيميائية لتركيب سلسلة عديدي الببتيدات والنظرية الحلقية» (1965).
كانت بؤرة اهتمامها هي البحث عن حلول رياضية لمسائل التركيب في الجزيئات البيولوجية، ولا سيما البروتينات. كانت مرتبطة بشدة بنظريتها الحلقية الخاصة بتركيب البروتين، والتي طورتها في أواخر الثلاثينيات من القرن العشرين، وسعت لتركيب يستطيع أن يفسر امتزاج التنوع البيولوجي والوحدة التركيبية التي تتسم بها البروتينات، ويتطلب التركيب الذي اقترحته رابطا ثنائي البعد بدلا من الرابط الخطي بين مونومرات الحمض الأميني في البروتينات، الذي يشكل ألواحا وليس سلاسل. يؤدي طي هذه الألواح إلى مجموعات من المجسمات الثمانية الوجوه المغلقة، وغيرها من الأشكال المصمتة المكونة من بقايا الحمض الأميني. عندما اقترحت رينش الفكرة بدا أنها تتوافق تماما مع البيانات التجريبية الموجودة. وفي منتدى كولد سبرينج هاربور لعام 1938 الذي أقيم حول البروتينات أقنعت الكثير من المشاركين بقيمة عملها وكسبت دعم بعض العلماء البارزين، ومنهم إرفينج لانجموير. أقنعها ذلك ببدء تقديم نموذجها كنظرية وليس كفرضية عاملة. قوبلت أفكارها في البداية بالاستحسان، ويرجع ذلك في جزء منه على الأقل إلى أنها بدا أنها تقدم طريقة جديدة للتقدم في دراسة البروتينات التي كان يسيطر عليها علماء الكيمياء الفيزيائية الذين طالما رأوا أن البروتينات ليس لها تركيب جزيئي محدد. وكوفئت رينش بمنحة لمدة خمس سنوات من مؤسسة روكفلر لدعم عملها.
بدأت الاعتراضات على نظريتها في الظهور من بين مجتمع دراسة البلورات بالأشعة السينية، ولا سيما العاملين المرتبطين بجيه دي برنال، الذين عارضوا زعمها أن نظريتها مدعومة ببيانات الأشعة السينية. ألمح دبليو إتش براج إلى أن بيانات الأشعة السينية كانت في الواقع غير كافية لدعم تقييم حاسم لأي نظرية تركيبية. وربما ساهمت هذه الخلافات مع دارسي البلورات بالأشعة السينية في اتخاذها قرارا بالانتقال إلى الولايات المتحدة، حيث تورطت في نزاع حاد حول تركيب البروتين مع لينوس باولنج، الذي رأى - إلى جانب عدد من علماء الكيمياء الآخرين - أن التركيب الذي اقترحته، بالرغم من أناقته هندسيا، يتعارض مع المبادئ الأساسية لحقلهم المعرفي. وتبين أن هذا النزاع كان مدمرا للغاية لجهودها من أجل الحصول على وظيفة أو تمويل لأبحاثها وكذلك لإحساسها بالاطمئنان والرفاهية.
أما ارتباط رينش بجليزر والمناصب التي تمكن من أن يساعدها في الحصول عليها بعد عام 1941 فقد جلبت لها الاستقرار الشخصي الذي كانت تفتقده. وواصلت رينش في عملها العلمي دعم التركيب الحلقي الذي اقترحته وكرست جهودها البحثية لتعزيزه في مواجهة التهميش المتزايد للاتجاه الذي تتحرك إليه النقاشات حول التركيب الجزيئي للمركبات البيولوجية. وهمش دورها إلى جانب غيرها من العلماء الرواد الذين ركزوا على البروتينات عندما بدأت الأبحاث تتجه إلى الأحماض النووية في الخمسينيات. أما عن إسهامها الأطول بقاء بعد الحرب العالمية الثانية فهو في الغالب كتاب «تحويل فورييه والعوامل التركيبية» (1946) الذي استغل إلى أقصى درجة على جانبي المحيط الأطلنطي.
كانت دوروثي رينش عالمة رياضيات موهوبة لم تلق محاولاتها معالجة المسائل المثيرة للتحدي في مجال جديد التقدير الذي تستحقه من هؤلاء الذين عارضت رؤاهم. كثيرا ما جاءت التقييمات اللاحقة لعملها متحيزة ضدها أيضا، مصورة إياها في صورة المضللة العنيدة، أو متحسرة على عدم موافقة أي مؤسسة علمية ذكورية على تقدير عبقريتها. وقد جاءت هذه التقييمات المتباعدة نتيجة لدفاعها المستمر عن النظرية الحلقية في مواجهة الأدلة المتزايدة التي تدعم التأويلات البديلة واستعدادها لمواجهة خبراء يملكون من المعرفة الكيميائية أو البيولوجية أكثر مما تملك هي. ويرى المتعاطفون معها أن رفضها إعادة النظر في فرضيتها لا ينبغي أن ينقص من إسهاماتها الحقيقية في تطوير البيولوجيا الجزيئية من خلال منهجها الرائد، ولا يقلل من الحافز الذي قدمه عملها لدراسة البروتينات ولفكرة أن تركيب البروتين ينبغي التفكير فيه من ناحية البناء الجزيئي التفصيلي. وقد ظل كتابها «تحويل فورييه والعوامل التركيبية» (1946) من الأدوات المهمة التي يستخدمها علماء البلورات لسنوات طويلة.
المراجع
Abir-Am, p. G. (1987) Synergy or Clash: Disciplinary and Marital Strategies in the Career of Mathematical Biologist Dorothy Wrinch, in
Uneasy Careers and Intimate Lives, Women in Science 1789-1979 (eds p. G; Abir-Am and D. Outram), Rutgers University Press, New Brunswick, NJ, pp. 239-280.
Abir-Am, p. G. (1993) Dorothy Maud Wrinch (1894-1976), in
Women in Chemistry and Physics: A Biobibliographic Sourcebook , (eds Louise S. Grinstein, Rose K. Rose, and Miriam H. Rafailovich), Greenwood
Carey, C. W. Jr. (1999) Dorothy Maud Wrinch,
American National Biography
24 Oxford University Press, New York, pp. 69-71.
Creese, M. R. S. (2004) Dorothy Maud Wrinch (1894-1976), in
Oxford Dictionary of National Biography , Oxford University Press; online edn, Oct 2007
http://www.oxforddnb.com/view/article/53495 , accessed 28 July 2010.
Grinstein, L. S., Rose, R. K., and Rafailovich, M. H. (1993) Dorothy Maud Wrinch, in
Women in Chemistry and Physics: A Biobibliographic Sourcebook , (eds Louise S. Grinstein, Rose K. Rose, and Miriam H. Rafailovich), Greenwood Press, Westport, CT, pp. 605-612.
Hodgkin, D. C. and Jeffreys H. (1976) Obituary - Dorothy Wrinch,
Nature,
260, 564.
Laszlo, p. (1986) Dorothy Wrinch: the mystique of cyclol theory or the story of a mistaken scientific theory,
Molecular Correlates of Biological Concepts ,
vol. 34A of
Comprehensive Biochemistry , Elsevier Science
Rayner-Canham, M. and Rayner-Canham, G. (1998)
Women in Chemistry: Their Changing Roles from Alchemical Times to the Mid-Twentieth Century , American Chemical Society and the Chemical Heritage Foundation, Washington, DC.
http://www.agnesscott.edu/lriddle/women/wrinch.htm .
http://www-history.mcs.st-and.ac.uk/Biographies/Wrinch.html .
In DNB and American National Biography.
http://pubs.acs.org/doi/abs/10.1021/ed064p2 86.1
article on her by Linus
http://pubs.acs.org/doi/abs/10.1021/ed061p8 90
article to which Pauling is responding.
http://www-history.mcs.st-and.ac.uk/Printref/Wrinch.html
list of references-very useful.
http://jchemed.chem.wisc.edu/JCEWWW/features/echemists/Bios/.html .
هرتا سبونر (1895-1968)
أنيتا بي فوجت
كانت هرتا سبونر عالمة فيزياء ألمانية-أمريكية. ساهمت بأبحاث أساسية في مجال التحليل الطيفي، الذي أضحى مهما لعلماء الفيزياء والكيمياء على حد سواء، وساهمت بعمليها (اللذين نشرا في 1935 و1936) في تطبيق ميكانيكا الكم الحديثة. كانت هرتا سبونر تنتمي لمجموعة العالمات الألمانيات الصغيرة التي تمكنت من إرساء دعائم مسيرتين أكاديميتين منفصلتين، أولا في جامعة ألمانية، ثم لاحقا في جامعة أمريكية في المنفى. وقد تزوجت هرتا سبونر من جيمس فرانك الحاصل على جائزة نوبل. •••
ولدت هرتا سبونر (المعروفة أيضا باسم هرثا دوروثيا إليزابيث) في الأول من سبتمبر عام 1895 في بلدة نيسا في سيليشا، بالمنطقة الأوروبية المركزية التي تقع حاليا في بولندا. ترعرعت في كنف أسرة من التجار؛ ومن ثم حصلت على دعم أسري لم يمكنها فقط من الحصول على تعليم مدرسي جيد ولكن أيضا من الالتحاق بالجامعة؛ فالتحق كل أبناء سبونر: إخوتها، وهي نفسها وأختها الأصغر مارجوت (التي ولدت في 1898) بجامعات ألمانية. درست هرتا سبونر الفيزياء في جامعتي توبنجن وجوتنجن. في 1920 حصلت على شهادة الدكتوراه من جامعة جوتنجن برسالة بعنوان «عن الامتصاص الفائق للغاز ثنائي الذرة» التي أشرف عليها بيتر ديباي (1884-1966). في 1920 كانت طالبة دكتوراه عندما أصبحت مساعدة لجيمس فرانك (1882-1964)، الذي حصل فيما بعد على جائزة نوبل وكان يحتل منصبا في معهد القيصر فيلهلم للكيمياء الفيزيائية والكيمياء الكهربائية الذي يديره فريتز هابر (1868-1934) في برلين-داهليم. ومنذ ذلك العام بدأت صداقتهما وتعاونهما اللذان استمرا مدى الحياة. أصبحت هرتا سبونر من تلاميذ جيمس فرانك، وصارت صديقة مقربة منه ومن عائلته، ثم أصبحت فيما بعد (في 1946) زوجته (الثانية).
في 1921 تبعت هرتا سبونر جيمس فرانك إلى جامعة جوتنجن حيث عمل أستاذا وعملت مساعدة له. ومنذ عام 1921 حتى 1933 ظلت تشغل منصب المساعدة، وهو المنصب الوحيد في الجامعة الذي كانت تستطيع فيه أخذ أجر كعالمة من النساء. في 1925 أصبحت هرتا سبونر محاضرة خصوصية في جامعة جوتنجن بعد إنهاء اختباراتها التأهيلية، وفي العام نفسه حصلت على الزمالة، من مؤسسة روكفلر؛ لإجراء أبحاثها في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث عملت في 1925 و1926 في بيركلي. هناك في جوتنجن كانت تجري الأبحاث، خاصة في التحليل الطيفي. وفي 1932 رشحت لتكون أستاذا في جامعة جوتنجن. كانت هرتا سبونر وليزا مايتنر (1878-1968) في 1922 بجامعة برلين، وهيدفيج كون (1887-1964) في 1930 بجامعة بريسلو، هن العالمات الثلاث الوحيدات اللائي أصبحن محاضرات للفيزياء في الجامعات الألمانية بين عامي 1919 و1945، ونفيت العالمات الثلاث بسبب النازيين.
هرتا سبونر (في موشارت (1997)).
بسبب النظام النازي في ألمانيا ذهبت ثمار عمل علماء الرياضيات والفيزياء والكيمياء في جوتنجن أدراج الرياح بشكل أو بآخر. وعلى غرار الكثير من العلماء اليهود الألمان نفي جيمس فرانك، وتبعته هرتا سبونر - رغم كونها آرية - إلى المنفى؛ لأنها لم تكن ترغب في العيش تحت النظام النازي. عملت أولا، من 1934 وحتى 1936، في جامعة أوسلو، وفي 1936 هاجرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث عينت في جامعة ديوك في دورهام، بولاية كارولاينا الشمالية. وكان من أوائل مساعديها هناك عالم الفيزياء إدوارد تيلر (1908-2003).
عملت هرتا سبونر بجامعة ديوك من 1936 حتى تقاعدها في 1966، وأصبحت خبيرة معترفا بها عالميا في علم التحليل الطيفي، ولم يكن عملها يرتبط بالفيزياء فقط وإنما أيضا بالكيمياء. حصلت على معملها الخاص في جامعة ديوك حيث واصلت عملها في التحليل الطيفي بامتصاص الأشعة فوق البنفسجية القريبة. وكان من بين زميلاتها هيدفيج كون، بعد فرارها المأساوي من ألمانيا النازية عام 1939-1940. كانت هيدفيج كون أستاذا في كلية ويلزلي، وبعد تقاعدها عام 1952 التحقت بمعمل هرتا سبونر التي ساعدتها في الفرار عام 1939.
كانت هرتا سبونر خبيرة ناجحة جدا في التأكيد التجريبي بواسطة التحليل الطيفي، وكانت واحدة من رائدات البحث متعدد الاختصاصات؛ إذ جمعت بين المناهج الفيزيائية والمسائل الكيميائية، مطورة أبحاث التحليل الطيفي قدر الإمكان. بالإضافة إلى ذلك، كانت مدرسة ناجحة جدا لعشرات من طلاب الدكتوراه.
كانت أختها مارجوت سبونر (10 / 2 / 1898-27 / 4 / 1945 (قتلت)) باحثة في الدراسات الرومانية، ومدرسة بجامعة برلين، حيث حصلت على شهادة الدكتوراه الخاصة بها في 1935، وكانت مترجمة للغة الإسبانية، كما شاركت في أنشطة المقاومة ضد النازية؛ ولذلك، قتلت على يد الجستابو (الشرطة السرية النازية) في آخر أيام الحرب العالمية الثانية. ففي 27 أبريل عام 1945 أرديت رميا بالرصاص في فيلمرزدورف ببرلين، قبيل وصول الجيش الأحمر لتحرير هذه المنطقة.
في 1946 تزوجت هرتا سبونر صديقها وزميلها جيمس فرانك، وبعد وفاته وتقاعدها، ذهبت إلى ألمانيا حيث كان يعيش أقارب لها. ووافتها المنية في 17 فبراير عام 1968 في بلدة إلتن الصغيرة بالقرب من هانوفر.
وتمنح الجمعية الفيزيائية الألمانية منذ 2002 جائزة سنوية باسم هرتا سبونر لواحدة من الفيزيائيات الشابات؛ تشجيعا للمرأة على انتهاج سبيل العلم.
المراجع
Archive of the Kaiser-Wilhelm-/Max-Planck-Gesellschaft, Berlin.
Archive of the University of Göttingen.
Biographisches Handbuch der deutschsprachigen Emigration nach 1933 (International Biographical Dictionary of Central European Emigrés 1933-1945) (1983), vol. II,1 (without date of death) (eds. Röder, W. and Strauss, H. A.) (1980-1983) Saur Verlag, München.
Maushart, M. A. “Um mich nicht zu vergessen”: Hertha Sponer - ein Frauenleben für die Physik im 20. Jahrhundert,
GNT Verlag, Bassum/Stuttgart.
Ogilvie, M. and Harvey, J. (Eds) (2000)
The Biographical Dictionary of Women in Science.
Century , Routledge, New York and London, vol. 2, pp. 1220-1221.
Biographisch-Literarisches Handwörterbuch zur Geschichte der exakten (Natur)wissenschaften
Vol. III (1898), IV (1904), V (1926), VI (1937), p. 2515; VIIa (1956ff.), pp. 465-466; VIIb (1968ff.) Leipzig u. a.
Tobies, R. (1996) Physikerinnen und spektroskopische Forschungen: Hertha Sponer (1895-1968) in
Geschlechterverhältnisse in Medizin, Naturwissenschaft und Technik (eds C. Meinel, and M. Renneberg), GNT Verlag, Bassum/Stuttgart, pp. 89-97.
Vogt, A. (2008)
Wissenschaftlerinnen in Kaiser-Wilhelm-Instituten. A-Z. 2. erw. Aufl ., (Veröffentlichungen aus dem Archiv zur Geschichte der Max-Planck-Gesellschaft, Bd. 12), Berlin, pp. 176-177.
Vogt, A. (2007)
Vom Hintereingang zum Hauptportal? Lise Meitner und ihre Kolleginnen an der Berliner Universität und in der Kaiser-Wilhelm-Gesellschaft . Franz Steiner Verlag,
جيرتي تيريزا كوري (1896-1957)
ماريان أوفرينز
جيرتي كوري هي ثالث امرأة - بعد ماري كوري وإيرين جوليو-كوري - تحصل على جائزة نوبل، وكانت أول امرأة تحصل على جائزة نوبل في الطب. وقد تلقت الجائزة في 1947 مع زوجها لاكتشافهما التحويل التحفيزي للجليكوجين. •••
ولدت جيرتي تيريزا رادنيتز في 15 أغسطس 1896 في براج، وكانت الابنة الكبرى لمارتا وأوتو رادنيتز نويشتادت، الذي كان كيميائيا ومديرا لعدد من معامل تكرير السكر.
كان لجيرتي أختان أصغر سنا منها، هما لوتا وهيلدا.
وكما كان شائعا لدى من هم في طبقتها الاجتماعية في تلك الأيام، تلقت جيرتي تعليمها في المنزل إلى أن أصبحت في العاشرة من عمرها، وبعد ذلك ذهبت إلى مدرسة للبنات حيث تخرجت فيها عام 1912. لم تكن هذه الشهادة تؤهلها للالتحاق بالجامعة، حيث أرادت أن تدرس الكيمياء، ومع ذلك في سن السادسة عشرة قررت أن تدرس الطب؛ ولذا ذهبت إلى المدرسة الثانوية وهناك اجتازت الاختبار النهائي بعد سنتين.
جيرتي تيريزا كوري (مكتبة برنارد بيكر الطبية).
في 1914 قيدت جيرتي كطالبة في كلية الطب جامعة براج؛ لأنها اكتشفت أنها تستطيع دراسة الكيمياء الحيوية هناك. وأثناء عامها الأول قابلت جيرتي كارل فرديناند كوري الذي بدأ دراسته في العام نفسه. وقد كتب كارل بعد أكثر من خمسين عاما أنه منذ اللحظة التي التقيا فيها كان مبهورا «بسحرها وذكائها وحيويتها وروحها المرحة». ومنذ تلك اللحظة فصاعدا كانا يدرسان معا إلى أن جند كارل في الجيش النمساوي في الحرب العالمية الأولى، وفي 1918 عاد إلى براج حيث واصل دراسته. وبدأ تعاون جيرتي وكارل مرة أخرى واستمر حتى وفاتها في 1957، وفي 1920 حصل كل من جيرتي وكارل على شهادة الطب.
نظرا لأن كارل كان يريد التركيز على الجانب العلمي من الطب؛ فقد انتقل إلى فيينا، وهناك قسم وقته بين عيادة الجامعة للطب الباطني ومعهد الصيدلة.
بعد ستة أشهر لحقت به جيرتي، وفي 5 أغسطس عام 1920 تزوج كارل كوري وجيرتي رادنيتز.
بعد زواج جيرتي واصلت مسيرتها المهنية وحصلت على وظيفة في فيينا مساعدة في مستشفى كارولينن للأطفال، حيث تخصصت في طب الأطفال. ومع ذلك، وعلى غرار زوجها، كانت جيرتي مهتمة بالعمل العلمي الأساسي المحض.
نتيجة لاضطراب الأوضاع في أوروبا، قرر كارل وجيرتي أن يغادرا أوروبا بأي ثمن، فحصل كارل على وظيفة بمعهد ولاية نيويورك لدراسة الأمراض الخبيثة في بافالو (الآن معهد روزويل بارك التذكاري) حيث تتم معالجة المرضى بالأشعة السينية وأشعة الراديوم، وفي 1922 غادر إلى «نويا فيلت»، ومرة أخرى لحقت جيرتي بزوجها بعد ستة أشهر.
خلال الخمسة والعشرين عاما التالية كان عليها أن تقبل مناصب أدنى، وبأجور أقل، وأحيانا بلا أجر إطلاقا. عملت أخصائية أشعة في المعهد نفسه الذي عمل به كارل. كان العمل في معظمه روتينيا، وقضت جيرتي الكثير من وقتها المتبقي في مساعدة زوجها في أبحاثه، وعارض مدير المعهد ذلك بضراوة؛ ومن ثم عمدت منذ ذلك الوقت إلى إجراء أبحاثها لكارل في سرية أكبر. منذ بداية علاقتهما كان الزوجان كوري متوافقين تمام الاتفاق أحدهما مع الآخر: فخارج عملهما كانا يمارسان نفس الهوايات ولديهما نفس الاهتمامات، وكانا يناقشان معا تجاربهما التي أدت إلى نتائج ممتازة، وكثيرا ما كان أحدهما يبدأ الجملة لينهيها الآخر، وكان معارفهما يقولون عن هذا التعاون: يبدو كأن الاثنين يستخدمان عقلا واحدا. كانت دقة عملهما هي السمة المميزة لهما، ووفقا لجيه لارنر، الذي كتب سيرتها الذاتية، كانت جيرتي: «بلا شك مسئولة مسئولية أساسية عن تطوير المنهجية التحليلية الكمية.»
كانت السنوات التي قضاها الزوجان كوري في بافالو مهمة بالنسبة لهما؛ ففي هذا المكان أتيحت لهما الفرصة للتأقلم مع الحياة الأمريكية والعثور على البيئة الملائمة لأبحاثهما، وأنتجا ما يقرب من 100 منشور، فأثناء العشرينيات من القرن العشرين أجريا بحثا عن استخدام الجلوكوز في العضلات، وبحلول 1929 تمكنا من شرح كيفية حصول الثدييات على الطاقة اللازمة للتمرينات العضلية الثقيلة. وفقا لنظريتهما، ينتقل الجلوكوز في دورة من العضلة للكبد ثم للعضلة مرة أخرى، وأطلقا على ذلك دورة الكربوهيدرات، وأطلق الجميع عليها «دورة كوري».
دورة كوري.
في 1928 أصبح الزوجان كوري مواطنين أمريكيين عاديين.
عندما عين كارل كوري أستاذا في جامعة واشنطن بسانت لويس بولاية ميزوري، تبعته جيرتي وعينت مساعد باحث في الصيدلة. وهنا أيضا قامت بمعظم عملها في منصب أدنى، وكان راتبها 1500 دولار، وهو ما يساوي عشرين في المائة من راتب كارل، ولكنه كان أفضل بكثير من أي عرض تستطيع الحصول عليه في أي مكان آخر. في 1936 عزل الزوجان كوري من عضلات ضفدع أحادي فوسفات الجلوكوز (يطلق عليه حاليا أيضا إستر كوري)، الذي لم يكن وسيطا معروفا في تركيب الجلوكوز حتى تلك اللحظة.
في الوقت نفسه، كان قد بدا واضحا أن الإنزيمات مهمة جدا في هذه العملية؛ ولذا غير آل كوري اتجاه أبحاثهما نحو علم الإنزيمات، وأدى هذا إلى اكتشاف إنزيم فوسفوريلاز، الذي يحلل الجليكوجين إلى إستر كوري. بعد سنوات قليلة نجح معملهما في بلورة الفوسفوريلاز، ومن بعدها راحا يكتشفان إنزيما تلو الآخر، وكان لعملهما أثر عظيم على أبحاث مرض السكر وغيره من الأمراض الأيضية وعلاجها.
إستر كوري.
في أغسطس 1936 كان على جيرتي أن تقاطع أبحاثها لأسباب خاصة؛ فقد رزقت ابنها كارل توماس. عندما داهمتها آلام الولادة، كانت لا تزال تعمل في معملها، حتى إنها حملت منه مباشرة إلى مستشفى الولادة، وبعد ساعات قليلة وضعت مولودها، وبعد ثلاثة أيام عادت مرة أخرى إلى معملها.
في 1943 (أو 1944، اختلفت المصادر بخصوص هذا التاريخ) أصبحت جيرتي أستاذا مشاركا للكيمياء الحيوية في جامعة واشنطن، وأخيرا في 1947 شغلت منصب أستاذ في الجامعة.
منح الزوجان جائزة نوبل عن اكتشافهما التحويل التحفيزي للجليكوجين في 1947، بالمشاركة مع الأرجنتيني ألبرتو برناردو هوسيه؛ وبذلك كانت جيرتي كوري أول امرأة تحصل على جائزة نوبل في الطب، كما كانت أول امرأة أمريكية تحصل على جائزة نوبل في الأساس. قبل أسابيع قليلة من ذهاب جيرتي إلى حفل توزيع الجوائز، أخبرها طبيبها أنها تعاني من نوع فتاك من الأنيميا يطلق عليه الآن التليف النقوي وأنها ستعتمد فيما بقي من حياتها على نقل الدم.
خلال العقد الأخير من حياتها، وبالرغم من مرضها الخطير، واصلت جيرتي العمل، واكتشفت أن ثمة عيبا وراثيا هو السبب في تراكم الجليكوجين المرضي الإنزيمي في الأطفال.
في 26 أكتوبر عام 1957 توفيت جيرتي كوري بمرض في الكلى، عن عمر يناهز 61 عاما.
المراجع
Fölsing, U. (1191)
Nobel-Frauen. Naturwissenschaftlerinnen im Portraet , Verlag C. H. Beck Munich.
Kerners, C. (1991)
Nicht nur Frauen Marie Curie ... Frauen die den Nobel Prize Bekamen , Beltz Verlag, Weinheim und Basel.
McGrayne, B. S. (1996)
Nobel
Discoveries , Birch Lane Publishers, New York.
Creative Couples in the Sciences (eds.) Rutgers University Press, New Brunswick, New Jersey.
Strohmeier, R. (1998)
Lexicon der Naturwissenschaftlerinnen und naturkundigen und Frauen Europas. Von der Antike bis zum 20. Jahrhundert . Harri Deutsch Verlag, Thun und Frankfurt am Main.
إيدا نوداك-تاكه (1896-1978)
ماريان أوفرينز
كانت إيدا نوداك-تاكه، وزوجها فالتر نوداك، من مكتشفي عنصر الرينيوم. فبالاستناد إلى حقيقة أن هناك مكانا شاغرا في الجدول الدوري، حسبا سمات الرينيوم، وبعد سنوات من البحث، عزلا العنصر في 1925. •••
في 25 فبراير عام 1896 ولدت إيدا تاكه، وكانت الابنة الثالثة لصانع الطلاء ألبرت تاكه وزوجته هيدفيج دانر في لاكهاوزن بالقرب من فيزيل في راينلاند.
في السادسة عشرة من عمرها قبلت في مدرسة سانت أورزولا في آخن. بعد تجاوز الاختبار النهائي في هذه المدرسة درست إيدا الكيمياء في الجامعة التقنية ببرلين، وفي 1919 حصلت على دبلومة الهندسة.
في 1921 حصلت على شهادة الدكتوراه في معمل فاتفورشونج في نفس الجامعة التقنية، وكانت رسالتها بعنوان: أنهيدريدات الأحماض الدهنية الأليفاتية العليا. بعد ذلك حصلت على مناصب في برلين في شركة الكهرباء العامة ومصانع زيمنز أوند هايتسكه، وكانت أول امرأة تعمل في الأبحاث الصناعية في ألمانيا.
أثناء هذا العمل أصبحت إيدا متخصصة في التحليل الطيفي بالأشعة السينية، وكانت المناطق التي تخصصت فيها هي تحديد العناصر النادرة، وبحث أصل وتركيز العناصر في الطبيعة. علاوة على ذلك، بحثت إيدا التحديد الكمي لعناصر خاصة في المعادن والأحجار النيزكية، وأنتجت من أجل هذا طرقا جديدة للفصل والإخصاب.
في 1922 عينت إيدا تاكه عالمة زائرة في المعهد الفيزيائي التقني في برلين.
وهناك بدأت - جنبا إلى جنب مع رئيس المعمل، الكيميائي الدكتور فالتر نوداك - بحثا في العناصر التي يمكن أن تملأ عددا من الفراغات التي ما زالت موجودة في الجدول الدوري: الخانتان 43 و75 في المجموعة السابعة تحت المنجنيز. كان يشار إلى هذين العنصرين بأنهما عناصر «تحت المنجنيز»، وكانا شديدي الندرة ويوجدان في شكلين: شكل نقي، حوالي 1٪ في خام البلاتين، وشكل آخر أندر عشر مرات في أكسيدات الفلزات مثل الكولومبيت (النيوبيت).
أعطت إيدا تاكه وفالتر نوداك تخمينات دقيقة جدا عن الكتلة الذرية ونقطة الانصهار وحتى عن ألوان وأشكال بلورات والسلوك الكيميائي لكلا العنصرين. وبناء على هذه المعرفة اختارا الطرق الكيميائية اللازمة لعزل العنصرين اللذين يبحثان عنهما.
إيدا نوداك (متحف نساء عاملات).
أخيرا، نجحا في الحصول على 1 مجم من العنصر، لكنه فقد أثناء إجراء المزيد من الأبحاث الكيميائية. كان ذلك في منتصف الكساد العظيم بعد انهيار البورصة، وقد وصل التضخم إلى عنان السماء، وكان البلاتين الجديد باهظ الثمن.
لذلك بحثا عن 1 كجم من الكولومبيت، وحصلا منه، بعد صعوبات أكثر بكثير من خام البلاتين، على 1 مجم من عنصر جديد.
ذهبت إيدا به إلى شركة زيمنز أوند هايتسكه حيث درست العينة باستخدام منظار التحليل الطيفي بالأشعة السينية، جنبا إلى جنب مع أوتو برج. وأخيرا، في 11 يوليو تمكنا من ملاحظة الخطوط الطيفية للعنصرين 43 و75.
في 1925، نشرا ورقة بحثية تزعم أنهما قاما بهذا، وأطلقا على العنصر 75 اسم الرينيوم، المشتقة من الكلمة اللاتينية رينوس والتي تعني نهر الراين، وهي المنطقة التي جاءت منها إيدا؛ أما العنصر الثاني: 43، فأطلقا عليه مازيوريوم؛ تيمنا بمنطقة مازيوريا الموجودة في شرق بروسيا، وهي المنطقة التي جاء منها فالتر نوداك. وقد تم التصديق على عنصر الرينيوم فحسب.
لم يتمكنا من فصل العنصر 43 ولم تكن نتائجهما قابلة لإعادة الإنتاج، وحتى الآن لم يتم العثور على العنصر 43، الذي يطلق عليه الآن تكنيشيوم، في الطبيعة على الإطلاق. وفي 1937 تم إنتاجه اصطناعيا؛ لذلك ففي أثناء مؤتمر الاتحاد الدولي للكيمياء البحتة والتطبيقية في (1949) أطلق عليه تكنيشيوم. ومع ذلك، يشير العالمان أوتو هان وفريتز اشتراسمان في منشوراتهما بكثرة إلى عنصر المازيوريوم.
في السنوات التالية، قاما بمعالجة 660 كجم من الموليبدينيت، بدعم مالي من زيمنز أوند هايتسكه. وفي 1928 أنتجا أول جرام من الرينيوم الخالص.
الرينيوم.
كانت تكلفة البحث 50 ألف مارك ألماني. كان دور إيدا تاكه في هذا البحث غير قابل للجدل: إذ كانت تعمل في البحث الكيميائي مع فالتر نوداك وفي التحليل الطيفي مع أوتو برج، ومع ذلك، كانت إيدا في الحالتين هي العالمة الأساسية في البحث.
في 1926 اتسع التعاون بين إيدا تاكه وفالتر نوداك أكثر وأكثر؛ فمنذ هذه اللحظة شارك كل منهما الآخر في حياته أيضا: في 20 مايو تزوج فالتر من إيدا، ولم يرزقا أي أطفال، الأمر الذي قالت المصادر إنه كان صعبا جدا على كليهما.
تضافرت مسيرة إيدا نوداك المهنية بشدة مع مسيرة زوجها ونشرا معا نحو مائة ورقة علمية.
في 1934، بعد أن قصف إنريكو فيرمي ومجموعته في إيطاليا اليورانيوم بالنيوترونات، واستنتجوا أنهم أنتجوا العناصر التالية لليورانيوم؛ وهي عناصر صناعية أثقل من اليورانيوم، اقترحت إيدا نوداك أن ما فعله إنريكو فيرمي هو تقسيم ذرات اليورانيوم إلى نظائر عناصر معروفة وليس بأي حال من الأحوال الإضافة لذرات اليورانيوم من أجل إنتاج عناصر أثقل غير معروفة. وكانت هذه الفكرة وقتها شديدة الجرأة.
قدمت إيدا وجهة نظرها هذه في سبتمبر عام 1934 في مقال بعنوان «عن العنصر 93» نشرته في مجلة الكيمياء العملية، ويمكننا الآن بعد سنوات طويلة القول إن هذه الفكرة كانت غاية في الذكاء والألمعية.
لم تكن الأفكار السائدة في ذلك الوقت عن تركيب النواة الذرية لتمنع إيدا من أن تنصح فيرمي بأن يفصل أولا كل العناصر المعروفة - وليس فقط العناصر التي تتراوح أعدادها الذرية بين 82 و92 - قبل أن يزعم أنه وجد عناصر جديدة أوزانها 93 و94 ... إلخ. وكتبت: «يمكن للمرء أن يتخيل أنه عند قصف نواة ثقيلة بالنيوترونات سوف تتفتت هذه النواة إلى أجزاء أكبر نسبيا هي نظائر لعناصر معروفة، وليس عناصر مجاورة للعناصر المشعة.» كان من الممكن أن تضع هذه الملاحظة قدم المجتمع الكيميائي الإشعاعي على الطريق الصحيح، ولكن - وكما علق أوتو هان فيما بعد في سيرته الذاتية على ذلك: «كان اقتراحها يتعارض بشدة مع الأفكار المقبولة وقتها حول النواة الذرية؛ ولذا لم يحظ بمناقشة جدية على الإطلاق.» وفي 1939، بعد إجراء الكثير من العلماء للمزيد من الأبحاث، اكتشف كل من أوتو هان وفريتز اشتراسمان وليزا مايتنر أن نوداك كانت على حق، وأطلقوا على هذه العملية الانشطار النووي.
في 1938 تلقى فيرمي جائزة نوبل على خطئه.
في الوقت نفسه نشر الزوجان نوداك وتاكه المعادلات الكيميائية والفيزيائية للعناصر التالية لليورانيوم إلى العنصر 118 الذي كان حتى ذلك الوقت مجهولا، كما نجحا في اكتشاف نشاط إشعاعي طبيعي في خام البلاتين.
بدأ فالتر نوداك بعد الحرب دورة دراسية في الجيولوجيا في الجامعة الكاثوليكية في بامبرج.
عملت إيدا مع فالتر نوداك في المعهد الجيوكيميائي في بامبرج حتى وفاة الأخير في 7 ديسمبر 1960.
كان الزوجان نوداك مشهورين جدا بين طلابهما وزملائهما في العمل، وكانوا يعاملونهما كندين (لا يمكن لأحد أن يفوقهما في الشرب وإن حدث العكس عدة مرات).
ظلت إيدا تعمل في المعهد حتى عام 1968، عندما تقاعدت عن العمل عن عمر يناهز 72 عاما، وبعد تقاعدها واصلت أبحاثها، وأجرت أبحاثا، مع آخرين، حول الذوبانية الكيميائية لحصوات الكلى.
توفيت إيدا نوداك-تاكه في 24 سبتمبر عام 1978 في دار للمسنين على نهر الراين حيث قضت آخر سنوات حياتها، وبناء على وصيتها الأخيرة تم إحراق جثتها ودفن رمادها في قبر فالتر نوداك في بامبرج. •••
شكر خاص للأستاذ الدكتور بيتر فان آسكي، لوفن، ودكتور ريناتا شتروماير، فرانكفورت.
المراجع
Angermeyer, Dr. E. (1987)
Grosse Frauen der Weltgeschichte. Tausend Biographien in Wort und Bild . Neuer Kaiser Verlag-Buch und Welt, Klagenfurt.
Assche, p. H. M. van (1989)
De ontdekking van de Kernsplijting, een kettingreactie van gemiste kansen . Natuur en Techniek ’89, 57. 3, 170-183.
Assche, p. H. M. van (1988)
Ignored priorities: first fission fragment (1925) and first mention of fission (1934) . In: Nuclear Europe 6-7/1988.
Assche, p. H. M. van (1988)
The ignored discovery of the element Z=43
in:
Nuclear
A480 205-214.
Kass-Simon, G., & Farnes, p. (1990)
Women of science; righting the record . Indiana University Press, Indiana.
Kerner, C. (1986)
Lise, Atompysikerin . Beltz Verlag, Weinheim & Basel.
Noddack, W., Tacke, I. und Berg, O. (1988)
Die Ekamangane. The Ekamanganese elements , Translated by G. Michiels and p. van Assche. Studiecentrum voor Kernenergie, Mol.
Grand Obsession. Madame Curie and her world . Doubleday, New York.
Sime, R. (1996)
Lise Meitner, a life in physics . University of California Press, Berkeley, Los Angeles, London.
Tilgner, H. G. (1999)
Forschen, Suche und Sucht. Kein Nobelpreis für das Deutsche Forscherehepaar das Rhenium entdeckt hat. Eine Biographie von Walter Noddack (1893-1960) und Ida Noddack-Tacke (1896-1978) . Hans Georg Tilgner, Books on Demand GmbH, Mülheim an der Ruhr.
إيلونا كيلب-كاباي (1897-1970)
إيفا فاموس واستيفان برودر وكتالين نياري-فارجا
أجرت إيلونا كيلب أهم أبحاثها مع زوجها يانوس كاباي، وكان هذا البحث يهدف لتطوير طريقة للإنتاج واسع النطاق للمورفين من نبات الخشخاش الأخضر. نفذت العملية المسجلة ببراءة اختراع في مصنع أنشأته الأسرة عام 1927 في تيسافاشفاري، وهي قرية في شمال شرق المجر، وما زال هذا المصنع يعمل حتى الآن.
كانت إيلونا كيلب ثالث امرأة تحصل على درجة الدكتوراه في الكيمياء في المجر، والأولى - وحتى الآن الوحيدة - التي تعرض صورتها في المعرض الدائم للمتحف الكيميائي التابع للمتحف المجري للعلوم والتكنولوجيا والنقل في فاربالوتا. تخلت إيلونا عن مسيرتها المهنية ككيميائية عندما توفي زوجها في 1936 عن عمر يناهز 39 عاما، وبعد تأميم المصنع في 1948 غادرت إلى النمسا، واستقرت نهائيا في أستراليا مع طفليها. •••
ولدت إيلونا كيلب في كاسا (كوشيتسي حاليا في سلوفاكيا) في الخامس والعشرين من سبتمبر عام 1897. سيطر الفقر على شبابها ودراستها نظرا لوفاة والدها، الذي كان كولونيلا في الجيش المجري، في سن صغيرة، واضطرت إيلونا التي كانت أصغر أخواتها الثلاث إلى العمل لتمويل دراستها في سن الخامسة عشرة؛ ولذا التحقت بوظيفة في وزارة الزراعة ولم تستطع ارتياد المدرسة الثانوية، ومع ذلك اجتازت الامتحان النهائي بتميز واضح كطالبة خاصة. وبعد أن انتقلت الأسرة إلى بودابست، التحقت بكلية الفلسفة بجامعة العلوم لتدرس الكيمياء، وهناك حظيت بفرصة الدراسة على يد أفضل الأساتذة المجريين في ذلك الوقت. ومن الطريف أن نذكر أن أحدهم - الكيميائي التحليلي الشهير لايوس فينكلر - نشر ورقة بحثية قال فيها إن حرق قش الخشخاش كوقود محض جنون؛ لأن هذه الخطوة تدمر قدرا هائلا من المورفين شبه القلوي الموجود في كل أجزاء نبات الخشخاش. كان المورفين ومشتقه الكودايين، وما زالا، يستخدمان في الطب كمسكنات ممتازة للألم. كانت موهبة إيلونا واجتهادها محل تقدير لدرجة أنه سمح لها بحضور دورة البروفيسور جيزا زمبلين الدراسية في الكيمياء العضوية بالجامعة التقنية حيث كان الطالبات يمنعن تماما من الحضور.
إيلونا كيلب (
http://magyarmuzeum.org/uploaded/images/20080313-131642_0.jpg ).
أعدت إيلونا كيلب رسالة الدكتوراه الخاصة بها في سرعة انتشار اليود في المذيبات المختلفة، وحصلت على الدكتوراه في الكيمياء بتفوق، وسرعان ما شغلت في 1924 وظيفة باحث في المحطة التجريبية للأعشاب الطبية، حيث بدأت التعامل مع تحليل محتوى المورفين في نبات الخشخاش. وبمحض الصدفة حصل صيدلي شاب - يانوس كاباي (1896-1936) - على وظيفة في المعهد نفسه في العام نفسه، وكان مشغولا بالبحث في محتوى المورفين لنبات الخشخاش الأخضر. التقى العالمان الشابان، ووقعا في الحب، وتزوجا في 1925. وفي ديسمبر من العام نفسه انتقل الزوجان الشابان إلى شقة إيلونا كيلب في بودابست، وكان هذا حلا مناسبا لهما لأنهما رزقا في مارس من عام 1926 طفلهما الأول، وساعدت والدة إيلونا في الاعتناء بالصغير أثناء تواجد الزوجين في العمل.
قبل أن ينقضي عام 1925، سجل يانوس كاباي براءة اختراع عملية الإنتاج واسع النطاق للمورفين من نبات الخشخاش الأخضر. على الرغم من أن عمل إيلونا كيلب التحليلي كان ذا أهمية عظيمة في إنجاز زوجها، إلا أنها لم ترغب في ذكر اسمها في براءة الاختراع كشريك في الاختراع.
نظرا لأن صناعة الأدوية لم تدعم عمل كاباي؛ فقد ترك الزوجان وظيفتيهما في المحطة، وانتقلا إلى محل ميلاد الزوج الشاب في المجر الشرقية (تيسافاشفاري). وهناك جمعت الأسرة مواردها المالية وأنشأت شركة «مصنع كيماويات ألكالويدا»، وبدأ الإنتاج في تيسافاشفاري في 1927. في ذلك العام كان الطقس متغيرا على نحو خاص، ونتيجة الحرارة الشديدة بدأت عملية التخمر في مستخلص الخشخاش الخام؛ الأمر الذي سبب خسائر فادحة في المحصول، وبلغ إنتاج المورفين بالكامل 1900 جرام فقط؛ مما أدى إلى إحباط المساهمين.
أرسل المصنع المنتج إلى كلية الصيدلة بالجامعة للحصول على رأيهم، فأكدوا أن المنتج يفي بمتطلبات الكثير من دساتير الصيدلة الأوروبية، وأيضا دستور صيدلة الولايات المتحدة الأمريكية. أعجبت الجامعة بالنتائج واسعة النطاق، وعبرت عن رأيها في أنه سيكون من المستحب أن تسمح شروط المصنع بالاستغلال المناسب لهذا «الاختراع المجري الخاص» في البلد. ساعدت هذه الفكرة المستحسنة المصنع في الحصول على قرض من الدولة، إلا أن هذا القرض لم يغط نفقات التطوير، وأنقذ المصنع على يد بيتر أخي يانوس الذي باع صيدليته. مع ذلك، كان من الضروري حل مشكلة نقل نبات الخشخاش لضمان الإنتاج المتواصل. تم حل المشكلة على يد اختراع يانوس كاباي الجديد: آلة تسمح باستخلاص المورفين من النبات على الفور. في يناير 1929 قال المساهمون إنه سيكون من المستحسن أن يستخلص المصنع 100 كجم من المورفين الخام في السنة، وتطلب هذا تكبير المبنى وشراء معدات جديدة؛ الأمر الذي أدى إلى جعل الشركة على وشك الإفلاس ، ومع ذلك، ظلت الشركة باقية.
في 1931 سجل كاباي عملية الحصول على المورفين من قش الخشخاش المجفف، الذي كان حتى ذلك الوقت نفايات غير مستغلة لمعالجة الخشخاش. فيما بعد وسعت العملية إلى رءوس نبات الخشخاش المجففة لأن محتوى المورفين فيها أعلى بكثير من الموجود في القش، وكانت تحاليل إيلونا كيلب وتنظيمها المنهجي لعمل زوجها من أهم العوامل المساعدة له على النجاح.
أدت صعوبات الإنتاج وعدم ثقة الدائنين وانعدام الانسجام بين أفراد العائلة - ولا سيما غيرة أخيه بيتر الصيدلي - إلى دفع كاباي إلى تبادل الأماكن مع أخيه؛ فترك له إدارة الإنتاج وانتقل إلى بودابست مع أسرته، للمكتب المركزي للشركة في العاصمة. وهناك استأجر الزوجان معملا في معهدهما السابق ليستطيعا استكمال أبحاثهما معا كما في الأيام الخوالي.
في الوقت نفسه توسع الإنتاج إلى الكودايين وغيره من مشتقات المورفين، ومرة أخرى كانت هناك حاجة ماسة لموهبة إيلونا التحليلية لتطوير طرق لتحليل المنتجات الجديدة.
في إحدى المناسبات، أثناء إقامة كاباي في العاصمة في 1933، دعاه وزير الصحة لعشاء نظمه على شرفه، وكان من بين الحضور أعلى مسئولي الوزارة واتحاد الشرطة والأطباء. وظل الوزير يمدح مناقب الزوجين كاباي لما يقرب من ساعة، حتى إن يانوس اغرورقت عيناه بالدموع فرحا عند سماع مدى تقدير المتحدث لزوجته إيلونا.
