قال الوافد: صف لي صحيح الإرادة ؟
قال العالم: إذا علم الله من قلبك صحة الإرادة، وإخلاص العمل، أوصلك إلى الخير، وهدى قلبك، ويسر أمرك، وجمع شملك، وهون عليك الصعوبة، وقمع عنك الشهوات، وبغض إليك الدنيا، وبصرك عيوبها وأدواءها حتى تعافها، وإذا عرف الله منك الصدق والإجتهاد، وعلم أنك لا تختار عليه غيره، قبل الله سعيك، وشكر عملك، وصار اجتهادك تلذذا وحلاوة، فإذا رآك الله تعمل على الحلاوة ولا تتوانى، ولا تختار عليه الدنيا، ولا تتبع هواك، ولا تطلب شهوتك، قبل الله منك عملك، ونثر عليك من صفاء بره، ونشر عليك من محزون رحمته، وكثر عليك من عطائه، ومنحك من خزائن جوده، وجزيل مواهبه ومعونته، ماتقر به عينك، وما إذا رأيته زادك اجتهادا وخوفا وعزما، ونضر أثر ذلك عليك، وأورث قلبك النور والتقى والهدى، والشبع من الدنيا، وأغناك عمن دونه، وأعطاك من عطائه، مالم يحسن أن تتمنى قبل ذلك، والله كريم يقبل اليسير، ويعطي عليه الثواب الكثير.
قال الوافد: كيف أخلص العمل ؟
قال العالم: إنك لا تدرك إخلاص العلم إلا بالعزم، ومن كمال العزم قلة التسويف، ولزوم الصدق، وتمام النية، ومن تمام النية إخلاص العمل، ومن إخلاص العمل الصدق، ومن الصدق نقاوة القلب، ومن تمام نقاوة القلب ستة عشر خصلة بعضها على أثر بعض، وهي درجات الصالحين:
- أولها: الإنابة إلى الله سبحانه.
- وترك التزين من نفسك، وترك التصنع للناس، وترك الحسد.
- ورفض الشهوات.
- والزهد في الحطام.
- والتجافي عن دار الغرور.
- والإستعداد للموت.
- والإنقطاع عن الناس.
- والإقبال إلى الله تعالى.
- والإتصال بالذكر.
- وحسن الخلق.
- والرأفة بالمسلمين.
- والإنس بالله في الخلوات.
- والتشوق إلى الله.
- والمحبة لأولياء الله والمحبة له.
- والرضاء بالمقادير التي من عند الله.
- ثم اليقين فإن الله يعطي العبد على قدر يقينه.
পৃষ্ঠা ৩১৮