أخيرا، في 1934، بدا أن الأحوال قد تحسنت بالنسبة للشركة وليانوس كاباي أيضا؛ فقد كان ثمة مصنع يبنى في بولندا بالاستناد إلى عمليته المسجلة وإلى تصميماته الخاصة، وكان عليه أن يشرف شخصيا على تقدم عملية البناء والخطوات الأولى في الإنتاج، وكان هذا يعني أنه يضطر للغياب عن الشركة لفترات تطول وتقصر، ولمرات عديدة. وأثناء غيابه، أدارتها إيلونا - الشخص الوحيد الذي يستطيع دوما الاعتماد الكلي عليه - الأعمال؛ لأنها كانت على دراية كاملة بكل خطوة من خطوات الإنتاج.
في خضم كل هذا العمل، وفي 1936، توفي يانوس كاباي فجأة - في الغالب نتيجة خطأ طبي - في التاسعة والثلاثين من عمره، وواصلت إيلونا كيلب العمل رئيسا لشركة «ألكالويدا» لفترة قصيرة. وبعد وفاة زوجها أنهت سلسلة الأبحاث التي بدأت بناء على طلب لجنة العقاقير المخدرة التابعة لعصبة الأمم، وأرسلت تقريرا بنتائجها إلى مقر العصبة في جنيف، ونشرت ورقتها البحثية في نشرة الجمعية المجرية للعلوم (الطبيعية) في 1936، إلا أنها تقاعدت بعد ذلك وتوقفت عن التعامل مع الكيمياء والصيدلة للأبد.
عندما أممت شركة «ألكالويدا» في 1948، غادرت إيلونا المجر متجهة إلى النمسا مع ولديها، وعاشت منذ عام 1950 حتى وفاتها في سيدني، بأستراليا. واليوم تخلد ذكراها صيدلية تحمل اسمها في تيسافاشفاري، وتقع الصيدلية في شارع يانوس كاباي.
في تاريخ العلم كثيرا ما نقابل رجالا حققوا إنجازات عظيمة مع زوجاتهم اللائي كن بمثابة الرفيق، ليس فقط في الحياة، وإنما أيضا في العمل. كانت إيلونا كيلب هي ذلك الرفيق للمخترع العظيم يانوس كاباي، وكانت ترغب دائما - رغم مهاراتها الممتازة في مهنتها - في البقاء في الظل، إلا أن العملية الفريدة لإنتاج المورفين من نبات الخشخاش المجفف، والمصنع الذي ينفذ العملية كما اخترعه ونفذه زوجها، لم يكن ليظهر للنور دون مساعدتها وإسهامها في إجراء كل الأعمال التحليلية المطلوبة في الإنتاج ومراقبة جودة المنتج. كانت هي بعقلها وعينها من اكتشفت أن محتوى المورفين في نبات الخشخاش يختلف اختلافا كبيرا باختلاف منطقة المصدر، عن طريق المنهجة المثابرة لنتائج تحليل المادة الخام. ولأن هذا قد ينجم عن التربة أو البذور فقط، قررت إمداد جميع زارعي الخشخاش بالبذور من المنطقة التي أنتجت النباتات ذات أعلى محتوى مورفين. ومنذ ذلك الحين، كان بالإمكان الحد من الاختلافات التي جعلت من الصعب الوصول لإنتاج منتظم؛ ولذا فإن العمل التحليلي، الذي كثيرا ما يعتبر ذا أهمية ثانوية، يمكن أن يفيد في تحسين النتائج التكنولوجية.
ثمة إسهام آخر مهم لتاريخ العلم قدمته إيلونا كيلب وهو مذكراتها، التي ساعدت ابنها جون جيه كاباي، وغيره، في تأليف كتاب عن حياة أبيه وكفاحه من أجل اختراع عملية إنتاج جديدة ومهمة لعقاقير لا غنى عنها في الطب.
المراجع
Hosztafy, S. (1997) 100 éve született Kabay János, a magyar morfingyártás megalapítója. (János Kabay, the founder of Hungarian morphine manufacture, was born 100 years ago.)
Élet és Tudomány.
Kabay, J. J. (1992)
Kabay János Magyar Feltaláló Elete . (Life of the Hungarian Inventor János Kabay). Alkaloida Vegyészeti Gyár Részvénytársaság, Tiszavasvári.
ünnepségek a Magyar Vegyészeti Múzeumban. Náray-Szabó István és Kelp Ilona arcképének leleplezése. (Inauguration of two portraits in the Hungarian Museum of Chemistry: The inauguration of the portrait of István Náray-Szabó and that of Ilona Kelp (1897-1970))
Magyar Kémikusok Lapja , 52 (12).
Varga-Nyári, K. Kelp Ilona (1897-1970). Társ, nemcsak az életben. (Ilona Kelp (1897-1970). Companion, not only in life).
إيرين جوليو-كوري (1897-1956)
ريناتا شتروماير
كانت إيرين جوليو ثاني امرأة، بعد أمها ماري كوري، تحصل على جائزة نوبل في الكيمياء. •••
في 1937 كانت إيرين جوليو-كوري على وشك اكتشاف الانشطار النووي؛ نتيجة لخبرتها الهائلة في الكيمياء الإشعاعية. فبالتعاون مع الفيزيائي بافلي سافيتش من يوغوسلافيا بينت إيرين إنتاج نظير مشع يبلغ عمر النصف له 3,4 ساعة عن طريق قصف اليورانيوم بالنيوترونات. وفي منشورهما عام 1938 أساءا تفسير المشاهدة، وظنا أنهما اكتشفا عنصرا جديدا شديد الشبه بعنصر اللانثانوم. عند متابعة هذه التجارب وصف عالما الكيمياء أوتو هان وفريتز اشتراسمان في 1938 انشطار اليورانيوم بفعل النيوترونات. وكان هذا الاكتشاف مبنيا على تفسير ليزا مايتنر وأوتو فريش (عالما الفيزياء) بانقسام نواة اليورانيوم إلى نواتين لهما نفس الكتلة تقريبا. وتذكر مساعد شاب لإيرين ملاحظة فريدريك أنه إذا كان تعاون مع زوجته لاكتشفا الانشطار النووي قبل الفريق الألماني. وبعد أن أضاعت إيرين جوليو-كوري اكتشاف النيوترونات، كانت هذه هي المرة الثانية التي تضيع فيها جائزة نوبل أخرى بفارق تافه يكاد لا يذكر.
إيرين وفريدريك جوليو-كوري معا في معملهما بمعهد الراديوم في أواخر عشرينيات القرن العشرين.
فازت إيرين جوليو-كوري بجائزة نوبل في الكيمياء عام 1935 بالمشاركة مع زوجها فريدريك جوليو-كوري «تقديرا لتخليقهما عناصر مشعة جديدة». لم يكن اكتشافهم للنشاط الإشعاعي الصناعي خطوة عظيمة في سبيل تطوير الفيزياء النووية فحسب، ولكنه أدى على نحو مباشر أيضا إلى إمكانية الحصول على نظائر مشعة، تستخدم الآن على نطاق واسع في الأبحاث الطبية والبيولوجية، وبدونها لم يكن للطب النووي أن يوجد. وحتى اكتشافهما، كانت دراسات التحلل الإشعاعي تفترض أن المواد الموجودة في الطبيعة فقط تنحل تلقائيا بانبعاث الإشعاع. وعن طريق قصف البورون والألومنيوم بجزيئات ألفا أنتجا نيتروجينا مشعا وفسفورا مشعا. وهذان العنصران وغيرهما من العناصر المنتجة بطرق مشابهة، والتي لا توجد في الطبيعة، ينحلان تلقائيا خلال فترات قصيرة جدا بانبعاث بروتونات موجبة أو إلكترونات سالبة.
عندما حصلت إيرين جوليو-كوري على شهادة الدكتوراه في 1925 كانت بالفعل موضع احتفاء كعالمة شابة؛ ونظرا لاسمها الشهير ولدعم أمها لها لم تضطر إيرين إطلاقا للكفاح من أجل الحصول على فرص للعمل ونجحت في الاستفادة التامة منهما.
حصلت إيرين على وظيفتها الأولى بمعهد الراديوم، الذي أسسته أمها، وظلت هناك طوال مسيرتها المهنية، ويعلق بينسود-فينسنت على ذلك قائلا: «إيرين لم تغادر قط محراب أسرة كوري لتغامر بالدخول إلى عالم مجهول. كان من الواضح جدا بالنسبة لها أن عليها أن تتبع خط سير أمها؛ لدرجة أنها لم تفكر قط في إمكانية اختيار نهج آخر في الحياة.»
وفي معهد الراديوم في 1924 قابلت زوجها فريدريك جوليو (1900-1958)، الذي كان أحد طلاب الدكتوراه لدى أمها. وبدأ التعاون عن قرب بينهما بعد أن أنهى بحثه لدرجة الدكتوراه عام 1930 وانتهى بعد خمس سنوات بحصولهما على جائزة نوبل في الكيمياء.
أما عن ابنهما؛ فقد أصبح فيزيائيا مثل جده بيير كوري وأبيه، ورشح أيضا للأكاديمية الفرنسية للعلوم، وكذلك سلكت أخته إيلين لانجفان-جوليو نفس مجال أبويها وجديها، ولكن على غرار أمها وجدتها، فشلت في أن تصبح عضوا في الأكاديمية الفرنسية للعلوم.
منذ نعومة أظفارها، كان من الواضح أن إيرين تتمتع بذكاء شديد وموهبة متميزة في الرياضيات. بالنسبة لماري، كان تعليم بناتها له أهمية قصوى؛ لذا فعندما أنهت إيرين دراستها في المدرسة الابتدائية ولم تجد أمها مدرسة ثانوية مناسبة لها أسست «مدرسة تعاونية». في هذه المؤسسة البديلة، تعاونت مع بعض زملائها العلماء المشهورين في تعليم بعضهم أطفال بعض. ولمدة عامين درست ماري كوري الفيزياء ودرس بول لانجفان الرياضيات، ودرس جان بيران (الذي حصل على جائزة نوبل في 1926) الكيمياء. وعندما أغلقت المدرسة التعاونية بعد عامين، ذهبت إيرين إلى كلية سافينيا، واجتازت اختبار الثانوية قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى مباشرة. أثناء الحرب تمكنت ماري كوري من اختراع أجهزة أشعة سينية محمولة، وساعدت الفرق الطبية على تشغيلها. وكانت إيرين في البداية تعاون أمها على الجبهة الشمالية، ثم أصبح لها فيما بعد فريق التمريض الخاص بها.
بدأت مشروعها البحثي المهم الأول مع زوجها في 1931، عندما درسا معا آثار الاكتشافات الأخيرة لبوته وبيكر اللذين وصفا أشعة مخترقة جديدة، وهي أشعة جاما أو الأشعة الكهرومغناطيسية. ولهذا الغرض استخدم الزوجان جوليو-كوري أشعة ألفا من مصدر بولونيوم قوي جدا لقصف صفائح رقيقة من مواد مختلفة. عندما كانت المواد تحتوي على هيدروجين كانا يلاحظان إشعاعا جديدا وهو ما افترضا أنه أنوية الهيدروجين (بروتونات). نتيجة لسوء الفهم هذا أضاع الزوجان اكتشاف النيوترونات، وعلى الفور اكتشف جيمس شادويك (1891-1974) أهمية نتائجهما ونشر بعد شهر واحد دليلا تكميليا معلنا اكتشاف النيوترونات، وهو ما حصل من أجله على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1935، نفس العام الذي حصل فيه الزوجان جوليو-كوري على جائزة نوبل في الكيمياء. لم يكن التمييز بين الفيزياء والكيمياء الإشعاعية واضحا في ذلك الوقت. كان معهد الراديوم يركز على الكيمياء بدرجة كبيرة، على عكس المجموعات البحثية الأوروبية الأخرى التي كانت تركز على الفيزياء النووية (مثل معمل كافنديش (المملكة المتحدة)، معهد القيصر فيلهلم (ألمانيا)، معمل فيرمي (إيطاليا)). وربما يكون هذا هو السبب وراء حصول أعضاء هذه المعامل على جوائز نوبل أخرى، قدم آل كوري النتائج التجريبية الأساسية لها.
بعد حصولهما على جائزة نوبل، انفصلت مسيرة جوليو-كوري المهنية وانتهى تعاونهما البحثي. أصبحت إيرين أستاذا بجامعة باريس، وتابعت البرنامج البحثي الذي أطلقه والداها في معهد الراديوم، ودرس فريدريك في كلية فرنسا وأسس معمله الخاص، وأصبح الرائد الفرنسي في الفيزياء النووية عندما أسس تفاعلا نوويا تسلسليا مع معاونيه في 1939.
وصل نشاط إيرين جوليو-كوري السياسي إلى ذروته في 1934-1935 عندما انضمت إلى لجنة تأهب المثقفين المناهضين للفاشية، وفي وقت لم يكن فيه النساء يمتلكن حتى حق الاقتراح، أصبحت هي «سكرتير الدولة الثاني للبحث العلمي» تحت حكم الجبهة الشعبية؛ وهي الحكومة الاشتراكية لعام 1936. قبلت إيرين المنصب مدفوعة بالأفكار المناصرة للمرأة، ولكن واجباتها اليومية كانت من الكثرة بحيث منعتها من أن تفي بمتطلبات منصبها، وكان هذا غالبا هو سبب استقالتها بعد شهرين. ولإثبات تمييز الأكاديمية الفرنسية للعلوم ضد المرأة وكرهها لها تقدمت لعضوية الأكاديمية أربع مرات بين عامي 1951 و1954 رغم توقعها رفض عضويتها. وحتى الطلب الذي تقدمت به لعضوية الجمعية الأمريكية الكيميائية رفض في 1953، وإن كان ذلك لأسباب سياسية؛ إذ كانت إيرين ضحية نشاط زوجها السياسي الشيوعي الذي أفقدها منصبها بوصفها رئيس قسم الكيمياء في لجنة الطاقة الذرية الفرنسية.
وعلى غرار أمها، عانت إيرين من سرطان الدم، الذي ربما تسبب فيه فرط تعرضها للأشعة السينية وأشعة جاما؛ إذ تعرضت لها منذ وقت طويل أثناء الحرب العالمية الأولى عندما كانت تعمل فني أشعة في المستشفيات العسكرية والمعامل. أيضا لم تعترف إيرين، مثل أمها، بمخاطر النشاط الإشعاعي، التي كان العلماء يشتبهون فيها منذ أواخر عشرينيات القرن العشرين.
المراجع
Anonymous (1972) Distinguished nuclear pioneers, Frédéric and Irène Joliot-Curie,
Journal of Nuclear Medicine,
13 (6), 402-406.
Bensaude-Vincent, B. (1996) Star scientists in a nobelist family. Irène and Frédéric Joliot-Curie. in
Creative Couples in the Sciences . (eds H. M. Pycior, N. G. Slack, p. G. Abiram) Rutgers University Press, New Brunswick, NJ.
Brain, D. (2005)
The Curies. A Biography of the Most Controversial Family in Science . John Wiley & Sons, Inc., Hoboken, NJ.
Curie, È. (1952)
Madame Curie , Fischer Verlag, Frankfurt am Main, Germany.
Jones, L. M. (1990) Intellectual Contributions of Women to Physics. in
Women of Science. Righting the Record , (eds. G. Kass-Simon and p. Farnes, associate ed. D. Nash) Indiana University Press, Bloomington and Indianapolis.
ماريا كوبل (1897-1996)
أنيتا بي فوجت
كانت ماريا كوبل عالمة كيمياء ألمانية، وهي تنتمي للمجموعة الأولى من العالمات اللائي حصلن على فرصة العمل كرؤساء أقسام في معهد القيصر فيلهلم. واضطرت ماريا لمغادرة معهد القيصر فيلهلم للكيمياء الحيوية بسبب النازيين في 1936، ولأكثر من عشرين عاما (حتى تقاعدها) كانت ضمن فريق عمل مكتب تحرير بايلشتاين الشهير. وقد تناولت أبحاثها الأساسية التبغ بشكل خاص والتخمر بشكل عام. •••
ماريا كوبل (أرشيف جمعية ماكس بلانك، برلين: 6، القسم 1).
ولدت ماريا كوبل في الخامس من أغسطس عام 1897 في لجنيستا، وهي بلدة في سيليزيا، المنطقة الأوروبية المركزية التي يقع معظمها في بولندا الحالية. دعمت أسرتها رغبتها في دراسة الكيمياء، وقد أصبح من الطبيعي أن تدرس البنات العلوم في السنوات التالية للحرب العالمية الأولى. ومن عام 1918 حتى 1921 درست الكيمياء في جامعة بريسلو (فروتسواف حاليا) وأنهت دراستها برسالة الدكتوراه في 1921 تحت إشراف عالم الكيمياء الألماني الشهير يوهان هاينريش بيلتس (1865-1943). ذهبت ماريا كوبل إلى برلين بحثا عن منصب أكاديمي، وكانت سعيدة الحظ حيث تمكنت من الحصول على منصب بحثي في أحد معاهد القيصر فيلهلم الشهيرة في برلين-داهليم. منذ 1925 حتى 1936 عملت في معهد القيصر فيلهلم للكيمياء الحيوية، تحت إشراف مؤسس هذا الحقل، كارل نيوبيرج (1877-1956). في البداية شغلت منصب مساعد، ثم أصبحت رئيس قسم من 1928 حتى 1936. كان قسمها الصغير «أبحاث التبغ» يتعامل مع مشاكل أبحاث التخمر، وكان من أهداف هذا القسم تكوين أنسجة تبغ بالاستعانة بالكيمياء الحيوية، ذات جودة مماثلة للنباتات القادمة من الشرق؛ ومن ثم مساعدة صناعة التبغ الألمانية على إنتاج تبغ بجودة أعلى. على الرغم من أن موضوع البحث في قسم كوبل كان متعلقا بالتطبيقات؛ فقد كان بحثها متعلقا في البداية بأساس عمليات التخمر. ونشرت عدة مقالات في جريدة «بيوكيميش تسيتشريفت» الشهيرة التي أسسها كارل نيوبيرج وحررها إلى أن استبدل على يد النازيين، ونشرت أهم نتائج أبحاث التخمر الخاصة بها في الأعداد التي حررها أويجين بامان وكارل مايرباك في 1941.
تغير الموقف تماما في عام 1933 بسبب النظام النازي في ألمانيا. من 1933 حتى 1936 شن النازيون عدة هجمات ضد معهد القيصر فيلهلم للكيمياء الحيوية عامة وضد مديره كارل نيوبيرج خاصة. وأخيرا، تم استبداله، وأغلق المعهد وأعيد فتحه مرة أخرى في 1936 عندما أصبح أدولف بوتيناندت (1903-1995) مديرا جديدا له. فقدت ماريا كوبل - معاونة وصديقة كارل نيوبيرج - منصبها أيضا (على الرغم من أنها كانت «آرية»)، وبفضل عملها ومساعدة كارل نيوبيرج حصلت على وظيفة في فريق عمل المكتب التحريري للسلسلة الشهيرة بايلشتاين، المرجع المفيد لأجيال من الكيميائيين. كان مكتب بايلشتاين يقع في برلين، ولكن بسبب الحرب العالمية الثانية نقل إلى فرانكفورت. عملت ماريا كوبل على عدة طبعات من بايلشتاين حتى 1962 عندما تقاعدت. وظلت طوال حياتها تتذكر أفضل أوقاتها التي عملت فيها باحثة في معهد القيصر فيلهلم للكيمياء الحيوية تحت إدارة كارل نيوبيرج الذي ظلت على اتصال به حتى وفاته. وتوفيت ماريا كوبل في 14 أغسطس 1996 في كرونبيرج (تاونوس)، بالقرب من فرانكفورت (ماين) في عامها التاسع والتسعين.
المراجع
American Philosophical Society, Philadelphia: Nr. 815, Neuberg Papers (letters, 1948-1956). Poggendorff,
Biographisch-Literarisches Handwörterbuch zur Geschichte der exakten (Natur)wissenschaften
vol. III (1898), IV (1904), V (1926), VI (1936), S. 1346 (Eig. Mitteil.); VIIa (1956), p. 812, VIIb (1968ff.), Leipzig u. a.
Archive of the Kaiser-Wilhelm-/Max-Planck-Gesellschaft, Berlin.
Beilstein-Redaktion, Spring 1995 to AV; family Kobel to AV; interviews Maria Kobel with AV, July (5-7.7.) 1995.
Conrads, H. and Lohff, B. (2006)
Carl Neuberg - Biochemie, Politik und Geschichte. Lebenswege und Werk eines fast verdrängten Forschers , Stuttgart (= Geschichte und Philosphie der Medizin, vol. 4); Engl. edn, Lohff, B. and Conrads, H. (2007)
From Berlin to New York. Life and Work of the Almost Forgotten German-Jewish Biochemist Carl Neuberg (1877-1956) , Franz Steiner Verlag, Stuttgart.
Engel, M. (1982) Carl Neuberg, in
Bibliotheks-Information , Freie Universität Berlin, vol. 3, pp. 11-16.
Engel, M. (1984) Geschichte Dahlems, Berlin.
Engel, M. (1994) Paradigmenwechsel und Exodus. Zellbiologie, Zellchemie und Biochemie, in
Exodus von Wissenschaften aus Berlin (eds W. Fischer et al.) Walter de Gruyter, Berlin, New York, 296-342.
Lieben, F. (1970)
Geschichte der Physiologischen Chemie , Hildesheim, especially pp. 257, 369, 520.
Maria Kobel’s most important publications: 5 articles, together with Eberhard Hackenthal, in: Bamann, E. and Myrbäck K. (Eds) (1941)
Die Methoden der Fermentforschung , 4 volumes, Leipzig, vol. 1, pp. 68-73 and 111-115; vol. 3, pp. 2173-2196, 2197-2205, 2206-2213.
Ogilvie, M., and Harvey, J. (Eds) (2000) The Biographical Dictionary of Women in Science. Pioneering Lives from Ancient Times to the Mid-20th Century, Routledge, New York and London, vol. 1, p. 711.
Vogt, A. (2008)
Wissenschaftlerinnen in Kaiser-Wilhelm-Instituten. A-Z ., 2. erw. Aufl., (= Veröffentlichungen aus dem Archiv zur Geschichte der Max-Planck-Gesellschaft, Bd. 12), Berlin, pp. 98-100.
Vogt, A. (2007)
Vom Hintereingang zum Hauptportal? Lise Meitner und ihre Kolleginnen, an der Berliner Universität und in der Kaiser-Wilhelm-Gesellschaft , Franz Steiner Verlag,
كاثرين بور بلودجيت (1898-1979)
سالي هوروكس
كانت كاثرين بور بلودجيت الأمريكية أول امرأة تحصل على الدكتوراه في الفيزياء من جامعة كامبريدج، وكانت قبل ذلك من أوائل العلماء الذين عملوا في معمل أبحاث شركة جنرال إلكتريك، في اسكينيكتادي بنيويورك، وعادت إليه مرة أخرى بعد حصولها على الدكتوراه. قدمت في جنرال إلكتريك إسهامات بارزة للكيمياء الصناعية، ولا سيما كيمياء السطوح، حيث كان تخصصها في الأغشية الرقيقة. يعود إليها الفضل في اختراع الزجاج غير العاكس، وقد سجلت عدة اختراعات في مجال عملها، كما أن لها منشورات عديدة في الجرائد الأكاديمية. كانت إنجازاتها في مجال العلوم الصناعية محل تقدير بين عالمات جيلها من النساء اللائي كثيرا ما ذهبت جهودهن لمواصلة العمل في الصناعة أدراج الرياح، ولكن مثلها مثل معظم العلماء الصناعيين لم تحظ بشهرة كبيرة ولم يكن اسمها معروفا خارج نطاق مجالها. •••
ولدت كاثرين بور بلودجيت في 10 يناير 1898 في اسكينيكتادي بنيويورك، وكانت الطفلة الثانية لجورج بدينجتون بلودجيت محامي براءات اختراع في شركة جنرال إلكتريك وزوجته كاثرين بوكانان بور. لم تر بلودجيت أباها على الإطلاق؛ فقد مات متأثرا بجراحه إثر إصابته في عملية سطو حدثت قبل أسابيع قليلة من ولادتها. وقضت معظم طفولتها في مدينة نيويورك، وتخلل ذلك زيارات ممتدة لكل من فرنسا وألمانيا. بعد التحاقها بمدرسة رايسون في نيويورك - الأمر الذي كان غير معتاد للفتيات في ذلك الوقت؛ إذ كانت توفر تعليما قويا في الرياضيات والعلوم - كوفئت بمنحة لكلية برين ماور، وتخرجت فيها في 1917 بعد أن حصلت على البكالوريوس في الفيزياء كمادة أساسية، ثم بعد ذلك حصلت على درجة الماجيستير في الكيمياء من جامعة شيكاجو عام 1918.
كاثرين بور بلودجيت (أرشيف مؤسسة سميثسونيان).
بعد إكمال دراساتها تمكنت بلودجيت من الحصول على وظيفة فني ومساعد باحث في معمل أبحاث جنرال إلكتريك في اسكينيكتادي، وعملت مع الدكتور إرفينج لانجموير وكان راتبها 125 دولارا في الشهر. وعلى الرغم من أنها لم تكن أول امرأة باحثة تعينها جنرال إلكتريك؛ فقد كان حصول النساء على وظائف بحثية في الصناعة لا يزال غير معتاد، وربما كان استعداد الشركة لتعيينها يرجع في جزء منه إلى نقص فريق العمل العلمي والفني الذي تسببت فيه الحرب العالمية الأولى. وفي 1924، بتشجيع من لانجموير، انتقلت إلى معمل كافنديش بجامعة كامبريدج كطالبة دراسات عليا مرتبطة بكلية نيونهام. بعد عامين أنهت بحثها، وكانت أول امرأة تحصل على الدكتوراه في الفيزياء من جامعة كامبريدج، وهناك أدلة على أنها وجدت التدريب الذي تلقته على يد لانجموير أساسيا لتأهيلها لإكمال بحث الدكتوراه الخاص بها، وأنها رأت أن بيئة معمل كافنديش لم تكن بيئة داعمة.
بعد أن أكملت بلودجيت دراستها عادت إلى جنرال إلكتريك وواصلت العمل مع لانجموير، في البداية في أسلاك المصباح الكهربي. في 1933 انتقل تركيزها إلى الأغشية الرقيقة، وهو المجال الذي قامت فيه بمعظم عملها المهم. أدى هذا البحث إلى تقديم العديد من الأوراق الأكاديمية ومعظم الاختراعات التي سجلت باسمها، ويعرف هذا الإسهام باسم غشاء لانجموير-بلودجيت للإشارة إلى طبقات المادة العضوية التي يبلغ سمكها جزيئا واحدا، وترتكز على ركيزة صلبة؛ وهي التقنيات التي كانت رائدة فيها. بعد الابتكار المبدئي، عملت بلودجيت على إيجاد المزيد من الاستخدامات لهذه الأغشية حتى عام 1941 عندما كان بحثها موجها نحو المشاكل المتعلقة بالدفاع القومي. تضمن ذلك الاستفادة من خبرتها في كيمياء السطوح لمواجهة مشكلة تجمد أجنحة الطائرات والعمل على ابتكار ستائر دخانية محسنة، كذلك عملت في فيزياء السحب، وكانت رائدة في استخدام المحاكاة الحاسوبية.
على الرغم من أن بلودجيت لم تكن شخصية مشهورة لعموم الناس، فإن عملها قد لاقى تكريما وتقديرا من عدد من الجهات، بداية من أواخر الثلاثينيات من القرن العشرين. حصلت على شهادات شرفية من أربع مؤسسات: كلية إلميرا (1939) وجامعة براون (1942) وكلية راسل سيدج (1944)، وفي 1945 حصلت على جائزة الإنجاز السنوية للرابطة الأمريكية للمرأة الجامعية. وفي عام 1951 حصلت على ميدالية جارفان من الجمعية الأمريكية الكيميائية، وفي العام نفسه كانت العالمة الوحيدة التي تدرج في المجلس الأول للنساء الأمريكيات صاحبات الإنجازات في بوسطن، واختيرت من قبل الغرفة التجارية الأمريكية لتكون من بين ال 15 امرأة صاحبات الإنجازات. وقد منحتها جمعية أمريكا الفوتوغرافية ميدالية التقدم الخاصة بها في 1972، وفي عام 2008 أنشئت مدرسة ابتدائية تحمل اسمها في اسكينيكتادي.
توفيت بلودجيت في منزلها في اسكينيكتادي في 12 أكتوبر 1979. وفي سنوات عمرها الأخيرة شاركت في المجتمع المحلي، ومارست هواياتها في البستنة والفلك وجمع الأنتيكات.
العمل العلمي
كانت أبحاث بلودجيت الأولى في جنرال إلكتريك مع لانجموير حول خصائص المصابيح المتوهجة والصمامات المفرغة. عبرت هذه الدراسات الحدود ما بين الفيزياء والكيمياء، ونتج عنها عدد من المنشورات التي شارك في كتابتها آخرون. تصف رسالة الدكتوراه الخاصة بها تحديد المسار الحر المتوسط للإلكترونات في بخار الزئبق، وهو موضوع له عدة تطبيقات كان من الممكن أن تفيد جنرال إلكتريك. اشتهرت بلودجيت بالتصميم الحريص لتجاربها، وهي المهارة التي استغلتها في إجراء تجاربها، كما اشتهرت بدقة تحليل نتائجها.
كانت هذه السمات مهمة في نجاح عملها في الأغشية الرقيقة الذي ابتكرت خلاله تقنية لنقل سلسلة من الأغشية أحادية الجزيء من الزيت من سطح الماء إلى سطح صلب، وكان اكتشافها يعني أن سمك هذه الأغشية يمكن التحكم به بدقة بالغة، ويفتح مجالا جديدا للأبحاث يتيح إمكانية ظهور الكثير من التطبيقات العملية التي عملت هي وآخرون لاستغلالها عبر عقود متتالية. أعلن هذا البحث عن الأغشية الرقيقة في البداية على نحو مختصر في «جورنال أوف ذا أمريكان كيميكال سوسايتي» في 1934 ثم شرح بالتفصيل في ورقة بحثية أطول بعنوان: «الأغشية المتكونة عن طريق ترسيب طبقات أحادية الجزيء على سطح صلب» نشرت في الجريدة نفسها في العام التالي. وهنا شرحت بلودجيت كيف أمكنها ترسيب أكثر من 200 طبقة على الزجاج وعلى معادن متعددة، ووضحت تجارب تم فيها قياس سمك هذه الأغشية عن طريق تداخل الضوء أحادي اللون الذي تعكسه. أدت هذه الملاحظة إلى تطوير مقياس بلودجيت للون. مكن هذا المقياس الباحثين من قياس سمك الغشاء الذي يبلغ بضعة أجزاء من المليون من البوصة عن طريق مقارنة الألوان في المقياس مع لون غشائها. سوقت شركة جنرال إلكتريك هذا المقياس ليستخدم في المعامل بدلا من الأجهزة الضوئية الأكثر تعقيدا والأغلى ثمنا.
كانت طبيعة هذه الأغشية تعني أن من الممكن التحكم فيها في نطاق جزء من الطول الموجي المعتاد للضوء المرئي، وتقترح أنه قد يكون من الممكن استغلال هذا لإنتاج زجاج «غير مرئي»، وهو التطبيق الثاني والأكثر أهمية لهذا البحث. ويمكن تحقيق هذا إذا كان الضوء المنعكس من الطبقة الزجاجية التحتية يمكن إلغاؤه بالضوء المنعكس من أعلى الغشاء، وقد أعلن هذا المبدأ الأساسي في جريدة «فيزيكال ريفيو» في 1939 في ورقة بحثية بعنوان «استخدام التداخل لإلغاء انعكاس الضوء من الزجاج». قدم هذا العمل الأساس لتطوير الطلاءات غير العاكسة التي تستخدم في المواقف التي يعوق فيها انعكاس الضوء الأداء، مثلا عند استخدام الكاميرات والتليسكوبات، كما استخدم الزجاج غير العاكس في المعارض الفنية لعرض اللوحات والصور الفوتوغرافية، وقد أتيح استغلال هذا الزجاج تجاريا عندما تم تطوير أغشية أكثر دواما من الأغشية التي استخدمتها بلودجيت في بحثها.
تبع أبحاث بلودجيت في وقت الحرب المزيد من التعاون مع الجيش الأمريكي في أواخر الأربعينيات، ولا سيما تطوير أداة يمكن حملها بواسطة مناطيد الطقس لقياس الرطوبة في طبقات الجو العليا من أجل سلاح الإشارة في الجيش. وكان استخدامها لبرامج المحاكاة الحاسوبية لدراسة مسار الجسيمات الدقيقة بالقرب من الألياف مثالا مبكرا على استخدام الكمبيوتر في الأبحاث، كما ساهم في تطوير مرشح رذاذ فعال. كان آخر عمل نشر لها عملا مشتركا مع الدكتور تي إيه فاندرسلايس عن إزالة الغازات في مقاييس التأين.
تمتعت كاثرين بور بلودجت بمسيرة مهنية طويلة ومنتجة كعالمة صناعية، في وقت قلت فيه النساء اللائي نجحن في هذا المجال. وعلى عكس أغلبية العلماء الصناعيين قدر عملها تقديرا تخطى حدود الشركة التي عملت فيها، وقد نبع هذا التقدير في الأساس من عملها على أغشية لانجموير-بلودجيت التي فتحت مجالا مهما للدراسة وأدت إلى العديد من التطبيقات العملية. وقد ارتبطت إنجازاتها ارتباطا وثيقا بإرفينج لانجموير، الذي كان بمنزلة المرشد لها، وكانت ثقتها بقدراتها التجريبية مهمة في إعطائها فرصا لم يتمتع بها سوى القليل من النساء. وتضمنت هذه الفرص ليس فقط مسيرتها المهنية الناجحة في العلوم الصناعية ولكن أيضا قبول دراستها في معمل كافنديش بجامعة كامبريدج، حيث كانت أول امرأة تحصل على الدكتوراه.
المراجع
Blodgett, K. B. (1935) Films built by depositing successive monomolecular layers on a solid surface,
Journal of the American Chemical Society,
57 (6), 1007-1022.
Blodgett, K. B.(1939) Use of interference to extinguish reflection of light from glass.
Review
55 (4), 391-404.
Gaines, G. Jr. (1980) In memoriam: Katherine Burr Blodgett, 1898-1979
Thin Solid Films , 68 (1), vii-viii.
Wise, G. (1999) Katharine Burr Blodgett, in
American National Biography , vol. 3, Oxford University Press, New York.
أنتوينيا إليزابيث (توس) كورفيتسي (1899-1978)
ماريان أوفرينز
أول أستاذة في كلية دلفت للتكنولوجيا (أصبحت الآن جامعة). •••
في 8 مارس عام 1899 ولدت أنتونيا في قرية فاينولدم بمقاطعة فرايزلاند، وكانت الابنة الثانية للكاهن البروتستانتي الألماني فيلم كورفيتسي وزوجته باوكي أندرينجا، وسميت عند التعميد أنتوينيا إليزابيث. بعد عام واحد غادرت الأسرة فرايزلاند؛ لأن أفكار الأب كورفيتسي كانت تميل إلى الاشتراكية بدرجة كبيرة لا يقبلها المجتمع. أقامت الأسرة في لاهاي، بهولندا ، وفي هذا المكان نشأت الفتاتان، وبعد المدرسة الابتدائية دخلا المدرسة المدنية العليا بالبلدية الثالثة. كانت هذه المدرسة معروفة بأنها للبنين فقط، وهناك جذبت توس الانتباه بسبب درجاتها العالية في الرياضيات. وفي 1917 اختارت التدريب بوصفها مهندسة كيميائية في جامعة دلفت للتكنولوجيا، وأصبحت عضوة في جمعية طالبات دلفت.
توس كورفيتسي (أرشيفات بلدية دلفت).
في يناير 1922، حصلت توس كورفيتسي على شهادة البكالوريوس، وبعد ذلك مباشرة، وقبل صيف هذا العام، تخرجت بتفوق في الكيمياء غير العضوية تحت إشراف بروفيسور إف إي سي شيفر. وعينت خلال العامين التاليين مساعدا في الكيمياء التحليلية في دلفت مؤقتا، وبعد ذلك عملت من عام 1924 إلى عام 1938 مع البروفيسور شيفر، وأثناء هذه الفترة كتبت أيضا أطروحة الدكتوراه الخاصة بها. في 5 يونيو 1930 حصلت أنتونيا إليزابيث كورفيتسي على درجة الدكتوراه برسالة بعنوان: «كلوريد النحاس كحافز لعملية ديكون». إلى جانب ذلك كان لها عدد كبير من المنشورات: قبل 1940 كانت قد كتبت أكثر من 40 ورقة بحثية، ونشرتها شيفر مبدئيا كشريك في الكتابة، أما المنشورات اللاحقة فغالبا ما كانت مرتبطة بأحد المساعدين، الذين كان معظمهم من النساء. وظهر معظم هذه المقالات في مجلة الأعمال الكيميائية بهولندا. كتبت توس كورفيتسي بأسلوب مختصر عملي، وكانت تركز غالبا على القياسات الدقيقة.
في الفترة ما بين 1930 و1932 زارت توس باريس مرتين، واستغرقت كل زيارة ستة أشهر؛ حيث أجرت أبحاثا حول النشاط الإشعاعي في معمل ماري كوري.
في 1935، تحول التعيين المؤقت لتوس كورفيتسي إلى تعيين دائم. بالإضافة إلى ذلك، سمح لها بالعمل مدرسة خصوصية لمادة النشاط الإشعاعي في الكلية الفنية، وكان هذا يعني أن تعمل دون أجر من وزارة المالية. في الغالب كان هذا المنصب يؤدي إلى منصب الأستاذية، وكانت محاضرتها الافتتاحية بعنوان: «تحديد محتوى مركبات الراديوم.»
في 1936، كانت توس كورفيتسي المرشحة الأولى للمنصب الشاغر في الكيمياء التحليلية في قسم الهندسة الكيميائية. وكان الترشيح بخمسة أصوات لصالحها مقابل أربعة أصوات ضدها. وعلى الرغم من أن «موهبتها الخاصة جدا وذكاءها» وأيضا «منطقها الواضح واتساع أفقها» قد أشيد بهم في ترشيحها، فإنها لم تعين في هذا المنصب. ومع ذلك، بعد عام تقريبا أصبحت مساعدا رئيسيا للبروفيسور شيفر. وفي 1940 أصبح منصب آخر شاغرا، وكانت توس المرشحة الثالثة لمنصب أستاذ الكيمياء الفيزيائية، ولم يتم تعيينها، وإنما منح المنصب للبروفيسور دبليو جي بورجرز.
أثناء الحرب، كان العمل في الجامعة الفنية شديد الصعوبة، وفي سبتمبر 1943 انتقلت توس إلى فينلو في إجازة بدون راتب لكي تعمل في منصب بحثي مع مصنع مصابيح «بوب»، وقد فسرت هذا الرحيل لاحقا كشكل من أشكال الاعتراض على تصرفات المحتل الألماني.
بعد الحرب، عادت توس إلى دلفت كأمينة مكتبة، وفي سبتمبر 1948 عينت توس محاضرة في الكيمياء النظرية، وبذلك أصبحت ثاني محاضرة في الكلية الفنية بعد جيه إتش فان ليوفن. وعلى الرغم من أنها تخصصت في النشاط الإشعاعي، فإنها لم تشارك فعليا في تحضيرات مركز المفاعلات اللاحق. كانت توس نشطة على نحو خاص في مجال التعليم، وكانت تدرس الديناميكا الحرارية الاستاتيكية بين آخرين.
في 1953 تقاعد مرشدها شيفر، ومرة أخرى تم تعيين شخص آخر في منصب الأستاذية، وكان رجلا يصغرها بعشر سنوات؛ لأن الوظيفة اعتبرت «مهمة ثقيلة جدا» بالنسبة لتوس، على الرغم من أنها كانت «مؤهلة تماما» من وجهة نظرهم.
بعد فترة تلقت عرضا لمنصب أستاذ مشارك في الكيمياء النظرية «بصفتها الشخصية» وبنفس راتبها كمحاضرة، إلا أنها لم تمنح معملا خاصا كجزء من العرض؛ لذلك انتقلت توس إلى معمل البروفيسور دبليو جي بورجرز الذي عين أستاذا بدلا منها عام 1940.
عينت توس كورفيتسي كأول أستاذة في جامعة دلفت للتكنولوجيا في 1954، وألقت خطابها الافتتاحي في 14 أبريل عام 1954 بعنوان «حياة الدكتور جيه جيه فان لار وأعماله»، واحتفى رئيس الجامعة بوصولها بقوله: «أخيرا تفتحت زهرة في الصبارة التي يزيد عمرها عن مائة عام.»
والدليل على أن هذا التعيين الأخير لم يأت دون كفاح هو أنه حتى بعد سنوات من تعيينها، لم يهدأ الجدل. أثناء فترة أستاذيتها أشرفت توس على خمسة طلاب دكتوراه وأكثر من 30 خريجا، رغم أنه لم يكن لديها فريق عمل ولا معمل خاص، وبالطبع جذب تعيينها انتباه الصحافة، وعندما زارت الملكة جوليانا في 1955 الجامعة التقنية رأست بروفيسور كورفيتسي موكب الأساتذة الذين استقبلوها.
في 1989، أنشأت جامعة دلفت التقنية جائزة تحرير سنوية باسم أنتونيا كورفيتسي .
المراجع
Bosch, M. (1994)
Het geslacht van de wetenschap. Vrouwen en hoger onderwijs in Nederland 1878-1948 , SUA, Amsterdam.
Damme-van Weele, M. and Ressing-Wolfert, J. (1995)
Vrouwen in techniek. 90 jaar Delftse vrouwelijke ingenieurs , Delftech, Delft.
Hart, Joke’t (1986)
Een barst in het bolwerk. Vrouwen, natuurwetenschappen en techniek , SUA, Amsterdam.
Jong, F. de (2002) Biografie van Korvezee, Antonia Elisabeth.
Biografisch Woordenboek van Nederland
5, Instituut voor Nederlandse Geschiedenis, Den Haag.
Jong, F. de (1988) “Die aloude aloë toch ...” A. E. Korvezee (1899-1978), de eerste vrouwelijke hoogleraar aan de Technische Hogeschool Delft. in
Geleerde Vrouwen, Negende Jaarboek Vrouwengeschiedenis , Seventy years of women’s studies (SUN), Nijmegen.
Kolf, dr. Marie van der (1950)
Zeventig jaar vrouwenstudie , Rotterdam.
Schenk, dra. M. G. (1948) Vrouwen van Nederland 1898-1948. De vrouw tijdens de regering van koningin Wilhelmina, Scheltens & Giltay, Amsterdam.
ماريا دي تلكس (1900-1995)
إيفا فاموس
كانت ماريا دي تلكس شخصية معروفة جدا في الولايات المتحدة الأمريكية التي عاشت فيها من الرابعة والعشرين من عمرها ولأكثر من سبعين عاما، بينما كانت مجهولة تماما في المجر، وطنها الأم. كانت واحدة من رواد استغلال الطاقة الشمسية في التسخين، حيث اخترعت عملية لحفظ الطاقة عن طريق استغلال حرارة التصلب الخاصة بمركب كبريتات الصوديوم اللامائية المعروف بشكل عام والرخيص الثمن (الذي يعرف أيضا باسم ملح جلاوبر ويستخدم كذلك كملين).
ابتكرت ماريا عملية لإنتاج موقد يعمل بالطاقة الشمسية، وأيضا طريقة لتحلية مياه البحر باستخدام الطاقة الشمسية، وقد أنقذت هذه العملية حياة البحارين المغرقين بقذائف والطيارين الذين سقطوا في البحر أثناء الحرب العالمية الثانية، أما في وقت السلم فيمكن استخدامها لضمان توفير المياه للمناطق الفقيرة والقاحلة. •••
ولدت ماريا دي تلكس في بودابست، وكانت الابنة الكبرى بين ثمانية أبناء لأب ثري يعمل مدير بنك. بعد إتمام الدراسة الابتدائية والثانوية التحقت بكلية الفلسفة في جامعة بودابست للعلوم، ودرست الرياضيات والفيزياء، وبعد التخرج عملت مساعدة لبروفيسور الفيزياء إشتفان ريبار، وحصلت على درجة الدكتوراه في الكيمياء الفيزيائية عام 1924. وفي العام نفسه دعاها عمها إرنو لودفيك، الذي كان يعمل قنصلا مجريا في كليفلاند، وكان متزوجا من سيدة أمريكية، للحضور إلى الولايات المتحدة، وقبلت الدعوة، وانتقلت إلى أمريكا وبقيت فيها لأكثر من سبعين عاما، أو على الأحرى ما بقي لها من عمر، ولم تعد إلى المجر إلا لتموت في وطنها الأصلي.
بدأت مسيرتها المهنية في المعمل البحثي لمعهد الفيزياء الحيوية بكليفلاند تحت قيادة بروفيسور جي دبليو كريل، وفي المعهد كان يدرس إشعاع خلايا المخ، وتمكنوا من قياس الأشعة تحت الحمراء التي تصدرها خلايا المخ باستخدام كاميرا كهربائية اخترعتها ماريا تلكس. كذلك درسوا فرق الجهد في الأنسجة الحيوانية ووجدوا، من بين أشياء أخرى، أن حياة الكائن لا تستمر إلا بالحفاظ على فرق الجهد داخل الكائن.
ماريا دي تلكس. هذه الصورة موجودة في قسم المطبوعات والصور الفوتوغرافية بمكتبة الكونجرس بالولايات المتحدة تحت الرقم التعريفي
cph.3c13268 .
في 1934 نشرت صحيفة نيويورك تايمز لائحة بأشهر 11 سيدة في الولايات المتحدة: إلى جانب نجوم السينما والرياضيات وغيرهن من نجوم المجتمع، وكانت ماريا هي العالمة الوحيدة التي ذكرت في هذه اللائحة.
وفي 1939 انتقلت ماريا إلى بوسطن، حيث بدأت مسيرتها الحقيقية، والتي كانت منصبة على استغلال الطاقة الشمسية، بوصفها باحثة وأستاذة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. وفي 1938 بدأ مشروع ممول برأس مال خاص، وكان يهدف في المقام الأول إلى استعمال/تحويل الطاقة الشمسية. وغطى تمويل المشروع البالغ 650 ألف دولار البحث وتنفيذ النتائج حتى عام 1988، وكان الممول هو رجل الأعمال المعروف جودفري لويل كابوت، ودعيت ماريا للمشاركة في المشروع الذي أصبحت قائدة له في 1940.
استخدام الطاقة الشمسية للتسخين بدلا من الوقود الحفري يعني توفير الكثير من الأموال. وكانت أكبر مشكلة تواجه استخدام الطاقة الشمسية للتسخين هي تخزين حرارة الشمس، ومن أجل التغلب على هذه العقبة، استخدمت ماريا تلكس عملية تخزين الطاقة كيميائيا. اكتشفت أن أفضل مركب يصلح لهذا الغرض هو مركب كيميائي منتشر ورخيص الثمن وهو ملح كبريتات الصوديوم اللامائية، الذي يعرف باسم ملح جلاوبر. تزيد ذوبانية المركب أكثر من عشرة أضعاف بين 0 و32,4° مئوية، ويظل ساكنا تقريبا مع ارتفاع درجات الحرارة حتى 200° مئوية، فيما كانت الحرارة الناجمة عن انصهاره عالية وتبلغ 32,4° مئوية. يستطيع المركب المصهور الاحتفاظ بالطاقة الشمسية الممتصة لمدة تصل إلى 10 أيام، ويحررها عند التبريد. وتعتبر حرارة الانتقال الطوري التي تنبعث عند تصلب كبريتات الصوديوم أعلى 82 مرة من تلك الخاصة بالماء.
وقد تم بناء ستة منازل شمسية في إطار المشروع. استخدم المنزل الأول المصمم للتسخين بالطاقة الشمسية في 1948 مبدأ الاحتفاظ بالحرارة الموضح أعلاه. صمم المبنى نفسه على يد المهندسة المعمارية إليانور ريموند، وصمم نظام التسخين على يد ماريا تلكس. وكان أقاربها، أسرة نيميتي، هم قاطنو المنزل التجريبي. وركبت خزانات المحلول الملحي في أعلى المنزل وعلى جوانبه، في حين تم توفير التسخين الداخلي بواسطة نظام مواسير تدور فيه المياه والهواء. إلا أن هذا النظام فشل في وقت الشتاء القارس، عندما تم تجريبه بمجرد قدوم شتاء 1948؛ إذ كانت الحرارة التي يولدها النظام غير كافية لضمان درجة الحرارة المطلوبة داخل المنزل. بالنسبة للطقس في المناطق الشمالية من الولايات المتحدة كان من المستحب إنشاء نظام تسخين (تقليدي) مساعد لمثل هذه الحالات. وأخيرا فكك نظام التسخين الشمسي في 1953 ولكن سرعان ما قلده آخرون، وأصبح اسم ماريا دي تلكس ذائع الصيت في أنحاء الولايات المتحدة.
نشرت ماريا دي تلكس أكثر من مائة ورقة بحثية، وسجلت أكثر من 20 براءة اختراع.
من أهم الاختراعات الخاصة بها اختراع بخصوص تحلية مياه البحر بواسطة الطاقة الشمسية، وهي عملية تستخدم على نحو أساسي في المناطق الاستوائية.
حلت ماريا مشكلة تخزين البرودة بنفس مبدأ تخزين الحرارة، وبهذه الطريقة أصبح من الممكن تكييف هواء المنازل باستخدام الطاقة الشمسية. كذلك تم تسجيل اختراع آخر لها عندما كانت في التسعين من عمرها، وكان هذا الاختراع متعلقا بتخزين البرودة.
انتشر الموقد الذي يعمل بالطاقة الشمسية الذي ابتكرته ماريا في الهند؛ نظرا لسهولة استخدامه ورخص ثمنه، وتوافر أشعة الشمس.
بالإضافة إلى كونها أستاذة في الجامعة ومخترعة ناجحة، كانت ماريا أيضا مستشارة لعدد من الشركات الصناعية، كما شاركت في أبحاث الفضاء.
حصلت على 12 وساما على عملها، ومع ذلك كان الوسام الأول الذي حصلت عليه في 1927 تكريما لها على إنقاذ حياة إنسان؛ فأثناء قضائها إجازتها على شاطئ بحيرة إيري، لاحظت ماريا منزلا خشبيا تضطرم فيه النيران وامرأة تركض خارجة منه وتتعالى صرخاتها لأن ابنتها الصغيرة ما زالت حبيسة المنزل. جرت ماريا، مخاطرة بحياتها، إلى داخل المنزل المستعر وأنقذت حياة الطفلة.
ثمة وسام آخر يجدر بنا ذكره، وهو ذلك الوسام الذي منحته لها جمعية المهندسات بواشنطن، وكانت الأسباب التي دفعت الجمعية لمنحها ذلك الوسام كما يلي: «تتشرف جمعية المهندسات بمنح ماريا تلكس وسامها تقديرا لإسهامها العظيم في مجال استخدام الطاقة الشمسية.» وربما يبدو غريبا أنها لم تذكر في وطنها الأم إلا في مقالات قصيرة في الصحف وقبل الحرب العالمية الثانية.
لم يكن لها عائلة في الولايات المتحدة الأمريكية، وكان من الواضح - على عكس الكثير من المهاجرين - أنها لم تعذب يوما من الإحساس بالغربة والشوق للوطن. ولم تعد إلى المجر سوى مرة واحدة في عمر الخامسة والتسعين عام 1995، وتوفيت في العام نفسه في الثاني من ديسمبر. وعلى ما يبدو لم يكن هذا خبرا مهما في نظر بلدها؛ لأن الخبر تأخر وصوله للولايات المتحدة بشكل كبير؛ ولذا لم ينشر نعي تفصيلي في جريدة «روكي ماونتن نيوز» إلا في 19 أغسطس عام 1996، أي بعد تسعة أشهر تقريبا من وفاتها.
كانت ماريا تلكس عالمة موهوبة جدا ومخترعة عظيمة متعددة المهارات، كما كانت تتمتع بموهبة اكتشاف الفوائد التي يمكن الحصول عليها من أفكارها والطرق التي يمكن تطبيقها بها. وليس أدل على تعدد مهاراتها من أنها عندما كانت تعمل في فريق علماء الفيزياء الحيوية طورت عملهم بإعطائهم أداة - كاميرا كهربائية - من تصميمها؛ لتمكينهم من الوصول للهدف الذي حددوه لأنفسهم. وعندما انتقلت، بعد أن عملت لأكثر من عقد من الزمن في مجال واحد، لمدينة أخرى، تمكنت من الانتقال إلى مجال بحثي جديد تماما في نفس الوقت. لطالما كان استغلال الطاقة الشمسية مسار انتباه الناس على مر العصور، ومع ذلك، لم يتم الوصول من قبلها لحل يسمح بالاستخدام الاقتصادي للشمس كمصدر طاقة لا ينضب أبدا. وقد تعاملت ماريا مع المشكلة كعالمة حقيقية، وبدلا من أن تدخل مسار المحاولة والخطأ وضحت الجذور النظرية للمشكلة، ووجدت حلا (استخدام كبريتات الصوديوم) لم يخطر على بال أي شخص قبلها رغم بساطته. وشكلت هذه الفكرة وحدها أساس جميع اختراعاتها، بداية من المنازل الشمسية حتى تحلية مياه البحر والمواقد التي تعمل بالطاقة الشمسية.
عند النظر إلى الأعمال التي أنجزتها طوال حياتها لا نملك إلا أن نعجب بثراء أفكارها وتصميمها على تطبيق هذه الأفكار عمليا من أجل منفعة الناس، وجعل حياتهم أكثر سهولة وراحة، وفي بعض الأحيان من أجل إنقاذ حياتهم . وكانت بلا شك واحدة من أبرز وأنجح العلماء - وليس فقط العالمات - في القرن العشرين. وإذا ما وضعنا في اعتبارنا أننا اليوم ما زلنا نبحث عن مصادر طاقة جديدة وقابلة للتجدد ولا تنضب في المستقبل المنظور، فلا بد أن نعترف أن بحثها كان سابقا لعصرها بكثير، وربما يكون ذا قيمة أكبر بالنسبة لمن هم في القرن الحادي والعشرين من هؤلاء الذين عاشوا في القرن العشرين.
المراجع
Crile, G. W., Rowland, A. F. and Telkes, M. (1928) An interpretation of excitation, exhaustion and death in terms of physical constants.
National Academy of Sciences,
532-538.
Cattell, J. (ed.)
American Men & Women of Science. Physical and Biological Sciences.
16th edn, vol. VII. T-Z, R. R. Bowker Co., New York, p. 57.
Fields, S. (1964) Harnessing the Sun.
Daily News Florida,
June 19, 1964.
szolártechnika nagyja, dr. Telkes Mária. (Hungarian scholar of solar energy, great personage of solar technology, Dr. Maria Telkes) in
Tanulmányok a Természettudományok, a Technika és az Orvoslás Történetéböl (Studies in Sciences, Technology and Medicine). MTESZ and OMM, Budapest, pp. 43-45.
szolártechnika nagyja, dr. Telkes Mária. (Hungarian scholar of solar energy, great personage of solar technology, Maria Telkes), in
Asszonysorsok a 20. Században . (Fates of women in the 20th century). (eds M. Balogh, and K. Nagy) BME Szociológia és Kommunikáció Tanszék, Szociális és Családvédelmi Minisztérium Nöképviseleti Titkársága, Budapest, pp. 79-83.
Rédey, S. Telkes Mária, Az ismeretlen Napkirálynö. (Maria Telkes-The Unknown Sun Queen), Természet Világa, Budapest.
http://www.termeszetvilaga.hu/szamok/tv2009/tv0903/redey.html . 2010/07/07, 5 p.
Saxon, W. (1996) Maria Telkes, 95, An Innovator of Varied Uses for Solar Power.
New York Times,
August 13, 1996.
Saxon, W. (1996) Maria Telkes, Hungarian-American Solar-Energy Advocate and Pioneer.
Rocky Mountain News,
August 19, 1996.
Society of Women (1952)
Engineers, Award Committee: Date of Award: March 15, 1952 ; S. W. E. Convention, New York, NY.
Ujfaludi, L. (2003) A napenergia-hasznosítás roved története. (Short history of solar energy utilization.)
Fizikai Szemle. (Review of Physics), 3, 99-114.
http://www.kfki.hu/fszemle/archivum/fsz0303/ujfal0303.html .
إريكا كريمر (1900-1996)
أنيتا بي فوجت
كانت إريكا كريمر عالمة ألمانية في الكيمياء الفيزيائية وأستاذا شرفيا في جامعة إنسبروك وعضوا شرفيا في الأكاديمية النمساوية للعلوم (في 1964). وكانت من أهم رواد التفريق اللوني (الكروماتوجرافيا) الغازي، وقد ابتكرت هذه التقنية للمرة الأولى في 1944. •••
ولدت إريكا كريمر في ميونخ في الخامس من مايو عام 1900، ونشأت لدى أسرة الفيزيائي وأستاذ الجامعة ماكس كريمر (1865-1935) الذي دعمها كثيرا وشجعها، ليس فقط على الدراسة ولكن أيضا على الحصول على درجة الدكتوراه. أصبح أخوها الأكبر هوبرت كريمر (1897-1983) عالم رياضيات وأستاذا جامعيا (1949-1966) في كلية آخن التقنية.
إريكا كريمر (في كتاب: فولاور (1997)، أوبركوفلر (1998)، بينيكي (1999) المتحف الألماني في بون، كاتالوج عام 1995، إس 308 (صورة)، إس 311 مخطط كروموتوغرافي).
بعد التعليم الثانوي درست الكيمياء من 1921 حتى 1927 في جامعة فريدريش فيلهلم ببرلين، وحصلت على درجة الدكتوراه في 1927 بأطروحة بعنوان «عن التفاعل بين كلوريد الهيدروجين والأكسجين في الضوء». وكان مشرفها في ذلك الوقت هو الكيميائي الشهير ماكس بودنشتاين (1871-1942). أرادت أن تصبح عالمة، وعلى الرغم من أنه كان من الصعب على النساء في ذلك الوقت أن يفعلن هذا، فإنها تمكنت من أن تصبح عالمة وأن تجري الأبحاث طوال حياتها. من 1927 حتى 1940 عملت في مؤسسات بحثية مختلفة، جزئيا بمنح. ومن 1928 حتى 1930 حصلت على زمالة للعمل مع جورج هيفيشي (1885-1966) في جامعة فرايبورج، ومن 1930 حتى 1934 أجرت أبحاثا في برلين، ومن 1934 حتى 1937 حصلت على زمالة للعمل مع كاسيمير فايانس (1887-1975) في جامعة ميونخ، ومن 1937 حتى 1940 أجرت أبحاثا أخرى في برلين في جمعية القيصر فيلهلم. كانت تعلم أن عليها بوصفها امرأة أن تتغلب على عقبات أكثر من زملائها الرجال ، ولكن بفضل دعم أسرتها، وأيضا بعض الأساتذة، حالفها النجاح في عملها. ولم تحصل على منصب أكاديمي إلا في 1940 في جامعة إنسبروك (في وقت احتلالها من قبل النازيين).
انتمت إريكا كريمر لمجموعة صغيرة من العالمات اللاتي عملن في أوقات مختلفة في المعاهد المختلفة لجمعية القيصر فيلهلم (التي أنشئت في 1910 وكانت أول مؤسسة بحثية في ألمانيا، وسرعان ما أصبحت واحدة من أفضل المؤسسات)، وبالتحديد في ثلاثة معاهد للقيصر فيلهلم. في شتاء 1927 / 1928 ومن 1930 حتى 1933 شغلت مناصب مساعدة غير رسمية في معاهد القيصر فيلهلم للكيمياء الفيزيائية والكيمياء الكهربائية، الذي يديره فريتز هابر (1868-1934) في برلين-داهليم. وانتسبت إلى قسم ميشائيل بولاني (1891-1976) ودرست البارا هيدروجين والأورثو هيدروجين في المعمل الخاص بالمعمل الفيزيائي التقني. تم عزل الكثير من العلماء - النساء والرجال على حد سواء - من مناصبهم في المؤسسات البحثية بسبب النظام النازي في ألمانيا، بما فيها معاهد القيصر فيلهلم. وكان ميشائيل بولاني واحدا من هؤلاء الذين عزلوا وأغلق القسم الخاص به، وفقدت إريكا كريمر إمكانية البحث هناك. وبعد عملها في ميونخ، من أبريل 1937 حتى ديسمبر 1937، أصبحت مساعدا خاصا لأوتو هان (1878-1968) مدير معهد القيصر فيلهلم للكيمياء في برلين-داهليم ورئيس قسم الكيمياء. كان أوتو هان صديقا لكاسيمير فايانس كما كان صديقا حميما وزميل عمل للفيزيائية الشهيرة ليزا مايتنر (1878-1968) التي كانت رئيس قسم النشاط الإشعاعي الفيزيائي في معهد القيصر فيلهلم للكيمياء نفسه إلى أن هربت إلى منفاها في يوليو 1938. وأخيرا من 1939 حتى 1940 شغلت إريكا كريمر منصب مساعد في معهد القيصر فيلهلم للفيزياء، في قسم كارل فيرتس (1910-1994). أثناء إقامتها في برلين واصلت أبحاثها في الهيدروجين البارا والأورثو وكتبت رسالة الدكتوراه الخاصة بها لتصبح أستاذا مشاركا في جامعة برلين. انتهت إجراءات الدكتوراه بنجاح في العاشر من فبراير 1939، وكانت رسالتها بعنوان «تحديد الانتشار الذاتي في الهيدروجين الصلب من مسار تفاعل تحول الأورثو هيدروجين والبارا هيدروجين». لم تعين أستاذا مشاركا في جامعة برلين، ولكنها أصبحت أستاذا مشاركا في جامعة إنسبروك في 1940.
بدأت بحثها في جامعة إنسبروك في التفريق اللوني الغازي، وطورت بين عامي 1944 و1947 طريقة خاصة لفصل الغازات باستخدام غاز ناقل خامل، وأجرت هذا البحث بالتعاون مع طالب الدكتوراه الخاص بها فريتز بريور (1921-1996)، الذي تلقى درجة الدكتوراه الخاصة به في 1947، وأصبح لاحقا سياسيا في النمسا. بعد تحرير النمسا واستسلام ألمانيا النازية في مايو 1945، تمكنت إريكا كريمر من البقاء في جامعة إنسبروك. وفي 1945 أصبحت رئيس المعهد الفيزيائي الكيميائي، وفي 1951 أصبحت أستاذا وفي 1959 أستاذا كاملا. ومن 1953 حتى 1954 كانت عالما زائرا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في كامبريدج، ماساتشوستس، الولايات المتحدة الأمريكية، وتوفيت إريكا كريمر في إنسبروك في 21 سبتمبر عام 1996.
كانت إريكا كريمر واحدة من أوليات عالمات الكيمياء اللائي صنعن مسيرات مهنية ناجحة في القرن العشرين، وكانت مشهورة جدا على النطاق الدولي، وحصلت على عدة أوسمة شرف. في 1964 انتخبت عضوا مناظرا للأكاديمية النمساوية للعلوم. وفي 1958 حصلت على وسام فيلهلم إكسنر، وفي 1970 على جائزة إرفين شرودنجر، وفي 1977 و1978 على وسام تسفيت للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي، وأصبحت من أشهر العالمات في النمسا. في 1995 أقام المتحف الألماني معرضا في فرعه في بون ليشرح للجمهور كيف أنشأت إريكا كريمر أول جهاز للتفريق اللوني الغازي مع فريتز بريور في الأربعينيات.
المراجع
Archive of the Austrian Academy of Science, Vienna.
Archive of the Kaiser-Wilhelm-/Max-Planck-Gesellschaft, Berlin.
Archive of the University of Berlin, (files on the thesis and about the Habilitation).
Archive of the University of Innsbruck.
Beneke, K. (1999) Erika Cremer, in
Biographien und Wissenschaftliche Lebensläufe von Kolloidwissenschaftlern, deren Lebensdaten mit 1996 in Verbindung stehen , Reinhard Knof Verlag, Nehmten, pp. 311-334 (list of publications by Erika Cremer pp. 330-334).
Deutsches Museum Bonn (1995), Katalog der Ausstellung 1995, pp. 308-311.
Keintzel, B. and Korotin, I. (Eds) (2002)
Wissenschaftlerinnen in und aus Ősterreich. Leben - Werk - Wirken , Böhlau, Wien, pp. 121-124.
Miller, J. A. (1993) E. Cremer in
Women in Chemistry and Physics. A Biobibliographic Sourcebook (eds L. S. Grinstein, R. K. Rose, and M. H. Rafailovich), Greenwood Press, Westport, Connecticut, London, pp. 128-135.
Oberkofler, G. (1998)
Erika Cremer: Ein Leben für die Chemie , Studien-Verlag, Innsbruck-Wien.
Ogilvie, M. and Harvey, J. (Eds) (2000)
The Biographical Dictionary of Women in Science.
Century , vol. 1, Routledge, New York and London, p. 301-302.
Video (documentary film with Erika Cremer, produced in 1989/1990, 45 minutes).
Vogt, A. (2008)
Wissenschaftlerinnen in Kaiser-Wilhelm-Instituten. A-Z , 2. erw. Aufl., Berlin, (= Veröffentlichungen aus dem Archiv zur Geschichte der Max-Planck-Gesellschaft, Bd. 12), pp. 44-46.
Vogt, A. (2007)
Vom Hintereingang zum Hauptportal? Lise Meitner und ihre Kolleginnen an der Berliner Universität und in der Kaiser-Wilhelm-Gesellschaft , Franz Steiner Verlag,
Wöllauer, p. (1997) Wir müssen leider eine Frau nehmen, ... Erika Cremer und die Entwicklung der Gaschromatographie,
Kultur Technik
1, 29-33.
إليزا جيجي (1902-1987)
ماركو شاردي ومريم فوكاشا
قطعت إليزا جيجي، أستاذ الكيمياء العضوية في جامعة بولونيا، التزاما صارما طويل الأمد مع عمل البحث التجريبي، وقضت معظم حياتها في المعمل. ووثقت النتائج بمردود علمي ضخم (أكثر من 100 منشور) في مناطق مختلفة من الكيمياء العضوية. ظهرت معظم هذه المنشورات في جريدة «جاتزيتا كيميكا» التي كانت تحظى بمنزلة دولية رغم نشرها باللغة الإيطالية، رغم أن بعض المنشورات طبعت في «تقارير الجمعية الكيميائية الألمانية» (1937، 1938) وفي «هيلفيتيكا كيميكا أكتا» (1940). كانت تتناول في المقام الأول المواد العضوية الطبيعية، وفيما يتعلق بالاصطناع العضوي، ركزت على مركبات النيتروجين متغايرة الحلقة (البيرولات والإندولات والكاربازولات) عن طريق تحضير مركبات جديدة، وكذلك مشتقات الأسينافتين. •••
ولدت إليزا جيجي في بولونيا في 25 يونيو 1902 في كنف أسرة ثرية من الكيميائيين. قدم قانون كازاتي في 1859 دورة دراسية في الفيزياء-الرياضيات بالكليات التقنية، تؤهل للالتحاق بكليات الرياضيات والفيزياء والعلوم الطبيعية والصيدلة في الجامعة. لم يستثن القانون النساء من الوصول لأعلى مراتب التعليم؛ لأن الفكرة لم تخطر حتى على البال في ذلك الوقت، وقد مهد هذا الطريق لأول طالبات يطالبن بالحق في الدراسة، وكانت إليزا جيجي من هؤلاء الطالبات، وحصلت على دبلومة الفيزياء-الرياضيات في 1920.
بالإضافة إلى المناقشات التي كانت تستعر في ذلك الوقت حول حقوق النساء، بدأ عدد كبير من النساء في ارتياد الجامعة من سبعينيات القرن التاسع عشر فصاعدا، وفيهن هؤلاء اللاتي درسن الصيدلة؛ بفضل قانون بونجي الجديد الذي نظم حضور الطالبات من النساء إلى الجامعة.
افتتحت كلية الصيدلة في بولونيا في 1859 وكانت تقدم دورتين دراسيتين: دبلومة في الصيدلة تستمر لمدة ثلاث سنوات بالإضافة إلى سنة لاكتساب الخبرة الصيدلانية يقضيها الطالب في صيدلية، وشهادة في الكيمياء والصيدلة، تمنح بعد انتهاء أربع سنوات من الدراسات النظرية وسنة من الممارسة العملية. تخرجت إليزا من الكيمياء والصيدلة في 6 يوليو عام 1925، مع مرتبة الشرف، وأنجزت رسالتها بعنوان: «بيرولات الفينيل وبعض مشتقاتها غير الحية والألدهيدية» تحت إشراف البروفيسور جوزيبي بلانشيه، الذي كان هو نفسه طالبا لدى جاكومو شاميشان وخبيرا في الاصطناع العضوي. وكان من أساتذتها أيضا جايتانو شارييه (الذي كتبت نعيه لاحقا في 1938) وجيوفان باتيستا بونينو، وبفضل هؤلاء أرست إليزا خلفية علمية صلبة.
إليزا جيجي (تم الحصول على الصورة من المؤلفين).
في 1933 أهلت بوصفها مدرسة في الجامعة في الكيمياء الصيدلانية، ودرست الكثير من الدورات الدراسية على مر السنين، بما فيها الكيمياء العضوية، في كليات الصيدلة والعلوم.
في 1948 حصلت على الأستاذية في تكنولوجيا الصيدلة من كلية الصيدلة بجامعة فيرارا، في حين أنها بدأت في العام التالي تدريس الكيمياء العضوية في نفس الجامعة وأصبحت أيضا رئيس المعهد.
في 1952 حصلت على الأستاذية في الكيمياء العضوية تحت إشراف أستاذها جايتانو شارييه، وظلت في جامعة بولونيا ما بقي من مسيرتها الأكاديمية.
من عام 1956 إلى عام 1965 كانت رئيس كلية الصيدلة، وبفضل تفانيها ومثابرتها على البحث عن تمويل تمكنت من تجديد معهد الكيمياء الصيدلانية وتجهيزه بالمعامل الحديثة وبمكتبة زاخرة بالكتب.
نشرت كتبها الأولى بخصوص البيرول ومشتقاته مع شارييه، ولكن سرعان ما غامرت بعمل دراسات حول مشتقات الكاربازول بنفسها. وفي 1932 بدأت سلسلة من المشروعات مع شارييه. وركزا من بين أشياء أخرى على تركيب البنزانثرون ومشتقاته. في حوالي عام 1938 أخذ عملها طابعا كيميائيا صيدلانيا بشكل خاص، وبدأت النشر في جريدة «أنالي دي كيميكا فارماسوتيكا». وركزت على فيتامين ب6 والبروكايين والتكنولوجيا الرقمية. جازفت إليزا جيجي بدراسة موضوع تركيب الماروبين الصعب، وهي مادة توجد في أوراق وبراعم الفراسيون الشائع (حشيشة الكلاب) وهو نبات يتبع الفصيلة الشفوية، وينتشر بشكل خاص في شبه جزيرة سالينتو. نشرت إليزا نحو 11 ورقة بحثية عن هذا الموضوع، كان أولها مع برناردي في 1947 وآخرها في 1956. استند بحثها إلى سلسلة معقدة طويلة من التفاعلات والانفصالات، استغرقت وقتا طويلا وتطلبت جهدا شاقا. وكان من الصعب استخلاص النتائج التي يتم الوصول إليها الآن بمجهود أقل بكثير بالاستعانة بالوسائل الحديثة. في نهاية مسيرتها المهنية تقريبا ركزت إليزا على تركيب وتصنيع السيمونليت، حفرية التربينويد التي لا يزال الجيوكيميائيون يدرسونها، وكذلك الأسينافثين ومشتقاته، أيضا باستخدام التحليل الطيفي للأشعة تحت الحمراء.
على الرغم من أنها كانت مدرسة لطيفة وعطوفة تتمتع بعلاقات ممتازة مع طلابها، الذين كانوا يقدرون طيبتها ولطفها، فيبدو أنها كانت حاسمة في تبني الابتكارات العظيمة التي أحدثت ثورة في الكيمياء العضوية في مجال التدريس في منتصف القرن. ونشرت «محاضرات الكيمياء العضوية» (بولونيا، 1953) وبعدها بسنة نشرت «أطروحة الكيمياء الصيدلانية اللاعضوية» (بولونيا، 1954) مع شارييه. ولكن لسوء الحظ، سرعان ما جعل التقدم السريع في مجال الكيمياء العضوية وفي آليات التفاعل «محاضراتها» عتيقة الطراز؛ ومع ذلك، فهي لا تزال مفيدة للحصول على معلومات عن أصل مركبات طبيعية معينة.
المراجع
Archivio Storico dell’Università di Bologna (
www.archiviostorico.unibo.it ).
Colonna, M. (1990) Elisa Ghigi e la sua opera, in
1737-1987. Dalla Cattedra di J. B. Beccari ai Dipartimenti. 250 Anni di Chimica , (eds Breccia Fratadocchi, A. and Pasquinelli, A.) Università di Bologna, Bologna.
Dalla Casa, B. and Tarozzi, F. (1988) Da “studentinnen” a “dottoresse”: la difficile conquista dell’istruzione universitaria tra '800’ e '900’, in
Alma Mater Studiorum, La
Donne/cultura Universitaria Nell’ateneo Bolognese , CLUEB, Bologna, pp. 164-165.
Raicich, M. (1989) Liceo, università, professioni: un percorso difficile, in
L’educazione Delle Donne: Scuole e Modelli di Vita Femminile Nell’Italia Dell’Ottocento , (ed. S. Soldani) Franco Angeli, Milano, pp. 147-181.
كاثلين لونزديل (1903-1971)
سالي هوروكس
تدربت كاثلين لونزديل (الاسم الذي ولدت به ياردلي) في البداية على الرياضيات والفيزياء قبل أن تنتقل إلى الكيمياء من خلال بحثها في علم تصوير البلورات بالأشعة السينية، الذي كان مجالا جديدا في ذلك الوقت في بريطانيا، وجذب عددا كبيرا من العالمات الموهوبات جدا واحتفظ بهن . كان أستاذ لونزديل هو دبليو إتش براج، الذي تكفل بتمويل أبحاثها بعد أن تخرجت، وظل يدعم مسيرتها المهنية عندما بدا أن الزواج والأمومة يهددان قدرتها على الاستمرار في العمل العلمي. وكان ثمة شخصية محورية أخرى في حياتها، وهي زوجها، توماس لونزديل، الذي كان استعداده للقيام بالمهام المنزلية، التي كانت وقتها من اختصاص النساء بالكامل، شيئا حاسم الأهمية في حياتها. ولا يدهشنا أن لونزديل نصحت النساء اللائي يرغبن في اتخاذ مهنة في العلم أن يخترن أزواجهن بعناية، فلو أنها لم تختر زوجها بعناية، لما كانت في الغالب تمكنت من تحقيق سوى جزء ضئيل مما حققته. كان توماس أيضا شريكها في مسيرتها الأخرى بوصفها مناصرة لحركة إصلاح السجون وناشطة للسلام. •••
ولدت كاثلين ياردلي في نيوبريدج، بأيرلندا في 28 يناير 1903، وكانت أصغر الأبناء العشرة لهاري فريدريك ياردلي، الذي كان وكيل مكتب البريد المحلي وزوجته جيسي كاميرون التي تمتعت بشخصية قوية رغم ضآلة جسمها. عندما بلغت كاثلين الخامسة من عمرها قررت أمها، التي كانت من لندن أصلا، أن تغادر الأسرة أيرلندا وتتجه إلى بيئة إسيكس الأكثر استقرارا. وبعد الالتحاق بمدرسة داونشول الابتدائية بين عامي 1908 و1914 حصلت كاثلين على منحة للدراسة في مدرسة مقاطعة إلفورد الثانوية للبنات، وهناك ظلت حتى عام 1919، مع أخذ دروس في الفيزياء والكيمياء والرياضيات العليا في مدرسة المقاطعة الثانوية للبنين. ومكنها ذلك من ضمان منحة للدراسة في كلية بدفورد للفتيات في لندن عندما كانت في السادسة عشرة من عمرها، وفيها درست في البداية الرياضيات، ثم غيرت توجهها إلى الفيزياء بسبب حماسها للعمل المعملي والآفاق التي تفتحها الفيزياء لمسيرة مهنية في البحث التجريبي بدلا من التدريس الذي كان هو المهنة التي يسهل للفتيات خريجات العلوم الوصول إليها أثناء السنوات بين الحربين العالميتين. وفي 1922 حققت أعلى درجات في اختبارات البكالوريوس في جامعة لندن. وقد أثار هذا الإنجاز الذي حققته انتباه دبليو إتش براج الذي كان وقتها أحد ممتحنيها؛ فقدم لها منصبا بحثيا في تصوير البلورات بالأشعة السينية بكلية لندن الجامعية حيث حصلت على منحة قسم البحث العلمي والصناعي التي تبلغ 180 جنيها إسترلينيا في السنة. وعندما انتقل براج إلى المعهد الملكي في 1923، انتقل معه فريقه البحثي، الذي تضمن ياردلي، وفي العام التالي نشرت أولى ورقاتها البحثية.
كاثلين لونزديل (
http://www.britannica.com/EBchecked/topic-art/347705/39025/Dame- Kathleen-Lonsdale-1948 ).
في 1927 تزوجت ياردلي من توماس جاكسون لونزديل، وهو مهندس قابلته في الفترة التي قضتها بكلية لندن الجامعية، وانتقلا إلى ليدز حيث عمل توماس مساعدا في رابطة أبحاث الحرير، الموجودة في قسم النسيج بجامعة ليدز. وعلى الرغم من أنه كان من المعتاد أن تتقاعد النساء عن العمل العلمي بمجرد الزواج، فإن كاثلين استمرت في أبحاثها بدعم من زوجها، الذي قيل إن وجهة نظره هي أنه لم يتزوج ليحصل على خادمة مجانية. كانا يحرصان فيما بينهما على تقليل المهام المنزلية ومشاركتها؛ ليتمكن كلاهما من الاستمرار في عمله العلمي في المنزل في الأمسيات. عملت كاثلين في قسم الفيزياء حيث حصلت على وظيفة مساعد مدرس بدوام جزئي لتكمل منحة إيمي ليدي تيت التي حصلت عليها من كلية بدفورد من 1927 إلى 1929. ومكنتها منحة من الجمعية الملكية من شراء معدات جديدة، ووفر لها البروفيسور سي كيه إنجولد من قسم الكيمياء بليدز بلورات سداسي ميثيل البنزين، الذي عملت على توضيح تركيبه.
ولدت ابنة كاثلين وتوماس، جين، في 1929، وعادوا بعدها بفترة قصيرة إلى لندن حيث عمل توماس في معمل أبحاث رود. واصلت كاثلين أبحاثها طوال فترة حملها، وعندما كانت ابنتها صغيرة مكنتها منحة مديري المعهد الملكي التي تبلغ 50 جنيها إسترلينيا من الاستعانة بخادمة تعمل بأجرة يومية؛ مما أتاح لها الوقت للعمل على حساباتها. ومع ذلك، فإن العودة إلى لندن أخلت بعملها التجريبي، وظلت لمدة عامين تعمل في المنزل لحل مسائل رياضية وأكثر نظرية. ولدت طفلتها الثانية، نانسي، في 1931 وفي العام نفسه تمكن براج من توفير تمويل كاف من سير روبرت موند لدفع ما يكفي من المال للونزديل لحثها على العودة إلى معمله، حيث بقيت طوال الخمسة عشر عاما التالية. في البداية كانت المساعد البحثي لبراج ولكن لاحقا حصلت على منح وزمالات لعملها. وولد طفلها الثالث ، ستيفن، في 1934. وفي 1936 حصلت على الدكتوراه من جامعة لندن. وعندما توفي براج في 1942 واصلت العمل في المعهد الملكي تحت إشراف سير هنري ديل، وكانت زميل ديوار من 1944 إلى 1946. كان دور ديل، باعتباره رئيس الجمعية الملكية، مهما في تمهيد الطريق للنساء لترشيحهن للزمالة، وفي 1944 تم ترشيح لونزديل، بالإضافة إلى مارجوري ستيفنسون. في 22 مارس 1945 كانتا أول امرأتين تنتخبان لزمالة الجمعية الملكية.
في 1946 انتقلت لونزديل إلى أحد أقسام الجامعة عندما قبلت منصب مراجع في علم البلورات بكلية لندن الجامعية. كانت قد انسحبت من عملية الاختيار لكرسي الفيزياء في كلية بدفورد عندما اكتشفت قدر التدريس المطلوب في هذا المنصب. كذلك أصبحت محررة للجداول الدولية الخاصة بعلم تصوير البلورات بالأشعة السينية، وهو مشروع أخذ قدرا كبيرا من وقتها، وربما يكون قد نقص من قدرتها على متابعة أبحاثها الخاصة. في 1949 رقيت إلى منصب أستاذ ورئيس قسم؛ مما مكنها من تطوير مدرستها البحثية الخاصة. وأسست دورة ناجحة في تصوير البلورات بالأشعة السينية لطلاب الكيمياء ودورة ماجستير بين الكليات بالتعاون مع جيه دي برنال في كلية بيركبيك. واستمرت في خطوطها البحثية وطورت لاحقا اهتمامات جديدة، ولا سيما في الماس والحصوات البولية، وقد مول مجلس الأبحاث الطبية هذا المشروع الأخير وحول اهتماماتها نحو العلوم الطبية.
منذ منتصف الخمسينيات فازت لونزديل بالكثير من الأوسمة الشرفية، على الصعيدين القومي والعلمي. في 1956 منحت وسام الإمبراطورية البريطانية، وفي العام الذي يليه حصلت على وسام ديفي من الجمعية الملكية، التي كانت عضوا في مجلس إدارتها ونائب رئيس لها من 1960 إلى 1961. ومن 1959 إلى 1964 كانت السكرتير العام للجمعية البريطانية لتقدم العلوم وعملت رئيسا لقسم الفيزياء خلال عام 1967. وفي 1968 كانت أول امرأة ترأس الجمعية البريطانية لتقدم العلوم. منحها ثماني جامعات بريطانية شهادات شرفية. أما خارج المملكة المتحدة فقد كانت نائب رئيس الاتحاد الدولي لعلم البلورات من 1960 حتى 1966، وبذلك كانت أول امرأة تشغل هذا المنصب، وقد كرمت أيضا بتسمية شكل نادر من أشكال الماس يوجد في النيازك على اسمها.
كرمت لونزديل أيضا على أنشطتها خارج مجال العلم، بوصفها مناصرة قوية لتحسين الأوضاع في السجون وعضوا نشطا لحركة السلام، وقد انبثق كلاهما من معتقداتها الدينية القوية. كان كل من كاثلين وزوجها توماس قد أصبحا عضوين في جماعة بروتستانتية في 1935، وكانت كاثلين تنظر لأدوارها كعالمة وبروتستانتية وأم كأدوار مرتبط بعضها ببعض. وقد ارتبطت هذه الأنشطة ببعضها أثناء سجنها في معتقل هولواي لرفضها دفع غرامة قيمتها جنيهان إسترلينيان فرضت عليها لعدم تسجيلها في واجبات الدفاع المدني. لم يكن ثمة بند قانوني لرافضي الخدمة العسكرية، ومن ثم أودعت في السجن لمدة شهر. وقد زعم زوجها لاحقا أن هذه التجربة كانت التجربة الأهم التي شكلت حياتها، ومن بعدها أصبحت منشغلة بتفقد السجون والعمل عضوا في مجلس تفتيش سجن إيلزبري للنساء، ولاحقا نائب رئيس مجلس التفتيش بمؤسسة بولوود هول بورستال للفتيات. بالإضافة إلى ذلك كانت عضوا نشطا في حركة السلام، وانضمت إلى رابطة علماء الذرة عند بداية تأسيسها، ثم أصبحت فيما بعد نائب رئيس لها. حضرت العديد من اجتماعات باجوش، وكانت رئيس القسم البريطاني لرابطة المرأة الدولية للسلام والحرية وعضوا في لجنة الشرق-الغرب لجمعية الأصدقاء. وكانت كثيرة السفر، وفي بعض الأحيان تمكنت من الجمع بين تفقد السجون والمناقشات حول الأمن العالمي والاجتماعات العلمية. وقد كانت زيارات الولايات المتحدة الأمريكية في بعض الأحيان تنطوي على صعوبات، وقد أشار أحد مسئولي السفارة إلى أن ذلك كان نتيجة زيارتها «لروسيا والصين والسجون».
في 1961 تقاعد توماس وحمل على عاتقه بعض الأعباء ذات الصلة بأعمال السلام والسجون التي كانت تقوم بها. وانتقلا إلى بكسهيل في ساسيكس وأضافت كاثلين تغييرا أساسيا لعملها اليومي. تقاعدت في 1968 وأصبحت أستاذا شرفيا في كلية لندن الجامعية، وواصلت الكتابة في نطاق واسع من الموضوعات، ومن بينها الحصوات البولية والماس، إلى أن وافتها المنية.
العمل العلمي
كان أول الأعمال الكبرى التي قامت بها لونزديل، بالتعاون مع دبليو تي أستبري، عن العلاقة بين أنماط حيود الأشعة السينية والمجموعات الفضائية التي انبثقت منها. كان هذا بداية الاهتمام طويل الأمد بإنتاج جداول لمساعدة علماء البلورات في تحديد تركيب البلورات، وهو عمل كانت تستطيع الاستمرار فيه أثناء عملها في المنزل بعد عودتها من ليدز إلى لندن. وفي 1948 اختارها الاتحاد الدولي لعلم البلورات لترأس لجنته الجديدة المعنية بالجداول، وتحت إشراف لونزديل ظهرت طبعتان جديدتان من الجداول الدولية في 1951 و1959، وكانت هناك طبعة أخرى قيد الإعداد عندما تخلت عن منصبها في 1963.
أما عن مشروعها الثاني الذي أثمر أثناء وقت عملها في ليدز، فكان يتعلق بتركيب سداسي ميثيل البنزين، وهو أول تركيب لمركب عطري يعرف باستخدام حيود الأشعة السينية. بينت نتائجها أن حلقة البنزين توجد في الجزيء كشكل سداسي مسطح، وتأكدت هذه النتائج فيما بعد بدراسات لاحقة. كان هذا البحث أيضا مهما من الناحية المنهجية بسبب تطبيقها الناجح لمناهج فورييه لتحليل أنماط حيود الأشعة السينية.
عندما عادت إلى العمل التجريبي في المعهد الملكي تحولت اهتماماتها إلى اتجاهية الخواص المغناطيسية والضوئية كأداة مساعدة للتحليل التركيبي. وأثناء ثلاثينيات القرن العشرين اهتمت بالحركة الحرارية للذرات في البلورات. وانطوى ذلك على تطوير مناهج تجريبية جديدة من أجل إجراء قياسات عند درجات حرارة منخفضة. أثار الماس مشاكل محددة للونزديل وزملائها من الباحثين، وواصلت عملها بعد انتقالها إلى كلية لندن الجامعية، حيث عملت على الماس مع إتش جيه ميليدج الذي أتى للعمل معها في 1949 وأصبح شريكا مهما لها فيما تبقى من مسيرتها المهنية. استمرت لونزديل في العمل على الديناميكيات الشبيكة فيما بقي من حياتها، وتركت خلفها نصا غير مكتمل عن التوسع الحراري للبلورات عندما توفيت.
حولت لونزديل انتباهها في سنواتها الأخيرة إلى مسائل ذات طبيعة طبية وبيولوجية، وكان أول دخول لها في هذا المجال في 1954 عندما أدركت إمكانية الربط بين النشاط الدوائي والتركيب الهندسي لمركبات ن-ميثونيوم، وتبع ذلك في أوائل الستينيات العمل على الحصوات البولية، فبدراسة تركيب وتكوين هذه الحصوات كان من المرجو معرفة أي شيء عن تكونها، واستخدام هذه المعرفة لتحديد آلية تمنع تكونها ونموها.
كانت أبحاث لونزديل مترابطة بفضل أسلوبها المبتكر والمنهجي في التجريب، وقدرتها على تطبيق علم الرياضيات على بياناتها. لقد عملت عن قرب مع فنيي المعمل سواء في المعهد الملكي أو في كلية لندن الجامعية، كما ضمنت أسماءهم كشركاء في تأليف الكثير من منشوراتها. واستفاد طلابها من ملاحظتها الناقدة لأعمالهم، وأتى الباحثون من شتى بقاع العالم للعمل معها.
كانت كاثلين لونزديل عالمة متميزة لها أيضا نشاط واضح في إصلاح السجون وحركة السلام. وجلب لها عملها العلمي في مجال علم البلورات الكثير من الأوسمة الشرفية، وكانت من أوليات النساء اللائي رشحوا للجمعية الملكية، كما كانت أول امرأة تعمل رئيسا للجمعية البريطانية لتقدم العلوم. وكان عملها المعني بإصلاح السجون وكواحدة من نشطاء السلام نابعا من معتقداتها الدينية القوية. وعلى غير المعتاد للعالمات من النساء في جيلها، كانت قادرة على الجمع بين عملها العلمي والأمومة. ولم يكن هذا ممكنا إلا بمساندة زوجها القوية لها. فدون استعداده لقبول الترتيبات المنزلية غير المعتادة التي يقتضيها عمل زوجته كان من الصعب جدا على كاثلين أن تستمر في عملها العلمي أثناء صغر أطفالها، ولكانت مسيرتها المهنية الطويلة والناجحة قد انتهت بعد فترة قصيرة جدا.
المراجع
Baldwin, M. (2009) Where are your intelligent mothers to come from?: marriage and family in the scientific career of Dame Kathleen Lonsdale (1903-71).
Notes and Records of the Royal Society
63, 81-94.
Childs, p. (2003) Woman of Substance at
http://www.rsc.org/chemistryworld/Issues/2003/January/substance.asp (accessed 28 July 2010).
Hodgkin, D. M. C. (1975) Kathleen Lonsdale.
Biographical Memoirs of Fellows of the Royal Society,
21, 447-484.
Hudson, G. (2004) Lonsdale, Dame Kathleen (1903-1971).
Oxford Dictionary of National Biography,
Oxford University Press, Sept 2004; online edn, Oct 2009
http://www.oxforddnb.com/view/article/31376 (accessed 2 Aug 2010).
Julian, M. M. (1995) Kathleen and Thomas Lonsdale: forty-three years of spiritual and scientific life together. in
Creative Couples in the Sciences (eds H. M. Pycior, N. G. Slack and p. G. Abir-Am), Rutgers University Press, New Brunswick, pp. 170-181.
Lonsdale, K. (1970) Women in science: reminiscences and reflections.
Impact of Science on Society,
20, pp. 54-55.
Lonsdale, K. (1964)
I believe ... Cambridge University Press, Cambridge.
Rayner-Canham, M and Rayner-Canham, G. (2008)
Chemistry Was Their Life: Pioneer British Women Chemists, 1880-1949 , Imperial College Press, London.
مارتا لويزا فوجت (1903-2003)
أنيتا بي فوجت
كانت مارتا إل فوجت طبيبة وكيميائية واختصاصية في علم الأدوية من أصل ألماني-بريطاني. أسهمت بأبحاث أساسية في علم الفارماكولوجيا العصبية، وكانت واحدة من رواد علم الأعصاب في القرن العشرين. وقدمت اكتشافات شهيرة في مجال التشريح وتوزيع النواقل العصبية والهرمونات الكظرية. في 1952 أصبحت زميلة في الجمعية الملكية. •••
ولدت مارتا إل فوجت في برلين في 8 سبتمبر عام 1903، ونشأت في كنف أسرة باحثي المخ الشهيرين، سيسيلي (1875-1962) وأوسكار (1870-1959) فوجت. أصبحت أختها الصغرى مارجريتا فوجت (1913-2007) اختصاصية في علم الوراثة وباحثة معنية بالسرطان.
بعد تعليمها الثانوي، درست الطب والكيمياء من 1922 حتى 1927 في جامعة فريدريش فيلهلم ببرلين، وحصلت على شهادتي دكتوراه - الأمر الذي كان غير معتاد في القرن العشرين؛ إذ حصلت أولا في 1928 على شهادة الدكتوراه في الطب بأطروحة حول أبحاث المخ، ونشرت في الجريدة التي يحررها والداها. وبعد سنة ونصف فقط، في 1929، حصلت على شهادة الدكتوراه الثانية بأطروحة حول الكيمياء العضوية نشرت في جريدة «بيوكيميش تسيتشريفت»، التي كان يحررها وقتها عالم الكيمياء الحيوية الشهير كارل نيوبيرج (1877-1956). وكانت مارتا تعمل كطالبة دكتوراه في معهد القيصر فيلهلم للكيمياء الحيوية الذي أسسه نيوبيرج بين عامي 1927 و1929، وبفضل خلفيتها الأسرية (كانت أمها فرنسية) تعلمت الفرنسية، وبفضل العلاقات العلمية التي كانت لوالديها مع الزملاء الروس-السوفييت تعلمت أيضا الروسية.
مارتا لويزا فوجت.
من ديسمبر 1930 حتى أبريل 1935 عملت مارتا إل فوجت في معهد القيصر فيلهلم لأبحاث المخ في برلين-بوخ، الذي يديره أبواها سيسيلي وأوسكار فوجت، وكان هذا المعهد هو الوحيد في العلوم الذي يديره زوجان. بالإضافة إلى ذلك، كان معهد القيصر فيلهلم لأبحاث المخ هو المعهد الوحيد الذي يوظف عالمات من النساء، بما في ذلك عالمات متزوجات، ويتيح لهن فرص العمل. في يونيو 1931 أصبحت مارتا إل فوجت رئيس قسم الكيمياء الصغير حيث كانت تدرس تفاعلات مواد كيميائية معينة في المخ، وكان هذا البحث يجرى جزئيا بالمنافسة مع القسم الزائد في معهد القيصر فيلهلم للطب النفسي في ميونخ، الذي يرأسه الباحث الأمريكي إرفين إتش بيج (1901-1991)، وأسهم القسمان في هذا المجال الذي أطلق عليه لاحقا الكيمياء العصبية.
مارتا لويزا فوجت (أرشيف أكاديمية برلين-براندنبورج للعلوم، برلين: مجموعة القسم، مجموعة الصور، مارتا فوجت).
قررت مارتا فوجت، بسبب النظام النازي في ألمانيا، ألا تعيش تحت هذه الظروف، وهاجرت. في 1935 سافرت إلى بريطانيا العظمى بفضل الزمالة التي حصلت عليها من مؤسسة روكفلر. في 1939 طلبت الجنسية البريطانية التي حصلت عليها أخيرا في 1947، وفي بريطانيا العظمى عملت أولا في لندن من عام 1935 حتى 1936 في معمل إف4 التابع للمعهد القومي للأبحاث الطبية تحت إشراف سير هنري إتش ديل (1875-1968) في هامبستيد/لندن. ثم درست ثانية، وفي 1937 حصلت على شهادتها الأكاديمية الثالثة، شهادة الدكتوراه من جامعة كامبريدج. وهكذا بدأت قصة من «قصص النجاح» النادرة لمهاجرة ألمانية. ومن 1937 حتى 1940 كانت زميلة في كلية جيرتون بجامعة كامبريدج، وهي واحدة من أقدم وأشهر كليات النساء؛ بفضل زمالة ألفريد يارو البحثية. من 1941 حتى 1946 عملت في الجمعية البريطانية الصيدلانية حيث أجرت أبحاثا حول مسائل دوائية. من 1947 حتى 1960 درست وأجرت أبحاثا في المعمل الفارماكولوجي بجامعة إدنبرة. في 1960 عادت إلى كامبريدج وأصبحت رئيس الوحدة الفارماكولوجية التابعة لمعهد مجلس الأبحاث الزراعية المعني بفسيولوجيا الحيوان. وبعد تقاعدها في 1968 واصلت أبحاثها حتى أواخر الثمانينيات ، عندما انتقلت إلى لاهويا، كاليفورنيا؛ لتقيم مع أختها مارجريتا فوجت التي كانت تعمل في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا باحثة في مجال السرطان. وفي هذا المكان توفيت مارتا إل فوجت في اليوم التالي لعيد ميلادها المائة في 9 سبتمبر عام 2003.
كان العمل العلمي لمارتا فوجت مرتبطا في البداية بدراسة المواد الكيميائية وتأثيرها على المخ، وبحثت مع سير هنري إتش ديل وفيلهلم فيلدبرج دور الناقلات العصبية الكيميائية، وفي عام 1936 نشروا مقالتهم معا. أما أشهر منشوراتها فقد نشر في 1954 بعنوان: «تركيز السيمباثين في الأجزاء المختلفة من الجهاز العصبي المركزي في الظروف الطبيعية وبعد إعطاء العقاقير»، وأصبحت من رواد علم الأعصاب. وقدمت إسهامات مهمة لفهم دور النواقل العصبية في المخ. كانت مارتا لويزا فوجت واحدة من أهم وأشهر العالمات في القرن العشرين، وواحدة من رواد الفارماكولوجيا العصبية وطب الأعصاب والغدد الصم، وواحدة من رائدات العلوم العصبية في القرن العشرين، وتعد سوزان جرينفيلد من أبرز تلاميذها.
كانت مارتا لويزا فوجت تحظى بالاحترام والتقدير في المجتمع العلمي، ففي 1952 انتخبت زميلا للجمعية الملكية، وحصلت بعد ذلك على عدة شهادات دكتوراه شرفية، وأصبحت زميل كلية جيرتون بجامعة كامبريدج مدى الحياة في 1960، وفي 1977 انتخبت عضوا شرفيا أجنبيا في الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم. حصلت على عدة جوائز وميداليات: في 1974 حصلت على جائزة شميديبرج بلاكيتا من الجمعية الألمانية لعلم الأدوية والسموم، وفي 1976 حصلت على ميدالية ثوديتشوم من المجموعة الكيميائية العصبية التابعة للجمعية البريطانية للكيمياء الحيوية، وفي عام 1981 حصلت على الميدالية الذهبية من الجمعية الملكية («ميدالية الملكة الذهبية»)، وفي 1983 حصلت على ميدالية ويلكم الذهبية من الجمعية البريطانية لعلم الأدوية. وكانت عضوا في الجمعية البريطانية لعلم الأدوية وفي الأكاديمية المجرية للعلوم وفي الجمعية البريطانية لعلم الأدوية النفسية، وهي زميل شرفي في الجمعية الملكية للطب، وعضو شرفي في الجمعية الفسيولوجية، وهذه بعض الألقاب التي حصلت عليها وليس كلها.
المراجع
Important publications:
Biographisches Handbuch der deutschsprachigen Emigration nach 1933 (International Biographical Dictionary of Central European Emigrées 1933-1945) (1983) vol. II, 2, p. 1195 (eds. Röder, W. and Strauss, H. A.) Saur Verlag, München.
Greenfield, S. (1993) Marthe Louis Vogt F. R. S. (1903-)
in Women Physiologists (eds L. Bindman, A. Brading, T. Tansey) Portland Press, London, Chapel Hill, pp. 49-59.
Mason, J. (1995) The women fellows’ jubilee,
Notes and Records R. Soc. (London),
49 (1), 125-140.
Mason, J. (1992) The admission of the first women to the Royal Society of London,
Notes and Records R. Soc. (London),
46 (2), 279-300.
Medawar, J. and Pyke D. (2001) Hitler’s Gift.
The True Story of the Scientists expelled by the Nazi Regime,
Foreword by Dr. Max Perutz, Arcade
Ogilvie, M. and Harvey, J. (Eds) (2000)
The Biographical Dictionary of Women in Science.
Century , vol. 2, Routledge, New York and London, pp. 1330-1331.
Vogt, A. (2008)
Wissenschaftlerinnen in Kaiser-Wilhelm-Instituten. A-Z . 2. erw. Aufl., (= Veröffentlichungen aus dem Archiv zur Geschichte der Max-Planck-Gesellschaft, Bd. 12), Berlin, pp. 200-204.
Vogt, A. (2007)
Vom Hintereingang zum Hauptportal? Lise Meitner und ihre Kolleginnen an der Berliner Universität und in der Kaiser-Wilhelm-Gesellschaft , Franz Steiner Verlag,
Vogt, M. (1954) The concentration of sympathin in different parts of the central nervous system under normal conditions and after the administration of drugs,
J. Physiol.,
123, 451-481.
Vogt, M. (1947) Cortical lipids of the normal and denervated suprarenal gland under conditions of stress,
J. Physiol.,
106, 394.
Vogt, M., Dale, H. H. and Feldberg, W. (1936) Release of acetylcholine at voluntary nerve ending,
J.
86, 353-379.
كارولينا هنرييتا ماكجيلفري (1904-1993)
مينكه بوش
كانت كارولينا ماكجيلفري عالمة كيمياء متخصصة في علم البلورات وواحدة من رواد علم دراسة حيود البلورات بالأشعة السينية في هولندا. ونظرا لأنها كانت ذات موهبة فذة في الرياضيات، فقد ابتكرت على نحو مستقل، شأنها شأن عالمين أمريكيين آخرين في الوقت عينه، طريقة مباشرة لحساب بيانات دراسة البلورات بالأشعة السينية. كانت أطروحتها عن البلورات الملتصقة، ومن 1950 كانت مشغولة بدراسة فيتامين إيه. وأصبحت واحدة من أوليات النساء اللائي شغلن منصب الأستاذية في هولندا وأول امرأة تعين عضوا في الأكاديمية الهولندية الملكية للفنون والعلوم. وبعد لقائها بالفنان التصويري إم سي إشر، أصبحت مهتمة بعمله المثير للاهتمام الذي يتعلق بالصور المستحيلة، وفي 1965 نشرت كتاب «جوانب التناظر في رسوم إم سي إشر الدورية». •••
كانت كارولينا هنرييتا ماكجيلفري، أو لين بالنسبة للأسرة والأصدقاء، أو ماك بالنسبة لزملائها في العمل والدراسة، الابنة الثانية بين ستة أبناء لدى بيئة أسرية مثقفة. كان والدها جراح مخ، وكانت أمها مدرسة. التحقت بمدرسة بارلايوس الثانوية في أمستردام، وبدأت دراسة الكيمياء في جامعة أمستردام في 1921، وكانت موهوبة في علم الرياضيات وكثيرة الاهتمام باكتشاف ميكانيكا الكم في 1925. قامت كطالبة بعمل عرض تقديمي عن الحسابات الميكانيكية الكمية لجزيء الهيدروجين، وبتشجيع من كبير المحاضرين جيه إم بايفوت، الذي كان رائدا في مجال حيود الأشعة السينية للبلورات، وتخصصت في كيمياء الحالة الصلبة، ولا سيما علم البلورات الكيميائي. حصلت على شهادة الماجستير الخاصة بها في 1932 بتفوق، وكانت مساعدة للبروفيسور إيه سميتس في معمل الكيمياء العامة وغير العضوية بجامعة أمستردام. ومن خلال عملها في مجال حيود الأشعة السينية، فتنت بجمال البلورات الذي نبع من التفاعل والتناغم الكامل بين الترتيب والانتظام والحدود واللون والتنوع وعدم الانتظام الطبيعي والانحراف الموجود في التركيب البلوري. وفي يناير 1937، حصلت بتفوق أيضا على درجة الدكتوراه عن أطروحة تتناول تركيب عدة بلورات متلاصقة. وبعد حصولها على الدكتوراه مباشرة، عملت ماكجيلفري لستة أشهر مساعدا في معمل الكيمياء الفيزيائية في ليدن، وبحلول سبتمبر من نفس العام شغلت منصب مساعد لبايفوت في معمل البلورات بجامعة أمستردام، الذي ظلت تعمل به طوال ما بقي لها من مسيرتها المهنية. ونشرت مع بايفوت في 1938 عملها المرجعي «تحليل البلورات بالأشعة السينية» والعديد من الإسهامات المهمة للجريدة الألمانية الفيزيائية «نيدرلاندس تيسخيفس فور ناتوركوند» ولمجلة «نيتشر» وللجريدة الألمانية الكيميائية «خيمس فيكبلاد». وفي 1941 عينت أمينا على المعمل، وتلا ذلك تعيينها في عام 1946 ككبير محاضرين في علم البلورات الكيميائي بجامعة أمستردام.
كارولينا هنرييتا ماكجيلفري، صورة من الأكاديمية الهولندية الملكية للفنون والعلوم.
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، غامرت ماكجيلفري بالدخول في مجالات بحثية جديدة، كما وسعت نطاق عملها على المستوى الدولي، ففي 1947 حضرت المؤتمر الأوروبي الأول حول علم دراسة البلورات، الذي نظمه دبليو إل براج في المؤسسة الملكية بلندن. وفي 1948-1949 ذهبت مع زمالة الجمعية الكيميائية الأمريكية التابعة لليونسكو لمدة عدة أشهر إلى الولايات المتحدة، وأثناء وجودها هناك مثلت هولندا في المؤتمر الأول للاتحاد الدولي لعلم البلورات، وانتخبت في هذا المؤتمر عضوا في اللجنة المعنية بالعمل المرجعي المكون من ثلاثة مجلدات «الجداول الدولية لدراسة البلورات بالأشعة السينية» والخاص بالاتحاد الدولي لعلم البلورات. وكانت واحدة من محرري المجلد الثالث «الجداول الفيزيائية والكيميائية» الذي نشر للمرة الأولى في 1962، وكان من بين المحررين المشاركين صديقتها عالمة البلورات البريطانية كاثلين لونزديل والألماني جيرارد ريك.
استخدمت ماكجيلفري في الولايات المتحدة الأمريكية حاسبا تناظريا صمم خصوصا لإجراء أبحاث علم البلورات، الأمر الذي خلصها من الحاجة لإجراء الكثير من الحسابات اليدوية. وفي العام نفسه، في اجتماع للجمعية الأمريكية لعلم البلورات، قدمت عملها حول «الطريقة المباشرة» للحساب في علم البلورات. وقد اعتبرت هذه الطريقة تطويرا لمعادلة دي هاركر وجيه إس كاسبر. ونشرت إسهاماتها في الطريقة عن طريق ببينسكي في كتابه «طرق الحساب والمشكلة المرحلية في تحليل البلورات بالأشعة السينية» في 1952. وبين عامي 1954 و1960 كانت ماكجيلفري عضوا نشطا في اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لعلم البلورات.
حظيت ماكجيلفري بفضل معرفتها الواسعة والموضوعات التي اختارتها وتمكنها من التقنيات التجريبية، بدور رائد في مجتمع محللي الأشعة السينية القومي والدولي على حد سواء. وفي 1948 كانت واحدة ممن حثوا على تأسيس المؤسسة الألمانية لأبحاث المادة الأساسية باستخدام حيود الأشعة السينية، والتي رأستها حتى عام 1972. وتواصلت ماكجيلفري وعملت مع الباحثين في معمل فيليبس الوطني الذين اهتموا بجهودها للحصول على حاسب كبير. ونتج عن كل هذه الأنشطة، في 1950، تعيينها أستاذا استثنائيا في علم البلورات الكيميائي في جامعة أمستردام. وللمرء أن يتساءل إن كانت ستعين أستاذا كاملا إذا كانت رجلا، ولكن على الأقل جاء التقدير الكامل لتفوقها في 1958. وفي الوقت نفسه كانت أول امرأة ترشح عضوا في الأكاديمية الهولندية الملكية للفنون والعلوم في 1950، وفي 1961 أصبحت مديرا لمعمل البلورات في أمستردام، الذي كان في ذلك الوقت مؤسسة مستقلة، وفي 1966 شكلت شراكة مدى الحياة مع الأخصائي الطبي جيه إتش نيوينهايزن.
كان علماء البلورات الذين شاركوا في هذه المرحلة الريادية يشعرون بأن عملهم ضروري ملح؛ مما عزز لديهم حس التعاون (الدولي) وليس المنافسة. في محاضرتها الافتتاحية في 1950 عبرت عن جزء من هذا الإحساس بوصفها لعلم البلورات ولممارسيه بأنه مجال بحثي جذاب للمرأة أيضا. كان من الضروري أن يتمتع العلماء بسمات معينة منها الحس الفني والمرونة العقلية والخيال الفضائي والحدس، علاوة على ذلك كان علم البلورات يدرس في مجموعات صغيرة وليس في معامل الكيمياء والعلوم الطبيعية الفوضوية الضخمة التي كانت بمثابة معقل للرجال. أدهش مظهر ماكجيلفري الجمهور العريض الذي لا يزال يتصور شكل العالمة الكادحة غير المهتمة بأناقتها، وحصلت على انتباه الصحافة وملاحظتها لها كشابة فتية خلوقة «ترتدي قميصا مريحا وتنورة ذات نقوش مربعة زاهية الألوان.» واستطاعت ماكجيلفري أن تخلق في المعمل جوا وديا تحول فيه الكثير من علاقات العمل إلى صداقات. ومن 1957، حصل 21 باحثا على شهادات الدكتوراه الخاصة بهم تحت إشرافها، بالإضافة إلى ذلك كانت ثقافة المعمل أن يحتفل بالنجاح احتفالا مصحوبا بالموسيقى.
بعد خمسينيات القرن العشرين، أصبح بحثها البنيوي يركز على دراسة فيتامين إيه والمركبات المرتبطة به. كان هذا البحث مهما لعملية الإبصار الفسيولوجية، وأثناء هذه الأنشطة المتخصصة بدأت الجمع بين حبها لعلم البلورات وحبها للفنون والطبيعة. ومن المظاهر المهمة لهذا الحب لقاؤها الفنان التصويري إم سي إشر في 1959؛ فقد رأت على الفور أن القواعد المتكررة للأشكال التي تظهر في عمله تشبه القواعد المنتظمة في المواد البلورية، وطلبت منه عرض عمله في مؤتمر الاتحاد الدولي لعلم البلورات في كامبريدج في 1960، وبناء على طلب الاتحاد كتبت مقالا عن عمله، ونشر هذا المقال في 1965 تحت عنوان «جوانب التناظر في رسوم إم سي إشر الدورية». ومع ذلك فلم تنشغل بشكل كبير بالجوانب التاريخية والرياضية والفنية لعلم البلورات، والتي ظهرت أيضا في سياقات أخرى مثل الفن، إلا بعد تقاعدها عن العمل من منصب الأستاذية. وبالاستناد إلى المنشورات والمحاضرات التي تتناول التناظر في أشياء مثل المرايا والحيوانات والمحاصيل والمعادن والمناظر الطبيعية الألمانية، تمكنت من شرح الأعمال الفنية - وكذلك الطبيعة والعلوم - للجمهور العريض. على سبيل المثال، في محاضرة مؤتمر أمستردام الخاص بالاتحاد الدولي لعلم البلورات في أمستردام في عام 1975، التي حملت عنوان «النظام والجمال»، تعرف الجمهور على كيفية حصول البلورات على مظهرها وكيفية خلق الجمال من النظام وعدم الانتظام في كل المجالات المشار إليها أعلاه، وكيف يمكن أن نلاحظ تماثلات وتشابهات عظيمة بين هذه المجالات شديدة الاختلاف.
قالت ماكجيلفري في محاضرة الوداع الخاصة بها بوصفها أستاذا في علم البلورات الكيميائي في جامعة أمستردام: «العلم الخالص وأثره الاجتماعي، هما مجالان مختلفان يمكن الفصل بينهما تماما.» يمكن أن يرأب تبسيط العلم هذه الفجوة، ولكن القليل من العلماء نجحوا في ذلك. مع ذلك، فما من شك في أن ماكجيلفري نفسها نجحت في القيام بذلك من الستينيات؛ بالاستناد إلى معرفتها الواسعة واهتماماتها المتعددة. وركزت في مجالها المتخصص على نطاق متنوع جدا من الموضوعات البحثية، وتمكنت من أن تبتكر في اتجاهات عديدة. كذلك كان لها معرفة موسعة في النباتات والحيوانات، إضافة إلى الأدب والفنون والموسيقى، كما وجدت الوقت لتعزف الكمان بوصفها عضوا في الفرقة الرباعية المكونة من أعضاء المعمل. جذبت محاضراتها العامة جماهير عريضة، سواء من العلماء أو من سواهم. ومن خلال قدرتها على التعبير بمصطلحات مادية عما ينبثق منه جمال البلورات، على سبيل المثال، نجحت في توصيل المعرفة العلمية الخالصة إلى الكثيرين من غير المنتمين للمجتمع العلمي قبل وفاتها في 1993.
دفنت كارولينا ماكجيلفري بجوار شريكها الذي توفي قبلها بسبع سنوات . حصلت في حياتها على العديد من الأوسمة والعضويات الشرفية، وتركت جزءا كبيرا من إرثها للأكاديمية الهولندية الملكية للفنون والعلوم لإنشاء مؤسسة ماكجيلفري التي تهدف إلى دعم الباحثين الشباب الذين يسهمون بأبحاثهم في العلوم الطبيعية في حل مشاكل البلدان النامية.
المراجع
Bosch, M. (2006) Fascinated by Crystals’ Sublime Beauty. Carolina Henriette MacGillavry, First Woman of the Royal Netherlands Academy of Arts and Sciences (KNAW), in R. Oldenziel and M. Bosch (eds)
Curious Careers. An Unexpected History of Women in Science and Technology , Stichting Historie en Techniek, Eindhoven.
Bruinvels-Bakker, M. and de Knecht-van Eekelen, A. (1997) Carolina H. MacGillavry: eerste vrouw in de Koninklijke Nederlandse Akademie van Wetenschappen; over de schoonheid van kristallen, vrouwelijke intuïtie en lenigheid van geest.
Gewina,
20, 309-331.
Bruinvels-Bakker, M. Th. Mac Gillavry, Carolina Henriette (1904-1993), in
Biografisch Woordenboek van Nederland . URL:
http://www.inghist.nl/Onderzoek/Projecten/BWN/lemmata/bwn5/mac_gillavry (accessed 13-03-2008).
Looijenga-Vos, A. (1994) Carolina Henriëtte Mac Gillavry, in
Levensberichten en herdenkingen 1993. Koninklijke Nederlandse Akademie van Wetenschappen , Amsterdam. pp. 54-59.
لوسيا دو بروكير (1904-1982)
بريجيت فان تيجلين
عينت لوسيا دو بروكير مساعدة للبروفيسور جيه تيمرمانس (1899-1986) في 1927. وبعد التهنئة المعتادة من رئيس جامعة بروكسل الحرة، نصحها بألا تطمح في منصب أعلى من هذا. أثبت المستقبل أن تحفظات رئيس الجامعة كانت خاطئة؛ لأنها أصبحت أول امرأة تعين أستاذا في الكيمياء في بلجيكا، وكذلك أول امرأة تعين أستاذا في كلية علوم بلجيكية. كانت مدرسة متميزة تعلم الكيمياء العامة لمئات الطلاب، وتوجه الكثير من الكيميائيين المتخصصين. كانت أيضا اشتراكية واعدة جدا ومفكرة حرة شاركت في الكثير من الجمعيات والأنشطة الاجتماعية. •••
ولدت لوسيا فلورنس تشارلوت في 13 يوليو عام 1904 في بروكسل، وكان والدها لوي دو بروكير سياسيا معروفا وعضوا في الحزب الاشتراكي، بل إنه دخل السجن لنشره منشورا مقاوما للنظام العسكري في 1898. ورغم آرائه جند في الجيش البلجيكي في 1914 عن عمر يناهز الرابعة والأربعين. وبعد الهزيمة، عندما كانت لوسيا في العاشرة من عمرها، هربت الأسرة إلى إنجلترا. قادته مسيرته السياسية الناجحة إلى تبوء العديد من المراكز في بلجيكا وإلى تمثيل بلده في مناصب دولية كثيرة، مثل عصبة الأمم. وكان أيضا مناصرا مبكرا لتعليم المرأة، كما كانت أم لوسيا، جيرترود جينزبيرج، نفسها متعلمة؛ الأمر الذي كان غير معتاد على الإطلاق في ذلك الوقت؛ لذا لم يكن من المفاجئ أن تجد لوسيا من يشجعها على دخول الجامعة بعد إنهائها للمدرسة في بلجيكا وفي بريطانيا العظمى أثناء الحرب العالمية الأولى. ولم يكن هذا بالمهمة البسيطة؛ لأن دخول الجامعة وقتها كان يقتضي معرفة اللغتين اللاتينية واليونانية، ولم تكن هاتان اللغتان تدرسان في مدارس البنات في ذلك الوقت.
لوسيا دو بروكير، صورة مقدمة من المؤلفة.
كانت لوسيا شديدة الإعجاب بالتزام والدها الاجتماعي، ووقرت ذكراه طوال حياتها. ولا بد أن التزامها هي شخصيا قد نبع من تشربها لمبادئه المثالية منذ الصغر، ولكنها لم تشأ أن تسير على نهج أبيها بالكامل؛ فهي لم تهدف قط إلى امتهان السياسة، ورغم أنها كانت شديدة الانجذاب إلى التاريخ؛ فقد اختارت العلوم. كانت تعتقد أنها تفتقد الموهبة الأدبية، ولكنها تمتلك موهبة الاستدلال المنطقي المطلوبة للنجاح في العلوم. وكانت تعلم أنها تستطيع الالتحاق بأي وظيفة بمنتهى السهولة بمساعدة أبيها إذا أنهت دراستها ل «الفلسفة والآداب»، ولكن لم يكن هذا ما كانت تريده بالضبط، كانت تريد أن يرجع نجاحها لعملها فقط. ثمة سبب آخر جعلها تختار الكيمياء، وهو إعجابها بامرأة، وهي ديزي فيرهوخن، التي كانت تشغل منصب «رئيس عمل» في الكيمياء العضوية بجامعة بروكسل الحرة (وهو منصب أعلى من مساعد في المهن العلمية ولكنه لا يؤدي إلى أي ألقاب أكاديمية كلقب أستاذ). في الواقع لا نعرف الكثير عن ديزي فيرهوخن، وما زال التاريخ يحتاج إلى البحث في مثل هذه الشخصيات الثانوية التي مهدت الطريق للعالمات فيما بعد.
في 1927 قدمت رسالتها المعنونة «امتصاص الإلكتروليتات بواسطة الأسطح البلورية»، التي تلقت عليها جائزة من الأكاديمية الملكية البلجيكية. كان بحثها بالكامل يركز على امتصاص الأيونات المعدنية بواسطة الأسطح البلورية، باستخدام أربع تقنيات تجريبية مختلفة لمقارنة النتائج. كانت الدقة والانضباط هما الطابع المميز لعملها التجريبي. وبينت من بين أشياء أخرى أن أيون ثلاثي اليوديد مثبت على نحو عمودي على سطح كبريتات الباريوم؛ مما جعلها على خلاف مع الكيميائي الأمريكي ذي الأصل الألماني آي إم كولتوف (1894-1993)، وتم حل هذا الخلاف عندما تبادل الاثنان عيناتهما واكتشفا أنهما مختلفتان بسبب اختلاف طرق التحضير. شغلت منصبا أهلها للتدريس على المستوى الجامعي في 1933؛ ومن ثم عملت معلمة بديلة لبعص الوقت. وفي 1937، حصلت على منصب محاضر في جامعة بروكسل الحرة للكيمياء العامة، الأمر الذي جعلها أول امرأة تدرس في كلية علوم بلجيكية. وتغير تركيزها البحثي مع الحرب؛ فبعد أن انتقلت مع أبيها إلى إنجلترا في 1914، درست تآكل الرصاص بواسطة ماء الصنبور وتآكل سبائك الألومنيوم والماغنيسيوم بفعل الهواء الجوي، بالإضافة إلى أمور أكثر خصوصية مثل تآكل التوصيلات النحاسية الخاصة بأبواق السيارات المصفحة بفعل رمل الصحراء! كذلك رأست قسم الكيمياء الصناعية في وزارة الشئون الاقتصادية لحكومة المنفى البلجيكية في لندن.
وبمجرد أن عادت إلى بلجيكا في 1944، أعادت تنظيم منهج الكيمياء ووجدت الدعم المالي لدعوة أساتذة أجانب. وعينت في 1946 مديرا لمعمل الكيمياء العامة، وفي 1951 مديرا لمعمل الكيمياء المعدنية والتحليلية، وكان فريقها يطلق عليها لقب «صاحبة المعمل». أصبحت مهتمة بالغروانيات والجزيئات الضخمة، التي فحصت الخصائص الفيزيائية الكيميائية لها عندما تكون في محلول. وخلال سنوات عديدة، تعاونت مع إيليا بريجوجين في بحث مشترك عن الديناميكا الحرارية في المرحلة السائلة؛ فقدمت النتائج التجريبية في حين كان هو مسئولا عن التطورات النظرية.
في عام 1953 منحت جائزة ويتريمز من قبل الأكاديمية الملكية البلجيكية تقديرا لها على عملها العلمي. وأصبحت أبحاثها أبطأ في الستينيات؛ نظرا لأنها كانت تدرس المزيد والمزيد من الدورات الدراسية، وعينت أستاذا كاملا في 1945 (أثناء الحرب العالمية الثانية أغلقت جامعة بروكسل الحرة تماما على يد الاحتلال الألماني) وأعطيت مسئولية تدريس الكيمياء العامة. صممت دورة دراسية جديدة تماما مبنية على المبادئ الأساسية والتفكير والاستدلال بدلا من الذاكرة، كما كان معتادا في دورات المبتدئين، ومع ذلك تتضمن العديد من البراهين التجريبية الأصلية. بعد ذلك قبلت واجبات تدريسية أخرى، تتراوح بين الكيمياء التحليلية إلى الغروانيات والجزيئات الضخمة إلى الكيمياء الفيزيائية أو غير العضوية. وشاركت منذ 1939 أيضا في تدريب مدرسي العلوم المستقبليين. وأتاح لها الانتباه إلى المبادئ الأساسية والخبرة التي اكتسبتها من التدريس أن تكتب كتابا تاريخيا: «تطور التفكير العلمي: تطور أفكار الذرات والعناصر.»
عملت رئيسا لكلية العلوم في 1962-1963، وفي 1965 شاركت في مجلس إدارة معاهد سولفاي الدولية للفيزياء والكيمياء المرتبطة بجامعة بروكسل الحرة. وعندما اجتازت الجامعة دعوة طلابية مدوية للإصلاح في 1968، عملت رئيسا للمجمع العامل على لوائح جامعة بروكسل الحرة الجديدة؛ مما يدل على مدى الثقة التي كانت تحظى بها بين زملائها وطلابها على حد سواء، بالإضافة إلى ذلك فقد كانت عضوا في مجالس إدارات الكثير من الهيئات المعنية بالشئون العلمية ، داخل الجامعة وخارجها. ونظرا لاهتمامها الزائد الدائم بالاتجاهات الجديدة في تدريس العلوم ونقلها، شاركت في تأسيس جمعية الباحثين الشباب في بلجيكا في 1957، والتي كانت تشجع الأنشطة العلمية للشباب، وما زالت الجمعية تتمتع بنشاط بالغ حتى الآن. أيضا يبين اهتمامها الشديد بجيل الشباب تأسيسها لجمعية لوسيا دي بروكير، التي أنشأتها بمناسبة تقاعدها لتتيح لطلاب الكيمياء الشباب من جامعة بروكسل الحرة البقاء بالخارج.
كانت ملابسها بسيطة غير مبهرجة؛ فكانت إما ترتدي بزة سوداء وإما رمادية، هذا إذا لم تكن تتجول مرتدية معطف المعمل. ولكن خلف هذه الصورة المتقشفة، فإن كل من تعامل معها سرعان ما كان يكتشف شخصيتها المتحمسة الدقيقة المجتهدة. كانت مفعمة بالنشاط والكرم والوعي الاجتماعي، وتحضر أي اجتماع باستعداد كامل. كانت دائما مولعة بتوصيل معرفتها وعلمها. وأثارت شخصيتها، وكذلك مواهبها التعليمية ومهاراتها البحثية، إعجاب آلاف الطلاب على مدار السنين حتى تقاعدت في عام 1974. ومع ذلك كانت سمعتها أطيب على الصعيد الاجتماعي السياسي؛ ففي عام 1934، اختيرت لتكون أول رئيسة للجنة النسائية العالمية لمكافحة الحرب والفاشية، وشنت حملة تتفق مع إيمانها الراسخ لتأييد النظام الجمهوري في إسبانيا عام 1936.
باعتبارها مفكرة حرة، انضمت إلى جماعة الماسونيين في اتحاد الإخلاص والسلام الذي حصلت فيه على لقب خبير مبجل بين عامي 1964 و1966. ونظرا لمشاركتها في الكثير من دوائر المفكرين الأحرار اكتشفت أن ما يعوق فعاليتهم هو تشتتهم، وفي 1969 قامت بمبادرة مركز العمل العلماني لتنسيق جميع جهود هذه المؤسسات المتخصصة المتفرقة، ولا سيما عند الحديث إلى السلطات العامة.
نظرا لكونها أول مدرسة أكاديمية من النساء، فكثيرا ما كانت تسأل في المقابلات عن مسألة تكافؤ الفرص، ولم تنضم إطلاقا إلى أي جماعة لمناصرة المرأة. كانت مقتنعة أن حرية المرأة لا يمكن تحقيقها دون دعم الرجل، أو خارج المؤسسات الموجودة؛ ولذلك فعلى المرء أن يستمر في العمل داخل المجموعات المختلطة في كل مستويات المجتمع، وأيضا أن يقبل التحدي أو التحفظ، كما فعلت هي عندما أصبحت أستاذا كاملا في 1945: كان عليها أن تعد بأنها سوف تستقيل في غضون أسبوعين لو واجهت سلطتها أية مشكلات مع مجموعة مكونة من عدة مئات من الطلاب! كانت تعتبر أن الأمور في تحسن، ومع ذلك فكانت تسلم بأنه في حالة تساوي كفاءة الرجال والنساء، فإن الرجال يتفوقون بميزة على النساء. لم يكن الصراع قد انتهى بعد، وفي هذا المجال، كان القطاع الخاص أبطأ من القطاع الأكاديمي في قبول المرأة في المناصب العليا.
مع ذلك كان اهتمامها الأساسي منصبا على تعليم الأجيال الصغرى، من البنين والبنات، وكان من رأيها أن الجامعة لا ينبغي أن تخرج متخصصين ذوي مهارات عالية وإنما أفرادا مدربين على تطبيق المنهج العلمي وقادرين على تكييف أنفسهم طوال حياتهم: «ما نحتاجه هو رجال ونساء لديهم الشجاعة ليظلوا طلابا إلى آخر نفس في حياتهم، رجال ونساء ينتهزون كل فرصة لتحسين أو تصحيح معلوماتهم.» (خطاب للطلاب في 1960). وبينما كانت تؤكد على الخطر والريبة أو المحنة التي تهدد عددا متزايدا من الأشخاص في المجتمع، كانت تتحدث أيضا بثقة عن الدور الاجتماعي والمسئولية التي ينبغي أن تقع على عاتق الجيل القادم من العلماء. وما زالت هذه الرسالة صالحة حتى الآن، وما من شك في أن التدريب المهني في الكيمياء كان ولا يزال يتفق تماما مع منظور لوسيا دي بروكير.
المراجع
Nasielski, J. (2007) de Brouckère, Lucia, in
Nouvelle Biographie Nationale , Academie Royale de Belgique, t. IX, pp. 111-114.
van de Vijver, G. and Lemaire, J. (1993)
Science et Libre Examen: un Homage à Lucia de Brouckère , Espace de Libérté/CAL, Brussels.
van Tiggelen, B. (2004) Lucia, dite Lucie, de Brouckère (1904-1982), in
Chimie et Chimistes de Belgique , Labor, Brussels, pp. 88-89.
بيرتا كارليك (1904-1990)
ماريا رينتيتسي
تشتهر بيرتا كارليك باكتشاف الحدوث الطبيعي لنظائر الأستاتين عن طريق ملاحظة عمليات تحلل جسيم الألفا المشع في 1943، بالتعاون مع ترود كليس-بيرنارت. وبعد عامين استأنفت واجباتها بوصفها مديرا لمعهد أبحاث الراديوم في فيينا. بالإضافة إلى ذلك، في 1956، تمت ترقيتها إلى منصب أستاذ كامل، وكانت أول امرأة في النمسا تترقى إلى هذا المنصب. كرمت كارليك على مدار حياتها المهنية بالعديد من الجوائز، ففي عام 1973 انتخبتها الأكاديمية النمساوية للعلوم عضوا فيها؛ لتكون بذلك ثاني امرأة تنضم إلى الأكاديمية بعد ليزا مايتنر. كانت عضوا مؤسسا في الجمعية النمساوية للفيزياء، وكانت من بين هؤلاء الذين شجعوا انضمام النمسا إلى عضوية المركز الأوروبي للأبحاث النووية. دعمت كارليك، عن دراية سياسية، زملاءها اليهود الذين تعرضوا للاضطهاد أثناء فترة النازية بعد الحرب، وأصبحت نشطة في الجمعية النمساوية للنساء الجامعيات. •••
ولدت كارليك في 1904 في كنف أسرة أرستقراطية في فيينا. كان والدها، كارل كارليك، مديرا لمؤسسة الرهون العقارية الوطنية للنمسا السفلى وبورجنلاند. كانت تعيش في قلعة صغيرة في ضاحية ماور بفيينا. ووفقا لما هو متبع في طبقتها، تلقت تعليمها الابتدائي في المنزل، وتعلمت عزف البيانو، وتعلمت العديد من اللغات، في حين كانت تأخذ دروسا في الرسم. ومن 1919 حتى 1923 التحقت بالمدرسة الثانوية الإصلاحية في الضاحية الثالثة عشرة في فيينا، وخلال السنة الأكاديمية 1923 / 1924 سجلت كطالبة منتظمة في كلية الفلسفة بجامعة فيينا. وفي 1927 قدمت كارليك أطروحتها أمام استيفان ماير مدير معهد أبحاث الراديوم في فيينا، وهانز تيرينج مدير معهد الفيزياء النظرية. وفي الوقت نفسه أصبحت عضوا رئيسيا في مجموعة هانز بيترسون البحثية بمعهد الراديوم، مركزة جهودها بشكل خاص على عداد الوميض. وفي العام نفسه أكملت كارليك الاختبار المؤهل لمهنة التدريس، وقبلت وظيفة في مدرسة ثانوية في فيينا.
أتاحت زمالة الاتحاد الدولي للنساء الجامعيات لكارليك قضاء بعض الوقت بعيدا عن معهد الراديوم بفيينا؛ ففي خلال العام الأكاديمي 1930 / 1931، انتقلت إلى معمل ويليام براج في لندن، وتركزت اهتماماتها البحثية على علم البلورات واستخدام الأشعة السينية في دراسة تركيب البلورات. وكانت معرفتها بالفيزياء الإشعاعية هي الشيء الذي ميزها في معمل براج، وشكلت فريقا مع عالمتي البلورات إيلي ناجز وهيلين جيكرايست. وفي العام نفسه زارت معمل ماري كوري في باريس، وعندما عادت إلى النمسا شكلت فريقا مع الفيزيائية إليزابيت رونا حول دراسة نطاقات جسيمات الألفا التي يطلقها الأكتينيوم والبولونيوم.
بيرتا كارليك تعمل على منهج الوميض بمعهد الراديوم (المصدر: الأرشيف الخاص لأجنيس رودا).
في ذلك الوقت تقريبا انضمت كارليك إلى مجموعة تعمل على أبحاث مياه البحر، شكلها عالم الفيزياء السويدي هانز بيترسون. أثارت كارليك في المنطقة التي تفصل بين علم المحيطات والنشاط الإشعاعي بالتعاون مع فريدريش هيرنيجر - وهو طالب بحثي في معهد الراديوم في فيينا - شكوكا حول موضوعات بيولوجية متعلقة بمحتوى مياه البحر من اليورانيوم. أثناء الحرب العالمية الثانية وصلت كارليك إلى ذروة بحثها، وبالتعاون مع تراود كليس-بيرنارت، الطالب البحثي في معهد الراديوم بفيينا، أثبتت وجود عنصر بالرقم الذري 85 في الطبيعة، وهو عنصر الأستاتين. وحصلت كارليك على جائزة هايتنجر في الكيمياء من الأكاديمية النمساوية للعلوم في 1947.
بدأت مسيرة كارليك المهنية في الجامعة في 1937 عندما حصلت على ترخيص بالتدريس في الجامعة وأصبحت محاضرة. وبعد ثلاث سنوات منحت لقب مساعد، وفي 1942 حصلت على لقب أستاذ تغذية. وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية مباشرة استأنفت كارليك إدارة معهد أبحاث الراديوم وبدأت إعادة هيكلته وتجديده. ورتبت لبناء معجل كوكروفت-والتون، الأمر الذي أدى لتطوير أبحاث الفيزياء من المغناطيس الكهربائي والبطاريات المختزنة الخاصة بالعشرينيات إلى المعجلات الضخمة الخاصة بالستينيات. وفي عام 1950 أصبحت أستاذا مساعدا في جامعة فيينا، وأول امرأة تحصل على لقب أستاذ في عام 1956. وتقاعدت في 1974 بعد أن أسهمت بالكثير في تقدم أبحاث الفيزياء النووية في النمسا. واستمرت في العمل حتى وفاتها في 4 فبراير عام 1990 في فيينا عن عمر يناهز السادسة والثمانين.
كان موضوع رسالة كارليك عن تبعية الومضات التي تطلقها الجسيمات المشحونة عند اصطدامها بكبريتيد الزنك وطبيعة عملية الوميض، وهو موضوع حديث جدا في ذلك الوقت في أبحاث النشاط الإشعاعي. تكمن تقنية الوميض المستخدمة لاكتشاف الجسيمات النووية في قلب جدل علمي كبير بين فريقين بحثيين هما فريق إرنست رذرفورد في معمل كافنديش بكامبريدج وفريق هانز بيترسون في معهد أبحاث الراديوم بفيينا، ولعبت كارليك دورا أساسيا طوال هذا النقاش الذي احتدم في العشرينيات.
بشكل عام كان عداد الوميض أداة غاية في البساطة، تتكون من شاشة وطبق زجاجي رقيق مفروش بطبقة رقيقة أيضا من كبريتيد الزنك، وعند صدمه بجسيمات مشحونة، تنتج الشاشة ومضات ضوئية، وتتم مراقبة الومضات من خلال ميكروسكوب مصمم خصوصا لزيادة سطوع الومضات. وعن طريق ضبط الميكروسكوب وقدرته على جمع الضوء، يستطيع القائم على التجربة العمل بمصادر إشعاعية ضعيفة، ويظل يرى عددا معقولا من الجسيمات. كانت المشاهدات التي تتم في غرفة مظلمة متعبة ومرهقة والعد ضعيفا، وكانت تعتمد بشدة على خبرة الشخص الذي يجري التجربة.
ومن أجل تقليل الضوء الذي يدخل العين من خلال الميكروسكوب وضعت رقاقات فوتوغرافية بين الهدف والعدسة. وبالتعاون مع عالمة فيزياء أخرى، وهي العالمة إليزابيت كارا-ميخايلوفا، قاست كارليك الوميض الناتج عن جسيمات الألفا التي تصدر من البولونيوم بواسطة التيار الكهروضوئي لخلية الروبيديوم. كان إنتاج الخلية ابتكارا جديدا يمهد الطريق نحو إيجاد وسيلة مميكنة وأكثر موضوعية لتسجيل الومضات. وفي أعمالهما التالية، قامت السيدتان، إلى جانب مناقشة التفاصيل التجريبية للعلاقة بين إضاءة الوميض والطاقة التي تصدر من جسيمات الألفا الخاصة بالمصدر، باقتراح فرضية نظرية لشرح ميكانيكية عملية الوميض. كانتا مهتمتين بأكثر من ضبط الأداة وإعداد ومعايرة شاشات الوميض، وإجراء التجربة مع عناصر مختلفة عديدة. لقد تقدمتا بخطوة عن كل ذلك، فاقترحتا أن كبريتيد الزنك يحتوي على نقاط مميزة موجودة بالفعل في حالة نشطة قبل أن تصدمها الجسيمات.
مع ذلك، كانت هناك فروق كبيرة بين النتائج التي حققتها كارليك والتجارب المشابهة التي أجريت في كامبريدج، فيما يتعلق بمسألة تأثير كمية الضوء التي تدخل إلى العين من ومضة واحدة على إجمالي عدد الومضات الملحوظة في عملية تحلل عناصر الضوء. ولحل هذه الفروق زار جيمس شادويك، شريك رذرفورد، فيينا في 1927. وهناك تمكن من أن يبين تجريبيا أن فريق البحث الفييني كان مخطئا في عدد الومضات الذي زعم أنه شاهده عن طريق تكرار التجربة محل الخلاف ودعوة النساء المشاركات في الفريق إلى عد الومضات. وكما وصف شادويك زيارته بنفسه قائلا: «رتبت أن تعد الفتيات وأن أحدد أنا بنفسي ترتيب العدد. ولم أجر أي تغيير في الجهاز، ولكنني حددت لهن (الفتيات القائمات على العد) أماكن فوق وتحت المقياس مثل قطة على بيانو ...» لم تكن كارليك واحدة ممن قمن بالعد ولكنها كانت من الجمهور. وأكد شادويك: «وقفت الفتيات الأصغر سنا بسيقان متيبسة وشعر منتصب.» إلا أن كل هؤلاء النساء اللائي قمن بالعد في تجربة شادويك قطعن شوطا بعيدا في تصميم أدواتهن وتجاربهن، ولعبن دورا مهما في فريق بيترسون البحثي.
بمثل هذا التقدير لعمل المرأة في العلم، تركت كارليك، التي لعبت دورا رئيسيا في تحسين العداد، التقنية باعتبارها بؤرة تركيز بحثها. وبدلا منها قبلت منحة كروسبي-هول من الاتحاد الدولي للنساء الجامعيات في 1930 وانتقلت إلى بريطانيا لمدة عام. وتمكنت من زيارة معمل ماري كوري في باريس إلى جانب معهد باستير ومعمل لوي دي برولي. ووفقا لما قاله أوتو هان: «في زمننا كانت ميزة عظيمة لكارليك أنها عملت جنبا إلى جنب مع علماء بارزين سواء في إنجلترا أو في فرنسا وفيما بعد في السويد، وبسبب هذا تمكنت من أن توسع أفقها أكثر مما أتيح لباقي العلماء في الحياة الطبيعية.» وكما أثبتت لنا مسيرة كارليك المهنية، كان هان على حق.
انتمت كارليك لجيل من علماء الفيزياء الذين انغمسوا في الحياة اليومية، وكانوا نشطاء اجتماعيا ومشاركين سياسيا ومستنيرين ثقافيا، ففي أثناء الفترة بين الحربين العالميتين كانت عضوا في فريق مكون من بعض النمساويين الشباب المهتمين بالموسيقى والسياسة الديمقراطية. وكما اعترفت لاحقا في حديث للراديو: «كل ما أملك قوله هو أن لدي اهتمامات فكرية متنوعة جدا ... متنوعة جدا؛ لذلك أنا لا أكرس كل اهتمامي للفيزياء والعلوم؛ فأنا أهتم بقضايا متعلقة بالفن والتاريخ ... كما أهتم بالموسيقى.» إلا أن الفيزياء لعبت دورا أساسيا في حياتها. أثناء الفترة النازية تدهور وضع كارليك في معهد الراديوم، وكافحت للحفاظ على منصبها البحثي، وتملكها شعور قوي بالازدواجية والتشتت، وقررت أن تظل في فيينا رغم أنها قد واتتها فرصة مغادرة البلاد، وكما اعترفت لهيلين جليديتش: «أعتقد أن بعض أصدقائي الإنجليز ربما يتساءلون لماذا لا أغادر ألمانيا احتجاجا؛ لقد صرت مقتنعة بأن الاحتجاج من جانب الفرد الألماني ليس له أي جدوى في الوقت الحالي، وأن البقاء في البلد ومحاولة تحسين الأوضاع قد يحقق أكثر من تركها.» على المدى البعيد، تمكنت كارليك بالفعل من تحسين البلد، ليس فقط بتحسين أبحاث الفيزياء النووية في النمسا، ولكن أيضا بالوقوف إلى جانب أصدقائها وزملائها اليهود أثناء الاضطرابات السياسية في وقت الحرب.
المراجع
Bischof, B. (2004) “Junge Wienerinnen Zertrümmern Atome ...” Physikerinnen am Wiener Institut für Radiumforschung , Talhheimer Verlag.
Lintner, K. (1990)
Berta Karlik, Nachruf , Ősterreichischen Academie der Wissenschaften, Wien.
Rentetzi, M. (2008)
Trafficking Materials and Gendered Experimental Practices: Radium Research in Early Twentieth Century Vienna , Columbia University Press, New York.
إلسي ماي ويدوسون (1906-2000)
سالي هوروكس
أكثر ما تشتهر به إلسي ويدوسون هو شراكتها العلمية مع روبرت ماكانس، والتي نتج عنها إسهامات مهمة في المعرفة التفصيلية للتركيب الغذائي للمأكولات، وكانت هذه الشراكة أساسا لنشر كتاب «التركيب الكيميائي للأطعمة» الذي تم تحديثه لاحقا بانتظام، ويعرف الآن باسم «التركيب الكيميائي للأطعمة لماكانس وويدوسون». سرعان ما أصبح هذا الكتاب موردا أساسيا للأجيال اللاحقة من علماء التغذية وغيرهم ممن يهتمون بالموضوع في جميع أنحاء العالم. كذلك أسهمت ويدوسون إسهامات مهمة في الأبحاث العملية لتغذية وصحة المجتمعات التي تعاني من ضغوط، بالإضافة إلى ذلك، تضمنت أبحاثها طب حديثي الولادة وتغذية الرضع. ولم تكرم رسميا على إنجازاتها العلمية إلا بعد تقاعدها رسميا في 1973، من خلال انتخابها زميلة في الجمعية الملكية في 1976، ومنحها وسام الإمبراطورية البريطانية في 1979 ورفيق شرف في 1993. •••
ولدت إلسي ماي ويدوسون في 21 أكتوبر عام 1906 في ولينجتون بمقاطعة سري، وكانت كبرى ابنتي توماس هنري ويدوسون، العامل في محل البقالة، وزوجته روز إلفيك. حصلت هي وأختها الصغرى إثيل إيفا، على منحتين للدراسة في المدرسة الثانوية لمقاطعة سيدنام، وهناك وجدتا التشجيع من هيئة التدريس على دراسة العلوم، وعلى غير المعتاد في هذه الفترة، كان ثمة تشجيع نحو دراسة العلوم الفيزيائية. اختارت إلسي دراسة الكيمياء في الكلية الملكية، وحصلت على البكالوريوس في 1928 ثم على الدكتوراه بعدها بثلاث سنوات. ودرست أختها الرياضيات وحصلت فيها على البكالوريوس ثم على الماجستير في الميكانيكا الكمية والدكتوراه في الفيزياء النووية. وحققت شهرة واسعة تحت اسمها بعد الزواج، إيفا كرين؛ لقاء عملها في تربية النحل، في حين تطورت اهتمامات إلسي من كيمياء الكربوهيدرات إلى التركيب الغذائي للمأكولات.
حصلت ويدوسون على شهادة الدكتوراه الخاصة بها عن بحث موله قسم الأبحاث العلمية والصناعية وأجري تحت إشراف هيلين أركبولد (التي أطلق عليها لاحقا هيلين بورتر، وحصلت على لقب زميلة الجمعية الملكية في 1956) في قسم فسيولوجيا النبات في الكلية الملكية. وهناك استخدمت مهاراتها الكيميائية لتطوير طريقة لتحليل محتوى الكربوهيدرات في التفاح. وكانت وظيفتها التالية في معهد كورتولد في مستشفى ميدل سكس حيث عملت مع البروفيسور (الذي حصل لاحقا على لقب سير ) إدوارد دودز حول المشاكل في الكيمياء الحيوية للإنسان. وبالرغم من مؤهلاتها وسجل المنشورات الخاص بها؛ فقد وجدت ويدوسون صعوبة في الحصول على وظيفة في 1933، واتبعت نصيحة بروفيسور دودز، فالتحقت بدبلومة علم النظم الغذائية في كلية الملك للاقتصاد المنزلي والعلوم الاجتماعية. أثناء عملها في المطبخ الرئيسي في مستشفى كلية الملك تحضيرا لهذه الدورة الدراسية قابلت ويدوسون روبرت ماكانس لأول مرة، وكان قد حضر للمطبخ لطبخ قطع لحم لاستخدامها في أبحاثه. وتمكنت ويدوسون من استغلال الخبرة التي حصلت عليها من أبحاثها على التفاح لتصحيح بعض أعماله السابقة حول محتوى الكربوهيدرات في الأطعمة، وأعجب بها ماكانس لدرجة أنه طلب تمويلا من مجلس الأبحاث الطبية لتوظيف ويدوسون مساعدة له، وبدآ في المزيد من الدراسات حول مكونات الأطعمة، وأكملت ويدوسون دبلومتها في علم النظم الغذائية أيضا. كانت خبراتها وتجاربها خلال هذه الدورة الدراسية هي ما ألهمها لتقترح على ماكانس فكرة عمل مجموعة من الجداول العملية تشمل مكونات الأطعمة البريطانية، التي ظنت أنها ستكون أكثر إفادة لعلماء التغذية من الجداول الأمريكية، التي تغطي الأطعمة النيئة فقط، التي كانت مستخدمة حينها. وحصد هذا المشروع ثماره في 1940 بنشر الطبعة الأولى من كتاب التركيب الكيميائي للأطعمة. وبين عامي 1934 و1938 استمر ماكانس وويدوسون في التعاون في مجموعة من الأبحاث حول النظام الغذائي والأيض الخاص بالإنسان في مستشفى كلية الملك. وفي 1938 دعي ماكانس ليصبح محاضرا في الطب في جامعة كامبريدج، وتمكن من إقناع مجلس الأبحاث الطبية بالاستمرار في تمويل أبحاثه المشتركة مع ويدوسون، واستمرا في أبحاثهما حول الأيض في الإنسان في جامعة كامبريدج، وكثيرا ما كان هذا يتطلب منهما إجراء التجارب على نفسيهما؛ الأمر الذي لم يكن دائما يؤدي للنتائج المخطط لها.
إلسي ماي ويدوسون (
https://www.imperial.ac.uk/publications/reporterarchive/0094/news07.htm ).
مع اندلاع الحرب توجهت الأبحاث إلى اتجاه مختلف وهو الدراسة التجريبية للترشيد، وبالإضافة إلى إنتاج نتائج علمية، أدى هذا العمل إلى اتخاذ قرار بتعزيز الدقيق بكربونات الكالسيوم تحوطا من حدوث نقص في الكالسيوم في النظام الغذائي في حالة نقص منتجات الألبان. وبعد نهاية الحرب طلب من ماكانس وويدوسون، اللذين أصبحا آنذاك عضوين دائمين في هيئة مجلس الأبحاث الطبية، أن يتوجها إلى ألمانيا لدراسة تأثير نقص التغذية على الشعب. وعند عودتها إلى كامبريدج في 1949 استأنفت ويدوسون مشروعها الذي بدأته قبل السفر، حول تركيب الجسم البشري، وفي 1968 انتقلت إلى معمل تغذية دان بوصفها رئيسا لقسم أبحاث تغذية الرضع، وفي 1973 تقاعدت رسميا؛ وكان هذا يعني انتقالها إلى قسم الطب الاستقصائي في مستشفى أدنبروك في كامبريدج، حيث ظل لها لسنوات طويلة مكان في المعمل وأشرفت على عدد من طلاب الدكتوراه. فيما بعد، وعندما لم يعد متوفرا لها مكان في المعمل، احتفظت بمكتب حتى تقاعدها النهائي في 1988، وتوفيت في 2000 إثر إصابتها بسكتة دماغية حادة.
ورغم قلة الأوسمة التي حصلت عليها ويدوسون قبل تقاعدها الرسمي، انهالت عليها الأوسمة بعد التقاعد، ففي عام 1975 منحتها جامعة مانشستر الدكتوراه الشرفية، وفي عام 1976 انتخبت زميلا للجمعية الملكية. ومنحت وسام الإمبراطورية البريطانية في 1979 ورفيق الشرف في 1993. أما عن الأوسمة التي حصلت عليها من زملائها العلماء، فمن بينها ميدالية جيمس سبينس الخاصة بجمعية طب الأطفال البريطانية، وجائزة التغذية الأوروبية الأولى، وجائزة اتحاد جمعيات التغذية الأوروبية، وجائزة إدنا وروبرت لانجولز الدولية الأولى للتغذية. وجائزة مؤسسة الرابطة الأمريكية للتغذية. وعملت رئيسا لجمعية التغذية (1977-1980)، وجمعية حديثي الولادة (1978-1981) ومؤسسة التغذية البريطانية (1986-1996). وعندما أسس مجلس الأبحاث الطبية وحدة جديدة لأبحاث التغذية البشرية في كامبريدج في 1998 سميت معمل إلسي ويدوسون. وفي عام 2000 أنشأت الحكومة البريطانية وكالة لمعايير الطعام وسميت المكتبة في المبنى الجديد باسمها أيضا.
تضمن عمل ويدوسون العلمي طوال مسيرتها استخدام تجارب تفصيلية جيدة التخطيط لتقديم أدلة يمكن بموجبها تطوير إجراءات تدخل عملية. تضمن بحثها الأول استخدام خبرتها الكيميائية في تحليل كيمياء كربوهيدرات التفاح أثناء فترة نضجه وتخزينه، وكان هدف جزء من المشروع تقليل فقد الفواكه من خلال تحسين ظروف تخزينها لتقليل هذه التغييرات قدر الإمكان، وأدى هذا إلى منشورها الأول في «بيوكيميكال جورنال». أما عملها في معهد كورتولد في مستشفى ميدل سكس فقد نتج عنه ورقة بحثية عن الجوانب الكيميائية الحيوية لالتهاب الكلى . وبعد أن بدأت العمل مع ماكانس جمعت العمل على جداول الأطعمة مع الأبحاث في مشكلة نقص الملح في البشر مما أسهم في فهم أهمية الحفاظ على السوائل والتوازن الكيميائي، ولا سيما في مرضى السكر. انتقلت أبحاثهما فيما بعد لدراسة امتصاص وإخراج الحديد، مطبقين التجارب على نفسيهما، ودراسة الوظيفة الكلوية، ولا سيما الاختلافات المحيرة بين الأطفال والبالغين. بادرت ويدوسون أيضا بإجراء استقصاءات غذائية تركز على الأفراد وليس العائلات والمنازل، كما كان شائعا من قبل.
بعد أن انتقل ماكانس وويدوسون إلى كامبريدج واصلا بحثهما في الامتصاص والإخراج، مركزين اهتمامهما على الاسترونتيوم، وظلا يطبقان التجارب على نفسيهما. أدى اندلاع الحرب إلى أن يوجها انتباههما نحو الدراسات التجريبية للترشيد، وتجارب حول التحمل البشري بهدف توفير بيانات لتحديد الأطعمة التي تساهم على أفضل وجه ممكن في كفاية الإنسان ولكنها في الوقت نفسه تستغل مساحة الشحن المتوفرة أفضل استغلال. كذلك بحثا موضوع تركيب الخبز، وقدما نتائج كان لها أثر مباشر على سياسة الطعام. وبعد نهاية الحرب، قضت ويدوسون ثلاث سنوات في ألمانيا لإجراء دراسات في ملاجئ الأيتام عن العلاقة بين النظام الغذائي ونمو الأطفال. وقادتها بعض النتائج غير المتوقعة في إحدى هذه الدراسات إلى القول بأن العوامل البيئية، وكذلك عوامل التغذية، مهمة للوصول إلى النمو الأمثل، وأنه حتى الأطفال الذين يحصلون على طعام جيد يعانون من تأخر النمو إذا وجدوا في بيئة يعانون فيها من التوتر والضغوط.
عادت ويدوسون إلى كامبريدج في 1949، وهناك عملت على دراسة تركيب الجسم البشري، ولا سيما للرضع. كان لهذا منظور مقارن، وامتد ليشمل أبحاثا حول المقدار المدخل والمخرج من الطاقة، وأثر حجم الفضلات على التطور المبكر لمجموعة من الثدييات. وعندما انتقلت إلى معمل تغذية دان في 1968 ركزت انتباهها على تركيب الأنسجة الدهنية في الرضع، وقد استوحي هذا المشروع من ملاحظة أن لبن الأطفال في المملكة المتحدة مختلف تماما في تركيبته الكيميائية عن لبن الأطفال في هولندا. أكدت ويدوسون أن هذا أدى إلى اختلافات رهيبة في تركيب دهون الجسم في الرضع في البلدين، وتم توسعة هذه الدراسات إلى خنازير غينيا. وقد درست أيضا أثر الوزن المنخفض عند الولادة على النمو والتطور اللاحق. وبعد تقاعدها رسميا تعاونت مع أولاف أوفتيدال في جامعة كورنيل لدراسة رضاعة ونمو الفقمة والدببة السوداء.
كانت إلسي ويدوسون واحدة من أهم الشخصيات في مجال أبحاث التغذية البريطانية وأغزرها إنتاجا على مدار ما يزيد عن نصف قرن. قدمت أكثر من 600 منشور، سواء وحدها أو بالتعاون مع آخرين، ولا سيما روبرت ماكانس. تناولت هذه المنشورات موضوعات متنوعة، بداية من أبحاثها الأولى حول الجوانب الكيميائية لفسيولوجيا التفاح وانتهاء بآخر أعمالها عن تركيب أجسام الحيوانات قبل الولادة وفي بداية الرضاعة. وربما يفسر تأخرها الواضح في أن تحظى بالتكريم، مثل انتخابها لزمالة الجمعية الملكية، ارتباطها الطويل مع ماكانس وصعوبة تمييز إسهاماتهما الفردية. وربما يرجع أيضا إلى شخصيتها المتواضعة التي لا تسعى للظهور، وهي سمات اكتسبها الكثير من العالمات في جيلها كاستراتيجية تأقلم في ظل بيئة العمل العدائية التي غالبا ما تثبط السعي للترقي وتشجع العمل في صمت والاكتفاء بدور معاون.
المراجع
Ashwell, M. (2002) Elsie May Widdowson, CH, 21 October 1906-14 June 2000,
Biographical Memoirs of Fellows of the Royal Society,
48, 483-506.
Ashwell, M. (ed.) (1993)
McCance and Widdowson: A Scientific Partnership of 60 Years, 1933-1993 , British Nutrition Foundation, London.
Whitehead, R. Widdowson, Elsie May (1906-2000) in
Oxford Dictionary of National Biography , Oxford University Press, Sept 2004; online edn, May 2006,
http://www.oxforddnb.com/view/article/74313 (accessed 30 July 2010).
Obituaries in The Times, Guardian, Independent, Daily Telegraph.
بوجوسلافا يتسوفسكا-تريبياتوفسكا (1908-1991)
هنريك كوزلافسكي
ترتبط الكيمياء التناسقية والكيمياء غير العضوية في بولندا ارتباطا وثيقا باسم بوجوسلافا يتسوفسكا-تريبياتوفسكا، أستاذة الكيمياء في جامعة فروتسواف. كانت الأستاذة بوجوسلافا يتسوفسكا-تريبياتوفسكا عالمة مشهورة على مستوى العالم كله، وإحدى أعظم الشخصيات في الكيمياء في بولندا، وكانت ذات أفق واسع، وكانت مولعة بالعلم، وهي مؤسسة المدرسة البولندية الرائدة للكيمياء التناسقية وغير العضوية، ومؤسسة الحقول الحديثة ومنها الكيمياء الحيوية غير العضوية والكيمياء الطبية الحيوية والحفز بالفلزات.
ساعدت 71 طالب دكتوراه، 34 منهم أصبحوا أساتذة فيما بعد، وتتكون مدرستها في الوقت الحالي من 70 أستاذا مشتركين في حقول مختلفة من الكيمياء، ونشرت حوالي 600 ورقة علمية، و33 كتابا بحثيا ومقالا نقديا. ومن أهم الملامح المميزة لمدرستها الأبحاث متعددة التخصصات التي تضم الكيمياء والفيزياء والكيمياء الحيوية والأحياء والطب بالإضافة إلى العلوم التقنية. •••
ولدت يتسوفسكا-تريبياتوفسكا في ستانيسلافوف بالقرب من لفيف (أوكرانيا حاليا) في 19 نوفمبر عام 1908. عندما كانت فتاة صغيرة كانت مولعة بالعلوم الإنسانية ولكنها عندما التحقت بالمدرسة أغرمت بالكيمياء والفيزياء. ومن الأشياء المهمة التي أدت إلى ولعها بالكيمياء والفيزياء شخصية ماري كوري ونجاحاتها؛ إذ زارت ماري كوري لفيف وألقت محاضرة في مجلس المدينة، وشجع هذا الشابة الصغيرة على اتخاذ قرار بدراسة الكيمياء في جامعة لفيف للعلوم التقنية ضد رغبة والديها. وفي أثناء السنة الأكاديمية 1926 / 1927 أصبحت بوجوسلافا يتسوفسكا-تريبياتوفسكا (ومعها تسع فتيات أخريات) طالبة مستجدة بين 100 طالب في كلية الكيمياء.
وعندما كانت طالبة في الصف الثالث قابلت البروفيسور ياكوب الذي عرض عليها منصب مساعد، وبعد وقت قليل في 1931 نشرت أول ورقة علمية لها بعنوان: «مركبات الموليبدينوم سداسي التكافؤ والهيدروكسيلامين». ولكن الحب الحقيقي للسيدة الصغيرة يتسوفسكا كان الرينيوم، الذي أحضره البروفيسور ياكوب إلى لفيف في 1931. وفي 1932 نشرت أول ورقة بحثية لها بعنوان «عن الرينيوم خماسي التكافؤ»، وبوصفها باحثة شابة نشرت سلسلة من الأوراق البحثية في الكيمياء الفيزيائية لمركبات الرينيوم، ولا سيما تلك الخاصة بالآليات الكيميائية الكهربائية والآليات الكيميائية لاختزال البرينات إلى رينيوم خماسي التكافؤ. كانت منشوراتها تلاقي استحسانا واسعا، لدرجة أنها أثناء المحاضرات التي ألقتها في جامعة السوربون بباريس لقبت باسم «أم الرينيوم»، كما دخل هذا الموضوع أيضا في رسالة الدكتوراه الخاصة بها. وكانت أول امرأة تناقش رسالة دكتوراه في جامعة لفيف للعلوم التقنية في 1935. وهي تقول في مذكراتها: «وصفت مناقشة رسالة الدكتوراه في الجرائد، وكانت قاعة الجامعة الرئيسية مكتظة بمختلف المشاهدين، وكانت المرشحة الشابة للدكتوراه ترتدي فستانا أنيقا أسود اللون وتشبك فيه وردة حمراء.»
بوجوسلافا يتسوفسكا-تريبياتوفسكا (الصورة من مجموعة الصور الخاصة للمؤلف).
في 1935 تزوجت بوجوسلافا يتسوفسكا من فوجيميرز تريبياتوفسكي، أخصائي متميز في الكيمياء الفيزيائية للحالة الصلبة، وأثر هذا الزواج على منظورها للكيمياء تأثيرا جذريا. ولسوء الحظ، في 1939، دخل السوفييت بولندا ولفيف، وبدأت الحرب العالمية الثانية؛ وأوقف هذا البحث لفترة طويلة نوعا ما. وفي أثناء الحرب، عملت في البداية في متجر حلويات، ثم خوفا من شبح الانتقال إلى ألمانيا، بدأت في العمل في الاتحاد الألماني لمصانع لفيف حيث يتم تعيين البولنديين، وأصبحت مديرة لمصنع كيماويات «هوهير ألكهول». وفي عام 1942 بدأت يتسوفسكا تريبياتوفسكا تعاونها مع إيه كيه، حركة المقاومة البولندية المسيطرة في الحرب العالمية الثانية في بولندا المحتلة من الألمان. ونظرا لأنها كانت قادرة على الوصول للكيماويات، كانت مهمتها هي إنتاج المفرقعات. وكوفئت يتسوفسكا على عملها في منظمة المقاومة بأعلى أوسمة الدولة السرية البولندية.
في 1991، كافأ معهد الذكرى الوطنية في بيت المقدس - ياد فاشيم - بوجوسلافا يتسوفسكا بميدالية «الصالح بين الأمم» لإنقاذ حياة الدكتور إميل تازنر، الذي أصبح فيما بعد أستاذ الكيمياء في جامعة دانسيك التقنية، ومؤسس المدرسة البولندية لكيمياء الببتيدات، الذي كان مختبئا في المصنع من ديسمبر 1942 إلى أغسطس 1944. كما اختبأ أيضا في شقة الدكتور تريبياتوفسكا.
بعد إعادة احتلال الروس للفيف وتحويل المصنع الألماني إلى مصنع كيماويات عملت هناك لفترة وانتقلت بعد الحرب في ديسمبر 1945 إلى فروتسواف مع زوجها. وكانت الظروف شديدة الصعوبة؛ ففي ذلك الوقت كان 80 في المائة من مدينة فروتسواف غير موجود.
كانت رائدة من رواد البعث العلمي البولندي مع الكثير من الأساتذة من لفيف، بما في ذلك تنظيمها للحياة الأكاديمية من نقطة الصفر. في البداية نظمت البحث العلمي والتدريس في الجامعتين المندمجتين، جامعة فروتسواف وجامعة فروتسواف للتكنولوجيا (رأست كلية الكيمياء غير العضوية والتحليلية في قسم الصيدلة، وشغلت منصب أستاذ كرسي الكيمياء العامة وأستاذ كرسي الكيمياء غير العضوية في جامعة فروتسواف للتكنولوجيا، ثم شغلت منصب أستاذ كرسي كيمياء العناصر النادرة). في 1951، نظمت إنشاء كلية جديدة - كلية الكيمياء - في قسم الرياضيات والفيزياء والكيمياء بجامعة فروتسواف. وفي الأعوام من 1958 إلى 1962 شغلت منصب عميد هذه الكلية. شغلت ثلاثة مناصب هناك: أستاذا في الكيمياء غير العضوية، وفي الكيمياء العضوية، وفي الكيمياء الفيزيائية. وفي 1969 أسست معهد جامعة فروتسواف بعد جهد مضن أسفر عن دمج أقسام الكيمياء الثلاثة، وكان هذا المعهد هو سبب فخرها واعتزازها. كانت تطمح لتطوير مناهج بحثية جديدة؛ ومن ثم تضع معهدها في مقدمة المؤسسات العلمية العالمية. وفي الأعوام من 1969 حتى 1979 شغلت الأستاذة يتسوفسكا-تريبياتوفسكا منصب رئيس معهد الكيمياء وقسم الكيمياء غير العضوية في جامعة فروتسواف.
إلى جانب نشاطها التنظيمي، عملت تريبياتوفسكا بكل اجتهاد في المجال العلمي، وسعت بطريقة منهجية، وبعناد، إلى الوصول لأهداف أعلى وأعلى في مسيرتها العلمية، وقامت بعمل أطروحة في 1949 بالاستناد إلى دراسات في الكيمياء والكيمياء الفيزيائية للرينيوم. وفي 1954، منحت لقب أستاذ. وشاركت كمحاضرة في جامعات في باريس وروما وفلورنسا وجنيف وبيركلي وآن أربور وإيربانا-شامبين، ولوس أنجلوس وطوكيو وتورنتو وميلبورن وتولوز وبودابست وبراج وأثينا ونانكينج وبورتو ولندن واستوكهولم وفيينا وزيورخ وموسكو وبرلين ودرسدن وهال ولايبزيج ولينينجراد وغيرها. ونظمت العديد من المؤتمرات الدولية والقومية، ودعت العلماء من أهم المراكز البحثية في العالم إلى معهدها.
كان تنظيم اللقاءات العلمية ودمج البيئة العلمية أحد أهم أهداف تريبياتوفسكا. أما أهم أهدافها على الإطلاق، الذي حققته على أكمل وجه، فكان تقديم الكيمياء البولندية وكيمياء فروتسواف إلى البيئة العلمية في العالم. وقد طورت بيئة تعاونية واسعة النطاق مع الكثير من المراكز البحثية في العالم؛ مما أدى إلى مغادرة موظفي المعهد للحصول على فترات تدريب ولحضور العديد من المؤتمرات والندوات.
كانت شديدة الارتباط بالأكاديمية البولندية للعلوم، ومن 1967 كانت عضوا في الأكاديمية، ومن 1978 حتى وفاتها كانت رئيس فرع فروتسواف للأكاديمية البولندية للعلوم، ومن 1967، كانت أيضا رئيس قسم الكيمياء التركيبية، بمعهد درجات الحرارة الدنيا التابع للأكاديمية البولندية للعلوم في فروتسواف.
كانت عضوا في العديد من اللجان والجمعيات العلمية ومنها: الاتحاد الدولي للكيمياء البحتة والتطبيقية، وأكاديمية ليوبولدينوم ومجلس التعليم العالي واللجنة العلمية للعلوم الكيميائية التابعة للأكاديمية البولندية للعلوم والجمعية الأوروبية للفيزياء ولجنة الفيزياء والكيمياء الحيوية والفيزياء الحيوية، ورئيس لجنة علم الأطياف التابعة للأكاديمية البولندية للعلوم.
كانت جهودها وعملها محل تقدير واحترام على مستوى واسع، وفازت بالكثير من الجوائز القومية، وجوائز مجلس الدولة للاستخدام السلمي للطاقة النووية، والجائزة الخاصة للعلوم البولندية والجوائز الممنوحة من قبل وزارة التعليم العالي. بالإضافة إلى ذلك حصلت على شهادات دكتوراه شرفية في: الجامعة التقنية في براتيسلافا (1971)، وجامعة موسكو الحكومية (1979) وجامعة فروتسواف للتكنولوجيا (1980) وجامعة فروتسواف (1981)، وكرمت بميداليات كثيرة.
كان نطاق اهتمامات الأستاذة بوجوسلافا يتسوفسكا-تريبياتوفسكا العلمي والأبحاث التي أجرتها واسعا بدرجة مثيرة للإعجاب، ولم تكن كيمياء الرينيوم حبها الأول والأخير. كان نشاطها العلمي الذي يفوق الوصف سببا في أن تحمل على عاتقها الكثير من المسائل البحثية الجديدة والمبتكرة، وكانت هذه في الغالب دراسات فريدة ورائدة في العديد من مجالات الكيمياء والكيمياء الفيزيائية، ولا سيما في مجال الكيمياء التناسقية. رأست وأطلقت الكثير جدا من المشروعات البحثية، ومن بينها دراسات حول المغناطيسية غير الحديدية للمركبات المعقدة والمغناطيسية والتحليل الطيفي لعناصر إلكترون إف، ورابطة الأكسجين (باعتبارها واضعة نظرية جسر الأكسجين، وأصبحت شخصية بارزة في تاريخ العلم على مستوى العالم)، وما يطلق عليه رابطة الهيدروجين.
كرست سنوات عمل كثيرة للبنية الإلكترونية والجزيئية للمركبات المعقدة، ولدراسة الخصائص التناسقية لعناصر الإلكترون دي، وإجراء أبحاث في مجال الكيمياء الحيوية غير العضوية والفيزياء الحيوية والكيمياء الإشعاعية، ودراسات حول تنشيط جزيئات الغاز الصغيرة أو العمليات التحفيزية. وبفضل حماسها ومشاركتها، تطور العديد من مناهج التحليل الطيفي (التحليل البنيوي للمركبات المعقدة، أو دراسات النظائر المشعة لتركيب وآليات التفاعلات الكيميائية) في معهد الكيمياء، كما قامت بإطلاق دراسات مكثفة عن التحليل الطيفي وسطوع المركبات التناسقية، واكتشفت من بين أشياء أخرى، العديد من المواد الجديدة النشطة بالليزر بالاستناد إلى مركبات اللانثانيد. وتمكنت من جمع فريق نشط من العلماء حولها، وهم أناس يشاركونها في شغفها العلمي؛ ولذا قاموا بتولي واستئناف هذه الدراسات. كانت تتمتع بموهبة إثارة التوق للمعرفة لدى الآخرين.
لم تكن إنجازاتها التعليمية تتلخص في إلقاء محاضرات ممتازة والإشراف على أكثر من 70 رسالة دكتوراه فحسب، ولكنها كانت ترعى أيضا العديد من المدارس الثانوية في منطقتنا، ومن المستحيل أن نغفل عن ذكر التعاون مع الصناعة والدراسات والتوضيحات العديدة التي أجريت خصوصا لصناعة النحاس.
كانت الأستاذة مخلصة إخلاصا تاما لعملها وطلابها ومعهدها، وكانت تطلب الكثير من الآخرين، ولكنها كانت تطلب أكثر بكثير من نفسها، وكانت تسعد بنجاح زملائها وتشجع تطويرهم لأنفسهم، وتقول دائما: «ما يهم حقا هو ببساطة أن تتمكن من العمل، ومن ابتكار شيء، وأن تخدم ليس فقط العلم والاكتشافات، ولكن أيضا الناس، أو بالأحرى طلابي ، وهذا أقصى طموحي، وما يحزن هو قصر الوقت الذي منح للإنسان.»
كانت امرأة جميلة وأنيقة تتمتع بحس راق ودأب ومثابرة، وكانت صلابتها النفسية وشجاعتها وشخصيتها القوية، وكمالها وقدرتها على التعامل مع كل ما يلقيه القدر في طريقها، واستعدادها التام لمساعدة الآخرين، تضيف إلى كونها إنسانة رائعة.
ماتت الأستاذة بوجوسلافا يتسوفسكا-تريبياتوفسكا ميتة مأساوية في 16 ديسمبر 1991، أما أسس الكيمياء التي وضعتها فقد خدمت، وسوف تخدم، الكثير من أجيال العلماء البولنديين. وبوفاة الأستاذة بوجوسلافا يتسوفسكا-تريبياتوفسكا خسر العلم في فروتسواف، بل في بولندا والعالم أجمع، خسارة عظيمة؛ فنادرا ما يولد مثل هؤلاء العظماء في العمل والمعرفة.
المراجع
Kozl/owski, H. and Legendziewicz, J. (1993)
Nauka Polska , 2-3, 201-205.
Stasicka, Z. and Ziól/kowski, J. (2005)
Coord. Chem. Rev ., 249, 2133-2143.
Ziól/kowski, J. (2000)
Coord. Chem. Rev. , 209, 15-33.
إيفيت كوشوا (1908-1999)
كريستيان بونيل
بدأت شهرة إيفيت كوشوا الدولية بعملها البحثي الأول، وأثناء تحضيرها لرسالة الدكتوراه الخاصة بها (في 1933)، صنعت مطيافا عالي الدقة للأشعة السينية ذا درجة سطوع عالية، يعرف باسم «مطياف كوشوا»، وما زال هذا الجهاز يعتبر الأفضل أداء لنطاقات أشعة جاما والأشعة السينية العالية، وبفضل هذا المطياف، تمكنت من قياس العديد من خطوط انبعاث أشعة سينية منخفضة الكثافة خاصة بعناصر ثقيلة ونادرة. وأسهمت إسهاما عظيما في تقدم علم قياس طيف الأشعة السينية وفهم تركيبات مستويات الطاقة الإلكترونية.
ومن 1953، أطلقت إيفيت، بوصفها مدير معمل الكيمياء الفيزيائية بجامعة السوربون - ولاحقا في جامعة بيير وماري كوري، وكلاهما في باريس - العديد من البرامج البحثية، ومن بينها تطوير مناظير طيف الأشعة فوق البنفسجية والأشعة السينية لدراسة العناصر الخفيفة والروابط الكيميائية في المواد الصلبة وميكروسكوب الأشعة السينية، وتفاعلات الإلكترون-المادة واستخدام إشعاع السينكروترون كمصدر ضوئي في نطاق طاقة متسع يتراوح من الأشعة السينية إلى الأشعة فوق البنفسجية، وقد حققت هذه الدراسات إنجازات مهمة وأساسية في مجالات متعددة من الكيمياء الفيزيائية. •••
ولدت إيفيت كوشوا في ديسمبر 1908 في باريس، حيث عاشت كل حياتها، وحصلت على درجتها العلمية الأولى في السوربون في يونيو عام 1928، وفي يوليو قبلت في معمل البروفيسور جان بيرين، وكانت وقتها في التاسعة عشرة من عمرها ولكنها انجذبت للعلم في هذه السن الصغيرة. وبدأت تحت إشراف فرانسيس بيرين البحث في التألق الإشعاعي، وحصلت على دبلومة الدراسات العليا في 1930. ثم اتجهت للتحليل الطيفي للأشعة السينية، وناقشت أطروحتها المعنونة: «التوسع في التحليل الطيفي للأشعة السينية باستخدام مطياف يقوم بتركيز الأشعة باستخدام لوح بلوري مقوس؛ طيف انبعاث الأشعة السينية من الغازات» في يوليو 1933، وكانت وقتها في الرابعة والعشرين من عمرها، وسرعان ما جلب عملها الأنظار إليها على المستوى الدولي.
استخدم مخطاط الطيف الأول انعكاس براج على الألواح البلورية المستوية، وتم التحكم في قدرة التحليل باستخدام شق، والحصول على درجة دقة جيدة على حساب التألق فحسب. ومن بين محاولات عديدة أجريت لتحسين جودة هذه الأجهزة، لفت اقتراح إتش إتش يوهان باستخدام الانعكاس من سطح مقعر للوح بلوري مقوس انتباه كوشوا. وفي هذه التجربة، كان من الممكن تركيز الإشعاع المنعكس من حزمة أشعة سينية كبيرة، ولكن درجة الدقة كانت منخفضة جدا في نطاق الأشعة السينية الصعب؛ بسبب صغر زوايا براج؛ لذلك لم تكن هذه الوسيلة مجدية إلا في نطاقات الأشعة السينية اللينة.
إيفيت كوشوا (الصورة مقدمة من المؤلفة).
كانت فكرة كوشوا وقتها هي استخدام الانعكاس من الألواح البلورية الموجهة إما عموديا، أو بشكل مائل، بالنسبة لسطح اللوح البلوري المقوس. تصطدم الأشعة بالوجه المحدب للوح البلوري، ويترك الإشعاع المنعكس الوجه المقعر حسب زاوية النقل ويصطدم بالكاشف في المنطقة المقابلة لزوايا براج الكبيرة. يتجمع الإشعاع المنعكس على منطقة ضيقة؛ الأمر الذي يزيد من الإضاءة. كان الجهاز يتميز بقدرته التحليلية العالية وإضاءته العالية بالمقارنة، بالأجهزة الأخرى. توصلت إيفيت كوشوا إلى فكرة هذا الجهاز (1) ووضحت اهتمامه بالتحليل الطيفي عالي الدقة وكذلك كموحد لون لدراسة حيود الأشعة السينية (2). واستخدمت تقنية اللوح البلوري المقوس لعمل أول نظام لتركيز الأشعة لتكوين صور أشعة سينية للأجسام الحقيقية الشفافة أو المعتمة (3).
بفضل الجودة العالية لهذا المطياف، تمكنت من ملاحظة طيف الأشعة السينية المنبعث من الغازات النادرة الثقيلة للمرة الأولى، وكان هذا الطيف غير معروف حتى ذلك الوقت لأنه كان يتطلب جهازا قادرا على قياس انبعاث مصادر الأشعة السينية منخفض الكثافة. كانت ملاحظاتها مهمة جدا للمجتمع العلمي، وانتشر استخدام هذا المطياف بسرعة شديدة في جميع مراكز الأبحاث التي تستخدم التحليل الطيفي للأشعة السينية وتطبيقها؛ على سبيل المثال في معامل البروفيسور مان سيجبان (أوبسالا) والبروفيسور كرامرز (لايدن) والبروفيسور زيمان (أمستردام) وفي بلدان أوروبية عديدة أخرى، وفي الاتحاد السوفييتي واليابان والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا.
نظرا لزيادة الإضاءة، قاست كوشوا بدقة عالية طيف كيه المنبعث من الأرجون والزينون بالكامل، بما في ذلك الخطوط ذات الكثافة المنخفضة جدا، ثم قامت بدراسة الخطوط الضعيفة، التي يطلق عليها الخطوط التابعة، المصاحبة لخطوط الأشعة السينية الطبيعية والتي تقابل الانتقالات في الذرات المتأينة المتزايدة، وكانت معظم هذه الخطوط مجهولة وقتها، ولاحظت مجموعة جديدة من الخطوط التابعة، وحددت للمرة الأولى طاقات المستوى الأساسي للذرات الثقيلة المتأينة متعددة المستويات.
بعد ذلك تولت إيفيت كوشوا، بالتعاون مع إتش إتش هولوبي، مهمة اكتشاف عناصر نادرة: أولا، أثبتا وجود عنصر رقمه الذري 93 (نبتونيوم) في معادن اليورانيوم، ولاحظا طيف إل الخاص بالبولونيوم من عينات تزن ميكروجرامات قليلة، موضحين خطوطا كثيرة من هذا العنصر ومؤكدين أن رقمه الذري 84 فعلا، ثم حللا الانبعاثات الطبيعية للعناصر الوليدة للرادون، وعرفا عناصر معروفة بالفعل هي 82 و83 و84. علاوة على ذلك، قاما باكتشاف عنصر غير معروف، هو العنصر 85، من ملاحظة خطوطه الأساسية الثلاثة التي قيست أطوالها الموجية بدقة عالية بسبب حدتها (4). جدير بالملاحظة أن الأطوال الموجية المقاسة لهذه الخطوط الثلاثة والتي يعزوها هولوبي وكوشوا للعنصر 85 تتوافق تماما مع الحسابات الحالية باستخدام برنامج ديراك-فوك متعدد التكوين، والتي تشمل تفاعل بريت وتعديلات الديناميكا الكهربية الكمية، التي لم تكن متاحة وقتها؛ مما يدل على انعدام الشك في هذه الخطوط مصدرها هو العنصر 85. وقد أثير نقاش مؤخرا من قبل ثورنتون وبورديت (4) حول هذه المشاهدات القديمة التي يتضح منها أن هولوبي وكوشوا كانا أول من أثبت وجود العنصر 85.
طيف انبعاث إل الخاص بالبلوتونيوم: مشاهدة انتقالات مغناطيسية ثنائية القطب، وبعض الانتقالات رباعية الأقطاب، وبعض الخطوط التابعة والانتقالات من إلكترونات التكافؤ للمرة الأولى. العينة عبارة عن شاشة أكسيد البلوتونيوم المثارة بواسطة التألق بمساعدة أنبوب أشعة سينية. اللوح البلوري العاكس عبارة عن لوح مصنوع من مادة الميكا مواز لمائة مستوى. نطاق الطيف من 0,5 إلى 1 أنجستروم. الخطوط المعتمة ناتجة عن الانعكاسات على مستويات بلورية أخرى (5).
لا نستطيع أن نسرد الاهتمامات البحثية المختلفة الكثيرة التي شغلتها طوال مسيرتها العلمية الطويلة. ومن بين الأعمال البارزة جدا، نذكر دراسات الرابط الكيميائي من طيف امتصاص الأشعة السينية (6)، وأول مشاهدة لانعكاس الأشعة السينية من البلورات في منطقة انحرافها (7)، وتحليلا ممتازا لتفاعلات الإلكترون مع المادة بما في ذلك فصل عن إشعاع السنكروترون (8).
في 1932، حصلت على واحدة من أوليات المنح البحثية من المركز القومي الفرنسي الجديد للعلوم، الذي أسسه بيرين في 1930، وأصبحت لاحقا عضوا دائما في هذا المركز (1937) ثم في المركز التالي، وهو المركز القومي للأبحاث العلمية الذي أسس في 1939. بوصفها باحثة شابة في معمل الكيمياء الفيزيائية، الذي يرأسه جان بيرين، أقامت علاقات كثيرة مع العلماء الأجانب المعروفين الذين زاروا المعمل، وكانت حفلات شاي الإثنين هي مكان التقاء الشخصيات المهمة للمجتمع العلمي والثقافي في باريس في تلك الفترة، وكانت دائما ما تتحدث بحماس عن سنوات ما قبل الحرب التي جمعت بين جان بيرين وماري كوري وإيرين جوليو-كوري وفريدريك جوليو وبول لانجفان، والباحثين الشباب مثل فرانسيس بيرين وبيير أوجر ولوي لوبرينس- رينجيه وغيرهم الكثير.
أثناء سنوات الحرب، من 1940 إلى 1945، عندما اضطر جان بيرين للسفر للولايات المتحدة، كانت مسئولة عن استمرار الأبحاث في معمل الفيزياء الكيميائية، وظلت هناك عندما أصبحت أستاذا مساعدا في السوربون في 1945 ثم أستاذا كاملا في 1951. وفي 1953 أصبحت مديرة المعمل ورشحت لمنصب رئيس قسم الكيمياء الفيزيائية. وأصبح مبنى معمل الفيزياء الكيميائية صغيرا جدا على مجموعة باحثي الكيمياء الفيزيائية الباريسيين الذين نجحت في جذبهم حولها؛ ولذلك؛ فقد أسست في 1960 مركز الكيمياء الفيزيائية في أورساي، بالقرب من باريس، وأدارت كليهما لمدة عشر سنوات. وكانت رئيس الجمعية الفرنسية للكيمياء الفيزيائية من 1975 حتى 1978. وبعد أن تقاعدت في 1978، استمرت في العمل في المعمل حتى 1990، وكانت تقدس هذا المكان الذي وهبته الجزء الأفضل من حياتها . ومن 1990 أصبحت طريحة الفراش من جراء إصابتها بالتهاب حاد في المفاصل. وفي نهاية أغسطس 1999، ذهبت في رحلة إلى رومانيا وتوفيت هناك، عن عمر يناهز التسعين، في 19 نوفمبر 1999.
حصلت إيفيت كوشوا على وسام جوقة الشرف، وعلى وسام السعفات الأكاديمية (وهو وسام فرنسي يمنح لمن يقدمون خدمات للتعليم)، وعلى وسام الاستحقاق الوطني، ومنحت دكتوراه شرفية من جامعة بوخارست عام 1993. ونالت العديد من الجوائز على عملها البحثي، منها جائزة الجمعية الفرنسية للفيزياء (1933)، وثلاث جوائز من أكاديمية العلوم (1935 و1936 و1946)، ووسام الجمعية التشيكوسلوفاكية للتحليل الطيفي (1974)، والميدالية الذهبية لجامعة باريس (1987).
المراجع
Cauchois, Y. (1932) Spectrographie des rayons X par transmission d’un faisceau non canalisé à travers un crystal courbé (1).
J. Phys., série VII,
III, 320; Cauchois, Y. (1933) Spectrographie des rayons X par transmission d’un faisceau non canalisé à travers un crystal courbé (2).
J. Phys., série VII,
IV, 61.
Cauchois, Y. (1932) Une nouvelle méthode d’analyse des poudres cristallines par les rayons X, utilisant un monochromateur à crystal courbé.
Compt. Rend. Acad. Sci.,
195, 228.
Cauchois, Y. (1950) Sur la formation d’images avec les rayons X.
Rev. Opt.,
29 (3) 151.
Thornton, B. F. and Burdette, S. C. (2010) Finding eka-ionine: discovery priority in modern times”,
Bull. His. Chem.,
35 (2), D76.
Cauchois, Y. and Manescu, I. (1956) Spectres de fluorescence L du plutonium,
Compt. Rend. Acad. Sci.
242, 1433.
Cauchois, Y. (1954) Spectres X et liaison chimique,
J. Chim. Phys.,
51, D76.
Cauchois, Y. (1956) Distribution spectrale dans les régions d’absorption propre de divers cristaux,
Compt. Rend. Ac. Sc.
242, 100.
Cauchois, Y. and Heno, Y. (1964)
Introduction à l’Emploi de Rayonnements en Chimie
Cheminement des Particules Chargées, Gauthier-Villars, Paris.
مارجريت كاثرين بيري (1909-1975)
جان-بيير أدولف
بعد عامين من اكتشاف هنري بيكريل للنشاط الإشعاعي في 1896، اكتشف بيير (1859-1906) وماري كوري (1867-1934) عنصرين جديدين، وهما البولونيوم والراديوم، ببساطة عن طريق إصدارهما لأشعة غير مرئية، وتلا ذلك اكتشاف ثلاثة عناصر مشعة أخرى: الأكتينيوم والرادون والبروتكتينيوم. وتملك هذه العناصر، إلى جانب عنصري اليورانيوم والثوريوم، المشعين أيضا واللذين تم اكتشافهما مسبقا، خاصية مشتركة: شغل أماكن خالية بعد عنصر البزموت في الجزء الطرفي من الجدول الدوري؛ لذا، يمكن أن نتوقع أن كل العناصر التالية للبزموت في الجدول الدوري هي عناصر مشعة. في 1939، اكتشفت مارجريت بيري العنصر 87، الذي كان أحد العناصر المفقودة في الجدول الدوري، وكان ديميتري إيفانوفيتش مندليف (1834-1907) يتوقع أن هذا العنصر الذي أطلق عليه «إيكا-سيزيوم» سيكون أعلى العناصر في الإيجابية الكهربية، وقد أطلق على هذا العنصر اسم الفرانسيوم. •••
ولدت مارجريت كاثرين بيري، أصغر أخواتها الخمس، في 19 أكتوبر 1909 في فيليمومبل، بالقرب من باريس. وفي مارس من عام 1914 توفي والدها، الذي كان يملك طاحونة دقيق، إثر خسارته خسارة فادحة في البورصة؛ مما أدى إلى مواجهة هذه الأسرة البروتستانتية التي تنتمي للطبقة الوسطى صعوبات مالية، نتج عنها حرمان الأطفال من أي أمل في التعليم العالي. والتحقت بيري بمدرسة فنية للبنات، وهي مدرسة حكومية تخرجت فيها كيميائية في 1929، وفي العام نفسه، تم تعيينها في معهد الراديوم بباريس، حيث أهلها ذكاؤها ومهارتها وشغفها للعلم والفهم لجذب انتباه مديرة المعهد، التي حصلت على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1903، وفي الكيمياء عام 1911، ماري كوري. وسرعان ما أصبحت بيري مساعدتها الشخصية ومحل ثقتها، ويمكن اعتبار قضاء مارجريت لسنوات عملها الأولى بصحبة ماري كوري منحة منحها لها القدر، وخطوة أولى نحو اكتشاف مذهل.
بعد اكتشاف الفرانسيوم، قامت بيري بدراسات جامعية في السوربون أثناء الحرب العالمية الثانية، وفي العام نفسه الذي ناقشت فيه رسالة الدكتوراه الخاصة بها (1946)، عينت أستاذا باحثا في المركز القومي للبحث العلمي. وفي 1949 دعيت لمنصب جديد في الكيمياء النووية بجامعة استراسبورج، كان وقتها المنصب الوحيد في فرنسا خارج باريس. في 1957 أصبحت رئيس قسم الكيمياء النووية في مركز البحوث النووية. لم تتزوج قط ولكنها كرست كل وقتها لمسئولياتها العلمية والتعليمية في اللجان الوطنية والدولية. وحصلت على وسام الشرف من رتبة فارس (1958) ثم ضابط (1960)، كما حصلت بيري على العديد من الأوسمة والجوائز، منها الجائزة الكبرى لمدينة باريس (1960) وجائزتان من الأكاديمية الفرنسية للعلوم (1950 و1960). وفي 1962، رشحت لعضوية الأكاديمية، وهو ما كان أمرا محظورا على النساء (حتى لماري كوري وإيرين جوليو-كوري) منذ تأسيسها في 1666.
مارجريت كاثرين بيري (الصورة مقدمة من المؤلفة).
بعد 1946 بوقت قصير، لاحظت بيري حرقا متزايدا في يدها اليسرى، وشخص على أنه سرطان تسبب فيه عملها لسنوات طويلة في العناصر المشعة، ولا سيما الأكتينيوم، وبعد فترات إقامة طويلة وعديدة في المستشفى انتقلت إلى نيس، ولكنها ظلت على اتصال وثيق بمعملها. وظلت فترات المرض الطويلة تتخللها أسابيع قصيرة من الراحة؛ نظرا لتقدم مراحل هذا المرض الذي حصد روحي ماري كوري وابنتها إيرين جوليو-كوري. وفي 1967 حضرت بيري الاحتفال المئوي بولادة ماري كوري في وارسو، وكان هذا آخر ظهور لها في المجتمع الدولي لعلماء الكيمياء النووية. بحلول يوليو 1973 أصبح مرضها أكثر حدة؛ مما أجبرها على البقاء في مستشفى كوري بباريس وأخيرا في عيادة وادي السين في لوفيسيان، حيث توفيت في 13 مايو عام 1975، عن عمر يناهز الخامسة والستين، وكانت واحدة من آخر رواد الكيمياء الإشعاعية من فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية من معمل كوري. وقد قرأ صديقها ألفريد كاستلر (1902-1984) الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1966 نعيها أمام أكاديمية العلوم. وقدم لها آخر وسام استحقاق وطني وهي طريحة الفراش قبل ذلك بعام واحد.
عندما بدأت بيري العمل في معهد الراديوم في 1929، كانت أول مهمة ألقيت على عاتقها هي تنقية الأكتينيوم، وهو عنصر مشع اكتشفه أندريه دبيرن (1874-1949) في 1899. دائما ما يكون الأكتينيوم مختلطا مع عناصر أرضية نادرة (اللانثانيدات)، ومن الصعب جدا فصله عنها. ولم تكن سلسلة الأكتينيدات قد درست بالقدر نفسه الذي درست به عائلتا العناصر المشعة الطبيعية الأخرى؛ أي سلسلتا الراديوم والثوريوم. وحتى العمر النصفي للأكتينيوم لم يكن مؤكدا حتى ذلك الوقت. ويعد هذا العنصر «أندر» بكثير من العناصر الأرضية النادرة المصاحبة له (اللانثانيدات). وكان على بيري أن تركز الأكتينيوم بين اللانثانيدات الأخف، وهي عملية تتطلب المئات من عمليات التبلور التجزيئي، ولم يكن من الممكن وقتها رؤية الإشعاع الصادر من الأكتينيوم؛ حيث إنه شعاع بيتا ضعيف جدا، وكان تقدم عملية تركيز العنصر يرصد من أشعة بيتا وجاما التي تنبعث من العناصر المشعة، وكان تحقيق التوازن الإشعاعي يستغرق ثلاثة أشهر. كان الوعي والمثابرة والحماس من المتطلبات الأساسية لهذه المهمة الصعبة.
وبحلول منتصف الثلاثينيات نجحت بيري في تحضير مصدر الأكتينيوم الأكثر تركيزا على الإطلاق في ذلك الوقت، وطلبت ماري كوري هذه العينة لقياس طيف انبعاث العنصر، وهو الفحص المطلوب للتحديد الحاسم للعنصر. وشاركت بيري، التي كانت في ذلك الوقت قد حصلت على معرفة جيدة بالتحليل الطيفي، في المشروع الذي توقف نتيجة لوفاة ماري كوري في الرابع من يوليو عام 1934. وكان فقد «الراعية» صدمة كبيرة بالنسبة لبيري، وكانت تستعيد ذكرى السنوات الخمس التي قضتها بالقرب من ماري كوري، وربما في علاقة شبه يومية معها، في الكثير من المناسبات بتأثر شديد.
بدأت بيري بعد ذلك العمل تحت توجيه دبيرن وابنة ماري كوري، إيرين جوليو- كوري (1897-1956). وكان كلاهما مهتما بالأكتينيوم، وطلب كلاهما من بيري، بشكل منفصل ودون علم الآخر، متابعة عملية تركيز وتنقية الأكتينيوم. كانت إيرين جوليو-كوري ترغب في تحديد العمر النصفي للأكتينيوم بدقة، في حين كان دبيرن مهتما بالبحث عن «عناصر مشعة جديدة» غير موجودة. في خريف 1938، لاحظت بيري أن الأكتينيوم، الذي تمت تنقيته حديثا من كل العناصر المشعة الوليدة، يصدر إشعاع بيتا غير معروف حتى ذلك الوقت، ويزداد شدة على مدار ساعتين، ثم يظل ثابتا. أثناء الساعات والأيام التالية زاد نشاط إشعاع بيتا مرة أخرى مع تكون العناصر المشعة الوليدة الطويلة العمر. وتمكنت بيري بدقتها وسرعتها في إجراء التجارب من ملاحظة هذه الظاهرة التي لم تكتشف منذ أربعين عاما من قبل كيميائيي العناصر المشعة الأقدم والأقل مهارة.
في يناير 1939، بعد عدة اختبارات، استنتجت بيري أن جزءا من عملية تحلل عنصر الأكتينيوم 227 ينتج عنه عنصر مشع يصدر إشعاع بيتا. وهذا العنصر المشع له الخصائص الكيميائية لعنصر فلزي قلوي من المفهوم أن يكون هو العنصر الذي رقمه الذري 87. بعد فترة قصيرة، حددت بيري أصل هذا العنصر على نحو مؤكد لا يقبل الشك من خلال إصدار أشعة ألفا من عنصر الأكتينيوم 227. وبداية من الرقم الذري 89، قاد تحليل أشعة ألفا إلى المكان الخالي 87 في الجدول الدوري. اكتشفت بيري، وهي التي كانت فنية متواضعة ليس لديها شهادة جامعية، في التاسعة والعشرين من عمرها، أول نظير للفرانسيوم بالعدد الكتلي 223. ووفقا لما كان متبعا في ذلك الوقت، أطلقت عليه اسم أكتينيوم كيه. وبينت قياساتها الدقيقة أن 1,2 في المائة من ذرات الأكتينيوم تتحلل إلى الفرانسيوم، الذي قدرت عمره النصفي ب 21 دقيقة، وهي نتائج قريبة من أحدث قيم تم اكتشافها (22 دقيقة و1,38 في المائة). تم إعلان اكتشاف العنصر 87 بتحفظ في 9 يناير عام 1939 في الجلسة الأسبوعية للأكاديمية الفرنسية للعلوم من قبل عالم الفيزياء الحاصل على جائزة نوبل عام 1926 جان برين (1870-1942).
بعد اكتشاف الأكتينيوم كيه، شجع دبيرن وإيرين جوليو-كوري بيري على الدراسة الجامعية أثناء إجراء تجاربها، فحصلت على دبلومة أهلتها لمناقشة أطروحة بعنوان «العنصر 87: أكتينيوم كيه» بتاريخ 21 مارس 1946. وكان آخر سطر في الأطروحة كالتالي: «الاسم فرانسيوم مقترح للمربع 87.» اتخذ هذا الاسم رسميا بعد سنوات قليلة، ولكن الرمز تغير إلى
Fr
وتم تغيير
AcK
إلى
223
Fr . وكانت لجنة مناقشة الأطروحة تضم دبيرن وإيرين جوليو-كوري. وكان من العبارات التي أسعدت بيري أيما سعادة بعد مناقشة أطروحتها تعليق إيرين على الأطروحة بقولها: «لو كانت أمي حاضرة اليوم، لسعدت كثيرا.»
الفرانسيوم هو العنصر المشع الطبيعي الرابع الذي اكتشف في فرنسا بعد البولونيوم والراديوم والأكتينيوم، وهو آخر عنصر يكتشف في الطبيعة، ويعد أندر العناصر الطبيعية وأقلها استقرارا، ولا يزيد محتواه الإجمالي في القشرة الأرضية في أي وقت عن عدة مئات من الجرامات، في مقابل 7400 طن من البولونيوم الذي اكتشفته كوري. ويسرد أحدث جدول النوكليدات أو النظائر 24 نظيرا للفرانسيوم، من بينها وأطولها عمرا الأكتينيوم كيه (عمره النصفي 22 دقيقة) الذي اكتشفته بيري. وتمتلك كل العناصر التي وراء الفرانسيوم (87)، حتى الدوبنيوم (105)، نظائر تعيش فترة أطول من الأكتينيوم كيه.
عندما عرض منصب أستاذ الكيمياء النووية بجامعة استراسبورج على بيري، قبلت الترشيح بمنتهى الإخلاص «محاولة توصيل روح العمل بحماس وسعادة، لعلي بهذه الطريقة أرد جميل ماري كوري، أستاذتي المحبوبة والموقرة.» وكانت في ذلك الوقت مهتمة بالتطبيقات البيولوجية للفرانسيوم، متمنية أن تفيد في التشخيص المبكر لمرض السرطان. ورغم النتائج المشجعة؛ فقد تم إيقاف المشروع بسبب عدم وجود كمية كافية من الأكتينيوم ونقص الاهتمام الذي أبداه الأطباء.
استفادت بيري استفادة عظيمة من مركز ماري كوري العلمي المرموق، وحازت احترام وإعجاب كل من طلابها وزملائها والعاملين معها. ومع ذلك، فلم يكن يجمع بين السيدتين الكثير، كانت خلفية بيري العلمية الأولية بسيطة للغاية، في حين أن كوري كانت تحمل شهادة جامعية في الرياضيات والفيزياء، وكانت معرفتها تشمل أحدث ما ظهر من نظريات ونتائج في زمانها. وقد نتج اكتشاف ماري كوري للبولونيوم والراديوم عن الاستدلال من المشاهدات السابقة، أما اكتشاف الفرانسيوم فقد تم بمحض الصدفة. وقد عانت كلتاهما من الأمراض الناتجة عن الإشعاع وتوفيت كلتاهما في نفس العمر تقريبا، ولكن كوري ظلت تعمل حتى الأسابيع الأخيرة من حياتها، في حين ظلت بيري تصارع المرض 16 عاما.
شكر وتقدير
أتوجه بالشكر والتقدير للبروفيسور جورج بي كوفمان، أستاذ الكيمياء الشرفي بجامعة ولاية كاليفورنيا، بفريسنو وزميل جوجنهايم، على تعليقاته ومراجعته للنص.
المراجع
Adloff, J. p. and Kaufmann, G. B. (2005) Marguerite Catherine Perey (1909-1975). in
Out of the Shadows: Contributions of 20th Century Women to
(eds N. Byers and G. Williams); Cambridge University Press, Cambridge, England, pp. 371-384.
Adloff, J. p. and Kauffman, G. B. (2005) Francium (Atomic number 87), The Last Discovered Natural Element.
Chem. Educ.,
10, 387-394.
Adloff, J. p. and Kauffman, G. B. (2005) Marguerite Perey (1909-1975): A Personal Retrospective Tribute on the 30th Anniversary of Her Death.
Chem. Educ.,
10, 378-386.
Adloff, J. p. and Kauffman, G. B. (2005) Triumph over
to the French Académie des Sciences.
Chem. Educ.,
10, 395-399.
Kastler, A. (1975) Notice nécrologique sur Marguerite
Compt. Rend. Ac. Sc.,
280, vol. Vie académique, 124-128.
Kaufmann, G. B. and Adloff, J. p. (1993) Marguerite Catherine Perey (1909-1975) in
Women in Chemistry and Physics (eds L. S. Grinstein, R. K. Rose, and M. H. Rafailovich); Greenwood Press, Wesport, CT, pp. 470-475.
Thesis,
Faculté des sciences de l’Université de Paris, March 21, 1946.
J. Chim. Phys.,
43, 152-168.
l’actinium.
Compt. Rend. Ac. Sc.,
208, 97-99.
فيلومينا نيتي بوفه (1909-1994)
ماركو شاردي ومريم فوكاشا
كانت فيلومينا نيتي عالمة تتصدر عملية تطوير علم الصيدلة والكيمياء العلاجية بعد الحرب العالمية الثانية. وتعاونت مع أخيها، فيديريكو، وزوجها، دانيال بوفه، في إجراء جزء كبير من الأبحاث المهمة التي أجريت في المجالات التي تتراوح بين علم الصيدلة العام والعلاج الكيميائي بعقاقير السلفا، وعلم صيدلة الجهاز العصبي النباتي، والعلاج المضاد للحساسية واستخدام عقار الكورار التخليقي في التخدير، ومحسنات التوازن الهرموني وعقاقير الجهاز العصبي المركزي. وحصل زوجها على جائزة نوبل عام 1957، وشعر الكثير من الزملاء أن فيلومينا قد أسهمت إسهاما كبيرا في تحقيق هذا الإنجاز. •••
ولدت فيلومينا في 10 يناير عام 1909، وهي ابنة فرانشيسكو سافيريو نيتي - كان رئيس وزراء في 1919 و1920 واقتصاديا مشهورا - وأنتونيا بيرسيكو. كان لها أخت واحدة، هي ماريا لويجا، وثلاثة إخوة: فينشينزو وجيوسيبي وفيديريكو، الطبيب، الذي شاركها في جزء كبير من مسيرتها العلمية.
قضت طفولتها بين نابولي، حيث عاشت مع جديها لأبيها، وروما، حيث كان الإقامة الأساسية لوالديها، وكانت تجتمع مع الأخيرين في الغالب أثناء إجازات الصيف الطويلة التي تقضيها في منزلهما في أكوافريدا.
فيلومينا ودانيال بوفه (
http://www.pictokon.net/bilder/2007-06-g/bovet-daniel-und-filomena- bovet-nitti.html ).
تغيرت حياة فيلومينا البالغة من العمر ثلاثة عشر عاما على نحو جذري بعد عام 1922، إثر أحداث متصلة بقدوم الفاشية. تعرض آل نيتي لهجمات متكررة من قبل فرق الفاشيين، وهوجم منزلهم في روما، وتم نهبه وتدميره؛ ومن ثم عادوا إلى نابولي. ولكن حياتهم اليومية لم تتحسن كثيرا، فحتى الذهاب للمدرسة كان مهمة صعبة، وأصبحت فيلومينا وأخوها فيديريكو هدفين لسلسلة من الهجمات. في ظل هذا المناخ الذي كثيرا ما أجبر فيه فرانشيسكو سافيريو نيتي على الاختباء، أخذ قرار الرحيل من إيطاليا، فغادر مع أسرته إلى زيورخ ثم انتقلوا إلى باريس.
التحقت فيلومينا بمدرسة أليانس فرانسيز المسائية لكي تتعلم الفرنسية عن ظهر قلب، ثم تمكنت بعد ذلك من الالتحاق بمدرسة سيفينيه «الشهيرة»، وبعد إنهاء المدرسة التحقت بكلية العلوم الطبيعية، وفي الوقت نفسه تقريبا بدأت كفاحها السياسي، ففي عام 1930 تقريبا دخلت قطاع الشباب في الحزب الشيوعي، ثم سافرت إلى روسيا، حيث عملت في كل من «جورنال دي موسكو» وفي الصليب الأحمر، في الوقت الذي كان فيه تحت إدارة إيلينا ستاسوفا.
عند عودتها إلى فرنسا عملت محللة كيميائية لعدة سنوات، قبل أن تلتحق بمعهد باستير (1938)، أولا «كضيفة» ثم بمنحة.
كان معهد باستير يملك بيت زواحف رائعا، استمتعت فيه الباحثة الشابة بإجراء دراسات قيمة من أجل رسالتها حول سم الكوبرا، وكانت مغرمة بهذه الكائنات التي تدرسها، وكانت ترفض أن ترتدي حقائب أو أحذية أو ملابس مصنوعة من جلد الزواحف. وكان أخوها يعمل بالفعل في المعهد منذ عدة سنوات في معمل الكيمياء العلاجية مع دانيال بوفه، وكان لقاء الباحثة الشابة بالأخير سببا في تغيير مصيرها للأبد؛ حيث تزوجا في 1939، وعاشا معا حياة تتسم بالتفوق العلمي والولع بالبحث.
انتقل الزوجان إلى إيطاليا في 1946، وهناك دعا دومينيكو ماروتا دانيال بوفه لأن يصبح رئيس معمل الكيمياء العلاجية في معهد الصحة الإيطالي الوطني.
بعد استقالته من منصبه في معهد الصحة الإيطالي الوطني، انضمت فيلومينا نيتي بالمجلس القومي الإيطالي للبحوث في 1964 وظلت هناك حتى 1975.
كانت فيلومينا نيتي واحدة من الرواد في العصر الذهبي لعلم الصيدلة وتطوير الكيمياء العلاجية، وقد دخلت في هذا الفرع البحثي نتيجة لدراسات الدكتوراه الخاصة بها، وكان تأثير سم الكوبرا على انحلال الدم هو نقطة البداية التي أدت بها إلى إجراء دراسات عميقة حول طريقة تأثير السموم الأخرى في الجسم، بهدف الوصول إلى سبل محتملة لعلاجها.
كون الثلاثي فيديريكو وفيلومينا ودانيال فريقا متضافرا ملتحما، وفي فترة الاحتلال الألماني العصيبة استخدموا الجهاز الوحيد المتوفر لديهم - جهاز بث واستقبال لا سلكي - لمواكبة تطورات البحث في بريطانيا العظمى والولايات المتحدة، وكرسوا أنفسهم لزراعة سلالات من البنسيلين ، وتمكنوا من إنتاج كميات بسيطة منها باستخدام معدات مصنوعة يدويا بالكامل لتوفيرها لقوات التحرير الفرنسية.
في باريس، كانت نيتي رائدة في تأسيس مسار جديد للدواء التجريبي. كانت هذه هي السنوات التي وضعت فيها الأبحاث المعملية على المرضى، التي كثيرا ما تمت في ظل ظروف صعبة، أسس اكتساب المعرفة، والتي لخصت لاحقا في كتاب شارك في تأليفه فيلومينا ودانيال، ونشر في 1948 تحت عنوان «البنية الكيميائية والتأثير الديناميكي الدوائي للعقاقير على الجهاز العصبي الخامل». ويعد هذا العمل نقطة انطلاق لتطوير العمل البحثي في العقود اللاحقة، سواء في فرنسا أو على الصعيد الدولي، وقد اكتسب هذا الكتاب شهرة واسعة في المجتمع العلمي.
يعتبر وصول نيتي وبوفه إلى إيطاليا من اللحظات المهمة في عملية إحياء البلد في فترة ما بعد الحرب، وأصبح معملهما مركزا للتفوق للبحث الإيطالي في علم الصيدلة. وأصبح قبلة للباحثين من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك عالم الكيمياء الحيوية بوريس تشين الحاصل على جائزة نوبل.
لعبت فيلومينا دورا أساسيا في المعهد المقام في روما، حيث كانت ترحب بالباحثين الجدد وتدربهم وتساعدهم في بدء العمل البحثي. كانت مسئولة عن إدارة ما يطلق عليه «المدرسة الابتدائية» في معمل الصيدلة، والإشراف على تمرين المواهب الشابة. وقد دربت فيلومينا أثناء قيامها بدورها «كمعلمة في المدرسة الابتدائية» غيرها من الشخصيات النسائية الرائدة في حياة معهد الصحة الإيطالي الوطني في ذلك الوقت من أمثال: ماريا ماروتا، وماريا أدا أيوريو، وواندا سكونياميليو، وماريسا بيتساري، وماريا أماليا تشاسكا.
لعبت دورا حيويا في بحوث الكيمياء العلاجية في النصف الأول من القرن العشرين. ويعد الإخلاص الذي بينته خلال سنوات عملها في معهد باستير والسنوات اللاحقة عاملا مؤثرا في حصول زوجها دانيال بوفه على جائزة نوبل في عام 1957. ولم يكن من قبيل الصدفة أن كتب عالم النفس الإيطالي أوجو تشيرليتي رسالة تهنئة للزوجين في نفس العام، وجهها إلى كليهما وهنأهما معا على الفوز بتلك الجائزة التي ستساعد في تمويل مشروعهما البحثي المشترك.
المراجع
Bignami, G. (1993) Ricordo di Daniel Bovet, in
Annali dell’Istituto Superiore di Sanità , 29, suppl. n. 1.
Bignami, G. and Carpi De Resmini, A. (2005)
I Laboratori di Chimica Terapeutica dell’Istituto Superiore di Sanità , Istituto Superiore di Sanità, Roma.
Gobetti, C. (1986) Conversazione con Filomena Nitti,
Mezzosecolo. Materiali di Ricerca Storica,
pp. 397-430.
Scienza a Due Voci. Le Donne Nella Scienza Italiana dal Settecento a Novecento , (eds V. Babini and R. Simili) (
www.scienzaa2voci.unibo.it ).
بيانكا تشوبار (1910-1990)
ديدييه أستروك
بيانكا تشوبار، من طائفة يهودية من بابل، ولدت في أوكرانيا، ووصلت في الرابعة عشرة من عمرها إلى باريس، حيث واصلت مسيرتها المهنية في الكيمياء. تميزت بقوة شخصية أسطورية، كما اتسمت بشغفها وكرمها وحماسها العلمي المتقد حتى أضحت رمزا للكيمياء في فرنسا في القرن العشرين. لعبت دورا رئيسيا بوصفها مديرة علمية ، تشجع البحث العلمي بولعها وإخلاصها ودقتها المتناهية. كانت مبدعة بشكل استثنائي منذ الثلاثينيات في الإتيان بأفكار جديدة في آليات التفاعل العضوي، التي واصلت الدفاع عنها حتى الخمسينيات ضد الأفكار المتحفظة للعديد من علماء الكيمياء العضوية الفرنسيين المشهورين. عملت مديرا لأحد فروع المركز القومي للبحث العلمي الكبيرة جدا في ثييه بين 1968 و1978، وكانت تتمتع بشخصية جذابة للغاية. لها كتاب شهير للغاية بعنوان «آلية التفاعل في الكيمياء العضوية» (1960) ترجم إلى ست لغات. •••
كانت بيانكا تشوبار شخصية ذات أبعاد علمية وإنسانية استثنائية؛ فهي ككيميائية، كانت تعد رائدة الأفكار الحديثة في الكيمياء العضوية الفرنسية في منتصف القرن العشرين، وكان لها نظريات عقلانية مبتكرة في آليات التفاعل العضوي، ولا سيما الأدوار الحاسمة للأيونات كوسائط للتفاعل. وكانت مؤثرة على نحو خاص في المجتمع الفرنسي؛ نظرا لكونها مديرة أكبر معهد فرنسي للكيمياء العضوية في ثييه، إحدى ضواحي باريس، بين عامي 1968 و1978.
بيانكا تشوبار (الصورة مقدمة من المؤلفة).
تعاملت بيانكا تشوبار مع علماء آخرين، أيا كانت خلفياتهم الاجتماعية، مولية اهتماما ضئيلا للغاية لمصالحها الشخصية. ونظرا لذكائها المتقد وثقافتها الواسعة وحدسها؛ فقد كان لديها القدرة على تطوير أعمق الأفكار مستعينة بدقتها المتناهية واجتهادها وتفانيها. كانت تتمتع بموهبة وشغف التواصل بكرم زائد أثر على أجيال عديدة من الكيميائيين الذين تقربوا إليها أو قرءوا منشوراتها وكتبها. وكانت قوة شخصيتها أسطورية تنم عن تربية شخصية صارمة، وفوق كل ذلك، كانت دائما ما تثبت كرمها الاستثنائي في العلاقات الإنسانية، ومن ذلك إخلاصها العظيم لأصدقائها. إيجازا لكل ذلك، كانت نوعا ما عبقرية، أو بعبارة أخرى كانت «دون كيشوت» زمانها.
كانت بيانكا تشوبار من طائفة يهودية من بابل، يعتبرها الأحبار الأرثوذكس «ملعونة»، وما زالت حتى الآن موجودة في شبه جزيرة كريمي الأوكرانية. ولدت في مدينة خاركوف بأوكرانيا في 22 أكتوبر عام 1910. وتركت أسرتها روسيا مع طفليهما في 1920؛ لأن والدها كان ديمقراطيا دستوريا قريبا من بافيل ميليوكوف وفلاديمير نابوكوف. وعاشوا لمدة عامين في إسطنبول حيث تعلمت الفرنسية، ثم في بودابست، وأخيرا وصلت إلى باريس في 1924 حيث التحقت بعد ذلك بالمدرسة الروسية. وهناك، كانت معلمة الكيمياء الخاصة بها، الآنسة شامييه، ذات الأصل الروسي رغم اسمها الفرنسي، من مساعدات ماري كوري، وقالت بيانكا فيما بعد إنها تدين لها بكفاءتها. ومن المرجح أن ماري كوري قد أثرت أيضا على بيانكا تشوبار؛ لأنها أشارت إلى أنها كانت تحضر دوراتها الدراسية بمنتهى الإعجاب.
حصلت على بكالوريوس العلوم في 1931، ثم عملت في كلية العلوم بجامعة السوربون مع بول فروندلر، الصديق الحميم لجوزيف-أشيل لو بيل (1847-1930) الذي كانت تشاركه اهتمامه بالنيتروجين غير المتماثل؛ لذلك، عملت تشوبار على تفاعل أسيتات اليود الإيثيلي مع الأمينات الثلاثية؛ وهو ما أدى بها إلى الحصول على دبلومة الدراسات العليا في 1932. بعد ذلك، عينها مارك تيفانو البروفيسور بكلية الطب بباريس، الذي نشرت معه أول مقال لها في 1934 حول تفاعل كواشف الجرينيارد مع ألفا-كلوروسيكلوهيكسانون (كلوروهيكسانون حلقي). في 1937، كونت فريقها الخاص المتخصص في تفاعلات الإبدال العضوية، وأصبحت رئيس معمل الكيمياء العضوية ومدربة بحثية في المركز القومي للبحث العلمي حديث الإنشاء في ذلك الوقت.
أثناء الحرب، لعبت بيانكا تشوبار دورا بارزا في المقاومة، وفي 1946، بعد وفاة تيفانو في 1945، وبتشجيع من جان ليفي (طالب نابه أيضا من طلاب تيفانو)، قدمت رسالة الدكتوراه الخاصة بها بعنوان: «إسهامات في مجال دراسة امتداد الحلقات: تجريد مركبات أحادي أمينوميثيل أحادي سيانوهكسانول من المجموعة الأمينية باستخدام النيتروز»، ثم عينت مساعد باحث في المركز القومي للبحث العلمي. وفي منتصف الخمسينيات كانت تتمتع بعلاقات قوية مع زملائها السوفييت، ولا سيما إي إيه شيلوف من المعهد العضوي لأكاديمية العلوم الأوكرانية.
لم يتم تعيين بيانكا تشوبار مديرا للمركز القومي للبحث العلمي قبل عام 1955، رغم أنها ظلت رئيس فريق لثمانية عشر عاما؛ وكان ذلك بسبب أفكارها الحديثة المعارضة للأفكار الشائعة وقتها حول آليات التفاعل، بالإضافة إلى آرائها السياسية. في 1960، نشرت بالفرنسية كتابها الأول الشهير: آلية التفاعل في الكيمياء العضوية، الذي تمت ترجمته فيما بعد إلى ست لغات وأعيد تحريره مرتين. في 1961، انتقلت إلى بلدة جيف سير إيفيت (بالقرب من باريس) إلى معهد كيمياء المواد الطبيعية حيث رسخت سمعتها كرائدة من رواد الكيمياء العضوية في فرنسا.
في 1968، أصبحت مدير مركز المعمل رقم 12 التابع للمركز القومي للبحث العلمي الذي أسس مع 50 باحثا في ثييه (بالقرب من باريس) ومنهم فرق ميشلين شاربنتييه وماريان كوب وجينيفييف لي ني وهنرييت ريفيير وزولتان فيلفارت، ثم لاحقا دانيال ليفورت وجاكلين سيدن-بين وميشيل سيمالتي وهيلينا ستيريزليكا وجورج برام وبوليت فيوت. وشغلت هذا المنصب بفعالية، متمتعة بخبرة علمية واسعة لعقد من الزمن حتى تقاعدها رسميا في 1978. ولم تتوقف أنشطتها العلمية عند هذه المرحلة، وفي ثييه أصبحت مهتمة بالكيمياء العضوية الفلزية وتثبيت النيتروجين، وهو مجال طورته مع جينيفييف لي ناي وميشيل جروسيل بالتعاون الوثيق مع صديقين روسيين: البروفيسور ألكسندر إي شيلوف، ابن إي إيه شيلوف، وألا شيلوفا. ونشرت بيانكا تشوبار كتابها الثاني في 1988 (بالفرنسية) بالتعاون مع أندريه لوبي: «تأثيرات الملح في الكيمياء العضوية والكيمياء العضوية الفلزية» الذي تمت ترجمته إلى الإنجليزية والروسية.
لم يتضاءل نشاط بيانكا تشوبار أثناء فترة تقاعدها على الإطلاق. كان عملها العلمي الأخير عبارة عن مقال مراجعة كيميائية كتبه صديقاها أندريه لوبي وديدييه أستروك عن تأثيرات الملح الناتجة عن التبادل بين أزواج الأيونات. كتبت بيانكا إجمالا 140 منشورا، كما أنها استمتعت بشغف بالحياة الاجتماعية والثقافية والفنية في باريس مع أصدقائها (ومنهم مؤلف هذه السيرة الذاتية) الذين كانوا يزورونها في شقتها القديمة بالقرب من برج إيفل. وتوفيت بيانكا تشوبار في منزلها في صباح يوم 24 أبريل عام 1990 نتيجة نزيف داخلي.
كفاح بيانكا تشوبار من أجل الأفكار الحديثة في آليات الكيمياء العضوية ضد الأساتذة الفرنسيين المتحفظين في النصف الأول من القرن العشرين
عندما كانت بيانكا تشوبار في الثانية والعشرين من عمرها، أعربت عن اهتمامها بالأيونات المشحونة أمام أستاذها بول فروندلر البروفيسور في جامعة السوربون، ولكنه قال لها: «إذا كنت قد أتيت لتتحدثي معي عن الأيونات، فاذهبي ... عندما يبدأ الطلاب في إعطائي محاضرة ملأى بالتفسيرات المبنية على الأيونات، آمرهم بالصمت، وأعطيهم صفرا.»
قالت بيانكا لمشرف رسالة الدكتوراه الخاص بها مارك تيفانو - الذي كان أستاذا معروفا في الكيمياء التخليقية: «قدرتك الشاملة، وكل تلك العمليات التي تهمك وتشغلك، يمكن تفسيرها على نحو وجيه في ضوء الأفكار القائمة حول طبيعة الرابط الكيميائي.» وتقول بيانكا: «وجدته مهتما، وكتبت مذكرة حول تفسير عمليات التجريد من المجموعة الأمينية باستخدام النيتروز متضمنا الامتداد الحلقي. وأخذ تيفانو مذكرتي وأعطاني إياها بعد أيام.» ثم قال لها: «آنسة، لا أستطيع أن أقدم للأكاديمية ما يعد مجرد تفسيرات لا أكثر ولا أقل.» ولم يتحدث في هذا الأمر ثانية.
فيما بعد، بعد وفاة تيفانو في 1945، قدمت تشوبار نص أطروحتها لمدام بولين رامارت-لوكاس، أستاذ الكيمياء بجامعة السوربون. فقالت لها: «يا آنسة، ليس لدي اعتراضات على الجزء التجريبي والوصفي في عملك، ولكنني أعارض بشدة هذه التفسيرات، تخلصي منها؛ لأنني لن أقبلها على الإطلاق.»
لم تكن ترقية تشوبار لمدير البحث أمرا سهلا؛ حيث إن اللجنة العضوية التابعة للمركز القومي للبحث العلمي التي كانت صاحبة اليد العليا على هذا المنصب دعمت لعدة سنوات متتالية مرشحي البروفيسور تشارل بريفو الذي كان يعارض النظريات الميكانيكية التي تدافع عنها بيانكا.
لحسن الحظ، كان هناك القليل من العلماء الزملاء الذين اعترفوا بمميزات بيانكا الشخصية؛ مثل البروفيسور إدموند باور، الذي كان أحد أفضل علماء الكيمياء الفيزيائية في ذلك الوقت، وعالم الكيمياء الحيوية المتميز لويس رابكين الذي طلب من تشوبار التعاون معه، وبالفعل تعاونت معه حتى وفاته في 1948. فيما بعد، نالت تشوبار تقديرا كبيرا على دورها الرائد في الكيمياء العضوية في فرنسا. على سبيل المثال، في 1981 حصلت على جائزة جيكر من الأكاديمية الفرنسية للعلوم (في عمر 71!)، رغم أنها لم تسع مطلقا للتكريم أو الجوائز. •••
كانت نانسي نويس (1947-2006) صديقة مقربة لبيانكا تشوبارن، وهذه السيرة الذاتية مهداة لذكراها.
المراجع
Bianka Tchoubar published 140 research articles, the following are a selection.
Bazhenova, T. A., Lobovskaya, R. M., Shibaeva, R. P., Shilov, A. E., Shilova, A. K., Gruselle, M., Le Ny, G., and Tchoubar, B. (1983) Structure of the intermediate iron (0) complex isolated from the dinitrogen fixing system LiPh + FeCl
3 .
J. Organomet. Chem.,
244 (3), 265-272.
Loupy, A., Tchoubar, B. and Astruc, D. (1992) Salt effects resulting from exchange between two ion pairs and their crucial role in reactions.
Chem. Rev.,
92 (6), 1141-1165.
Loupy, A. and Tchoubar, B. (1988)
Effets de Sels en Chimie Organique et Organométallique , Dunod, Paris; (1992)
Salt Effects in Organic and Organometallic Chemistry , Wiley-VCH, Weinheim.
Sources: numerous discussions with Bianka Tchoubar, and biography by Jean Jacques, in
Mechanisms and
(Dedicated to Bianka Tchoubar), ed. D. Astruc,
New J. Chem.
1992, 16, 8-10, and English translation by Nancy Nouis,
New J. Chem.,
11-13.
Tchoubar, B. (1964) Quelques aspects du rôle des solvants en chimie organique.
Bull. Soc. Chim. Fr.,
2069.
Tchoubar, B. (1960)
Les Mécanismes Réactionnels en Chimie Organique , Dunod,
Reaction Mechanism in Organic Chemistry , Iliffe Books, American Elsevier Pub. Co, New York.
Tchoubar, B. (1956) Etat actuel de la théorie de la structure en chimie organique.
Nuovo Cimento,
101, Suppl. No. 1, vol. 4, sér. X., 101.
دوروثي كروفوت هودجكين (1910-1994)
ريناتا شتروماير
كانت دوروثي هودجكين ثالث امرأة تحصل على جائزة نوبل في الكيمياء والأخيرة على مدار خمسة وأربعين عاما تالية.
في وصف ماكس إف بيروتس (الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1962) لشخصية دوروثي كروفوت هودجكين العلمية كتب الآتي: «كان لديها الشجاعة والمهارة وقوة الإرادة الخالصة لتوسيع المنهج (التحليل الطيفي للأشعة السينية) إلى مركبات أكثر تعقيدا بكثير من أي مركبات تمت تجربتها من قبل ... جاءت مهارة دوروثي هودجكين المبهرة في حل المركبات المعقدة من كل من المهارة اليدوية والقدرة الرياضية والمعرفة العميقة بالتحليل الطيفي والكيمياء. وكثيرا ما كان ذلك يؤدي بها، هي وحدها، للتعرف على ما تريد المخططات المشوشة الناتجة عن تحليل الأشعة السينية قوله.» •••
في أوائل الأربعينيات، قام تشين وفلوري بعزل البنسيلين في أكسفورد، وحاول بعض أفضل علماء الكيمياء الوصول إلى تركيبته الكيميائية دون جدوى. وكانت دوروثي هودجكين وزملاؤها أول العلماء الذين استخدموا تحليل الأشعة السينية، وليس الكيمياء، لتحديد الترتيب التركيبي للبنسيلين، ونجحوا في ذلك في عام 1945. تبع ذلك في سنوات لاحقة اكتشاف تركيب بعض الجسيمات المعقدة مثل فيتامين ب12 وحتى بروتين الإنسولين، الذي يعد أكبر ألف مرة من فيتامين ب12. هذه الاكتشافات جعلت من الممكن تصنيع هذه المواد الحيوية وتوفير احتمالات علاجات طبية غير مسبوقة للأمراض التي لم يكن لها علاج من قبل.
وتقول دوروثي هودجكين فيما بعد: «أصبحت أسيرة طوال حياتي للكيمياء والبلورات، عندما تعلمت كيف أصنع محاليل أستطيع من خلالها عمل البلورات.» في سن العاشرة تقريبا، التحقت بمدرسة خاصة صغيرة، منشأة من قبل أولياء أمور لهم رؤى مستقلة، وهناك حضرت دروسا في الفيزياء والكيمياء، وهي مواد لم تكن جزءا من منهج معظم المدارس الابتدائية، ولا سيما تلك الخاصة بالبنات. واصلت تجاربها الكيميائية في معملها الذي أنشأته في علية البيت. وفي السادسة عشرة من عمرها اشترت لها أختها مولي كتابين من تأليف العالمين براج، الأب والابن، اللذين رسخا استخدام الأشعة السينية في دراسة التركيب الذري للمواد. وتتذكر فيما بعد قائلة: «كنت مفتونة بطريقة الحصول على هذه المعرفة (ترتيب الذرات) - عن طريق تمرير الأشعة السينية خلال البلورات ودراسة تأثيرات الحيود الذي تنتجه الذرات على الأشعة السينية. بدأت أرى حيود الأشعة السينية كوسيلة لاكتشاف إجابة الكثير من الأسئلة التي تثيرها الكيمياء المدرسية ولكنها تتركها بلا إجابة - كالأسئلة المتعلقة بتركيب المواد الصلبة والمواد الحيوية.»
دوروثي كروفوت هودجكين.
قضت معظم تعليمها الثانوي في مدرسة سير جون ليمان في مدينة بيكلز، بسافيك، حيث كان يسمح لها هي ولفتاة أخرى بالانضمام إلى البنين في دروس الكيمياء.
كانت نسبة الطلاب البنين إلى البنات في أكسفورد، حيث بدأت دراساتها في الكيمياء، هي نفس النسبة تقريبا؛ ففي ذلك الوقت كان حوالي 10 في المائة من الطلاب الخمسة آلاف في أكسفورد من البنات، وكان عدد الفتيات اللائي يرغبن في دراسة العلوم أو الرياضيات ضئيلا على نحو خاص. وفي العام الذي كانت تدرس فيه، كان عدد الفتيات اللائي يدرسن الكيمياء كبيرا بشكل مدهش: خمس بنات في كليات البنات الخمس. في 1933 ذهبت دوروثي كروفوت إلى كامبريدج لتبدأ العمل في الدكتوراه الخاصة بها مع جيه دي برنال، وقاما بتسجيل نمط حيود الأشعة السينية الخاص بالببسين، الذي كان أول بروتين كروي يتم تحليله بهذه الطريقة. في ذلك الوقت (1934) كانت دوروثي تعاني من بداية حالة خطيرة من التهاب المفاصل الروماتويدي الذي تفاقم تدريجيا حتى أقعدها تماما بقية حياتها.
لتحديد تركيب البنسيلين، استخدم أول أجهزة كمبيوتر تناظرية من إنتاج شركة آي بي إم لحسابات الأشعة السينية؛ ولذا كانت دوروثي هودجكين أول من استخدم أجهزة الكمبيوتر الإلكترونية في مسائل الكيمياء الحيوية.
وقد انشغلت بمسألة جديدة عندما طلب لستر سميث من شركة جلاكسو للأدوية مساعدتها في خطاب عام 1948: «قمت مؤخرا بعزل العامل المسئول عن علاج مرض فقر الدم الفتاك من الكبد، كبلورات تشبه الإبرة الحمراء، ونحن نرغب في معرفة أكبر قدر ممكن من المعلومات عن تركيب التحليل الطيفي ... ونتساءل إن كانت لديك الرغبة والاهتمام الكافيين لإجراء بعض قياسات الأشعة السينية على البلورات ...» وكان لديها الرغبة والاهتمام! استغرق حل تركيب البلورة، وفيتامين ب12 منها ومن زملائها ثماني سنوات، وكشفت أول صور لحيود الأشعة السينية أن فيتامين ب12 يتكون من أكثر من ألف ذرة في حين أن البنسيلين يتكون من 39 فقط، ويتضمن الفيتامين نظاما حلقيا مختلفا عن أي شيء شوهد من قبل. وقد بينت المعلومات التي عرفت عن تركيب الفيتامين والذرات المكونة له بعض الدلائل على وظيفته وسهلت عملية تخليقه. وكما هو الحال مع البنسيلين، وفيما بعد الإنسولين، كانت له قيمة علاجية واضحة، وقد نشرت النتائج في مجلة «نيتشر» في 1955 و1956.
في 1964 منحت دوروثي كروفوت هودجكين جائزة نوبل في الكيمياء «تقديرا لتحديدها تركيب مواد بيولوجية مهمة باستخدام تقنيات الأشعة السينية.» ولمدة 45 عاما تالية لم تفز أي امرأة أخرى بجائزة نوبل في الكيمياء، إلى أن فازت بها عادا يونات في 2009 (التي ولدت عام 1939 في القدس) في الكيمياء تقديرا لدراساتها في تحديد تركيب الريبوسومات ووظيفتها باستخدام التحليل الطيفي للأشعة السينية، وهي طريقة فيزيائية استخدمت لأول مرة في الكيمياء على يد دوروثي هودجكين.
كان الاستكشاف التحليلي لتركيب هرمون الإنسولين تحديا طويلا، وفي النهاية أسهم تقدم تكنولوجيا الكمبيوتر في القدرة على حساب النتائج على نحو هائل. بدأت دوروثي هودجكين اهتمامها بالإنسولين في 1934 عندما أعطاها روبرت روبنسون عينة صغيرة لتصويرها. وقد وصفت اللحظة التي رأت فيها «النمط الأساسي للانعكاسات الدقيقة» (في الصورة) بأنها «في الغالب أكثر لحظات حياتي إثارة.» وقد أكملت فك شفرة التركيب ثلاثي الأبعاد لبروتين الإنسولين بعد 35 عاما، في 1969.
كانت دوروثي هودجكين مهتمة اهتماما خاصا منذ طفولتها بالسلام الدولي، وشجعها على ذلك في البداية أمها التي فقدت إخوتها الأربعة في الحرب العالمية الأولى. وقد ظهرت مثاليتها في دعمها وتشجيعها للطلاب والعلماء من جميع أنحاء العالم، بصرف النظر عن انتمائهم لبلدان شيوعية أو رأسمالية. وبمجرد أن أصبحت مشهورة عندما حصلت على جائزة نوبل بدأت حملة دولية تدعو إلى السلام وإلى نزع السلاح. وعلى النقيض من بعض أصدقائها وزملائها المقربين لم تنضم مطلقا إلى الحزب الشيوعي، ولكنها انضمت لعدد من المنظمات المرتبطة به مثل «العلم من أجل السلام» و«الحملة من أجل نزع السلاح النووي». ومع ذلك؛ فقد رفض طلبها بالحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة الأمريكية في 1953 ولم تمنح لها حتى 1990، في حين دعاها السوفييت لزيارة الاتحاد السوفييتي ومنحوها ميدالية ميخائيل لومونوسوف الذهبية الخاصة بالأكاديمية السوفييتية للعلوم في 1982 وجائزة لينين للسلام في 1987، وغير ذلك من الجوائز. في 1976 رشحت لبعض السنوات لمنصب رئيس منظمة مؤتمر «باجواش» للعلوم والشئون الدولية والتي «تهدف إلى جمع العلماء والشخصيات العامة المؤثرة المهتمة بالحد من مخاطر الصراعات المسلحة وإيجاد حلول تعاونية لمشاكل العالم». وتبدو أهداف باجواش مشابهة إلى حد بعيد لمعتقداتها الشخصية. ويذكر صديقها وزميلها ماكس إف بيروتس رئاستها قائلا: «في مواجهة وجهات النظر المتعارضة تماما، التي غالبا ما كان يعبر عنها العلماء من الشرق والغرب أو الشمال والجنوب بغضب، كان القليل من الكلمات الرقيقة الحكيمة بصوتها الهادئ تهدئ النفوس وتنهي الأزمات.»
المراجع
Cochran, W. (1996) Dorothy Mary Crowfoot Hodgkin, OM, FRS.
The Royal Society of Edinburgh Year Book,
Session 1994-1995.
Cohen, L. J. (1996)
Dr. Dorothy Crowfoot Hodgkin: Chemist, Crystallographer, Humanitarian (1910-1994).
http://nobelprizes.com/nobel/chemistry/dch.htlm .
Dodson, G, Glusker, J. p. and Sayre D. (Eds.) (1981)
Structural Studies on Molecules of Biological Interest: A Volume in Honour of Professor Dorothy Hodgkin , The Clarendon Press, Oxford.
Ferry, G. (1998)
Dorothy Hodgkin, A Life , Granta Books, London.
Fölsing, U. (1994) Dorothy Hodgkin-Crowfoot, Chemie-Nobelpreis 1964 in
Nobel-Frauen. Naturwissenschaftlerinnen im Porträt , Beck, München.
Glusker, J. p. and Adams, M. J. (1995) Dorothy Crowfoot Hodgkin (1910-1994).
Today,
May 1995.
Crystallographers Online.
أولا هامبرج (1918-1985)
كارل جي جامبرج وبيكا بوكه
كانت أولا مارجاريتا هامبرج (20 أكتوبر 1918-22 مارس 1985) واحدة من أبرز علماء الكيمياء الحيوية الفنلنديين في فترة حياتها، وكانت رائدة شجاعة من رواد التعاون الدولي، وواحدة من أوائل دارسي ببتيد البراديكينين. •••
من الأسباب التي شهرت هامبرج طول ومستوى إسهاماتها على الصعيد الأجنبي والمحلي، وقد كتبت ثمانيا من أوراقها البحثية المبكرة من 1948 إلى 1953 أثناء عملها مساعدة للبروفيسور يو إس فون أويلر (1905-1983) (الذي حصل فيما بعد على جائزة نوبل في الطب عام 1970) بمعهد كارولينسكا في استوكهولم. بعد ذلك انتقلت إلى ساو باولو في البرازيل بوصفها باحثا مشاركا في معهد الأحياء وكلية الطب جامعة ساو باولو من 1954 حتى 1958. وكان أهم من شاركوها في الكتابة البروفيسور إم روشا إي سيلفا. وقد قضت فترة بسيطة بجامعة ويسكونسين من عام 1956 إلى 1957 مع إتش إف دويتش، وتبعتها إقامة أخرى في كليفلاند بالولايات المتحدة الأمريكية مع آي إتش بيدج من 1959 إلى 1961. وكانت على صلة بجامعة هلسنكي من 1959 ونشرت أوراقا بحثية مع إيه آي فيرتانن (1895-1973) (الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1945) ثم مع إيه فارتيانين وجيه إركاما. من عام 1965 أصبحت عالمة مستقلة، وشغلت مناصب مثل عالم باحث في مجلس البحوث القومي للعلوم من 1966 حتى 1976، ومن يونيو 1976 حتى وفاتها شغلت منصب أستاذ الكيمياء الحيوية في جامعة هلسنكي. وكانت قد حصلت سابقا على منصب دائم أستاذا مشاركا للكيمياء الحيوية في جامعة توركو في 1967 ولكنها استقالت منه بعد أقل من سنتين.
أولا هامبرج (معرض صور الويب «نساء العلم»؛
http://www.helsinki.fi/akka-info/tiedenaiset/english/hamberg.html ).
في 1947، نشرت أول مقال لها مع فيرتانن حول نزع مجموعات الأميد من البروتينات النباتية. كان فيرتانن قد حصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1945، وكان شغله الشاغل هو الكيمياء الحيوية للنبات والتطبيقات الزراعية. ولكن أولا كان لديها خطط أخرى؛ فقد غادرت معمل فيرتانن وذهبت إلى معهد كارولينسكا في استوكهولم لتتعلم علم الصيدلة والكيمياء الحيوية الحديث. وكان فون أويلر قد اكتشف النورادرينالين وبين أهميته في توصيل الإشارات في الجهاز العصبي. ومن بين أعضاء المجموعة التي تعاونت معها أولا أيضا سوني بيريستروم، الذي اكتشف البروستاجلاندينات فيما بعد، وحصل مثل فون أويلر على جائزة نوبل.
كانت أهم إسهامات أولا هامبرج منذ ذلك الوقت هي كتابة مقالات مفيدة عن النورادرينالين وفصله عن الأدرينالين (الإبينفرين). كما أثبتت أن النورادرينالين مدعم في لب الغدة الكظرية. في ذلك الوقت كان العلماء الاسكندنافيون ينشرون أبحاثهم في الجرائد الاسكندنافية؛ ولذا ظهر عملها الأشهر عن تحليل النورادرينالين في جريدة «أكتا فيسيولوجيكا سكاندينافيكا». ومع ذلك، فقد نشرت أيضا في مجلة «نيتشر» و«ساينس» و«بيوكيميكال جورنال». ونظرا لأهمية هذا العمل، فقد حظيت أولا بالشهرة. وأرادت أن تواصل العمل في كيمياء البروتينات وانضمت إلى معمل العالم البرازيلي إم روشا إي سيلفا في بداية الخمسينات. وكان هذا العالم مشهورا بسبب اكتشافه البراديكينين، وهو ببتيد يتكون من تسعة أحماض أمينية ويوجد في بلازما الإنسان.
يمتلك البراديكينين تأثيرات علاجية قوية؛ إذ يخفض ضغط الدم نتيجة توسيع الأوعية الدموية، وقد أثبتت باستخدام سم ثعبان أن البراديكينين يفرز من بروتين ذي وزن جزيئي عال في البلازما، وظهرت أهمية هذا الاكتشاف فيما بعد. بالإضافة إلى ذلك اكتشفت أولا أن إنزيم التريبسين الحال للبروتين له تأثير مماثل، وينبع البراديكينين من الكينينوجينات ، وأصبح من الضروري بالنسبة لها أن تواصل دراساتها عن البروتينات ذات الأهمية الوظيفية الموجودة في البلازما. ولذلك، فبعد إقامتها في البرازيل بدأت دراسة البلازمينوجين وتنشيطه، والبلازمينوجين هو المولد المباشر للبلازمين، ويتكون من الانشطار الناتج عن التحلل البروتيني. وقامت بعزل اليوروكيناز واستخدمت البلازما المنشطة بالاستربتوكيناز للحث على تنشيط البلازمينوجين، وللبلازمين دور مهم في انحلال الفيبرين، وتعد آلية وتنظيم نشاطه ذات أهمية محورية.
البراديكينين.
وصفت أولا في عدة مقالات تنشيط البلازمين وتكوين تركيبات معقدة من البروتينات في البلازما.
بعد ذلك عادت إلى بحث البراديكينين، ونشرت عدة أوراق بحثية عن الكينينات ومولدات الكينينات وتنظيمها.
يظل عملها المبكر مع فون أويلر هو أهم إسهاماتها العلمية. وقد تمتعت بخلفية صيدلانية، أدت إلى اهتمامها طوال مسيرتها العلمية بالمواد النشطة دوائيا، ولا سيما بروتينات البلازما والببتيدات المشتقة منها. حظيت أولا باحترام كل من عاصروها، ولكن أثناء فترة أبحاثها اللاحقة لم تواكب التطورات في كيمياء البروتينات. ومع ذلك، ظل عملها وصفيا، ويبدو أن الآليات الجزيئية لتشكيل الببتيدات كانت صعبة الحل بالنسبة لها، ورغم ذلك؛ فقد خرج من تحت يديها مجموعة جيدة من الطلاب الذين تخصصوا في بروتينات البلازما، وتعتبر إسهاماتها العلمية متميزة، في ظل الموارد المالية المحدودة التي كانت لديها.
تمتعت قلة قليلة من عالمات الدول الاسكندنافية بشهرة مماثلة، وكانت أولا بلا شك تعتبر من رواد تطوير الكيمياء الحيوية في فنلندا، ومن الأهمية بمكان أنها بينت أن العالمات من النساء يستطعن تحقيق إنجازات كبيرة في البحث، وقد ألهمت هذه الحقيقة بالتأكيد الكثير من الطالبات ليتخذن المسار العلمي.
خصصت أولا في وصيتها للجمعية الفنلندية للعلوم والآداب، التي كانت عضوا نشطا فيها، منحا لأبحاث السرطان.
المراجع
Bergström, S., von Euler, U. S. and Hamberg, U. (1949) Isolation of nor-adrenaline from the adrenal gland.
Acta Chemica Scandinavica,
3 (3), 305-305.
Hamberg, U. and Silva, M. R. E. (1957) Release of bradykinin as related to the esterase activity of trypsin and of the venom of bothrops-jararaca. Experientia, 13 (12), 489-490.
Hamberg, U. and Silva, M. R. E. (1957) On the release of bradykinin by trypsin and snake venoms.
Archives Internationales de Pharmacodynamie et de Therapie,
110 (2-3), 222-238.
Virtanen A. I. and Hamberg U. (1947) On the splitting of the amide group from proteins - the amides of zein.
Acta Chemica Scandinavica,
1(9), 847-853.
von Euler, U. S. and Hamberg, U. (1949) Colorimetric estimation of noradrenalin in the presence of adrenalin.
Science,
110, 561-561.
von Euler, U. S. and Hamberg, U. (1949) Colorimetric determination of noradrenaline and adrenaline.
Acta Physiologica Scandinavica,
19(1), 74-84.
von Euler, U. S. and Hamberg, U. (1949) L-noradrenaline in the suprarenal medulla.
Nature
163, 642-643.
روزاليند فرانكلين (1920-1958)
ماريان أوفرينز
كانت روزاليند فرانكلين واحدة من مكتشفي تركيب جزيء الدنا، وقدمت البيانات التجريبية التي شكلت أساس البحث الذي منح واطسون وكريك وويلكينز على أساسه جائزة نوبل عام 1962. •••
في 25 يوليو 1920، ولدت روزاليند إلسي فرانكلين في لندن، وكانت الابنة الثانية بين الأبناء الخمسة لإليس فرانكلين، المصرفي اليهودي الثري، وزوجته ميوريل ويلي.
نظرا لعدم حبها للألعاب المخصصة للبنات، كانت روزاليند تعتبر غريبة الأطوار؛ ولذا فهي تتذكر طفولتها كصراع مستمر من أجل التقدير.
عندما كانت روزاليند في الثامنة من عمرها، كانت معتلة الجسم، وكثيرا ما كانت تعاني من أمراض الجهاز التنفسي؛ ولذا نصح طبيب العائلة بإرسالها إلى مدرسة داخلية بالقرب من البحر، وكان الدرس الذي تعلمته هناك هو أن من الأفضل أن نتجاهل الألم والمرض. والتحقت في لندن بمدرسة سانت بول للبنات، وهي مدرسة ثانوية لفتيات الطبقة الراقية. وأثناء التحاقها بمدرسة سانت بول، قضت جزءا من الفصل الدراسي في باريس، ورجعت من باريس لتصبح فتاة أنيقة تهتم بالموضة وتؤمن بالفرنسية، ومنذ ذلك الوقت وهي تفصل ملابسها بنفسها، وفقا للموضة في فرنسا.
روزاليند فرانكلين (
http://sciencecomm.wikispaces.com/file/view/3441067.jpg/96607078/3441067.jpg ).
كان تعليم العلوم في مدرستها، على نحو خاص، ممتازا، وفي سن الخامسة عشرة أخذت قرارها بدراسة الكيمياء الفيزيائية في جامعة كامبريدج. وفي 1938 بدأت روزاليند فرانكلين دراستها في كلية نيونام بجامعة كامبريدج، ووصفتها في رسالة لها بأنها: «تشبه المدرسة الداخلية إلى حد بعيد.» اجتهدت روزاليند في دراستها وكرست لها كل جهدها، وفي 1941 تخرجت في الكلية. بعد ذلك عملت لمدة عام في وظيفة بحثية مع رونالد نوريش الذي حصل لاحقا على جائزة نوبل.
خلال الحرب العالمية الثانية، أرادت روزاليند أن تخدم بلدها؛ لذا ذهبت في 1942 للعمل مساعد باحث في الجمعية البريطانية لبحوث استعمال الفحم، وهي منظمة تجري أبحاثا عن طرق تحسين استخدام الفحم كوقود. وهناك «أجرت أبحاثا مهمة في مجال التركيب الدقيق للفحم والجرافيت.» حتى عام 1946 ظلت تعمل في الجمعية البريطانية لبحوث استعمال الفحم، وحصلت في هذه الفترة على شهادة الدكتوراه عن بحثها في التحليل الكروماتوغرافي للغاز (في 1945). وقد قال أحد أساتذتها عن بحثها هذا: «لقد جلبت [...] التنظيم إلى مجال كان يتسم قبلها بالفوضى.» وأثناء إجرائها للأبحاث في الجمعية البريطانية لبحوث استعمال الفحم نشرت خمس أوراق بحثية ما زالت موضع اقتباس حتى الآن.
كانت روزاليند مشهورة بالفعل، ولكنها كانت على استعداد لتحد جديد، في 1947 سافرت إلى فرنسا حيث وجدت وظيفة في المعمل المركزي للخدمات الكيميائية للدولة. وهناك تخصصت في حيود الأشعة السينية، في هذه الفترة طورت روزاليند مهارات هائلة في إجراء أبحاث تحليلية بالأشعة السينية لمواد عديمة الشكل، من الواضح أنها لابلورية؛ لذلك كان التصوير البلوري بالأشعة السينية ملائما لبحث تركيب الدنا. وأصبحت خبيرة في تحليل صور الأشعة السينية للمواد بين البلورية واللابلورية، وهو ما يعني البحث في الكربون والجزيئات الحيوية.
وفقا لأصدقائها، كانت هذه أسعد سنوات حياتها.
في 1950، عادت إلى لندن بأمر من سير جون راندال، مدير كلية كينجز (كلية أخرى غير كلية الملك بجامعة كامبريدج)، الذي عينها باحثا مشاركا لتأسيس بحث الدنا في المعمل، ونقل كل الأبحاث إليها.
في الوقت نفسه، في كامبريدج، بدأ جيمس واطسون وفرانسيس كريك بحثهما في نفس الموضوع، وكذلك فعل لينوس باولنج في أمريكا. في البداية كانت الاكتشافات في لندن وكامبريدج تسير على نفس المستوى تقريبا؛ فقد ظهر المقال الأول الذي كتبته روزاليند عن الدنا في نفس العدد الذي ظهر فيه مقال واطسون وكريك من مجلة «نيتشر».
سرعان ما تمكنت روزاليند من إثبات أن جزيء الدنا يمكن أن يظهر في شكلين: «أ» و«ب»، بناء على كمية الماء التي يمتصها: نسبة الرطوبة 75٪ تؤدي إلى الشكل «أ»، بينما نسبة الرطوبة 95٪ تؤدي إلى الشكل «ب»، والشكل «ب» أطول ب 25٪ واللفات مشدودة، واستطاعت أن تغير الجزيئات من شكل لآخر عن طريق تغيير نسبة الرطوبة. ونظرا لأن الجزيئات تستطيع بسهولة شديدة امتصاص الرطوبة من الهواء المحيط وإخراجه؛ فقد استنتجت مكان مكونات فوسفات السكر التي كان من المعروف وجودها في الدنا، واستنتجت أيضا أن الفوسفات كان خارج كل سلسلة، أما القواعد العضوية فهي في الداخل لتكوين درجات السلم. وفي هذا الوقت، لم يكن واضحا لها ما إذا كان كل جزيء يتكون من سلسلتين أو ثلاث أو أربع.
نمط حيود الأشعة السينية من الدنا (
http://edu.glogster.com/media/1/9/12/15/9121555.jpg ).
في مايو 1952 صنعت روزاليند صورة بالأشعة السينية للشكل «ب» من الدنا. تبين هذه الصورة بوضوح نمطا على شكل حرف
X ؛ مما يدل على أن شكل «ب» من الدنا عبارة عن حلزون . في ذلك الوقت لم تركز انتباهها على الصورة، ووريت صورة الأشعة السينية مؤقتا في أحد الأدراج لأنها أرادت في البداية حساب الشكل «أ» الكامل.
كان هذا هو السلوك الطبيعي بالنسبة لها؛ لأن هذا هو الترتيب المنطقي. ومن حسابات الشكل «أ»، حصلت بالتالي على الكثير من البيانات عن الشكل «ب».
في الوقت نفسه، أصبح واطسون وويلكينز صديقين مقربين، وعندما ناقشا قضية الدنا، عرض ويلكينز صورة الأشعة السينية على واطسون في 30 يناير 1953، دون إذن فرانكلين وحتى دون أن يخبرها! كانت الصورة تقدم دليلا على النظرية التي بدأ واطسون وكريك في تأسيسها في كامبريدج. وبعد أسابيع قليلة، تلقى ماكس بيروتس، رئيس المعمل في كامبريدج، تقريرا حكوميا يضم كل المعلومات اللازمة من بحث فرانكلين. ودون أي تصريح من راندال أو فرانكلين، أعطى هذا التقرير إلى كريك، وأصبحت كل المعلومات الضرورية متوفرة لكامبريدج. وفيما بعد، نسب الفضل في البحث لواطسون وكريك، ولم يذكر اسم فرانكلين على الإطلاق.
على أية حال، لم تعرف روزاليند أي شيء عن أن عملها أدى للإنجاز الذي حققه واطسون وكريك؛ ففي وقت نشرهما للبحث، لم تكن تعمل على الدنا؛ لأنها انتقلت في مارس من عام 1953 إلى كلية بيركبك، حيث ركزت أبحاثها على فيروس تبرقش التبغ والفيروس المسبب لشلل الأطفال. وأثبتت أن حامل الصفات الوراثية للفيروس، الرنا، كروي مثل الدنا، وعرضت نموذجا لتركيب فيروس تبرقش التبغ في 1957 في معرض بروكسل العالمي.
ونشرت بين عامي 1953 و1958 سبعة عشر منشورا عن الفيروسات، ووضعت أساس علم الفيروسات التركيبي.
خلال سنواتها الثلاث الأولى في بيركبك كان كل ما تفعله ممتازا، وفقا لما ذكرته كاتبة سيرتها الذاتية آن ساير. وكانت علاقتها مع المجموعة في كامبريدج ودية، وكانوا يتبادلون البيانات المتعلقة بمجال الفيروسات. في 1956 انقلب الحال، وسحبت منحتها؛ لأن مقدم المنحة لم يرغب في أن تنفق أمواله على مشروع تديره امرأة، ومنذ هذه اللحظة أصبحت تتلقى تمويل أبحاثها من إدارة الصحة العامة الأمريكية. وفي صيف هذا العام، أثناء رحلة لأمريكا، عانت لأول مرة من ألم شديد في البطن واضطرت للبحث عن طبيب، ونصحها الطبيب بزيارة اختصاصي في إنجلترا في أسرع وقت ممكن. وبعد استشارته، أصبح من الواضح أنها تعاني من سرطان المبيض، وفشلت كل العلاجات وتوفيت في 16 أبريل عام 1958، وكانت وقتها في السابعة والثلاثين من عمرها فحسب.
في 1962، حصل واطسون وكريك وويلكينز على جائزة نوبل عن بحثهما في تركيب الدنا، وذكرا في محاضرات نوبل التي ألقياها 98 مرجعا، لم يكن من بينها فرانكلين على الإطلاق.
يقول جيه دي برنال، رئيس معمل بيركبك عنها: «كانت الآنسة فرانكلين كعالمة تتميز بالوضوح الشديد والمثالية في كل شيء تتولاه، وكانت الصور التي أخذتها من أفضل صور الأشعة السينية التي صورت.»
شكر وتقدير
أتوجه بالشكر للدكتور ليو مولينار، ودكتور شيلا توبياس ودكتور إب هارتمان.
المراجع
Kass-Simon, G. and Farnes, p. (eds.) (1993)
Women of Science, Righting the Record , Indiana University Press, Bloomington.
McGrayne, S. (1993)
Nobel Prize women in science.
Birch Lane Press, New York.
Rozendaal, S. (1998)
De mens, een dier. Denkers aan het front van de wetenschap . De Bezige Bij, Amsterdam.
Sayre, A. (1978)
Rosalind Franklin and DNA . W. W. Norton, New York / London.
Simmons, J. (1997)
De top-100 van Wetenschappers. De 100 Meest Invloedrijke Wetenschappers uit Heden en Verleden op een Rij Gezet (The Scientific 100), Het Spectrum, Utrecht.
Sluyser, M. (1998)
Waarom kreeg Rosy geen Nobelprijs?
Vrij Nederland 15 August, 1998.
Watson, J. D. (1968) The Double Helix.
A Personal Account of the Discovery of the Structure of DNA.
Athenaeum, New York.
Yount, L. (1996)
Twentieth Centurywomen-scientists . Facts on File Inc., New York.
جاكلين فيسيني (1923-1988)
جان بيير جنيت
ركز بحث جاكلين فيسيني على التفاعلات العضوية الأساسية وتطبيقاتها في الكيمياء العضوية التخليقية، وهو مجال كانت مفتونة به في حد ذاته، وقد اشتهرت بإنشائها وتطويرها لكيمياء الينأمين (تختص بدراسة المركبات مزدوجة الاستبدال التي ترتبط فيها المجموعة الأمينية بمجموعة الأسيتيلين). •••
ولدت في 20 أكتوبر عام 1923 في سان ماكسان ليكول (فرنسا)، وهي ابنة جين بونتيه والكولونيل راءول فيسيني. وتوفيت جاكلين فيسيني عزباء في 1988 في باريس عند عودتها من اليابان، حيث كانت تزور البروفيسور يوشيدا بناء على دعوته.
أكملت جاكلين فيسيني تعليمها الثانوي في كلية سان ماري دي شافني في أونجولام، وحصلت على درجة الماجستير من جامعتي باريس وأنجيه. وبعد حصولها على الدكتوراه (1952) في الصناعة تحت إشراف الدكتور آر روتشتاين، عينت مساعد باحث في المركز القومي للبحث العلمي من 1952 إلى 1956، وفي 1957 أصبحت محاضرة في الكيمياء بكلية العلوم في باريس حيث عملت مع البروفيسور إتش نورمان.
جاكلين فيسيني (1923-1988) المجموعة الخاصة لجان بيير جنيت.
في 1960 قضت جاكلين عاما من فترة ما بعد الدكتوراه في جامعة كولومبيا مع جي ستورك كشريك باحث. وفي 1962، عندما عادت، انتقلت إلى كلية العلوم في رانس مساعد مدرس، حيث تمت ترقيتها أيضا إلى منصب محاضر. في 1965 تمت ترقيتها إلى أستاذ كامل الأستاذية بجامعة باريس السادسة. تولت عدة مسئوليات بالجامعة؛ حيث رأست مدرسة دكتوراه في الكيمياء العضوية. وتحت إشرافها، من عام 1964 حتى عام 1988، نوقشت 18 رسالة دكتوراه و26 رسالة جامعية أو رسالة هندسية؛ وانضم إلى معملها 6 شركاء باحثين و8 أساتذة مساعدين.
انتخبت رئيسا لقسم الكيمياء العضوية في الجمعية الفرنسية الكيميائية حيث حصلت على جائزة لو بل عن إسهاماتها في مجال كيمياء الينأمين في 1972. وقد كوفئت فيسيني على إنجازاتها من قبل الأكاديمية الفرنسية للعلوم بمنحها جائزة جيكر وميدالية بيرتيلو في 1979. كذلك حصلت على وسام السعفات الأكاديمية (وسام فرنسي يمنح لمن يقدمون خدمات في مجال التعليم، 1974)، ووسام جوقة الشرف (1986). وبوصفها عضوا في الجمعية الأمريكية الكيميائية، كانت على اتصال دائم بالمجتمع الدولي؛ كما شغلت عدة مرات منصب أستاذ زائر في جامعة كولومبيا نيويورك (1975، 1978، 1985).
ألقت حوالي 130 محاضرة في المؤتمرات القومية والدولية على حد سواء، ونشرت أكثر من 120 مقالا، منها مراجعات وبراءات اختراع، كما كانت شديدة الاهتمام بالتدريس. في 1968، نشرت كتاب «بنية المادة والكيمياء الحركية» مع إن لومبروسو-بادير وجيه سي ديبيزيه، وهو كتاب دراسي ناجح مهدى لطلاب الكيمياء المبتدئين في الجامعة، وأعيد نشره في 1976 و1981 و1986، وما زال هذا الكتاب في المكتبات ومتاجر الكتب حتى الآن.
كانت جاكلين فيسيني تتمتع بنوع من المهارة التي تولد الحماس بين أفراد مجموعتها، وكان لديها الكثير من الأفكار، وكان فضول استكشاف الكيمياء العضوية التخليقية الذي اتسمت به آسرا لمستمعيها، وكانت فرصة العمل تحت إدارتها فرصة رائعة بحق. في سبعينيات القرن العشرين وثمانينياته كانت المجموعات البحثية معقولة في الحجم وكان هناك توازن بين عدد طلاب الدكتوراه والباحثين الدائمين. كان هذا هو وقت سي باربرا وجيه دانجيلو وجيه بيسيره وإم كلايس وجيه سي ديبيزيه ودي ديسمائيل وإيه دوروه وجيه بي جنيت، وإيه جينجو وبي كان وإيه كريف وجيه بوليكان وجي ريفيال وإيه إم توزان. وكان طلابها يحصلون على فرص عمل عالية المستوى في الصناعة أو مراكز البحث في: الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة وسويسرا، وأصبح آخرون أساتذة ناجحين في بلجيكا وفي فرنسا.
كانت اهتماماتها بالكيمياء واسعة النطاق، في البداية كان مجال عملها الرئيسي هو فحص المركبات العضوية الفلزية، وتصنيع وتفاعلات كواشف الجرينيارد مع البروفيسور هنري نورمان في 1956. في 1961، قامت مع البروفيسور جيلبرت ستورك بتطوير أول تفاعل حلقي محفز داخل الجزيء لمركب الديازوكربونيل غير المشبع الذي شكل بروبان حلقي، وما زالت هذه المحفزات تستخدم اليوم. فيما بعد، في جامعة باريس السادسة، طورت تفاعل الليثيوم-الهالوجين التبادلي بين الهاليدات الفينيلية الموظفة والليثيوم الهيدروكربوني المشبع كقاعدة، وأنتج هذا الإجراء كواشف موظفة مفيدة. كما طورت البروفيسور فيسيني طرقا عامة لتصنيع حلقات صغيرة مثل البوتينونات الحلقية، والبنتنونات الحلقية. على سبيل المثال، استخدمت هذه الطرق الأصلية في تحضير السينيرولون والجاسمولون، وهما مركبان رئيسيان في البيرثرينات. كذلك ركزت فيسيني على التفاعلات المحفزة بالفلزات الانتقالية. اكتشفت الألكلة الأصلية بين جزيئات انتقائية كيميائية وموضعية لخلات أليلية ثنائية الرابطة باستخدام عنصر البالاديوم (0) كعامل محفز. وتم تطوير مسار بروبان حلقي جديد للبروبانات الحلقية الفينيلية عبر كيمياء بالاديوم الأليل باي واستخدامه في تصنيع الحمض الكرايزانثيمي، وهو مكون رئيسي في البيرثرينويدات، والمبيدات الحشرية الطبيعية والقابلة للتحلل حيويا. وفي الوقت نفسه، قامت مجموعتها بتطوير إضافات حلقية محفزة بالحديد من الينأمينات. وتم إنتاج مركب حديد مناسب جدا في الموضع نفسه وهو:
FeCl
3 /i-PrMgCl ، في وجود البوتادين والينأمينات؛ مما أتاح الهكسادينامينات الحلقية.
الحمض الكرايزانثيمي.
اشتهرت جاكلين فيسيني شهرة واسعة من أجل إنشائها وتطويرها لكيمياء الإنامينات. بعد إنشاء طريقة تخليقها العملية، أثبتت أن الإنامينات تتفاعل أيضا بسرعة مع الكحوليات منتجة أسيتالات
O
و
N . في حالة الكحوليات الأليلية والكحوليات البروبارجيلية تمر النواتج الإضافية الأولية بتفاعل إعادة ترتيب كلايزن مع تشكيل الأميدات، فيما يعرف باسم إعادة ترتيب فيسيني- كلايزن.
ويمكن اعتبار إعادة الترتيب هذه مكملة لإعادة ترتيب إشنموسر، والينأمينات أساسية بما فيه الكفاية، على عكس الإثيرات الأسيتيلية، لأينلة الأحماض الكربونية. على سبيل المثال، تفاعل الينأمينات مع لاكتونات الإينول خماسية الأعضاء يؤدي إلى لاكتونات ينأمينية، هذه اللاكتونات الينأمينية، بعد تحليلها بالماء، توفر مسارا جديدا إلى 1,4 كيتون ثنائي. وقد طبقت هذه الطريقة في تصنيع الجاسمون، وهو عطر مفيد.
توفر أسيلة الينأمينات بواسطة لاكتونات الإينول ثنائية الحلقة باستخدام
MgBr
2
كمحفز حمض لويس خفيف طريقة فعالة لتكوين حلقات ملتوية تؤدي إلى ديكان (4,5) حلزوني وأونديكان (5,5) حلزوني. استخدم هذا في صناعة (دي إل) أكورادين، وهو تربين أحادي نصفي يوجد في زيت نبات نجيل الهند.
جاسمون.
أكوردين.
كما وضحت أن الينأمينات لديها ميل خاص نحو الإضافات الحلقية. تتفاعل الينأمينات بسهولة شديدة مع الكيومولين المتغاير ، مثل ثاني أكسيد الكربون، موفرة طريقة للوصول إلى الدياميدات الألينية. بالإضافة إلى هذا التفاعل المميز، اكتشفت أنواعا مختلفة من الإضافات الحلقية للينأمينات باستخدام الركائز الإلكتروفيلية: الأسيتيلينات والدايينات والأيزوسيانات والكيتينات والكيتونات غير المشبعة. ويعد إسهام فيسيني متميزا؛ على سبيل المثال، في الإضافة الحلقية للينأمينات مع الإينونات التي تتخذ شكل منحنى سهمي مستو تحدث عملية (2 + 4)؛ مما يؤدي إلى بيرانات مستبدلة مغايرة. من ناحية أخرى، تحدث الإضافة الحلقية من النوع (2 + 2) - تفاعل بين جزيئين غير مشبعين بواسطة ذرتين من كل جزيء - بانتقائية فراغية مع إينونات بها امتثال مفروق مثل السيكلوهكسانونات والسيكلوبنتانونات ينتج عنها مركبات كيميائية حلقية ثنائية الحلقة لمجموعة أمينية مرتبطة بمجموعة الأسيتيلين، التي تعطي بعد التميؤ أحماضا كيتونية. هذا التتابع المكون من خطوتين يسمح بالتحكم الكامل في التوصيف النسبي لمركزي كربون متجاورين عبر تشكيل مصاوغ فراغي مفضل حركيا، ويمثل هذا مسارا انتقائيا فراغيا فريدا إلى الأحماض الكيتونية الأول والخامس المتصاوغة فراغيا خماسية وسداسية الذرات. تتحكم الإضافة الحلقية الينأمينية التي اكتشفتها فيسيني ببراعة في الكيمياء الفراغية ذات الصلة عند
C
3
و
C
15
و
C
20
في تصنيع ثنائي هيدروأنتيرين. تحقق التصنيع المتحكم فيه فراغيا لإنتاج الكوليستان منزوع الإيه بي والكوليستين، وهما يمثلان وحدات أساسية لبناء ناتج التمثيل الغذائي الهيدروكسيلي لفيتامين د3، باستخدام هذه الطريقة الفعالة. كذلك فإن أول تصنيع متحكم فيه فراغيا للجوفابيون يستخدم هذه الكيمياء. ويبين الجوفابيون نشاطا هرمونيا في الحشرات. وجدير بالذكر أن طريقة الصنع هذه مذكورة في كتاب «الكيمياء العضوية المتقدمة» لكاري وساندبرج.
جوفابيون.
لمدة عشرين عاما، كانت الأهمية التخليقية للينأمينات في الكيمياء العضوية والكيمياء العضوية الفلزية مؤكدة على نحو حاسم من خلال إسهام فيسيني وأيضا إسهام البروفيسور هاينز جي فيهي من جامعة لوفان (بلجيكا). هذه الأعمال الريادية المهمة تمت مراجعتها بدقة وحرص من قبل فيسيني في «رباعي الوجوه» في 1976. وأتاحت تطبيقات الكيمياء التقليدية والمبتكرة لفيسيني تحقيق عملية تخليق فعالة للجزيئات النشطة بيولوجيا.
عادت كيمياء الينأمينات للظهور مرة أخرى في السنوات الخمس الأخيرة في شكل الإيناميدات، مجددة الاهتمام بهذه العناصر الأساسية الغنية وظيفيا، وقد ظهرت أول إعادة ترتيب فيسيني-كلايزن انتقائية فراغية باستخدام الإيناميدات الكيرالية حديثا جدا، بعد 36 عاما من اكتشاف فيسيني؛ وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على تأثير عملها على الكيمياء العضوية التخليقية الحديثة.
المراجع
Carey, F. A. and Sundberg, R. J. (2007)
Advanced Organic Chemistry , 5th edn., vol. B, Plenum Press, New York.
Depezay, J. C. and Ficini, J. (1968) Formation, stabilité et utilisation en synthèse d’organovinyl-lithiens d’éthers β bromés et chlorés.
Tetrahedron Lett.,
9 (8), 937-942.
Ficini, J. (1976) Ynamine: A versatile tool in organic synthesis.
Tetrahedron,
32 (13), 1449-1486.
Ficini, J. and Barbara, C. (1964) A general synthesis of ynamines.
Bull. Soc. Chim. Fr.,
871.
Ficini, J. and Krief, A. (1970) Stereochemical control in the hydrolysis of an ynamine-cyclopentenone adduct.
Tetrahedron Lett.,
11 (17), 1397-1400.
Ficini, J. and Pouliquen, J. (1971) Cycloaddition of ynamines with carbon dioxide. Route to diamides of allenes-1,3 dicarboxylic acids.
J. Am. Chem. Soc.,
93 (13), 3295-3297.
Ficini, J., d’Angelo, J. and Noiré, J. (1974) Stereospecific synthesis of D,L juvabione.
J. Am. Chem. Soc.,
96 (4), 1212-1214;
Ficini, J., Desmaele, D., Touzin, A. M. and Guingant, A. (1983) Synthèse totale et stéréosélective du p-tolylsulfonylméthyl-8 Des-AB-cholestene.
Tetrahedron Lett.,
24 (30), 3083-3086.
Ficini, J., Guingant, A. and d’Angelo, J. (1979) A Stereoselective Synthesis of (+/-) dihydroantirhine.
J. Am. Chem. Soc.,
101 (5), 1318-1319.
Ficini, J., Lumbroso-Bader N. and Depezay J. C. (1968-1969)
Éléments de Chimie
I.
Structure de la Matière et Cinétique Chimique;
II.
Thermodynamique. Équilibres Chimiques , Hermann, Paris.
Ficini, J., Piau, F. and Genet, J. p. (1980) A novel synthesis of (+/-)-trans-chrysanthemic acid.
Tetrahedron Lett.,
21 (33), 3183-3186.
Genet, J. p. and Ficini J. (1979) Cycloaddition des ynamines avec le butadiène catalysé par le fer (0): Synthèse de cyclohexadiènamines-1,4 et de cyclohexènones β,γ et α,β insaturées.
Tetrahedron Lett.,
20 (17), 1499-1502.
Selected papers of Ficini among the most recently cited:
Stork, G. and Ficini, J. (1961) Intramolecular cyclization of unsaturated diazoketones.
J. Am. Chem. Soc.,
83 (22), 4678.
أندريه ماركيه (1934-...)
دانيال فوك وأندريه ماركيه
أمضت أندريه ماركيه مسيرتها المهنية في البحث والتدريس في الكيمياء العضوية والعضوية الحيوية. وركزت أبحاثها على آليات التفاعل العضوي، قبل أن تتخصص في فهم العمليات الكيميائية الحيوية، ولا سيما التصنيع الحيوي للبيوتين (فيتامين ه). وكانت من مؤسسي الجمعية العضوية الحيوية في فرنسا.
تولت مسئوليات في الكثير من اللجان في المركز القومي للبحث العلمي، وأيضا في وزارة التعليم الوطنية للبحث والتكنولوجيا (1998). وباعتبارها أستاذا شرفيا منذ عام 2000؛ فهي تكرس الآن وقتا طويلا للجنة «الكيمياء والمجتمع»، بوصفها رئيسا لهذه اللجنة التابعة لمؤسسة بيت الكيمياء.
في 3 مارس عام 1934 ولدت أندريه ماري مارجريت ماركيه في مدينة تيلشاتيل في كنف أسرة من المزارعين، وسرعان ما انجذبت إلى الكيمياء العضوية، من المدرسة الثانوية، ودخلت المدرسة القومية العليا للكيمياء في باريس وحصلت منها على شهادة الهندسة (1956)، وعينت على الفور عضوا في المركز القومي للبحث العلمي، في معمل البروفيسور آلان هورو في كلية فرنسا. ناقشت رسالة الدكتوراه (1961)، تحت إشراف جان جاك (مدير البحث في المركز القومي للبحث العلمي). وبعد قضاء فترة ما بعد الدكتوراه في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ، في معمل البروفيسور دوليو أريجوني، عادت إلى كلية فرنسا ثم انتقلت إلى معمل المركز القومي للبحث العلمي (1974). واستمرت مسيرتها المهنية في المركز القومي للبحث العلمي أستاذا باحثا (1968) ثم مدير أبحاث (1976). ثم عينت أستاذا كامل الأستاذية في جامعة بيير وماري كوري في باريس (1978)، حيث أسست معمل الكيمياء العضوية الحيوية. وفي الواقع، بعد أن درست آليات التفاعل العضوي لسنوات عديدة، انتقلت إلى دراسة آليات الإنزيمات وأصبحت متخصصة في علم الإنزيمات الميكانيكية.
أندريه ماركيه (1934-...)، المجموعة الخاصة لأندريه ماركيه.
شاركت بفعالية في السياسة العلمية الفرنسية، وفي العديد من المجالس في المركز القومي للبحث العلمي وفي الجامعة، كما كانت مدير قسم الكيمياء في «وزارة التعليم الوطنية للبحث والتكنولوجيا» (1998)، ورئيس قسم الكيمياء العضوية في الجمعية الكيميائية الفرنسية (1984-1986).
من بين الأوسمة التي حصلت عليها وسام فارس جوقة الشرف (1996)، ووسام الاستحقاق الوطني (2000)، ووسام السعفات الأكاديمية (2006)، والميدالية الفضية من المركز القومي للبحث العلمي (1988)، وجائزتان من الجمعية الكيميائية الفرنسية (1971 و1994). ورشحت عضوا مناظرا للأكاديمية الفرنسية للعلوم التابعة لمعهد فرنسا في 1993.
أصبحت أستاذا شرفيا في 2000، واستمرت في أنشطتها بوصفها رئيسا للجنة «الكيمياء والمجتمع» التي ساعدت في تأسيسها داخل مؤسسة بيت الكيمياء في 2001، مع بيير بوتيه، رئيس المؤسسة. كما كانت عضوا، منذ 2007، في لجنة الأخلاقيات التابعة للمركز القومي للبحث العلمي، وهي لجنة مهمتها نشر تقارير حول أخلاقيات البحث والمسئولية الاجتماعية للعلماء. وقد نشر تقرير حول «دور المجتمع العلمي في الجدال المثار حول المواد الكيميائية»، فيما يتعلق بقانون ريتش (القانون المعني بتسجيل وتقييم وتصريح وتقييد استعمال المواد الكيميائية) في سبتمبر 2009.
بدأت أندريه ماركيه مسيرتها المهنية باحثة في 1956، بكلية فرنسا، تحت إشراف جان جاك، في معمل الكيمياء العضوية للهرمونات الذي يديره آلان هورو، وتأثرت بشدة بهذه البيئة، التي تعد هامشية نوعا ما، إذا ما قارناها بكيمياء الجامعة التقليدية، وأكثر انفتاحا على المفاهيم الجديدة التي تظهر على الصعيد الدولي، ولكن على نحو أبطأ في فرنسا. وهي تستطيع إخبارنا كيف عاشت هذه الفترة الرائعة عندما كانت الكيمياء العضوية تتحول من علم توصيفي إلى علم أكثر عقلانية، وعندما كانت آليات التفاعل تزداد شعبية، وعندما أصبحت الكيمياء الفراغية جزءا لا يتجزأ من الكيمياء العضوية، مع ولادة وتطوير تحليل البنية الجزيئية واستخدامه في فهم تفاعل الجزيئات. وتستطيع إخبارنا عن تأثر جيل شاب من الكيميائيين بأشخاص مثل بيانكا تشوبار ومارك جوليا بكتبهما العقائدية حول آليات التفاعل، وجاي أوريسون، الذي أسس مجموعة دراسات الكيمياء العضوية، وهو عبارة عن اجتماع سنوي لعب دورا مهما في تحديث الكيمياء العضوية في فرنسا. وهي تتذكر المحاضرات الشهيرة التي كان يلقيها آلان هورو في كلية فرنسا صباح السبت على مسامع «الكيميائيين الجدد»، حيث درست بدايات التصنيع اللاتناظري.
في نظر أندريه ماركيه، تعتبر الكيمياء أداة رائعة لفهم الطبيعة وقوانينها، وهي بالطبع وسيلة قوية لتغيير الطبيعة وإنشاء كائنات جديدة. ومع ذلك؛ فقد كانت أكثر اهتماما بالجانب الأول، وأمضت مسيرتها المهنية في الإجابة عن سؤال: كيف تعمل الطبيعة؟
بدأ اهتمامها بدراسة آليات التفاعل أثناء دراستها للدكتوراه، عندما حاولت تفسير انتقائية هلجنة الكيتونات باستخدام ثلاثي بروميد فينيل ثلاثي ميثيل أمونيوم في الجزيئات التي تحتوي على حلقات أروماتية أليفة للنواة، بالإضافة إلى تأثير ظروف التفاعل على اتجاه أينلة الكيتونات اللامتناظرة.
بعد ذلك انشغلت في دراسة الأيونات الكربونية السالبة للسلفوكسيدات، وبشكل خاص لحالتها الهجينة والجوانب الكيميائية الفراغية للتفاعلات التي تدخل فيها، والتي كانت موضع نقاشات جدلية في ذلك الوقت. وبعد دراسة طيفية للأنواع الفلزية العضوية الوسيطة، قدمت نظرية موحدة، وطبقت هذه النتائج على تخليق كلي جديد للبيوتين، وهو فيتامين كانت مهتمة بدراسته.
في أواخر السبعينيات، كانت شعبية آليات التفاعل في اضمحلال، وفي الواقع، كانت تتناول مسائل «ضيقة» أكثر فأكثر. ومن ناحية أخرى، كانت الكيمياء الحيوية تطرح مجالا جذابا للبحث لعلماء الكيمياء العضوية، وهو مجال هجره في ذلك الوقت الكثير من علماء الإنزيمات التقليديين من أجل دراسة البيولوجيا الخلوية.
وهكذا، تحولت إلى هذا المجال الجديد الذي كانت قد اكتشفته بالفعل أثناء عملها في فترة ما بعد الدكتوراه، عندما كانت تعمل في التخليق الحيوي للتيربينات. وكما فعلت في مجال الكيمياء العضوية، حيث درست تفاعلات مهمة للتخليق العضوي، اختارت في الكيمياء الحيوية، التفاعلات الإنزيمية، التي لم تكن معضلة عقلية من وجهة نظر الكيمياء العضوية فحسب، ولكن توضيح آليتها كان أيضا مهما في التكنولوجيا الحيوية أو علم الصيدلة. وعملت في عدة مجالات: آلية عمل فيتامين كيه، وتصميم مثبطات التخليق الحيوي للألديستيرون، والتخليق الحيوي للبيوتين.
ولنا أن نشير إلى سمتين أساسيتين في مسيرة أندريه ماركيه المهنية، وهما استقلاليتها العلمية وانفتاحها النشط الدائم على الحياة الجمعية للمجتمع العلمي.
طورت أندريه ماركيه أبحاثها المبتكرة الخاصة، والتي لم تكن بالضرورة تتبع الأبحاث الرائجة في وقتها، ولم يبهرها على نحو خاص التكريم، ولكنها سعدت به في هدوء حينما حصلت عليه فيما بعد . ورغم أنها كانت تعمل في معمل يهتم بدراسة مسائل الكيمياء الفراغية، وأنها كانت مشبعة للغاية بهذه الثقافة، فإنها كانت دائما ما تتبع هواها ورغباتها التي حولتها من آليات التفاعل العضوي إلى آليات الكيمياء الحيوية. لم تتخصص قط في مجال ضيق، ولكنها كانت تستفيد طوال الوقت من كل التقنيات المتوفرة، من خلال التعاون مع الآخرين، لحل المسائل الحيوية المهمة. وكانت رائدة في تعدد المجالات البحثية، في وقت كان فيه هذا المفهوم لا يزال وليدا، لتعزز مجال الكيمياء/الأحياء. وشجعت مع قليلين تشكيل مجموعات وعقد اجتماعات علمية قومية ودولية على حد سواء، وما زال بعضها قائما حتى الآن، وتركز على الكيمياء الحيوية العضوية.
كانت شديدة الحرص على مشاركة معرفتها مع الآخرين، ولا سيما مع الطلاب. ويتذكر كثير منهم محاضراتها ويقرون بأنها كانت ذات أهمية حاسمة في تحديد توجهاتهم. وحري بنا أن نذكر أعضاء مجموعتها البحثية حين نذكر إنجازاتها؛ لأن هذه الإنجازات ثمرة مجهود جماعي. لسوء الحظ لا نستطيع سرد كل زملائها في هذه السيرة الذاتية، ولن يظهر سوى بعضهم في المراجع المختارة. وقد يسرت أندريه الإطلاق المستقل للمشروعات الجديدة من قبل العلماء الكبار في معملها، وكانت سعيدة جدا لتحقيقهم النجاح وحصولهم على التقدير.
في الوقت نفسه، تهتم أندريه ماركيه اهتماما شديدا بمسئوليتها كعالمة، ليس فقط تجاه مجتمع الكيميائيين، ولكن تجاه المجتمع ككل. ونظرا لاقتناعها بأهمية النقاشات الديمقراطية حول حصول المواطنين على خلفية علمية، أسست لجنة «الكيمياء والمجتمع» التي كان الهدف منها هو زيادة شعبية الكيمياء، ولكن أيضا محاولة فهم السبب وراء النقد الشديد الذي تتعرض له الكيمياء من الرأي العام. وكانت فلسفة هذه اللجنة هي أن «تعليم» الشعب ليس كافيا، ولكن لكي نقيم حوارا من الضروري أن نضع في اعتبارنا شعور هذا الشعب وتوقعاته وأيضا تجاربه.
المراجع
Bory, S., Luche M. J., Moreau, B., Lavielle, S. and Marquet, A. (1975) Une nouvelle synthèse totale de la biotine.
Tetrahedron Lett.,
16 (10), 827-828.
Chassaing, G. and Marquet, A. (1978) A
13
C NMR study of the structure of sulfur-stabilized carbanions.
Tetrahedron,
34 (9), 1399-1404.
Dubois, J., Gaudry, M., Bory, S., Azerad, R. and Marquet, A. (1983) Vitamin K-dependent carboxylation. Study of the hydrogen abstraction stereochemistry with gammafluoroglutamic acid-containing peptides.
J. Biol. Chem.,
258, 7897-7899.
Eastes, R. E. and Kleinpeter, Éd. (eds) (2008) Andrée Marquet, in
Comment Je Suis Devenu Chimiste , Le Cavalier Bleu, Paris, pp. 155-168.
Gaudry, M. and Marquet, A. (1970) Énolisation des cétones dissymétriques. Accès facile aux bromométhylcétones par bromation en présence de méthanol.
Tetrahedron,
26 (23), 5611-5615.
Institut de France (2008) Andrée Marquet, in
Répertoire Biographique, Membres et Correspondants de l’Académie des Sciences , Institut de France,
Marquet, A. (2010) Biosynthesis of Biotin, in
Comprehensive Natural Products II Chemistry and Biology , (Mander, L., Lui, H.-W, eds), Elsevier, Oxford, vol. 7, pp. 161-180.
Marquet, A. (2001) Enzymology of carbon-sulfur bonds formation.
Current Opinion in Chemical Biology,
5, 541-549.
Marquet, A., Tse Sum Bui, B., Smith, A. G. and Warren, M. J. (2007) Iron-sulfur proteins as initiators of radical chemistry.
Nat. Prod. Rep.,
24, 1027-1040.
Viger, A., Coustal, S., Perard, S., Piffeteau, A. and Marquet, A. (1989) 18-substituted progesterone derivatives as inhibitors of aldosterone biosynthesis.
J. Steroid Biochem.,
33, 119-124.
Website of “Chimie et Société”
http://www.maisondelachimie.asso.fr/chimiesociete/ .
Website of the CNRS ethics committee
http://www.cnrs.fr/fr/organisme/ethique/comets/index.htm .
آنا لورا سيجري (1938-2008)
ماركو شاردي ومريم فوكاشا
عالمة ذات شهرة دولية يشاد بها على نحو أساسي على إسهامها في فهم آلية بلمرة الأوليفينات من خلال الرنين المغناطيسي النووي. وكانت من بين أوائل الباحثين الإيطاليين الذين درسوا الرنين المغناطيسي النووي؛ ومن ثم أصبحت خبيرة في تقنية الفحص هذه، وبعد إيجاد تطبيقات مبتكرة للبوليمرات، انتقلت إلى تطبيقات في مجال الأغذية ثم الإرث الثقافي. •••
ولدت آنا لورا سيجري في نوفارا في 1938. وقد حصلت على شهادتها الجامعية في الفيزياء من جامعة ميلانو في العام الدراسي 1960 / 1961 ثم حصلت على الدكتوراه في التصوير الطيفي الجزيئي. أصبحت باحثة مساعدة في 1964، ثم باحثة في 1967 ثم كبيرة الباحثين في معهد كيمياء الجزيئات الضخمة.
بدأت أبحاثها في مجال الجزيئات الضخمة مع مجموعة جوليو ناتا البحثية في ميلان، وساعدت إسهاماتها في توضيح البنية المجهرية للبولي أوليفينات؛ ومن ثم فهم آلية بلمرة الأوليفينات على نحو أفضل. وقد أحبت هذا المجال البحثي، ولهذا السبب، عملت في آخر 15 سنة من حياتها مع الدكتور بوسيكو من جامعة نابولي.
في 1968 حصلت على منحة من أكاديمية لينشي، والتي أتاحت لها البقاء لمدة عامين في جامعة كارنيجي-ميلون في بتسبرج. وهناك عملت تحت إشراف البروفيسور سالفاتوري كاستيلانو على تركيب المواد المستخدمة في الأطوار الوسطية.
آنا لورا سيجري (المجلس القومي للبحوث).
في 1978، انتقلت إلى معهد التركيب الكيميائي التابع للمجلس القومي للبحوث، في منطقة البحث الخاصة بالمجلس القومي للبحوث في مونتيليبريتي (روما). وفي 1989 كانت الفائز على الصعيد القومي بمنصب مدير أبحاث في المجلس القومي للبحوث في كيمياء الجزيئات الضخمة، وأصبحت المسئولة العلمية على معمل الرنين المغناطيسي النووي الخاص بمعهد المنهجيات الكيميائية التابع للمجلس القومي للبحوث في مونتيليبريتي (روما).
في 1999 انتقلت إلى معهد الكيمياء النووية، الذي أصبح معهد الممارسات الكيميائية في 2002. ومن 2001 إلى 2006 كانت أستاذ الكيمياء الإشعاعية في كلية الصيدلة بجامعة لا سابينزا في روما.
كانت آنا لورا سيجري تتمتع بقدر هائل من الفضول العلمي والعقلي، وبفضل هذا الفضول نجحت في تطبيق الرنين المغناطيسي النووي على الكثير من المجالات المختلفة مثل استخدام البوليمرات الأروماتية ككاسحات للأكسجين، والبلورات السائلة والجيل وتركيب الغاز الذي يطلق عليه التريتيوم والمستخدم في الطور الخيطي، والتعريف التركيبي للبوليمرات الطبيعية والمصنعة في محلول وكذلك في الحالة الصلبة، والشبكات البوليمرية، والتوصيف التركيبي للصلصال، وأخيرا في الكيمياء الغذائية وكيمياء التراث الثقافي. كان تطبيق تقنيات الرنين المغناطيسي النووي الحديثة في مجال التراث الثقافي واحدا من اهتماماتها العديدة، وقد دعمت العديد من المشروعات في جميع أنحاء أوروبا وساهمت فيها، وابتكرت وساهمت في إنشاء مقياس استرخاء الرنين المغناطيسي النووي أحادي الاتجاه للتحاليل الموضعية غير الباضعة للمواد المسامية.
كتبت آنا لورا سيجري أكثر من 250 ورقة علمية نشرت في أهم المجلات الدولية، ودعيت لإلقاء محاضرات في قسم البوليمرات للجمعية الكيميائية الأمريكية، وعملت حكما في بعض الجرائد الدولية مثل «جورنال أوف فيزيكال كيميستري» و«لانجموير» و«إن أورجانيكا كيميكا أكتا».
عملت مقيما في الكثير من اللجان داخل المجلس القومي للبحوث، وكانت الرئيس العلمي في الكثير من مشروعات المجلس القومي للبحوث، وكانت عضوا في اللجنة العلمية للمجموعة الإيطالية للرنين المغناطيسي (الجمعية الكيميائية الإيطالية)، وفي 1995 منحت ميدالية ذهبية على دراساتها المبتكرة في مجال الرنين المغناطيسي. في 2002 منحت جائزة سابيو القومية «بحث 2002»، وعملت أيضا بوصفها مقيما للجمعية الأوروبية المعنية بالأمن الغذائي.
يتذكر هؤلاء الذين عملوا معها حيويتها وفضولها العلمي وأفكارها الخلاقة وعملها الجاد الدءوب. وقد تركت لطلابها وزملائها إرثا في الكثير من مجالات المعرفة، وكانت نموذجا يحتذى به للجميع بأفكارها المبتكرة وفضولها العلمي وعملها الدائب وفوق كل ذلك حيويتها.
المراجع
Il CNR Ricorda Anna Laura Segre (The CNR remembers Anna Laura Segre)
http://news.urp.cnr.it/varie/InRicordoDiSegre .
Storia del CNR al Femminile (A Female history of the CNR)
http://www.cnr.it/sitocnr/IlCNR/Chisiamo/Storia/CNRalfemminile/Segre.html .
عادا يونات (1939-...)
بريجيت فان تيجلين
كانت سنة 2009 سنة مميزة في تاريخ إنجازات المرأة: خمس من بين الثلاثة عشر الذين حصلوا على جائزة نوبل كن من النساء. كان من بين هؤلاء الخمس عالمة البلورات عادا يونات، البالغة من العمر وقتها سبعين عاما. عندما بدأت بحثها كانت تعرف أن الموضوع شديد الأهمية بحيث إذا حققت فيه إنجازا، فسيكون هناك احتمال أن تحصل على جائزة نوبل، ولكنها كانت تعرف أيضا أنه موضوع شديد الصعوبة وأنها ستظل وحيدة في هذا المسار لفترة طويلة؛ نظرا لأن درجة صعوبة تحقيق شيء في هذا الموضوع كانت شبه مستحيلة. •••
ولدت عادا في 1939 في القدس لأبوين بولنديين صهيونيين هاجرا قبل ولادتها، وكان والدها حبرا، وصاحب متجر بقالة أداره مع زوجته، وكانت عادا مغرمة بالعلم منذ نعومة أظفارها، حتى إنها كانت تجري تجارب بنفسها في المنزل. توفي والدها وهي في العاشرة من عمرها وانتقلت والدتها إلى تل أبيب مع ابنتيها. وعلى الرغم من الصعوبات المالية؛ ونظرا لأن عادا كانت تتمتع بزمالة كريمة، سمح لعادا بالدراسة في مدرسة ثانوية متميزة. وبعد عودة عادا من الخدمة العسكرية بدأت دراسة الكيمياء وحصلت على درجة الماجستير في الفيزياء الحيوية من الجامعة العبرية بالقدس وعلى درجة الدكتوراه في علم دراسة البلورات بالأشعة السينية من معهد وايزمان الشهير في رحوفوت. وشغلت مناصب بعد الدكتوراه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وفي جامعة كارنيجي ميلون، وبمجرد أن عادت إلى إسرائيل في 1970، أسست في معهد وايزمان، أول معمل للتصوير البلوري للبروتين. وبعد عودتها من إجازة لمدة سنة للدراسة في جامعة شيكاجو، رأست أيضا لمدة 17 عاما مجموعة عمل ماكس بلانك في تركيب الريبوسوم في مركز تزامن الإلكترونات الألماني في هامبورج بألمانيا، بالتوازي مع أنشطتها البحثية في وطنها. تشغل منصب أستاذ في معهد مارتن وهيلين كيمل، وترأس مركز هيلين وميلتون إيه كيملمان لتجميع وتركيب الجزيئات الحيوية في معهد وايزمان للعلوم. واستثمرت هيلين كيملمان أموالها في أبحاثها منذ 1988، كما أسهمت معاهد الصحة الوطنية الأمريكية في تمويل أعمالها في إسرائيل لأكثر من 20 عاما.
عادا يونات (المصدر: ميشلين بيليتير).
منحت جائزة نوبل في الكيمياء عام 2009 لعادا يونات وتوماس ستايتز وفينكاترامان راماكريشنان على التصوير التفصيلي للريبوسوم حتى الوصول إلى المستوى الذري. يحتوي كل جسم حي على عدد مدهش (مليارات) من البروتينات المختلفة التي تكون الأنسجة الحية (على سبيل المثال، الكولاجين هو بروتين البشرة) وتطلق أو تتحكم في التفاعلات الكيميائية العديدة المطلوبة للحياة (الهيموجلوبين يحمل الأكسجين من الرئة إلى العضلات، والإنسولين ينظم مستوى السكر، والتريبسين يهضم الطعام). وعلى الرغم من وجود عدد ضخم من البروتينات المتنوعة، فإنها كلها تتكون من 20 حمضا أمينيا مختلفا مرتبطة ببعضها كعقد من اللؤلؤ بما يطلق عليه الرابط الببتيدي. توجد معلومات تتابع الأحماض الأمينية التي تكون البروتينات في الحمض النووي، الدنا، الموجود في كل الخلايا، وتنتقل المعلومات الوراثية بواسطة الرنا إلى الريبوسومات، التي تعتبر مركبات جزيئية شديدة التعقيد، والتي في الواقع تكون البروتينات. وقد أرادت عادا يونات أن تكشف عن كيفية تحويل الشفرة الوراثية إلى بروتينات؛ نظرا لأن تتابع الأحماض الأمينية في كل بروتين هو مفتاح نشاطه الوظيفي. بالإضافة إلى ذلك، كانت تعرف أن هذا قد يمثل تطبيقا عظيما للمضادات الحيوية؛ نظرا لأن نصف المضادات الحيوية المفيدة تستهدف الريبوسومات، ولكنها لم تتوقع أن تتمكن من الإسهام فيها. كان الأمر يشبه تسلق قمة جبل إفرست.
لتحقيق هذا الهدف، أرادت عادا يونات أن تحدد الموقع الدقيق لكل ذرة في الريبوسوم باستخدام تقنية معروفة جدا: التصوير البلوري بالأشعة السينية، ولكن هذا يتطلب إعداد بلورات الريبوسوم، المناسبة لتجارب الحيود، التي تنتج أنماط حيود شديدة التعقيد؛ لتوضيح كيفية تمركز مئات الآلاف من الذرات في هذا المركب الجزيئي الضخم! لذلك كانت الخطوة الأولى هي إنتاج بلورات الريبوسوم، وقد حققتها في 1980 باستخدام ريبوسومات كائنات دقيقة مرنة جدا، تعيش تحت ظروف متطرفة، مثل تلك الموجودة في الينابيع الساخنة أو في البحر الميت. كان افتراض يونات هو أن ريبوسومات هذه الكائنات الدقيقة ستكون أكثر ثباتا، وأنها ستكون أقل تدهورا أثناء تحضيرها؛ مما يؤدي إلى تشكيل تجمع متجانس يتمتع بفرصة تبلور عالية. وأثناء العشرين عاما التالية، حسنت بمنتهى الصبر والمثابرة إجراءات التصوير البلوري، خطوة تلو الأخرى. وأخيرا، بعد 15 عاما من بدئها للعمل، اقتنعت مجموعات أخرى بأن هذه المهمة ليست مستحيلة كما كانوا يظنون وتبعوا خطوات عادا يونات. وكان من بين من فعلوا ذلك عالمان حصلا معها على جائزة نوبل، هما توماس ستايتز (1940-...) وفينكاترامان راماكريشنان (1952-...).
في أغسطس وسبتمبر 2000 نشر قادة المجموعات الثلاث أول تركيبات بلورية للريبوسومات، بدرجة دقة تسمح باستنتاج مواقع الذرات.
إن مجال التصوير البلوري للريبوسومات الذي بدأ كمسعى شبه مستحيل لا سبيل للوصول إليه انتهى كمجال جديد خصب كانت عادا يونات رائدته ومؤسسته. علاوة على ذلك؛ فقد كانت بالتأكيد هي من مهدت الطريق لتصميم العقاقير المستند للتركيب لمضادات حيوية جديدة. وعن طريق تحديد تركيبات مركبات مختلفة من المضادات الحيوية، في وقت قصير للغاية، كشفت عن مواقع ربط الريبوسومات-المضادات الحيوية على المستوى الجزيئي، وقدمت رؤية دقيقة لانتقائية المضادات الحيوية وللمقاومة التي تكتسبها مسببات الأمراض للمضادات الحيوية. ووضحت طرق عمل أكثر من 20 مضادا حيويا مختلفا يستهدف الريبوسوم. يمكن أن يحسن الفهم الأفضل لطرق عمل المضادات الحيوية العقاقير الموجودة ويؤدي لتصميم رشيد للعقاقير لتستهدف العوامل البكتيرية بصورة أفضل على المستوى الريبوسومي؛ ولذا يمثل عمل عادا وسيلة للتعامل مع موضوع فعالية العقار ومقاومة البكتريا للمضادات الحيوية، ومن ثم يلمس قضية محورية في الطب.
في البداية كانت الأمور صعبة للغاية، وهي تتذكر أنها كانت تسمى «حمقاء القرية» لسنوات طويلة. ومع ذلك، لم يكن ذلك يزعجها؛ فقد كانت تملك أدلة كافية (رغم أنها لم تقنع غيرها) لإزالة بعض شكوكها حول تحقيق حلمها العلمي، رغم أنها في بعض الأحيان لم تكن على ثقة بأنه يمكن أن يتحقق. ترى عادا يونات أنها كانت محظوظة، ولا سيما في بداية دراساتها حول الريبوسومات؛ لأنها التقت بإتش جي ويتمان (1927-1990)، مدير معهد ماكس بلانك للجينات الجزيئية في برلين، الذي كان يؤمن بالتصوير البلوري للريبوسوم، وشجعها وساعدها في تأسيس وحدتها البحثية في هامبورج، وتعاون معها حتى وفاته في 1990. كما استفادت من بيئة البحث الممتازة التي كانت متوفرة في معهد وايزمان حيث سمح لها بمواصلة بحثها الصعب الذي كان من المتوقع إما أن يثمر عن نتائج هائلة أو يفشل تماما. إلا أن الإسهام الذي قدمته للإنسانية والذي كوفئت عليه بجائزة نوبل كان في الغالب نتيجة مثابرتها وتركيزها الدائم على أهداف البحث التي وضعتها في بداية مسيرتها العلمية.
مشهدان للريبوسوم (الأزرق) مع مضاد حيوي (الأحمر) مرتبط به (المصدر: عانات باشان).
عادا يونات شخصية صريحة تتحدث بما في عقلها بشكل مباشر وواضح في كل الأمور، وقد أعربت مؤخرا عن شكوكها حيال اعتقال الكثير من الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية، مؤمنة بأن هذا سوف يؤثر سلبا على الإنتاج وبأن الدافع وراء الإرهاب هو اليأس. وتعتبر إحدى بنات عمومتها، الدكتورة روشاما مارتون من الناشطين المناهضين للاحتلال، كما أسست جمعية «أطباء من أجل حقوق الإنسان-إسرائيل» التي حصلت على جائزة نوبل البديلة لعام 2010. حصلت عادا على جائزة «إتوري ماجورانا-العلم من أجل السلام» في 2009، وكانت واحدة من أبرز الدعاة لمؤسسة بحثية كبيرة تنشأ في الأردن وسوف تجمع علماء من السلطات الفلسطينية والأردن وإسرائيل ومصر وإيران وباكستان وتركيا وغيرها من الدول المجاورة للعمل معا في تجانس.
حصلت عادا يونات أيضا على عدة جوائز أخرى، من بينها جائزة إسرائيل للبحث الكيميائي في 2002، وجائزة لويزا جروس هورويتز من جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك في 2005، وجائزة روتشايلد لعلوم الحياة في 2006 وجائزة وولف وجائزة بول إرليش-لودفيك دارمشتادتر في 2007، ودكتوراه شرفية من جامعة أكسفورد في 2008، وجائزة ألبرت أينشتاين العالمية للعلوم في 2008. أيضا في 2008 حصلت على جائزة لوريال-اليونسكو للنساء في مجال العلوم. وعلى الرغم من أنها لم تشعر مطلقا بأي تمييز ضدها كعالمة من النساء؛ فقد وقعت على ميثاق التزام لوريال-اليونسكو للنساء في مجال العلوم، مؤكدة مع غيرها من الحاصلين على جائزة نوبل إخلاصها طويل الأمد لتعزيز دور المرأة في المهن العلمية. وهي تنصح بأن يتوغل الشباب والشابات في العلم إذا كان لديهم فضول حقيقي نحو مسألة أساسية يودون حلها، ويوجد بالتأكيد الكثير من المسائل والتحديات في مجتمعنا المعاصر. وما من شك أن إنجازات عادا يونات تؤكد للجيل الشاب أنه قد آن الأوان لهم، الآن أكثر من أي وقت مضى.
المراجع
http://www.weizmann.ac.il/sb/faculty_pages/Yonath/home.html .
http://www.weizmann.ac.il/sb/faculty_pages/Yonath/CV-AY.pdf .
http://nobelprize.org/nobel_prizes/chemistry/laureates/2009/
in particular: MLA style: The Nobel Prize in Chemistry 2009 - Illustrated Presentation.
Nobelprize.org. 4 September 2010.
http://nobelprize.org/nobel_prizes/chemistry/laureates/2009/illpres.html .
Articles from the Jerusalem Post,
www.jpost.com , especially:
Ada Yonath: Israel should release all terrorists, 10/10/2009 (
http://www.jpost.com/Home/Article.aspx?id=157140 ).
Judy Siegel-Itzkovich, Former 'Village fool’ takes the prize. Israeli scientist Prof. Ada Yonath and her chosen field of ribosomal crystallography have come out of the shadows into the limelight , 3/08/2008-about the L’Oréal-UNESCO award for Women in Science (
http://www.jpost.com/Home/Article.aspx?id=94413 ).
http://www.mpg.de/english/illustrationsDocumentation/documentation/pressReleases/2009/pressRelease200910081/index.html .
هيلجا روبسامن-شيف (1949-...)
سوزان بارتل
كانت الأستاذة الدكتورة هيلجا روبسامن-شيف نائب الرئيس والرئيس الدولي لأبحاث مكافحة العدوى في باير للرعاية الصحية (ألمانيا) وهي الآن الرئيس التنفيذي لشركة باير ، وهي شركة منبثقة عن شركة إيه آي كيورز جي إم بي إتش التي كانت ترأسها منذ تأسيسها. كان اهتمامها البحثي كعالمة في الكيمياء الحيوية منصبا على أبحاث السرطان حيث كانت رائدة في دراسة الفيروسات القهقرية. فيما بعد، بدأت البحث في الإيدز وقامت بتطوير اختبارات، وأثبتت وجود عدة صور مختلفة من فيروس نقص المناعة البشري. وقامت بتطوير عقاقير جديدة داخل باير إيه جي، ولاحقا داخل إيه آي كيورز جي إم بي إتش. ومن بين الجوائز الكثيرة التي حصلت عليها البروفيسور روبسامن-شيف جائزة ماسترماشر «أفضل مدير لعام 2004». •••
تقول الأستاذة الدكتورة هيلجا روبسامن-شيف: «ينبغي أن تفهم النساء أن العلوم الطبيعية ليست كتابا مغلقا.»
وهي ترى أن «العلوم الطبيعية مسلية للغاية.» بشكل خاص، يقدم مجال الكيمياء احتمالات متنوعة للغاية لحياة المرء المهنية؛ ونظرا لكونها عالمة ناجحة جدا لأكثر من 25 عاما، فهي بالتأكيد تعرف تماما ما تتحدث عنه.
على أية حال، عندما بدأت هيلجا دراسة الكيمياء في جامعة مونستر كان عدد الطالبات في هذه المنطقة قليلا للغاية، حيث كان هناك 10٪ من الطلاب من البنات بالمقارنة ب 90٪ من البنين. وفي أواخر ستينيات القرن العشرين كانت الفتيات اللائي يلتحقن بالجامعات يتهمن بأنهن يسعين للبحث عن أزواج ولسن مهتمات بالفعل بدراستهن. لم تكن الكيمياء هي اختيار بروفيسور روبسامن-شيف الأول؛ إذ كانت في البداية مهتمة بالعلوم الطبية، ولكن في عمر الثامنة عشرة، كانت تخاف جدا من أن ترتكب أخطاء إذا عملت ممارسا عاما، وتقول عن ذلك: «لم أكن لأسامح نفسي مطلقا إذا ارتكبت أي خطأ.» واختارت أن تجرب دراسة الكيمياء؛ تأثرا بأمها التي كانت دائما مهتمة بالروابط الحيوية والبيئية. وتعترف الأستاذة روبسامن-شيف ضاحكة: «لم أكن أعرف عن هذه المادة أي شيء.» بالإضافة إلى ذلك، لم تكن المهارات المكتسبة في المدرسة من مستلزمات دراسة هذه المادة. كانت مدرسة البنات التي التحقت بها تركز بشكل أساسي على الفلسفة والفن واللغات البائدة مثل اللاتينية، وكانت الكيمياء تعد مادة ذات أهمية ثانوية فحسب، ومن ثم كانت تدرس لمدة سنة على الأكثر، وحتى لو كان زملاؤها الطلاب لم يعبروا صراحة عن قبولهم لدراسة البنات للكيمياء؛ فقد تمكنت من العثور على أصدقاء ساعدوها على الحد من الفجوات في تعليمها. وبعد أن نجحت في اجتياز الاختبار التمهيدي، حصلت روبسامن-شيف على منحة من المؤسسة الأكاديمية القومية الألمانية.
هيلجا روبسامن-شيف.
مع ذلك، كانت لا تزال تشك فيما إذا كانت الكيمياء هي الاختيار الأمثل لها، أم أن عليها أن تتخذ مسارا آخر. بعد ذلك أتت على تطوير الخلايا السرطانية وطريقة عملها في منتدى مدرسة صيفية؛ ومن ثم قررت الطالبة الشابة أن تتخصص في الكيمياء الحيوية، وتقول روبسامن-شيف: «كان هدفي ماثلا أمامي، ومن هذه اللحظة كنت أعرف ما أريد أن أفعله.»
في سن الرابعة والعشرين كانت قد حصلت بالفعل على الدكتوراه مع مرتبة الشرف، ثم قادها عملها باحثة فيما بعد الدكتوراه للعمل بالخارج في جامعة كورنيل، بإيثاكا (نيويورك)، إحدى جامعات رابطة اللبلاب في الولايات المتحدة الأمريكية. في هذه الأثناء عمقت معرفتها في مجال الكيمياء الحيوية. وعلى الرغم من أن روبسامن-شيف قد حققت الكثير من الإنجازات في سن صغيرة، فإن عملها لم ينل التقدير قبل ذهابها إلى الولايات المتحدة. وقد ذكرت أن ظروف العمل بالنسبة للنساء كانت مختلفة تماما هناك بالمقارنة بالظروف في وطنها، وتتذكر روبسامن-شيف: «في ألمانيا لم يكن هناك من يعوقني ولكن لم أكن أتمتع بسمعة طيبة.» في ألمانيا كانت تركز تركيزا كاملا على أبحاث السرطان عن طريق البحث عن نظام مناسب لدراسة تنمية خلايا سليمة في الخلايا المسرطنة. وقد ثبت أن فيروس آر إس في الذي يحتوي على جين واحد فقط لا غير هو أنسب نموذج، وفي السنوات التالية ركزت انتباهها على بحث هذا الفيروس. والآن أصبحت دراسة الفيروس القهقري (فيروس الرنا) معيارية في أبحاث السرطان المعروفة ولكن روبسامن- شيف هي مبتكرة هذه الطريقة.
أثناء انشغالها التام بمجال بحث السرطان في الثمانينيات، دخلت روبسامن- شيف في مجال بحث الإيدز. وبسبب تنوع أعراض المرض، كانت على يقين من أن الإيدز يتسبب فيه أكثر من فيروس واحد، وثبت صدق حدسها، واكتشفت مع زملائها العديد من مزارع فيروس نقص المناعة البشرية. في ذلك الوقت كانت قد أصبحت مؤهلة للعمل محاضرة جامعية في مجال الكيمياء الحيوية، وعملت في معهد جيورج سباير هاوس لأبحاث العلاج الكيميائي في فرانكفورت. كان البروفيسور بريد المدير الإداري هو من اقترح على روبسامن-شيف أن تصبح المدير العلمي والإداري للمعهد. وتعترف روبسامن-شيف بأنها لم تكن على ثقة من قدرتها على تولي هذا المنصب. ولكن البروفيسور بريد لم يكن لديه أي شك في قدرتها، وببساطة طلب منها «تجربة العمل وحسب». ترى الآن أن شكوكها هذه كانت مجرد رد فعل أنثوي تقليدي. ولكن خلال مسيرتها المهنية تعلمت روبسامن-شيف أن الآباء الذين أنجبوا بناتا، مثل البروفيسور بريد، أكثر استعدادا لمنح فرص للشابات الطموحات المدربات.
خلال سنوات قليلة من تعيينها مديرا جديدا للمعهد، تمكنت من تحويل معهد جيورج سباير هاوس من مؤسسة محدودة الإمكانيات بميزانية سنوية تبلغ 20 ألف مارك ألماني إلى معهد بحثي ممتاز تبلغ ميزانيته الآن أكثر من 100 ألف مارك ألماني سنويا. صممت روبسامن-شيف اختبارات فيروس نقص المناعة البشري وتقدمت للحصول على براءة اختراع عن هذه الاختبارات. علاوة على ذلك عملت على تطوير علاجات تكافح الفيروس وتعاونت مع أوشست وباير.
وفي الوقت نفسه الذي بدأت فيه العمل مديرا إداريا، أصبحت روبسامن-شيف أما لطفل، ولكن الأمومة لم تمنع الباحثة الطموحة من العمل. وكما تقول روبسامن-شيف، كان طفلها طفلا مخططا له. وبمساعدة مربية وزوجها تمكنت من التعامل مع الوظيفتين. إن وجود شريك حياة متفهم ومتعاون - وأيضا أقارب - هو أساس أي حياة أسرية ناجحة ومنظمة، ولكن الأبوين يجب أن يكونا على استعداد لإدارة الأسرة بطريقة تجعلها لا تعوق الحياة المهنية. وتشعر روبسامن-شيف أن من الضروري للأبوين أن يكونا على أهبة الاستعداد في حالة افتقاد الدعم الحكومي في حضانات الأطفال.
في 1994 انتقلت البروفيسور روبسامن-شيف إلى الصناعة، وعرض عليها باير إيه جي منصب مدير قسم أبحاث مكافحة الفيروسات، وبهذا أصبح لديها فرصة ليس فقط لإجراء الأبحاث ولكن أيضا لتطوير عقاقير جديدة. وهكذا دخلت عالما جديدا، فمن ناحية مرت بتجربة النطاق الزمني الطويل لإطلاق عقار جديد، من التطوير إلى الاستخدام الفعلي للعقار. ومن ناحية أخرى، كان عليها أن تتعامل مع ميزانية سنوية تبلغ حوالي 17,5 مليون يورو بالمقارنة بميزانية معهد جيورج سباير هاوس التي كانت تبلغ بضع مئات الآلاف فحسب. بعد سبع سنوات، في 2001، قبلت منصب نائب رئيس والرئيس الدولي لأبحاث مكافحة العدوى في باير للرعاية الصحية (ألمانيا). عندما انتوت شركة باير فصل القسم وتحويله إلى شركة مستقلة، مرة أخرى كانت البروفيسور روبسامن-شيف هي من طلب منها أن تصبح الرئيس التنفيذي للشركة الجديدة.
تقول روبسامن-شيف: «هذا القرار جعل الكوابيس تراودني. كان وقتا عصيبا في مسيرتي المهنية.» أخذت الخطوة الجديدة بشجاعة، رغم أن ترك زملائها وشركتها لم يكن شيئا بسيطا. علاوة على ذلك، كانت رئاسة شركة إيه آي كيورز جي إم بي إتش حديثة الإنشاء التنفيذية تعني أيضا إعادة تحديد موضع حياتها العملية. وهي تقول عن ذلك: «كان خلق ظروف ممتازة لزملائي وللشركة الجديدة مع الاستمرار في العمل في شركتي القديمة أمرا معقدا جدا.»
ترى روبسامن-شيف أن نجاحها كان نتيجة استعدادها للمجازفة، والسير وراء ميولها، وعملها الدائب وتخليها عن الطرق القديمة. وتستطيع النساء تحقيق النجاح إذا كن مهيئات لفعل ذلك، كما أن نقص الخبراء في العلوم الطبيعية يمنح فرصا جيدة للشابات. مع ذلك تعترف روبسامن-شيف بأن ظروف المعيشة الأساسية مهمة للغاية، وتتضمن هذه الظروف على سبيل المثال حضانات الأطفال جيدة التنظيم، وكذلك استعداد المجتمع لتقبل النساء العاملات الناجحات، ويجب على المرأة نفسها أن تتخذ الخطوات اللازمة. ومن وجهة نظرها فإن الأطفال لا يمنعون المرأة من العمل، ولكنها تعتبر الفترات الطويلة بين الولادة والعودة للعمل «سامة»، فمن المهم أن تظل المرأة على اتصال دائم بمكان عملها أثناء إجازة الوضع، وأن تعود للعمل في أسرع وقت ممكن.
ما زالت الأكاديمية الناجحة التي حصلت على وسام استحقاق الصليب الفيدرالي من الدرجة الأولى وعلى جائزة ماسترماشر «أفضل مدير لعام 2004» لديها أحلام خاصة بمهنتها: «أتمنى في يوم من الأيام أن يباع أحد العقاقير التي ابتكرناها في إيه آي كيورز في الصيدليات في جميع أنحاء العالم.»
كاترينا لاندفستر (1969-...)
كاترينا الشمري
الأستاذة الدكتورة كاترينا لاندفستر هي أول مدير من النساء لمعهد أبحاث ماكس-بلانك في الكيمياء (وثاني مدير من النساء على مستوى 128 معهدا مماثلا) وعينت عام 2008 كأحد مديري معهد أبحاث البوليمرات في ماينتس. وهي كيميائية متخصصة في مجال البوليمرات وكانت رائدة في استخدام المستحلبات المصغرة في تخليق مواد جديدة باستخدامات واسعة تمتد من الحافزات متباينة الخواص إلى تسليم العقار. «نعم، أنت تستطيع، إذا أقنعت نفسك أنك تستطيع عملها.»
هذا هو شعار كاترينا لاندفستر.
ولدت كاترينا لاندفستر، الابنة الكبرى بين ثلاثة أبناء، في 1969 في بوخوم، وهي مدينة كبيرة في منطقة وادي نهر رور، حيث عاشت إلى أن بلغت الثانية عشرة من عمرها. كان والدها أستاذا جامعيا للغة الإغريقية، وكان أول شخص مهم في حياة لاندفستر، ولم يتخل قط عن تشجيعها في كل مرحلة من مراحل حياتها العلمية. أما والدتها فقد عملت في دراسة الثقافة السلافية لمدة عشر سنوات إلى أن قررت أن تصبح فنانة وتعطي كذلك دروس رسم للأطفال.
انتقلت الأسرة إلى جيسن، وهي مدينة في قلب ألمانيا، عندما حصل والدها على منصب جديد في الجامعة المحلية. وجيسن هي مدينة يوستوس فون ليبيج التي تحتوي على واحد من أهم عشرة متاحف كيمياء في العالم، وتضم المعمل الأصلي وقاعة محاضرات العالم فون ليبيج؛ لذلك ربما كان طبيعيا أن تهتم لاندفستر بالكيمياء عندما كانت في الصف التاسع. كان التعليق الذي تسمعه عندما تحاول التعبير عن خططها المستقبلية: «الكيمياء ليست للنساء.» لذلك غيرت رأيها في البداية وفكرت أن تصبح مدرسة للغة اللاتينية والإغريقية والتاريخ، ولكن قبل حصولها على شهادة الثانوية بيوم واحد قررت أنها لن تكون على استعداد لأقلمة نفسها مع أفكار المجتمع المحيط وكرست نفسها لأن تثبت للعالم أنها ستنجح في الكيمياء.
قررت، ربما كنوع من العناد، أن تتخصص في الكيمياء التقنية؛ ومن ثم اختارت جامعة دارمشتادت التقنية، وعندما بدأت الدراسة كان الإناث يمثلن حوالي 20٪ من الطلاب الجدد (في الكيمياء)، وربما كان ذلك لأنها جامعة تقنية. وكان أول ما سمعته في قاعة المحاضرات: «انظري يمينا ويسارا على زميلاتك البنات؛ فقريبا سيتزوجن ويتوقفن عن الدراسة.» أثبتت لاندفستر أنهم كانوا على خطأ. وكانت تكره التعليقات من نوعية «هل لي أن أساعدك ؟» عندما كانت تستشعر التفكير الكامن وراءها «لأنك فتاة ومن ثم لا تستطيعين القيام بهذا.» وبالنسبة لها كان هذا سببا في أن تضاعف مجهودها للنجاح بمفردها. من أجل الجزء التجريبي من أطروحة الدبلومة انتقلت إلى كلية تطبيقات البوليمرات العليا في استراسبورج حيث عملت مع البروفيسور إم لامبلا لمدة اثني عشر شهرا، من بينها إقامة مطولة بعد اختبارها النهائي. وعلى الرغم من أنها كانت تدرس الفرنسية في المدرسة كلغة رابعة؛ فقد أخذت دورات مكثفة لتتمكن من التواصل على نحو أفضل. وقد انبهرت في فرنسا بالنظام الاجتماعي الذي يتيح للنساء العودة للعمل بعد الولادة بفترة قصيرة لأن حضانات رعاية الأطفال متوفرة بسهولة.
كاترينا لاندفستر (صورة مقدمة من المؤلفة).
من أجل أطروحة الدكتوراه الخاصة بها، قررت أن تعود إلى ألمانيا إلى جامعة يوهان جوتنبرج في ماينتس، حيث حصلت على شهادة الدكتوراه في الكيمياء الفيزيائية في 1995. وكان عملها مع البروفيسور هانز فولفجانج سبايس في معهد ماكس بلانك لأبحاث البوليمرات يتضمن تخليق وتصوير عصارات لبنية من نمط النواة-القوقعة، والتي قامت بتصويرها باستخدام المجهر الإلكتروني العاكس والرنين المغناطيسي النووي للحالة الصلبة. أصبح سبايس أستاذا مهما ساند لاندفستر في مسيرتها العلمية. وبعد أن قضت سنة أخرى كقائد مجموعة في المعهد قررت لاندفستر الذهاب إلى جامعة ليهاي بيت لحم (بنسلفانيا) في الولايات المتحدة الأمريكية، إلى البروفيسور محمود العاسر كزميل ما بعد الدكتوراه. وقد تبين أن هذه الخطوة كانت بمثابة مرحلة أساسية في حياتها لأنها شاهدت تقنيات المستحلبات الصغيرة عن قرب، ولم تكن الطريقة واضحة حتى ذلك الوقت ولكن لاندفستر سرعان ما اكتشفت إمكانياتها الهائلة.
أثناء إقامتها استمتعت بالذهاب إلى الحفلات الموسيقية في فيلادلفيا وفي الأوبرا في نيويورك. وكانت معجبة على نحو خاص بديان ويتري، المايسترو الشهيرة التي كانت تحب مشاهدتها عندما تقود أوركسترا ضخمة. وبدأت لاندفستر ترى في ويتري واحدة من البطلات النساء إلى جانب يوتا ليمباخ، رئيسة المحكمة الدستورية الفيدرالية الألمانية.
انتقلت لاندفستر مرة أخرى إلى ألمانيا في 1998 حيث بدأت استكشاف تقنيات المستحلبات الصغيرة داخل مجموعة البروفيسور إم أنتونيتي في معهد ماكس بلانك للمواد الغروية والوسائط في جولم بإعانة ليبيج الخاصة بصندوق الصناعات الكيميائية. كان البروفيسور أنتونيتي ثاني شخص يساندها في مسيرتها المهنية، وكان تركيزها آنذاك منصبا على الإمكانيات الجديدة لتصنيع جزيئات نانوية معقدة.
في عام 2000 قابلت لاندفستر زوجها المستقبلي وكان طبيبا. وكان عام 2001 عام نجاح بشكل خاص بالنسبة لها لأنها حصلت فيه على جائزة ريموند ستادلر من الجمعية الكيميائية الألمانية وجائزة الدكتور هرمان شنيل شتيفتونج. في عام 2002، حصلت لاندفستر على شهادة تؤهلها للدكتوراه في الكيمياء الفيزيائية من جامعة بوتسدام، وبعد ذلك بفترة قصيرة أصبحت عضوا في الأكاديمية الصغيرة أكاديمية برلين-براندنبورج للعلوم، وفي ليوبولدينا الألمانية من 2002 إلى 2007، وعملت هناك بمنزلة المتحدث الرسمي لها في 2003-2004.
بعد تأهيلها لدراسة الدكتوراه، في 2003، قبلت كرسي الكيمياء الجزيئية الضخمة في جامعة أولم، وعلى الرغم من أن زوجها لم يكن يرحب بالانتقال من جولم (القريبة من برلين) إلى أولم، محل ميلاده على الحدود مع بافاريا، فإنه ساند زوجته. كان يدرك تماما وضعه وما هو بصدده لأنها أوضحت له من بداية علاقتهما أنها لن تتنازل مطلقا عن مسيرتها العلمية، وأقنعت لاندفستر الجامعة أن تساعد في منح زوجها منصبا على الرغم من أن مشكلة ازدواج الوظيفة لم تكن حتى ذلك الوقت محل مناقشة في ألمانيا.
في أولم، بالقرب من العيادات وكلية الطب الضخمة، بدأت لاندفستر أنشطتها في مجال التطبيقات الحيوية الطبية للمستحلبات الصغيرة بالتعاون مع عدة مجموعات طبية. وفحصوا معا تفاعل الجزيئات النانوية مع الأقسام الخلوية المختلفة، وتسمية الخلايا وتوصيل المواد إلى مواقع محددة. في 2006 وضعت لاندفستر طفلتها الأولى، وبعد أسبوعين عادت للعمل، ولكنها ظلت تصطحب ابنتها طوال السنة الأولى. وبالتأكيد كان لاصطحاب ابنتها في الاجتماعات مع رئيس الجامعة أثر في تعجيل عملية بناء حضانة لرعاية الأطفال. وعندما كانت تضطر لإلقاء محاضرة، كان زوجها يرعى الطفلة، أو كانت ببساطة تأخذها معها لقاعة المحاضرات. وألهمتها الأمومة أن تنشئ معملا، تحت اسم إي إم يو (المستحلبات والجزيئات الضخمة في أولم)، للحضانات والمدارس، حيث تستطيع المجموعات إجراء تجارب كل أسبوع على المستحلبات واللبن والصابون والبوليمرات وإعادة التدوير وما إلى ذلك.
أخيرا، في 2008، انضمت إلى جمعية ماكس بلانك كواحدة من مديري معهد ماكس بلانك لأبحاث البوليمرات في ماينتس؛ ومن ثم كانت أول مدير من النساء في الكيمياء في جمعية ماكس بلانك وثاني مدير من النساء في المعاهد المماثلة. وفي 2009 ولدت ابنتها الثانية وأيضا ظلت معها طوال الوقت. «السلطة نتيجة للكفاءة» هي الإجابة التي ترد بها لاندفستر عندما تسأل عن أسلوبها في الإدارة. ورغم أنها حققت على الصعيد المهني كل ما يمكن تحقيقه في ألمانيا، فإنها لا تزال تملك الدافع لأن توسع عملها البحثي ولأن تدخل بمجالها في نطاق الرؤية أكثر مما هو الآن.
نعم، إنها تستطيع ...
অজানা পৃষ্ঠা